الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْبَاب الأول)
(فِي فضل الْعدْل من ذَوي الْفضل)
رُوِيَ فِي " الْخَبَر الْجَلِيّ " عَن الْجَانِب الْمُقَدّس النَّبَوِيّ أَنه قَالَ [صلى الله عليه وسلم] : " الْعدْل ميزَان الله فِي الأَرْض فَمن أَخذ بِهِ قَادَهُ إِلَى الْجنَّة، وَمن تَركه قَادَهُ إِلَى النَّار ".
وَقَالَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] : " يَوْم من أَيَّام إِمَام عَادل أفضل من عبَادَة سِتِّينَ سنة ". قلت: وناهيك مِنْهَا حَالَة على كل الْأَحْوَال فاخرة، تزين دنيا وَتثبت آخِرَة، أوفت عبَادَة العابدين مقَاما، إِذا نَالَتْ محاولها أَفْخَر مَآلًا وأشرف مقَاما، وَذَلِكَ أَن الْعدْل صفة من صِفَات الْخَالِق، وَرَحْمَة مَوْجُودَة فِي الْخَلَائق، يقمع سَيْفه كل باغٍ وَعَاد، ويكنف ظله كل ملهوف وصادٍ، وَهُوَ غرس جناه أعذب خير، لِأَن خير الْأَعْمَال مَا تعدى نَفعه إِلَى الْغَيْر وَأَقُول: // (الْكَامِل) //:
(وَالله مَا حلي الإِمَام بحليةٍ
…
أبهى من الْإِحْسَان والإنصاف)
(فلسوف يلقى فِي الْقِيَامَة فعله
…
مَا كَانَ من كدرٍ أَتَاهُ وصافي)
وَقَالَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] : " زين الله السَّمَاء بالشمس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب، وزين الأَرْض بالعلماء والمطر وَالسُّلْطَان الْعَادِل ".
وَقَالَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] : " إِن أفضل مَا يمن الله على عباده الْملك الْخَيْر الْفَاضِل ". وَعَن عبد الله بن عمر _ رضي الله عنهما _ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " المقسطين عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة على مَنَابِر من نور على يَمِين الرَّحْمَن وكلتا يَدَيْهِ يَمِين، الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهاليهم وَمَا ولوا ". وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء: " بالراعي تصلح الرّعية، وبالعدل تملك الْبَريَّة وَمن عدل فِي سُلْطَانه اسْتغنى عَن أعوانه، وَالظُّلم مسْلبَةٌ النعم، ومجلبة
النقم، وَأقرب الْأَشْيَاء سرعَة الظلوم وأنفذ السِّهَام دَعْوَة الْمَظْلُوم، وَمن سل سيف الْعدوان سلب من السُّلْطَان ". وَقَالَ أرسطاطاليس:" الْحَكِيم الْعَالم بستانٌ، سياجه الدولة، الدولة ولَايَة تحرسها الشَّرِيعَة، الشَّرِيعَة سنة يستنها الْملك الْملك راعٍ يعضده الْجَيْش، الْجَيْش أعوان يكفيهم الرزق، الرزق مَال تجمعه الرّعية، الرّعية عبيد يستعبدهم الْعدْل، الْعدْل مألوف وَهُوَ قوام الْعَالم "، وَكَانَ مَكْتُوبًا على خَاتم كسْرَى أنو شرْوَان:" عدل السُّلْطَان أَنْفَع من خصب الزَّمَان ".
قَالَ الفضيل بن عِيَاض رحمه الله: " إِن الله تَعَالَى لَا يهْلك الرّعية، وَإِن
كَانَت ظالمة إِذا كَانَت الْأَئِمَّة هادية مهديةٌ: وَيهْلك الرّعية وَإِن كَانَت هادية مهدية إِذا كَانَت الْأَئِمَّة ظالمة، لِأَن أَعمال الْأَئِمَّة تعلو أَعمال الرّعية ". وروى جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق _ عليهما السلام _ يرفعهُ إِلَى النَّبِي _[صلى الله عليه وسلم]_ أَنه قَالَ:" مَا من ملك يصل رَحمَه، وَذَا قرَابَته، ويعدل فِي رَعيته، إِلَّا شدّ الله ملكه، وأجزل ثَوَابه، وَأكْرم مآبه وخفف حسابه ".