الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ طَوَافِ النِّسَاءِ الْغُرَبَاءِ بِالْبَيْتِ فِي الْمَوَاسِمِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةِ، وَالطَّوَافِ بِالْجَوَارِي الْأَحْرَارِ وَالْإِمَاءِ بِمَكَّةَ إِذَا بَلَغْنَ، وَتَفْسِيرِ ذَلِكَ
640 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِكْرِمَةَ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَعَهَا بَنُونَ لَهَا أَمْثَالُ الرِّمَاحِ، وَهِيَ تَقُولُ:
[البحر الرجز]
أَنْتَ وَهَبْتَ الْفِتْيَةَ السَّلَاهِبْ
…
وَهَجْمَةً يَحَارُ فِيهَا الْحَالِبْ
وَثُلَّةً مِثْلَ الْجَرَادِ السَّارِبْ
…
مَتَاعَ أَيَّامٍ وَكُلٌّ ذَاهِبْ "
قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أَسْلَمَتْ وَرُؤِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ تَقُولُ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ "
641 -
وَحَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: إِنَّ رَجُلًا
⦗ص: 312⦘
كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَحْمِلُ أُمَّهُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
أَحْمِلُ أُمِّي وَهِيَ الْحَمَّالَهْ
تُرْضِعُنِي الدِّرَّةَ وَالْعُلَالَهْ
هَلْ يُجْزَيَنَّ وَالِدٌ فِعَالَهْ
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: " لَا وَلَا طَلْقَةً "، فَقَالَ عُمَرُ:" لَوَدِدْتُ أَنَّ أُمِّي أَسْلَمَتْ فَأَحْمِلُهَا كَمَا حَمَلْتَ أُمَّكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ "
642 -
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ قَالَ: أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَرَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَامِلًا أُمَّهُ وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا الْمُذَلَّلْ
إِنْ ذُعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أُذْعَرْ
أَحْمِلُهَا مَا حَمَلَتْنِي أَكْثَرْ
أَوْ قَالَ: أَطْوَلْ.
أَتُرَانِي يَا ابْنَ عُمَرَ جَزَيْتُهَا؟ قَالَ: " لَا وَلَا زَفْرَةً وَاحِدَةً "
643 -
حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ قَالَ: أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَامِلًا أُمَّهُ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتَرَيْنِي جَزَيْتُكِ يَا أُمَّهْ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: " أَيْ لُكَعُ وَلَا طَلْقَةً وَاحِدَةً "
644 -
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، حَسِبْتُهُ عَنْ أَبِيهِ، شَكَّ إِبْرَاهِيمُ فِي أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ عَلَى عُنُقِهِ مِثْلُ الْمَهَاةِ وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
عُدْتُ لِهَذِي جَمَلًا ذَلُولَا
مُوَطَّأً أَتَّبِعُ السُّهُولَا
أَعْدِلُهَا بِالْكَفِّ أَنْ تَزُولَا
أَحْذَرُ أَنْ تَسْقُطَ أَوْ تَمِيلَا
أَرْجُو بِذَاكَ نَائِلًا جَزِيلَا
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، مَنْ هَذِهِ الَّتِي وَهَبْتَ لَهَا حَجَّكَ؟ قَالَ: امْرَأَتِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: " بِمَ؟ " قَالَ: إِنَّهَا حَمْقَاءُ مُرْغَامَةٌ أَكُولٌ قَامَّةٌ، مَا تُبْقِي لَنَا خَامَةً قَالَ:" فَمَا لَكَ لَا تُطَلِّقُهَا؟ " قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسْنَاءُ فَلَا تُفْرَكُ، وَأُمُّ عِيَالٍ فَلَا تُتْرَكُ "، قَالَ: " فَشَأْنَكَ بِهَا "
645 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ وَاصِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَبُو حَازِمٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ ذَاتُ حُسْنٍ وَجَمَالٍ، مُسْفِرَةً عَنْ وَجْهِهَا، وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ لَهَا:" يَا أَمَةَ اللهِ إِنَّ هَذَا مَوْضِعُ رَغْبَةٍ، فَلَوِ اسْتَتَرْتِ فَلَمْ تَفْتِنِي الرِّجَالَ "، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْحَازِمِ أَنَا مِنَ اللَّائِي قَالَ فِيهِنَّ الْعَرْجِيُّ:
[البحر الطويل]
مِنَ اللَّائِي لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حِسْبَةً
…
وَلَكِنْ لِيَقْتُلْنَ التَّقِيَّ الْمُغَفَّلَا
فَقَالَ لَهَا أَبُو حَازِمٍ: " صَانَ اللهُ هَذَا الْوَجْهَ عَنِ النَّارِ "، فَقِيلَ لَهُ: أَفَتَنَتْكَ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ فَقَالَ: " لَا، وَلَكِنَّ الْحُسْنَ مَرْحُومٌ "
646 -
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أُذَيْنَةَ: حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ شَبِيبٍ الرَّبَعِيُّ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ لِابْنِ أُذَيْنَةَ، وَقَدْ حَدَّثَنِي غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ أَيْضًا:
[البحر الكامل]
⦗ص: 315⦘
نَزَلُوا ثَلَاثَ مِنًى بِمَنْزِلِ غِبْطَةٍ
…
وَهُمُ عَلَى غَرَضٍ لَعَمْرُكَ مَا هُمُ
مُتَجَاوِرِينَ بِغَيْرِ دَارِ إِقَامَةٍ
…
لَوْ قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُهُمْ لَمْ يَنْدَمُوا
وَلَهُنَّ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ لُبَانَةٌ
…
وَالْبَيْتُ يَعْرِفُهُنَّ لَوْ يَتَكَلَّمُ
لَوْ كَانَ حَيَّا قَبْلَهُنَّ ظَعَائِنًا
…
حَيَّا الْحَطِيمُ وُجُوهَهُنَّ وَزَمْزَمُ
وَكَأَنَّهُنَّ وَقَدْ أَفَضْنَ لَوَاغِيًا
…
دُرٌّ بِأَفْنِيَةِ الْمَقَامِ مُكَرَّمُ
ثُمَّ انْصَرَفْنَ لَهُنَّ أَفْضَلُ زِينَةٍ
…
وَأَفَضْنَ فِي رَفَهٍ وَحَلَّ الْمُحْرِمُ "
وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو سَعِيدٍ بَيْتًا فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ قَوْلَهُ: مُتَجَاوِرِينَ بِغَيْرِ دَارِ إِقَامَةٍ وَقَدْ قَالَ الشُّعَرَاءُ فِي هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ أَشْعَارًا كَثِيرَةً سَأَذْكُرُ بَعْضَهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ:
[البحر السريع]
يَا حَبَّذَا الْمَوْسِمُ مِنْ مَشْهَدِ
…
وَمَسْجِدُ الْكَعْبَةِ مِنْ مَسْجِدِ
وَحَبَّذَا اللَّائِي يُوَاجِهْنَهَا
…
عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ
كُوفِيَّةً أَوْ غَيْرَ كُوفِيَّةٍ
…
بَصْرِيَّةً تَسْكُنُ فِي الْمِرْبَدِ
عُلِّقَهَا الْقَلْبُ عِرَاقِيَّةً
…
مَالَتْ مِنَ الشَّمْسِ إِلَى مَقْعَدِ
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ يَذْكُرُ نِسَاءً رَآهُنَّ:
[البحر الرمل]
أَفْسَدَ الْحَجَّ عَلَيْنَا نِسْوَةٌ
…
مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ كُنَّ لِلْمَوْسِمِ زَيْنَا
وَقَالُوا نِسْوَةٌ مِنْ حَيِّ بَكْرٍ
…
تَهَادَيْنَ رُوَيْدًا ثُمَّ لَا يَقْضِينَ دَيْنًا
⦗ص: 316⦘
وَقَالَ شَاعِرٌ آخَرُ:
[البحر الطويل]
وَبِالْبَلَدِ الْمَيْمُونِ مِمَّا يَلِي الصَّفَا
…
فَتَاةٌ كَقَرْنِ الشَّمْسِ أَحْسَنُ مَنْ مَشَى
تَعَلَّقَهَا قَلْبِي وَهِيَ فِي طَوَافِهَا
…
تُرِيدُ اسْتِلَامَ الرُّكْنِ فِي نِسْوَةٍ عِشَا
فَجَلَّتْ نَهَارًا لَاحَ فِي ضَوْءِ وَجْهِهَا
…
وَأَيْقَنْتُ أَنَّ اللهَ يَخْلُقُ مَا يَشَا
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ أَيْضًا يَذْكُرُ نِسْوَةً رَآهُنَّ عِنْدَ الرُّكْنِ فِيهِنَّ فَتَاةٌ:
[البحر المنسرح]
أَبْصَرْتُهَا لَيْلَةً وَنِسْوَتُهَا
…
يَمْشِينَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْحِجْرِ
يَجْلِسْنَ عِنْدَ الطَّوَافِ إِنْ جَلَسَتْ
…
طَوْرًا وَطَوْرًا يَطَأْنَ فِي الْأُزُرِ
وَقَالَ شَاعِرٌ أَيْضًا يَذْكُرُ بَعْضَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ:
[البحر المنسرح]
أَبْصَرْتُهَا لَيْلَةً وَنِسْوَتَهَا
…
يَسْعَيْنَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْحِجْرِ
بِيضًا حِسَانًا نَوَاعِمًا قُطُفًا
…
يَمْشِينَ هَوْنًا كَمِشْيَةِ الْبَقَرِ
وَقَالَ شَاعِرٌ أَيْضًا يَذْكُرُ بَعْضَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ:
[البحر الكامل]
طَرَقَتْكَ بَيْنَ مُسَبِّحٍ وَمُكَبِّرِ
…
بِحَطِيمِ مَكَّةَ حَيْثُ سَالَ الْأَبْطَحُ
فَحَسِبْتُ مَكَّةَ وَالْمَشَاعِرَ كُلَّهَا
…
وَرِحَالَنَا بَانَتْ بِمِسْكٍ تَنْفَحُ
⦗ص: 317⦘
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِيمَا مَضَى إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ مَا تَبْلُغُ النِّسَاءُ أَلْبَسَهَا أَهْلُهَا أَحْسَنَ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ، وَجَعَلُوا عَلَيْهَا حُلِيًّا إِنْ كَانَ لَهُمْ، ثُمَّ أَدْخَلُوهَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ بَارِزَتَهُ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَيُبْدُونَهَا أَبْصَارَهُمْ فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ، إِنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَمُوَلَّدَةُ آلِ فُلَانٍ، إِنْ كَانَتْ مُوَلَّدَةً، قَدْ بَلَغَتْ أَنْ تُخَدَّرَ، وَقَدْ أَرَادَ أَهْلُهَا أَنْ يُخَدِّرُوهَا وَكَانَ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ أَهْلَ دِينٍ وَأَمَانَةٍ، لَيْسُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْمَكْرُوهَةِ، فَإِذَا قَضَتْ طَوَافَهَا خَرَجَتْ كَذَلِكَ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لِكَيْ يُرْغَبَ فِي نِكَاحِهَا إِنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَشِرَائِهَا إِنْ كَانَتْ مُوَلَّدَةً مَمْلُوكَةً، فَإِذَا صَارَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا خُدِّرَتْ فِي خِدْرِهَا، فَلَمْ يَرَهَا أَحَدٌ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَى زَوْجِهَا، وَكَذَلِكَ كَانُوا فِي الْجَوَارِي الْإِمَاءِ يَفْعَلُونَ، يُلْبِسُونَهَا ثِيَابَهَا وَحُلِيَّهَا، وَيَطُوفُونَ بِهَا مُسْفِرَةً حَوْلَ الْبَيْتِ لِيُشْهِرُوا أَمْرَهَا، وَيُرَغِّبُوا النَّاسَ فِي شِرَائِهَا، فَيَأْتِي النَّاسُ فَيَنْظُرُونَ وَيَشْتَرُونَ
647 -
حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ،
648 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، جَمِيعًا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً، وَقَالَ عِيسَى: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْجَوَارِي اللَّائِي يُطَافُ بِهِنَّ مِنْ حَوْلِ الْبَيْتِ لِلْبَيْعِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ إِلَّا لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ "
649 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى امْرَأَةٍ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ مُسْتَثْفِرَةً بِثَوْبٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ ثُمَّ قَالَ:
[البحر الطويل]
أَلِمَّا بِذَاتِ الْخَالِ وَاسْتَطْلِعَا لَنَا
…
عَلَى الْعَهْدِ بَاقٍ عَهْدُهَا أَمْ تَصَرَّمَا
وَقُولَا لَهَا إِنَّ النَّوَى أَجْنَبِيَّةٌ
…
بِنَا وَبِكُمْ قَدْ خِفْتُ أَنْ تَتَيَمَّمَا
فَقُلْتُ لَهُ: امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ مُحْرِمَةٌ غَافِلَةٌ، قَدْ سَيَّرْتَ فِيهَا شِعْرًا وَهِيَ لَا تَدْرِي فَقَالَ:" لَقَدْ سَيَّرْتُ مِنَ الشِّعْرِ مَا بَلَغَكَ، وَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ مَا حَلَلْتُ إِزَارِي عَلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ حَرَامٍ قَطُّ "
650 -
حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: ثنا وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ: بَيْنَمَا امْرَأَةٌ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ قَالَتْ لِأُخْتٍ لَهَا: يَا أُخْتَاهُ، قَدْ فُتِحَ بَيْتُ رَبِّي، فَهَلَّا تَدْخُلِينَهُ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْغَبُ أَنْ أَطَأَ حَوْلَ بَيْتِ رَبِّي، يَعْنِي مِنْ عِظَمِ قَدْرِهِ عِنْدَهَا، فَكَيْفَ أَطَأُ بِقَدَمِي جَوْفَ بَيْتِ رَبِّي "
651 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: ثنا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: " بَيْنَمَا أَنَا أَطُوفُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِالْبَيْتِ إِذَا أَنَا
⦗ص: 319⦘
بِجُوَيِّرَةَ، مُتَعَلِّقَةً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَهِيَ تَقُولُ: يَا رَبِّ أَمَا لَكَ عُقُوبَةٌ وَلَا أَدَبٌ إِلَّا بِالنَّارِ؟ " حَتَّى قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَانْصَرَفَتْ فَلَحِقْتُهَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَتَعَلَّقْتُ بِثَوْبِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَذِهِ، فَالْتَفَتَتْ إِلَيَّ بِوَجْهٍ لَقَدْ وَاللهِ فَضَحَ عِنْدِي حُسْنُ وَجْهِهَا ضَوْءَ الْقَمَرِ، وَلَقَدْ كَانَتْ فِي عَيْنِي أَحْسَنَ مِنَ الْقَمَرِ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَذِهِ لَوْ عَذَّبَ بِغَيْرِ النَّارِ لَكَانَ مَاذَا؟ قَالَتْ: يَا عَمَّاهُ لَوْ عَذَّبَ بِغَيْرِ النَّارِ لَقَضَيْنَا أَوْطَارًا "
652 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ:" بَيْنَمَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذَا أَنَا بِجُوَيْرِيَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ تَقُولُ: " يَا رَبِّ ذَهَبَتِ اللَّذَّاتُ، وَبَقِيَتِ التَّبِعَاتُ، يَا رَبِّ كَمْ مِنْ شَهْوَةِ سَاعَةٍ قَدْ أَوْرَثَتْ صَاحِبَهَا حُزْنًا طَوِيلًا، يَا رَبِّ أَمَا لَكَ عُقُوبَةٌ وَلَا أَدَبٌ إِلَّا بِالنَّارِ؟ " فَمَا زَالَ ذَاكَ مَقَالَتَهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، قَالَ: فَوَضَعَ مَالِكٌ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ صَارِخًا يَبْكِي، يَقُولُ: ثَكِلَتْ مَالِكًا أُمُّهُ وَعَدِمَتْهُ، جُوَيْرِيَةٌ مُنْذُ اللَّيْلَةِ قَدْ بَطَّلَتْهُ "
653 -
قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا:
[البحر الطويل]
⦗ص: 320⦘
وَطَائِفَةٍ بِالْبَيْتِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمُ
…
تَقُولُ وَمِنْهَا دَمْعُهَا يَتَسَجَّمُ
أَيَا رَبِّ كَمْ مِنْ شَهْوَةٍ قَدْ رُزِيتُهَا
…
وَلَذَّةِ عَيْشٍ حَبْلُهَا يَتَصَرَّمُ
أَمَا لَكَ يَا رَبَّ الْعِبَادِ عُقُوبَةٌ
…
وَلَا أَدَبٌ إِلَّا الْجَحِيمُ الْمُضَرَّمُ؟
فَمَا زَالَ ذَاكَ الْقَوْلُ مِنْهَا تَضَرُّعًا
…
إِلَى أَنْ بَدَا فَجْرُ الصَّبَاحِ الْمُقَوَّمُ
فَشَبَّكْتُ بَيْنَ الْكَفِّ أَهْتِفُ صَارِخًا
…
عَلَى الرَّأْسِ أُبْدِي بَعْضَ مَا كُنْتُ أَكْتُمُ
وَقُلْتُ لِنَفْسِي إِذْ تَطَاوَلَ مَا بِهَا
…
فَأَعْيَا عَلَيْهَا وِرْدُهَا الْمُتَعَتِّمُ
أَلَا ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ الْيَوْمَ مَالِكًا
…
جُوَيْرِيَةٌ أَلْهَاكَ مِنْهَا الْمُكَلَّمُ "
654 -
وَحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ حُسَيْنٍ الْأَزْدِيُّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قَالَ: " حَجَجْتُ مَعَ أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ، فَرَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ يَتَعَرَّضُ لِامْرَأَةٍ فِي الطَّوَافِ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقِهَا كُلَّمَا مَرَّتْ عَبَثَ بِهَا وَكَلَّمَهَا، فَقَالَتْ لَأَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا: لِيَكُنْ بَعْضُكُمْ قَرِيبًا مِنِّي إِذَا أَتَيْتُ الطَّوَافَ، فَجَعَلَتْ تَمُرُّ بِهِ فَإِذَا رَأَى مَعَهَا رَجُلًا لَمْ يُكَلِّمْهَا، فَتَمَثَّلَتْ بِقَوْلِ الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ أَوِ الزِّبْرِقَانِ:
[البحر]
تَعْدُو السِّبَاعُ عَلَى مَنْ لَا كِلَابَ لَهُ
…
وَتَحْتَمِي مَرْبَضَ الْمُسْتَنْفِرِ الْحَامِي
قَالَ: فَمَا خَجِلْتُ مِنْ شَيْءٍ خَجَلِي مِنْهَا "
655 -
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ:" دَخَلَتْ أَعْرَابِيَّةٌ الطَّوَافَ فَقَالَتْ: يَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ، أَقْبَلْتُ مِنْ بَعِيدٍ أَسْأَلُكَ سِتْرَكَ الَّذِي لَا تَخْرِقُهُ الرِّمَاحُ، وَلَا تُزِيلُهُ الرِّيَاحُ "
656 -
قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ: وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي قَوْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي عَاذَتْ بِالْبَيْتِ: "
[البحر الطويل]
وَعَائِذَةٍ بِالْبَيْتِ تُمْسِكُ سِتْرَهُ
…
تُنَاجِي إِلَهَ الْعَرْشِ وَالنَّاسُ نَوَّمُ
أَيَا رَبِّ إِنِّي أَوْثَقَتْنِي خَطِيئَتِي
…
وَأَنْتَ بِمَا أَسْلَفْتُ مِنِّيَ أَعْلَمُ
أَيَا لَذَّةً أَبْقَتْ غُمُومًا وَحَسْرَةً
…
وَنِيرَانَ جَمْرٍ حَرُّهَا يَتَضَرَّمُ
وَيَا شَهْوَةً قَدْ أَوْرَثَتْنِي حَرَارَةً
…
تَظَلُّ لَهَا عَيْنَايَ بِالدَّمْعِ تَسْجُمُ
فَمَا زَالَ هِجِّيرُ الصَّغِيرَةِ لَيْلَهَا
…
تُنَادِي: أَيَا ذَا الْعِزَّةِ الْمُتَكَرِّمُ
أَمَا مِنْ عَذَابٍ غَيْرُ نَارٍ مُبِيدَةٍ
…
وَسِجْنُكَ مِنْ بَعْدِ النُّشُورِ جَهَنَّمُ
وَتَزْفِرُ مِنْ خَوْفِ الْمَقَامِ وَهَوْلِهِ
…
إِلَى أَنْ بَدَا ضَوْءٌ مِنَ الصُّبْحِ مُعَلِمُ
أَلَا ثَكِلَتْنِي أُمُّ مَالِكٍ إِنَّنِي
…
شُغِلْتُ بِصَوْتٍ سَدَّ سَمْعِيَ يُفْهَمُ
فَضَيَّعْتُ حَظِّي بِاسْتِمَاعِي حَزِينَةً
…
وَإِظْهَارِ مَا قَدْ كَانَ يُخْفَى وَيُكْتَمُ "