المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثأهمية التوحيد وبيان أنه أول واجب على المكلف - التوحيد وأثره في حياة المسلم

[حمد الحريقي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في معنى التوحيد لغة وشرعاً وأنواعه وبيان أنه أول واجب على المكلفين

- ‌الفصل الأولتعريف التوحيد لغة وشرعًا

- ‌الفصل الثانيأنواع التوحيد

- ‌الفصل الثالثأهمية التوحيد وبيان أنه أول واجب على المكلف

- ‌الباب الثاني في نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف الدالة على أهمية التوحيد

- ‌الفصل الأولنصوص القرآن في تعظيم التوحيد وبيان مكانته

- ‌الفصل الثانينصوص السنة في تعظيم التوحيد وبيان مكانته

- ‌الفصل الثالثالآثار عن السلف في تعظيم التوحيد

- ‌الباب الثالث في معنى العبادة وشروطها وأقسامها

- ‌الفصل الأولمعنى العبادة لغة وشرعاً

- ‌الفصل الثانيشروط العبادة من الكتاب والسنة

- ‌الفصل الثالثفي أقسام العبادات

- ‌الباب الرابع في علاقة التوحيد بالعبادة وأثره عليها

- ‌الفصل الأولدور الإخلاص في تصحيح العبادة وقبولها عند الله

- ‌الفصل الثانيآثار التوحيد على الأعمال التكليفية

- ‌الفصل الثالثمن المؤثرات على الأعمال التكليفية

- ‌أ - البدعة:

- ‌ب - الهوى:

- ‌ث - التقليد الأعمى:

- ‌المراجع

الفصل: ‌الفصل الثالثأهمية التوحيد وبيان أنه أول واجب على المكلف

‌الفصل الثالث

أهمية التوحيد وبيان أنه أول واجب على المكلف

إن أهمية التوحيد تكمن في أن الله تعالى ذكره في كتابه ودعى إليه في أكثر آيات القرآن بل إن لم تكن كلها كما ذكر ذلك العلماء حيث قال الشيخ أحمد بن عيسى: وغالب سور القرآن بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد شاهدة به داعية إليه، فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله فهو التوحيد العملي الخبري، وإما دعوى إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته وأمره ونهيه فهو حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن إكرام أهل التوحيد وما فعل بهم في الدنيا ويكرمهم به في الآخرة فهو جزاء أهل توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل لهم في العقبى من العذاب فهو جزاء من خرج عن حكم

ص: 17

التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم أ. هـ (1).

ومما يدل على أهمية التوحيد أن جميع الرسل أرسلوا به كما قال ابن القيم رحمه الله وجميع الرسل إنما دعوا إلى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة، الآية: 5] فإنهم كلهم دعوا إلى توحيد الله وإخلاص عبادته من أولهم إلى آخرهم فقال نوح لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف، الآية 59] وكذلك قال هود وصالح وشعيب وإبراهيم قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل، الآية: 36](2).

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أهمية التوحيد بقوله: وقد بين الله هذا التوحيد في كتابه وحسم مواد الإشراك به حتى لا يخاف أحد غير الله ولا يرجو سواه ولا يتوكل إلا عليه

إلى أن قال: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يحقق هذا

(1) شرح قصيدة ابن القيم جـ / 2 ص / 260 وانظر: (شرح العقيدة الطحاوية ص 89).

(2)

مدارج السالكين جـ / 1، ص / 114.

ص: 18

التوحيد لأمته ويحسم عنهم مواد الشرك إذ هو تحقيق قولنا لا إله إلا الله فإن الإله هو الذي تألهه القلوب لكمال المحبة والتعظيم والإجلال والإكرام والرجاء والخوف (1).

* وقال ابن أبي العز الحنفي: أعلم أن التوحيد هو أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل إلى أن قال: ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على الملكف شهادة أن لا إله إلا الله لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك.

فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا فهو أول واجب وآخر واجب (2).

* وقال الشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد: وأعظم ما جاء به، صلى الله عليه وسلم وهو وإخوانه من الرسل هو الدعوة إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ومعرفته بأسمائه وصفاته وأفعاله وأنه لا شبيه له ولا نظير فهذا هو مفتاح دعوتهم وزبدة

(1) الفتاوى جـ / 1، ص / 135.

(2)

بتصرف من كتاب شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز جـ / 1 ص / 21 - 23.

ص: 19

رسالتهم من أولهم إلى آخرهم (1).

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: اعلم رحمك الله أن الله سبحانه إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لأجل التوحيد قال- تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل، الآية 36] وله خلق الجن والإنس قال - تعالى -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات، الآية 56] أي يوحدون.

إلى أن قال رحمه الله إذا عرفت هذا فأهم ما عليك معرفة التوحيد قبل معرفة العبادات كلها حتى الصلاة (2).

ومن أهمية التوحيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشيد بالتوحيد تعظيما لشأنه واهتماما به حتى وهو في مرض الموت حيث قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (3) والمرء مهما بلغ من العلم إلا أنه محتاج إلى التوحيد ومعرفته.

(1) التنبيهات السنية ص / 33.

(2)

الدرر السنيه ج / 1ص / 107.

(3)

أخرجه البخاري كتاب الصلاة باب 55ج / 1ص / 532ح رقم / 435 (الفتح) وأخرجه مسلم كتاب المساجد باب 3ج / 5ص / 16ح رقم / 529

ص: 20

ومما يدلنا على أهمية التوحيد وعظمه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إليه عشر سنين وذلك قبل أن تفرض عليه الفرائض تعظيما لشأنه، ولأن الله لا يقبل الأعمال لإلا به والمرء محتاج إلى التوحيد من نشأته إلى مماته، لأن حياته مبنية على التوحيد لأنه أعظم الواجبات وآكدها وما بعث الله رسولا ولا نبيا إلا ويدعو قومه إلى التوحيد وقد ذكر الله في كتابه العزيز عن كل الرسل أنهم يفتتحون دعوتهم لقومهم بقولهم:{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}

قال - تعالى -: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [سورة النحل، الآية 36](1).

وقال الشيخ صالح البليهي رحمه الله: وقد ورد على ما يدل على أن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل ثلاثمائة وبضعة عشر وكلهم دعوا إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة (2).

(1) بتصرف من كتاب التوكيد للشيخ سليمان العلوان ص / 44.

(2)

عقيدة المسلمين ج / 1، ص / 248.

ص: 21

وسئل الشيخ محمد العثيمين عن أول واجب على الخلق فقال: أول واجب على العباد أن يوحدوا الله عز وجل وأن يشهدوا لرسوله صلى الله عليه وسلم، بالرسالة وبتوحيد الله عز وجل والشهادة لرسوله صلى الله عليه وسلم، بالرسالة يتحقق الإخلاص والمتابعة اللذان هما شرط قبول كل عبادة (1)(2).

****

(1) مجموع فتاوى ج / 2 ص / 22.

(2)

ذكر محقق كتاب الحجة للأصبهاني الخلاف فيما هو أول واجب على المكلف وقال الآخر ويبدو أن المؤلف يذهب إلى الرأي الأول وهو أن أول واجب على المكلف معرفة الله أ. هـ انظر: ج / 1 ص / 122.

وانظر: في أهمية التوحيد كتاب أول واجب على المكلف للشيخ عبد الله الغنيمان فإنه جيد وحسن، وللشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد كلام نفيس وجيد حول أهمية التوحيد وذكر القرآن للتوحيد، فانظر كتاب حكم الانتماء ص / 57 - 59 ويطول المقام بنا لو ذكرنا ما ذكرناه آنفا.

ص: 22