الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ الشَّافِي لِصِحَّةِ مَا تَرْجَمْتُهُ لِلْبَابِ قَبْلَ هَذَا إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا وَذِكْرِ إِقْرَارِ الْكَافِرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِكُفْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ إِقْرَارُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَظُنُّ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ فِي
الدُّنْيَا، غَيْرَ مُصَدِّقٍ بِأَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَافِرٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَذِكْرِ دَعْوَى الْمُنَافِقِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ: أَنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا بِرَبِّهِ، عز وجل، وَبِنَبِيِّهِ وَبِكِتَابِهِ، صَائِمًا وَمُصَلِّيًا، مُزَكِّيًا فِي الدُّنْيَا ، وَإِنْطَاقِ اللَّهِ عز وجل فَخِذَ الْمُنَافِقِ وَلَحْمَهُ وَعِظَامَهُ لِمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا تَكْذِيبًا لِدَعْوَاهُ بِلِسَانِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، مِنْهُ - يَعْنِي مِنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ:«فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابٍ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ، كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا قَالَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ ، فَيَقُولُ: أَيْ قُلْ - يَعْنِي يَا فُلَانُ أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟
⦗ص: 370⦘
أَلَمْ أُسَوِّدْكَ؟، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ؟ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَتْرُكْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّي قَالَ: فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا يَارَبِّ قَالَ: فَالْيَوْمُ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي قَالَ: ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِي: فَيَقُولُ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟، أَلَمْ أُسَوِّدْكَ؟ أَلَمْ أُزَوِّجْكَ؟، أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَتْرُكْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ قَالَ: بَلَى ، يَارَبِّ قَالَ: فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا يَا رَبِّ ، قَالَ: فَالْيَوْمُ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي قَالَ: ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ ، فَيَقُولُ: مَا أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَبْدُكَ، آمَنْتُ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ وَبِكِتَابِكَ، وَصُمْتُ وَصَلَّيْتُ، وَتَصَدَّقْتُ، وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ ، فَيُقَالَ لَهُ: أَفَلَا نَبْعَثُ عَلَيْكَ شَاهِدَنَا؟ قَالَ: فَيُنْكِرُ فِي نَفْسِهِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقَالُ: لِفَخِذِهِ انْطِقِي قَالَ: فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ، فَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَذَلِكَ الَّذِي سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ "
⦗ص: 371⦘
قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: أَلَا اتَّبَعَتْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ قَائِلُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي ظَهِيرَةٍ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا قَالَ: فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟
⦗ص: 372⦘
قَالُوا: لَا قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: مَا تُضَارُّونَ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، يَلْقَى الْعَبْدَ ، فَيَقُولُ:" أَيْ قُلْ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ؟ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ؟ أَلَمْ أَتْرُكْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ " فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: «فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ» ، فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ:«إِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي» قَالَ: ثُمَّ يَلْقى الثَّانِيَ: " أَيْ قُلْ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟ أَلَمْ أُزَوِّجْكَ؟ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ؟ أَلَمْ أَتْرُكْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى ، «فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟» ، ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ: فَيَقُولُ: رَبِّ ، آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ، وَصَلَّيْتُ وَتَصَدَّقْتُ قَالَ: فَيَقُولُ: «أَلَا أَبْعَثُ شَاهِدًا يَشْهَدُ عَلَيْكَ» ، فَيُنْكِرُ فِي نَفْسِهِ، مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيَقُولُ لِفَخِذِهِ:«انْطِقِي» ، فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَعَظْمُهُ وَلَحْمُهُ بِمَا كَانَ يَفْعَلُ ، فَذَلِكَ الْمُنَافِقُ ، وَذَلِكَ الَّذِي يَعْذِلُ نَفْسَهُ ، وَذَلِكَ الَّذِي سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ
⦗ص: 373⦘
فَيُنَادِي مُنَادٍ: أَلَا تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ فَيَتْبَعُ الشَّيَاطِينَ وَالصَّلِيبَ أَوْلِيَاؤُهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ ، وَبَقِينَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَيَأْتِينَا رَبُّنَا ، فَيَقُولُ:«عَلَى مَا هَؤُلَاءِ؟» فَنَقُولُ: نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ آمَنَّا بِرَبِّنَا، وَلَمْ نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَهُوَ رَبُّنَا تبارك وتعالى ، وَهُوَ يَأْتِينَا، وَهُوَ يَثَبِّتْنَا، وَهَذَا مُقَامُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَيَقُولُ:«أَنَا رَبُّكُمْ ، فَانْطَلِقُوا» فَنَنْطَلِقُ حَتَّى نَأْتِيَ الْجِسْرَ، وَعَلَيْهِ كَلَالِيبُ مِنْ نَارٍ تَخْطَفُ عِنْدَ ذَلِكَ حَلَّتِ الشَّفَاعَةُ أَيِ اللَّهُمَّ سَلِّمْ، اللَّهُمَّ سَلِّمْ، فَإِذَا جَاوَزَا الْجِسْرَ، فَكُلُّ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجًا مِنَ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِمَّا يَمْلِكُ ، فَتُكَلِّمُهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ تَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هَذَا عَبْدٌ لَا تَوَى عَلَيْهِ، يَدَعُ بَابًا وَيَلِجُ مِنْ آخَرَ، فَضَرَبَ كَتِفَهُ ، وَقَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ: سُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ: «تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ» ، فَقَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ رَأْسَ الْقَوْمَ كَانَ لَهُ الْمِرْبَاعُ، وَهُوَ الرُّبُعُ، وَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ حِينَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي عَلَى دِينٍ، قَالَ:«أَنَا أَعْلَمُ بِدَيْنِكَ مِنْكَ، إِنَّكَ تَسْتَحِلُّ الْمِرْبَاعَ، وَلَا يَحِلُّ لَكَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجَوَازُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَحَفِظْتُهُ أَنَا وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَرَدَّدَهُ عَلَيْنَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، غَيْرَ مَرَّةٍ لَفْظًا وَاحِدًا قَالَ وَثنا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعَا وَبَصَرًا، وَمَالًا، وَوَلَدًا، وَسَخَّرْتُ لَكَ الْأَنْعَامَ وَالْحَرْثَ، وَتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَكُنْتَ تَظُنُّ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ فِي يَوْمِكَ هَذَا؟ قَالَ: فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ لَهُ: الْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي " غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ لَمْ يَقُلْ فِي بَعْضِ الْمَرَّاتِ ابْنَ الْخِمْسِ أَبُو مُحَمَّدٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: ثنا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِي، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَخْبَرْهُمَا: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فَيَقُولُ:" أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا، حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي تَعْرِفُونَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَدْعُوهُمْ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَخَرَّجْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ، مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُمَا قَالَا: عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ: " ثُمَّ يَتَبَدَّى اللَّهُ لَنَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ، الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ ، لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِمَا كَانَتْ تَعْبُدُ، وَبَقِيتُمْ، فَلَا يُكَلِّمُهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَنَحْنُ كُنَّا إِلَى صَحَبَتِهِمْ فِيهَا أَحْوَجَ ، لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِمَا كَانَتْ تَعْبُدُ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ آيَةٌ تَعْرِفُونَهَا ، فَنَقُولُ نَعَمْ: فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَنَخِرُّ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا سُمْعَةً ، وَلَا رِيَاءً ، وَلَا نِفَاقًا إِلَّا عَلَى ظَهْرِهِ طَبَقًا وَاحِدًا، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ
⦗ص: 378⦘
قَالَ: ثُمَّ نَرْفَعُ رُءُوسَنَا، وَقَدْ عَادَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَنَقُولُ: نَعَمْ ، أَنْتَ رَبُّنَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ وَقَدْ خَرَّجْتُهُ بَعْدَ بَيَانِ مَعْنَاهُ بَيَانًا شَافِيًا، بَيَّنْتُ فِيهِ جَهْلَ الْجَهْمِيَّةِ، وَافْتِرَاءَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْآثَارِ، فِي إِنْكَارِهِمْ هَذَا الْخَبَرَ لِمَا جَهِلُوا مَعْنَاهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَلْتَفِتُ، وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ أَخْبَرَنَاهُ، قَالَ: ثنا أَبُو مُجَاهِدٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ يَشْكُوانِ إِلَيْهِ، أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ وَيَشْكُو الْآخَرُ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَّا قَطْعُ السَّبِيلِ ، فَلَا يَأْتِي عَلَيْكَ إِلَّا قَلِيلٌ، حَتَّى تَخْرُجَ الْعِيرُ مِنَ الْحِيرَةِ إِلَى مَكَّةِ بِغَيْرِ خَفِيرٍ، وَأَمَّا الْعَيْلَةُ ، فَإِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى يُخْرِجَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ مَالِهِ ، فَلَا يَجِدَ مَنْ يَقْبَلُهَا ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ
⦗ص: 380⦘
لَيْسَ بَيْنَهُ حَاجِبٌ يَحْجُبُهُ ، وَلَا تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَيَقُولُ لَهُ: أَلَمْ آتِكَ مَالًا؟، فَيَقُولُ: بَلَى بَلَى، فَيَقُولُ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا؟، فَيَقُولُ: بَلَى ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ، فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمُ النَّارَ ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ "
وَفِي خَبَرِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَاقِيَ اللَّهَ عز وجل فَقَائِلٌ مَا أَقُولُ: أَلَمْ أَجْعَلْكَ سَمِيعًا بَصِيرًا، أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا؟ فَمَاذَا قَدَّمْتَ؟ فَنَظَرَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَلَا يَجِدُ شَيْئًا ، وَلَا يَتَّقِي النَّارَ
⦗ص: 381⦘
إِلَّا بِوَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ " حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ قَالَ: ثنا مُحَمَّدٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ. خَرَّجْتُهُ بِطُولِهِ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ، مِنْ كِتَابِ الْكَبِيرِ
وَرَوَاهُ أَيْضًا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ حُبَيْشٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ
⦗ص: 382⦘
: يَا قَوْمَ هَذَا عَدي بْنُ حَاتِمٍ وَكُنْتُ نَصْرَانِيًّا وَجِئْتُ بِغَيْرِ أَمَانٍ وَلَا كِتَابٍ ، فَلَمَّا دَفَعْتُ إِلَيْهِ: أَخَذَ بِثِيَابِي ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَاكَ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ يَدَهُ فِي يَدِي قَالَ: فَقَامَ فَلَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ وَصَبِيٌّ مَعَهَا ، فَقَالَا: إِنَّ لَنَا إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَامَ مَعَهُمَا، حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُمَا ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، حَتَّى أَتَى دَارَهُ، فَأُلْقِيَتْ لَهُ وِسَادَةٌ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَفَرَّكَ؟ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَهَلْ تَعْلَمُ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّ النَّصَارَى ضَلَالٌ قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي حَنِيفٌ مُسْلِمٌ قَالَ: فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ يَنْبَسِطُ فَرَحًا قَالَ: ثُمَّ أَمَرَنِي ، فَنَزَلْتُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: فَجَعَلْتُ آتِيهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا عَشِيَّةً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ قَوْمٌ فِي ثِيَابٍ مِنْ صُوفٍ مِنْ هَذِهِ النِّمَارِ قَالَ: فَصَلَّى، ثُمَّ قَامَ ، فَحَثَّ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ بِصَاعٍ، أَوْ نِصْفِ صَاعٍ، وَلَوْ بِقَبْضَةٍ، وَلَوْ نِصْفِ قَبْضَةٍ، يَقِي أَحَدَكُمْ حَرَّ جَهَنَّمَ أَوِ النَّارِ، وَلَوْ بِتَمْرَةٍ، وَلَوْ بِشِقِّ التَّمْرَةِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَاقِيَ اللَّهَ تبارك وتعالى ، فَقَائِلٌ لَهُ مَا أَقُولُ لَكُمْ: فَيَقُولُ: «أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا؟
⦗ص: 383⦘
أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ بَصَرًا؟» فَيَقُولُ: بَلَى «أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا؟» فَيَقُولُ: بَلَى «فَأَيِنْ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟» قَالَ: فَيَنْظُرُ أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَقِي بِهِ وَجْهَهُ، فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ النَّارَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، فَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْفَاقَةَ، إِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكُمْ، وَمُعْطِيكُمْ حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ فِيمَا بَيْنَ يَثْرِبَ وَالْحِيرَةِ، أَوْ أَكْثَرَ مَا تَخَافُ عَلَى مَطِيَّتِهَا السَّرَقَ قَالَ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي أَيْنَ لُصُوصُ طَيِّئٍ؟ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ
⦗ص: 384⦘
، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ يُصَرِّحَانِ: أَنَّ اللَّهَ، عز وجل يُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُنَافِقِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلَا تُرْجُمَانٍ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُمْ؛ إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ غَيْرُ اللَّهِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ لِبَعْضِ عِبَادِهِ، أَوْ لِجَمِيعِهِمْ: أَنَا رَبُّكُمْ، وَلَا يَقُولَ: أَنَا رَبُّكُمْ غَيْرُ اللَّهِ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكَلِّمُ الْمُنَافِقِينَ عَلَى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي يُكَلِّمَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيُكَلِّمُ الْمُنَافِقِينَ عَلَى مَعْنَى التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيرِ وَيُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ يُبَشِّرُهُمْ بِمَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل كَلَامَ أَوْلِيَائِهِ ، وَأَهْلَ طَاعَتِهِ
حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ: رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: اذْهَبْ وَادْخُلِ الْجَنَّةَ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ
⦗ص: 385⦘
خَرَّجْتُهُ بِطُرُقِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، وَسَأُبَيِّنُ ذِكْرَ الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَهُ، وَبَيْنَ كَلَامِهِ أَعْدَاءَهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ وَقَدَّرَهُ
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَاجِبٌ» ، فَذَكَرَ أَبُو كُرَيْبٍ الْحَدِيثَ