المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مطلب حقيقة الفحش في الكلام) - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٣

[الصنعاني]

الفصل: ‌(مطلب حقيقة الفحش في الكلام)

- صلى الله عليه وسلم: "إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسًا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون"(1) وقال صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون" ثلاث مرات (2)، والتنطع هو التعمق والاستقصاء، وقال عمر:"شقاشق الكلام شقائق الشيطان"(3) ولا باعث على ذلك إلا الرياء وإظهار الفصاحة والتميز بالبراعة".

(مطلب حقيقة الفحش في الكلام)

السابعة (4): الفحش من السب وبذاءة اللسان وهو منهي عنه مذموم ومصدره

الخبث واللؤم وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش"(5) وقال صلى الله عليه وسلم:

"ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"(6) وقال الأحنف بن قيس: ألا أخبركم بأدوأ الداء هو اللسان البذيء والخلق الدنيء، وحقيقة الفحش: هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة الصحيحة وتحري أكثر ذلك في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به ولأهل الفساد عبارات صريحة فاحشة يستعملونها وأهل الصلاح يتحاشون عنها بل يكنون عنها إذا ألجأتهم الحاجة إلى التكلم بها والباعث على الفحش إما قصد الإيذاء أو الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الفساد.

الثامنة: اللعن إما للحيوان أو جماد أو إنسان وذلك مذموم قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن ليس باللعان"(7)، وقال:"لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بجهنم"(8) وقال

(1) أخرجه أحمد (4/ 193)، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (1/ 299).

(2)

أخرجه مسلم (2670).

(3)

أخرجه عن عمر موقوفًا ابن أبي الدنيا في الصمت (151) وفي ذم الغيبة والنميمة (12) ..

(4)

هذا العنوان وضعه المؤلف في الحاشية.

(5)

أخرجه أبو داود (4089).

(6)

أخرجه مسلم (2670).

(7)

أخرجه أحمد (1/ 416).

(8)

أخرجه أبو داود (4906)، والترمذي (1976)، وأحمد (5/ 15).

ص: 39

حذيفة: "ما تلاعن قوم قط إلا حق عليهم القول"(1) وقال عمران بن حصين: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره إذا امرأة من الأنصار على ناقة لها فضجرت منها فلعنتها فقال صلى الله عليه وسلم: "خذوا ما عليها وأعروها فإنها ملعونة"(2) قال: فكأني أنظر إلى تلك الناقة تمشي في الناس لا يتعرض لها أحد، وقال أبو الدرداء: ما لعن أحد الأرض إلا قالت: لعن الله أعصانا لله، واللعن: عبارة عن الإبعاد والطرد من الله وذلك غير جائز إلا على من يتصف بصفة تبعده عن الله وهو الكفر والظلم.

التاسعة: الغناء والشعر فالغناء قد عرفت من الأحاديث الدالة على أنه مذموم والشعر يذم منه إن كان فيه فحش أو ذم لمن لا يستحق أو نحوه وليس نظم الشعر [1/ 394] وإنشاده حرام إذ قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بهجو الكفار ومدحه كعب وسمع نشيده وكانوا ينشدون عنده فيقرهم وقد كان يستنشد أحيانًا كاستنشاده شعر أمية بن أبي الصلت.

العاشر: المزاح والمجون إلا اليسير منه، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"لا تمار أخاك ولا تمازحه"(3) والمنهي عنه الإكثار منه وقد كان صلى الله عليه وسلم يمزح نادرًا، ولا يقول إلا حقًا.

الحادية عشرة: السخرية والاستهزاء وهو محرم قال تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ

} [الحجرات:11] الآية. ومعنى السخرية الاستحقار والإهانة والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه وقد يكون ذلك بالمحاكاة في القول والفعل وقد يكون بالإشارة والإيماء وإذا كان بحضرة المستهزأ به لم يكن غيبة وفيه معنى الغيبة.

(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (318)، والبيهقي في الشعب (5159).

(2)

أخرجه مسلم (2595).

(3)

سبق تخريجه قريبًا.

ص: 40

الثانية عشر: إفشاء السر وهو منهي عنه لما فيه من الإيذاء والتهاون بحق المعارف والأصدقاء وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا حدث الرجل بحديث فهو أمانة"(1) وقال الحسن: إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك وهو حرام إذا كان فيه إضرارًا ولؤم إذا لم يكن فيه إضرار.

الثالثة عشر: الوعد الكاذب فإن اللسان سباقة إلى الوعد وربما لا تساعد النفس على الوفاء فيكون الوعد خلفا وذلك من علامات النفاق وقد قال تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] وقال صلى الله عليه وسلم: "الوعد عطية فعلى الواعد أن يفي"(2) إلا أن يتعذر الوفاء فإذا وعد ونيته الإخلاف فهذا هو النفاق.

الرابعة عشر: الكذب في القول واليمين وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب وحرمة الكذب معلومة لا تحتاج إلى سرد الدليل والتفصيل فيه معروف والمستثنى منه المجوز ثلاثة مواضع.

الخامسة عشر (3): الغيبة وحرمتها معلومة وحقيقة الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه سواء ذكرت نقصًا في بدنه أو في نسبه أو في خلقه أو في فعله أو في دينه أو دنياه حتى في ثوبه وداره ودابته وليست خاصه باللسان وإنما هي الأصل في التعيين وإلا فالفعل كالقول والإشارة والإيماء والرمزه والكنية والحركة وكل ما يفهم المقصود به وكذا الغيبة في الكتاب فإن القلم أحد اللسانين والغيبة إنما تكون لشخص معين إما حي أو ميت إلا إذا قال بعض القوم أو قال قوم أو فعل قوم فإنه جائز كان صلى الله عليه وسلم إذا كره أمرًا قال: "ما بال أقوام يفعلون كذا أو يقولون كذا"(4) وللغيبة أسباب وحوامل يأتي ذكرها في حرف العين إن شاء الله

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (8343).

(2)

لم أقف عليه.

(3)

هذا النوان وضع في الحاشية.

(4)

أخرجه مسلم (1401).

ص: 41

تعالى ويأتي أيضًا أنه رخص فيها في ستة أحوال.

السادسة عشر (1): النميمة قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1]، والأحاديث الدالة على تحريمها واسعة جدًّا وحقيقة النميمة نقل قول الغير إلى المقول فيه هذا غالب ما يطلق عليه وليست خاصة بالقول بل حدها كشف ما يكره كشفه سواء كره المنقول عنه أو المنقول إليه أو كره ثالث وسواء أكان الكشف بالقول أو الفعل أو الكتابة أو الرمز أو الإيماء وسواء كان المنقول من الأقوال أو الأفعال وسواء كان ذلك عيبًا أو نقصانا عن المنقول عنه أو لم يكن بل حقيقة النمامة إفشاء الستر وهتك الستر عما يكره كشفه بل كل ما رآه الإنسان من أقوال الناس فينبغي أن يسكت عنه إلا فيما في حكايته فائدة [1/ 395] لمسلم أو دفع لمعصية.

والباعث على النميمة إما إرادة السوء بالمحكي أو إظهار الحب للمحكي له أو التفرح بالحديث والخوض في فضول الكلام.

السابعة عشر: كلام ذي اللسانين الذي يتردد بين المتعادين ويكلم كل واحد بكلام يوافقه وقيل ما يخلو عنه من يساعد متعاديين وذلك من النفاق قال صلى الله عليه وسلم: "من شر عباد الله يوم القيامة ذو الوجهين الذي يأت هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه"(2).

الثامنة عشر: المدح فإنه مذموم في بعض المواضع وقد مر الكلام فيه ويأتي فيه زيادة إن شاء الله تعالى.

التاسعة عشر: إطلاق اللسان إما في العلم أو غيره مما يجوز مع الغفلة عما في فحوى الكلام من الخطأ لا سيما فيما يتعلق بصفات الله وأمور الدين وقد نبه

(1) وضع عنوان: مطلب النميمة في الحاشية.

(2)

أخرجه البخاري (6757)، ومسلم (2526).

ص: 42

- صلى الله عليه وسلم على الدقيق منه فقال: "لا يقول أحدكم ما شاء الله وشئت ولكن ليقل: ما شاء الله تعالى ثم شئت"(1)، وذلك لأنّ في العطف بالواو تسوية الشركاء. فكيف من يقول: أنا على الله وعليك، وأنا بالله وبك، ونحو ذلك من كلام تقشعر منه الجلود ويحكم عليه بالتحريم.

العشرون: سؤال القوم عن صفات الله والخوض منهم في ذلك لإلقاء الدقائق والأشياء الغامضة فهذه جملة لطيفة من آفات اللسان وهي أضعاف ما ذكرنا وفيما ذكرناه معرفة أن أكثر خطايا بني آدم في اللسان (طب هب عن ابن مسعود)(2) سكت عليه المصنف فيما رأيناه قوبل على خطه، وقال المنذري: رواه الطبراني برجال الصحيح، وقال العراقي: إسناده حسن.

1376 -

"أكثر عذاب القبر من البول (حم 5 ك عن أبي هريرة) "(صح).

(أكثر عذاب القبر من البول) أي بسببه ولأجله فكلمة: "من" تعليلية والمراد من التلوث به وعدم الاستنزاه منه وإنما قال: "أكثر" لأنّ بعض عذاب القبر من غير البول وقد ثبت حديث: اللذين يعذبان في القبر أحدهما بالبول والآخر بالنميمة، قال بعض أئمة الحديث في حديث التعذيب بالبول.

تنبيه: إن من ترك الصلاة إلى الاستنزاه من البول بعض واجباتها وشروطها فهو أشد عذابًا، وفي التعذيب بالنميمة تنبيه أيضًا على أن الموقع بين الناس العداوة والبغضاء بالكذب والزور والبهتان أعظم عذابًا من الذي أوقع بينهم

(1) أخرجه النسائي (6/ 245)، وأحمد (1/ 214)، والبخاري في الأدب المفرد (783).

(2)

أخرجه الطبراني (10/ 197، رقم 10446) قال الهيثمي (10/ 300): رجاله رجال الصحيح. وأخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 107)، والبيهقي في شعب الإيمان (4933). وأخرجه أيضًا: الشاشي في المسند (602). وأورده ابن أبي حاتم في العلل (2/ 101، رقم 1796) وقال قال أبي: هذا حديث باطل. وقال المناوي (2/ 80): قال العراقي: إسناده حسن. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/ 1201) والصحيحية (534).

ص: 43

ذلك بنقل كلام بعض في بعض وهو صادق (حم 5 ك عن أبي هريرة)(1) رمز المصنف لصحته.

1377 -

"أكثر ما أتخوف على أمتي من بعدي رجل يتأول القرآن يضعه على غير موضعه ورجل يرى أنه أحق بهذا الأمر من غيره (طس عن عمر) (ض) ".

(أكثر ما أتخوف على أمتي من بعدي) أي على إضلالها وتأثيمها وحصول المصائب بها وعموم العقوبة (رجل يتأول القرآن) قال المصنف في الإتقان: التأويل أصله من الأول وهو الرجوع كأنه صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني. وقيل: من الإياله وهي السياسة فكأن المؤول للكلام ساس الكلام فوضع المعنى فيه موضعه (2) وذكر خلافًا في الفرق بينه وبين التفسير وقوله (يضعه على غير موضعه) بيان للجهة التي يشاء منها للذم وأنه من هذه الجهة لا أنه ذم للتأويل مطلقًا فإنه قد علم أنه لا بد منه في كشف معاني القرآن وقد قسم أهل الأصول التأويل إلى أنواع منها مقبول ومنها مردود وهذا الحديث من أعلام النبوة، فقد ضلت بالتأويلات طوائف وأضلت كالباطنية وأهل وحدة الوجود من الصوفية وكل طائفة متقيدة بمذهب معين فلها من التأويل المذموم قسم موفور بردها معاني القرآن إلى رأيها وصرفه عما يعطيه لفظه وسياقه (ورجل يرى أنه أحق بهذا الأمر) أي الخلافة (من غيره) وهو أي الغير من قام بها، والحديث [1/ 396] يحتمل أنه لمجرد رأيه يخاف منه على الأمة وذلك لعظم الإثم في ذلك لأنه في حكم المتعرض على الحكمة الإلهية والمراد بلسان

(1) أخرجه أحمد (2/ 389)، وابن ماجه (348)، وقال البوصيري (1/ 51): هذا إسناد صحيح وأخرجه أيضًا: الدارقطني (1/ 128) وقال: صحيح، والحاكم (1/ 183) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة. وقال العجلوني (1/ 201): رواه الإِمام أحمد وابن ماجه وسنده حسن. وصححه الألباني في صحيح الجامع (1202) والإرواء (280).

(2)

الإتقان (2/ 460).

ص: 44

حاله لها والمنخرم منها، وقد أسلفنا قريبا إشارة إلى هذا وأنه من قسم سوء الظن بالله ويحتمل أن المراد الذي يرى هذا ويتفرع على رؤيته المنازعة وطلب الأمر لنفسه وإراقة الدماء وانتهاك الحرم ونحو ذلك، وهذا الحديث فيمن أراد الملك وطلبه محبة للدنيا كحال ملوك الدنيا كما يرشد إليه قوله:"من يرى أنه أحق" أي ليس معه إلا مجرد رؤيته واستعظامه لنفسه لا فيمن أراد تغيير المنكر والأخذ على يد الظالم وكف كفه عن عباد الله وأموالهم ودمائهم كما كان من صالحي أئمة الآل عليهم السلام أولهم وسيدهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في قتاله للبغاة معاوية وحزبه ثم الحسين السبط ثم من لا يأتي عليه العد من الأئمة الماضين (1)(طس عن عمر)(2) رمز المصنف لضعفه وفيه راوٍ متروك.

1378 -

"أكثر منافقي أمتي قراؤها (حم طب هب عن ابن عمرو) (حم طب عن عقبة بن عامر طب عد عن عصمة بن مالك) "(صح).

(أكثر منافقي أمتي قراؤها) تقدم تفسير النفاق وليس المراد هنا نفاق الشرك بل نفاق العمل وهو التصنع ببعض الأعمال الدينية لنيل الدنيا وهذا واقع في

(1) هذه الأمور يحسن عدم الخوض فيها وعدم الحكم على أي جهة من الجانبين ويراجع لهذا الموضوع: العواصم من القواصم لابن العربي، ورفع الملام عن أئمة الأعلام لشيخ الإِسلام ابن تيمية، والفتاوى الكبرى له أيضًا (5/ 93، 107)، وانظر كذلك الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الفقيه.

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 242، رقم 1865) وقال الهيثمي (1/ 187): فيه إسماعيل بن قيس الأنصاري، وهو متروك الحديث وقال فيه البخاري والدارقطني منكر الحديث وقال النسائي وغيره ضعيف. انظر ميزان الاعتدال (1/ 405). وفي إسناده أيضًا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أورده الذهبي في المغني في الضعفاء (3568) وقال ضعفه أحمد والدارقطني، وأقره الحافظ في التقريب (3865). وقال الألباني في ضعيف الجامع (1100) ضعيف جدًا وقال في السلسلة الضعيفة (7041): موضوع.

ص: 45

القراء المتصلين بأهل الدنيا وملوكها الطالبين لما في أيديهم والوعيد في الأحاديث على ذلك كثير وليس المراد كل القراء (حم طب هب عن ابن عمرو) رمز المصنف لصحته (حم طب عن عقبة بن عامر طب عد عن عصمة بن مالك)(1) قال: أحد أسانيد أحمد رجاله ثقات وسند الطبراني فيه راو ضعيف.

1379 -

"أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس يعني بالعين (الطيالسي، تخ، والحكيم، والبزار، والضياء عن جابر) "(صح).

(أكثر من يموت من أمتي) يحتمل أنه خاص بهذه الأمة أو أنه كان في الأمم الماضية ما ذكره من قوله (بعد قضاء الله وقدره بالعين) وسلف أن ثلث منايا الأمة بالعين فلا بد من التأويل للأكثرية هنا بأنها نسبية أو أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بالثلث قبل إعلام الله له بأنه أكثر من الثلث ويعم قوله: بعد قضاء الله قيد لقوله بالعين، والباء فيه سببية أي بسبب إصابة العين بعد قضاء الله وقدره وإنما قدمه على المقيد كالاحتراس عن ذهاب الوهم إلى أن إصابة العين بغير قضائه تعالى وقدره والمراد بالقضاء والقدر ما في النهاية حيث قال (2): والقضاء مقرون بالقدر

(1) حديث ابن عمرو: أخرجه ابن المبارك (451)، وأحمد (2/ 175)، والطبراني كما في مجمع الزوائد (6/ 230) قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات، وكذلك رجال أحد إسنادي أحمد ثقات. والبيهقي في شعب الإيمان (6959). وأخرجه أيضًا: البخاري في التاريخ الكبير (1/ 257). وقال المناوي (2/ 81): قال في الميزان: إسناده صالح. حديث عصمة بن مالك: أخرجه ابن عدي (6/ 15، ترجمة 1561 الفضل بن مختار)، والطبراني (17/ 179، رقم 471). قال الهيثمي (6/ 230): فيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف. وصححه الألباني في صحيح الجامع (1203) والسلسلة الصحيحة (750). حديث عقبة بن عامر: أخرجه أحمد (4/ 151)، والطبراني (17/ 305، رقم 841)، قال الهيثمي (6/ 229): رواه أحمد، والطبراني، وأحد أسانيد أحمد ثقات أثبات. والخطيب (1/ 357). وأخرجه أيضًا: ابن المبارك (64)، وابن عدي (4/ 148، ترجمة 977). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1203) والسلسلة الصحيحة (750).

(2)

النهاية (4/ 125).

ص: 46

المراد بالقدر: التقدير وبالقضاء الخلق والحديث سيق للإخبار حثا للأمة على الاحتراز عن العين بالعوذ الشرعية وتقدم شيء من ذلك (الطيالسي تخ والحكيم والبزار والضياء عن جابر)(1) رمز المصنف لصحته قال الشارح. صحيح.

1380 -

"أكثر الناس ذنوبًا يوم القيامة أكثرهم كلامًا فيما لا يعنيه (ابن لال وابن النجار عن أبي هريرة السجزي في الإبانة عن عبد الله بن أبي أوفى، حم في الزهد عن سلمان موقوفًا) "(ض).

(أكثر الناس ذنوبًا يوم القيامة أكثرهم كلامًا فيما لا يعنيه) بفتح حرف المضارعة من عناه أهمه وقصده وتقدم في آفات اللسان قريباً بيان ما لا يعني ما يغني (ابن لال وابن النجار عن أبي هريرة، السجزي في الإبانة عن عبد الله بن أبي أوفى، حم في الزهد عن سلمان موقوفًا)(2) رمز المصنف لضعفه وكثرة طرقه

(1) أخرجه الطيالسي (1760)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 360)، والحكيم (3/ 46)، والبزار كما في كشف الأستار (3/ 403، رقم 3052). قال الهيثمي (5/ 106): رجاله رجال الصحيح خلا طالب بن حبيب بن عمرو وهو ثقة. وأخرجه أيضًا: الديلمي (1467)، وابن أبي عاصم (311). قال الحافظ في الفتح (10/ 200): رواه البزار بسند حسن. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1206) والسلسلة الصحيحة (747).

(2)

حديث أبي هريرة أخرجه ابن النجار (2/ 262) والعقيلي في الضعفاء (3/ 424) رقم (1465) وابن البناء الحسن بن أحمد بن عبد الله أبي علي في الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت (1/ 58) رقم (36) من طريق عصام بن طليق عن شعيب عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال العقيلي عصام بن طليق قال يحيى (يعني ابن معين): ليس بشيء، وشعيب مجهول بالنقل، وقد تابعه من هو دونه أو مثله. وقال البخاري: مجهول منكر الحديث. انظر الميزان (5/ 85) وقال ابن حبان: عصام بن طليق شيخ يروي عن الحسن روى عنه البصريون وأهل بغداد انتقل من البصرة إلى بغداد وسكنها كان ممن يأتي بالمعضلات عن أقوام ثقات. أما حديث عبد الله ابن أبي أوفى فقد أخرجه أبو نصر في الإبانة كما في كنز العمال رقم (8293) أما حديث سلمان: أخرجه أحمد بن حنبل في الزهد (1/ 150) وابن أبي شيبة (7/ 120) رقم (34659) وابن أبي الدنيا في الصمت (1/ 79) رقم (75) وأبو نعيم في الحلية (1/ 202) عن سلمان موقوفًا عليه. وقال المناوي في =

ص: 47

تخرجه عن الضعف وقد رواه الطبراني بإسناد جيد.

1381 -

"أكثر من أكلة كل يوم سرف (هب عن عائشة) ".

(أكثر من أكلة) التاء للوحدة أي أكلة واحدة وهي بفتح الهمزة وأما بضمها وهي اللقمة وتقدم في إذا (كل يوم سرف) أي تبذير وأصل الحديث عن عائشة قالت: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أكلت في يوم مرتين فقال: "يا عائشة أتحبين أن لا يكون لك شغل إلا جوفك الأكل في اليوم مرتين من الإسراف والله لا يحب المسرفين"[1/ 397] وفي رواية قال: "يا عائشة اتخذت الدنيا مطلبك أكثر من أكلة كل يوم سرف والله لا يحب المسرفين" والأكلة الواحدة منها سداً لفاقة والزيادة من فضول العيش (هب عن عائشة)(1).

1382 -

"أكثرت عليكم في السواك"(حم خ ن عن أنس) " (صح).

(أكثرت عليكم في السواك) في الأمر باتخاذه والحث على استعماله وهذا الإخبار من الحث عليه أيضًا (حم خ ن عن أنس)(2).

= الفيض (2/ 81) ينجبر بتعدد طرقه كما ترى وذلك يرقيه إلى درجة الحسن بلا ريب. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1094) والسلسلة الضعيفة (2891).

(1)

أخرجه البيهقي في الشعب (5665)، وقال المناوي في الفيض (2/ 82) وفيه ابن لهيعة.

قال الذهبي في المغني (3317) ضعيف، وقال الحافظ في التقريب (3563) صدوق خلط بعد احتراق كتبه. وفي إسناده أيضًا: خالد بن نجيح المصري قال ابن أبي حاتم عن أبيه: هو كذاب يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح يتوهم أنها من فعله. انظر الجرح والتعديل (3/ 355).

وفي إسناده أيضًا: العلاء بن مسلمة الرواس قال ابن حبان في المجروحين (2/ 185) يروي عن العراقيين المقلوبات وعن الثقات الموضوعات لا يحل الاحتجاج به. وقال الذهبي في المغني (4190) متهم بوضع الحديث، وقال الحافظ في التقريب (5256) متروك. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1101) وقال في السلسلة الضعيفة (5362) موضوع.

(2)

أخرجه أحمد (3/ 143)، والبخاري (848)، والنسائي (1/ 11).

ص: 48

1383 -

"أَكثِرْ مِنْ أَنْ تَقُولَ سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح جللت السموات والأرض بالعزة والجبروت (ابن السني والخرائطي في مكارم الأخلاق وابن شاهين وابن عساكر عن البراء) ".

(أكثر) خطاب لكل من له أهلية الخطاب وإن كان المخاطب به معينا على ما يأتي (من أن تقول سبحان الله الملك القدوس) في النهاية (1): هو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص وفعول بالضم من أبنية المبالغة وقد تفتح القاف وليس بالكثير ولم يجيء منه إلا قدوس وسبوح (رب الملائكة والروح) في النهاية أيضًا قد تكرر ذكر الروح في الحديث كما تكرر في القرآن وورد على معان الغالب أن المراد به الروح الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة وقد أطلق على القرآن والوحي والرحمة وعلى جبريل الأمين (جللت) بالجيم مفتوحة وتشديد اللام (السماوات والأرض) التجليل التغطية فإن كان مبنيًا للمعلوم ففيه التفات وإن روى مبنيا للمجهول فلا وهو التفات من الغيبة إلى الخطاب وعكسه الإقبال على التضرع والدعاء (بالعزة) بكسر المهملة وتشديد الزاي وهي في الأصل القوة والشدة والغلبة (والجبروت) فعلوت كملكوت من الصفات الإلهية كالجبار وهو من يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي وقيل هو العالي فوق خلقه والمعنى ملأت السماوات والأرض بآثار قوتك وغلبتك وقهرك عن أمرك ونهيك حتى كأنهما مجللات مغطيات فلا يرى الراءون إلا القوة والقهر (ابن السني والخرائطي في مكارم الأخلاق وابن شاهين وابن عساكر عن البراء) قال: شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة فقال أكثر الخ فقال الرجل فذهبت عني الوحشة ورواه أيضًا أبو الشيخ في الثواب (2).

(1) النهاية (4/ 23).

(2)

أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (644)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1046)، وابن=

ص: 49

1384 -

"أكثر من الدعاء فإن الدعاء يرد القضاء المبرم (أبو الشيخ) أنس".

(أكثر من الدعاء فإن الدعاء يرد القضاء المبرم) بضم الميم وسكون الموحدة وفتح الراء المحكم من أبرم الأمر أحكمه الذي أحكمه الله وقضاه ويحتمل أنه يمحوه من صحف الملائكة أو من اللوح ويأتي الكلام عليه في الدال المهملة (أبو الشيخ عن أنس)(1).

1385 -

"أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم يسجد لله تعالى سجدة إلا رفعه الله بها درجة في الجنة وحط عنه بها خطيئة (ابن سعد حم) عن أبي فاطمة".

(أكثر من السجود) تقدم أن المراد من نوافل الصلاة إطلاقًا للجزء على الكل

=عساكر من طريق ابن شاهين (43/ 532) وقال: قال ابن شاهين: غريب حسن عال. وأخرجه أيضًا: الرويانى في مسنده (292) والطبراني في المعجم الكبير (2/ 24) رقم (1171) والعقيلي في الضعفاء (2/ 46) رقم (476). وفي إسناده: درمك بن عمرو قال فيه أبو حاتم مجهول (الجرح والتعديل 3/ 446)، وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 46): لا يتابع على حديثه، وذكره الحافظ في اللسان (2/ 429) وساق الحديث ثم قال: لا يعرف إلا به وقال أبو حاتم أيضًا منكر الحديث، ولهذا قال الذهبي في المغني (2043) والميزان (3/ 43) مجهول وحديثه منكر. وفي إسناده أيضًا أبو إسحاق وهو السبيعي كان قد اختلط. انظر الميزان (5/ 326) والتقريب (5065). وفي إسناده أيضًا محمَّد بن أبان بن صالح القرشي الكوفي قال الذهبي في الميزان (6/ 41) ضعفه أبو داود وابن معين وقال البخاري ليس بالقوي. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1095) وقال في السلسلة الضعيفة (2877) منكر.

(1)

أخرجه أبو الشيخ كما في الكنز (3120) وأخرجه أيضًا الخطيب في تاريخ بغداد (13/ 35)، وقال المناوي في الفيض (2/ 83) وفيه عبد الله بن عبد المجيد أورده الذهبي في الضعفاء (3936). وقال قال ابن معين ليس بشيء.

وفي إسناده أيضًا: كثير بن عبد الله الأبلي المصري أبو هاشم قال ابن أبي حاتم عن أبيه: منكر ضعيف الحديث جدًا شبه المتروك، بابة زياد بن ميمون (الجرح والتعديل 7/ 154) وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث. انظر الميزان (5/ 492). وفيه أيضًا: موسى بن محمَّد أبو هارون البكاء قال الذهبي في الميزان (6/ 561) ضعفه أحمد وقال ابن معين ليس بشيء وقال أحمد أيضًا ليس بثقة ولا أمين. وقال الألباني في ضعيف الجامع (1102) والسلسلة الضعيفة (2876): ضعيف جدًا.

ص: 50

لأنّ السجود المجرد غير مراد ويحتمل إرادته ويكون دليلًا على شرعيته (فإنه ليس من مسلم يسجد لله سجدة) هو دليل على إرادة الحقيقة (إلا رفعه الله بها درجة) جزاء لتواضعه وتعفير وجهه لمولاه (في الجنة وحط عنه بها خطيئة) أسقطها من ديوان حفظته ومحاها (ابن سعد حم عن أبي فاطمة)(1) هو صحابي ليثي قال المصنف في الكبير الليثي ومن غرائب الشارح أنه شرح على أصل فيه عن فاطمة بسقوط لفظ أبي فقال الشارح: الزهراء وهو غلط صريح فاعجب؟؟ (2).

1386 -

"أكثر الدعاء بالعافية (ك) عن ابن عباس"(صح).

(أكثر الدعاء بالعافية) فإنه لا ينال خير الدنيا والآخرة إلا بها وقد تكرر الأمر بالدعاء بها وتعليم الدعاء بها ويأتي كثيرًا (ك عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته (3).

1387 -

"أكثر الصلاة في بيتك يكثر خير بيتك وسلم على من لقيت من أمتي تكثر حسناتك (هب) عن أنس".

(أكثر الصلاة) نافلة (في بيتك) لأنّ الفريضة في المساجد أفضل (يكثر خير بيتك" فإن الصلاة مجلبة لخير الدنيا والآخرة (وسلم على من لقيت من أمتي تكثر حسناتك) وذلك لأنّ رد السلام من أخف الطاعات ولقاء الناس من أكثر المنفعات فمن هنا تكثر الحسنات أو لأنّ الله تعالى يكثر سائر حسناته [1/ 398] ببذله السلام على عباده (هب عن أنس) هكذا في نسخ الجامع

(1) انظر الإصابة (7/ 318).

(2)

أخرجه أحمد (3/ 428). وصحح الشيخ الألباني في صحيح الجامع (1204) والسلسلة الصحيحة (1519).

(3)

أخرجه الحاكم (1/ 529) وقال صحيح على شرط البخاري. وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (1198) والسلسلة الصحيحة (1523).

ص: 51

الصحيحة وشرح الشارح على نسخة فيها هب عن ابن عباس فقال: والذي وقفت عليه في الشعب عن أنس وفيه ما يرشدك إلى ما قد أشرنا إليه أنه شرح على أصل غير معتمد ولذا فإنه ذكر أنه رمز المصنف بكذا وكذا أشياء ما رأيناها (1).

1388 -

"أَكْثِرْ من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز الجنة (ع طب عن أبي أيوب) (ح) ".

(أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله) يأتي تفسيرها في حديث مرفوع من حديث ابن مسعود (فإنها من كنز الجنة) أخرجت منها أو يجازى قائلها بثواب نفيس مدخر في الجنة فهو كالكنز في كونه نفيسًا مدخرًا ووجه خصوصيته في هذه الكلمة أنها اشتملت على التوحيد الخفي فحصل جزاؤها شيئًا خفيا (ع طب عن أبي أيوب) رمز المصنف لحسنه وقال الشارح: في الشرح الصغير بإسناد صحيح (2).

1389 -

"أكثر ذكر الموت يسليك عما سواه (ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن سفيان عن شيخ مرسلًا) ".

(أكثر ذكر الموت) ذكر نزوله بك وحلوله بذاتك (يسليك عما سواه) فإنه

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (8760) في إسناده علي بن الجند قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 178): شيخ كتبت عنه بمكة، روى عن عمرو بن دينار عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخلت بيتك؛ فسلم. سمعت أبي يقول: هو شيخ مجهول، وحديث موضوع. وقال أبو زرعة: وحديثه منكر. وقال الذهبي في المغني (4233) قال البخاري منكر الحديث وقال أبو حاتم خبره كذب، وعمرو بن دينار (يعني قهرمان آل الزبير بصري) أورده الذهبي في المغني (4655) وقال ضعفوه. وقال الحافظ في التقريب (5052) ضعيف. وقال الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (1093): والسلسلة الضعيفة (7039): موضوع.

(2)

أخرجه عبد بن حميد (231)، وأبو يعلي كما في إتحاف الخيرة (8234)، والطبراني (4/ 133، رقم 3900). وقول المناوي في التيسير شرح الجامع الصغير (1/ 569)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1205).

ص: 52

أعظم ما ينزل بالحيوان ولا بد من نزوله وكل ما سواه هين بالنسبة إليه فهو يسلى عن كل بلاء وقع فيه العبد (ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن سفيان) هو الثوري عن شيخ مجهول وهكذا نسخ الجامع كلها عن شيخ وشرح المناوي على لفظ شريح فقال بضم المعجمة القاضي تابعي كبير ولاه عمر قضاء الكوفة انتهى فالله أعلم كيف شرح على أم كثيرة الغلط (مرسلًا)(1).

1390 -

"أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت (ت ن 5 حب ك هب) عن أبي هريرة (ك هب) عن أبي هريرة (طس حل هب) عن أنس (حل) عن عمر) (صح) ".

(أكثروا ذكر هاذم اللذات) ضبط بالذال المعجمة من الهدم القطع وبالمهملة من هدم البناء إذا نقضته وهما صحيحان في حق (الموت) وهو بدل من هاذم اللذات ويأتي تعليل الأمر بالإكثار من ذكره وسلف أيضًا (ت ن 5 حب ك هب عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته. (طس حل هب عن أنس حل عن عمر)(2).

1391 -

"أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون (حم ع حب ك هب عن أبي سعيد) "(صح).

(أكثروا ذكر الله حتى يقولوا) أي من لا علم له بفضل الذكر (مجنون) لكثرة

(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في ذكر الموت رقم (97)، وأخرجه أيضًا في الشكر (1/ 58، رقم 168) مطولًا. وأبو نعيم في الحلية (7/ 305)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1099) والسلسلة الضعيفة (7040) لانقطاعه وجهالة الرجل الذي لم يسم، ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد (2/ 292)، والترمذي (2307) وقال: حسن غريب. والنسائي (4/ 4)، وابن ماجه (4258)، وابن حبان (2992)، والبيهقي في شعب الإيمان (رقم 10559) وابن أبي الدنيا في ذكر الموت (153). حديث عمر: أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 355).

وصححه الألباني في صحيح الجامع (1210) والإرواء (682).

ص: 53

لهجه بذكر الله تعالى أو يقول المنافقون لاستهزائهم بذكر الله ويدل للآخر ما يأتي من حديث حتى يقول المنافقون إنكم مراءون (حم ع حب ك هب عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته وقال ابن حجر: حسن (1).

1392 -

"أكثروا ذكر الله حتى يقول المنافقون إنكم مراءون (ص حم في الزهد هب عن أبي الجوزاء، مرسلًا) ".

(أكثروا ذكر الله حتى يقول المنافقون إنكم مراءون) يقولون حقيقة أو بحيث يظن أنهم يقولون ذلك وليس المراد أن غاية ذكر الله قولهم ذلك (ص حم في الزهد هب عن أبي الجوزاء) بفتح الجيم آخره زاي (مرسلًا)(2).

1393 -

"أكثروا ذكر هَاذِمِ اللَّذَّاتِ فإنه ما كان في كثير إلا قلله ولا قليل إلا أجزأه (هب عن ابن عمر) ".

(أكثروا ذكر هاذم اللذات) والمراد الذكر القلبي الذي له تأثير لا الذكر اللساني الخالي عن الاعتبار (فإنه) أي الذكر له (لا يكون في كثير) من سعة الدنيا

(1) أخرجه أحمد (3/ 68)، وعبد بن حميد (925)، وأبو يعلى (1376)، قال الهيثمي (10/ 75): رواه أحمد، وأبو يعلى، وفيه دراج وقد ضعفه جماعة، وضعفه غير واحد، وبقية رجال أحد إسنادى أحمد ثقات. وأخرجه ابن السنى (ص4، رقم 4)، وابن شاهين في الترغيب (2/ 399)، وابن حبان (817)، والحاكم (1/ 677) والبيهقي في شعب الإيمان (1/ 397 رقم 526) وأخرجه أيضًا: الديلمي (212) وابن عدي في الكامل (3/ 113) في ترجمة دراج، وقال: وعامتها مما لا يتابع عليه، وهذا الحديث مما ينكر عليه. وقال في حديث آخر له: حديث باطل. قلت ودراج هو بن سمعن أبو السمح أورده الذهبي في المغني (2039) وقال قال أحمد وغيره أحاديثه مناكير ووثقه ابن معين وتركه الدارقطني، وقال الحافظ في التقريب (1824) صدوق في حديثه عن أبي الهيثم ضعف. قلت وهذا عنه. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1108) والسلسلة الضعيفة (7042).

(2)

أخرجه أحمد في الزهد (1/ 108)، والبيهقي في شعب الإيمان (527). وأخرجه أيضًا: ابن المبارك في الزهد (1022)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1107)، والضعيفة (516) لإرساله ولضعف سعيد بن زيد أورده الذهبي في المغني (2394) وقال وثقه ابن معين وضعفه القطان والدارقطني وغيرهما، وقال الحافظ في التقريب (2312) صدوق له أوهام.

ص: 54

(إلا قلله) صيره عند الذكر للموت قليلًا لأنّ كل ما يفارقه صاحبه قليل وإن أكثر (ولا في قليل) من العيش (إلا أجزأه) صيره مجزيا ينتفع به صاحبه.

إن قلت: إما ذكره لتوسيع الضيق فوجه التعليل به واضح وهو ترويح النفس والرضا بالقليل وأما ذكره لتقليل الكثير فما وجهه؟

قلت: عدم الركون إلى الدنيا والرغبة فيها والذهول بشهواتها عن لقاء الله والسماحة بها وتقديمها للدار الآخرة. قال الإِمام الغزالي في الإحياء (1): واعلم أن الموت خطب هائل وخطره عظيم وغفلة الناس عنه لقلة فكرهم فيه وذكرهم له ومن يذكره ليس يذكره بقلب فارغ بل بقلب مشغول بشهوات الدنيا فلا ينجح ذكر الموت في قلبه فالطريق فيه أن يفرغ العبد قلبه عن كل شيء إلا عن ذكر الموت الذي هو بين يديه كالمسافر الذي يريد أن يسافر إلى مسافة مخطره أو يركب البحر فإنه لا يتفكر إلا فيه وإذا باشر ذكر الموت قلبه [1/ 399] أوشك أن يؤثر فيه وعند ذلك يقل فرحه وسروره بالدنيا وينكسر قلبه وأنفع طريق فيه أن يكثر ذكر أقرانه وأشكاله الذين مضوا قبله فيذكر موتهم ومصارعهم تحت التراب ويتذكر صورهم في حياتهم وأقوالهم ثم يتذكر ويتأمل كيف محى التراب الآن حسن صورهم وكيف تبددت أجزاؤهم في قبورهم وكيف رحلوا عن نسائهم وأولادهم وضيعوا أموالهم وخلت منهم مجالسهم ومساجدهم وانقطعت آثارهم فمهما تذكر رجلًا رجلًا ورحل في قلبه حاله وكيفية موته وتوهم صورته وتذكر نشاطه وأمله للعيش والبقاء ونسيانه للموت وانخداعه بمواتاة الأسباب وركونه إلى القوة والشباب وميله إلى الضحك واللهو والغفلة عما بين يديه من الموت والهلاك السريع وأنه كيف كان يتردد والآن قد تهدمت رجلاه ومفاصله وكيف كان ينطق وقد أكل الدود لسانه وكيف كان

(1) الإحياء (4/ 452).

ص: 55

يضحك وقد أكل التراب أسنانه وأنه كيف كان يدخر لنفسه مالًا يحتاج إليه عشر سنين في وقت لم يكن بينه وبين الموت إلا شهر وهو غافل عما يراد به حتى جاءه الموت في وقت لم يحتسبه فانكشف له صورة الملك وقرع سمعه النداء إما بالجنة أو النار فبعد ذلك ينظر في نفسه أنه مثلهم وغفلته كغفلتهم وستكون عاقبته كعاقبتهم، قال أبو الدرداء: إذا ذكر الموتى قعّد نفسك كأحدهم، وقال ابن مسعود: السعيد من وعظ بغيره، وقال عمر بن عبد العزيز: ألا ترون أنكم تجهزون كل يوم غاديا أو رائحًا إلى الله عز وجل تضعونه في صدغ من الأرض قد توسد التراب وخلف الأحباب وقطع الأسباب فملازمة هذه الأفكار ونحوها قبل حلول المقابر ومشاهدة المرضى هو الذي يجدد ذكره الموت في القلب حتى تغلب عليه بحيث يصير نصب عينيه فعند ذلك يوشك أن يستعد له ويتجافى عن دار الغرور وإلا فالذكر بعذبة اللسان وظاهر القلب قليل الجدوى في التحذير والتنبيه ومهما طاب قلبه بشيء من الدنيا ينبغي أن يتذكر في الحال أنه لا بد من مفارقته. انتهى (هب عن ابن عمر)(1).

1394 -

"أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه (هب حب) عن أبي هريرة (البزار) عن أنس"(صح).

(أكثروا من ذكر هاذم اللذات فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه) لأنه إذا تيقن من هو في الضيق أنه مفارقه خالص عنه هان عليه ما هو فيه لأنّ الخلوص من المكروه محبوب ولذا جاء في الحديث أنه لو قيل لأهل النار إنكم ماكثون فيها عدد أيام الدنيا لفرحوا ولو قيل ذلك لأهل الجنة

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (4833)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1210).

ص: 56

لحزنوا ولذا قيل (1):

ما أضيقَ العيشَ

لولا فسحةُ الأمَلِ

ويحتمل أن المراد أنكم إذا ذكرتموه في شدة وسعها عليكم لأنكم تذكرون أنكم لاقون ما هو أشد منها وهو الموت فترونها متسعة فطبتم بها نفسا (ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه) لأنّ فراق المحبوب مكروه وعرفت وجه التعليل بذلك قريبا كما قيل:

أَشَدُّ الغَمِّ عِندي في سُرورٍ

تَيَقَّنَ عَنهُ صاحِبُهُ اِنتِقالا

(حب هب عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته (البزار عن أنس)(2).

1395 -

"أكثروا ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا، فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه، وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم (ابن أبي الدنيا عن أنس) ".

(أكثروا ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب) بالحاء والصاد مهملات يزيلها لما يحصل بذكره من انكسار القلب والخوف من لقاء الله (ويزهد في الدنيا فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه) كما سلف أن من ذكره في سعة ضيقها (وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم) كما سلف في قوله أجزأه (ابن أبي الدنيا عن أنس)(3)[1/ 400]

(1) والبيت لحسين بن علي الطغرائي (ت 455 - 513 هـ).

(2)

أخرجه ابن حبان (2993) والبيهقي في الشعب (10560) والبزار كما في مجمع الزوائد (10/ 308) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1211) والإرواء (682).

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا في ذكر الموت (48) وأخرجه أيضًا الديلمي (1/ 1/ 30) كما في السلسلة الضعيفة (6/ 412) رقم (2879)، وقال المناوي في الفيض (2/ 86) قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (10/ 228): إسناده ضعيف جدًا، في إسناده: عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة قال الحافظ في التقريب (5206) متروك رماه أبو حاتم بالوضع، وشيخه محمَّد بن زاذان المدني قال=

ص: 57

1396 -

"أكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء واليوم الأزهر فإن صلاتكم تعرض علي (هب) أبي هريرة (عد) أنس (ص) الحسن وخالد بن معدان".

(أكثروا الصلاة علي)(1) أي في الدعاء بالصلاة بنحو: اللَّهمَّ صلِّ على محمد وآله وسلّم، ونحوه من العبارات، قال في النهاية (2): أما قولنا: اللَّهم صلِّ على محمَّد فمعناه عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته وفي الآخرة بتشفيعه لأمته وتضعيف أجره ومثوبته، وقيل: لما أمر الله بالصلاة عليه فلم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله وقلنا: اللَّهم صلِّ على محمَّد لأنك أعلم بما يليق به وهذا الدعاء قد اختلف فيه هل يجوز إطلاقه على غير النبي أو لا؟ والصحيح أنه خاص به ولا يقال لغيره، وقال الخطابي: الصلاة بمعنى التعظيم والتكريم لا يقال لغيره والتي بمعنى الدعاء والتبريك تقال لغيره، ومنه اللَّهم صل على آل أبي أوفى، أي ترحم عليهم وبارك، وقيل: إن هذا خاص به ولكنه أثر به غيره وأما غيره فلا يجوز أنه يخص به أحد انتهى.

(في الليلة الغراء) أي المنيرة وهي ليلة الجمعة والغراء في الأصل الفرس ذات الغرة وهي بياض في الجبهة سميت الليلة بذلك لما فيها من الشرف عنده تعالى أو لأنّ يومها عظيم فهو غرتها (واليوم الأزهر) هو يوم الجمعة والأزهر الأبيض الحسن وقد شرف الله هذا اليوم وليلته وجعله عيد الأسبوع لأهل الإِسلام (فإن صلاتكم تعرض علي) هو علة للأمر بالإكثار من الصلاة في هذا اليوم وليلته وقد فسر هذا الغرض حديث عمار الآتي إن شاء الله تعالى أن الله

=الحافظ في التقريب (5882) متروك.

وقال الألباني في ضعيف الجامع (1110): ضعيف جدًا.

(1)

هذا العنوان وضع في الحاشية لهذا الحديث.

(2)

النهاية (3/ 95).

ص: 58

ملكًا أعطاه سمع العباد فليس من أحد يصلي عليَّ إلا بلغنيها (هب عن أبي هريرة عد عن أنس ص عن الحسن وخالد بن معدان) بفتح الميم وسكون العين المهملة بعدها مهملة (مرسلًا) ورواه الطبراني عن أبي هريرة (1).

1397 -

"أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة، وإن أحدًا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها"، (هـ) عن أبي الدرداء.

(أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإنه يوم مشهود) قد فسر هذه الشهادة قوله (تشهده) تحضره. (الملائكة) والمراد من شهودها إياه تعظيمها له وحضورها في مواقف طاعاته. (وإن أحدًا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حين يفرغ منها) وذكر هذا عند الأمر بالصلاة عليه في يوم الجمعة يدل أنها لا تعرض الصلاة عليه في غيره من الأيام إلا أن ظاهر حديث عمار الذي أشرنا إليه أنها تعرض عليه كلما صلى عليه المصلي (هـ)(2) عن أبي الدرداء ورجاله ثقات كما قال الشارح.

1398 -

"أكثروا عليَّ من الصلاة في كل جمعة فإن صلاة أمتي تعرض علىَّ في

(1) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (3034) وقال: هذا إسناد ضعيف بمرة. وأخرجه أيضًا: الديلمي (215). وابن عدي في الكامل (3/ 100) عن أنس وعزاه في كنز العمال (1/ 2139) لسعيد بن منصور عن الحسن وخالد بن معدان مرسلًا، وأخرجه البيهقي (5790) من رواية أنس. وأخرجه الطبراني في الأوسط (241)، وقال الهيثمي في المجمع (2/ 381): وفيه عبد المنعم بن بشير الأنصاري وهو ضعيف وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 158) منكر الحديث جدًا يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال الذهبي في الميزان (4/ 419) جرحه ابن معين واتهمه. وضعفه الألباني في الضعيفة (2253).

(2)

أخرجه ابن ماجه (1637)، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 328): إسناده جيد، قال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 288) وإسناده حسن، إلا أنه غير متصل، قال البخاري في "تاريخه": زيد عن (عبادة) مرسل. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1116) ثم تراجع وقال في صحيح الترغيب والترهيب (1672) حسن لغيره.

ص: 59

كل جمعة فمن كان أكثرهم علىَّ صلاةً كان أقربهم مني منزلة (هب عن أبي أمامة) ".

(أكثروا من الصلاة علي في كل يوم جمعة) ولعل حد الإكثار ذكره في ذلك اليوم أكثر من كل ذكر (فإن صلاة أمتي تعرض علي) أي صلاة كل فرد كما أفاده الحديث الأول (في كل يوم جمعة) ومفهومه لا في غيره إلا أن مفهومه لا يقاوم منطوق حديث عمار وحديث أبي هريرة الآتي في حرف الميم بلفظ: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام"، إلا أنه قد يقال فأي مزية بقيت ليوم الجمعة حيث صار كغيره من الأيام في إبلاغَ الصلاة عليه فيه؟، فيجاب بأن مزية الجمعة أنها تبلغ إليه الصلاة فيها في حين الفراغ من قولها كما قال حين تفرغ منها غضة طرية وفي غيره في الأيام تبلغ إليه في يومها لا في حينها وساعتها وفيه يتأمل إذ يقال أنه لم يذكر الإبلاغ في يوم الجمعة لمزيد مزية لها بل لبيان شرف ذلك اليوم على غيره من الأيام لأنه ينبغي للعباد أن يعظموا فيه من نالوا من كل خير بواسطته ويكون [1/ 401] قوله فإن صلاتكم تعرض علي ليس لتخصيص يوم الجمعة بذلك بل إفادة بعرضها عليه كعرضها في غيره (فمن كان أكثرهم علي صلاة) في الدنيا (كان أقربهم مني منزلة) في الآخرة (هب عن أبي أمامة) قال الشارح: رجاله ثقات لكن فيه انقطاع (1).

1399 -

"أكثروا علىَّ الصلاةَ في يوم الجمعة وليلة الجمعة فمن فعل ذلك كنت له شهيدا أو شافعا يوم القيامة (هب عن أنس) ".

(أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة) قدمه هنا لأنه أشرف من ليلته وقدمها في الأول لأنها الأقدم وجودًا (وليلة الجمعة فمن فعل ذلك كنت له

(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 249). وأخرجه أيضًا: في شعب الإيمان (3032) والديلمي (250). قال المنذري (2/ 328): رواه البيهقي بإسناد حسن إلا أن مكحولًا قيل: لم يسمع من أبي أمامة. وقال المناوي (2/ 87): أعله الذهبي في المهذب بأن مكحولًا لم يلق أبا أمامة فهو منقطع. وقال العجلوني (1/ 190): رواه البيهقي بإسناد جيد عن أبي أمامة.

ص: 60

شهيدًا) بما فعله من الصالحات أو من الصلاة بخصوصها (أو شفعًا) شك من الراوي (يوم القيامة) هب عن أنس ((1).

1400 -

"أكثروا الصلاةَ عليَّ فإن صلاتكم على مغفرة لذنوبكم واطلبوا لي الدرجة والوسيلة فإن وسيلتي عند ربي شفاعة لكم (ابن عساكر عن الحسن بن علي) ".

(أكثروا الصلاة علي فإن صلاتكم علي مغفرة لذنوبكم) سبب لمغفرتها لما في الحديث الصحيح عن أنس: "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات" وسيأتي، فإذا كانت الصلاة الواحدة فيها هذه الفوائد فالإكثار منها فيه الكثير من هذه الفوائد (واطلبوا لي الدرجة الوسيلة) وقد ورد حديث في كيفية طلبها له: اللَّهم آت محمَّد الوسيلة (2) الحديث، وهو وإن ورد فيما يقال عند الأذان فظاهر هذا الحديث الإطلاق، وأنها تطلب له الوسيلة في أي ساعة وهذا الدعاء تعبد لينال السائل الإثابة عليه وإلا فالظاهر أنه قد علم صلى الله عليه وسلم أنه صاحبها وفي النهاية (3): الوسيلة ما يتوسل به إلى الشيء والمراد بها في الحديث: القرب من الله وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة وقيل: هي منزلة من منازل الجنة كذا جاء في الحديث. انتهى.

(1) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (3033)، وابن عدي (3/ 102، ترجمة 636 درست بن زياد العنبري) وقال: أرجو أنه لا بأس به، وقال المناوي في الفيض (2/ 87) قال الذهبي: الأحاديث في هذا الباب عن أنس طرقها ضعيفة وفي هذا السند بخصوصه درست بن زياد وهاه أبو زرعة وغيره ويزيد الرقاشي قال النسائي وغيره متروك.

وانظر ترجمة درست بن زياد في الميزان (3/ 42)، وانظر ترجمة يزيد الرقاشي في الميزان (7/ 232) والتقريب (7683). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1117).

(2)

أخرجه البخاري (4442)، وهو الدعاء حين يسمع النداء، وأبو داود (529)، وغيرهما.

(3)

النهاية (5/ 184).

ص: 61

قلت: وقد فسرها في هذا الحديث بقوله (فإن وسيلتي عند ربي شفاعة لكم) فأفاد أنها الشفاعة ولا مانع من أن يكون لفظًا مشتركًا بين معان متعددة فحمل في كل حديث على ما يوافقها (ابن عساكر عن الحسن بن علي) ابن أبي طالب رضي الله عنه (1).

1401 -

"أكثروا من الصلاة على موسى فما رأيت أحدًا من الأنبياء أحوط على أمتي منه (ابن عساكر عن أنس) ".

(أكثروا الصلاة على موسى) هو ابن عمران فيه رد على ما رُوي عن مالك أنها لا تجوز الصلاة على أحد من الأنبياء سوى محمَّد صلى الله عليه وسلم إلا أنه قال القاضي عياض: أنه غير معروف من مذهبه كراهة الصلاة على غير الأنبياء ثم قال القاضي: والذي أميل إليه وعليه المحققون ما قاله مالك وسفيان، ورُوي عن ابن عباس واختاره غير واحد من الفقهاء أنه لا يصلى على غير الأنبياء عند ذكرهم بل هو شيء يختص به الأنبياء توقيرًا لهم وتعزيزًا كما يخص الله عند ذكره بالتنزيه والتقديس والتعظيم ولا يشاركه فيه غيره، كذلك يختص النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء بالصلاة والتسليم ولا يشاركه فيه سواهم كما أمر الله تعالى بقوله:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] ويذكر غيرهم من الأئمة بالغفران والرضوان كما قال تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10]، وقال:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رضي الله عنهم} [التوبة: 100] انتهى.

ونقل عن البعض جوازه على كل أحد ففي المسألة ثلاثة أقوال: اختصاص

(1) أخرجه ابن عساكر (61/ 381). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (2252) ضعيف جدًا فيه: نائب بن عمرو الشيباني قال البخاري: منكر الحديث، وقال الدارقطني: ضعيف، انظر الميزان (7/ 3)، والحديث بيض له المناوي.

ص: 62

الرسول بذلك أعني محمدًا صلى الله عليه وسلم وهو المروي عن مالك وإن لم يكن معروفًا [1/ 402] من مذهبه، جوازه على كل أحد من الأنبياء وغيرهم، اختصاص الأنبياء بذلك دون غيرهم (فما رأيت أحدًا من الأنبياء أحوط) من حاطه يحوطه حوطا وحاطه إذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه وقد ظهرت حياطة موسى على الأمة ليلة الإسراء ومراجعته في فريضة الصلاة كما هو معروف في حديث ليلة الإسراء (على أمتي منه) وفي الحديث الأمر بالمكافأة على الإحسان بالدعاء والثناء (ابن عساكر عن أنس)(1).

1402 -

"أكثروا في الجنازة قول لا إله إلا الله (الديلمي عن أنس) ".

(أكثروا في الجنازة) كأن المراد في المشي خلفها (قول لا إله إلا الله) فهو أشرف الذكر وخير ما قاله العبد وفيه دليل لما يفعله أهل اليمن من قوله: خلف الميت عند المشي به فإن القول يعم الجهر والسر (فر عن أنس) بإسناد فيه مقال (2).

1403 -

"أكثروا من قول القرينتين سبحان الله وبحمده (ك في تاريخه عن علي) (ض) ".

(أكثروا من قول القرينتين) القرين الصاحب والتأنيث باعتبار الكلمة وإنما كانتا قرينتين لأنه صلى الله عليه وسلم علمهما كذلك فاقترنتا في التعليم أو لأنّ الأولى تفيد التنزيه

(1) أخرجه ابن عساكر (61/ 168). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1114)، وقال في الضعيفة (2886): منكر، في إسناده سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال الحافظ في التقريب (2358) ثقة إمام سواه أحمد بالأوزاعي وقدمه أبو مسهر لكنه اختلط في آخر عمره، وشيخه يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك قال الحافظ في التقريب (7748) صدوق ربما وهم.

(2)

أخرجه الديلمى (1/ 1/ 32).

وقال المناوى (2/ 88)، والعجلونى (1/ 188): رواه الديلمى بسند فيه مقال وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1113) والسلسلة الضعيفة (2881). في إسناده سعد بن سنان قال الحافظ في التقريب (2238) صدوق له أفراد، وقال الذهبي في المغني (2344) ضعفوه.

ص: 63

وهو تخلية بالخاء المعجمة والثانية تفيد إثبات الحمد له وهو تحلية بالحاء المهملة وهما لا يفترقان أعني التخلية والتحلية ثم بينهما بالإبدال بقوله (سبحان الله وبحمده) تقدم الكلام في هذه الواو (ك في تاريخه عن علي) رمز المصنف لضعفه (1).

1404 -

"أكثروا من قول لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها ولقنوها موتاكم (ع عد عن أبي هريرة) ".

(أكثروا قول لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها) بالإصمات بالموت (ولقنوها موتاكم) من هم في سياق الموت وسياق كربه فتسميتهم موتى مجاز من مجاز المشارفة والأمر بالتلقين لما ثبت من حديث: "من كان آخر قوله لا إله إلا الله دخل الجنة"(2)(ع عد عن أبي هريرة)(3).

1405 -

"أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنوز الجنة (عد) عن أبي هريرة (ض).

(أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله) أي من قولها. (فإنها من كنوز الجنة) تقدم بلفظه. (عد) عن أبي هريرة (4).

1406 -

"أكثروا من تلاوة القرآن في بيوتكم فإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره ويكثر شره ويضيق على أهله (قط في الإفراد عن أنس وجابر) ".

(1) أخرجه الديلمى (249)، وهو في كنز العمال (1997)، قال المناوي في الفيض (2/ 88) فيه جماعة من رجال الشيعة كلهم متكلم فيهم. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1120).

(2)

أخرجه مسلم (26).

(3)

أخرجه أبو يعلى (6147) قال الهيثمي (10/ 82): رجاله رجال الصحيح غير ضمام بن إسماعيل وهو ثقة وابن عدى (4/ 103 ترجمة 953 ضمام بن إسماعيل)، والخطيب (3/ 38)، وابن عساكر (61/ 225)، والرافعي (4/ 74). وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة (467).

(4)

أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 248)، وقال الألباني في صحيح الجامع (1214): صحيح.

ص: 64

(أكثروا من تلاوة القرآن في بيوتكم فإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره) وإذا فاتته تلاوة القرآن فيه فأي خير فيه (ويكثر شره) تقدم ما يمنع عنه الشرور (ويضيق على أهله) أي يضيق نفوسهم وصدورهم ويفيد أن الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره ويقل شره ويتسع على أهله (قط في الإفراد عن أنس وجابر) سكت عليه المصنف وقال الشارح: ضعفه مخرجه الدارقطني (1).

1407 -

"أكثروا من غرس الجنة فإنه عذب ماؤها طيب ترابها فأكثروا من غراسها لا حول ولا قوة إلا بالله (طب عن ابن عمر) "(ح).

(أكثروا من غرس الجنة) بغين معجمة مفتوحة وسكون الراء مصدر غرس الشجرة أثبتها في الأرض (فإنه) أي الشأن (عذب ماؤها طيب ترابها) وبهما ينموا الغرس ويحسن (فأكثروا من غراسها) الفاء تفريع على التعليل والأولى تعليل للأمر بالإكثار من غرسها وكرر الأمر بالإكثار زيادة للحث عليه، والغراس بكسر المعجمة يحتمل أنه أحد مصدر غرس أو أنه جمع للغرس وجمعه تأكيد على تأكيد للأمر بالإكثار كأنه قال: أكثروا من غرسها ثم قال: أكثروا من الجمع نفسه وكأنه قيل: ما غراسها قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله) وفي هذا الحديث من الحث على هذه الكلمة والإتيان بها ما لا يخفى، وإطلاق الغرس استعارة مصرحة سببه ما يؤتى به من هذه الكلمة الشريفة بالأسحار التي يقصد نماؤها ويطلب خيرها ويرجى نفعها وذكر التراب والماء ترسيخ

(2)(طب عن ابن عمر) رمز المصنف لحسنه (3).

(1) أخرجه أيضًا: الديلمي (246) من طريق الدارقطني وقال الهيثمي في المجمع (7/ 355): رواه البزار وقال: لم يروه إلا أنس وفيه عمر بن نبهان وهو ضعيف. انظر التقريب (4975) والمغني (4559) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3044) والسلسلة الضعيفة (2882).

(2)

هنا كلمتان مطموستان لم أستطع قراءتهما.

(3)

أخرجه الطبراني (12/ 364، رقم 13354). قال الهيثمي (10/ 98): فيه عقبة بن علي، وهو =

ص: 65