الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهمزة مع الكاف
1368 -
" أكبر الكبائر الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وشَهَادَةُ الزُّورِ وقَوْلُ الزُّورِ (خ عن أنس) "(صح).
(أكبر الكبائر) تقدم تفسيرها كما تقدم تفسير (الإشراك بالله وقتل النفس) بغير حق (وعقوق الوالدين) عصيانهما وهو من عق والده إذا آذاه أو عصاه وخرج عليه وهو ضد البر وأصله من العق والقطع كما في النهاية (1) وذكرهما باعتبار الأغلب وإلا فعقوق أحدهما من الكبائر ويحتمل أن الجمع بين عقوقهما من أكبر الكبائر بخلاف أحدهما فمن الكبائر (وشهادة الزور) الشهادة بالكذب. والحديث ذكر (2) فيه أربع من الكبائر ولا دليل فيه على أكبرية أحدها على الأخرى بل فيه إنها مشتركة في الأكبرية وإن كان التقديم له حكم في ذلك وفيه دليل على أن الكبائر أكثر من الأربع المذكورة لأنّ هذه الأربع مفضلة ولا بد من مفضل عليه غير هذه الأربع، وقد ذهب ابن مسعود إلى أنها أربع فلا بد من تأويل اسم التفضيل، وقد اختلف الناس هل للكبائر عدد يحصرها على قولين: ثم الذين قالوا بحصرها اختلفوا في عددها، فقال ابن مسعود: أربع، وقال ابن عمر: سبع، وقال ابن عمرو: تسع، وقال غيرهم: أحد عشرة، وقال آخرون: سبعون. وقال أبو طالب المكي: جمعتها من أقوال الصحابة فوجدتها أربعة في القلب: وهي الشرك، والإصرار على المعصية، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وأربعة في اللسان وهي: شهادة الزور، وقذف المحصنات، واليمين الغموس، والسحر، وثلاث في البطن وهي: شرب الخمر، وأكل مال
(1) النهاية (3/ 277).
(2)
في الحاشية عنوان: مطلب في الكبائر.
اليتيم، وأكل الربا، واثنتان في الفرج: الزنا، واللواط، واثنتان: في اليد، وهما القتل والسرقة وواحدة في الرجلين وهو الفرار من الزحف وواحدة تعلق بجميع البدن وهي عقوق الوالدين.
والذين لم يحصروها بعدد [1/ 390] منهم من قال: ما نهى الله عنه في القرآن فهو كبيرة وما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو صغيرة. ومنهم من قال: ما اقترن بالنهي عنه وعيد من لعن أو غضب أو عقوبة فهو كبيرة وما لم يقترن به شيء من ذلك فهو صغيرة. وقيل. كل ما رتب الله عليه حدًا في الدنيا أو وعيدًا في الآخرة فهو كبيرة وما لم يترتب عليه هذا ولا هذا فهو صغيرة. وقيل: كل ما اتفقت الشرائع على تحريمه فهو من الكبائر وما كان تحريمه في شريعة دون شريعة فهو صغيرة. وقيل: كل ما لعن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فاعله فهو كبيرة. وقيل: ما ذكر من أول سورة النساء إلى قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31]، الآية. وهذا كله بناء على انقسام المعاصي إلى صغائر وكبائر وقد ذهب قوم إلى أن المعاصي كلها بالنسبة إلى الجرأة على الله ومخالفته كبائر ويأتي إن شاء الله تعالى في حرف الكاف زيادة تحقيق (خ عن أنس) وأخرجه غيره (1).
1369 -
"أكبر الكبائر حب الدنيا (فر عن ابن مسعود) ".
(أكبر الكبائر حب الدنيا) هذا تفصيل حقيقي وما عداه إضافي فإن حب الدنيا أكبر الكبائر بالنسبة إلى كل ذنبا كبير فإن الإشراك الذي هو أعظم الذنوب أعظم الحوامل عليه حب الدنيا فإن المستكبرين من الكفرة. اتقوا عن الإيمان محبة لرياستهم قال فرعون: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ} [يونس: 78]، وقالوا في نوح:{يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} [المؤمنون: 24]، واتخذوا الأصنام للتواد والتحاب بينهم، كما قال الخليل مخاطبًا للكفار: {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ
(1) أخرجه البخاري (5977). وأخرجه أيضًا: مسلم (88).
اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [العنكبوت: 25]، وهذا أعظم الحوامل على الشرك ولذا يقول الله في جهنم:{فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 72]، في غير آية وأما الضعفاء فالحامل لهم على الشرك أيضًا محبة الدنيا لأنهم أطاعوا الكبراء لينالوا معهم الجاه والمال لذلك قالوا:{رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب: 67]، وقال أهل النار منهم:{إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [إبراهيم: 21]، فهذا الشرك أبو كل معصية ورأسها يتفرع عن حب الدنيا وكل ذنب فما سببه إلا حبها ولذا جاء:"حب الدنيا رأس كل خطيئة"(1) وليس المراد من الدنيا المال بل كل ما هو من حظوظ الدنيا وليس من حظوظ الآخرة فإنه من الدنيا (فر عن ابن مسعود)(2).
1370 -
"أكبر الكبائر سوء الظن بالله (فر) عن ابن عمر (ض) ".
(أكبر الكبائر سوء الظن بالله) هو من صفات المنافقين والمشركين: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح: 12]، وكما قال:{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ} إلى قوله: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: 6]، وقال:{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154]، وظن السوء بالله عز وجل هو أن يظن به غير ما يليق بجنابه العلي وبأسمائه الحسنى وبصفاته العلى وبذاته المبرأة عن الأسوأ وأن يظن به خلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرده بالربوبية والإلهية وخلاف ما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 388) من قول عيسى عليه السلام وأورده ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص: 300) من قول جندب بن عبد الله الصنعاني.
(2)
أخرجه الديلمي (1468). قال المناوي (2/ 78): فيه حمد بن أبو سهيل، قال في الميزان: طعن ابن منده في اعتقاده وقال العجلوني (1/ 200): رواه الديلمي، وهو ضعيف وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1087) والسلسلة الضعيفة (2871) وقال: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال الستة، غير أبي جعفر محمَّد بن عبد الله بن عيسى بن إبراهيم فلم أعرفه.
السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله لغيرهم ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وعرف أسمائه وصفاته وعرف موجب حمده وحكمته فمن قنط من رحمة الله وأيس من روحه فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أنه لا يجمع عبيده بعد موتهم للإثابة والعقاب في دار يجزى فيها المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ويبين لخلقه حقيقة ما اختلفوا فيه ويظهر للعالمين كلهم صدقه وصدق رسله فقد ظن به ظن السوء وبالجملة فمن ظن به خلاف ما وصف به نفسه ووصفه به رسله [1/ 391] فقد ظن به السوء كمن ظن أن لا ينصره المحقين ولا يديل على الظالمين وأنه لم يقسم بين العباد معاشهم وحظوظهم في الحياة على وفق حكمته فقد ظن به ظن السوء وغالب بني آدم إلا من عصمه الله يعتقد أنه مبخوس الحق ناقص الحظ وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ومنعني ما أستحقه ونفسه تشهد عليه بذلك وهو ينكره بلسانه ولا يتجاسر على التصريح به ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك كامنًا فيها كمون النار في الزناد فاقدح زناد من شئت ينبئك شراره عما في زناده ولو فتشت من فتشته لرأيت عنده تعتبًا على القدر وملامة واقتراحًا عليه خلاف ما جرى به وأنه كان ينبغي أن يكون كذا، وكذا ولو كان كذا وكذا.
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة
…
وإلا فإني لا أخالك ناجيا
هذه فطرة من نفس قد أطاله ابن القيم في "زاد المعاد"(1) ولعله يكرر ذلك ونزيد منه في مواضع (فر عن ابن عمر)(2) قال الحافظ ابن حجر: إسناده ضعيف.
1371 -
"أكبر أمتي الذين لم يعطوا فيبطروا ولم يقتر عليهم فيسألوا (تخ والبغوي وابن شاهين عن الجذع) ".
(1) انظر: زاد المعاد (3/ 196).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (1472). وانظر قول الحافظ في الفتح (10/ 411).
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1088).
(أكبر أمتي) أعظم قدرًا عند الله (الذين لم يعطوا فيبطروا) البطر، الطغيان عند النعمة وطول الغنى كذا في النهاية (1)، والنفي هنا موجه إلى القيد أي الذين أعطوا فلم يبطروا وجعل النفي موجهًا إلى القيد والمقيد غير مراد أي لم يعطوا ولم يبطروا ضرورة أنه إنما ساق صلى الله عليه وسلم الكلام للثناء عليهم بأنهم لم يطغوا عند إنعام الله عليهم لا أنه لا نعمة ولا طغيان وبدليل المقابلة له بقوله (ولم يقتر عليهم) والتقتير التضييق من قوله تعالى:{وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67](فيسألوا) والنفي في هذه الجملة موجه للعبد أيضًا كالأول وهذا الحديث للثناء على الغني الشاكر لأنه لا يتم نفي البطر عنه إلا إذا شكر نعمة الله لا لو لم يشكرها فإن عدم الشكر بطر للنعمة وطغيان وعلى الفقير الصابر لأنه إذا قتر عليه رزقه ولم يسأل فقد صبر على فقره والجمع بينهما في الأكبرية عنده تعالى دليل التسوية بينهما في الفضل. وقيل: المراد بهم أهل الكفاف ليسوا بأغنياء ولا فقراء إلى الغاية. وللناس في مسألة التفضيل بين الغني الشاكر والفقير الصابر نزاع طويل وخوض كبير واحتجاج من الطرفين وقد بسطناه في كتابنا: "الصارم الباتر في عين الصابر والشاكر"(تخ والبغوي وابن شاهين عن الجذع)(2) بفتح الجيم والذال المعجمة فعين مهملة (الأنصاري).
1372 -
"اكتحلوا بالإثمد المروح فإنه يجلو البصر وينبت الشعر (حم عن النعمان الأنصاري) ".
(اكتحلوا بالإثمد) بفتح الهمزة هو حجر الكحل الأسود يؤتى به من
(1) النهاية (1/ 135).
(2)
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 433). وأخرجه أيضًا: المحاملي في الأمالي (476). والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 437). وعزاه الحافظ في الإصابة (1/ 469، رقم 1118) لابن شاهين. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1089) والسلسلة الضعيفة (2874) وقال: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير ابن الجدع هذا فلم أعرفه.
أصبهان وهو أفضله وأجوده سريع التفتت الذي لفتاته بصيص وداخله أملس وليس فيه شيء من الأوساخ ومزاجه بارد يابس ينفع العين ويقويها ويشد أعضائها ويحفظ صحتها (المروَّح) بضم الميم وتشديد الواو بعد الراء ثم حاء مهملة في النهاية (1) أنه المطيب بالمسك كأنه جعل له رائحة تفوح بعد أن لم يكن له رائحة انتهى. والمسك يجلو بياض العين ويمسك رطوبتها وينشف الرياح فيها فلذا أرشد إليه صلى الله عليه وسلم وذكر فائدته بقوله (فإنه يجلو البصر) عن الأقذاء وما يتعلق بها (وينبت الشعر) شعر الأهداب الذي جعله الله وقايةً للعين وسورًا على أجفانها ويأتي حديث عائشة أنه كان صلى الله عليه وسلم يكتحل كل ليلة ومثله حديث ابن عباس وفيه وزعم أنه صلى الله عليه وسلم كان له مكحله يكتحل منها كل ليلة ثلاثة في هذه (2) وثلاثة في هذه ذكره المنذري في الترغيب (حم عن النعمان الأنصاري)(3).
(1) النهاية (2/ 275).
(2)
أخرجه الترمذي (1757)، وقال: حديث حسن. وانظر: الترغيب والترهيب (3196).
(3)
أخرجه أحمد (3/ 476) في إسناده أبو النعمان عبد الرحمن بن النعمان بن معبد عن أبيه أورده الذهبي في المغني (3646) وقال ضُعِّف وصدَّقه أبو حاتم، وقال الحافظ في التقريب (4029) صدوق ربما غلط. وأبوه النعمان بن معبد بن هوذة مجهول كما قال الحافظ في التقريب (7161). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1091) والسلسلة الضعيفة (724).