المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكاف مع المثلثة - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٣

[الصنعاني]

الفصل: ‌الكاف مع المثلثة

‌الكاف مع المثلثة

1373 -

" أكثر أهل الجنة البله (البزار عن أنس) ".

(أكثر أهل الجنة البله)[1/ 392] بضم الموحدة جمع أبله في النهاية (1) أنه الغافل عن الشر المطبوع على الخير، وقيل: هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس لأنهم أغفلوا أمر دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها وأقبلوا على أخراهم فشغلوا أنفسهم بها فاستحقوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة فأما الأبله وهو الذي لا عقل له فغير مراد بالحديث انتهى.

قلت: ولا يعارضه حديث أنس: "المؤمن كيّس فَطِن"(2) حذر بأنه قد فسر صلى الله عليه وسلم الكيس بما في حديث شداد الآتي: "بأنه من دان نفسه وعمل لما بعد الموت"، وكذلك الحذر الفطن المراد بما في أمور آخرته (البزار عن أنس) وضعفه مخرجه البزار (3).

1374 -

"أكثر خرز أهل الجنة العقيق (حل) عن عائشة (ض) ".

(1) انظر النهاية (1/ 155).

(2)

أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (128).

(3)

حديث أنس: أخرجه البزار كما في كشف الأستار (2/ 411 رقم 1983) قال الهيثمي (10/ 264): فيه سلامة بن روح، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه غير واحد، وابن عدي (3/ 313، ترجمة 773 سلامة بن روح)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 126، رقم 1368). و (1366) وقال البيهقي: هذا الحديث بهذا الإسناد منكر، وأخرجه أيضًا: الديلمي (1463). قال المناوي (2/ 79): قال الزين العراقي: صححه القرطبي في التذكرة وليس كذلك فقد قال ابن عدي: إنه منكر. وسبقه له ابن الجوزي فقال: حديث لا يصح. وقال الدارقطني: تفرد به سلامة عن عقيل وهو ضعيف. وانظر: تخريج أحاديث الإحياء (3/ 7). والحديث موضوع كما قال القارئ في المصنوع (ص/ 57، رقم 34)، وفي الموضوعات الكبرى (ص 62، رقم 217). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1096).

ص: 35

(أكثر خرز) بالخاء المعجمة المفتوحة فالراء المفتوحة فزاي جمع خرزة في القاموس (1) الخرزة محركة الجوهر وكل ما يُنْظَم (أهل الجنة العقيق) وهو نوع معروف ذكر أهل علم الأحجار أنه إنما انعقد ليكون ياقوتًا لكنه بعده عن ذلك وقعد به ما فاته من بعض خصائصه التي جعلها الله تعالى سببًا ليكون الجوهر وقالوا في العقيق من الخواص ثلاث:

الأول: أن من تقلد بالأحمر الشديد الحمرة سكنت عنه روعة الخصام.

والثانية: أنه ينقطع عمن يختم به الدم وهذا خاص بنوع من العقيق وهو الذي لونه لون ماء اللحم إذا ألقى فيه الملح.

والثالثة: أن الاستياك بأي نوع منه يذهب عن الأسنان شطأها ويبيضها ويذهب الجفر ويمنع عن الأسنان خروج الدم من أصولها (حل عن عائشة)(2) سكت عليه المصنف وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال السخاوي: أحاديث العقيق كلها ضعيفة.

1375 -

"أكثر خطايا ابن آدم في لسانه (طب هب) عن ابن مسعود"(3).

(أكثر خطايا ابن آدم في لسانه)(4) تقدم ذلك وقد عدّ الغزالي في الإحياء للسان عشرين آفة (5):

(1) القاموس المحيط (ص 100).

(2)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 281). وأخرجه أيضًا: ابن حبان في الضعفاء (1/ 344، ترجمة 441 سلم بن عبد الله)، وقال: حديثه لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار. والديلمي (1465)، وأورده الذهبي في الميزان (3/ 264، ترجمة 3376)، والحافظ في اللسان (3/ 264، ترجمة 237) كلاهما في ترجمة سلم بن عبد الله. وانظر: الموضوعات (3/ 58)، والمقاصد الحسنة للسخاوي (ص: 85). وقال الألباني في ضعيف الجامع (1098) والسلسلة الضعيفة (233): موضوع.

(3)

في الحاشية عنوان على هذا الحديث: مطلب آفات اللسان.

(4)

وضع المؤلف عنوانًا لهذا الحديث في الحاشية: مطلب آفات اللسان.

(5)

إحياء علوم الدين (3/ 112).

ص: 36

الأولى: الكلام فيما لا يعني قال صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"(1)، وفي حديث أنس: أن امرأة من الأنصار قالت وقد قُتل ولدها معه صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته هنيئًا له الجنة: فقال صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك يا أم كعب لعل كعبًا قال فيما لا يعنيه أو منع مالًا يغنيه (2) ويأتي" حديث أبي هريرة قريبًا: "أكثر الناس ذنوبًا يوم القيامة أكثرهم كلامًا فيما لا يعنيه".

الثانية: فضول الكلام وهو مذموم وهذا شامل لما لا يعني والزيادة فيما يعني على قدر الحاجة فإن عبر عن حاجته بكلمتين وكان يعني واحدة كان آتيًا بفضول الكلام واعلم أن فضول الكلام لا ينحصر بل المتضرر محصور في كتاب الله {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114] وقال صلى الله عليه وسلم: "طوبى لمن أمسك الفضل من كلامه وأنفق الفضل عن ماله"(3).

الثالثة: الخوض في الباطل وهو الكلام في المعاصي كحكاية مخالطة النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق وتنعم الأغنياء وتجبر الملوك وأمورهم المكروهة فإن كل ذلك مما لا يحل الخوض فيه وهو حرام، وأما الكلام فيما لا يعني أو أكثر مما يعني فهو ترك للأولى وليس بحرام قال صلى الله عليه وسلم:"إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلسائه يهوي بها في النار أبعد من الثريا"(4).

الرابعة (5): المراء والمجادلة وذلك منهي عنه قال صلى الله عليه وسلم: "لا تمار أخاك"(1)

(1) أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجة (3976).

(2)

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد (2782)، والطبراني في الكبير (5/ 17 رقم 4615)، والبيهقي في السنن (4/ 182) وفي الشعب (4944).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (7157)، وقال الهيثمي (10/ 314): إسناده جيد وصححه الألباني في الصحيحة (3103).

(4)

أخرجه أحمد (40212)، وابن المبارك في الزهد (1/ 332).

(5)

وضع المؤلف لهذا الحديث عنوانًا: مطلب حقيقة المراء.

ص: 37

الحديث. وقال صلى الله عليه وسلم: "من ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة ومن ترك المراء وهو مبطل بُني له بيت في ربض الجنة"(2) وحقيقية المراء كل اعتراض في كلام الغير لإظهار خلل فيه إما في اللفظ [1/ 393] وأما في المعنى، وأما في قصد المتكلم وترك المراء بترك الإنكار والاعتراض فكل كلام سمعته إن كان حقًا تصدق به وإن كان باطلًا ولم يكن متعلقا بأمور الدين فاسكت عنه فإن كان في مسألة دينية فالواجب السؤال في معرض الاستفادة لا على صفة العناد والمكابرة والتلطف في التعريف لا في معرض الطعن فإذا كان مبتدعًا تلطف في نصحه لا بطريق المجادلة لأنّ المجادلة تخيل إليه أنه يلتبس وأن ذلك صفة يجلبه بها.

الخامسة (3): الخصومة وهي مذمومة وهي وراء المراء والجدال فإن المراء طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه من غير أن يرتبط به غرض سواء تحقير الغير وإظهار كياسته والخصومة لجاج في الكلام ليستوفي به حقًا أو مالًا وقد قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبغض الخلق إلى الله الألد الخصم"(4) واعلم أن الخصومة المذمومة الخصومة بغير حق أو بحق لكنه لا يقتصر على قدر الحاجة بل يظهر الزيادة في الخصومة أو يمزج بطلب حقه كلمات مؤذية أو يجادل بغير علم كالذي يخاصم بغير علم وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من جادل في خصومة بغير علم لم يزل في سخط الله"(5).

السادسة: التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف السجع والتصنع فيه وقد قال

= (1) أخرجه الترمذي (1995)، والبخاري في الآداب المفرد (394).

(2)

أخرجه الترمذي (1993)، وابن ماجه (51).

(3)

وضع المؤلف هذا العنوان في الحاشية.

(4)

أخرجه البخاري (2325)، ومسلم (2668).

(5)

أخرجه أحمد (2/ 82)، والبيهقي في الشعب (6736).

ص: 38