الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (1)، وهذا عام في دفع جميع ما يضرّهم في دينهم ودنياهم، فعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه، وفي الحديث:((احفظ الله يحفظك)) (2)، أي احفظ أوامره بالامتثال، ونواهيه بالاجتناب، وحدوده بعدم تعدّيها، يحفظك: في نفسك، ودينك، ومالك، وولدك، وفي جميع ما آتاك الله من فضله (3).
32 - اللَّطِيفُ
قال الله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيز} (4)، وقال تعالى:{لَاّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} (5).
(1) سورة الحج، الآية:38.
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة، باب 59، برقم 2516، والحاكم، 3/ 541، وقال:((هذا حديث كبير عال)). وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 7957.
(3)
الحق الواضح المبين، ص60 - 61.
(4)
سورة الشورى، الآية:19.
(5)
سورة الأنعام، الآية:103.
((اللطيف)) من أسمائه الحسنى، وهو الذي يلطف بعبده في أموره الداخلية المتعلقة بنفسه، ويلطف بعبده في الأمور الخارجية عنه، فيسوقه ويسوق إليه ما به صلاحه من حيث لا يشعر. وهذا من آثار: علمه، وكرمه، ورحمته؛ فلهذا كان معنى اللطيف نوعين:
النوع الأول: أنه الخبير الذي أحاط علمه بالأسرار والبواطن والخبايا والخفايا، ومكنونات الصدور، ومغيبات الأمور، وما لطف ودقَّ من كل شيء.
النوع الثاني: لطفه بعبده ووليِّه الذي يريد أن يُتمَّ عليه إحسانه، ويشمله بكرمه ويُرقِّيه إلى المنازل العالية فييسّره لليُسرى ويجنِّبه العُسرى، ويجري عليه من أصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه، وهي عين صلاحه والطريق إلى سعادته، كما امتحن الأنبياء بأذى قومهم وبالجهاد في سبيله، وكما ذكر الله عن يوسف صلى الله عليه وسلم وكيف ترقَّت به الأحوال ولطف الله به وله بما قدّره عليه من تلك الأحوال التي حصل له في عاقبتها حسن العُقبى في الدنيا
والآخرة، وكما يمتحن أولياءه بما يكرهونه؛ ليُنيلهم ما يُحبِّون.
فكم لله من لُطْفٍ وكرمٍ لا تدركه الأفهام، ولا تتصوره الأوهام، وكم استشرف العبد على مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية، أو رياسة، أو سبب من الأسباب المحبوبة، فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه رحمةً به لئَلَاّ تضره في دينه، فيظل العبدُ حزيناً من جهله وعدم معرفته بربِّه، ولو علم ما ادُّخِرَ له في الغيب وأُريد إصلاحه فيه لحمد الله وشكره على ذلك؛ فإنّ الله بعباده رؤوفٌ رحيم لطيف بأوليائه، وفي الدعاء المأثور (1):((اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أُحبُّ فاجعله فراغاً لي فيما تُحبُّ)) (2).
(1) الحق الواضح المبين، ص61 - 62، وانظر: شرح النونية للهراس، 2/ 91، وتوضيح المقاصد، 2/ 228.
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب 73، برقم 4391، وحسنه، وقال عبد القادر الأرنؤوط:((وهو كما قال)). انظر: جامع الأصول، 4/ 341، بينما ضعّف الحديث الشيخ الألباني في ضعيف الجامع، برقم 1172.