الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ أُخْرَى مِنَ الزَّبُورِ]
فَصْلٌ
وَقَالَ دَاوُدُ فِي مَزَامِيرِهِ - وَهِيَ الزَّبُورُ -: مِنْ أَجْلِ هَذَا بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى الْأَبَدِ، فَتَقَلَّدْ - أَيُّهَا الْجَبَّارُ - بِالسَّيْفِ؛ لِأَنَّ الْبَهَاءَ لِوَجْهِكَ، وَالْحَمْدَ الْغَالِبَ عَلَيْكَ. ارْكَبْ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَسِمَةَ التَّأَلُّهِ، فَإِنَّ نَامُوسَكَ وَشَرَائِعَكَ مَقْرُونَةٌ بِهَيْبَةِ يَمِينِكَ، وَسِهَامَكَ مَسْنُونَةٌ، وَالْأُمَمُ يَخِرُّونَ تَحْتَكَ.
قَالُوا: فَلَيْسَ مُتَقَلِّدُ السَّيْفِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ دَاوُدَ سِوَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الَّذِي خَرَّتِ الْأُمَمُ تَحْتَهُ، وَقُرِنَتْ شَرَائِعُهُ بِالْهَيْبَةِ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: " «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ
شَهْرٍ» ". وَقَدْ أَخْبَرَ دَاوُدُ أَنَّهُ لَهُ نَامُوسًا وَشَرَائِعَ، وَخَاطَبَهُ بِلَفْظِ الْجَبَّارِ، إِشَارَةً إِلَى قُوَّتِهِ وَقَهْرِهِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَضْعَفِ الْمَقْهُورِ.
وَهُوَ صلى الله عليه وسلم نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ. وَأُمَّتُهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، أَذِلَّةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ. بِخِلَافِ مَنْ كَانَ ذَلِيلًا لِلطَّائِفَتَيْنِ مِنَ النَّصَارَى الْمَقْهُورِينَ مَعَ الْكُفَّارِ، أَوْ كَانَ عَزِيزًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْيَهُودِ، بَلْ كَانَ مُسْتَكْبِرًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ كَذَّبُوا فَرِيقًا وَقَتَلُوا فَرِيقًا.