الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
الآثار عن السلف في تعظيم التوحيد
لقد سار السلف الصالح على ما سار عليه قدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث انطلقوا في البلاد شرقًا وغربًا ليبلغوا دين الله ويعلموا الناس توحيد الله-جل وعلا-واهتموا بشأنه وبيانه أعظم اهتمام ورفعوا راية التوحيد خفاقة في كل مكان ولله الحمد والمنة.
قال ربعي بن عامر: أتينا لتخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فأي نشر لتوحيد الله بعد هذا؟ ولهم رحمهم الله آثار في ذلك نذكر منها ما يلي:
1 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «من سرَّه أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم، التي عليها خاتمة فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا} إلى قوله {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة الأنعام، الآيات: 151 - 153](1).
2 -
قال أبو العالية: تعلموا الإسلام فإذا تعلمتم الإسلام فلا ترغبوا عنه يمينًا ولا شمالًا وعليكم بالصراط المستقيم، وعليكم بسنة نبيكم والذي كان عليه أصحابه، وإياكم وهذه الاهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء (2).
3 -
عن سعيد بن جبير: في قوله {وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [سورة طه، الآية: 82] قال لزم السنة (3).
4 -
عن سلام بن مسكين قال كان قتادة إذا تلا {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [سورة فصلت، الآية: 30]
قال: إنكم قد قلتم ربنا الله، فاستقيموا على أمر الله وطاعته وسنة نبيكم، وامضوا حيث تؤمرون، فالاستقامة أن تلبث على الإسلام والطريقة الصالحة ثم لا تمرق منها ولا تخالفها، ولا تشذ
(1) أخرجه الترمذي جـ / 5ص / 246ح رقم3070وقال عنه الترمذي حديث حسن غريب.
(2)
الإبانة لابن بطه جـ / 1ص / 299.
(3)
الإبانة لابن بطه جـ / 1ص / 314.
عن السنة ولا تخرج عنها، فإن أهل المروق من الإسلام منقطع بهم يوم القيامة، ثم إياكم وتصرف الأخلاق واجعلوا الوجه واحدًا والدعوة واحدة، فإنه بلغنا انه من كان ذا وجهين وذا لسانين كان لو يوم القيامة لسانان من نار (1).
5 -
عن عثمان بن حاضر الأزدي قال دخلت على ابن عباس فقلت: أوصني فقال عليك بالاستقامة اتبع ولا تبتدع (2).
6 -
عن عبد الله قال: «الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة» (3).
7 -
عن الزهري قال: «الاعتصام بالسنة نجاة» (4).
8 -
عن أبي حيان البصري قال سمعت الحسن يقول: «لا يصح القول إلا بعمل ولا يصح قول وعمل إلا بنية ولا يصح قول وعمل ونية إلا بالسنة» (5).
(1) الإبانة لابن بطه جـ / 1ص / 318.
(2)
الإبانة لابن بطه جـ / 1ص / 319.
(3)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة جـ / 1ص / 55.
(4)
المصدر السابق جـ / 1،ص / 56.
(5)
المصدر السابق جـ / 1،ص / 57.
9 -
عن الأوزاعي قال: كان يقال خمس كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والتابعون بإحسان، لزوم الجماعة وإتباع السنة، وعمارة المساجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله (1).
10 -
عن الزهري قال كان من مضى من علمائنا يقول: «الاعتصام بالسنة نجاة» (2).
11 -
وعن ابن شهاب: قال «بلغنا عن رجال من أهل العلم أنهم كانوا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة» (3).
12 -
عن أبي إسحاق قال سألت الأوزاعي (4) فقال: «اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم» (5).
(1) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة جـ / 1ص / 64.
(2)
المصدر السابق جـ / 1ص / 94.
(3)
المصدر السابق جـ / 1ص / 95.
(4)
قال المحقق أحمد الحمدان لم يذكر عن أي شئ سأله ولكن السياق يوضح أنه سأله عن طريق النجاة.
(5)
المصدر السابق جـ / 1ص / 154.
13 -
عن حذيفة رضي الله عنه قال «يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقًا بعيدًا، فإن أخذتم يمينًا وشمالًا لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا» (1).
14 -
قال أبو حاتم بن حبان: «طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هي الانقياد لسنته بترك الكيفية والكمية فيها، مع رفض قول كل من شيئا في دين الله- جل وعلا- بخلاف سنته دون الاحتيال في دفع السنن بالتأويلات المضمحلة والمخترعات الداحضة» (2).
ثم سار من بعد الصحابة والتابعين غيرهم من الأئمة من أهل العلم وغيرهم ممن تحملوا تبليغ التوحيد ونشره بين الأمصار وفي كل الأمصار وبرزت جهودهم في العناية بالتوحيد من جانبين:
الأول: المناظرة لأصحاب الفرق الضالة وإفحامها وكشف حقيقتها.
الثاني: تأليف الكتب في بيان العقيدة الصحيحة المعتمدة
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام باب / 2خ رقم7282جـ / 13ص / 250.
(2)
صحيح ابن حبان ص / 153.
على الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح (1).
وممن ناظر من العلماء الإمام أحمد وغيره، وقصته معروفة مع المعتزلة.
وممن ألف من العلماء كثير، منهم الإمام أحمد ألف كتاب السنة والرد على الجهمية والزنادقة وألف ابن أبي عاصم كتاب السنة، وأيضاً الإمام الخلال والطبراني، وكتاب الشريعة للآجري والإبانة لابن بطه، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام أبي القاسم اللآلكائي، وكتاب التوحيد لابن خزيمة، والحجة في بيان المحجة للأصبهاني.
وبعد هؤلاء كلهم برز الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في الدعوة إلى التوحيد وبيان عقيدة السلف.
وبعد هؤلاء بزمن أتى أئمة الدعوة النجدية وعلى رأسهم الشيخ محمد ابن عبد الوهاب وأحفاده فرحمهم الله رحمة واسعة وأدخلهم الجنة بغير حساب.
* * *
(1) انظر التوحيد لابن خزيمة جـ / 1 ص 13.