الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأولى القراءات بالصواب قراءة من قرأه (وَالَّذِينَ قَاتَلُوا) لاتفاق الحجة من القرّاء، وإن كان لجميعها وجوه مفهومة.
وإذ كان ذلك أولى القراءات عندنا بالصواب، فتأويل الكلام: والذين قاتلوا منكم أيها المؤمنون أعداء الله من الكفار في دين الله، وفي نصرة ما بعث به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من الهدى، فجاهدوهم في ذلك (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) فلن يجعل الله أعمالهم التي عملوها في الدنيا ضلالا عليهم كما أضلّ أعمال الكافرين.
وذُكر أن هذه الآية عُنِي بها أهل أحد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) ذُكر لنا أن هذه الآية أُنزلت يوم أُحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعْب، وقد فَشَت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون يومئذ: اُعْلُ هُبَلْ، فنادى المسلمون: الله أعلى وأجلّ، فنادى المشركون: يوم بيوم، إن الحرب سجال، إن لنا عُزَّى، ولا عُزَّى لكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهُ مَوْلانا وَلا مَوْلَى لَكُمْ. إنَّ القَتْلَى مُخْتَلِفَةٌ، أمَّا قَتْلانا فأَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ، وأمَّا قَتْلاكم فَفِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ".
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) قال: الذين قُتلوا يوم أُحد.
القول في تأويل قوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
(5)
وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) }
يقول تعالى ذكره: سيوفق الله تعالى ذكره للعمل بما يرضى ويحبّ، هؤلاء
الذين قاتلوا في سبيله، (وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ) ويصلح أمرهم وحالهم في الدنيا والآخرة (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) يقول: ويُدخلهم الله جنته عرّفها، يقول: عرّفها وبيَّنها لهم، حتى إن الرجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدنيا، لا يشكل عليه ذلك.
كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن أبي سعيد الخُدريّ، قال:"إذا نجَّى الله المؤمنين من النار حُبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتصّ بعضهم من بعض مظالم كثيرة كانت بينهم في الدنيا، ثم يُؤذن لهم بالدخول في الجنة، قال: فما كان المؤمن بأدلَّ بمنزله في الدنيا منه بمنزله في الجنة حين يدخلها".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) قال: أي منازلهم فيها.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) قال: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم الله لهم لا يخطئون، كأنهم سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) قال: بلغنا عن غير واحد قال: يدخل أهل الجنة الجنة، ولهم أعرف بمنازلهم فيها من منازلهم في الدنيا التي يختلفون إليها في عمر الدنيا; قال: فتلك قول الله جلّ ثناؤه (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) .
وقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله، إن تنصروا الله ينصركم بنصركم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل الكفر به وجهادكم إياهم معه لتكون كلمته العُليا ينصركم عليهم، ويظفركم بهم، فإنه ناصر دينه وأولياءه.