المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر البيان من كتاب ربنا المنزل على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الفرق بين كلام الله عز وجل الذي به يكون خلقه وبين خلقه الذي يكونه بكلامه وقوله ، والدليل على نبذ قول الجهمية الذين يزعمون أن كلام الله مخلوق - التوحيد لابن خزيمة - جـ ١

[ابن خزيمة]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ خَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِثْبَاتِ النَّفْسِ لِلَّهِ عز وجل عَلَى مِثْلِ مُوَافَقَةِ التَّنْزِيلِ الَّذِي بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَسْطُورٌ، وَفِي الْمَحَارِيبِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتَ وَالسِّكَكِ مَقْرُوءٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الْعِلْمِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْوَحْيِ الْمُنَزِّلِ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، الَّذِي يَقْرَأُ فِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ عِلْمِ الْعَامِّ، لَا بِنَقْلِ الْأَخْبَارِ الَّتِي هِيَ مِنْ نَقْلِ عِلْمِ الْخَاصِّ، ضِدَّ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَتَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ، مُوَافَقَةً لِمَا تَلَوْنَا مِنَ التَّنْزِيلِ الَّذِي هُوَ بِالْقُلُوبِ مَحْفُوظٌ، وَبَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَكْتُوبٌ، وَفِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ مَقْرُوءٌ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ صُورَةِ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلَا وَصِفَةِ سُبُحَاتِ وَجْهِهِ عز وجل تَعَالَى رَبُّنَا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ رَبِّنَا كَوَجْهِ بَعْضِ خَلْقِهِ، وَعَزَّ أَلَا يَكُونَ لَهُ وَجْهٌ، إِذِ اللَّهُ قَدْ أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّ لَهُ وَجْهًا، ذَوَّاهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَنَفَى عَنْهُ الْهَلَاكَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: تَأَوَّلَهَا بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهَا فَفَتَنَ عَالِمًا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَبَاوَةِ، حَمَلَهُمُ الْجَهْلُ - بِمَعْنَى الْخَبَرِ - عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ، جَلَّ وَعَلَا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ مِثْلَ وَجْهِهِ، الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ السَّمْعِ وَالرُّؤْيَةِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا الَّذِي هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ: سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَمَنْ كَانَ مَعْبُودُهُ غَيْرَ سَمِيعٍ بَصِيرٍ، فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ، يَعْبُدُ غَيْرَ الْخَالِقِ الْبَارِئِ، الَّذِي هُوَ سِمِيعٌ بَصِيرٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [

- ‌بَابُ الْبَيَانِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَثْبِيتِ السَّمْعِ والْبَصَرِ للَّهِ، مُوَافِقًا لِمَا يَكُونُ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا، إِذْ سُنَنُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا ثَبَتَتْ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ لَا تَكُونُ أَبَدًا إِلَّا مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ، حَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهَا أَبَدًا مُخَالِفًا لِكِتَابِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِثْبَاتِ يَدِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مُوَافِقًا لِمَا تَلَوْنَا مِنْ تَنْزِيلِ رَبِّنَا لَا مُخَالِفًا قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَعْلَى دَرَجَتَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ عَنْ أَنْ يَقُولَ إِلَّا مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ وَحْيِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ قِصَّةٍ ثَابِتَةٍ فِي إِثْبَاتِ يَدِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيَانًا أَنَّ اللَّهَ خَطَّ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ لِكَلِيمِهِ مُوسَى، وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ الْجَهْمِيَّةِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ ثَالِثَةٍ فِي إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلَّهِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ وَكَتَبَ اللَّهُ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ رَحْمَتَهُ تَغْلِبُ غَضَبَهُ، وَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي نَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِثْبَاتُ صِفَتَيْنِ لِخَالِقِنَا الْبَارِئِ، مِمَّا ثَبَتَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالْإِمَامِ الْمُبِينِ ذَكَرَ النَّفْسَ وَالْيَدَ جَمِيعًا وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ رَابِعَةٍ مُبَيِّنَةٍ لِيَدَيْ خَالِقِنَا عز وجل مَعَ الْبَيَانِ: أَنَّ لِلَّهِ يَدَيْنِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ، أَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدَيْهِ، وَكَمَا أَعْلَمَنَا أَنَّ لَهُ يَدَيْنِ مَبْسُوطَتَيْنِ، يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ خَامِسَةٍ تُثْبِتُ أَنَّ لِمَعْبُودِنَا يَدًا يَقْبَلُ بِهَا صَدَقَةَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَنْ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ كَيَدِ الْمَخْلُوقِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ خَلْقِ اللَّهِ آدَمُ عليه السلام وَالْبَيَانِ الشَّافِي أَنَّهُ خَلْقَهُ بِيَدَيْهِ، لَا بِنِعْمَتَيْهِ، عَلَى مَا زَعَمَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ، إِذْ قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ بِنِعْمَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ قَبْضَةً ، فَيَخْلُقُ مِنْهَا بَشَرًا، وَهَذِهِ السُّنَّةُ السَّادِسَةُ فِي إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلْخَالِقِ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ تَاسِعَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ غَرَسَ كَرَامَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِيَدِهِ وَخَتَمَ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ عَاشِرَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ وَهُوَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ قَبْضَ اللَّهِ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَطَيَّهُ جَلَّ وَعَلَا سَمَاوَاتِهِ بِيَمِينِهِ، مِثْلَ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَصَاحِفِ، مَتْلُوٌّ فِي الْمَحَارِيبِ، وَالْكَتَاتِيبِ ، وَالْجُدُورِ

- ‌بَابُ تَمْجِيدِ الرَّبِّ عز وجل نَفْسَهُ عِنْدَ قَبْضَتِهِ الْأَرْضَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَطَيِّهِ السَّمَاءَ بِالْأُخْرَى، وَهُمَا يَمِينَانِ لِرَبِّنَا، لَا شِمَالَ لَهُ تَعَالَى رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَهِيَ السُّنَّةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي تَثْبِيتِ يَدَيْ خَالِقِنَا عز وجل

- ‌ بَابُ ذِكْرِ السُّنَّةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيْ رَبِّنَا عز وجل وَهِيَ الْبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَقْبِضُ الْأَرْضَ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَعْدَ مَا يَبْدُو لَهَا فَتَصِيرُ الْأَرْضُ خُبْزَةً لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقْبِضُهَا وَهِيَ طِينٌ وَحِجَارَةٌ ، وَرَضْرَضٌ ، وحَمْأَةٌ ، وَرَمَلٌ ، وَتُرَابٌ

- ‌بَابُ السُّنَّةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيِ اللَّهِ عز وجل وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ يَدَيِ اللَّهِ يُبْسَطَانِ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ لِيَتُوبَ بِالنَّهَارِ ، وَلِمُسِيءِ النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِمْسَاكِ اللَّهِ تبارك وتعالى اسْمُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا عَلَى أَصَابِعِهِ جَلَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ تَكُونَ أَصَابِعُهُ كَأَصَابِعِ خَلْقِهِ، وَعَنْ أَنْ يُشْبِهَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ صِفَاتِ خَلْقِهِ، وَقَدْ أَجَلَّ اللَّهُ قَدْرَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنْ يُوصَفَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ الْأَصَابِعِ لِلَّهِ عز وجل مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِيلًا لَهُ لَا حِكَايَةً عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ أَنَّ خَبَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ الْيَهُودِ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، تَصْدِيقًا

- ‌ بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الرِّجْلِ لِلَّهِ عز وجل وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ الْمُعَطِّلَةِ الْجَهْمِيَّةِ، الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِصِفَاتِ خَالِقِنَا عز وجل الَّتِي أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ ، وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ عز وجل يَذْكُرُ مَا يَدْعُو بَعْضُ الْكُفَّارِ مِنْ دُونِ اللَّهِ: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا، أَمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل فِي السَّمَاءِ كَمَا أَخْبَرَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عليه السلام، وَكَمَا هُوَ مَفْهُومٌ فِي فِطْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، عُلَمَائِهِمْ وَجُهَّالِهِمْ، أَحْرَارِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ، ذُكْرَانِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، بَالِغِيهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ، كُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا: فَإِنَّمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُثْبَتَةِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّهُ فِي السَّمَاءِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي وَحْيِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، إِذْ لَا تَكُونُ سُنَّتُهُ أَبَدًا الْمَنْقُولَةُ عَنْهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ إِلَّا مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ لَا مُخَالِفَةً لَهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل فِي السَّمَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌أَبْوَابُ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ لِلَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا كَلَّمَ مُوسَى عليه السلام مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ اللَّهِ تبارك وتعالى وَبَيْنَ مُوسَى عليه السلام رَسُولٌ يُبَلِّغُهُ كَلَامَ رَبِّهِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُوسَى عليه السلام يَرَى رَبَّهُ عز وجل فِي وَقْتِ كَلَامِهِ إِيَّاهُ

- ‌بَابُ صِفَةِ تَكَلُّمِ اللَّهِ بِالْوَحْيِ وَشِدَّةِ خَوْفِ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ، وَذِكْرِ صَعْقِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَسُجُودِهِمْ لِلَّهِ عز وجل

- ‌بَابٌ مِنْ صِفَةِ تَكَلُّمِ اللَّهِ عز وجل بِالْوَحْيِ وَالْبَيَانِ أَنَّ كَلَامَ رَبِّنَا عز وجل لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ، لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ كَلَامٌ مُتَوَاصِلٌ، لَا سَكْتَ بَيْنَهُ، وَلَا سَمْتَ، لَا كَكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ سَكْتٌ وَسَمْتٌ، لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ أَوِ التَّذَاكُرِ، أَوِ الْعِيِّ، مُنَزَّهٌ اللَّهُ مُقَدَّسٌ مِنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ

- ‌بَابُ صِفَةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْبَيَانُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَسْمَعُ بِالْوَحْيِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، صَوْتًا كَصَلْصَلَةِ الْجَرَسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ بَعْضَ طُرُقِ الْخَبَرِ فِي كِتَابِ صِفَةِ نُزُولِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ عز وجل وَبَيْنَ عِبَادِهِ بِذِكْرِ لَفْظٍ عَامٍ مُرَادُهُ خَاصٌّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ مَا يُكَلِّمِ بِهِ الْخَالِقُ جَلَّ وَعَلَا عِبَادَهُ مِمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ وَالْبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ أَيْضًا تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ الشَّافِي لِصِحَّةِ مَا تَرْجَمْتُهُ لِلْبَابِ قَبْلَ هَذَا إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا وَذِكْرِ إِقْرَارِ الْكَافِرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِكُفْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ إِقْرَارُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَظُنُّ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ فِي

- ‌بَابُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي قَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ يُرِيدُ مَغْفِرَتَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَبَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ الْكَافِرَ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا غَيْرَ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ، كَاذِبًا عَلَى رَبِّهِ، ضَالًّا عَنْ سَبِيلِهِ ، كَافِرًا بِالْآخِرَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيِانِ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَمِنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ عز وجل الَّذِي بِهِ يَكُونُ خَلْقُهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ الَّذِي يُكَوِّنُهُ بِكَلَامِهِ وَقَوْلِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى نَبْذِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ

- ‌بَابٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ الْخَالِقِ، وَقَوْلَهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لَا كَمَا زَعَمَتِ الْكَفَرَةُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ

الفصل: ‌باب ذكر البيان من كتاب ربنا المنزل على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الفرق بين كلام الله عز وجل الذي به يكون خلقه وبين خلقه الذي يكونه بكلامه وقوله ، والدليل على نبذ قول الجهمية الذين يزعمون أن كلام الله مخلوق

‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيِانِ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَمِنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ عز وجل الَّذِي بِهِ يَكُونُ خَلْقُهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ الَّذِي يُكَوِّنُهُ بِكَلَامِهِ وَقَوْلِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى نَبْذِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ

جَلَّ رَبُّنَا وَعَزَّ عَنْ ذَلِكَ

ص: 390

الْأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ: قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] فَفَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ الَّذِي بِهِ يَخْلُقُ الْخَلْقَ بِوَاوِ الِاسْتِئْنَافِ وَعَلَّمَنَا اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّهُ يَخْلُقُ الْخَلْقَ بِكَلَامِهِ وَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] الْفَرْقُ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ: فَأَعْلَمَنَا جَلَّ وَعَلَا أَنَّهُ يُكَوِّنُ كُلَّ مُكَوَّنٍ مِنْ خَلْقِهِ بِقَوْلِهِ: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] وَقَوْلُهُ: {كُنْ} [البقرة: 117] : هُوَ كَلَامُهُ الَّذِي بِهِ يَكُونُ الْخَلْقُ وَكَلَامُهُ عز وجل الَّذِي بِهِ يَكُونُ الْخَلْقُ غَيْرُ الْخَلْقِ الَّذِي يَكُونُ مُكَوَّنًا بِكَلَامِهِ، فَافْهَمْ ، وَلَا تَغْلَطْ ، وَلَا تُغَالِطْ، وَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا أَعْلَمَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ يُكَوِّنُ الشَّيْءَ بِقَوْلِهِ:{كُنْ} [البقرة: 117] ، إِنَّ الْقَوْلَ الَّذِي هُوَ كُنْ غَيْرُ الْمُكَوَّنِ، بِكُنِ الْمَقُولِ لَهُ كُنْ

ص: 391

وَعَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنَّ قَوْلَهُ: {كُنْ} [البقرة: 117] لَوْ كَانَ خَلْقًا - عَلَى مَا زَعَمَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُفْتَرِيَةُ عَلَى اللَّهِ - كَانَ اللَّهُ إِنَّمَا يَخْلُقُ الْخَلْقَ، وَيُكَوِّنُهُ بِخَلْقٍ، لَوْ كَانَ قَوْلُهُ:{كُنْ} [البقرة: 117] خَلْقًا ، فَيُقَالُ لَهُمْ: يَا جَهَلَةُ؛ فَالْقَوْلُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْخَلْقُ عَلَى زَعْمِكُمْ لَوْ كَانَ خَلْقًا ثُمَّ يُكَوِّنُهُ عَلَى أَصْلِكُمْ ، أَلَيْسَ قَوَّدَ مَقَالَتَكُمُ الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْلَهُ:{كُنْ} [البقرة: 117] إِنَّمَا يَخْلُقُهُ بِقَوْلٍ قَبْلَهُ؟ وَهُوَ عِنْدَكُمْ خَلْقٌ وَذَلِكَ الْقَوْلُ يَخْلُقُهُ بِقَوْلٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ خَلْقٌ، حَتَّى يَصِيرَ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَا عَدَدَ، وَلَا أَوَّلَ، وَفِي هَذَا إِبْطَالُ تَكْوِينِ الْخَلْقِ ، وَإِنْشَاءِ الْبَرِيَّةِ، وَإِحْدَاثِ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ الشَّيْءَ ، وَيُنْشِئَهُ وَيَخْلُقَهُ وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَتَوَهَّمُهُ ذُو لُبٍّ، لَوْ تَفَكَّرَ فِيهِ، وَوُفِّقَ لِإِدْرَاكِ الصَّوَابِ وَالرَّشَادِ

ص: 392

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54] فَهَلْ يَتَوَهَّمُ مُسْلِمٌ - يَا ذَوِي الْحِجَا - أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِخَلْقِهِ؟ أَلَيْسَ مَفْهُومًا عِنْدَ مَنْ يَعْقِلُ عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي سَخَّرَ بِهِ الْمُسَخِّرُ غَيْرُ الْمُسَخَّرِ بِالْأَمْرِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ غَيْرَ الْمَقُولِ لَهُ؟ فَتَفَهَّمُوا يَا ذَوِي الْحِجَا عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ، وَعَنِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بَيَانَهُ ، لَا تَصُدُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، فَتَضِلُّوا كَمَا ضَلَّتِ الْجَهْمِيَّةُ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ: فَاسْمَعُوا الْآنَ الدَّلِيلَ الْوَاضِحَ الْبَيِّنَ غَيْرَ الْمُشْكِلِ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَقْلِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ وَبَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ

ص: 393

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ مَوْلَى طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجُوَيْرِيَةُ جَالِسَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَرَجَعَ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ، فَقَالَ:«لَمْ تَزَالِي جَالِسَةً بَعْدِي؟» قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: " قَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِهِنَّ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ "

⦗ص: 395⦘

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدٌ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، وَثنا أَبُو مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ كُرَيْبًا، يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَهُوَ أَتَمُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَا فِي الْخَبَرِ:«سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ»

⦗ص: 396⦘

وَقَالَ فِي كُلِّ صِفَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلِيَ بَيَانَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ وَحْيِهِ قَدْ أَوْضَحَ لِأُمَّتِهِ، وَأَبَانَ لَهُمْ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ خَلْقِهِ، فَقَالَ:«سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» فَفَرَّقَ بَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ، وَبَيْنَ كَلِمَاتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ لَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَلَا تَسْمَعُهُ حِينَ ذَكَرَ الْعَرْشَ الَّذِي هُوَ مَخْلُوقٌ نَطَقَ صلى الله عليه وسلم بِلَفْظِهِ لَا تَقَعُ عَلَى الْعَدَدِ ، فَقَالَ:«زِنَةَ عَرْشِهِ» وَالْوَزْنُ غَيْرُ الْعَدَدِ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا قَدْ أَعْلَمَ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّ كَلِمَاتِهِ لَا يُعَادِلُهَا ، وَلَا يُحْصِيهَا مُحْصٍ مِنْ خَلْقِهِ وَدَلَّ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى كَثْرَةِ كَلِمَاتِهِ: وَأَنَّ الْإِحْصَاءَ مِنَ الْخَلْقِ لَا يَأْتِي عَلَيْهَا، فَقَالَ عز وجل:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109]، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ: مُجْمَلَةٌ غَيْرُ مُفَسَّرَةٍ، مَعْنَاهَا: قُلْ يَا مُحَمَّدُ ، لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي فَكُتِبَتْ بِهِ كَلِمَاتُ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي، وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا وَالْآيَةُ الْمُفَسِّرَةُ لِهَذِهِ الْآيَةِ:{وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

⦗ص: 397⦘

فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الْأَقْلَامَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، دَلَّ - ذَوِي الْعُقُولِ - بِذِكْرِ الْأَقْلَامِ أَنَّهُ أَرَادَ: لَوْ كَانَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا يُكْتَبُ بِهَا كَلِمَاتُ اللَّهِ، وَكَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا فَنَفِدَ مَاءُ الْبَحْرِ لَوْ كَانَ مِدَادًا لَمْ تَنْفَدْ كَلِمَاتُ رَبِّنَا وَفِي قَوْلِهِ:{وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} أَيْضًا ذِكْرٌ مُجْمَلٌ، فَسَّرَهُ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى، لَمْ يَرِدْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ لَوْ كُتِبَتْ بِكَثْرَةِ هَذِهِ الْأَقْلَامِ بِمَاءِ الْبَحْرِ كَلِمَاتُ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا كَمَا فَسَّرَهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَفِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا:{لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا} [الكهف: 109] الْآيَةَ، قَدْ أَوْقَعَ اسْمَ الْبَحْرِ عَلَى الْبِحَارِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَيْ عَلَى الْبِحَارِ كُلِّهَا، وَاسْمُ الْبَحْرِ قَدْ يَقَعُ عَلَى الْبِحَارِ كُلِّهَا؛ لِقَوْلِهِ:{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ} [يونس: 22] الْآيَةَ وَكَقَوْلِهِ: {وَالْفُلْكُ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} [الحج: 65] ، وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي هَاتَيْنِ بَحْرٌ وَاحِدٌ مِنَ الْبِحَارِ لِأَنَّ اللَّهَ يُسَيِّرُ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ فِي الْبِحَارِ ،

⦗ص: 398⦘

وَكَذَلِكَ الْفُلْكُ تَجْرِي فِي الْبِحَارِ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا أَنَّهَا كَذَا فِي بَحْرٍ وَاحِدٍ ، وَقَوْلُهُ:{وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يُقَالُ: إِنَّ السَّكْتَ لَيْسَ خِلَافَ النُّطْقِ، لَمْ يَدُلَّ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ لَوْ زِيدَ مِنَ الْمِدَادِ عَلَى مَاءِ سَبْعَةِ أَبْحُرٍ لَنَفَدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ جَلَّ اللَّهُ عَنْ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ هَذِهِ الْآيَةُ: أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا: قَدْ أَعْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأُخْرَى، أَنْ لَوْ جِيءَ بِمِثْلِ الْبَحْرِ مِدَادًا لَمْ تَنْفَدْ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ، مَعْنَاهُ: لَوْ جِيءَ بِمِثْلِ الْبَحْرِ مِدَادًا، فَكُتِبَ بِهِ أَيْضًا كَلِمَاتُ اللَّهِ لَمْ تَنْفَدْ ، وَاسْمُ الْبَحْرِ كَمَا عَلِمْتَ يَقَعُ عَلَى الْبِحَارِ كُلِّهَا، وَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا} [الكهف: 109] بَحْرًا وَاحِدًا، لَكَانَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ بَحْرًا وَاحِدًا، لَوْ كَانَ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَجِيءَ بِمِثْلِهِ أَيْ بِبَحْرٍ ثَانٍ لَمْ تَنْفَدْ كَلِمَاتُ اللَّهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ أَنَّ الْمِدَادَ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ بَحْرَيْنِ ، فَيُكْتَبُ

⦗ص: 399⦘

بِذَلِكَ أَجْمَعَ كَلِمَاتُ اللَّهِ نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْلَمَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: أَنَّ السَّبْعَةَ الْأَبْحُرَ لَوْ كُتِبَ بِهِنَّ جَمِيعًا كَلِمَاتُ اللَّهِ لَمْ تَنْفَدْ كَلِمَاتُ اللَّهِ تَابِعِ الْأَدِلَّةَ مِنَ السُّنَّةِ: فَاسْمَعِ الْآنَ الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ الصَّحِيحَةَ، بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ، مَوْصُولًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ كَلِمَاتِ رَبِّنَا لَيْسَتْ بِمَخْلَوقَةٍ عَلَى مَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ

ص: 394

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي

⦗ص: 400⦘

عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَوْ نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْحَلَ مِنْهُ "

ص: 399

قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَمْلَيْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَالرُّقَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْحِجَا؟ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَأْمُرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّعَوُّذِ بِخَلْقِ اللَّهِ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ؟ هَلْ سَمِعْتُمْ عَالِمًا يُجِيزُ، أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: أَعُوذُ بِالْكَعْبَةِ مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ؟

⦗ص: 402⦘

أَوْ يُجِيزُ أَنْ يَقُولَ: أَعُوذُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَوْ أَعُوذُ بِعَرَفَاتٍ وَمِنًى مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ اللَّهُ، هَذَا لَا يَقُولُهُ وَلَا يُجِيزُ الْقَوْلَ بِهِ مُسْلِمٌ يَعْرِفُ دِينَ اللَّهِ، مُحَالٌ أَنْ يَسْتَعِيذَ مُسْلِمٌ بِخَلْقِ اللَّهِ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ

ص: 401

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ الْمُنْذِرِ

⦗ص: 403⦘

الْخِزَامِيَّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ مَوْلَى الْحُرَقَةِ، وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَرَأَ طه، وَيس قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالَتْ: طُوبَى لِأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهِمْ، طُوبَى لِأَلْسُنٍ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا، وَطُوبَى لِأَجْوَافٍ تَحْمِلُ هَذَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلِذِكْرِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ تَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ وَفَّقَ اللَّهُ ذَلِكَ لِإِمْلَائِهَا

ص: 402