المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب البيان من سنن النبي صلى الله عليه وسلم على تثبيت السمع والبصر لله، موافقا لما يكون من كتاب ربنا، إذ سننه صلى الله عليه وسلم إذا ثبتت بنقل العدل عن العدل موصولا إليه لا تكون أبدا إلا موافقة لكتاب الله، حاشا لله أن يكون شيء منها أبدا مخالفا لكتاب - التوحيد لابن خزيمة - جـ ١

[ابن خزيمة]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ خَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِثْبَاتِ النَّفْسِ لِلَّهِ عز وجل عَلَى مِثْلِ مُوَافَقَةِ التَّنْزِيلِ الَّذِي بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَسْطُورٌ، وَفِي الْمَحَارِيبِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتَ وَالسِّكَكِ مَقْرُوءٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الْعِلْمِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْوَحْيِ الْمُنَزِّلِ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، الَّذِي يَقْرَأُ فِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ عِلْمِ الْعَامِّ، لَا بِنَقْلِ الْأَخْبَارِ الَّتِي هِيَ مِنْ نَقْلِ عِلْمِ الْخَاصِّ، ضِدَّ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَتَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ، مُوَافَقَةً لِمَا تَلَوْنَا مِنَ التَّنْزِيلِ الَّذِي هُوَ بِالْقُلُوبِ مَحْفُوظٌ، وَبَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَكْتُوبٌ، وَفِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ مَقْرُوءٌ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ صُورَةِ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلَا وَصِفَةِ سُبُحَاتِ وَجْهِهِ عز وجل تَعَالَى رَبُّنَا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ رَبِّنَا كَوَجْهِ بَعْضِ خَلْقِهِ، وَعَزَّ أَلَا يَكُونَ لَهُ وَجْهٌ، إِذِ اللَّهُ قَدْ أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّ لَهُ وَجْهًا، ذَوَّاهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَنَفَى عَنْهُ الْهَلَاكَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: تَأَوَّلَهَا بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهَا فَفَتَنَ عَالِمًا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَبَاوَةِ، حَمَلَهُمُ الْجَهْلُ - بِمَعْنَى الْخَبَرِ - عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ، جَلَّ وَعَلَا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ مِثْلَ وَجْهِهِ، الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ السَّمْعِ وَالرُّؤْيَةِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا الَّذِي هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ: سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَمَنْ كَانَ مَعْبُودُهُ غَيْرَ سَمِيعٍ بَصِيرٍ، فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ، يَعْبُدُ غَيْرَ الْخَالِقِ الْبَارِئِ، الَّذِي هُوَ سِمِيعٌ بَصِيرٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [

- ‌بَابُ الْبَيَانِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَثْبِيتِ السَّمْعِ والْبَصَرِ للَّهِ، مُوَافِقًا لِمَا يَكُونُ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا، إِذْ سُنَنُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا ثَبَتَتْ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ لَا تَكُونُ أَبَدًا إِلَّا مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ، حَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهَا أَبَدًا مُخَالِفًا لِكِتَابِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِثْبَاتِ يَدِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مُوَافِقًا لِمَا تَلَوْنَا مِنْ تَنْزِيلِ رَبِّنَا لَا مُخَالِفًا قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَعْلَى دَرَجَتَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ عَنْ أَنْ يَقُولَ إِلَّا مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ وَحْيِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ قِصَّةٍ ثَابِتَةٍ فِي إِثْبَاتِ يَدِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيَانًا أَنَّ اللَّهَ خَطَّ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ لِكَلِيمِهِ مُوسَى، وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ الْجَهْمِيَّةِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ ثَالِثَةٍ فِي إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلَّهِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ وَكَتَبَ اللَّهُ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ رَحْمَتَهُ تَغْلِبُ غَضَبَهُ، وَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي نَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِثْبَاتُ صِفَتَيْنِ لِخَالِقِنَا الْبَارِئِ، مِمَّا ثَبَتَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالْإِمَامِ الْمُبِينِ ذَكَرَ النَّفْسَ وَالْيَدَ جَمِيعًا وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ رَابِعَةٍ مُبَيِّنَةٍ لِيَدَيْ خَالِقِنَا عز وجل مَعَ الْبَيَانِ: أَنَّ لِلَّهِ يَدَيْنِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ، أَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدَيْهِ، وَكَمَا أَعْلَمَنَا أَنَّ لَهُ يَدَيْنِ مَبْسُوطَتَيْنِ، يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ خَامِسَةٍ تُثْبِتُ أَنَّ لِمَعْبُودِنَا يَدًا يَقْبَلُ بِهَا صَدَقَةَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَنْ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ كَيَدِ الْمَخْلُوقِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ خَلْقِ اللَّهِ آدَمُ عليه السلام وَالْبَيَانِ الشَّافِي أَنَّهُ خَلْقَهُ بِيَدَيْهِ، لَا بِنِعْمَتَيْهِ، عَلَى مَا زَعَمَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ، إِذْ قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ بِنِعْمَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ قَبْضَةً ، فَيَخْلُقُ مِنْهَا بَشَرًا، وَهَذِهِ السُّنَّةُ السَّادِسَةُ فِي إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلْخَالِقِ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ تَاسِعَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ غَرَسَ كَرَامَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِيَدِهِ وَخَتَمَ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ عَاشِرَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ وَهُوَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ قَبْضَ اللَّهِ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَطَيَّهُ جَلَّ وَعَلَا سَمَاوَاتِهِ بِيَمِينِهِ، مِثْلَ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَصَاحِفِ، مَتْلُوٌّ فِي الْمَحَارِيبِ، وَالْكَتَاتِيبِ ، وَالْجُدُورِ

- ‌بَابُ تَمْجِيدِ الرَّبِّ عز وجل نَفْسَهُ عِنْدَ قَبْضَتِهِ الْأَرْضَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَطَيِّهِ السَّمَاءَ بِالْأُخْرَى، وَهُمَا يَمِينَانِ لِرَبِّنَا، لَا شِمَالَ لَهُ تَعَالَى رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَهِيَ السُّنَّةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي تَثْبِيتِ يَدَيْ خَالِقِنَا عز وجل

- ‌ بَابُ ذِكْرِ السُّنَّةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيْ رَبِّنَا عز وجل وَهِيَ الْبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَقْبِضُ الْأَرْضَ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَعْدَ مَا يَبْدُو لَهَا فَتَصِيرُ الْأَرْضُ خُبْزَةً لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقْبِضُهَا وَهِيَ طِينٌ وَحِجَارَةٌ ، وَرَضْرَضٌ ، وحَمْأَةٌ ، وَرَمَلٌ ، وَتُرَابٌ

- ‌بَابُ السُّنَّةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ فِي إِثْبَاتِ يَدَيِ اللَّهِ عز وجل وَهِيَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ يَدَيِ اللَّهِ يُبْسَطَانِ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ لِيَتُوبَ بِالنَّهَارِ ، وَلِمُسِيءِ النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِمْسَاكِ اللَّهِ تبارك وتعالى اسْمُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا عَلَى أَصَابِعِهِ جَلَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ تَكُونَ أَصَابِعُهُ كَأَصَابِعِ خَلْقِهِ، وَعَنْ أَنْ يُشْبِهَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ صِفَاتِ خَلْقِهِ، وَقَدْ أَجَلَّ اللَّهُ قَدْرَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنْ يُوصَفَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ الْأَصَابِعِ لِلَّهِ عز وجل مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِيلًا لَهُ لَا حِكَايَةً عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ أَنَّ خَبَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ الْيَهُودِ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، تَصْدِيقًا

- ‌ بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الرِّجْلِ لِلَّهِ عز وجل وَإِنْ رَغَمَتْ أُنُوفُ الْمُعَطِّلَةِ الْجَهْمِيَّةِ، الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِصِفَاتِ خَالِقِنَا عز وجل الَّتِي أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ ، وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ عز وجل يَذْكُرُ مَا يَدْعُو بَعْضُ الْكُفَّارِ مِنْ دُونِ اللَّهِ: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا، أَمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل فِي السَّمَاءِ كَمَا أَخْبَرَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عليه السلام، وَكَمَا هُوَ مَفْهُومٌ فِي فِطْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، عُلَمَائِهِمْ وَجُهَّالِهِمْ، أَحْرَارِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ، ذُكْرَانِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، بَالِغِيهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ، كُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا: فَإِنَّمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُثْبَتَةِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّهُ فِي السَّمَاءِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي وَحْيِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، إِذْ لَا تَكُونُ سُنَّتُهُ أَبَدًا الْمَنْقُولَةُ عَنْهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ إِلَّا مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ لَا مُخَالِفَةً لَهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل فِي السَّمَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌أَبْوَابُ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ لِلَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا كَلَّمَ مُوسَى عليه السلام مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ اللَّهِ تبارك وتعالى وَبَيْنَ مُوسَى عليه السلام رَسُولٌ يُبَلِّغُهُ كَلَامَ رَبِّهِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُوسَى عليه السلام يَرَى رَبَّهُ عز وجل فِي وَقْتِ كَلَامِهِ إِيَّاهُ

- ‌بَابُ صِفَةِ تَكَلُّمِ اللَّهِ بِالْوَحْيِ وَشِدَّةِ خَوْفِ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ، وَذِكْرِ صَعْقِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَسُجُودِهِمْ لِلَّهِ عز وجل

- ‌بَابٌ مِنْ صِفَةِ تَكَلُّمِ اللَّهِ عز وجل بِالْوَحْيِ وَالْبَيَانِ أَنَّ كَلَامَ رَبِّنَا عز وجل لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ، لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ كَلَامٌ مُتَوَاصِلٌ، لَا سَكْتَ بَيْنَهُ، وَلَا سَمْتَ، لَا كَكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ سَكْتٌ وَسَمْتٌ، لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ أَوِ التَّذَاكُرِ، أَوِ الْعِيِّ، مُنَزَّهٌ اللَّهُ مُقَدَّسٌ مِنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ

- ‌بَابُ صِفَةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْبَيَانُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَسْمَعُ بِالْوَحْيِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، صَوْتًا كَصَلْصَلَةِ الْجَرَسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ بَعْضَ طُرُقِ الْخَبَرِ فِي كِتَابِ صِفَةِ نُزُولِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ عز وجل وَبَيْنَ عِبَادِهِ بِذِكْرِ لَفْظٍ عَامٍ مُرَادُهُ خَاصٌّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ مَا يُكَلِّمِ بِهِ الْخَالِقُ جَلَّ وَعَلَا عِبَادَهُ مِمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ وَالْبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ أَيْضًا تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ الشَّافِي لِصِحَّةِ مَا تَرْجَمْتُهُ لِلْبَابِ قَبْلَ هَذَا إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا وَذِكْرِ إِقْرَارِ الْكَافِرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِكُفْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ إِقْرَارُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَظُنُّ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ فِي

- ‌بَابُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي قَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ يُرِيدُ مَغْفِرَتَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَبَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ الْكَافِرَ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا غَيْرَ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ، كَاذِبًا عَلَى رَبِّهِ، ضَالًّا عَنْ سَبِيلِهِ ، كَافِرًا بِالْآخِرَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْبَيِانِ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم وَمِنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ عز وجل الَّذِي بِهِ يَكُونُ خَلْقُهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ الَّذِي يُكَوِّنُهُ بِكَلَامِهِ وَقَوْلِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى نَبْذِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ

- ‌بَابٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ الْخَالِقِ، وَقَوْلَهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لَا كَمَا زَعَمَتِ الْكَفَرَةُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ

الفصل: ‌باب البيان من سنن النبي صلى الله عليه وسلم على تثبيت السمع والبصر لله، موافقا لما يكون من كتاب ربنا، إذ سننه صلى الله عليه وسلم إذا ثبتت بنقل العدل عن العدل موصولا إليه لا تكون أبدا إلا موافقة لكتاب الله، حاشا لله أن يكون شيء منها أبدا مخالفا لكتاب

يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ} [الفرقان: 44] الْأَيَةَ فَأَعْلَمَنَا عز وجل أَنَّ مَنْ لَا يَسْمَعُ، وَلَا يَعْقِلُ كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا

ص: 110

‌بَابُ الْبَيَانِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَثْبِيتِ السَّمْعِ والْبَصَرِ للَّهِ، مُوَافِقًا لِمَا يَكُونُ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا، إِذْ سُنَنُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا ثَبَتَتْ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ لَا تَكُونُ أَبَدًا إِلَّا مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ، حَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهَا أَبَدًا مُخَالِفًا لِكِتَابِ

اللَّهِ أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهُ، فَمَنِ ادَّعَى مِنَ الْجَهَلَةِ أَنَّ شَيْئًا مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا ثَبَتَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ مُخَالِفٌ لِشَيْءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَأَنَا الضَّامِنُ بِتَثْبِيتِ صِحَّةِ مَذْهَبِنَا عَلَى مَا أَبُوحُ بِهِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً

ص: 110

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: " لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدَّ

⦗ص: 111⦘

مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، فَإِذَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ عليه السلام ، فَنَادَانِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل ، قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ: فَسَلَّمَ عَلَيَّ ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي أَمْرَكَ، وَبِمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ فَعَلْتُ "، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ، لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»

ص: 110

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يَقُولُ: ثنا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، وَغَيْرُهُمَا، قَالَا: قَالَ بُنْدَارٌ، ثنا، وَقَالَ الْحُسَيْنُ: أَخْبَرَنَا مَرْحُومٌ الْعَطَّارُ، قَالَ: ثنا أَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَهَذَا حَدِيثُ مَرْحُومٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَلَمَّا أَقْبَلْنَا وَأَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ كَبَّرَ النَّاسُ تَكْبِيرَةً رَفَعُوا بِهَا أَصْوَاتِهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَصَمَّ وَلَا غَائِبٍ» ، وَقَالَ الْمُعْتَمِرُ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا»

ص: 112

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا ، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا "

⦗ص: 114⦘

خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاسْمَعُوا يَا ذَوِي الْحِجَا مَا نَقُولُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَنَذْكُرُ بَهْتَ الْجَهْمِيَّةِ وَزُورَهُمْ وَكَذِبَهُمْ عَلَى عُلَمَاءِ أَهْلِ الْآثَارِ ، وَرَمْيَهُمْ خِيَارَ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ بِمَا اللَّهُ قَدْ نَزَّهَهُمْ عَنْهُ، وَبَرَّأَهُمْ مِنْهُ بِتَزَوُّرِ الْجَهْمِيَّةِ عَلَى عُلَمَائِنَا إِنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ، فَاسْمَعُوا مَا أَقُولُ وَأُبَيِّنُ مِنْ مَذَاهِبِ عُلَمَائِنَا تَعْلَمُوا وَتَسْتَيْقِنُوا بِتَوْفِيقِ خَالِقِنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلَةَ يَبْهَتُونَ الْعُلَمَاءَ وَيَرْمُونَهُمْ بِمَا اللَّهُ نَزَّهَهُمْ عَنْهُ نَحْنُ نَقُولُ: لِرَبِّنَا الْخَالِقِ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا مَا تَحْتَ الثَّرَى ، وَتَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى، وَمَا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، لَا يُخْفَى عَلَى خَالِقِنَا خَافِيَةٌ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَلَا مِمَّا بَيْنَهُمْ وَلَا فَوْقَهُمْ، وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُنَّ لَا يَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، يَرَى مَا فِي جَوْفِ الْبِحَارِ وَلُجَجِهَا كَمَا يَرَى عَرْشَهُ الَّذِي هُوَ مُسْتَوٍ عَلَيْهِ وَبَنُو آدَمَ وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ عُيُونٌ يُبْصِرُونَ بِهَا فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَرَوْنَ مَا قَرُبَ مِنْ أَبْصَارِهِمْ، مِمَّا لَا حِجَابَ وَلَا سِتْرَ بَيْنَ الْمَرَئِيِّ وَبَيْنَ أَبْصَارِهِمْ، وَمَا يَبْعُدُ مِنْهُمْ ، إِنْ كَانَ يَقَعُ اسْمُ الْقُرْبِ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ الَّتِي خُوطِبْنَا بَلَغْتِهَا قَدْ تَقُولُ: قَرْيَةُ كَذَا مِنَّا قَرِيبَةٌ، وَبَلْدَةٌ كَذَا قَرِيبَةٌ مِنَّا ، وَمِنْ بَلَدِنَا، وَمَنْزِلُ فُلَانٍ قَرِيبٌ مِنَّا

⦗ص: 115⦘

، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ وَبَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ وَبَيْنَ الْمَنْزِلَيْنِ فَرَاسِخُ وَالْبَصِيرُ مِنْ بَنِي آدَمَ لَا يُدْرِكُ بِبَصَرِهِ شَخْصًا آخَرَ، مِنْ بَنِي آدَمَ، وَبَيْنَهُمَا فَرْسَخَانِ فَأَكْثَرُ، وَكَذَلِكَ لَا يَرَى أَحَدٌ مِنَ الْآدَمِيِّينَ مَا تَحْتَ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ فَوْقَ الْمَرَئِيِّ مِنَ الْأَرْضِ وَالتُّرَابِ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يُغَطَّى وَيُوَارَى الشَّيْءُ، وَكَذَلِكَ لَا يُدْرِكُ بَصَرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ مِنْ حَائِطٍ ، أَوْ ثَوْبٍ صَفِيقٍ ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَسْتُرُ الشَّيْءَ عَنْ عَيْنِ النَّاظِرِ، فَكَيْفَ يَكُونُ يَا ذَوِي الْحِجَا مُشَبِّهًا مَنْ يَصِفُ عَيْنَ اللَّهِ بِمَا ذَكَرْنَا، وَأَعْيُنُ بَنِي آدَمَ بِمَا وَصَفْنَا وَنَزِيدُ شَرْحًا وَبَيَانًا نَقُولُ: عَيْنُ اللَّهِ عز وجل قَدِيمَةٌ، لَمْ تَزَلْ بَاقِيَةً، وَلَا يَزَالُ مَحْكُومٌ لَهَا بِالْبَقَاءِ، مَنْفِيٌّ عَنْهَا الْهَلَاكُ، وَالْفَنَاءُ ، وَعُيُونُ بَنِي آدَمَ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ، كَانَتْ عَدَمًا غَيْرَ مُكَوَّنَةٍ ، فَكَوَّنَهَا اللَّهُ ، وَخَلَقَهَا بِكَلَامِهِ الَّذِي هُوَ: صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، وَقَدْ قَضَى اللَّهُ وَقَدَّرَ أَنَّ عُيُونَ بَنَى آدَمَ تَصِيرُ إِلَى بَلَاءٍ، عَنْ قَلِيلٍ ، وَاللَّهُ نَسْأَلُ خَيْرَ ذَلِكَ الْمَصِيرِ ، وَقَدْ يُعْمِي اللَّهُ عُيُونَ كَثِيرٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ فَيَذْهَبُ بِأَبْصَارِهَا قَبْلَ نُزُولِ الْمَنَايَا بِهِمْ، وَلَعَلَّ كَثِيرًا مِنْ أَبْصَارِ الْآدَمِيِّينَ فَيَذْهَبُ بِأَبْصَارِهَا قَبْلَ نُزُولِ الْمَنَايَا بِهِمْ، وَلَعَلَّ كَثِيرًا مِنْ أَبْصَارِ الْآدَمِيِّينَ قَدْ سَلَّطَ خَالِقُنَا عَلَيْهَا دِيدَانَ الْأَرْضِ حَتَّى تَأْكُلَهَا ، وَتُفْنِيَهَا بَعْدَ نُزُولِ الْمَنِيَّةِ بِهِمْ، ثُمَّ يُنْشِئُهَا اللَّهُ بَعْدُ، فَيُصِيبُهَا مَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ فِي ذِكْرِ الْوَجْهِ، فَمَا الَّذِي يُشَبِّهُ - يَا ذَوِي الْحِجَا - عَيْنَ اللَّهِ الَّتِي هِيَ مَوْصُوفَةٌ بِمَا ذَكَرْنَا عُيُونَ بَنِي آدَمَ الَّتِي وَصَفْنَاهَا بَعْدُ؟

⦗ص: 116⦘

وَلَسْتُ أَحْسَبُ: لَوْ قِيلَ لِبَصِيرٍ لَا آفَةَ بِبَصَرِهِ ، وَلَا عِلَّةَ بِعَيْنِهِ، وَلَا نَقْصَ، بَلْ هُوَ أَعْيَنُ، أَكْحَلُ، أَسْوَدُ الْحَدَقِ، شَدِيدُ بَيَاضِ الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبُ الْأَشْفَارِ: عَيْنُكَ كَعَيْنِ فُلَانٍ الَّذِي هُوَ صَغِيرُ الْعَيْنِ، أَزْرَقُ، أَحْمَرُ بَيَاضِ الْعَيْنَيْنِ، قَدْ تَنَاثَرَتْ أَشْفَارُهُ، وَسَقَطَتْ، أَوْ كَانَ أَخْفَشَ الْعَيْنِ، أَزْرَقَ، أَحْمَرَ بَيَاضِ الْعَيْنَيْنِ، قَدْ تَنَاثَرَتْ أَشْفَارُهُ، وَسَقَطَتْ، أَوْ كَانَ أَخْفَشَ الْعَيْنِ، أَزْرَقَ، أَحْمَرَ بَيَاضِ شَحْمِهَا، يَرَى الْمَوْصُوفُ الْأَوَّلُ: الشَّخْصَ مِنْ بَعِيدٍ، وَلَا يَرَى الثَّانِي مِثْلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ مِنْ قَدْرِ عُشْرِ مَا يَرَى الْأَوَّلُ، لَعِلَّةٍ فِي بَصَرِهِ، أَوْ نَقْصٍ فِي عَيْنِهِ، إِلَّا غَضِبَ مِنْ هَذَا وَأَنِفَ مِنْهُ، فَلَعَلَّهُ يُخْرِجُ إِلَى الْقَائِلِ لَهُ ذَلِكَ إِلَى الْمَكْرُوهِ مِنَ الشَّتْمِ وَالْأَذَى وَلَسْتُ أَحْسَبُ عَاقِلًا يَسْمَعُ هَذَا الْمُشَبِّهَ عَيْنَيْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنَيِ الْآخَرِ، إِلَّا هُوَ يُكَذِّبُ هَذَا الْمُشَبِّهَ عَيْنَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِ الْآخَرِ، وَيَرْمِيهِ بِالْعَتَهِ، وَالْخَبَلِ وَالْجُنُونِ، وَيَقُولُ لَهُ: لَوْ كُنْتَ عَاقِلًا يَجْرِي عَلَيْكَ الْقَلَمُ: لَمْ تُشَبِّهْ عَيْنَيْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنَيِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا يُسَمَّيَانِ بَصِيرَيْنِ، إِذْ لَيْسَا بِأَعْمَيَيْنِ، وَيُقَالُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، فَكَيْفَ لَوْ قِيلَ لَهُ: عَيْنُكَ كَعَيْنِ الْخِنْزِيرِ، وَالْقِرْدِ، وَالدُّبِّ، وَالْكَلْبِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ السِّبَاعِ، أَوْ هَوَامِّ الْأَرْضِ، وَالْبَهَائِمِ، فَتَدَبَّرُوا يَا ذَوِي الْأَلْبَابِ أَبَيْنَ عَيْنَيْ خَالِقِنَا الْأَزَلِيِّ الدَّائِمِ الْبَاقِي، الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَبَيْنَ عَيْنَيِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْفُرْقَانِ أَكْثَرُ ، أَوْ مِمَّا بَيْنَ أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ وَبَيْنَ عُيُونِ مَا ذَكَرْنَا؟

⦗ص: 117⦘

تَعْلَمُوا وَتَسْتَيْقِنُوا أَنَّ مَنْ سَمَّى عُلَمَاءَنَا مُشَبِّهَةً غَيْرُ عَالِمٍ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَلَا يَفْهَمُ الْعِلْمَ، إِذْ لَمْ يَجُزْ تَشْبِيهُ أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ بِعُيُونِ الْمَخْلُوقِينَ، مِنَ السِّبَاعِ وَالْبَهَائِمِ، وَالْهَوَامِّ، وَكُلُّهَا لَهَا عُيُونٌ يُبْصِرُونَ بِهَا، وَعُيُونُ جَمِيعِهِمْ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ، خَلَقَهَا اللَّهُ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَدَمًا، وَكُلُّهَا تَصِيرُ إِلَى فَنَاءٍ وَبِلَى، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِسْقَاطِ اسْمِ الْعُيُونِ وَالْأَبْصَارِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا، فَكَيْفَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ - لَوْ كَانَتِ الْجَهْمِيَّةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - أَنْ يَرْمُوا مَنْ يُثْبِتُ لِلَّهِ عَيْنًا بِالتَّشْبِيهِ، فَلَوْ كَانَ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَانَ مُشْبِهًا لِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمُ، لَمْ يَجُزْ قِرَاءَةَ كِتَابِ اللَّهِ، وَوَجَبَ مَحْوُ كُلِّ آيَةٍ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ فِيهَا ذِكْرُ نَفْسِ اللَّهِ، أَوْ عَيْنِهِ، أَوْ يَدِهِ، وَلَوَجَبَ الْكُفْرُ بِكُلِّ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل مِنْ ذِكْرِ صِفَاتِ الرَّبِّ، كَمَا يَجِبُ الْكُفْرُ بِتَشْبِيهِ الْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقِ، إِلَّا أَنَّ الْقَوْمَ جَهَلَةٌ، لَا يَفْهَمُونَ الْعِلْمَ، وَلَا يُحْسِنُونَ لُغَةَ الْعَرَبِ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ وَاللَّهُ نَسْأَلُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ وَالرَّشَادَ فِي كُلِّ مَا نَقُولُ وَنَدْعُو إِلَيْهِ

ص: 113

بَابُ ذِكْرِ إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلْخَالِقِ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا وَالْبَيَانُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ يَدَانِ، كَمَا أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ عليه السلام بِيَدَيْهِ قَالَ عز وجل لِإِبْلِيسَ:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا تَكْذِيبًا لِلْيَهُودِ حِينَ قَالُوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] ، فَكَذَّبَهُمْ فِي مَقَالَتِهِمْ، وَقَالَ:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] أَعْلَمَنَا أَنَّ الْأَرْضَ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ، وَ {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ، وَقَالَ:{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تَرْجَعُونَ} [يس: 83] وَقَالَ: {تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26]، وَقَالَ:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71]

ص: 118