المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التعريفات أ. الحوار أصله من الحور، وهو الرجوع عن الشيء إلى الشيء. يقول - الحوار مع أتباع الأديان - مشروعيته وآدابه

[منقذ السقار]

الفصل: ‌ ‌التعريفات أ. الحوار أصله من الحور، وهو الرجوع عن الشيء إلى الشيء. يقول

‌التعريفات

أ. الحوار

أصله من الحور، وهو الرجوع عن الشيء إلى الشيء.

يقول ابن منظور: " الحَوْر: هو الرجوع عن الشيء إلى الشيء .. والمحاورة: المجاوبة، والتحاور التجاوب، والمحاورة: مراجعة المنطق، والكلام في المخاطبة ". (1)

وقال الراغب الأصفهاني: "المحاورة والحوار: المرادّة في الكلام، ومنه التحاور". (2)

وهذه المعاني اللغوية وردت في سياق الآيات الكريمة التي ورد فيها مادة (حور).

قال تعالى: {إنه ظن أن لن يحور} (الانشقاق:14). قال القرطبي: "أي لن يرجع حياً مبعوثاً .. فالحور في كلام العرب الرجوع".

وقال تعالى: {فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً} (الكهف 34). قال القرطبي: " أي يراجعه في الكلام ويجاوبه، والمحاورة: المجاوبة. والتحاور التجاوب". (3)

وقال تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما} (المجادلة: 1)، قال في الجلالين:"تراجعكما"(4) أي في الكلام.

وورد هذا المعنى أيضاً في غير ما حديث نبوي، من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من:((الحَوْر بعد الكَوْر)). (5) قال القرطبي: "يعني من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة". (6)

(1) لسان العرب (4/ 217).

(2)

مفردات القرآن (262).

(3)

الجامع لأحكام القرآن (10/ 403).

(4)

تفسير الجلالين (1/ 724).

(5)

رواه النسائي ح (5498)، وابن ماجه ح (3888)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (3136).

(6)

الجامع لأحكام القرآن (19/ 273).

ص: 7

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله. وليس كذلك، إلا حار عليه)) (1) قال النووي: " رجع عليه ". (2)

ومما سبق تبين أن الحوار في معناه اللغوي هو مراجعة الكلام وتداوله، وهو ما يكون عادة بين شخصين أو بالأحرى بين طرفين أو أكثر.

ولم تبعد تعريفات أهل الاصطلاح للحوار عن المعاني اللغوية السابقة، فقد أكدتها وأضافت إليها بعض المعاني والقيم الأخلاقية التي ينبغي توفرها في الحوار.

ومن هذه التعريفات تعريف الدكتور صالح بن حميد، إذ اعتبر الحوار:" مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي ". (3)

وعرّفه بسام داود عجك بأنه: "محادثة بين شخصين أو فريقين ، حول موضوع محدد ، لكل منهما وجهة نظر خاصة به، هدفها الوصول إلى الحقيقة ، أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر، بعيداً عن الخصومة أو التعصب، بطريقة تعتمد على العلم والعقل ، مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة، ولو ظهرت على يد الطرف الآخر". (4)

وهكذا فالمحاورة هي تجاذب الكلام بين المختلفين، وما أضافه العلماء في تعريفه من شروط إنما هي ضوابط أخلاقية يفترض توفرها في الحوار ليكون مثمراً ومجدياً.

ب. الجدال

الجدال لغة: من جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه، قال ابن منظور:"الجدل: اللدد في الخصومة والقدرة عليها .. ويقال: جادلت الرجل فجدلته جدلاً، أي: غلبته. ورجل جدِل، إذا كان أقوى في الخصام. وجادله أي: خاصمه مجادلة وجدالاً ". (5)

(1) رواه مسلم ح (61).

(2)

شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 50).

(3)

الحوار وآدابه (2).

(4)

الحوار الإسلامي المسيحي (20).

(5)

لسان العرب (11/ 105).

ص: 8

وعن معنى الجدل عند أهل الاصطلاح يقول ابن منظور: "الجدل مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة: المناظرة والمخاصمة". (1)

وعرفه الجرجاني بأنه: "القياس المؤلف من المشهورات والمسلمات، والغرض منه إلزام الخصم، وإفحام من هو قاصر عن إدراك مقدمات البرهان"، كما عرَّفه أنه:"دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة". (2)

وأما الجويني فيرى أن الجدال: "إظهار المتنازعَيْن مقتضى نظرَتهما على التدافع والتنافي بالعبارة أو ما يقوم مقامها من الإشارة والدلالة". (3)

وفي المعجم الوسيط: "طريقة في المناقشة والاستدلال، وهو عند مناطقة المسلمين قياس مؤلف من مشهورات أو مسلمات". (4)

وقد ورد إطلاق (الجدل) في نصوص القرآن والسنة على نوعين متباينين:

الأول: الجدل المذموم، وهو الذي يدور في طلب المغالبة لا الحق، أو الذي فيه نوع من الخصومة واللدد، ومنه قول الله تعالى:{وقالوا ءآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصمون} (الزخرف: 58)، ومثله قول الله تعالى في ذم جدال الكافرين:{ما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد} (غافر: 4)، وقوله تعالى:{وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق} (غافر: 5)، وقوله تعالى:{لا جدال في الحج} (البقرة: 197) قال ابن منظور: "قالوا: معناه لا ينبغي للرجل أن يجادل أخاه، فيخرجه إلى ما لا ينبغي". (5)

وفي الحديث: ((ما ضَلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل)). (6)

(1) لسان العرب (12/ 105).

(2)

التعريفات (102).

(3)

الكافية في الجدل (19 - 21).

(4)

المعجم الوسيط (1/ 111).

(5)

لسان العرب (11/ 105).

(6)

رواه الترمذي ح (3253)، وابن ماجه ح (48)، وأحمد ح (21660)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ح (2593).

ص: 9

والمراد بذلك كله الجدل على الباطل وطلب المغالبة به، لا الجدل بحثاً عن الحق وفي طلبه، فإن ذلك اللون من ألوان الجدل محمود.

والثاني: الجدل المحمود، وهو الذي يكون في طلب الحق بالأسلوب الحسن بعيداً عن الخصومة، ومنه قوله عز وجل:{وجادلهم بالتي هي أحسن} (النحل: 125).

وهو بهذا المعنى مرادف للحوار، قال تعالى واصفاً حديث المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالحوار والجدال، فقال:{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} (المجادلة: 1). قال ابن كثير: " وهو يحاوره، أي: يجادله ". (1)

وهكذا فالجدال صورة من صور الحوار، وقد أمر بها الله ورسوله، وتجنباً لما قد يكتنفه من اللدد في الخصومة فإنهما أمرا بالمجادلة بالتي هي أحسن، بعيداً عن ضروب الجدل المذموم الذي يفضي إلى الشقاق.

ج. المناظرة

المناظرة لغة "من النظير، أو من النظر بالبصيرة" كما عند الجرجاني، وقال ابن منظور: "والمنظر والمنظرة: ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك

النظر: الفكر في الشيء تقدره وتقيسه منك ". (2)

أما في الاصطلاح فقد عرفها الجرجاني: "النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهاراً للصواب". (3)

وعرفها ابن منظور: "أن تناظر أخاك في أمر إذا نظرتما فيه معاً كيف تأتيانه". (4)

وقال الزَّبيدي: "والمناظرة المباحثة والمباراة في النظر واستحضار كل ما يراه ببصيرته". (5)

(1) تفسير القرآن العظيم (3/ 84).

(2)

التعريفات (298)، لسان العرب (5/ 217).

(3)

التعريفات (298).

(4)

لسان العرب (5/ 217).

(5)

تاج العروس (3/ 575).

ص: 10

قال محمد الأمين الشنقيطي في تعريف المناظرة: "المحاورة في الكلام بين شخصين مختلفين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول الآخر، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق". (1)

فالمناظرة تفيد النظر والتفكر في الأمور والبحث عن الحق عن طريق المحاورة مع الآخرين.

وحوار المناظرة يكون بين شخصين أو فريقين حول موضوع معين، بغية الوصول إلى تبيان الحق وكشف الباطل، مع توفر الرغبة الصادقة في ظهور الحق والانصياع له.

(1) آداب البحث والمناظرة (2/ 3).

ص: 11