المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل: رد احتجاجهم ببعض الآيات على خصوصية الرسالة] - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ: دِينِ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدٌ هُوَ الْإِسْلَامُ] [

- ‌الدِّينُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الرُّسُلِ]

- ‌[مِنْ أَسْبَابِ ظُهُورِ الْإِيْمَانِ]

- ‌[ظُهُورُ الْمُعَارِضِينَ لِلْحَقِّ]

- ‌[مُعَارَضَةُ أَعْدَاءِ الْحَقِّ بِدَعَاوِيهِمُ الْكَاذِبَةِ]

- ‌[التَّحْذِيرُ مِنَ اتِّبَاعِ بِدَعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى]

- ‌[سَبَبُ تَأْلِيفِ الْكِتَابِ]

- ‌[مُجْمَلُ مَا جَاءَ فِي رِسَالَةِ بُولِسَ مِنْ دَعَاوَى]

- ‌[نَهْجُ الْمُؤَلِّفِ فِي رَدِّ دَعَاوِيهِمُ الْبَاطِلَةِ]

- ‌[مَا كَفَرَتْ بِهِ النَّصَارَى]

- ‌[تَكْفِيرُ كُلٍّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لِلْآخَرِ]

- ‌[فَصْلٌ: دَلَائِلِ صِدْقِ النَّبِيِّ الصَّادِقِ]

- ‌[فَصْلٌ: تَوْضِيحِ الدَّعْوَى وَالرَّدِّ عَلَيْهَا] [

- ‌ادِّعَاؤُهُمْ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُبْعَثْ إِلَّا إِلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْعَرَبِ]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ مَتَى ثَبَتَ الِاحْتِجَاجُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[صِدْقُ الرَّسُولِ وَعِصْمَتُهُ مِنَ الْكَذِبِ]

- ‌[الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِمْ بِالْإِرْسَالِ الْكَوْنِيِّ]

- ‌[تَفْرُّقُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الرَّدُّ عَلَى دَعْوَى قَصْرِ الرِّسَالَةِ عَلَى الْعَرَبِ]

- ‌[تَوْجِيهُ الدَّعْوَةِ مِنَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[قُدُومُ الْوُفُودِ عَلَى الرَّسُولِ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ رِسَالَتِهِ]

- ‌[وُجُوهُ الْجَمْعِ بَيْنَ مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقِتَالِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: مِنْ أَدِلَّةِ عُمُومِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم] [

- ‌إِسْلَامُ النَّجَاشِيِّ]

- ‌[إِسْلَامُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ]

- ‌[إِرْسَالُ الرُّسُلِ إِلَى جَمِيعِ الطَّوَائِفِ الْمَوْجُودَةِ فِي عَهْدِهِ]

- ‌[إِرْسَالُهُ رَسُولًا إِلَى مَلِكِ مِصْرَ الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ النَّصَارَى]

- ‌[فَصْلٌ: قِتَالُهُ صلى الله عليه وسلم النَّصَارَى]

- ‌[فَصْلٌ: إِرْسَالُ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ إِلَى مُلُوكِ الْفُرْسِ]

- ‌[فَصْلٌ: ضَرْبُهُ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ عَلَى الْمَجُوسِ]

- ‌[فَصْلٌ: أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى عُمُومِ رِسَالَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: ابْتِدَاعُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي دِينِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ بِإِجْمَاعِهِمْ وَتَفَرُّقُ النَّصَارَى بِابْتِدَاعِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: النَّصَارَى بَدَّلُوا دِينَ الْمَسِيحِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: شُبُهَاتُ النَّصَارَى عَلَى رِسَالَةِ النَّبِيِّ وَالرَّدُّ عَلَيْهَا]

- ‌[الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ كَلَامَ الرَّسُولِ مُتَنَاقِضٌ]

- ‌[فَصْلٌ: مُعْجِزَاتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: رَدُّ احْتِجَاجِهِمْ بِبَعْضِ الْآيَاتِ عَلَى خُصُوصِيَّةِ الرِّسَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَّا إِلَى الْعَرَبِ] [

- ‌إِنْ أَقَرُّوا بِرِسَالَتِهِ إِلَى الْعَرَبِ]

الفصل: ‌[فصل: رد احتجاجهم ببعض الآيات على خصوصية الرسالة]

[فَصْلٌ: رَدُّ احْتِجَاجِهِمْ بِبَعْضِ الْآيَاتِ عَلَى خُصُوصِيَّةِ الرِّسَالَةِ]

وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا} [البقرة: 151] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [آل عمران: 164] .

فَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] .

وَهَذَا فِي عُمُومِهِ نِزَاعٌ، فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَيَكُونَ الْمُرَادُ إِنَّا بَعَثْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا مِنَ الْبَشَرِ، إِذْ كُنْتُمْ لَا تُطِيقُونَ أَنْ تَأْخُذُوا عَنْ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِأَنْ أَرْسَلَ إِلَيْكُمْ رَسُولًا بَشَرِيًّا.

قَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ - وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 8 - 9] .

ص: 440

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلْعَرَبِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَإِنَّ مَا تَضَمَّنَ ذِكْرَ إِنْعَامِهِ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ بِإِرْسَالِهِ رَسُولًا مِنْ جِنْسِهِمْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا إِلَى غَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ خِطَابًا لِلْإِنْسِ كُلِّهِمْ، فَهُوَ أَيْضًا مُرْسَلٌ إِلَى الْجِنِّ، وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِمْ، فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ إِذَا كَانَ خِطَابًا لِلْعَرَبِ بِمَا امْتَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ؟ أَنْ يَكُونَ قَدِ امْتَنَّ عَلَى غَيْرِهِمْ بِذَلِكَ، فَالْعَجَمُ أَقْرَبُ إِلَى الْعَرَبِ مِنَ الْجِنِّ إِلَى الْإِنْسِ، وَقَدْ أَخْبَرَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَنَّ الْجِنَّ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ آمَنُوا بِهِ.

قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ - قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ - يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ - وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} [الأحقاف: 29 - 32] .

ص: 441

وَقَالَ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا - يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا - وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا - وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا - وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا - وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا - وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا - وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا - وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا - وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا - وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا - وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا - وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا - وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا - وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا - وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا - لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا - وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا - وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا - قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا - قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا - قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا - إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا - حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا - قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا - عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا - لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 1 - 28] .

وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: 44] .

وَقَوْمُهُ قُرَيْشٌ، وَلَا يَمْنَعُ أَنَّهُ ذِكْرٌ لِسَائِرِ الْعَرَبِ بَلْ لِسَائِرِ النَّاسِ،

ص: 442

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ - وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [القلم: 51 - 52] .

وَقَالَ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] .

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ - إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ - وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 86 - 88] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ - ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ - مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ - وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ - وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ - وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ - وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ - فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ - إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ - لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ - وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 19 - 29] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79] .

وَهَذَا عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] أَنَّهُ ذِكْرٌ لَهُمْ يَذْكُرُونَهُ فَيَهْتَدُونَ بِهِ.

ص: 443

وَقِيلَ: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ شَرَفٌ لَهُمْ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ شَرَفٌ لِمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ شَرَفًا لِجَمِيعِ قَوْمِهِ، بَلْ مَنْ كَذَّبَ بِهِ مِنْهُمْ كَانَ أَحَقَّ بِالذَّمِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} [الأنعام: 66] .

بِخِلَافِ كَوْنِهِ تَذْكِرَةً وَذِكْرَى ; فَإِنَّهُ تَذْكِرَةٌ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: 90] .

فَعَمَّ الْعَالَمِينَ جَمِيعَهُمْ، فَقَالَ:{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [يوسف: 104] .

ص: 444