المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل: بشارة ثالثة من داود عليه السلام] - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ: مُنَاقَشَةُ النَّصَارَى فِي إِطْلَاقِ لَفْظِ الْجَوْهَرِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ: نَقْضُ دَعْوَاهُمُ الِاسْتِغْنَاءَ بِالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ: بُطْلَانُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِمَا يَدَّعُونَهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ]

- ‌[فَصْلٌ: إِثْبَاتُ الْفَضْلِ لِرَسُولِ اللَّهِ وَلِشَرِيعَتِهِ وَلِأُمَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ: اشْتِرَاطُهُمْ لِصِحَّةِ النُّبُوَّةِ تَبْشِيرُ الْأَنْبِيَاءِ بِهَا وَالرَّدُّ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ: طُرُقُ الْعِلْمِ بِبِشَارَةِ الْأَنْبِيَاءِ بِمُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ: شَهَادَاتُ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِمُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام وَأَمْثِلَةٌ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ مِنَ الزَّبُورِ وَتَفْسِيرُهَا]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ أُخْرَى مِنَ الزَّبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ ثَالِثَةٌ مِنْ دَاوُدَ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ رَابِعَةٌ مِنْ دَاوُدَ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ خَامِسَةٌ مِنْ دَاوُدَ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ: شَهَادَةُ سِفْرِ أَشْعِيَا " رَاكِبُ الْحِمَارِ وَرَاكِبُ الْجَمَلِ

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةُ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالْمَسِيحِ وَبِمُحَمَّدٍ وَإِنْذَارُهَا بِالدَّجَّالِ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةُ أَشْعِيَاءَ بِشَأْنِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ ثَالِثَةٌ مِنْ أَشْعِيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ رَابِعَةٌ مِنْ أَشْعِيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ خَامِسَةٌ مِنْ أَشْعِيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ سَادِسَةٌ مِنْ أَشْعِيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ سَابِعَةٌ مِنْ أَشْعِيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ ثَامِنَةٌ مِنْ أَشْعِيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ تَاسِعَةٌ مِنْ أَشْعِيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَبْقُوقَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ مِنْ حَزْقِيَالَ]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَتَانِ مِنْ دَانْيَالَ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ ثَالِثَةٌ مِنْ دَانْيَالَ عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ: مَا نُقِلَ مِنْ بِشَارَاتِ الْمَسِيحِ بِمُحَمَّدٍ وَالتَّعْلِيقِ الْمُفَصَّلِ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ: بَرَاهِينُ قُرْآنِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: الدَّلَائِلُ الْقَاطِعَةُ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ: جَلَاءُ آيَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَنَوُّعُهَا وَكَثْرَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ: التَّحْقِيقُ فِي اسْمِ الْمُعْجِزَةِ وَالْآيَةِ وَالْكَرَامَةِ وَإِطْلَاقِهِنَّ]

- ‌[فَصْلٌ: بَحْثٌ فِي الْإِعْجَازِ الْقُرْآنِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ: شَخْصِيَّةُ الرَّسُولِ وَشَرِيعَتُهُ وَأُمَّتُهُ، وَكَرَامَاتُ الصَّالِحِينَ مِنْهَا، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ: نَقْلُ النَّاسِ لِصِفَاتِهِ عليه السلام الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِهِ]

الفصل: ‌[فصل: بشارة ثالثة من داود عليه السلام]

[فَصْلٌ: بِشَارَةٌ ثَالِثَةٌ مِنْ دَاوُدَ عليه السلام]

فَصْلٌ

قَالُوا: وَقَالَ: دَاوُدُ فِي مَزْمُورٍ لَهُ: " إِنَّ رَبَّنَا عَظِيمٌ مَحْمُودٌ جِدًّا " وَفِي تَرْجَمَتِهِ: " إِلَهُنَا قُدُّوسٌ، وَمُحَمَّدٌ قَدْ عَمَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا فَرَحًا ". قَالُوا: فَقَدْ نَصَّ دَاوُدُ عَلَى اسْمِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَبَلَدِهِ، وَسَمَّاهَا قَرْيَةَ اللَّهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ كَلِمَتَهُ تَعُمُّ الْأَرْضَ كُلَّهَا.

قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ لَمَّا قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرُوِيَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ " أَخْبِرْنَا بِبَعْضِ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 239

- صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ "، فَقَالَ: " إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ "، وَذِكْرُ صِفَتِهِ مَوْجُودَةٌ فِي نُبُوَّةِ أَشْعِيَاءَ، وَلَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي نَفْسِ كِتَابِ مُوسَى.

وَتَقَدَّمَ أَنَّ لَفْظَ التَّوْرَاةِ يَقْصِدُونَ بِهِ جِنْسَ الْكُتُبِ الَّتِي عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَخُصُّونَ بِذَلِكَ كِتَابَ مُوسَى.

وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، يُرَادُ بِالتَّوْرَاةِ جِنْسُ الْكُتُبِ الَّتِي عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ كِتَابَ مُوسَى وَزَبُورَ دَاوُدَ وَصُحُفَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ - سِوَى الْإِنْجِيلِ - فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ النَّصَارَى خَاصَّةً.

وَأَمَّا سَائِرُ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ، فَالْأُمَّتَانِ تُقِرُّ بِهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ

ص: 240

كَثِيرًا مَا يَقْرِنُ فِي الْقُرْآنِ بَيْنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَبَيْنَ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُ الزَّبُورَ مُفْرَدًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

{الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران: 1] .

وَقَوْلِهِ:

{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} [التوبة: 111] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى:

{الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157] .

وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا فِي الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ، وَهُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا أَصْرَحُ مِمَّا هُوَ فِي كِتَابِ مُوسَى خَاصَّةً.

فَإِذَا أُرِيدَ بِالتَّوْرَاةِ جِنْسُ الْكُتُبِ فَلَا يَسْتَرِيبُ عَاقِلٌ فِي كَثْرَةِ ذِكْرِهِ وَنَعْتِهِ وَنَعْتِ أُمَّتِهِ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِذَلِكَ الِاسْتِشْهَادَ

ص: 241

بِوُجُودِهِ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ، وَإِقَامَةَ الْحُجَّةِ بِذِكْرِهِ فِيهَا. فَإِذَا كَانَ ذِكْرُهُ فِي غَيْرِ كِتَابِ مُوسَى أَكْبَرَ وَأَظْهَرَ عِنْدَهُمْ، كَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ الِاسْتِدْلَالِ بِكِتَابِ مُوسَى. فَإِذَا حُمِلَ لَفْظُ التَّوْرَاةِ فِي هَذَا عَلَى جِنْسِ الْكُتُبِ، كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي لُغَةِ مَنْ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، كَانَ هَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْمَدْحِ لِلْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَتَصْدِيقِ بَعْضِهَا بَعْضًا.

وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مُطْلَقًا، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:

{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] .

وَقَالَ: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177] .

وَالزَّبُورُ ذَكَرَهُ مُفْرَدًا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ، فِي قَوْلِهِ:

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 163] .

ص: 242

إِلَى قَوْلِهِ..

{وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} [الأحقاف: 12] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -.

{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} [الأنعام: 91] .

وَقَالَ - تَعَالَى -:

{ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} [الأنعام: 154] .

وَإِذَا كَانَ لَفْظُ التَّوْرَاةِ يَتَنَاوَلُ الْكُتُبَ الَّذِي عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ جَمِيعًا، وَالزَّبُورُ وَغَيْرُهُ دَاخِلٌ فِي هَذَا الِاسْمِ، وَكَانَ ظُهُورُ اسْمِهِ وَنَعْتِهِ فِي التَّوْرَاةِ، وَوُجُودُ ذَلِكَ فِيمَا عِنْدَهُمْ، وَتَكَرُّرُهُ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ، وَكَانَ مَعْرِفَتُهُمْ لِذَلِكَ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَاضِحًا بَيِّنًا، إِنْ قُدِّرَ هَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي يَعْتَرِفُ بِهَا عَامَّتُهُمْ، لَمْ يُكْتَمْ مِنْهَا شَيْءٌ، بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ كَمَا كَانَتْ.

ص: 244