المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر البيان أن الله عز وجل في السماء كما أخبرنا في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه عليه السلام، وكما هو مفهوم في فطرة المسلمين، علمائهم وجهالهم، أحرارهم ومماليكهم، ذكرانهم وإناثهم، بالغيهم وأطفالهم، كل من دعا الله جل وعلا: فإنما يرفع رأسه إلى السماء - التوحيد لابن خزيمة - جـ ١

[ابن خزيمة]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ خَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِثْبَاتِ النَّفْسِ لِلَّهِ عز وجل عَلَى مِثْلِ مُوَافَقَةِ التَّنْزِيلِ الَّذِي بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَسْطُورٌ، وَفِي الْمَحَارِيبِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتَ وَالسِّكَكِ مَقْرُوءٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الْعِلْمِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْوَحْيِ الْمُنَزِّلِ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، الَّذِي يَقْرَأُ فِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ عِلْمِ الْعَامِّ، لَا بِنَقْلِ الْأَخْبَارِ الَّتِي هِيَ مِنْ نَقْلِ عِلْمِ الْخَاصِّ، ضِدَّ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَتَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ، مُوَافَقَةً لِمَا تَلَوْنَا مِنَ التَّنْزِيلِ الَّذِي هُوَ بِالْقُلُوبِ مَحْفُوظٌ، وَبَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَكْتُوبٌ، وَفِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ مَقْرُوءٌ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ صُورَةِ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلَا وَصِفَةِ سُبُحَاتِ وَجْهِهِ عز وجل تَعَالَى رَبُّنَا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ رَبِّنَا كَوَجْهِ بَعْضِ خَلْقِهِ، وَعَزَّ أَلَا يَكُونَ لَهُ وَجْهٌ، إِذِ اللَّهُ قَدْ أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّ لَهُ وَجْهًا، ذَوَّاهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَنَفَى عَنْهُ الْهَلَاكَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: تَأَوَّلَهَا بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهَا فَفَتَنَ عَالِمًا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَبَاوَةِ، حَمَلَهُمُ الْجَهْلُ - بِمَعْنَى الْخَبَرِ - عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ، جَلَّ وَعَلَا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ مِثْلَ وَجْهِهِ، الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ السَّمْعِ وَالرُّؤْيَةِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا الَّذِي هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ: سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَمَنْ كَانَ مَعْبُودُهُ غَيْرَ سَمِيعٍ بَصِيرٍ، فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ، يَعْبُدُ غَيْرَ الْخَالِقِ الْبَارِئِ، الَّذِي هُوَ سِمِيعٌ بَصِيرٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [

- ‌بَابُ الْبَيَانِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَثْبِيتِ السَّمْعِ والْبَصَرِ للَّهِ، مُوَافِقًا لِمَا يَكُونُ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا، إِذْ سُنَنُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا ثَبَتَتْ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ لَا تَكُونُ أَبَدًا إِلَّا مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ، حَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهَا أَبَدًا مُخَالِفًا لِكِتَابِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِثْبَاتِ يَدِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مُوَافِقًا لِمَا تَلَوْنَا مِنْ تَنْزِيلِ رَبِّنَا لَا مُخَالِفًا قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَعْلَى دَرَجَتَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ عَنْ أَنْ يَقُولَ إِلَّا مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ وَحْيِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ قِصَّةٍ ثَابِتَةٍ فِي إِثْبَاتِ يَدِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيَانًا أَنَّ اللَّهَ خَطَّ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ لِكَلِيمِهِ مُوسَى، وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ الْجَهْمِيَّةِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ ثَالِثَةٍ فِي إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلَّهِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ وَكَتَبَ اللَّهُ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ رَحْمَتَهُ تَغْلِبُ غَضَبَهُ، وَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي نَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِثْبَاتُ صِفَتَيْنِ لِخَالِقِنَا الْبَارِئِ، مِمَّا ثَبَتَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالْإِمَامِ الْمُبِينِ ذَكَرَ النَّفْسَ وَالْيَدَ جَمِيعًا وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ رَابِعَةٍ مُبَيِّنَةٍ لِيَدَيْ خَالِقِنَا عز وجل مَعَ الْبَيَانِ: أَنَّ لِلَّهِ يَدَيْنِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ، أَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدَيْهِ، وَكَمَا أَعْلَمَنَا أَنَّ لَهُ يَدَيْنِ مَبْسُوطَتَيْنِ، يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ خَامِسَةٍ تُثْبِتُ أَنَّ لِمَعْبُودِنَا يَدًا يَقْبَلُ بِهَا صَدَقَةَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَنْ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ كَيَدِ الْمَخْلُوقِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ خَلْقِ اللَّهِ آدَمُ عليه السلام وَالْبَيَانِ الشَّافِي أَنَّهُ خَلْقَهُ بِيَدَيْهِ، لَا بِنِعْمَتَيْهِ، عَلَى مَا زَعَمَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ، إِذْ قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ بِنِعْمَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ قَبْضَةً ، فَيَخْلُقُ مِنْهَا بَشَرًا، وَهَذِهِ السُّنَّةُ السَّادِسَةُ فِي إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلْخَالِقِ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ تَاسِعَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ غَرَسَ كَرَامَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِيَدِهِ وَخَتَمَ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ عَاشِرَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ وَهُوَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ قَبْضَ اللَّهِ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَطَيَّهُ جَلَّ وَعَلَا سَمَاوَاتِهِ بِيَمِينِهِ، مِثْلَ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَصَاحِفِ، مَتْلُوٌّ فِي الْمَحَارِيبِ، وَالْكَتَاتِيبِ ، وَالْجُدُورِ

- ‌بَابُ تَمْجِيدِ الرَّبِّ عز وجل نَفْسَهُ عِنْدَ قَبْضَتِهِ الْأَرْضَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَطَيِّهِ السَّمَاءَ بِالْأُخْرَى، وَهُمَا يَمِينَانِ لِرَبِّنَا، لَا شِمَالَ لَهُ تَعَالَى رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَهِيَ السُّنَّةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي تَثْبِيتِ يَدَيْ خَالِقِنَا عز وجل

- ‌ بَابُ ذِكْرِ السُّنَّةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيْ رَبِّنَا عز وجل وَهِيَ الْبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَقْبِضُ الْأَرْضَ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَعْدَ مَا يَبْدُو لَهَا فَتَصِيرُ الْأَرْضُ خُبْزَةً لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقْبِضُهَا وَهِيَ طِينٌ وَحِجَارَةٌ ، وَرَضْرَضٌ ، وحَمْأَةٌ ، وَرَمَلٌ ، وَتُرَابٌ

- ‌بَابُ السُّنَّةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيِ اللَّهِ عز وجل وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ يَدَيِ اللَّهِ يُبْسَطَانِ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ لِيَتُوبَ بِالنَّهَارِ ، وَلِمُسِيءِ النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِمْسَاكِ اللَّهِ تبارك وتعالى اسْمُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا عَلَى أَصَابِعِهِ جَلَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ تَكُونَ أَصَابِعُهُ كَأَصَابِعِ خَلْقِهِ، وَعَنْ أَنْ يُشْبِهَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ صِفَاتِ خَلْقِهِ، وَقَدْ أَجَلَّ اللَّهُ قَدْرَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنْ يُوصَفَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ الْأَصَابِعِ لِلَّهِ عز وجل مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِيلًا لَهُ لَا حِكَايَةً عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ أَنَّ خَبَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ الْيَهُودِ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، تَصْدِيقًا

- ‌ بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الرِّجْلِ لِلَّهِ عز وجل وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ الْمُعَطِّلَةِ الْجَهْمِيَّةِ، الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِصِفَاتِ خَالِقِنَا عز وجل الَّتِي أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ ، وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ عز وجل يَذْكُرُ مَا يَدْعُو بَعْضُ الْكُفَّارِ مِنْ دُونِ اللَّهِ: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا، أَمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل فِي السَّمَاءِ كَمَا أَخْبَرَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عليه السلام، وَكَمَا هُوَ مَفْهُومٌ فِي فِطْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، عُلَمَائِهِمْ وَجُهَّالِهِمْ، أَحْرَارِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ، ذُكْرَانِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، بَالِغِيهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ، كُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا: فَإِنَّمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُثْبَتَةِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّهُ فِي السَّمَاءِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي وَحْيِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، إِذْ لَا تَكُونُ سُنَّتُهُ أَبَدًا الْمَنْقُولَةُ عَنْهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ إِلَّا مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ لَا مُخَالِفَةً لَهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل فِي السَّمَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌أَبْوَابُ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ لِلَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا كَلَّمَ مُوسَى عليه السلام مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ اللَّهِ تبارك وتعالى وَبَيْنَ مُوسَى عليه السلام رَسُولٌ يُبَلِّغُهُ كَلَامَ رَبِّهِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُوسَى عليه السلام يَرَى رَبَّهُ عز وجل فِي وَقْتِ كَلَامِهِ إِيَّاهُ

- ‌بَابُ صِفَةِ تَكَلُّمِ اللَّهِ بِالْوَحْيِ وَشِدَّةِ خَوْفِ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ، وَذِكْرِ صَعْقِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَسُجُودِهِمْ لِلَّهِ عز وجل

- ‌بَابٌ مِنْ صِفَةِ تَكَلُّمِ اللَّهِ عز وجل بِالْوَحْيِ وَالْبَيَانِ أَنَّ كَلَامَ رَبِّنَا عز وجل لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ، لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ كَلَامٌ مُتَوَاصِلٌ، لَا سَكْتَ بَيْنَهُ، وَلَا سَمْتَ، لَا كَكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ سَكْتٌ وَسَمْتٌ، لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ أَوِ التَّذَاكُرِ، أَوِ الْعِيِّ، مُنَزَّهٌ اللَّهُ مُقَدَّسٌ مِنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ

- ‌بَابُ صِفَةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْبَيَانُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَسْمَعُ بِالْوَحْيِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، صَوْتًا كَصَلْصَلَةِ الْجَرَسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ بَعْضَ طُرُقِ الْخَبَرِ فِي كِتَابِ صِفَةِ نُزُولِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ عز وجل وَبَيْنَ عِبَادِهِ بِذِكْرِ لَفْظٍ عَامٍ مُرَادُهُ خَاصٌّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ مَا يُكَلِّمِ بِهِ الْخَالِقُ جَلَّ وَعَلَا عِبَادَهُ مِمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ وَالْبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ أَيْضًا تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ الشَّافِي لِصِحَّةِ مَا تَرْجَمْتُهُ لِلْبَابِ قَبْلَ هَذَا إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا وَذِكْرِ إِقْرَارِ الْكَافِرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِكُفْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ إِقْرَارُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَظُنُّ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ فِي

- ‌بَابُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي قَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ يُرِيدُ مَغْفِرَتَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَبَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ الْكَافِرَ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا غَيْرَ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ، كَاذِبًا عَلَى رَبِّهِ، ضَالًّا عَنْ سَبِيلِهِ ، كَافِرًا بِالْآخِرَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيِانِ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَمِنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ عز وجل الَّذِي بِهِ يَكُونُ خَلْقُهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ الَّذِي يُكَوِّنُهُ بِكَلَامِهِ وَقَوْلِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى نَبْذِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ

- ‌بَابٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ الْخَالِقِ، وَقَوْلَهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لَا كَمَا زَعَمَتِ الْكَفَرَةُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ

الفصل: ‌باب ذكر البيان أن الله عز وجل في السماء كما أخبرنا في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه عليه السلام، وكما هو مفهوم في فطرة المسلمين، علمائهم وجهالهم، أحرارهم ومماليكهم، ذكرانهم وإناثهم، بالغيهم وأطفالهم، كل من دعا الله جل وعلا: فإنما يرفع رأسه إلى السماء

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل فِي السَّمَاءِ كَمَا أَخْبَرَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عليه السلام، وَكَمَا هُوَ مَفْهُومٌ فِي فِطْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، عُلَمَائِهِمْ وَجُهَّالِهِمْ، أَحْرَارِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ، ذُكْرَانِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، بَالِغِيهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ، كُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا: فَإِنَّمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ

وَيَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ، إِلَى أَعْلَاهُ لَا إِلَى أَسْفَلَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا اسْتِوَاءَ رَبِّنَا عَلَى الْعَرْشِ فِي الْبَابِ قَبْلُ، فَاسْمَعُوا الْآنَ مَا أَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، مَقْرُوءٌ فِي الْمَحَارِيبِ

ص: 254

وَالْكَتَاتِيبِ، مِمَّا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي التَّنْزِيلِ أَنَّ الرَّبَّ جَلَّ وَعَلَا فِي السَّمَاءِ، لَا كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ: إِنَّهُ فِي أَسْفَلِ الْأَرَضِينَ فَهُوَ فِي السَّمَاءِ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهُ التَّابِعَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضُ} [الملك: 16] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: 17] ، أَفَلَيْسَ قَدْ أَعْلَمَنَا - يَا ذَوِي الْحِجَا - خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ وَقَالَ عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعْهُ} [فاطر: 10] ، أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْحِجَا وَالْأَلْبَابِ أَنَّ الرَّبَّ جَلَّ وَعَلَا فَوْقَ مَنْ يَتَكَلَّمْ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، فَتَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ كَلِمَتُهُ؟، لَا كَمَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ أَنَّهُ تَهْبِطُ إِلَى اللَّهِ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ كَمَا تَصْعَدُ إِلَيْهِ أَلَمْ تَسْمَعُوا يَا طُلَّابَ الْعِلْمِ، قَوْلَهُ تبارك وتعالى لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ:{يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] ، أَلَيْسَ إِنَّمَا يَرْفَعُ الشَّيْءَ مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى، لَا مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ؟

ص: 255

وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158] ، وَمُحَالٌ أَنْ يَهْبِطَ الْإِنْسَانُ مِنْ ظَهْرِ الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، أَوْ إِلَى مَوْضِعٍ أَخْفَضَ مِنْهُ وَأَسْفَلَ فَيُقَالُ: رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، لِأَنَّ الرِّفْعَةَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ - الَّذِينَ بِلُغَتِهِمْ خُوطِبْنَا - لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى وَفَوْقَ أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ خَالِقِنَا جَلَّ وَعَلَا يَصِفُ نَفْسَهُ:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] ، أَوَ لَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا، إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ جَمِيعِ عِبَادِهِ، مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَالْمَلَائِكَةِ، الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ السَّمَاوَاتِ جَمِيعًا؟ أَوَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ الْخَالِقِ الْبَارِئِ {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ، وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] فَأَعْلَمَنَا الْجَلِيلُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا أَنَّ رَبَّنَا فَوْقَ مَلَائِكَتِهِ، وَفَوْقَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَا فِي الْأَرْضِ، مِنْ دَابَّةٍ، أَعْلَمَنَا أَنَّ مَلَائِكَتَهُ يَخَافُونَ رَبَّهُمُ الَّذِي فَوْقَهُمْ وَالْمُعَطِّلَةُ تَزْعُمُ أَنَّ مَعْبُودَهُمْ تَحْتَ الْمَلَائِكَةِ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ خَالِقنَا:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5] ، أَلَيْسَ مَعْلُومًا فِي اللُّغَةِ السَّائِرَةِ بَيْنَ الْعَرَبِ

ص: 256

الَّتِي خُوطِبْنَا بِهَا وَبِلِسَانِهِمْ نَزَلَ الْكِتَابُ، أَنَّ تَدْبِيرَ الْأَمْرِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، إِنَّمَا يُدَبِّرُهُ الْمُدَبَّرُ، وَهُوَ فِي السَّمَاءِ لَا فِي الْأَرْضِ، كَذَلِكَ مَفْهُومُ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الْمَعَارِجَ: الْمَصَاعِدُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] ، وَإِنَّمَا يَعْرُجُ الشَّيْءُ مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى وَفَوْقَ، لَا مِنْ أَعْلَى إِلَى دُونَ وَأَسْفَلَ، فَتَفَهَّمُوا لُغَةَ الْعَرَبِ لَا تَغَالَطُوا وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] فَالْأَعْلَى: مَفْهُومٌ فِي اللُّغَةِ: أَنَّهُ أَعْلَى شَيْءٍ، وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، وَاللَّهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ تَنْزِيلِهِ وَوَحْيِهِ، أَعْلَمَنَا أَنَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، أَفَلَيْسَ الْعَلِيُّ يَا ذَوِي الْحِجَا مَا يَكُونُ عَلِيًّا، لَا كَمَا تَزْعُمُ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ أَنَّهُ أَعْلَى وَأَسْفَلُ، وَوَسَطٌ، وَمَعَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ أَرْضٍ وَسَمَاءٍ، وَفِي أَجْوَافِ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ وَلَوْ تَدَبَّرُوا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَوَفَّقَهُمُ اللَّهُ لِفَهْمِهَا: لَعَقَلُوا أَنَّهُمْ جُهَّالٌ، لَا يَفْهَمُونَ مَا يَقُولُونَ، وَبِأَنَّ لَهُمْ جَهْلَ أَنْفُسِهِمْ، وَخَطَأَ مَقَالَتِهِمْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا سَأَلَهُ كَلِيمُهُ مُوسَى عليه السلام أَنَّ يُرِيَهُ يَنْظُرَ إِلَيْهِ قَالَ:{لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} [الأعراف: 143] إِلَى قَوْلِهِ: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف

ص: 257

: 143] أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْأَلْبَابِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، وَمَعَ كُلِّ بَشَرٍ وَخَلْقٍ كَمَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ، لَكَانَ مُتَجَلِّيًا لِكُلِّ شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ، لَوْ كَانَ مُتَجَلِّيًا لِجَمِيعِ أَرْضِهِ سَهْلِهَا وَوَعْرِهَا وَجِبَالِهَا، وَبَرَارِيهَا وَمَفَاوِزِهَا، وُمُدُنِهَا وَقُرَاهَا، وَعُمْرَانِهَا وَخَرَابِهَا، وَجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ نَبَاتٍ، وَبِنَاءٍ لَجَعَلَهَا دَكًّا كَمَا جَعَلَ اللَّهُ الْجَبَلَ الَّذِي تَجَلَّى لَهُ دَكًّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]

ص: 258

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالُوا: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ

⦗ص: 259⦘

ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] قَالَ: بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالْخِنْصَرِ مِنَ الظُّفْرِ يُمْسِكُهُ بِالْإِبْهَامِ قَالَ: فَقَالَ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، دَعْ هَذَا، مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: فَضَرَبَ ثَابِتٌ مَنْكِبَ حُمَيْدٍ، وَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ؟، وَمَا أَنْتَ يَا حُمَيْدُ، حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ أَنْتَ: دَعْ هَذَا

⦗ص: 260⦘

، هَذَا لَفْظُهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ عَلِيٌّ: ثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي قَوْلِهِ:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] قَالَ: هَكَذَا، وَوَصَفَ مُعَاذٌ أَنَّهُ أَخْرَجَ أَوَّلَ مَفْصِلٍ مِنْ خِنْصَرِهِ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ فَضَرَبَ صَدْرَهُ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: فَمَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ، يُحَدِّثُنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ: أَنْتَ مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ غَيْرَ أَنَّ الزَّعْفَرَانِيَّ قَالَ: هَكَذَا وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ الْيُسْرَى عَلَى طَرَفِ خِنْصَرِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى الْعِقْدِ الْأَوَّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: ثنا أَبِي، ثنا حَمَّادُ بْنُ

⦗ص: 261⦘

سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ رَفَعَ خِنْصَرَهُ وَقَبَضَ عَلَى مَفْصِلٍ مِنْهَا فَانْسَاخَ الْجَبَلُ» ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ: أَتُحَدِّثَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ: لَا تُحَدِّثْ بِهِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] قَالَ: تَجَلَّى قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَوَصَفَ عَفَّانُ بِطَرَفِ إِصْبَعِهِ الْخِنْصَرِ، قَالَ: فَسَاخَ الْجَبَلُ، فَقَالَ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ: أَتُحَدِّثَ بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالَ: فَرَفَعَ ثَابِتٌ يَدَهُ، فَضَرَبَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ أَنَسٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: أَتُحَدِّثَ بِمِثْلِ هَذَا؟

⦗ص: 262⦘

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ} [الأعراف: 143] مُوسَى صَعِقًا، قَالَ: فَحَكَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ خِنْصَرَهُ عَلَى إِبْهَامِهِ فَسَاحَ الْجَبَلُ فَتَقَطَّعَ

⦗ص: 263⦘

. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مِنْهَالٍ، حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِمِثْلِهِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِهَذَا نَحْوَ حَدِيثِهِمْ. فَاسْمَعُوا يَاذَوِي الْحِجَا دَلِيلًا آخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: أَنَّ اللَّهَ جَلَا وَعَلَا فِي السَّمَاءِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ مَعَ كُفْرِهِ وَطُغْيَانِهِ قَدْ أَعْلَمَهُ مُوسَى عليه السلام بِذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ خَالِقَ الْبَشَرِ فِي السَّمَاءِ

⦗ص: 264⦘

أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ يَحْكِي عَنْ فِرْعَوْنَ قَوْلَهُ: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: 37] فَفِرْعَوْنُ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ يَأْمُرُ بِبِنَاءِ صَرْحٍ، فَحَسِبَ أَنَّهُ يَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى، وَفِي قَوْلِهِ:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 37]، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مُوسَى قَدْ كَانَ أَعْلَمَهُ أَنَّ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَعْلَى وَفَوْقَ وَأَحْسَبُ أَنَّ فِرْعَوْنَ إِنَّمَا قَالَ لِقَوْمِهِ:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 37] ، اسْتِدْرَاجًا مِنْهُ لَهُمْ، كَمَا خَبَّرَنَا جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُّوًا} [النمل: 14] فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ هَذِهِ الْفِرْقَةَ جَحَدَتْ - يُرِيدُ بِأَلْسِنَتِهِمْ - لَمَّا اسْتَيْقَنَتْهَا قُلُوبُهُمْ، فَشُبِّهَ أَنْ يَكُونَ فِرْعَوْنُ إِنَّمَا قَالَ لِقَوْمِهِ:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 37] وَقَلْبُهُ: أَنَّ كَلِيمَ اللَّهِ مِنَ الصَّادِقِينَ، لَا مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَكَانَ فِرْعَوْنُ مُسْتَيْقِنًا بِقَلْبِهِ عَلَى مَا أَوَّلْتُ أَمْ مُكَذِّبًا بِقَلْبِهِ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُ صَادِقٍ وَخَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام عَالِمٌ فِي ابْتِدَاءِ النَّظَرِ إِلَى الْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ أَنَّ خَالِقَهُ عَالٍ فَوْقَ خَلْقِهِ حِينَ نَظَرَ إِلَى الْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ:{هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76] ، وَلَمْ يَطْلُبْ مَعْرِفَةَ خَالِقِهِ، مِنْ أَسْفَلَ، إِنَّمَا طَلَبَهُ مِنْ أَعْلَى مُسْتَيْقِنًا عِنْدَ نَفْسِهِ أَنَّ رَبِّهِ فِي السَّمَاءِ لَا فِي الْأَرْضِ

ص: 258