الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشمس أن تغرب كما يقول كادت، والثانية: أنه على وزن فعول وهو للمبالغة، والثالثة زيادة الياء فيه وهي تزداد للمبالغة كأحمري، وفي القاموس الكروبيون مخففة الراء سادة الملائكة.
مسألة:
سئل أبو إسحاق إسماعيل الصفار البخاري من كبار أئمة الحنفية عن الملائكة
أهم مختارون في التوحيد أم مجبورون
؟ وهل يتصور منهم الكفر؟ فأجاب: في قول الحسن البصري: إنهم مجبورون في افيمان ولايتصور منهم الكفر، أما عند عامة أهل السنة والجماعة: إن الله تعالى خلقهم مختارين عاقلين بربهم، والدليل عليه قوله تعالى:(وَمَن يَقُل مِنهُم إِنّي إِلَهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجزِيهِ جَهَنَّمَ) الأنبياء:29 وقال: (لَا يَعصُونَ الله ما أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَ) لأن الجزاء في مقابلة الفعل، ولو لم يكونوا مختارين في التوحيد والطاعة لما قال تعالى مدحا لهم:(لَا يَعصُونَ الله ما أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَ) قلت: الحسن أستند إلى الحديث السابق في المسألة الأولى.
وقال الإمام كمال الدين بن الزملكاني في كتابه المسمى (تحقيق الأولى من أهل الرفيق الأعلى) : اختلف العقلاء في أن الملائكة هل يقدرون على الشرور والمعاصي، فذهب جمهور الفلاسفة وكثير من الجبريين إلى أن الملائكة خير محض لا قدرة لهم على الشر والفساد بوجه، وقال جمهور المعتزلة وكثير من الفقهاء: إنهم قادرون على الأمرين، واحتجوا على ذلك بأن الله تعالى مدحهم على ترك المعاصي والمخالفة، ودوام الطاعة ولولا تصور ذلك منهم ما استحقوا عليه المدح، أما مدحهم ففي مواضع منها قوله تعالى:(إِنَّ الَّذَينَ عِندَ رَبِكَ لَا يَستَكبِرُونَ عَن عِبادَتِهِ) الآية، الأعراف: 206 وقوله تعالى: (لَن يَسَتَنكِفَ المَسيحُ أَن يَكونَ عَبداً لله وَلَا المَلائِكَةُ المُقَرَبُون) النساء: 172 وغير ذلك من الآيات، وأما أن الممدوح علىترك الشيء لا بد وأن يقدر عليه فلأن من لا يتصور منه الفعل لا يحسن مدحه على تركه في العرف ولو فعل ذلك فاعل عد فعله مستقبحا عرفا ومما احتج به هؤلاء أن الله تعالى توعدهم على تقدير صدور الذنب، ومن لا يتصور منه صدور الذنب لا يتوعد عليه؛ أما الأول فلقوله تعالى:(وَمَن يَقُل مِنهُم إِنّي إِلهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نُجزِيهِ جَهَنَّم) وأما الثاني فظاهر والله أعلم.
مسألة:
قال القاضي عياض: أجمع المسلمون أن الملائكة مؤمنون فضلاء، واتفق أئمة المسلمين أن حكم المرسلين منهم حكم النبيين سواء في العصمة مما ذكرنا عصمتهم منهم، وأنهم في حقوق الأنبياء والتبليغ إليهم كالأنبياء مع الأمم، واختلفوا في غير المرسلين منهم، فذهبت طائفة إلى عصمة جميعهم عن المعاصي واحتجوا بقول الله تعالى:(لَا يَعصُونَ اللَهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرون) التحريم: 6 وبقوله: (وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعلوم، وإِنّا لَنَحنُث المُسَبِحونَ) الصافات: 164 - 166 وبقوله: (وَمَن عِندَهُ لا يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتِهِ وَلا يَستَحسَرونَ) الأنبياء: 19 ونحوه من السمعيات، وذهبت طائفة إلى أن هذا خصوص للمرسلين منهم والمقربين، واحتجوا بقصة هاروت وماروت،
وقصة إبليس، والصواب عصمة جميهم وتنزيه نصابهم الرفيع عن جميع ما يحط من رتبهم وينزلهم عن جليل مقدارهم، قال: والجواب عن قصة هاروت وماروت أنها لم يرو فيها شيء لا سيقيم ولا صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن قصة إبليس أن الأكثر ينفون أنه من الملائكة ويقولن إنه أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس. انتهى.
وقال الصفوى الأرموى في رسالته: الملائكة معصومون والدليل عليه من وجه:
أحدها: قوله تعالى في وصفهم: (وَيفعَلُونَ ما يُؤمَرون) وقوله تعالى: (وَهُم بأَِمرِهِ يَعمَلُون) الأنبياء: 27 وهما يتناولان فعل المأمورات وترك المنهيات؛ لأن النهي أمر بالترك، ولأنه سيق في معرض التمدح وهو إنما يحصل بمجموعها، وثانيها: قوله تعالى: (يُسَبِحونَ اللَيلَ وَالنَّهارَ لَا يَفتَرونَ) الأنبياء: 20 وهو يفيد المبالغة التامة في الإشتغال بالعبادة وهو يفيد المطلوب، وثالثها: الملائكة رسل الله لقوله تعالى (جَاعِلُ المِلائِكَةِ رُسُلاً) فاطر: 1، والرسل معصومون لأنه تعالى قال في تعظيمهمك (اللَهُ أَعلَمُ حَيثُ يَجعَلٌ رِسالَتَهُ) الأنعام: 124 وهو يفيد المبالغة التامة في التعظيم، فيكونون أتقى الناس، احتج المخالف بقصة هاروت وماروت، وبقصة إبليس مع آدم وباعتراضهم على الله تعالى في خلق آدم بقولهم:(أتَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها)" البقرة: 30 " وجوابه على سبيل الإجمال: أن جميع ما ذكرتم محتمل احتمالا بعيدا وقريبا وعلى التقديرين لا يعارض ما دل على عصمتهم من الصرائح والظواهر، وهذا الجواب في قصة هاروت وماروت أقعد من الجواب الذي قبله لما تقدم عند ذكرهما من الأحاديث الصحيحة، وقال القرافي: ومن اعتقد في هاروت وماروت أنهما بأرض الهند يعذبان على خطيئتهما مع الزهرة فهو كافر، بل هم رسل الله وخاصته يجب تعظيمهم وتوقيرهم تنزيههم عن كل ما يخل بعظيم قدرهم، ومن لم يفعل ذلك وجب إراقة دمه، وقال البلقيني في منهج الأصوليين: العصمة واجبة لصفة النبوة