الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصلاة
فَرائِضُ الصَّلَاةِ سِتَّ عشَرَهْ
شُرُوطُها أَرْبَعَةٌ مُفْتَقِرهْ
الصلاة منقولة من الدعاء الذي تشتمل عليه قال عياض وتسمية الدعاء صلاة معروف في كلام العرب فأضاف الشرع إلى الدعاء ما شاء من أقوال وأفعال وقيل منقولة من الصلة وهي ما يربط بين شيئين فهي صلة بين العبد وربه وافترضها الله تعالى ليلة الإسراء وذلك بمكة قبل الهجرة بسنة وكان الفرض قبل ذلك ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي وهل فرضت ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر وهو قول عائشة رضي الله عنها أو فرضت أربعا ونقص منها ركعتان في السفر ويؤيده ما روي عنه أنه قال إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة والوضع لا يكون إلا من تمام قولان ووجوب الصلوات الخمس مما علم من الدين ضرورة والاستدلال عليه من باب تحصيل الحاصل فمن جحدها أو بغضها فهو كافر مرتد يستتاب فإن لم يتب قتل وكذلك بقية أركان الإسلام الخمسة واختلف فيمن أقر بوجوبها ثم امتنع من فعلها هل هو فاسق يقتل حدا ويورث إن تمادى على امتناعه أو كافر فيقتل ولا يورث ولا يصلى عليه والأول هو المشهور والثاني لابن حبيبأن من ترك الصلاة متعمدا أو مفرطا كافر ولكل من القولين دلائل ليس هذا محلها
(فائدة)
الصلاة من أعظم العبادات البدنية وأشرفها جمع الله فيها لبني آدم أعمال الملائكة كلهم من قيام وركوع وسجود وذكر وقراءة واستغفار وصلاة على النبي وأنواعا مهمة من أعمال بني آدم لأنها متوفقة على بذل ثمن ما يستر به عورته ويتطهر به من الماء وذلك يجري مجرى الزكاة وفيها الإمساك عن الأطيبين وهو يجري مجرى الصيام وإمساك في مكان مخصوص يجري مجرى الاعتكاف وتوجه إلى الكعبة يجري مجرى الحج ومجاهدة النفس في مدافعة الشيطان يجري مجرى الجهاد وذكر الله نعالى ورسوله
يجري مجرى الشهادتين وفيها زائد على ذلك ما اختصت به من وجوب قراءة القرآن والسجود وإظهار الخشوع وغير ذلك ولذلك قيل فيها إنها من الدين كالرأس من الجسد قال ابن حجر قال القفال من فتاويه من ترك الصلاة قصر بجميع المسلمين لأن المصلي يقول اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات ولابد أن يقول في التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فيكون مقصرا في الخدمة لله وفي حق رسوله وفي حق نفسه وحق كافة المسلمين ولذلك عظمت المصيبة بتركها واستنبط منه السبكي أن في الصلاة حقا للعباد مع حق الله وأن من تركها أخل بجميع المؤمنين من مضى ومن يجيء إلى يوم القيامة لدخولهم في قوله فيها السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اهـ وروى أبو هريرة أن رسول الله قال من تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمس عشرة خصلة ست منها في دار الدنيا وثلاث عند الموت وثلاث في القبر وثلاث في القيامة فأما التي في دار الدنيا
فأولها ينزع الله البركة من رزقه.
والثانية ينزع الله البركة من حياته.
والثالثة يرفع الله سيما الصالحين من وجهه
والرابعة لاحظ له في دعاءالصالحين.
والخامسة كل عمل يعمله من أعمال البر لا يؤجر عليه.
والسادسة لا يرفع الله عز وجل دعاءه إلى السماء وأما التي تصيبه عند الموت فيموت ذليلاً عطشانا ولو سقى كل ماء في الدنيا لم يرو عطشه أما التي تصيبه في قبره فيوكل الله به ملكا يزعجه إلى يوم القيامة.
والثانية تكون ظلمة في قبره والثالثة تكون وحشة في قبره وأما التي في القيامة فأولها يوكل الله به ملكا يسحبه على حروجه في عرصات القيامة.
والثانية يحاسبه حسابا طويلاً.
والثالثة لا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم ثم تلا {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} اهـ ذكر الناظم في هذا البيت أن فرائض الصلاة ست عشرة فريضة وشروطها أي شروط أدائها أربعة مفتقرة أي متبعة وأعلم أن الصلاة شروطا وفرائض وسننا وفضائل والفرق بين الشرط والفرض أن الشرط خارج عن الماهية والفرض داخل فيها ثم أعلم أن الشرط على قسمين شرط وجوب وشرط أداء في التوضيح لما تكلم على شروط
الجمعة والفرق بين شروط الوجوب وشروط الأداء أن كل ما لا يطلب من المكلف كالذكورية والحرية يسمى شرط وجوب وما يطلب منه كالخطبة والجماعة يسمى شرط أداء هكذا قال ابن عبد السلام اهـ فشروط وجوبها خمسة الإسلام والبلوغ والعقل والنقاء من دم الحيض والنفاس ودخول وقت الصلاة وزاد القاضي عباس بلوغ الدعوة وقد ذكر الناظم من هذه الشروط النقاء ودخول الوقت أثناء هذا الفصل حيث فإن شرط وجوبها النقاء البيتين واكتفى عن العقل والبلوغ بما قدم صدر الكتاب في قوله وكل تكليف بشرط العقل مع البلوغ وأسقط الإسلام أيضا يناء والله أعلم على أن الكفار مخاطبون بالفروع وهو الصحيح فلا يتوقف وجوبها على الإسلام وشروط أدائها أربعة جمعها الناظم بعد في بيت واحد وهو قوله
شَرْطُها الاِسْتِقْبَالُ ظُهْرُ الْخَبثِ
وَستْرُ عٍورَةٍ وَطُهرُ الْحَثِ
ويأتي الكلام على ذلك وعلى غيره من الفرائض والسنن والمندوبات وغير ذلك عند ذكر الناظم له إن شاء الله تعالى تكبيرة
الاحْرامِ والْقِيامْ
لَها وَنِيَّةٌ بِها تُرام
فاتِحَةٌ مَعَ الْقهيام والرُّكُوعْ
والرَّفْعُ والسُّجُودُ بالخُضُوعْ
والرَّفْعُ مِنْهُ والسَّلَامُ والْجُلُوسْ
لَهُ وتَرْتِيبُ أَدَاءٍ في الأُسُوسْ
والاِعْتِدالُ مُطْمَئِنا بالتِزامْ
تَبَع مَامُومٌ بإِحْرَامٍ سَلَام
نِيَّتُهُ افْتِداء كَذا الامامُ في
خَوْفٍ وَجَمْعٍ جُمّعَةٍ مُسْتَخْلَفٍ
لما ذكر أن فرائض الصلاة ستة عشر الآن في بيانها أولها تكبيرة الإحرام أي التكبيرة التي يدخل بها في حرم الصلاة وحرمتها والحرمة ما لا يحل انتهاكه وإضافة التكبير إلى الإِحرام تؤذن بأنه غيره لامتناع إضافة الشيء إلى نفسه وهو كذلك إذا التكبير غير حرم الصلاة وهي واجبة على الإمام والفذ والمأموم ولفظها الله أكبر لا يجزي غيره ولا يجزيء إكبار بإشباع فتحة الباء لتغيير المعنى نص عليه سند قال في الذخيرة وأما قول العامة الله أكبر فله مدخل في الجواز لأن الهمزة إذا وليت ضمة جاز أن تقلب واوا والعاجز عن الكلام جملة تكفيه النية اتفاقا وأما العاجز لجهله باللغة فقال
الأبهري تكفيه النية وقال أبو الفرج يدخل في الصلاة بما دخل به الإسلام وقال بعض شيوخ القاضي عبد الوهاب يدخل الصلاة بما يرادف التكبير في لغته ولا خلاف أنه لا يعوض القراءة بلغته لأن الإعجاز في النظم العربي
(فرع)
وينتظر الإمام به قدر ما تستوي الصفوف لأنه إذا كبر بأثره تمام الإقامة وتشاغل المأمومون بتسوية الصفوف فاتهم جزء من الصلاة ومن فاتته الفاتحة فأنه خير كثير وإن لم يسووا صفوفهم فاتتهم صفوفهم فضيلة تسوية الصفوف
(فرع)
يشترط في تكبيرة الإحرام اقترانهم بنية الصلاة المعينة بقلبه ويأتي بقية الكلام على النية إن شاء الله
(فرع)
فيمن نسي تكبيرة الإحرام تفصيل بين أن يكون إماما أو فذا أو مأموما وفي كل منها إما أن يذكر ذلك قبل أن يركع أو بعده وإما أن يكون جازما بنسيانها أو شاكا فيه فإن نسيها الإمام فإنه يقطع متى ذكر ويبتديء بمن خلفه إن لم يذكر حتى سلم أعاد وأعادوا وهل يقطع بسلام أو دونه قال ابن رشد إن ذكر قبل الركوع قطع بغير سلام اتفاقا وإن ذكر بعد الركوع فقولان إن كبر للركوع ونوى به الإحرام فهل يجزئه كالمأموم أو لا قولان والقول بالإِجزاء خرجه أبو الفرج على عدم وجوب الفاتحة في كل ركعة والثاني مذهب المدونة وهذا إذا جزم بأنه سها عن تكبيرة الإحرام فإن شك في ذلك فقال ابن القاسم يقطع وقال ابن الماجشون يتمادى ويعيد وقال سحنون يتم ويسألهم بعد سلامه إن تيقنوا إحرامه أجزأتهم وإلا أعادوا وقيل إن شك قبل الركوع قطع وبعده تمادى وأعاد وأما المأموم إذا نسي تكبيرة الإحرام فاختلف هل يحملها عنه الإمام أم لا والمشهورة لا يحملها عنه وعلى المشهور لو ذكره قبل ركوعه كبر له وبعده ونوى بتكبيرة الإحرام ففي المدونة أجزأه ابن يونس هذا أن كبر قائما وفسر الباجي المدونة بما ينفي شرطية القيام وإن لم ينو تكبيرة الإحرام فروى الباجي يقطع وقال ابن القاسم يتمادى ويعيد وقال مالك وأصبغ أن طمع أن يدرك ركوع إمامه قطع وإلا تمادى وأعاد وعلى القطع قيل بسلام وقيل دونه في تقييد تماديه بتكبيرة قائما نقله عياض وفي قصر الإعادة على الوقت قولان للمتأخرين الشيخ عن ابن حبيب يقطع في الجمعة ويبتديء ولـ ابن القاسم في المجموعة يتمها ويعيدها ظهرر وإن لم يكبر لا للإحرام ولا للركوع وكبر للسجود فهل يتنزل منزلة تكبيرة الركوع وهي رواية محمد أو لاً وتكبيره للسجود لغو وهو قول محمد قولان واللخمي عنه تكبير السجود والرفع مثله وإن لم يكبر للسجود ابتداء اللخمي عن أبي مصعب إن شاء
قطع أو أتم وأعاد ولو شك في ترك الإحرام قبل ركوعه أو بعده ولم يكبر للركوع ابتداء بعد قطعه بسلام نقله ابن رشد ولو شك بعد تكبير ركوعه يتم ويعيد وأما الفذ إذا نسي تكبيرة الإحرام فإنه يبتدىء فإن كبر للركوع ونوى تكبيرة الإحرام لم يجزه على المشهور وخرج أبو الفرج صحته على عدم وجوب الفاتحة في كل ركعة وقال ابن شعبان أن تعمد فباطلة قالاللخميحتى على القول بأنها تحب في البعض لأن قراءتها في الباقي سنة وتركها عمدا وفي قطعه بسلام قولان فإن شك الفذهل كبر الإحرام أم لا فقيل يتمادى ويعيد وقيل يقطع ويبتدىء (الثاني من فرائض الصلاة) القيام لتكبيرة الإحرام وفرضيته لغير المسبوق متفق عليها وفي المسبوق تأويلان سببهما قول المدونة قال مالك إن كبر المأموم للركوع ونوى بها تكبيرة الإحرام أجزأه قال بعضهم إنما يصح هذا إذا كبر للركوع في حال القيام وأما لو أحرم راكعا فلا تصح له تلك الركعة وقيل يجزئه وإن كبر وهو راكع لأن التكبير للركوع إنما يكون في حال الانحطاط فمن حمل المدونة على أنه كبر في حال القيام أوجبه على المسبوق ومن حملها على أنه كبر وهو راكع أسقطه من المسبوق (الثالث النية) التي ترام الصلاة بها أي تقصد فإن اقترنت بالتكبير فلا إشكال في الإجزاء وإن تأخرت عن تكبيرة الإحرام فلا خلاف في عدم الإجزاء وإن تقدمت بكثير لم تجز اتفاقا وبيسير قولان ظاهر المذهب الإجزاء إذ لم ينقل عنهم اشتراط المقارنة المؤدية إلى الوسوسة المذمومة شرعا وطبعا ومعنى اشتراط المقارنة على القول به أنه لا يجوز الفصل بين النية والتكبير لا أنه يشترط أن تكون مصاحبة للتكبير أشار إلى ذلك المازري أبو عمر وحاصل مذهب مالك لا يضر عزوب النية بعد قصده المسجد للصلاة المعينة ما لم يصرفها لغير ذلك ولا يكفيه أن ينوي فرضا مطلقا بل لابد من تعيينه ظهرا أو عصرا أو غيرهما وتعيين ذلك ذلك بالقلب لا باللفظ هو الأولى فإن لفظ وخالف لفظه نيته فالمعتبر ما نواه دون ما لفظ به من غير نية
(فرع)
الأصح عدم اشتراط عدد الركعات لأن كونها عصراً مثلاً يستلزم كونها أربعا وكونها مغربا يستلزم كونها ثلاثة وكذا سائرها وفي المسافر ينوي القصر فيتم أو الإنمام فيقصر قولان مبنيان على اعتبار عدد الركعات وكذا من ظن الظهر جمعة وعكسها مشهورهما يجزىء في الأولى لأن شروط الجمعة أخص من شروط الظهر ونية الأخص تستلزم نية الأعم بخلاف العكس
(فرع)
عزوب النية بعد محلها مغتفر بخلاف رفضها فإنه مبطل على المشهور كما في الصوم بخلاف الحج والوضوء فإن المشهور فيهما عدم الرفض والفرق على المشهور أن الوضوء معقول المعنى بدليل أن الحنفية لم يوجبوا فيه النية والحج محتو على أعمال مالية وبدنية فلم يتأكد طلب النية فيهما فرفضهما رفض لما هو غير متأكد وذلك يناسب عدم اعتبار الرفض ولأن الحج عبادة شاقة يتمادى في فاسده فيناسبه عدم تأثير الرفض دفعا للمشقة
(فرع)
لا يجب على المصلى أن يستحضر في نيته الإيمان وأداء الصلاة والتقرب بها ووجوبها نعم الأكمل استحضار ذلك نص عليه في المقدمات ولا يلزمه عند الإحرام أن يذكر حدوث العالم وأدلته وإثبات الأعراض واستحالة عن الجواهر عنها وأدلة إثبات الصانع والصفات وما يجب له تعالى وما يستحيل وما يجوز أدلة المعجزة وتصحيح الرسالة ثم الطرق التي بها وصل التكليف إليه خلافا لـ لقاضي أبي بكر وحكى عنالمازريأنه قال أردت العمل على قولالقاضي فرأيت في منامي كأني أخوض في بحر من ظلام فقلت والله أعلم هذه الظلمة التي قالها القاضي (الرابع قراءة الفاتحة) وهي واجبة على الإمام والفذ دون المأموم وأوجبها عليه ابن العربي في السرية وهذا الحكم في الفريضة وأما قرائتها في النافلة فسنة على المشهور نص عليه البرزلي ويقرؤها أثر التكبير ولا يتربص لكراهة الدعاء وغيره بينهما على المشهور ولا معنى للتربص مع السكوت ولا يتعوذ ولا يبسمل في الفريضة وله ذلك في النافلة ولم يزل القراء يتعوذون في قيام رمضان وفي جواز الجهر بالتعوذ وكراهته قولان في محله قبل الفاتحة أو بعد الفراغ منها قولان ظاهر المدونة التقديم وجواز الجهر ويجب تعلمها على من لا يحفظها إن كان في الوقت سعة وكان قابلاً للتعليم فإن ضاق الوقت عن التعليم وجب عليه أن يأتم بمن يحسنها عن الأصح وقيل تصح صلاته من غير ائتمام فإن لم يجد من يأتم به أو من يعلمه سقطت قرائتها ولا يذكر غيرها عوضها ويختلف حينئذ هل يجب القيام بقدر قراءتها أو ينبغي ذلك بقدر قراءتها وقراءة سورة أو يستحب الفل بين الإحرام والركوع بوقوف ما يكون فاصلاً بين الركعتين أقوال وقيل إذا سقطت ففرضه ذكر لما رواه الدارقطني «أن رجلاً سأل النبي فقال إني لا أحسن الفاتحة فقال قل سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله»
(فرع)
قال أشهب من قرأ في صلاته بشيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور وهو يحسن القراءة أو لا يحسنها فقد أفسد صلاته وهو كالكلام وكذلك لو قرأ شعرا فيه تسبيح وتحميد لم يجزه وأعاد
(فرع)
اختلف في الفاتحة هل تجب في كل ركعة أو إنما تجب في الأكثر والقولان لـ مالكفي المدونة أو في النصف نقلهأبو عمروعن مالكأو إنما تجب في ركعة وإليه ذهبالمغيرةأربعة أقوال وفي المسألة قول خامس بالتردد بين وجوبها في الكل أو في الأكثر وينبني على القول بوجوبها في كل ركعة إن ترك الفاتحة من ركعة ألغى وأثم إن صارت الثالثة ثانية سجد قبل السلام وإلا بأن صارت الثانية أولى والرابعة ثالثة سجد بعد السلام قال اللخمي ووجهه ظاهر لأنه إن تذكر بعد عقد الثالثة أن ترك الفاتحة من الأولى أو من الثانية فقد اجتمعت له زيادة الركعة الملغاة ونقصان الفاتحة من الثالثة لصيرورتها ثانية وأما إن تذكر في قيام الثانية أو الثالثة فليس إلا محض الزيادة وكذا إن ذكر في قيام الرابعة تركها من الثالثة والحاصل أن تركها من إحدى الأوليين وتذكر بعد عقد الثالثة اجتمعت الزيادة والنقصان وإن كان قبل عقد الثالثة أو كان الترك من الأخريين فليس إلا محض الزيادة وعلى وجوبها في الأكثر قال اللخمي هي في الأقل سنة يسجد لتركها سهوا قيل ويختلف إذا تركها عمدا هل تبطل الصلاة أو تجبر بالسجود على ترك السنن عمدا وعلى وجوبها في النصف يجتزىء بسجود السهو إذا تركها في ركعة من الصبح أو ركعتين من الظهر وعلى وجوبها في ركعة قال المغيرة في النوادر من لم يقرأ في الظهر إلا في ركعة أجزأ سجود السهو قبل السلام وعلى التردد بين وجوبها في الكل أو في الجل يسجد قبل السلام إذا تركها من ركعة ثلاثية أو رباعية ويعيد الصلاة قال الشيخ أبو محمد وهذا أحسن ذلك إن شاء الله ووجهه أنه لا يلغى تلك الركعة ويأتي بغيرها لاحتمال عدم وجوب فإذا ألغاها وزاد ركعة احتمل بطلان الصلاة لزيادته فيها ركعة عمدا ثم إنه إذا سجد قبل السلام ولم يلغ في الركعة فإنا نأمره
بالإعادة مراعاة للقول بوجوبها في كل ركعة وقد أخل بها في ركعة وهذا القول رجحه ابن القاسم مرة وجعله اللخمي المشهور أنظر التوضيح إلا أن فيه طولاً (الخامس القيام لقراءة الفاتحة) ابن يونس والقيام للإمام والفذ قدر أم القرآن من الفرض المتفق عليها التوضيح وهل هو لأجل الفاتحة أو فرض مستقل وتظهر فائدة الخلاف إذا عجز عن الفاتحة وقدر عليه أي هل يجب القيام قدر قراءتها أم لا كما مر قال أيضا ولا يجب القيام على المأموم للفاتحة إلا من جهة مخالف الإمام عند من يقول بأنه واجب لها (السادس الركوع) وأقله أن ينحني بحيث تقرب راحتاه أي كفاه من ركبتيه ويستحب أن ينصب ركبتيه ويضع كفيه عليهما ويجافي مرفقيه ولا ينكس رأسه إلى الأرض بل يكون ظهره مستويا (السابع الرفع من الركوع) فإن أخل به وجبت الإعادة على المشهور لقوله عليه الصلاة والسلام للأعرابي «صل فإنك لم تصل» والشاذ رواية عن مالك أن الرفع سنة وسمع ابن القاسم من خص من ركعته ساجدا لم يعتد بها وأحب تماديه معتدا بها ويعيد صلاته ابن المواز وإن فعله سهوا فيرجع منحنيا إلى ركعته لايرجع قائما فإن فعل أعاد صلاته وإن رجع محدودبا كما مر يريد ثم رفع سجد بعد السلام وأجزأته وإن كان مأموما حمل إمامه سجود السهو (الثامن السجود) وينبغي أن يكون مصحوبا بخضوع وتذلل مستحضرا كونه واقفا بين يدي من لا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى والسجود تمكين الجنة والأنف من الأرض قال في المدونة قال مالك: والسجود على الجبهة والأنف جميعا ابن القاسم فإن سجد على الأنف دون الجبهة أعاد أبدا وإن سجد على الجبهة دون الأنف أجزأه عبد الوهاب ويعيد في الوقت استحبابا اهـ
وقيل بالإجزاء مع الإقتصار على السجود على أحدهما حكاه أبو الفرج عن ابن القاسم وقال: يعيد في الوقت وقيل ينفي الإجزاء حتى يسجد عليهما معا وهو لـ ابن حبيب.
ويستحب تقديم اليدين قبل الركبتين في الهوى إلى السجود وتأخيرهما عند القيام.
ويأتي الكلام على السجود على غير الجبهة والأنف إن شاء الله ويستحب مباشرة الأرض بالوجه واليدين لأن ذلك من التواضع ولذلك لم يتخذ في مسجدي الحرمين حصير ويخير في مباشرة الأرض بغيرهما فإن عسر ذلك لحر أو برد ونحوه فيما لا ترفه فيه كالخمر والحصير وما تنبته
الأرض بخلاف ثياب الصوف والكتان والقطن.
فالمشهور كراهة السجود عليها خلافا لابن مسلم والأولى وضع يديه على ما يضع عليه جبهته والخمرة بضم الخاء حصير صغير من جريد سمى بذلك لأنه يخمر وجه المصلي أي يغطيه (التاسع الرفع من السجود) التلقين الفصل بين السجدتيتن من أركان الصلاة قال بعض أصحاب سحنون من لا يرفع يديه من السجود لا يجزئه وخفف ذلك بعضهم (العاشر السلام) ويتعين لفظ السلام عليكم بتعريف لفظ السلام بأل وجمع ضمير عليكم تقديم لفظ السلام فلو نكره فقال سلام عليكم فالمشهور لا يجزىء وقال ابن شبلون بالإجزاء ولو جمع بين التعريف والتنوين فقال ابن عرفة يجزىء ذلك على خلاف اللحن في الفاتحة ولو عرف بالإضافة كسلامي أو سلام الله عليكم لم يجزه وكذا لو قدم الخبر على المبتدأ فقال عليكم السلام وقال ابن ناجي حكى صاحب الحلل قولاً بالصحة ولا أعرفه ويجمع ضمير عليكم سواء كان المصلي فذا أو إماما أو مأموما فإن كان إماما فلا فرق بين أن يكون خلفه رجل فقط قولاً أنه يختلف بحسب المسلم عليه من تذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع كما تقتضيه اللغة وهل يشترط أن ينوي السلام بالخروج من الصلاة كما نوى بالإحرام الدخول به فيها أو لا يشترط ذلك قولان (الحادي عشر الجلوس للسلام) ابن عرفة من فروض الصلاة جلوس قدر التسليم ابن الحاجب ويستحب في جميع الجلوس جعل الورك الأيسر على الأرض ورجلاه من الأيمن ناصبا قدمه اليمنى وباطن إبهامه على الأرض وكفاه مفتوحتان على فخذيه قال في الرسالة وإن شئت أحنيت اليمنى في انتصابها فجعلت جنبيها إلى الأرض فواسع (الثاني عشر ترتيب أداء الصلاة) بحيث يقدم القيام على الركوع والركوع على السجود والسجود على الجلوس القباب فلو عكس أحد صلاته فبدأ بالجلوس قبل القيام أو بالسجود على الركوع وما أشبه ذلك لم تجزه صلاته بإجماع.
قوله في الأسوس يتعلق بمحذوف صفته لترتيب والأسوس الأصول ويعنى بها هنا الفرائض واحترز بذلك من ترتيب الأداء بين الفرائض والسنن كتقديم الفاتحة على السورة أو فيما بين السنن كرد المأموم السلام على إمامه ثم على من على يساره فإن ذلك سنة لا واجب والله أعلم (الثالث عشر الاعتدال) وهو نصب القامة ابن الحاجب فلو لم يعتدل فقال ابن القاسم أجزأه ويستغفر وقال أشهب لا يجزئه وقيل إلى قارب أجزأه
(الرابع عشر الطمأنينة) وهي استقرار الأعضاء وسكونها ولا ملازمة بينها وبين الاعتدال إذ قد يعتدل بنصب قامته من غير أن تسكن أعضاؤه وقد يطمئن بسكون أعضائه من غير أن ينصب قامته ووجوب الطمأنينة هو المشهور وقال ابن رشد عن سماع عيسى سنة وصوبه ولما كان قوله مطمئنا حال غير لازمة من المعتدل المدلول عليه بالاعتدال وخاف أن يتوهم أن ذلك الاطمئنان على طريقي الأولى فقد زاد بعده ما يرفع هذا الوهم ويبين كونه من الفرائض وهو قوله بالتزام والله تعالى أعلم فهو متعلق بمحذوف حال من الاعتدال (الخامس عشر متابعة المأموم لإمامه) في الإحرام والسلام بمعنى أنه لا يحرم إلا بعد أن يحرم إمامه ولا يسلم إلا بعد سلام إمامه فمساواة المأموم إمامه فيهما مبطلة وأحرى مسابقته له فيهما فيعيد الإحرام إن سبقه به أو ساواه وتبطل إن ساواه في السلام أو سبقه به وهذا هو المشهور ويتصور هنا تسع صور في الإحرام ومثلها في السلام وذلك أن المأموم إما أن يبتدىء الإحرام أو السلام قبل إمامه أو معه دفعة واحدة أو بعده وفي كل منها إما أن يتم قبله أو معه أو بعده قال ابن رشد إن بدأ المأموم التكبير بعد بدء الإمام صح أتم بعده أو معه وأما إن أتم قبله فقال ابن عرفة الأظهر بطلانها لأن المعتبر كل التكبير لا بعضه وإن بدأ المأموم قبل إمامه بطل سواء أتم قبله أو معه أو بعده وإن بدأ مع الإمام دفعة فقالمالك مرة يعيد بعده فإن لم يفعل وأتمه معه أو بعده ففي صحته قولان الصحة لابن قاسم معابن عبد الحكم والبطلان لابن حبيب وأصبغ اهـ بالمعنى وبقي حكم صورة واحدة من هذه الثلاث الأخيرة وهي إذا بدأ معه وأتم قبله ويظهر من قول ابن عرفة فيما إذا بدأ بعده وختم قبله الأظهر البطلان أن البطلان في هذه الصورة أولى والله تعالى أعلم وفهم من قوله إحرام أو سلام أن متابعة المأموم إمامه في غير الإحرام والسلام غير واجبة وهو كذلك ابن الحاجب وتستحب المتابعة في غيرهما اهـ فإن خالف هذا المستحب وفعل مع الإمام دفعة واحدة فمكروه وإن سبقه فقد فعل صلاة التوضيح قال مالك ومن سها فرفع قبل إمامه في ركوع قبل إمامه في ركوع أو سجود فالسنة أن يرجع راكعا أو ساجدا قال الباجي إن علم أنه يدرك الإمام راكعا لزمه الرجوع إلى موافقته وإن علم أنه لا يدرك الإمام راكعا فقال أشهب لا يرجع ورواه ابن حبيب عن مالك وقال الرجوع إلى موافقته وإن علم أنه لا يدرك الإمام راكعا فقال أشهب لا يرجع ورواه ابن حبيب عن مالك وقال سحنون يرجع ويبقى بعد الإمام بقدر ما انفرد الإمام قبله ثم قال وهذا حكم الرفع قبل الإمام وأما الخفض قبله كركوع أو سجود فإنه غير مقصود في
نفسه جلا خلاف في المذهب وإنماالمقصود منه الركوع والسجود فإنه قام بعد ركوع الإمام راكعا أو ساجدا مقدار فرضه صحت صلاته إلا أنه قد أساء في خفضه قبل إمامه (السادس عشر نية الاقتداء) على المأموم مطلقا وعلى» الإمام في بعض الصلوات فيجب على المأموم أو ينوي أنه مقتد بالإمام ومتبع له وإلا لما وقع التمييز بينه وبين الفذ وان لم ينوه بطلت ويجب على الإمام أن ينوي أنه مقتدى به وإمام في أربع مسائل في صلاة الخوف على هيئتها المعروفة وفي الجمع ليلة المطر وفي صلاة الجمعة وفي الاستخلاف فيلزم المستخلف بالفتح أن ينوي كونه إماما لأنه دخل ابتداء على أنه مأموم فلما صار إماما لزم نية ما صار إليه فهذه فريضة واحدة وهي نية خاصة زائدة على النية المشترطة في سائر العبادات وهي نية الاقتداء بإمام بالنسبة للمأموم ونية الإمامة وكونه مقتدى به بالنسبة للإمام في مسائل خاصة ابن عبد السلام كان بعض أشياخنا يقول في نية الاقتداء هذا الشرط لابد منه ولكن لا يلزم التعرض إليه بما يدل عليه مطابقة إذ هناك ما يدل عليه التزاما كانتظار المأموم أمامه بالإحرام ولو سئل حينئذ عن سبب الانتظار لأجاب بأنه مأموم وما قاله ظاهر اهـ
التوضيح قال ابن عبد السلام وحكى بعض الأندلسيين عن ابن القاسم اشتراط نية الإمام مطلقا ابن رشد في كتاب القصد والإيجاز قال عبد الوهاب لا يفتقر الإمام عند مالك أن ينوي أنه إمام وإنما يفتقر إلى ذلك المأموم فينوي أنه مؤتم وإلا بطلت صلاته وإنما تلزم الإمام النية في أربعة مواضع أحدها إذا كان إماما في الجمعة إن الجماعة شرط فيها فلابد أن ينوي مصليها كونه إماما الثاني صلاة الخوف على هيئتها لأن أداها على تلك الصفة لا يصح إلا إذا كان إماما الثالث المستخلف يلزمه أن ينوي الإمامة لتمييز بين نية المأمومية والإمامية الرابع فضيلة الجماعة فإنها لا تحصل إلا أن ينوي أنه إمام فإن قيل فما تقولون فيمن صلى منفردا ينوي الانفراد ولا ينوي الإمامة فصلى رجل خلفه فهل تحصل لصاحب الصلاة فضيلة قيل له أما المأموم فنعم لأنه نواها وأما الإمام فلا لأنه لم ينوها اهـ
وخالفه اللخمي في هذا ورأى أنه تحصل للإمام أيضا فضيلة الجماعة وإن لم ينو الإمامة خليل وتسامح أي عبد الوهاب في الرابع لأنها غير لازمة وإنما هي شرط في حصول فضل الجماعة ولذلك قال المازري بعد ذكر الثلاثة ويجب أن تشترط نية الإمامة في تحصيل الجماعة لأن الإمام إنما تكتب له فضيلة الجماعة إذا نواها ولم أر من أضاف الجمع إلى الثلاثة الأول إلا المتأخرين كالالمصنف والقرافي ولما ذكر ابن عطاء الله الثلاثة الأول قال وظهر لي أن يلحق بها جمع الصلاتين ليلة المطر إذ لا يكون إلا في الجماعة فينبغي أن ينوي الإمام الإمامة فيها
كالجمعة ثم ينظر هل يشترط ذلك في الثانية من الصلاتين لأنها التي ظهر تأثير الجمع فيها لتقديمها على وقتها أو لا يشترط فيها إذ السنة الجمع والجمع لا يعقل إلا بين اثنين اهـ كلام التوضيح وظاهره أن الخلاف ابتداء هل ينوي الجمع عند الأولى وعند الثانية وظاهر قول ابن الحاجب وينوي الجمع عند الأولى فإن أخره إلى الثانية فقولان أن محل النية عند الأولى اتفاقا فإن وقع ونزل وأخر إلى الثانية فقولان فانظر ذلك ثم قال في التوضيح وزاد ابن بشير مسألة أخرى وهي صلاة الجنازة فأوجب فيها على الإمام نية الإمامة بناء على اشتراط الجماعة فيها وفيه نظر فإنه نص في المدونة على أنه لو لم يمكن الإنشاء صلين أفذاذا وصرح في الجواهر بأن الجماعة غير مشروطة فيها اهـ ولم يذكر الناظم وجوب نية الإمامة في صلاة الجنازة لمخالفتها للمدونة والجواهر كما هي قريبا ولانية الإمامة لتحصيل فضل الجماعة ولأنها شرط في تحصيل الفضل المذكور وليست فرضا من فرائض الصلاة فتعد مع الفرائض (فرع) من افتح الصلاة وحده منفردا وجد جماعة فلا ينتقل إليها لأن نية الاقتداء فات محلها وهو أول الصلاة ومن افتتحها مع جماعة فلا ينتقل إلى الانفراد لأن المأموم ألزم نفسه نية الاقتداء واختلف في مريض اقتدى بمثله فصح المأموم فقال سحنون يخرج من صلاة الإمام ويتم لنفسه فيخرج إذ لا يجوز لقائم أن يأتم بقاعد ويتمها ولا يقطع لدخوله بوجه جائز وقال يحيى بن عمر يتمادى معه يريد مراعاة لمن أجاز ذلك ابتناه وهو ما لم يطرأ عذر على الإمام كالرعاف فإن طرأ عليه عذر جاز لهم في غير الجمعة أن يتموا صلاتهم أفذاذا (تنبيهات) الأول أشعر قول الناظم والسجود بالخضوع بطلب الخضوع وهو الخشوع في الصلاة ابن عرفة عن ابن رشد الخشوع الخوف باستشعار الوقوف بين يدي الخالق فرض غير شرط ولا في ركن منها مظنة للإقبال عليها اهـ
وقيل هو غض البصر وخفض الجناح وحزن القلب قال الشيخ زروق عند قوله في الرسالة وتعتقد الخضوع بذلك بركوعك وسجودك حض على الخشوع وقد عده عياض في فرائض الصلاة وقال ابن رشد وهو من الفرائض التي لا تبطل الصلاة بتركها وقال بعص الصوفية من لم يخشع في صلاته فهو إلى العقوبة أقرب وقال بعض من اختصر الإحياء حضور القلب في الصلاة واجب بإجماع ولا يجب في كلها إجماعا وإنما يجب في جزء وينبغي أن يكون عند تكبيرة الإحرام والمشهور أن الفكر بدنيوي مكروه اهـ وقال القرطبي في تفسير سورة قد أفلح اختلف الناس في الخشوع هل هو من فرائض الصلاة
أو من فضائلها ومكملاتها على قولين والصحيح الأول ومحله القلب وهو أول عمل يرفع اهـ
ابن رشد لم يعدو الخشوع في الفرائض من أجل أنها لا تبطل صلاة من لم يخشع في صلاته أو في شيء منها اهـ لـ ابن العربي ما يقتضى البطلان نقله عن القباب في شرح القواعد (الثاني) فرائض الصلاة التي عد الناظم على قسمين قسم فرض في الصلاة في الجملة فذا أو جماعة وهي الأربعة عشر الأول ومن جملتها الفاتحة فإنها فرض مطلقا لكن في صلاة الفذ عليه وفي الجماعة على الإمام وقسم فرض في خصوص صلاة الجمعة وهو الخامس عشر والسادس عشر وعبر ابن الحاجب وغيره عن القسم الثاني بالشروط فقال وشروط الاقتداء أربعة نية الاقتداء بخلاف الإمام إلا في الجمعة والخوف والمستخلف وقد تقدم ذلك ثم قال الثاني أن لا يأتم في فرض بمتنقل أي لا يجوز لمن يصلي فريضة أن يأتم بمتنقل ويجوز العكس وهو أن يأتم المتنقل بالمفترض في السفر وفي الحضر على القول بجواز النفل أربعا ثم قال الثالث أن يتحد الفرضان في ظهرية أو غيرها أي فلا يصلي الظهر خلف من يصلي العصر ولا بالعكس التوضيح ويشترط أيضا أن تتحد الصلاتان في الأداء والقضاء فلا يصلي ظهرا قضاء خلف من يصلي ظهرا أداء ولا بالعكس ثم قال الرابع المتابعة في الإحرام والسلام إذا علمت هذا اتجه لك البحث مع الناظم رحمه الله تعالى من وجهين أحدهما اقتصاره على اثنين فقط وهما الأول والرابع في كلام ابن الحاجب الثاني تعبيره عنهما بالفرض مع أن غيره عبر بالشرط وهما متاينان كما تقدم أول هذا الباب وقد عد الشيخ خليل رحمه الله نية الاقتداء في الفرائض ثم عدها أيضا في شروط الاقتداء قال شارحه الإمام التتائي أجاب عنه بعض مشايخي باختلاف الجهة ففريضتها بالنسبة للصلاة وشرطيتها بالنسبة للاقتداء قال وهذا جلي من كلامهم اهـ
قال التتائي وفيه شيء وقد يقال أن المصنف أشار بما هنا وهناك إلى قولين بالركنية والشرطية اهـ وعلى هذا فعد الناظم نية الاقتداء من الفرائض أما بالنسبة للصلاة على الجواب الأول أو على القول أنها فرض على الجواب الثاني ومثل هذا والله أعلم يقال في المتابعة إذ هي نتيجة الاقتداء فهي فرض باعتبار شرط باعتبار آخر وهذا هو الجواب عن الوجه الثاني وهو التعبير
عن المتابعة ونية الاقتداء بالفرض مع تعبير غير الناظم عنهما بالشرط وأما جواب الأول وهو اقتصاره على هذين فقط فلأن الاثنين الباقيين شرطان صريحان غير محتملين ولي كنية الاقتداء والمتابعة وهو لم يتعرض هنا إلا للفرائض الثالث تقدم أن القيام للإحرام والفاتحة فرض وتلك في حق القادر عليه بلا مشقة أما العاجز عنه أو القادر عليه بمشقة أو من خاف إن قام ضررا من حدوث مرض أو زيادته أو تأخر برء كما في التيمم فإنه يسقط عنه فيتوكأ فإن لم يقدر جلس وكذا من حدث ذلك فيها ثم أعلم أن للمصلي سبع مراتب أربع ترتيبها على الوجوب وثلاثة على الاستحباب فالأربع أن يقوم مستقلاً أي غير مستند إلى حائط ونحوه ثم يجلس مستقلا ورجلاه إلى القبلة ثم مستندا فمتى قدر على واحدة وانتقل إلى التي تليها بطلت صلاته والثالث أن يستلقي على جنبه الأيمن كالملحد ثم على ظهره مستلقيا على جنبه الأيسر إن صلى على ظهره أو على جنبه الأيسر مع قدرته أن يصلي على جنبه الأيمن فصلاته صحيحة وقد ترك مستحبا ومن قدر على القيام مستقلا ثم استند فإن كان بحيث لو أزيل العماد سقط بطلت صلاته ولا بأس بالجلوس في النافلة مع القدرة على القيام قال بعض الشيوخ إلا الوتر وركعتي الفجر لقولها لا يصليان في الحجر اهـ أي فقد ألحقهما بالفرض في منع إيقاعهما في الحجر والفرض لا يصلي جالسا قال بعضهم وقد ألحق الوتر بالنوافل في جوازه على الدابة للمسافر وعليه فيصلي جالسا
قلت والفجر أخف والله أعلم والاستناد يكون لغير الجنب والحائض ومن استند إليهما أعاد في الوقت قاله ابن قاسم في العتبية وفي علة ذلك خلاف ويوميء بالسجود إذا لم يقدر ويكره رفع شيء يسجد عليه فإن عجز عن جميع أفعال الصلاة ولم يقدر على شيء إلا على النية فلا نص في مذهبنا وعن الشافعي وجوب القصد إليه لقوله «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» وعن أبي حنيفة سقوطها لأن النية وسيلة لتمييز غيرها وقد تعذر الفعل المميز فلا يخاطب بالنية كما في حق العاجز عن الصوم وغير ذلك ويمكن أن يكون سبب الخلاف بين الحنفي والشافعي هل النية شرط فلا تجب كسقوط الوضوء عند سقوط الصلاة أو ركن فتجب والنص المنفي في مذهبنا هو الصريح وأما الظواهر فموجودة قال في الجلاب والكافي ولا تسقط الصلاة عنه ومعه شيء من عقله ونحوه في الرسالة فإن قدر على حركة بعض الأعضاء
من رأس أو يد أو حاجب فقال ابن بشير لا خلاف أنه يصلي ويومىء بما قدر على حركته انتهى ومن عجز عن الركوع والسجود والجلوس وقدر على القيام فإنه يصلي قائما إيماء وهل يومىء قدر وسعه لأنه أقرب إلى الأصل أو ما يصدق عليه إيماء دون نهاية طاقته تأويلان ومن فرضه الإيماء كمن بجبهته قروح تمنعه السجود عليها فسجد على أنفه فقال أشهب يجزئه واختلف بجزئه واختلف المتأخرون في مقتضى قول ابن القاسم هل الإجزاء أم لا والمريض الذي لا يستطيع القيام والركوع والرفع منه والسجود والجلوس لكن إذا سجد لا يستطيع النهوض إلى القيام فقيل يصلي الأولى قائما بكمالها ويتم بقية الصلاة جالسا وإليه مالالتونسي واللخمي وابن يونس قالبعض المتأخرين يصلي الثلاث الأول إيماء أي يومىء لركوعها وسجودها وهو قائم ثم يركع ويسجد في الرابعة ومن قدر على القيام قدر على قراءة الفاتحة وعجز عن قراءتها أو بعضها قائما لدوخة وغيرها فالمشهور الجلوس لأن القيام إنما وجب لها فإذا لم يقدر أن يقف لها سقط وعلى أن القيام فرض مستقل يقف على قدر طاقته ثم يجلس لقراءتها وكذا إن عجز عن القيام لكل الفاتحة فينتقل إلى الجلوس قاله ابن بشير وأما العاجز عن قيام السورة فيركع إثر الفاتحة قاله اللخمي وابن رشد ويستحب للمصلي جالسا التربع على المشهور لأنه بدل عن القيام ويغير جلسته بين سجدتيه وقيل كجلوس التشهد واختاره المتأخرون ابن الحاجب ويكره الإقعاء وهو أن يجلس على صدور قدميه أبو عبيد على أليتيه ناصبا قدميه وقيل ناصبا فخذيه والرمد يتضرر بالقيام والركوع والسجود كغيره من ذوي العذر ويجوز قدح العين المؤدى إلى الجلوس فإن أدى إلى استلقاء منع فإن فعل أعاد أبدا وعلل بعدم تحقق النجح وقال أشهب معذور وهو الصحيح وإذا وجد المريض في نفسه قوة انتقل إلى الأعلى فإن كان جالسا قام وإن كان يومىء ركع وسجد وهكذا لا ينتقل قادر على القعود مضطجعا على الأصح ومن افتتح النافلة قائما ثم شاء الجلوس فقولان لـ ابن القاسم وأشهب بخلاف العكس فيجوز اتفاقا والله أعلم وقسم اللخمي المسألة إلى ثلاة أقسام إن التزم القيام لم يجلس وإن نوى الجلوس جلس وإن نوى القيام ولم يلتزمه فالقولان المواق قد يستحب أن يتم النافلة جالسا إذا أقيمت عليه الصلاة وهو في النافلة أيضا إذا كان مسبوقا في الأشفاع في رمضان اهـ
شَرطُها الاِستقْبَالُ طُهْرُ الخْبَثِ
وستْرُ عَوْرَةٍ وطُهْرُ الحَدَثِ
بالذِّكْرِ والْقُدرَةِ في غيْرِ الاخِيرْ
تَفرِيعُ ناسِيَها وعاجِزٌ كَثِيرْ
ندبًا يعيدان بِوَقْتٍ كالْخطا
في قِبْلَةٍ لا عَجْزِها أوِ الْغطا
أخبر أن شرط الصلاة أي شروط أدائها أربعة وعبر بالشرط بلفظ المفرد لأن المراد الجنس.
الأول استقبال القبلة وهو شرط في الفرائض في الحضر والسفر وفي النوافل أيضا إلا في السفر الطويل لراكب الدابة فيجوز تنفله حيثما توجهت به دابته وترا أو غيره سواء ابتدأ الصلاة إلى القبلة ثم تحول عنها أو افتتحها إلى غيرها على المشهور وقال ابن حبيب يفتتحها إلى القبلة ثم يصلي كيفما أمكنه ويوميء الراكب بالركوع وبالسجود أخفض منه وإن قرأ سجدة أو مألها ابن عرفة وسمع ابن القاسم المصلي في محمله يعيا فيمد رجليه أرجو خفته ولا يصلي محولا وجهه لدبر البعير ابن رشد ول كان تحوله تلقاء الكعبة وسمع القرينان أرجو أن لا بأس بتنحية وجهه عن الشمس تستقبله والمراد بالنوافل ما عدا الفرائض ولا ينتقل على الدابة في سفر لا تقصر فيه الصلاة لقصره أو لكونه سفر معصية وخرج براكب الدابة الماشي فلا يجوز له النفل عندنا ماشيا لغير القبلة وراكب السفينة فلا ينتقل إلا إلى القبلة إن دارت دار معها وروى ابن حبيب كالدابة وشرطية الاستقبال مقيدة بالذكر والقدرة دون العجز والنسيان كما صرح به الناظم في البيت الثاني فمن صلى لغير القبلة عامدا قادرا على استقبالها فصلاته باطلة ومن صلى لغيرها ناسيا أعاد في الوقت كما نبه عليه بعموم قوله ندبا يعيدان بوقت وعبر عنه ابن رشد بالمشهور وقال القابسي يعيد أبدا وإن كان عاجزا لمرض منعه التحول إليها أو القتال حال الصلاة أو خوف أو نحوه فلا إعادة عليه لقوله لا عجزها ولا فرق في شرطية الاستقبال مع الذكر والقدرة بين ابتداء الصلاة ودوامها فمن افتتح الصلاة للقبلة ثم تحول عنها فهو كمن ابتدأها لغيرها ويأتي حكمه إن شاء الله (الثاني طهارة الخبث) وهو النجس أي إزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان وهو شرط ابتداء ودوام أيضا فمن افتتح الصلاة طاهرا فسقطت عليه نجاسة بطلت صلاته ولو زالت عنه من حينها وقد تقدم هذا واقتصر على كونها شرطا وهو أحد القولين المبنيين على كونها واجبة أي إذا قلنا بوجوبها فهل هي واجبة شرط أو واجبة غير شرط وقيل فيها بالسنية وقيل بالاستحباب وقيد الناظم شرطيتها بالذكر والقدرة دون العجز والنسيان وعليه فمن صلى بنجاسة ثوبه أو بدنه أو مكانه ذاكرا قادرا على إزالتها أعاد أبداً وإن صلى بها ناسيا أو ذاكرا لكن عجز عن إزالتها أعاد في الوقت كما نبه عليه بقوله ندبا يعيدان بوقت وقد تقدم هذا في التبيه السابع أول كتاب الطهارة فراجعه إن شئت الثالث ستر العورة وهو أيضا شرط مع الذكر والقدرة ساقط مع العجز والنسيان فمن صلى مكشوف العورة ذاكرا غير ناسي قادر على سترها فصلاته باطلة ومن
صلى كذلك ناسيا أو عاجزا عما يسترها به تبطل صلاته ثم إن كان ذلك للعجز فوجد ثوبا في الوقت فلا إعادة عليه كما نبه عليه بأو الغطا وإن كان ناسيا ثم تذكر فلم أقف الآن على حكمه وظاهر عموم قول الناظم ندبا يعيدان بوقت أنه يعيد في الوقت ويظهر من كلام ابن رشد أن ستر العورة في الصلاة واجب ابتداء ودواما أيضا لاستقبال وطهر الخبث والحدث ونص المسألة على نقل المواق، قال ابن القاسم ولو سقط ساتر عورة إمام في ركوعه فرده بالقرب بعد رفع رأسه لكن لم يقدر على رده قبل أن يرفع لا شيء عليه ابن رشد فلو لم يرده بالقرب لأعاد في الوقت على أصله إن ستر العورة من سنن الصلاة ويأتي على القول بأنها من فرائض الصلاة أن يخرج ويستخلف فإن تمادى واستتر بالقرب فصلاته وصلاتهم فاسدة اهـ والشاهد لمدعانا قوله ويأتي على القول إلى آخره إنه كالصريح في وجوبها دواما حيث أمره بالخروج واستخلاف وإن استتر وتمادى بطلت عليهم أيضا وبنى ذلك على القول بالوجوب وإليه ذهب الناظم حيث عده شرطا إذ شرطيته مفرعة على القول بالوجوب وقد حكى ابن عرفة في سنية ستر العورة ووجوبه قولين ورد قول ابن بشير المذهب كله على الوجوب والخلاف إنما هو في كونه شرطا أم لا فانظره ابن شاس واعلم أن ستر العورة عن أعين الناس واجب اتفاقا وهل يجب في الخلوة أو يندب قولان وإذا قلنا لا يجب فهل يجب للصلاة في الخلوة أو يندب إليه فيها ذكر ابن رشد في ذلك قولين عن اللخمي، قال ابن بشير وليس كذلك وإنما المذهب على قول واحد وهو وجوب الستر والخلاف إنما هو في كونه شرطا أم لا والستر بفتح السين المصدر وهو المراد هنا وأما بكسرها فهو ما يستر به
الرابع طهارة الحدث وهي شرط ابتداء ودواما فمن افتتح الصلاة متطهرا ثم أحدث فيها بطلت كمن افتتحها محدثا ولا تتقيد شرطيتها بالذكر والقدرة كالشروط الثلاثة المتقدمة بل هي شرط حتى مع العجز والنسيان فمن صلى محدثا أعاد أبدا سواء كان ذاكرا للطهارة قادرا عليها أو ناسيا لها عاجز عنها إلا من عدم الماء والصعيد على الخلاف المتقدم وإلى ذلك أشار الناظم بقوله بالذكر والقدرة في غير الأخير والأخير هو طهارة الحدث
(قوله) تفريع ناسيها وعاجز كثير: ضمير ناسيها للشروط الثلاث الأول التي قيدت شرطيتها بالذكر والقدرة أي فروع ناسي تلك الشروط والعاجز عنها كثيرة ولما ذكر أن فروع ناسيها والعاجز عنها كثيرة تشوقت النفس لحكم تلك الفروع فأفاده بقوله ندبا يعيدان البيت أن عد تلك الفروع ستة لأن النسيان والعجز إما عن القبلة فيكون صلى لغيرها ناسيا مع علمه بجهتها أو عاجزا عن التحول إليها وإما عن طهارة
الخبث فيكون صلى بنجاسة ناسيا أو عاجزا وإما عن ستر العورة فيكون صلى مكشوفها ناسيا أوعاجزا والحكم فيها الإعادة في الوقت على جهة الاستحباب إلا العاجز عن استقبال القبلة أو عن ستر العورة المعبر عنه بالغطا فلا إعادة عليهما لقوله لا عجزها أو الغطا فبقي قوله ندبا يعيدان بوقت شاملا لناسي الاستقبال وستر العورة والمصلي بنجاسة ناسيا أو عاجزا وقوله كالخطا في قبلة تشبيه لإفادة الحكم المذكور وهو الإعادة في الوقت ومعناه أن من اجتهد في طلب جهة القبلة فأداه اجتهاده إلى جهة فصلى إليها ثم تبين له الخطأ أو أنه صلى لغير القبله إنه يعيد في الوقت أما في إعادة من صلى لغير القبلة ناسيا أو مخطئا أو متعمدا أو جاهلا فقال في البيان ومن صلى لغير القبلة مستدبرا لها أو مشرقا أو مغربا عنها ناسيا أو مجتهدا فلم يعلم حتى فرغ من الصلاة فالمشهور في المذهب أن يعيد في الوقت من أجل أنه يرجع إلى اجتهاده من غير يقين وقيل يعيد في الوقت أو بعده وهو قول المغيرة وابن سحنون كالذي يجتهد فيصلي قبل الوقت، وذكر عن أبي الحسن القابسي أن الناسي يعيد أبدا بخلاف المجتهد وأما من صلى لغير القبلة متعمدا أو جاهلا بوجوب استقبال القبلة فلا اختلاف في وجوب الإعادة عليه أبدا اهـ
وفهم من قوله فلم يعلم حتى فرغ من الصلاة أنه إن علم ذلك وهو في الصلاة فلا يكون حكمه كذلك قال في المدونة ومن علم وهو في الصلاة أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب طع وابتدأ وإن علم في الصلاة أنه انحرف يسيرا فلينحرف إلى القبلة ويبني وقال أشهب يدور إلى القبلة ولا يقطع ابن الحاجب ولو قلد الأعمى ثم أخبر بالخطأ فصدق احرف وقال سحنون إلا أنه يخبره عن يقين فيقطع انتهى، والوقت في الظهرين اصفرار الشمس وفي العشاءين طلوع الفجر وفي الصبح طلوع الشمس قاله في المدونة وتقدم أن من صلى لغير القبلة عاجزا لمرض أو خوف فلا إعادة عليه لا في الوقت ولا بعده لقول الناظم لا عجزها وظاهره عدم الإعادة سواء صلى لغيرها لخوف سباع أو لقتال عدو أو لمرض وفصل في المدونة بين الأولين فقال مالك من خاف أن ينزل من سباع أو غيرها صلى على دابته إيماء أينما توجهت به فإن أمن في الوقت فأحب إلي أن يعيد بخلاف العدو اهـ أي بخلاف من صلى لغيرها لأجل قتال عدو ثم زال خوفه في الوقت فلا تستحب إعادته فيه وأما من صلى لغير القبلة لمرض ثم وجد من يحوله في الوقت إليها إنه يعيد إلى آخر الضروري كما يأتي عن أبي الحسن الصغير في العشرة الثانية من المعيدين وظاهر كلام الناظم عدم إعادته وأما إعادة من
صلى بنجاسة فقد تقدم الكلام عليها في التنبيه السابع في شرح البيت الأول من كتاب الطهارة وحاصلها على المشهور أنه إن صلى بها معتمدا مختارا أعاد أبدا وإن صلى بها ناسيا أو عاجزا أعاد في الوقت والوقت كما تقدم قريبا وأما من صلى مكشوف العورة ناسيا فعهدة إعادته في الوقت على عموم قول الناظم: ندبا يعيدان بوقت وأما عدم إعادة العاجز فقال ابن الحاجب والعاجز يصلي عريانا التوضيح هذا بين على أن ستر العورة غير شرط، وكذلك على أنها شرط مع القدرة. قالابن القاسم وابن رزب: وإذا صلى العاجز عريانا فلا يعيد بخلاف المصلى بثوب نجس واستشكل، وفرَّق ابن عطاء الله بأن المصلي بنجاسة قادر على إزالتها بأن يصلي عريانا وإنما رجحنا ستر العورة على إزالة النجاسة مع أنه قادر على تركها بخلاف المصلي عريانا لعدم المقدرة على الستر اهـ
قال مالك ويركع ويسجد ولا يوميء ولا يصلي قاعدا/ ابن القاسم ولا يعيد إن وجد ثوبا في الوقت الموافق ولم يحك ابن رشد غير هذا
(فرع) فإن دخل الصلاة عريانا فوجد ثوبا قريبا منه استتر به فإن لم يستتر فقال ابن القاسم يعيد في الوقت وإن بعد منه فقيل يتمادى وقيل يقطع، وقال سحنون إن وجد ثوبا قطع
ولا بد من ذكر بعض ما يتعلق بهذ الشرط باختصاره
أما الاستقبال فالناس فيه على ثلاثة أضرب: الضرب الأول فرضه في التوجه اليقين والثاني فرضه الاجتهاد والثالث فرضه التقليد:
فأما من فرضه اليقين فعلى ضربين بمعاينة ويقين بغير معاينة فأما من فرضه اليقين بمعاينة فهو المصلي بحضرة الكعبة شرفها الله من غير حائل بينه وبينها وأما من فرضه اليقين بغير معاينة فهم أهل مكة الذين نشأوا بها يصلون في بيوتهم لحصول اليقين لهم بطول المدة وكلاهما لا يجوز له الاجتهاد قولا واحدا لأنه رجوع من اليقين إلى الظن فإن انتقل إلى الاجتهاد مع القدرة على اليقين أعاد أبدا قولا واحدا وهذا الحكم يجري في محراب النبي بالمدينة لأنه متوجه الرجوع إلى التقليد وعليه أن يستدل على القبلة بالنجوم وما يجري مجراها قال تعالى {وبالنجم هم يهتدون} وقال تعالى {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها} ولا خلاف في ذلك إنما الخلاف في مطلوبه في الاجتهاد هل هو جهة الكعبة أو سمتها وأما من فرضه التقليد فهو الأعمى والبصير الذي لا يعرف القبلة ولا يمكنه تعلم طرق الاجتهاد فإن قلت الجاهل بأدلة القبلة يسافر هل هو عاص بسفره أم لا؟
فالجواب أنه إن كان طريقه على قرى متصلة فيها محاريب أو كان معه في الطريق بصير بأدلة القبلة موثوق بعدالته وبصيرته يقدر على
تقديره فلا يعصي فإن لم يكن شيء من ذلك عصى لأنه معرض لوجوب الاستقبال ولم يكن حصل علمه
(فرع) إذا كان الفرض على من يقدر على الاجتهاد ويمتنع عليه التقليد فإن القادر أيضا على تعلم الطرق التي يستدل بها على استخراج القبلة يجب عليه تعلمها وهكذا قالوا إذا لم يكن عالما وأمكنه التعلم وجب عليه التعلم وحرم التقليد قال ابن شاس أما البصير الجاهل بالقبلة إن كان بحيث لو اطلع على وجه الاجتهاد لاهتدى إليه لزمه السؤال ولا يقلد وإن كان بحيث لا يهتدي ففرضه التقليد اهـ من شرح المواسي الكبير على روضة الأزهار لـ الجادري في سمت القبلة
ابن الحاجب والقدرة على اليقين تمنع من الاجتهاد وعلى الاجتهاد تمنع من التقليد، قال ابن القصار: والبلدة الخراب التي لا أحد فيها لا يقلد المجتهد محاريبه. فإن خفيت عليه أو لم يكن من أهل الاجتهاد قلدها والبلد العامر التي تتكرر فيها الصلوات ويعلم أن إمام المسلمين نصب محرابه أو اجتمع أهل البلد على نصبه إن العالم والعامي يقلدونه. قال لأنه قد علم أنه لم يبين إلا بعد اجتهاد العلماء في ذلك القباب وهذا إذا لم تكن مختلفة ولا مطعونا فيها مثل مساجد بلد فاس فإن قبلة القرويين مخالفة لقبلة الأندلس، والأندلس أقرب إلى الصواب بالنظر إلى الأدلة قال ابن الحاجب: وهل مطلوبه في الاجتهاد الجهة أو السمت قولان أي من كان فرضه اليقين وهو المكي فالواجب عليه أن يستقبل بذاته بناء الكعبة ويسامتها قولا واحدا وأما من كان فرضه الاجتهاد وهو غير المكي فهل الواجب عليه مسامتة بنائها كالمكي أو استقبال جهتها فقط لأإن لم يسامت بناءها وهو المشهور قولان والوجوب المسامتة على المكي ابن الحاجب. أثر ما تقدم وأما لو خرج السمت في المسجد الحرام لم تصح ولو لم تصح ولو كان في الصف وكذلك من بمكة أي في غير المسجد الحرام فتجب عليه المسامتة أيضا لقدرته على ذلك إن كان بموضع بمكة لا يعلم سمت الكعبة فيه فيجب عليه أن يطلع على سطح أو غيره ويعرف سمت الكعبة في المحل الذي هو فيه إن قدر على الصعود لطلب المسامتة بمشقة ففي تكليفه ذلك لأنه قادر على اليقين فلا يكفيه الاجتهاد أو يكتفي بالاجتهاد فيجتهد في الجهة المسامتة لبناء الكعبة ويصلي إليها نظر إلى الحرج الذي يلحقه في الصعود وهو منفي من الدين تردد لبعض المتأخرين وظاهره أن هذا إذا كان لا يعلم سمتها إن صلى بموضعه أما من كان يعلمه فلا يحتاج إلى صعود إذ لا يجب على المكي إلا المسامتة يقينا كانت مع مشاهدة ورؤية أم لا؟
(فرع) الأعمى إن كان عاجزا عن التوصل إلى اليقين والاجتهاد فإنه يقلد مسلما عدلاً عارفا وإن كان عارفا بالاجتهاد قلد في أدلتها كسؤاله عن كوكب كذا
(فرع) البصير الجاهل مثل الأعمى الجاهل في تقليد المسلم العدل العارف فإن لم يجده فقال ابن عبد الحكم يصلي حيث شاء ولو صلى أربعا لكان مذهبا حسنا
(فرع) تقدم أن المجتهد لا يقلد غيره فإن عمي عليه ففي تخيره جهة يصلي إليها أو يصلي أربعا لأربع جهات أو يقلد غيره ثلاثة أقوال
(فرع) قال ابن الحاجب ويستأنف الاجتهاد لكل صلاة وكذا قال ابن شاس قالوا لعله يتغير اجتهاده في الطراز إذا كان الوقتان تختلف فيهما الأدلة اجتهد ثانيا وإلا فلا وهو أظهر مما قاله ابن شاس وابن الحاجب
(فرع) إذا اختلف شخصان في القبلة فلا يأتم أحدهما بالأخر
(فرع) تقدم أن للمسافر أن يتنقل على دابته حيثما توجهت به. وأما الفريضة فلا تؤدى راكبا اختيارا اتفاقا فإن كان هناك مرض أو قتال أو خوف م سبع ونحوه أو خضخاض جازت على الدابة فإن كان لمرض أو خضخاض إلى القبلة وإن كان لقتال أو لخوف من سبع ونحوه فإلى القبلة أو غيرها ففي الرسالة ولا يصلي الفريضة وإن كان مريضا إلا بالأرض إلا أن يكون أن نزل صلى جالسا إيماء لمرضه فليصل على الدابة بعد أن توقفت له ويستقبل بها القبلة وفي المدونة إذا اشتد الخوف صلوا على قدر طاقتهم يركعون إيماء مستقبلين القبلة أو غيرها ابن يونس ويصلون على خيولهم يومئون. ومن المدونة أيضا قال مالك من خاف إن نزل من سباع أو غيرها صلى على دابته إيماء أينما توجهت به فإن أمن في الوقت أحب إلي أن يعيد بخلاف العدو وفي الرسالة والمسافر يأخذه الوقت في طين خضخاض لا يجد أين يصلي فلينزل عن دابته ويصلي فيه قائما يوميء بالسجود أخفض من الركوع فإن لم يقدر أن ينزل فيه صلى على دابته إلى القبلة
(فرع) من المدونة قال مالك لا يصلي في الكعبة ولا في الحجر فريضة ولا ركعتا الطواف الواجب ولو الوتر ولا ركعتا الفجر وأما غير ذلك من ركوع الطواف والنوافل فلا بأس به/ ابن الحاجب إن صلى فحيث شاء، ورجع مالك لاستحباب جعل
الباب خلفه لفعل إياه، ومن المدونة من صلى في الكعبة فريضة أعاد في الوقت فحمله ابن يونس وجماعة على الناسي لقوله في المدونة كمن صلى لغير القبلة وأما لو صلى فيها عامدا لأعاد أبدا وحمله عبد الوهاب واللخمي وابن عات على طاهرة وأن العامد كالناسي يعيدان في الوقت/ ابن عرفة الغرض على ظهرها ممنوع/الباجي فإن صلاه أعاد أبدا قاله مالك وابن حبيب وأشهب، الجلاب ولا بأس بالنفل عليهما وقال ابن حبيب النفل عليها ممنوع وأما طهارة الحدث والخبث فقد تقدم ما يتعلق بهما في شرح البيت الأول من كتاب الطهارة جملة صالحة ومن جملة ما يتعلق بطهارة الخبث مسألة الرعاف وذكرها هناك كما فعل ابن الحاجب أنسب ولما طال بنا الكلام ثمة تبعنا الشيخ خليلا في ذكرها هنا والرعاف الدم الذي يخرج من الأنف وهو بضم الراء مصدر رعف بالفتح يرعف ويرعف بضم العين وفتحها ورعف بالضم لغة ضعيفة والرعاف إما أن يحصل قبل الدخول في الصلاة أو بعده إن كان قبل الدخول في الصلاة فحكى فيه ابن رشد قولين أحدهما أنه ينتظر الوقت الاختياري القامة في الظهر والقامتين في العصر والثاني يؤخرها ما لم يخف فوات الوقت جملة وظاهر كلام ابن رشد قولين: أن الأول هو المذهب لتصديره به وعطفه عليه بقيل، وإن رعف وهو في الصلاة فإن غلب على ظنه بعادة تقررت له دوامه لآخر الوقت المختار فلا يقطع بل يتمها على حاله إذ لا فائدة في قطعها والأصل في هذا ما ورد أن عمر رضي الله تعالى عنه وجرحه يثعب دما أي يتفجر وإذا لم يقطعها ولم يقدر على الركوع والسجود إما لأنه يضر به ويزيد في رعافه وإما خشية أن يتلطخ بالدم إن ركع أو سجد فهل يجوز له أن يصلي بالإيماء أو لا؟ في ذلك تفصيل إن خشي ضررا بجسمه أومأ اتفاقا وإن خشي تلطخ جسده لم يومىء اتفاقا إذ الجسد لايفسد بالغسل وإن خشي تلطخ ثوبه فقولان وعلى الإيماء فيوميء للركوع من قيام وللسجود من جلوس قالهالقابسي/ابن رشد إن انقطع عن الرعاف في بقية من الوقت لم تجب عليه إعادتها هذا كله إذا رعف في الصلاة وغلب على ظنه دوامه إن لم يضر وشك هل يدوم أو ينقطع فله ثلاثة أحوال
الأولى أن لا يسيل ولا يقطر فلا يجوز له أن يخرج وإن قطع أفسد عليه وعليهم إن كان إماما. قال مالك: ويفتله بأنامله الأربع أي بإبهامه وأنامله الأربع والمراد بالأنامل الأنامل العليا فإن زاد إلى الوسطى قطع قاله الباجي، وحكى ابن رشدأن الكثير هو
الذي يصل إلى الأنامل الوسطى بقدر الدرهم في قولابن حبيب أو أكثر منه في رواية ابن زياد وحكى مجهول الجلاب في فتله باليد اليمنى أو اليسرى قولين وإنما يشرع الفتل في المسجد المحصب غير المفروش حتى ينزل المفتول في خلال الحصباء وأما إن كان المسجد مفروشا وخاف تلويثه فلا يجوز له الفتل أصلا بل يخرج من أول ما يرشح حكى ذلك صاحب الذخيرة عن سند بن عنان.
الحالة الثانية أن يقطر ويسيل ويتلطخ به فلا يجوز له التمادي
الثالثة أن يسيل أو يقطر ولا يتلطخ به فيجوز له القطع والتمادي وهل الأفضل البناء لعمل الصحابة أو القطع لحصول المنافي حكى ابن رشد الأول عن مالك والثاني عن ابن القاسم إن قطع فلا إشكال وإن بنى خرج فغسل الدم ثم كمل ما بقي وهذا الحكم في الإمام ويستخلف من يتم بالقوم صلاتهم في المأموم أيضا قاله مالك. وجميع أصحابه، واختلفوا في الفذ فقال ابن حبيب لا يبني وقال أصبغ وابن مسلمة يبني ومنشأ الخلاف هل رخصة البناء لحرمة الصلاة للمنع مع إبطال العمل أو لتحصيل فضل الجماعة وكيفية البناء قال ابن عرفة يخرج ممسكا أنفه مساكتا لأقرب ماء يمكن/اللخمي ولو مستدبر القبلة ابن العربي لا يستدبرها إلا ضرورة/ ابن رشد إن وجد الماء في موضع فتجاوزه إلى غيره بطلت صلاته باتفاق/ بهرام قال ابن هرون يمسك أنفه من أعلاه لئلا يبقى الدم داخل أنفه وحكمه حكم الظاهر ورد هذا بأنه محل ضرورة ابن رشد إن وطيء على نجاسة رطبة بطلت صلاته باتفاق وإن وطيء على قشب يابس فقولان وأما أوراث الدواب وأبوالها فلا تبطل صلاته بالمشي عليها فإن تكلم عمدا بطلت صلاتهالمواق وأما أن تكلم سهوا بعد غسل الدم عند رجوعه إلى الصلاة فلا أذكر خلافا أن صلاته صحيحة، قال سحنون: فإن أدرك بقية صلاة الإمام حمل السهو عنه الإمام وإلا سجد بعد السلام لسهوه وأما إن كان تكلمه سهوا في حين انصرافه قال سحنون الحكم واحد ورجحه ابن يونس قال لأن حكم الصلاة قائم عليه سواء تكلم في سيره أو رجوعه وقال ابن حبيب تبطل صلاته كما لو تكلم عمدا اهـ
وإذا فرغ من غسل الدم فإما أن تكون الصلاة جمعة أو غيرها فإن كانت غير جمعة وظن فراغ الإمام أتم مكانه إن أمكن وإلا ففي أقرب المواضع إليه مما يصلح للصلاة وتصح صلاته أصاب ظنه أو أخطأ فإن خاف ورجع بطلت أصاب ظنه أو أخطأ وهذا هو المشهور وروي عن مالك أنه يرجع في مسجد مكة ومسجد الرسول وحكى ابن رشد قولاً بالبطلان إذا أخطأ عنه وأما لو ظن بقاء الإمام لزمه الرجوع
سواء رجا إدراك ركعة أو أقل على المشهور فإن لم يرجع بطلت وهذا ظاهر في المأموم والإمام لأنه إذا استخلف صار حكمه حكم المأموم وأما الفذ فيتم مكانه من غير رجوع لأإن كانت جمعة إن ظن بقاء الإمام رجع وإن لم يظن بقاءه واعتقد أن الإمام أتم الصلاة لزمه الرجوع إلى الجامع أيضا لأن الجمعة لا تصلى إلا في الجامع/ ابن شعبان وإنما يرجع إلى أدنى موضع تصلي فيه بصلاة الإمام/ الباجي ولا يجزئه إلا أن يتم بغير المسجد وإذا فرغ من غسل الدم وأراد أن يكمل صلاته بموضعه أو بعد رجوعه على التفصيل المتقدم فلا يعتد إلا بركعة كاملة وروى ابن القاسم إن إدراك ركعة بسجدتها وأدرك من الأخرى الركوع وسجدة ثم رعف فخرج ثم رجع وقد غسل الدم فليستأنف هذه الركعة الثانية من أولها ولا يبني على ما تقدم منها
(فرع) من رعف في صلاة الجمعة فإن كان بعد أن صلى ركعة بسجدتها كملها جمعة وإن رعف قبل كمال الركعة فإن أدرك الركعة الثانية كملها جمعة أيضا وإن رعف قبل كمال الركعة ولم يدرك الركعة الثانية صلاها ظهرا اتفاقا ويحدد الإحرام على المشهور وقال سحنون يبني على إحرامه وقال أشهب يخير، إن شاء قطع وابتدأ وإن شاء بنى على إحرامه فقط وإن شاء بنى على إحرامه وعلى ما تقدم له من فعلها
(فرع) من رعف في التشهد قبل سلام الإمام فحكمه كمن رعف قبل ذلك أجره على ما تقدم وإن رعف المأموم بعد سلام الإمام وقبل سلامه هو سلم وأجزأه لما في الخروج من كثرة المنافي وخفة لفظ السلام
(فرع) من ظن أنه أحدث أو رعف فانصرف ثم تبين له أنه لم يصبه شيء ففي المدونة يستأنف ولا يبني إلا في الرعاف وحده
(فرع) وإذا اجتمع البناء والقضاء فقال ابن القاسم يقدم البناء وقال سحنون يقدم القضاء، عبارة عما فات بعد الدخول مع الإمام والقضاء عبارة عما فات قبل الدخول مع الإمام وذلك كمن سبق بالركعة الأولى وأدرك الثانية والثالثة معا ورعف في الرابعة أو أدرك الثانية ورعف في الثالثة والرابعة أو بإفاتته الأولى والثانية وأدرك الثالثة ورعف في الرابعة فإذا سبق بالأولى وأدرك الوسطين وفاتته الرابعة بخروجه لغسل الدم وفي معناه النعاس والزحام فعلى تقديم البناء يأتي بركعة الفاتحة فقط سرا ويجلس عليها على المشهور لأنه يحاكي بها فعل الإمام ولأن من سنة القضاء أن يكون عقيب جلوس وقيل لا يجلس لأنها ثالثة ثم يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ويجهر إن كانت صلاة جهر ويجلس لأنها آخر صلاته وتلقب هذه المسألة بأم الجناحين لقراءة السورة في
الطرفين وعلى قول سحنون يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ولا يجلس لأنها أولى إمامه وثالثه هو، ثم يركع بأم القرآن خاصة وإذا فاتته الأولى وأدرك الثانية وفاتته الأخيرتان فعلى تقديم البناء يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها ثالثة الإمام ويجلس لأنها ثانيته تغليبا لحكمه ثم يأتي بثالثة بالفاتحة فقط لأنها رابعة إمامه وهل يجلس] القولان ثم يأتي بركعة القضاء بالفاتحة وسورة وتكون هذه الصلاة على المشهور كلها جلوسا وهي أيضا على هذا القول أم الجناحين وفيها يتصور ذكر ترك التشهدين قبل السلام وبعد فوات محلهما معا وعلى قول سحنون يأتي بركعة بالفاتحة وسورة ويجلس لأنها ثانيته ثم بركعتي البناء من غير جلوس في وسطهما ومثل هذه الصورة
الحاضر يدرك ثانية صلاة المسافر ومن أدرك ثانية صلاة الخوف في الحضر إذ كل منهما فاتته واحدة قبل الدخول مع الإمام واثنتان بعده وإذا فاتته الأوليان وأدرك الثالثة وفاتته الرابعة لخروجه للغسل فعلى تقديم البناء يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها رابعة الإمام ويجلس اتفاقا لأنها ثانيته ورابعة إمامه ولأن القضاء لا يقام له إلا من جلوس ثم يأتي ركعتي القضاء بسورتين من غير جلوس في وسطهما لعدم موجب الجلوس فتكون السورتان متأخرتين عكس الأصل وعلى قول سحنون يأتي بركعة الفاتحة والسورة لأنها أولى إمامه وثانيته وهو يجلس لأنها ثانيته ثم بثالثة بالفاتحة وسورة ولا يجلس لأنها ثالثته هو ولا عبرة بكونها ثانية إمامه إذ محل الخلاف جلوسه على أخيرة الإمام إلا على ثانية الإمام ثم بركعة البناء بالفاتحة وتسمى الحبلى والمجوفة لصيرورة الصورتين وسطها
قال مقيد هذا الشرح عبد الله محمد بن حمد ميارة وقد سألني بعض الإخوان من الطلبة الأعيان قبل هذا الوقت بزمان عن مسألة من هذا المعنى وهي من أدرك إحدى الوسطيين ولم يدر عينها فأجبته بأنه على قول ابن القاسم بتقديم البناء يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها إما ثالثة الإمام أو رابعته ويجلس عليها اتفاقا لأنها ثانيته ورابعة إمامه في احتمال أن يكون أدرك الثالثة ثم يأتي بركعة بالفاتحة وسورة، لاحتمال أن يكون أدرك الثالثة، فهذه أولى إمامه، فهي قضاء، ويجلس عليها لاحتمال أن يكون أدرك الثانية فهذه أخيرة الإمام ثم يأتي بركعة الفاتحة وسورة لأنها إما أولى الإمام أو ثانيته ويسجد بعد السلام لاحتمال أن يكون أدرك ثالثة الإمام فجلوسه على ثالثته محض زيادة وعلى قول سحنون يأتي بركعة بالفاتحة وسورة لأنها أولى إمامه ويجلس عليها لأنها ثانيته ثم يأتي بركعة بالفاتحة وصورة الاحتمال أن يكون قد أدرك الثالثة فهذه ثانية الإمام ثم يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها رابعة الإمام قطعا والله تعالى أعلم بالصواب ولم أقف على نص فيما أجبت به إلا أني أخذته مما لهم في مسائل متعددة من مسائل الشك كقضاء الفوائت وغيرها من عدم براءة الذمّة إلا بالإتيان بما يحيط بحالات
الشكوك والتقارير ولتؤخر الكلام على ما يتعلق بستر العورة إلى البيتين الآتيين
وما عَدا وجْهَ وكَفَّ الحُرُّهْ
يَجِبُ سَتْرُه كما في الْعَورَهْ
لكِنْ لدى كشْفٍ لِصدْرٍ أَو شَعَرْ
أَو طَرَفٍ تُعيدُ في الّوَقْتِ المُقَرْ
تقدم أن ستر العورة شرط مع الذكر والقدرة ساقط مع العجز والنسيان وأن من عجز عما يستر به عورته وصلى عريانا وجد ثوبا في الوقت فلا إعادة عليه وذكر هنا أنه يجب على المرأة الحرة أن تستر جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها كما تقدم في ستر العورة أي بشرط الذكر والقدرة أيضا وأنها إن أخلت ببعض ذلك مختارة فصلت مكشوفة الصّدر أو الشعر أو الأطراف كظهور قدميها وكوعيها فإنها تعيد في الوقت المقرر عند أهل الفن وهو في الظهرين إلى الإصفرار وفي العشاءين الليل كله على مذهب المدونة وقول الناظم وجه هو بكسرة واحدة لإضافته في التقدير إلى مثل ما أضيف له كف على حد قوله بين ذراعي وجبهة الأسد والعورة الخلل وسميت السوأتان عورة لأن كشفهما يوجب خللا في حرمة مكشوفهما وسميت المرأة عورة لأنها يتوقع من رؤيتها وسماع كلامها خلل في الدين والعرض وليس المراد بالعورة المستقبح لأن المرأة الجميلة تميل إليها النفوس وبهذا يظهر أن المرأة كالرجل مع الرجل في حكم الستر وسائر مسائل العورة تخرج على هذا المعنى قاله في الذخيرة والعورة على ثلاثة أقسام عورة الرجل حرا كان أو عبدا وعورة الحرة وعورة الأمة القن أو ذات شائبة كأم الولد والمدبرة والمعتقة إلى أجل والمعتق بعضها فعورة الرجل مع الرجل قال الباجي جمهور أصحابنا أن عورة الرجل ما بين سرته وركبتيه السوأتان مثقلها وإلى سرته وركبتيه مخففهما وصحح عياض هذا وصرح بخروج السرة والركبة/ابن القطان وهذا هو الأظهر لقول مالك يجوز أن يأتزر الرجل تحت سرته وفي ابن الحاجب وفي الرجل ثلاثة أقوال السوأتان خاصة ومن السرة إلى الركبة والسرة حتى الركبة وقيل ستر جميع البدن واجب وأما بالنسبة إلى المرأة فيجوز للمرأة الأجنبية أن ترى من الرجل وجهه وأطرافه ويجوز للمحرم كأمه أن ترى منه ما يراه الرجل منه وهو ما عدا السرة والركبة وعورة الحرة مع الرجل الأجنبي جميع بدنها إلا الوجه والكفين فليسا بعورة وتحريم النظر إليهما إنما هو لخوف الفتنة لا لكونهما عورة وأما بالنسبة إلى المحرم كابنها وأخيها فلا يرى منها إلا الوجه والأطراف وأما بالنسبة إلى النساء فالمشهور أنها كالرجل مع الرجل وقيل كحكم الرجل مع ذوات محارمه فترى المرأة من المرأة الوجه والأطراف
فقط وقيل كحكم الرجل مع المرأة الأجنبية فلا ترى المرأة إلا الوجه والكفين إن أمنت الفتنة التوضيح ومقتضى كلام سيدي أبي عبد الله ابن الحاج أن هذا الخلاف إنما هو في المسلمة مع المسلمة وأما الكافرة فالمسلمة معها كالأجنبية مع الرجل اتفاقا وعورة الأمة كعورة الرجل مع تأكد، ومن ثم لو صلى الرجل والأمة باديي الفخذين تعيد الأمة في الوقت ولا يعيد الرجل، المشهور التوضيح واعلم أنه إذا خشي من الأمة الفتنة وجب الستر لدفع الفتنة لا لأنه عورة/ خليل ولا تطلب أمة بتغطية رأس/ ابن الحاجب وأم الولد آكد من الأمة ولذا قال إذا صلت من غير قناع فأحب إليَّ أن تعيد في الوقت بخلاف المدبرة والمعتق بعضها والمكاتبة أي فلا إعادة عليهن إذا صلين بغير قناع ثم قال ورأس الحرة وصدرها وأطرافها كالفخذ للأمة أي فتعيد في الوقت قال في المدونة قال مالك إذا صلت المرأة بادية الشعر أو الرأس أو الصدر أو ظهور القدمين أعادت الصلاة في الوقت/ ابن يونس سواء كانت جاهلة أو عامدة أو ساهية وقد تقدم هذا في قول الناظم (لكن لدى كشف) البيت
…
ويستحب للصغيرة التي تخاطب بالصلاة أن تستر من جسدها ما تستره الكبيرة، قال مالك كانت إحدى عشرة واثنتي عشرة، قال أشهب فإن صلت بغير قناع أعادت في الوقت وكذلك الصبي يصلي عريانا وإن صليا بغير وضوء أعادا أبدا وقال سحنون يعيدان بالقرب لا بعد اليومين والثلاث/ اللخمي وإن كانت كبنت ثمان سنين كان الأمر أخف
(فرع) ولا تعيد المتنقبة لفعلها ما أمرت به من الستر وزادت عليه التنقيب وهو مكروه لأنه من الغلو في الدين ابن القطان ولا يلزم غير الملتحي التنقب لكن قال القاضي أبو بكر بن الطيب ينهى الغلمان عن الزينة لأنه ضرب من التشبه بالنساء وتعمد الفساد ابن القطان وأجمعوا أنه يحرم النظر إلى غير الملتحي لقصد التلذذ بالنظر إليه واستمناع حاسة البصر بمحاسنه وأجمعوا النظر إليه بغير قصد اللذة والناظر من ذلك آمن من الفتنة واختلف إن توفر له أحد هذين الشرطين دون الآخر وقال عياض كان ابن نصر عدلا فى أحكامه صارما في الحق وكان يأمر من يمشي على البحر والمواضع الخالية فإن وجدوا رجلا مع غلام حدث أتوا بهما إن لم تقم بينة أنه ابنه أو أخوه وإلا عاقبه وسئل عز الدين عن الرجل يدخل الحمام فيجلس بمعزل عن الناس إلا أنه يعرف بالعادة أنه يكون معه في الحمام من هو كاشف لعورته هل يجوز حضوره على هذا الحال أم لا؟ أجاب يجوز له حضور الحمام إن قدر على الإنكار أنكر ويكون مأجورا على إنكاره وإن عجز عن الإنكار كره بقلبه ويكون مأجورا على كراهته ويحفظ بصره عن العورات ما استطاع ولا يلزم الإنكار إلا في السوأتين، لأن العلماء اختلفوا في قدر
العورة، فقال بعضهم: لا عورة إلا السوأتان، فلا يجوز الإنكار على من قلد بعض أقوال العلماء إلا أن يكون فاعل ذلك معتقدا لتحريمه فينكر عليه حينئذ وما زال الناس يقلدون العلماء في مسائل الخلاف ولا ينكر عليهم
وسئل ابن عرفة عن السوأتين فقال هما من المقدم الذكر والأنثيان ومن المؤخر ما بين الأليتين اهـ من نوازل البرازلي قبل كتاب الطهارة
(فرع) تقدم أن الأمة لا تطلب بتغطية رأسها فإذا دخلت الصلاة مكشوفة الرأس فطرأ العتق في الصلاة وبلغها ذلك أو طرأ العتق قبل الصلاة فعلمت به في الصلاة فقال ابن القاسم تتمادى ولا إعادة عليها إلا أن يمكنها الستر فتترك فتعيد في الوقت وقال سحنون تقطع وقال أصبغ إن كان العتق قبل الصلاة فالمعتمدة تعيد في الوقت وإن كان العتق في الصلاة لم تعد
(فرع) قال ابن الحاجب والساتر الشفاف كالعدم وما يصف لرقته أو تحديده مكروه كالسراويل بخلاف المئزر
(فرع) تقدم أن العاجز يصلي عريانا إذا اجتمع عراة في ظلام فكالمستورين وفي ضوء أو ليل مقمر تباعدوا بحيث لا ينظر بعضهم إلى بعض وصلوا أفذاذا وهو المشهور وقال ابن الماجشون يصلون جماعة صفا واحدا وإمامهم في الصف ويغضون أبصارهم وعلى المشهور إن لم يكن تباعد بعضهم من بعض لخوف أو غيره فقولان الأول وهو المشهور يصلون على الهيئة المعهودة من القيام والركوع والسجود أي مع غض البصر الثاني أنهم يصلون جلوسا إيماء للركوع والسجود
(فرع) من لم يجد ما يستتر به إلا ثوبا نجسا استتر به وصلى فإن وجد غيره أو ما يغسله به قبل خروج الوقت أعاد في الوقت، ومن لم يجد إلا ثوبا حريرا فقال ابن القاسم وأشهب يصلي عريانا واستبعد، فإن الحرير إنما منع خشية الكبر والسرف وعند الضرورة يزول ذلك وخرج لـ ابن القاسم أنه يصلي بالحرير من قوله إذا وجد ثوبا نجسا حريرا صلى بالحرير إذا قدم الحرير على النجس في الاجتماع والنجس المقدم على التعري فيلزم تقديم الحرير على العرى لأن مقدم المقدم وهو ظاهر ابن الحاجب ويستتر العريان النجس وبالحرير على المشهور، ونص ابن القاسم وأشهب في الحرير يصلي عريانا قال في المعيار ولما قوي هذا التخريج عند ابن الحاجب وصفه وإلا فليس بمنصوص فضلا عن أن يكون مشهورا وعلى المشهور من كونه يصلي بالحرير إذا صلى به ثم وجد غيره أعاد في الوقت على المشهور هذا كله إذا صلى بالحرير مضطرا لذلك بحيث لم يجد سواه وأما إن صلى به مختارا فنص ابن الحاجب وغيره على أنه
عاص ثم إن كان معه ساتر غيره فقال ابن القاسم وسحنون يعيد في الوقت وقال ابن وهب وابن الماجشون لا إعادة عليه ابن عرفة ونقل ابن الحاجب عدم صحة الصلاة لا أعرفه، وأما إن لم يكن معه ساتر فقال ابن وهب وابن الماجشون أيضا لاإعادة عليه وقال أشهب يعيد في الوقت، وقال ابن حبيب يعيد أبدا كذا نقل المواق وفي التوضيح ما يخالف نقله باعتبار نسبة الأقول لقائلها ثم قال التوضيح بعد أن ذكر القولين فيما إذا صلى بالحرير مع ثوب آخر وكذلك القولان لو صلى بخاتم ذهب أو سوار أو تلبس في صلاته بمعصية كما لو نظر إلى عورة أخرى أو أجنبية أو سرق درهما ونقل عن سحنون البطلان في ذلك كله فانظر هل يؤخذ منه قول بالبطلان وإن كان عليه غيره أم لا، لأن الحرير مختلف فيه في الأصل اهـ
ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا وآخر حريرا فقال ابن الحاجب إن اجتمعا فالمشهور ل ابن القاسم بالحرير وأصبغ بالنجس فوجه قول ابن القاسم أن النجاسة تنافي الصلاة بخلاف الحرير ووجه قول أصبغ أن الحرير يمنع في الصلاة وغيرها والنجس إنما يمنع في الصلاة والممنوع في حالة دون أخرى أولى من الممنوع مطلقا
(تنبيه) ما ذكره الناظم من إعادة الحرة إذا صلت منكشفة الشعر أو الصدر أو الأطراف هي إحدى النظائر العشرة التي فيها الإعادة إلى الاصفرار في الظهرين وإلى طلوع الفجر في العشاءين وإلى الإسفار في الصبح وقيل إلى طلوع الشمس راجعه في إزالة النجاسة، قال الشيخ أبو الحسن الصغير المعيدون للصلاة ثلاثون، عشرة إلى الاصفرار وهم الحرة إذا صلت بادية الشعر أوالصدر أو ظهور القدمين ومن صلى في الحجر أو في الكعبة فريضة ومن صلى ومعه لحم ميتة أو عظمها أو جلدها ومن صلى على مكان نجس ومن صلى بثوب نجس وهو لا يعلم نجاسته ومن صلى بخاتم ذهب ومن صلى بثوب حرير ومن صلى وقد توضأ بماء نجس مختلف في نجاسته ومن صلى بتيمم على موضع نجس ومن صلى لغيرالقبلة ناسيا أو عميت عليه في غير المعاين، وعشرة يعيدون إلى الغروب في الظهرين يريد والله أعلم وإلى طلوع الفجر في العشاءين وإلى طلوع الشمس في الصبح قال وهم المرأة تحيض أو تطهر والمجنون أو المغمى عليه يفيق أو يصيبه ذلك والرجل يسافر أو يقدم من سفره والصبي يحتلم والكافر يسلم ومن عسر تحويله إلى القبلة أي فصلى لغيرها ثم وجد من يحوله إليها ومن صلى في السفر أربعا ومن صلى بثوب نجس لا يجد غيره ومن صلى صلوات وهو ذاكر لصلاة وترتيب المفعولات، قلت أي الحاضرة الوقت مع يسير الفوائت كمن صلى الظهر والعصر ثم تذكر فوائت يسيرة فإنه يصلي الفوائت ويعيد الظهر والعصر إلى الغروب، قال وعشرة يعيدون إلى آخر القامة قلت أي في الظهر إلى آخر المختار ولم يذكر أيضا حكم غير الظهر وقياسه على هذا أن
تعاد العصر إلى الاصفرار والمغرب ما لم يجز من وقتها قدر ما تقع فيه بعد تحصيل شروطها والعشاء إلى الثلث الأول والصبح إلى الإسفار الأعلى والله أعلم، قال: وهم المستجمر بفحم وشبهه والماسح على ظهور الخفين دون بطونهما ومن صلى خلف مبتدع ومن تيمم إلى الكوعين وناسي الماء في رحله والخائف من سباع ونحوها أي إذا زال خوفه فوجد الماء بعد أن كان قد صلى بالتيمم والراجي والموقن إذا تيمما أول الوقت وصليا ثم وجد الماء في الوقت والمريض الذي لا يجد من يناوله الماء واليائس إذا وجد الماء الذي قدره اهـ
ولم أفهم المسألة الأخيرة ولعله يعني الشاك في لحوق الماء في الوقت فقد نصوا على أنه إنما يعيد إذا وجد الماء الذي قدره قبل خروج الوقت المختار لا إن وجد ماء آخر وإطلاق الإعادة على جميعهم من باب التغليب فإن الخمسة الأول من العشرة الثانية لمن تقع منهم صلاة البتة والمقصود بذكر الأولين منها أن من زال عذره قبل خروج الوقت ووجب عليه من الصلوات ما أدرك وقته ومن طرأ عليه العذر سقط عنه ما أدرك العذر وقته وبالثالث أن من سافر أو قدم من سفره قرب الغروب أو الفجر ولم يكن صلى العصر أو مع الظهر أو المغرب أو العشاء هل يتم أو يقصر وبالرابع والخامس أن من زال عذره من صبأ أو كفر فيجب عليه أن يصلي ما أدرك وقته والوقت في ذلك كله آخر الضروري وقد نظم هذه النظائر الإمام العلامة المحقق المشارك سيدي أبو عبد الله محمد بن غازي رحمه الله تعالى فقال
عشرة أتت عن سادة أخيار
تحدد الوقت بالاصفرار
ظهار حرة لنحو الصدر
الفرض في الكعبة أو فى الحجر
ميت وبقعة وثوب نجسا
وذهب ثم حرير لبسا
وماء خلف وصعيد نجس
وقبلة لغائب تلتبس
فصل وللغروب عشرة تنتظر
طرو حيض وجنون وسفر
وعكسها والحلم والإسلام
وعسر قبلة مع الإتمام
في سفر والعجز عن وجد اللباس
وحالة الترتيب دون ما التباس
وبعدها عشر للاختيار
فحم والشبهه للاستجمار
وترك لبطن لبطن الخف واقتداء
بصاحب البدعة لا امتراء
ثم تيمم إلى الكوعين
وذكر ماء الرجل دون مين
خوف رجاء ويقين ومرض
واليأس في التيمم أفهم ذا الغرض
ولو قال بدلت البيت الأول:
عشر تعيد قل للاصفرار
والفجر والطلوع لا تمار
أو الفجر ولا أسفار، وقال بدل الشطر الأول من البيت الخامس. [لآخر الضروري عشر تنتظر]. لأفاد الحكم في سائر الصلوات وقوله نجسا صفة لثوب وهو بفتح النون وكسر الجيم مخففة أو بضم النون وكسر الجيم المشددة/ الجوهري نجس الشيء بالكسر ثم قال وأنجسه غيره بمعنى اهـ، والمراد إذا صلى به ناسيا أو غير عالم بنجاسته وأما العاجز الذي لم يجد سواه فهو قوله بعد والعجز عن وجد اللباس
شَرْطُ وُجُوبِها النَّقا مِنَ الدَّمِ
بقَصَّةٍ أَوِ الْجفُوفِ فاعلمْ
فَلا قَضا أَيَّامِه ثُمَّ دُخُولُ
وَقْتٍ فَإِذْهابُهُ حَتْما أقُولُ
أخبر أن شرط وجوب الصلاة النقاء من دم الحيض والنفاس ودخول الوقت ويحصل النقاء المذكور بفصة وهو ماء أبيض كالجير أو بالجفوف وهو خروج الخرقة الجافة وإذا كان النقاء شرطا في الوجوب وقد تقرر أن الشرط يلزم من عدمه العدم فيلزم من عدم النقاء وهو حالة الحيض والنفاس عدم وجوب الصلاة وإذا لم تجب فلا قضاء على الحائض والنفساء أيام الدم وإلى هذا أشار بقوله مصدر إيفاء السبب (فلا قضاء أيامه) وضمير أداها للصلاة وبه للوقت والباء فيه ظرفية وقد تقدم قبل قوله تكبيرة الإحرام: أن شروط الوجوب خمسة قدم الناظم منها اثنين وهما العقل والبلوغ عند قوله (* وكل تكليف بشرط العقل * مع البلوغ). وأسقط الثالث وهو الإسلام بناء على أن الكفار مخاطبون بالفروع وذكر هنا اثنين النقاء من دم الحيض والنفاس ودخول الوقت ولم يتكلم الناظم على الوقت ومعرفته من المهمات فلا بد من جلب بعض ما يتعلق بذلك التوضيح: الوقت مأخوذ من التوقيت وهو التحديد والوقت أخص من الزمان مدة حركة الفلك والوقت هو ما قال المازري وإذا اقترن خفي بجلى سمي الجلى وقتا نحو جاء زيد طلوع الشمس فطلوع الشمس وقت المجيء إذا كان الطلوع معلوما والمجيء خفيا ولو خفي طلوع الشمس بالنسبة إلى أعمى أو مسجون لقلت له طلوع الشمس عند مجيء زيد فيكون المجيء وقتا للطلوع والوقت على قسمين وقت أداء ووقت قضاء ولا قضاء ولا يقال
إن القضاء ليس بوقت للصلاة فلا ينبغي أن يجعل قسما منه لأنا نقول المراد بالوقت هنا الزمان الذي تفعل فيه الصلاة فوقت الأداء ما يقدر الفعل فيه أولا أي الزمان الذي أمر المكلف بإيقاع العبادة فيه بالخطاب الأول فخرج عن ذلك النوافل المطلقة فإن الشارع يقدر لها وقتا فلا توصف بالأداء ولا بالقضاء وخرج بقولنا بالخطاب الأول القضاء فإنه بخطاب ثان بناء على رأي الأصوليين أن القضاء بأمر جديد كوقت الذكر للناسي وقضاء رمضان ووقت القضاء ما بعد وقت الأداء ووقت الأداء اختياري وضروري فالإختيار للظهر أوله زوال الشمس وبيان ذلك أن الشمس إذا طلعت ظهر لكل شخص ظل في جانب المغرب فكلما ارتفعت نقص ذلك الظل إذا وصلت غاية ارتفاعها في ذلك اليوم وهو زمن الاستواء كمل نقصانه وبقيت منه بقية وقد لا تبقى وذلك بمكة وتزيد مرتين في السنة وبالمدينة الشريفة مرة في السنة وهو أطول يوم فيها فإذا مالت الشمس لجانب المغرب حدث الفيء في جانب المشرق إن لم يكن بالكلية أو زاد إن كان وتحول لجهة المشرق فحدوثه أو زيادته هو الزوال
(فائدة) لابد من بقاء ظل عند الزوال لكل قائم في كل بلدة عرض إما دائما كفاس أو في الغالب كمكة وقدر ذلك الظل يختلف باختلاف البلاد والأزمنة وقدر قدره أرباب هذا الفن بالأقدام فيقولون أقدام الزوال اليوم ثمانية مثلا أي تزول الشمس وظل القائم ثمانية أقدام قال الإمام المؤقت سيدي أبو زيد عبد الرحمن الجادري في شرح رجز أبي مقرع ما معناه وقد استخرجت أنا أقدام الزوال لعرض فاس لكن بتقريب وهي هذه والابتداء من يناير فالياء عشرة والحاء ثمانية والهاء خمسة والجيم ثلاثة والباء اثنان والألف واحدة بحساب الجمل فالياء ليناير وهكذا إلى يونيه ثم عكس هذه الحروف في الترتيب للشهور الستة الباقية فالألف ليونيه والياء لأغسطس وهكذا إلى آخرها فإذا أردت معرفة أقدام الزوال لأي يوم شئت من شهرك العجمي فانظر إلى أقدامه وإلى أقدام الشهر الذي بعده فإن لم يكن بينهما فضل كدجنبر مع يناير ويونيه مع يوليه فأقدام الزوال في الأول مع شهريك وهو دجنبر ويونيه هي لكل يوم منه وأما الثاني منهما فيناير عدد أقدامه وأقدام ما بعده فضل وتعمل فيما إذا كان بين أقدام شهرك وأقدام الشهر الذي بعده فضل أنك كنت في أول يوم من الشهر فعد حرف الشهر من الأقدام لا غير فإن مضى
يوم أو يومان فاضرب الفضل في عدد الأيام التي مضت لك من الشهر وأقسم الخارج من الضرب على أيام ذلك الشهر أو على ثلاثين بتقريب فما خرج فانقصه من أقدام شهرك إن كان الفضل له وإن كان الفضل للشهر الذي بعده فزد الخارج على أقدام شهرك والباقي بعد الشهر النقص والمجتمع بعد الزيادة هو أقدام الزوال في اليوم الذي أردت فإذا مضى لك مثلا عشرة أيام من يناير وقد علمت أن الفضل هو لشهرك الذي أنت فيه الآن أقدامه عشرة وأقدام الذي بعده ثمانية فالفضل اثنان فاضربه في عدد الأيام التي مضت بعشرين أقسمها على ثلاثين أي أنسبها منها تكن ثلثين فانقص من أقدام شهرك ثلثي القدم فيكون ظل الزوال في اليوم الحادي عشر تسعة أقدام وثلث قدم إن مضت خمسة عشر فاضربها في اثنين الفضل بثلاثين أقسمها على ثلاثين يخرج واحد أنقصه من عشرة فيكون ظل الزوال يومئذ تسعه أقدام وإن مضت منه عشرون مثلا فاضربها في اثنين الفضل بأربعين اقسمها على ثلاثين بواحد وثلث فانقص ذلك من عدد أقدام شهرك فيكون ظل الزوال يومئذ ثمانية أقدام وثلثي القدم وهكذا الحكم في الشهر والستة الأولى من يناير إلى يونيه بالنون وإذا كنت في الستة الأخيرة فمضى لك عشرة أيام
من شتنبر فالفضل للشهر الذي بعد شهرك لأن أقدام شهرك ثلاثة وأقدام الذي بعده خمسة فاضرب الفضل وهو اثنان في عشرة بعشرين سمها من ثلاثين تكن ثلثين فزد الثلثين على أقدام شهرك فيكون ظل الزوال يومئذ ثلاثة أقدام وثلثي القدم، وإن مضى لك منه خمسة عشر فاضربها في اثنين الفضل بثلاثين واقسمها على ثلاثين يخرج واحد زده على أقدام شهرك فيكون ظل الزوال يومئذ أربعة أقدام فإن مضت منه عشرون فاضربها في اثنين الفضل بأربعين واقسم الخارج على ثلاثين بواحد وثلث فزد الواحد والثلث على أقدام شهرك ويكون ظل الزوال يومئذ أربعة أقدام وثلث القدم، وهكذا العمل في جميع السنة الباقية وقد لفقت في هذه المسألة سنة أبيات توطئة لثلاثة لغيرى في هذا ثم ذيلت الثلاثة ببيتين آخرين فقلت في ذلك
وإن ترد ظل الزوال فاعلم
لفاس رتبن شهور العجم
على حروف بحساب الجمل
يحهجبا أبجه حي فصل
ينير مع دجنبر بعشرة
فبراير ثمان مع نونبره
ومارس وأكتوبر بخمسة
إبريل مع دجنبر شتنبر ثلاثة
ومايه غشب مع ثنتان
ينيه ويليه واحد إيعان
فأول الشهر له حرف بدا
وبعده فاعلمن على ما قيدا
فاجر فضل حر في الشهرين
فيما مضى للشهر دون مين
واقسم على عد ثلاثين وما
يخرج للزيد وللنقص انتمى
من يليه زده إلى دجنبر
وكل ما قبل فالنقص حري
وإن هما تساويا فالأول
جر بحرفه له مكمل
وكل هذا قل بتقريب العمل
والله يصفح ويغفر الزلل
وآخر الوقت المختار للظهر أن يصير ظل كل قائم مثله بعد إسقاط الظل الذي زالت عليه الشمس فلا يعتبر وهو بعينه أول وقت العصر فيكون وقتا لهما ممتزجا فإذا زاد الظل على المثل خرج وقت الظهر واختص الوقت بالعصر فيقع الاشتراك بين الوقتين ما دام ظل كل شيء مثله وعلى هذا فقد شاركت العصر الظهر بمقدار أربع ركعات من آخر القامة الأولى وقيل إن الاشتراك بينهما في أول القامة الثانية لأأن الظهر شاركت العصر بمقدار أربع ركعات من أول القامة الثانية وقيل الاشتراك بينهما وعليه ففي كون آخر مختار الظهر ما قبل تمام القامة بقدر العصر ويكون تمام القامة أول وقت العصر لا تشاركها فيها الظهر وآخر وقتها المختار تمام القامة والعصر تليها بأول القامة الثانية قولان وآخر العصر الاصفرار، وروي إلى قامتين أي أن يصير ظل كل شيء مثليه بالتثنية بعد إسقاط الظل الذي زالت عليه الشمس والمغرب بغروب قرص الشمس دون أثرها ورواية الاتحاد أشهر وعلى اتحاد وقتها وعدم امتداده فقال صاحب الإرشاد وغيره: يقدر آخره بالفراغ منها بعد تحصيل شروطها ورواية امتداد وقتها حتى يغيب الشفق وهو الحمرة دون البياض من الموطأ وهو أول وقت العشاء فيكون مشتركا، وقال أشهب الاشتراك بينهما بعدها الشفق بقدر ثلاث ركعات، وروي عنأشهب أيضا الاشتراك قبل المغيب وآخره ثلث الليل.
وقال ابن حبيب النصف والفجر بالفجر المستطير بالراء المنتشر الشائع لا المستطيل الذي هو كذنب السرحان وهو الذنب وآخره طلوع الشمس وقيل الإسفار الأعلى وقول ابن أبي زيد وآخر وقتها الإسفار البين الذي إذا سلم منها بدا حاجب الشمس توفيق بين القولين. وقد وقفت لبعضهم على نظم حسن بيان الأوقات فأثبته هنا تكميلا للفائدة وهو هذا
ومعرفة الأوقات فرض معين
على علماء المسلمين مؤكد
أتى ذاك في القرآن يا صاح مجملا
وفسره خير البرية أحمد
فمهما رأيت الظل قد زاده فيؤه
فصل صلاة الظهر إذ ذاك تسعد
وزد قامة بعد الزوال فإنه
أوان لوقت العصر وقت محدد
وآخر وقت العصر من بعد قامة
إلى القامة الأولى تضاف وترصد
وعند غروب الشمس قم صل مغربا
فليس لها وقت سوى ذاك مفرد
وصل العشاء بعد انتظارك حمرة
إذا الشفق العالي يجاب ويفقد
ولا تعتبر ذاك البياض فإنه
يدوم زمانا في السماء ويوجد
وأيقن بأن الفجر فجران عندنا
فميزهما حقا فأنت مقلد
فأول فجر منهما طالع كما
ترى ذنب السرحان في الجو يصعد
فهذا كذوب ثم آخر صادق
منور ضوء بعده يتجدد
ولا خير فيمن كان بالوقت جاهلا
ولم يك ذا علم بما يتعبد
انتهى والضروري تالي الاختياري فهو في النهاريتين إلى الغروب وفي العشاءين إلى الفجر وفي الصبح إلى الطلوع
(فرع) المازري وجوب الصلاة يتعلق عند المالكية بجميع الوقت. فعليه لو مات المكلف في وسط الوقت قبل الأداء لم يعص ابن الحاجب الجمهور أن جميع وقت الظهر ونحوه وقت لأدائه ومن أخر مع ظن الموت قبل الفعل عصى اتفاقا إن لم يفت ثم فعله فالجمهور أداء وإن ظن السلامة فمات فجأة فلا يعصي
(فرع) أبو عمر جمهور العلماء في الصلوات كلها أن المبادرة لأدائها أفضل من التأني لقوله سبحانه وتعالى {وسابقوا} {وسارعوا} ولحديث «أفضل الأعمال لأول وقتها» وفي الحديث «أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله» اهـ وهذا في حق
المنفرد ونحوه قول ابن العربي الأفضل للمنفرد تقديم الفرض على النفل ثم ينتقل بعد الفرض يريد إن كان مما يتنقل بعده وألحق اللخمي بالمنفرد الجماعة التي لا تنتظر غيرها كأهل الزوايا. وقيل: إن البدار إلى الصلاة أول الوقت من فعل الخوارج
(تنبيه) يستثنى من ذلك الظهر في شدة الحر فيستحب للمنفرد تأخيرها لنصف القامة كالجماعة وقيل ما لم يخرج الوقت
(فرع) روى ابن نافع في المسافرين يقدمون الرجل لسنه فيسفر بصلاة الصبح قال: قال يصلي الرجل وحده أول الوقت أحب إلى من يصلي بعد الإسفار مع جماعة
(فرع) الأفضل للجماعة تأخير الظهر إلى أن يزيد ظل كل شيء ربعه بعد الظل الذي زالت عليه الشمس لاجتماع الناس فلا فرق بين شدة الحر وغيرها ويزاد على ذلك الربع في شدة الحر وغيرها للإبراد فتؤخر إلى أن يزيد ظل كل شيء نصفه وقيل: يؤخر ولا يخرجها عن الوقت قال المازري: والأصح عندي مراعاة قوة حر اليوم وحر البلد، ولا فرق في ذلك بين الجماعة والفذ/ الباجي للظهر تأخيران أحدهما لأجل الجماعة وذلك يكون في الصيف والشتاء في المساجد ومواضع الجماعات دون الرجل في خاصة نفسه، فالمستحب له تقديم الصلاة. والثاني للإبراد وهو مختص بالحر دون غيره وتستوي في الجماعة والفذ. والعصر تقديمها أفضل، وقال أشهب إلى ذراع بعده لا سيما في شوة الحر، المغرب والصبح تقديمهما أفضل. وعن ابن حبيب: تؤخر الصبح في زمان الصيف لقصر الليل إلى نصف الوقت والعشاء رواية ابن القاسم عن مالك تقديمها عند مغيب الشفق أو بعده بقليل أفضل، ورواية العراقيين عن مالك تأخيرها أفضل. ثالثها تأخيرها إن تأخرت الجماعة، واختاره اللخمي، ورابعها ل ابن حبيب تؤخر في الشتاء وفي رمضان
(فرع) المصلي في الوقت الضروري إن كان من أهل الأعذار فهو مؤد من غير كراهة ولا عصيان وإن لم يكن من أهل الأعذار فالمشهور أنه مؤد عاص. وقيل: مؤد وقت كراهة. وقيل: قاض عاص
(فرع) من أدرك ركعة من الوقت الضروري هل يكون مؤديا لجميع الصلاة أو مؤديا لركعة قاضيا الثلاث؟ قولان
(فرع) الأعذار الحيض والنفاس والكفر أصلا وارتدادا والصباء والإغماء والجنون والنوم والنسيان بخلاف السكر، فمن زال عذره وأدرك ركعة من الوقت فأكثر لزمه ما أدرك وقته ومن حصل له العذر غير النوم والنسيان سقط عنه ما أدرك العذر وقته، وأما النوم والنسيان يطرأ أحدهما على من لم يصل العشاء مثلا حتى طلع الفجر. أو الصبح حتى طلعت الشمس، فإنه يجب عليه قضاء الصلاة لآية {أقم الصلاة لذكري} ولخبر (من نام عن الصلاة أو نسيها فوقتها حين يدركها) ويقدم الصبح على الفجر في المثال الثاني على المشهور ابن الحاجب؟ وفائدته في الجميع الأداء عند زواله، وفي غير الناسي والنائم السقوط عند حصوله
(فرع) قال ابن عرفة: تجب الصبح والعصر والعشاء على ذي مانع برفع ذلك المانع بقدر ركعة قبل الطلوع أو الغروب أو الفجر/ ابن القاسم بسجدتيها/ القاضي مع ظاهر الروايات بقراءتها وطمأنينتها وعلى عدم فرضيتها لا يعتبران، وتجب أولى المشتركتين بإدراك ركعة فوق قدرها وقيل فوق قدر الثانية اهـ
ابن الحاجب والمشتركتان الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا يدركان معا إلا بزيادة ركعة على مقدار الأولى عند ابن القاسم وأصبغ وعلى مقدار الثانية عند ابن عبد الحكم وابن الماجشون وابن مسلمة وسحنون وعليهما اختلفوا إذا طهرت الحاضرة لأربع قبل الفجر أي إن قلنا تجب الأولى بإدراك ركعة فوق قدرها صلت المغرب والعشاء وإن قلنا بإدراك ركعة فوق قدر الثانية صلت العشاء فقط ابن الحاجب ولو طهرت المسافرة لثلاث فقولان على العكس، التوضيح يعني فإن قدرنا بالأولى فلا يفضل للعشاء شيء فيكون الوقت مختصا بالعشاء فتسقط المغرب وعلى قول ابن عبد الحكم إذا قدرنا بالثانية أدركتهما لأن العشاء ركعتان اهـ
وقال قبله ولا يظهر للخلاف أثر في الظهر والعصر لاتحاد ركعاتهما وإنما يظهر في المغرب والعشاء ابن الحاجب فلو حاضتا فكل قائل بسقوط ما أدرك فلو حاضت الحاضرة لأربع قبل الفجر فعلى قول ابن القاسم تسقط الصلاتان لوجوبهما عليها إذا طهرت وعلى قول ابن عبد الحكم تسقط العشاء
فقط دون المغرب وإذا حاضت المسافرة لثلاث قبل الفجر فعلى قول ابن القاسم تسقط عنها العشاء إذا لم يفضل عن المغرب شيء فالوقت للعشاء وعلى قول ابن عبد الحكم تسقط الصلاتان عكس الوجوب وهذا معنى قوله فكل قائل بسقوط ما أدرك ثم قال ابن الحاجب ولو طهرت الحاضرة لخمس أو لثلاث قبل الفجر أو طهرت المسافرة لأربع قبل الفجر أو اثنتين لحصل الاتفاق في الطهر والحيض أي فإذا طهرت الحاضرة لقدر خمس ركعات أو أكثر قبل الفجر أدركتهما وإن حاضت لذلك سقطتا وإن طهرت لثلاث أي فأقل أدركت الأخيرة فقط وإن حاضت لذلك سقطت الأخيرة فقط وإذا طهرت المسافرة لأربع قبل الفجر أي فأكثر أدركتها وإن حاضت لذلك سقطت الأخيرة وهذا معنى قوله لحصل الاتفاق في الطهر والحيض
(فرع) هل يعتبر الإدراك بنفس زوال العذر أو بعد قدر التطهير ثالثها ل ابن القاسم اعتبار قدر التطهير إلا للكافر لانتفاء عذره ويقدر لأهل الأعذار مقدار الطهارة في طرف السقوط. قال اللخمي بمعنى أن ممن طرأ عليه العذر آخر الوقت وهو لم يصل فلا يعتبر الزمان الباقي لخروج الوقت بنفس طرؤ العذر بل يسقط عنه قدر التطهير ويعتبر الباقي كما مر في زوال العذر
(فرع) إذا تطهرت الحائض فأحدثت أو تبين أن الماء غير طاهر ونحوه فظنت أنها تدرك الصلاة في الوقت بطهارة أخرى فشرعت فلم تدرك الوقت فتقضى على الأصح لتحقق الوجوب، قال ابن القاسم ولا يعتبر قدر منسية تذكر كحائض طهرت لأربع فأدنى فذكرت فإنها تقضى المنسية ثم تقضى ما أدركت وقته ثم رجع فقال لا تقضى والأول أصح
(فرع) لو قدرت خمسا فأكثر فصلت الظهر فغربت قضت العصر لتحقق وجوبها ولا خلاف في هذا فلو غربت وهي في الظهر لم تعقد منها ركعة لكان الاختيار لها أن تقطع ولو صلت ركعة فغربت فلتضف إليها أخرى وتسلم وتصلي العصر وكذلك لو غربت بعد ثلاث أتت برابعة وتكون نافلة وتصلي العصر وقيل يجوز لها القطع في الوجهين، أما لو علمت وهي تصلي قبل أن تغيب الشمس أنها إن أكملت الظهر غابت الشمس لوجب أي تقطع على أي حال كان وتصلي العصر بلا خلاف قاله في البيان واختلف في عكس هذه وهي إذا قدرت أربعا فصلت العصر وبقي من الوقت فضلة فإنها تصلي الظهر واختلف في إعادتها العصر التوضيح والظاهر وهو قوله في العتبية عدم الإعادة
(فرع) روى ابن وهب أن رسول الله قال «مرو الصبيان بالصلاة لسبع واضربوهم
عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع» ونقل ابن عرفة في التأديب أنه يكون بالوعيد والتقريع لا بالشتم إن لم يفد القول انتقل إلى الضرب بالسوط من واحد إلى ثلاثة ضرب إيلام فقط دون تأثير في العضو قال أشهب إن زاد المؤدب على ثلاثة أسواط اقتص منه
(تنبيه) ما نقدم من تحديد الأوقات هو للفرائض الوقتية وأما الفوائت فتوقع في كل وقت من ليل أو نهار وأما النوافل فعلى قسمين مقيدة بأوقاتها وذلك كالوتر والفجر والعيدين والكسوف والاستسقاء ولا إشكال ومطلقة لم يعين لها وقت فتفعل في كل وقت من ليل أو نهار ويستثنى من ذلك ما بعد صلاة العصر إلى أن تصلي المغرب وما بعد طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح وعند خطبة الإمام يوم الجمعة وبعد صلاة الجمعة وفي مصلى العيدين قبل صلاته أو بعدها على تفصيل في ذلك بين ما هو ممنوع أو مكروه فقط التوضيح وحكى ابن بشير الإجماع على تحريم إيقاعها عند الطلوع وعند الغروب ابن عرفة يمنع عنده جلوس الإمام للخطبة النفل ولو تحية اتفاقا الباجي عن المدونة وكذا عند خروجه للخطبة ابن عرفة يمنع النفل غير ركعتي الفجر بطلوعه حتى ترتفع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب اهـ وبالمنع فيها بعد العصر والفجر عبر ابن الحاجب أيضا فقال في التوضيح يحتمل أن يريد بالمنع الكراهة وهو الذي صرح به غير واحد وقال في مختصره ما معناه إنه يكره النفل بعد طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح زاد غيره وتبيض وتذهب منها الحمرة إلا ركعتي الفجر والورد لمن غلبته عنه عيناه فيجوز إيقاعهما بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح والإسفار وإلا صلاة الجنازة وسجود التلاوة فيوقعان بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح وبعد صلاة الصبح وقيل الإسفار هو مذهب المدونة وفي الموطأ المنع من إيقاعهما بعد صلاة الصبح قبل الإسفار وأنه يكره النفل أيضا بعد صلاة العصر إلى أن يصلى المغرب إلا صلاة الجنازة وسجود التلاوة فيجوز إيقاعهما بعد صلاة العصر وقبل الاصفرار وهو مذهب المدونة أيضا ويمنع على مذهب الموطأ وكذلك يكره التنفل بعد صلاة الجمعة قال في المدونة ولا يتنفل الإمام والمأموم بعد الجمعة في المسجد وإن تنفل المأموم فيه فواسع اهـ وكذا يكره التنفل للإمام والمأموم إذا خرجا لصلاة العيد قبلها وبعدها وأما إن صليت فلا كراهة على المشهور ابن الحاجب ولا تكره وقت الاستواء على المشهور ثم قال ومن أحرم في وقت نهي قطع يريد كان النهي للكراهة
أو التحريم
(فرع) إذا خرج الخطيب يوم الجمعة على من يصل نافلة أتمها وكذا يتمها إذا شرع فيها والإمام يخطب جاهلاً أو ناسيا على قول مالك وقول ابن شعبان في كتابه يقطع اهـ
قلت وهو الجاري على قولهم من أحرم في وقت نهى قطع
(فرع) قال مالك من ذكر بعد ركعة من صلاة العصر أنه صلاها شفعا لأنه لم يتعمد نفلا بعد العصر ابن رشد لو أحرم بالعصر ثم قبل أن يركع ذكر أنه كان أنه كان قد صلاها فالأظهر أنه يقطع اهـ
وأما من صلى العصر وحده ثم دخل المسجد ليعيده مع الجماعة فلا يصلي تحية المسجد ولا غيرها من النوافل ويؤخذ من قول مالك لأنه لم يتعمد نفلا بعد العصر أن النفل المنهي عنه بعد العصر والفجر هو المدخول عليها ابتداء لا ما آل إليه الأمر
(فرع) قال التاج السبكي في طبقات الفقهاء إذا جمع المسافر بين الظهر والعصر عند الزوال ثم ركب فلا ينتقل للنهي عن الصلاة بعد العصر قال ابن عقبة وهو فرع غريب ما رأيت من نص عليه من أهل مذهبنا
(فرع) من قطع نافلة عمدا لزمته إعادتها هل تلحق إعادتها بالفرائض فتوقع في كل وقت أو حكمها حكم التطوعات الأصلية لا نص الوانوغي والثاني هو الظاهر
(فائدة) في تعيين الصلاة الوسطى المأمور بالمحافظة عليها بعد الأمر بالمحافظة على جميع الصلوات تنبيها على عظم شأنها في آية {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} عشرون قولا وقد نظمها الإمام أبو محمد عبد الواحد الونشريسي رحمه الله تعالى فقال
كل من الخمسة فهي الجمعه
فاوتر والظهر وجمعة معه
فالخوف فالعيدان فهي مبهمه
في الخمس والصبح ومعها العتمه
فصبح أوعصر على التردد
ثم صلاتنا على محمد
فالصبح مع عصر بوقف فالضحى
ثم الجماعة بها الوسطى شرحا
فقوله كل من الخمس أي ما من واحدة من الصلوات الخمس إلا وقيل فيها إنها الوسطى فهذه خمسة أقوال السادس جميعها وإليه أشار بقوله فهي، وسكن الياء للوزن وكل ما عطفه بثم أو بالفاء فهو قول مستقل إلا إذا أشرك مع مدخولها غيره بمع أو بها
وبالواو أو بأو بالمجموع حينئذ قول واحد وقوله فالعيدان أي قيل في صلاة كل واحد منهما أنها الوسطى فهما قولان الثامن عشر الوقف التاسع عشر صلاة الضحى العشرون الصلاة في الجماعة وعلى القول بأنها مبهمة في الخمس ليحافظ على جميعها تكون كأحد الأقوال في ليلة القدر وساعة الإجابة التي في يوم الجمعة والاسم الأعظم المجموعة في قول القائل
وأخفيت الوسطى كساعة جمعة
كذا أعظم الأسماء مع ليلة القدر
والمشهور أنها صلاة الصبح وفي الحديث أنها صلاة العصر قال بعض المفسرين وإنما جاء الأمر بالمحافظة على الصلوات في تضاعف الكلام على الزوجات مخافة الاشتغال بأمورهن والغفلة عن الصلاة
سُنَنُها السُّورَةُ بَعْدَ الْواقِيَهْ
مَعَ الْقِيام أوَّلاً والثّانِيَهْ
جَهْرٌ وسِرٌ يِمَحَلٍّ لَهُما
تَكْبيرُهُ إلاّ الّذِي تَقدَّما
كُلُّ تَشَهُّدٍ جُلُوسٌ أَوَّلُ
والثّانِي لا ما للسَّلامِ يَحْصُلُ
وسَمِع الله لِمنْ قدْ حَمِدهْ
في الرَّفْعِ منْ رُكُوعهِ وأوْرَدَهْ
الْفَذُّ والإمامُ هذا أَكِّدا
والْباقِ كالمنْدوبِ في الْحُكْمِ بَدا
سُجُودُهُ على الْيَديْن
وطَرفُ الرِّجْليْنِ مِثْلُ الركْبتَيْنْ
إنْصاتُ مُقْتَدٍ بِجَهْرٍ ثُمَّ ردْ
عَلى الإِمامِ والْيَسارِ إنْ أَحَدْ
بهِ وزائدُ سُكُونٍ لِلْحُضْورْ
سُتْرَةُ غيْرِ مُقْتَدٍ خافَ الْمُرورْ
جَهْرُ السَّلامِ كَلِمُ التَّشَهُّدِ
وأنْ يُصلِّى على محمَّدٍ
سُنَّ الاذانُ لِجماعةٍ أَتَتْ
فَرضاً بِوقْتِه وَغٍيْراً طَلَبَتْ
وقَصْرُ مَن سافَرَ أَربَعُ بُرُدْ
ظُهْراً عِشا عصْراً إلى حِين يَعُد
مِمَّا رَوى السُّكْنَى إلَيْهِ إنْ قدِمْ
مُيمُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ يُتِمْ
ذكر في هذه الأبيات نحو اثنتين وعشرين سنة من سنن الصلاة
(الأولى) قراءة السورة بعد قراءة الفاتحة المسماة بالواقية في الركعة الأولى والثانية من سائر يريد للإمام والفذ وأما المأموم فإن كانت الصلاة جهرية فالسنة في حقه الإنصات كما يأتي للناظم قريبا وإن كانت سرية فقراءته مستحبة كما يأتي في
المندوبات، التوضيح: الظاهر أن كمال السورة إما فضيلة والسنة قراءة شيء مع الفاتحة أو سنة خفيفة بدليل أن السجود إنما هو دائر مع زاد على الفاتحة لا مع السورة ويتعلق بهذه السنة فروع
الأول فهم من قوله السورة أنه لو أعاد الفاتحة لم تحصل السنة وهو كذلك كما فهم منه أيضا أن السنة تحصل بقراءة سورة واحدة فلو قرأ سورتين أو أكثر جاز ولا سجود عليه وقد كان ابن عمر أحيانا يقرأ بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة إذا صلى وحده وهذا الحكم في الفريضة وأما النافلة فليست السورة فيها سنة.
الثاني فهم من قوله بعد الواقية أنه إن قرأها قبل الفاتحة لم يحصل السنة فيعيدها بعد ولا سجود عليه بعد السلام على المشهور.
الثالث فهم من قوله أولا والثانية أنها لا تسن في غيرهما وهو كذلك فلو قرأ سورة في ثالثة أو رابعة فلا سجود عليه اتفاقا وإن قرأها فيهما معا فلا سجود عليه على المشهور خلافا ل أشهب وقد كان ابن عمر إذا صلى وحده قرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم الكتاب وسورة وأنه لو تركها من الأولين وقرأها في الأخريين لم يحصل السنة أيضا وهو كذلك. الرابع قال ابن عرفة الباجي يكره في الثانية سورة قبل سورة الأولى عياض لا خلاف في جوازه وإنما يكره في ركعة واحدة وسمع ابن القاسم هو من عمل الناس وهو الترتيب سواء/ ابن حبيب وابن عبد الحكم ورواية مطرف الترتيب أفضل/ ابن رشد لعمري إنه أحسن لأنه جل عمل الناس
الخامس قال ابن عرفة أيضا ويكره تكريره للسورة الأولى في الثانية وروى ابن حبيب يتمها ولو ذكر في أولها * الثانية القيام لقراءة السورة في الأولى والثانية يريد للإمام والفذ أيضا وأما المأموم فتجب عليه متابعته للإمام وعند القيام للسورة من السنن تبع فيه ابن الحاجب والشيخ خليلا والذي نقل المواق عن اللخمي وابن رشد ما نصه: العاجز عن قيام السورة يركع أثر الفاتحة/ ابن عرفة لأن قيام السورة لقارئها فرض كوضوء النفل لا سنة كما أطلقوه وإلا جلس وقرأها اهـ
فقول الناظم أولا والثانية راجع لقراءة السورة والقيام لها
* الثانية والرابعة الجهر بمحله والسر بمحله التلفين الجهر بالقراءة في موضع والجهر والإسرار بها في موضع الإسرار سنتان/ ابن عرفة في المدونة يسمع نفسه في الجهر وفوته قليلا والمرأة دونه فيه وتسمع ابن عرفة فجهر المرأة مستحب ويسحب سر الرجل
* الخامسة التكبير إلا تكبيرة الإحرام فإنها فريضة كما تقدم في الفرائض وإلى ذلك أشار
بقوله (إلا الذي تقدما) واختلف في التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام هل مجموعه سنة واحدة وعليه جماعة الفقهاء بالأمصار أو كل تكبيرة سنة قولان ولم يبنوا فروعهم على واحد من القولين إذ الجاري على القول بأن مجموعه سنة واحدة أن لا سجود إلا بترك جميعه إذ لا يعهد السجود لترك بعض سنة وقد قالوا بالسجود لترك تكبيرتين فأكثر والجاري على القول وأن كل تكبيرة سنة مع عدهم التكبير من السنن المؤكدة أن يسجد لترك تكبيرة واحدة مع أنهم قالوا لا سجود في ترك تكبيرة واحدة ومن سجد لها بطلت صلاته على المشهور والجواب عن الثاني أن التأكيد منوط بالمتعدد منه لا بالمتحد والله أعلم
السادسة والسابعة التشهد الأول والتشهد الثاني وبمعنى مطلق التشهد بأي لفظ كان وأما تعين لفظ (التحيات لله) مثلا فسنة أخرى تأتي في قوله كلمة التشهد التوضيح حكى ابن بزيزة في التشهدين ثلاثة أقوال المشهور أنهما سنتان وقيل فضيلتان وقيل الأول سنة والثاني فريضة اهـ القلشاني وقد اختلف المذهب في حكم التشهدين فالمشهور أنهما سنة واحدة وقيل كل واحدة سنة وروى أبو مصعب وجوب الأخير كمذهب الشافعي
الثامنة والتاسعة الجلوس الأول والجلوس الثاني إلى القدر الذي يقع فيه السلام فإن ذلك القدر من الجلوس فرض وإلى ذلك أشار بقوله لا ما للسلام يحصل ابن يونس الواجب من الجلوس أي الثاني قدر ما يسلم فيه وأما ما يوقع فيه التشهد فمسنون العاشرة سمع الله لمن حمده في الرفع من الركوع ل لإمام والفذ ابن ناجي هو سنة باتفاق وهل ذلك سنة واحدة أو كل واحدة سنة يجري ذلك على الخلاف في التكبير اهـ
ومعنى سمع الله لمن حمده تقبل منه وإلى كون محله الرفع من الركوع بالنسبة للإمام والفذ دون المأموم أشار الناظم بقوله في الرفع من ركوعه أورده الفذ والإمام وضمير ركوعه للمصلى وجملة أورده صفة لرفع والفذ فاعل أورده ومفعول البارز يعود على الرفع من الركوع وأما المأموم فيستحب في حقه أن يقول ربنا ولك الحمد كما يأتي في المندوبات * قوله (هذا أكدا) والباقي كالمندوب في الحكم أبدا معناه أن هذه السنن المذكورة هي السنن المؤكدة التي يسجد لتركها وأما ماعداها من السنن فغير مؤكدة وحكم من تركها كمن ترك مندوبا لا شيء عليه وأشار بهذا الكلام إلى نقل صاحب التوضيح عن المقدمات ونصه إنما يسجد للمؤكد منها وهي ثمان قراءة ما سوى أم القرآن والجهر والإسرار والتكبير سوى تكبيرة الإحرام والتحميد والتشهد الأول والجلوس والتشهد
الأخير وأما ما سواها فلا حكم لتركها ولا فرق بينها وبين الاستحباب إلا في تأكيد فضائلها اهـ
وانظر مع كلام الناظم فقد زاد عليه الناظم القيام لقراءة السورة والجلوس للتشهد الأخير.
الحادية عشرة إقامة الصلاة وهي سنة لكل فرض وقتيا كان أو فائتا وهذا للرجل وأما للمرأة إن أقامت سرا فحسن وجائز أن يقيم غير من أذن وإسرار المنفرد بالإقامة حسن ابن عرفة سمع ابن القاسم لا يقيم أحد في نفسه بعد الإقامة ومن فعله خالف ابن رشد أي السنة لأن السنة إقامة المؤذن دون الإمام والناس ثم قال ونقل بعضهم كراهة إقامة الإمام لنفسه لا أعرفه وفي أخذه من كلام ابن رشد نظر اهـ، وقد عد القرافي في الفرق الثالث عشر الأذان والإقامة من سنن الكفاية ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الإقامة مع الأذان.
الثاني عشر السجود على اليدين والركبتين وأطراف الرجلين ابن القصار يقوى في نفسي أن السجود على الركعتين وأطراف القدمين سنة الرسالة وتكون رجلاك في سجودك قائمتين بطون إبهاميهما إلى الأرض ابن الحاجب وأما اليدان فقال سحنون إن لم يرفع يديه بينهما فقولان التوضيح فعلى البطلان يكون السجود عليهما واجبا وإلا فلا اهـ/ ابن عبد السلام والتخريج ظاهر ويبعد أن يقال فيه إنما بطلت لأن بقاء اليدين في الأرض مناف للاعتدال، فالبطلان بعدم الاعتدال لا لوجوب السجود على اليدين اهـ، وما استبعده هو المتبادر لكنه أعرف وقوله مثل الركبتين على حذف مضاف أي مثل السجود على الركبتين في الحكم وهو السنية ولعل مثل في النظم بالنصب على الحال من السجود على اليدين وطرف الرجلين
الثالث عشر إنصات المقتدي وهو المأموم لقراءة الإمام في الصلاة الجهرية وأطلق فيعم بالإنصات للفاتحة وغيرها، ومن يسمع قراءة الإمام ومن لم يسمعها وسواء أكان إمامه ممن يسكت بين التكبير والفاتحة كـ الشافعي أم لا قاله في الذخيرة وهو أحد قولي مالك وهو المشهور الباجي، وروى ابن نافع إن كان إمامه ييسكت بين التكبير والقراءة قرأها المأموم حينئذ.
الرابع عشر رد المأموم السلام وليس هذا الرد واجبا كما ذلك في رده في غير الصلاة لأن الإمام قصد به الخروج من الصلاة والسلام على المأمومين بالتبع لا بالقصد الأول، ولا يشترط حضور الإمام بل يرد المأموم ولو كان مسبوقا فلم يسلم حتى ذهب إمامه وهو الذي رجع إليه مالك وأخذ به ابن القاسم وقيل لا يرد إن ذهب الإمام والقولان ل مالك، والأحسن الرد لأن السلام يتضمن دعاء، قال ابن سعدون ولو كان المأموم بين يدي الإمام فإنه يسلم على الإمام وهو على حاله وينوى الإمام ولا
يتلف إليه وفهم من قوله ثم رد على الإمام أن هذا الحكم في مأموم أدرك ركعة فأكثر وإلا فلا يرد إذ ليس إماما له في صلاته وهو كذلك ولذا لا يسجد معه للسهو قاله في الذخيرة V
الخامس عشر رد المأموم السلام على يساره إن كان فيه أحد لأإلا فلا يرد الرسالة. فإن لم يكن سلم عليه أحد لم يرد على يساره شيئا. واعلم أن المصلى إن كان غير مسبوق ولا عن يساره مسبوق فلا إشكال وأما إن كان مسبوقا وقضى ما فاته فإن كان الإمام والذي عن يساره لم ينصرفا رد عليهما وإلا فقولان والأحسن الرد لأن السلام يتضمن دعاء قاله اللخمي وإن كان الذي عن يسار المصلى مسبوقا لقضاء ما فاته قال البساطي فهل يرد عليه بناء على أنه لابد أن يسلم فهو كالمحقق أو لا فيه قولان السادس عشر الزائد على أقل ما يقع عليه اسم الطمأنينة منها التوضيح ظاهر المذهب وجوب الطمأنينة والواجب منها أدنى لبث واختلف في الزائد فهل ينسحب عليه الوجوب أو هو فضيلة اهـ وإلى ذلك أشار بقوله وزائد يكون على القدر الواجب. وسكون الأعضاء هو الطمأنينة كما مر ولم أر من علل ذلك بحضور القلب كما قال الناظم رحمه الله
السابعة عشرة السترة للإمام وهو مراده بقوله غير مقتد إذا خافا المرور بين أيديهما/ ابن عرفة سترة المصلى غير مؤتم حيث توقع مارا قال عياض مستحبة/ الباجي مندوبة وقيل سنة وفيها لا يصلى حيث يتوقع مرورا إلا لها فإن أمن لمصلى دونها، التوضيح ابن مسلمة ومن ترك السترة فقد أخطأ ولا شيء عليه، وقال ابن حبيب السنة الصلاة إلى السترة وإن ذلك من هيئات الصلاة/ التونسي انظر قوله من هيئات الصلاة ومن سننها فافتهم ذلك ورتبه على الحكم في تارك السنن معتمدا اهـ، والإجماع على الأمر بالسترة نقله ابن بشير وروى البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحرية فتوضع بين يديه فصلى إليها والناس من ورائه. وكان يفعل ذلك في السفر. ثم قال في التوضيح خصص الإمام والمنفرد لأن المأموم لا يؤمر بها بلا خلاف قال ابن بشير. قال واختلفت ألفاظ أهل المذهب في علة سقوط السترة عن المأموم فقال بعضهم لأن سترة الإمام سترة لهم. وقال بعضهم لأن الإمام سترة لهم واختلف المتأخرون هل العبارتان بمعنى واحد أي ففي الثانية حذف مضاف أي سترة الإمام أو معناهما مختلف فيكون معنى الأول أن السترة التي جعلها الإمام بين يديه هي السترة للمأموم وإذا سقطت صار أي المأموم حينئذ مصليا إلى غير سترة، ومعنى
الثانية أن الإمام هو الساتر فإذا سقطت سترته كان المأموم باقيا على حكم الاستتار وإن ذهبت سترة الإمام وينشأ عن ذلك مسألة فإن قلنا سترة الإمام سترة لمن خلفه جاز المرور بين الإمام والصف الذي يليه كما أجاز ذلك مالك في الثالث والرابع، وإن
قلنا إن الإمام سترة لهم لم يجز، وفي المدونة ولا بأس بالمرور بين الصفوف عرضا والإمام سترة لهم واستشكلت هذه العلة لأنه إذا كان الإمام سترة لهم فكيف يمر هذا بينهم وبين سترتهم اهـ/ ابن عرفة أبو إبراهيم تعليل مالك فاسد لأنه إذا كان سترة لهم امتنع المرور بينه وبينهم ويجاب بأن مراده سترة لمن يليه حسا وحكما ولغيره حكما فقط والممنوع فيه المرور الأول فقط وبه يتم التخريج اهـ، ثم قال في التوضيح ومن ثمرة هذا الخلاف أيضا لو صلى الإمام بغير سترة فعلى القول بأن سترة الإمام سترة لمن خلفه يستوي الإمام والمأمومون وعلى القول الآخر تكون صلاة المأمومين أكمل لأن الإمام لهم سترة كما قالوا إذا ترك الإمام السجود فسجد المأمومون تكون صلاتهم أكمل
(فرع) قال في التوضيح وللسترة خمسة شروط أن تكون طاهرة ثابتة في غلظ الرمح وطول الذراع مما لا يشغل فاحترزها بالطاهر من الأشياء النجسة فلا يستتر بها كقضيب المرحاض ونحوه مما لا يثبت فلا يستتر بمجنون مطبق ولا صغير لا يثبت قاله ابن القاسم واشترطنا أن تكون في غلظ الرمح لحديث الحريه المتقدم ولهذا قال مالك في المدونة السوط أي القضيب ليس بسترة وقال ابن حبيب لا بأس أن تكون السترة دون مؤخرة الرحل في الطول ودون الرمح في الغلظ وإنما يكره ماكان رقيقا جدا وقد كانت السترة التي كانت لرسول الله دون الرمح في الغلظ قال ولا يكون السوط سترة لرقته إلا أن لا يوجد غيره واحترزنا بما لا يشغل من المرأة والمأبون والكافر فلا يستتر بذلك ولا بما في معناه قال ابن القاسم وإن صلى وهم أمامه لم أر عليه إعادة ناسيا كان أو عامدا وهو بمنزلة الذي يصلى وأمامه جدار مرحاض
(فرع) قال مالك ولا يصلى إلى النائم لأنه قد يحدث منه شيء يشوش على المصلي. وفي مسند ابن سنجر قال قال رسول الله «إني نهيت أن أصلى إلى النائم والمتحدثين» وتجوز الصلاة إلى ظهر الرجل إذا رضي أن يثبت له حتى تنقضى صلاته
ولا يصلى إلى وجهه لأن ذلك يشغله. وفي الاستتار بجنبه روايتان منعه مرة وخففه في رواية ابن نافع. وفي الجلاب لا يصلى الرجل خلف المتكلمين في الفقه وغيره لما فيه من شغل البال، وفي اللخمي والمازري واختلف في الصلاة إلى الحلقة فأجيز، لأن الذي يليه ظهر أحدهم وكره لأن وجه الآخر يقابله قال المازري ولو صلى رجل إلى سترة وراءها رجل جالس يستقبل المصلى بوجهه اختلاف فيه على التعليل في الحلقة وخفف مالك الصلاة إلى الطائفين ورآهم في معنى من هو في الصلاة ولأنه لو منعت الصلاة إليهم مع عدم خلو الكعبة عن طائف لزم ترك التنقل غالبا
قال في العتبية: ولا يصلي إلى الخيل والحمير لأن أبوالها نجسة بخلاف الإبل والبقر والغنم لأن أبوالها طاهرة
(فرع) ويكره أن يصلى للحجر الواحد وأما أحجار كثيرة فجائز (فرع) ولا يصلى إلى ظهر امرأة ليست محرما وإن كانت امرأته وهل يستتر بامرأة من ذوات محارمه؟ في الجلاب وغيره الجواز وفي المجموعة لا يستتر بامرأة وإن كانت أمه أو أخته
(فرع) قال في المدونة والخط باطل اهـ، ومعناه أن يخط بالأرض خطا من المشرق إلى المغرب ومن القبلة لدبرها وقيل من اليمين إلى اليسار منعطف الطرفين كالهلال ويصلي إليه، الطراز وفي معنى الخط الحفرة بين يدي المصلى أو النهر أو النار وسبه ذلك مما ليس له جرم قائم/ ابن رشد وقد روي أن أمة بالمدينة نظرت إلى ابن جريج وقد خط خطا وصلى إليه فقالت واعجبا لهذا الشيخ وجهله بالسنة فأشار إليها أن قفي فلما قضى صلاته قال ما رأيت من جهلي قالت الصلاة إلى الخط وقد حدثتني مولاتي عن أمها عن أم سلمة زوج النبي أنه قال «الخط باطل لأن العبد إذا كبر تكبيرة الإحرام سدت ما بين السماء والأرض» فسألها أن تقفوه إلى مولاتها ففعلت فقال لمولاتها تبيعينها مني أعتقها فإنه ينبغي أن يحفظ من روى شيئا من العلم فقالت ذلك إليها فعرض عليها فقالت لا حاجة لي بذلك لأن مولاتي حدثتني عن أمها عن أم سلمة أنه رسول الله قال «إذا اتقى العبد ربه ونصح مواليه فله أجران» ولا أحب أن أنقص من أجرى اهـ
(فرع) قال مالك وإذا استتر برمح فسقط فليقمه إن كان ذلك خفيفا وإن شغله فليدعه
(فرع) قال مالك ولا بأس أن ينحار الذى يقضى بعد سلام الإمام إلى ما قرب منه من الأساطين عن يمينه أوعن يساره أوإلى خلفه يقهقر قليلا ليستتر إذا كان قريبا فإن لم يجد ما قرب منه صلى مكانه ودار من يمر ما استطاع
(فرع) قال ابن عرفة وفيها ولا يناول من على يمينه من على يساره وروى ابن
القاسم ولا يكلمه انتهى وكره مالك من رواية ابن القاسم في المجموعة لمن على يمينه أن يجذب من على يساره
(فرع) ولا يجعل السترة أمام وجهه بل إما عن يمينه أوعن يساره ويدنو منها.
وهل شرعت السترة حذرا من مرور ما يشغل به أو حريما للصلاة حتى يقف نظره عندها قولان
(فرع) ابن عرفة والمذهب لا يقطعها مارا لا بيانى لو عاد الإحرام من اعتقد ذلك لم يضره إنما زاد تكبيره وقراءة المازرى يريد ما لم يركع/ ابن الحاجب ويأثم المار وله مندوحة والمصلى إن تعرض فتجيء أربع صور بيانها إن تعرض المصلى ووجد المار مندوحة أى أمكنه لأن لا يمر بين يديه أثما معا وإن لم يتعرض المصلي ولم يجد المار مندوحة فلا إثم على واحد منهما وإن تعرض المصلي ولم يجد المار مندوحة أثم المصلى وحده وإن لم يتعرض المصلى ووجد المار مندوحة أثم المار وحده والأصل فى تأثيم المار قوله «لو يعلم المار بين يدي المصلى ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه» قال أبوالنضر لا أدرى أربعين يوما أوشهرا أوسنة ورواه البزار مفسراً بأربعين خريفا ورواه ابن أبي شيبة لكان أن يقف مائة عام
(فرع) المذهب أن المصلى يدفع من يمر بين يديه دفعا خفيفا لا يشغله عن الصلاة، وقال أشهب إذا مر بين يديه شىء بعيد منه رده بالإشارة ولا يمشي إليه فإن فعل وإلا تركه، وإن قرب منه فلم يفعل فلا ينازعه فإن ذلك أشد من مروره فإن مشى إليه أونازعه لم تفسد صلاته وهذا بخلاف ما قاله ابن العربى أنه ليس للمصلي حريم إلا ثلاثة أذرع ومعنى خبر فإن أبى فليقاتله إنما هو شيطان أوائل المقاتلة وهو الدفع بعنف ما لم يؤد إلى العمل الكثير فى الصلاة ويحتمل أن المراد فليؤاخذه على ذلك وليوبخه على فعله بعد تمام الصلاة ولا يريد المقاتلة على ظاهرها بالاجماع
الثامن عشر الجهر بالسلام روى ابن وهب عن مالك يجهر المأموم بتسليمة التحليل جهرا يسمع من يليه وروى علي ويخفى السلام، الثانى الباجى وجهه أن السلام الثانى رد فلا يستدعي بالجهر به رداً والأول يقتضى الرد فلذلك جهر به
(فرع) وسمع ابن وهب أحب عدم جهر المأموم بالتكبير، وربنا ولك الحمد فإن أسمع
من يليه فلا بأس وترك ذلك أحب إلي، قال محمد ولا يحذف سلامه وتكبيره حتى لا يفهم ولا يطيله جدا وفى الواضحة ليحذف الإمام سلامه ولا يمده، قال أبوهريرة وتلك السنة وكان عمر بن عبدالعزيز يحذفه ويخفض صوته
التاسع عشر لفظ التشهد الذي هو (التحيات لله) إلخ وقيل باستحبابه وهو ظاهر المدونة استحب مالك «التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» ويستحب الدعاء بعد التشهد الثاني دون الأول
العشرون الصلاة على النبي في التشهد الأخير وقيل باستحبابها أيضا كلفظ التشهد وإلى ذلك أشار الشيخ خليل بقوله لفظ التشهد والصلاة على النبي سنة أو فضيلة خلاف
* الواحدة والعشرون الأذان للجماعة الذين يطلبون غيرهم في الفرض الذي حضر وقته فقولهم يخرج المنفرد فلا يسن في حقه الأذان إلا إذا سافر أو كان من الأرض فيستحب أذانه لحديث أبي سعيد الخدري وهو قوله في الموطأ لعبد الله بن زيد «إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن إلا شهد له يوم القيامة» قال أبو سعيد سمعته من رسول الله
ابن عرفة وابن حبيب الفذ الحاضر والجماعة المنفردة لا أذان عليهم مالك إن أذنوا فحسن وروى أبو عمر لا أحب لفذ تركه واستحبه ابن حبيب ومالك للفذ المسافر ومن بفلاة لما ورد فيه فعز وابن بشير وابن الحاجب استحباب الأذان للفذ المسافر ومن بفلاة للمتأخرين قصور واحترزوا بالذين يطلبون غيرهم عما إذا لم يطلبوا/ ابن الحاجب وإما إذا لم يقصد الدعاء إليها فوقع لا يؤذنون ووقع إن أذنوا فحسن فقيل اختلاف وقيل لا اهـ، فكونه خلافا ظاهر وهو ل اللخمي والمازري وكونه وفاقا هو ل ابن بشير قال يحمل نهيه على نفي تأكده لا على نفي حسنه لأنه ذكر ابن عرفة عن ابن حبيب من صلى بمنزله أو أم جماعة لا بمسجد لا أذان عليهم وإمام المصر تخرج الجنازة بحضرة
الصلاة ويؤذن ويقيم اهـ، وقد تلخص من نقل ابن عرفة استحباب الأذان لمن بفلاة فذا كان أو جماعة مسافر أو لا والله أعلم، واحترزوا بالفرائض من النافلة فلا أذان لها/ عياض استحسن الشافعي أن يقال عند كل صلاة لا يؤذن لها، الصلاة جامعة عياض وهذا الذي استحسنه الشافعي حسن، وبالذي حضر وقته من الفائتة فلا أذان، لها قال في التوضيح إلا على قول شاذ وكون الأذان سنة به صدر ابن الحاجب ثم قال وقيل فرض، وفي الموطأ وإنما يجب الأذان في مساجد الجماعات وقيل فرض كفاية على كل بلد يقاتلون عليه
(فرع) في الأذان في الجمع بين الصلاتين ثلاثة أقوال لا يؤذن لكل منهما وهو المشهور مقابله لا يؤذن لواحد منهما وقيل يؤذن للأولى فقط/ المازري واتفق عندنا على أنه يقام لكل صلاة
(فرع) قال ابن الحاجب وصفته معلومة ويرفع صوته بالتكبير ابتداء على المشهور ويقول بعده الشهادتين مثنى مثنى أخفض منه ولا يخفيهما جدا ثم يعيدهما رافعا صوته وهو الترجيع ويثني (الصلاة خير من النوم) في الصبح على المشهور ويفرد قد قامت الصلاة على المشهور التوضيح وما ذكر أنه المشهور يريد من رفع الصوت بالتكبير ابتداء كذلك ذكره صاحب الإكمال وذكر أن عليه عمل الناس وعبر عنه ابن بشير بالصحيح وذكر بعضهم أن مذهب مالك ليس إلا الإخفاء كالتشهدين ثم قال: قيل وهي إحدى النظائر التي خالف فيها أهل الأندلس مذهب مالك اهـ، فأهل الأندلس يقولون بالرفع وبه العمل ومذهب مالك الإخفاء كما ذكر وكذا قالوا أيسهم في الجهاد سهم واحد للفرس وسهم لراكبه وقالوا أيضا لا يحكم بإثبات الخلطة ولا بالشاهد واليمين وأجازوا إكراء الأرض بالجزء مما يخرج منها وذلك في مسألة الخلطة وما بعدها مذهب الليث بن سعد وأجازوا أيضا غرس الأشجار في المسجد وهو مذهب الأوزاعي وقد نظم هذه النظائر الشيخ ابن غازي في باب الجهاد من تكميل التقييد ناقلاً لها عن الوثائق الصغرى لـ الغرناطي فقال:
قد خولف في المذهب في الأندلس
في ستة منهن سهم الفرس
وغرس الأشجار لدى المساجد
والحكم باليمين قل والشاهد
وخلطة الأرض بالجزء تلي
ورفع تكبير الأذان الأول
التوضيح (فائدة) يغلط بعض المؤذنين في مواضع منها أن يمد الباء من أكبر فيصير أكبار والأكبار جمع كبر وهو الطبل فيخرج إلى معنى الكفر ومنها أو يمدوا في أول أشهد فيخرج إلى حيز الاستفهام والمراد أن يكون الحيز إنشاء وكذلك يصنعون في أول الجلالة ومنها الوقوف على الإله وهو خطأ ومنها أن بعضهم لا يدغم تنوين محمد في الراء بعدها وهو لحن خفي عند القراء ومنها أن بعضهم لا ينطق بالهاء في (حي على الصلاة) ولا بالحاء في (حي على الفلاح) فيخرج في الأول إلى وصلا النار والثاني إلى غير المقصود اهـ. قلت وكذا يلحنون في الياء من حي الذي بمعنى هلموا واجتمعوا فيخففونها ويمدونها حتى تنشأ عنها ألف وبعضهم يزيد على ذلك إبدال الحاء هاء
(فرع) كره مالك أذان القاعد لمخالفته أذان السلف إلا مريضا لنفسه وروى أبو الفرج جوازه ويجوز أذان الراكب لكونه في معنى القائم ولا يقيم إلا نازلاً لتكون متصلة بالصلاة
(فرع) ويجوز للمؤذن جعل أصبعيه في أذنيه في الأذان والإقامة ابن الحاجب ولا يكره الالتفات عن القبلة للإسماع ولا يفصل أي بين كلمات الأذان بابتداء سلام ولا رده ولا غيرهما فإن فرق بذلك أو غيره فاحشا استأنف ولا يرد السلام إلا بالإشارة على المشهور بخلاف المصلى أي فيرد بالإشارة على من سلم عليه، التوضيح والملبي يلحق بالمؤذن ثم قال ابن الحاجب قال بعضهم ولم يسمع أي الأذان إلا موقوفا أي مجزوما بخلاف الإقامة إنها معربة
(فرع) ابن الحاجب وشرط المؤذن أن يكون مسلما عاقلاً ذكرا وفي الصبي قولان فلا يعتد بكافر ولا مجنون ولا سكران ولا امرأة ولا يؤذن ولا يقيم من صلى تلك الصلاة وتستحب الطهارة، وفي الإقامة آكد يستحب أن يكون صيتا والتطريب منكر
(فرع) وإذا تعدد المؤذنون جاز أن يرتبوا واحدا بعد واحد ويتراسلوا أي يؤذنون في زمن واحد وكل منهم يؤذن لنفسه لا يقتدي بأذان صاحبه ويؤذن للمغرب واحد أو جماعة مرة واحدة
(فرع) ابن الحاجب وتستحب حكايته وينتهي إلى الشهادتين على المشهور وقيل إلى آخره فيعوض عن الحيعلة الحوقلة وفي تكرير للتشهد قولان وقوله أي الحاكي قبل المؤذن واسع فإن كان في صلاة فثالثها المشهور يحكي في النافلة لا في الفريضة فلو قال أي الحاكي في الصلاة حي على الصلاة ففي بطلان الصلاة قولان
(بشارة) أخرج أبو عوانة في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله «من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا إلا الله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا» وفي رواية «رسولاً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» وفي رواية «من قال وأنا أشهد» إلخْ ولفظ مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله أنه قال «من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينا غفر له ذنبه» صح من تفريج القلوب
(فرع) ابن الحاجب ولا يؤذن الجمعة ولا غيرها قبل الوقت إلا الصبح فإن مشهورها يجوز إذا بقي السدس وقيل إذا خرج المختار وقيل إذا صليت العشاء الخطاب إذا أذن للصبح في السدس الأخير من الليل فلا يسن لها أذان آخر عند طلوع الفجر
(فرع) من المدونة قال مالك تجوز الاجارة على الأذان والصلاة جميعا ولا تجوز الإجارة على الصلاة خاصة ابن شاس جازت على الأذان لأنه لا يلزم الإتيان به وهو عمل بكلفة فإذا جمع مع ذلك الصلاة إنما الأجر على الأذان خاصة وأجاز ابن عبد الحكم الإجارة على الصلاة ووجهه أنه تكلف الصلاة في ذلك الموضع والإتيان إليه والاهتمام به فله أجره في ذلك
(فائدة) وجد بخط الإمام ابن مرزوق ونحوه في نوازل البرازلي أن الشيخ الولي الصالح الزاهد أبا عبد الله محمدا الدكالي رحمه الله كان بمدينة تونس في حدود التسعين وسبعمائة فكان لا ينتسب للخلق ولا يخالطهم لا عامتهم ولا خاصتهم ولا يحضر الجمعة ولا الجماعات ولا يصلي مع الناس في الجامع في جماعة فرموه بالزندقة وشنع عليه الإمام
الأوحد أبو عبد الله محمد بن عرفة أقبح التشنيع وصار يبحث على امتناعه من الصلاة مع الناس لماذا؟ فقيل له إنما امتنع لأخذ الأئمة الأجرة على الصلاة فزاد بذلك إغلاظا في القول والتشنيع وتبعته العامة والخاصة في ذلك فرحل الإمام أبو عبد الله الدكالي إلى المشرق فارّاً بنفسه فكتب الإمام ابن عرفة كتابا لأهل مصر إلى أن قال لهم فيه يخبرهم بشأنه
يا أهل مصر ومن في الحكم شاركهم
تنبهوا لقبيح معضل نزلا
لزوم فسقكم أو فسق من زعمت
أقواله إنه بالحق قد عملا
في تركه الجمع والجمعات خلفكم
وشرط إيجاب حكم الكل قد حصلا
وإن كان شأنكم التقوى فغيركم
قد باء بالفسق حتى عند ما عدلا
وإن يكن عكسه فالأمر منعكس
قولوا بحق فبان الحق معتدلا
فاجتمع العلماء والفقهاء من أهل مصر وما والاها وامتحنوا القول غاية الامتحان ثم أجمع رأيهم واتفقت كلمتهم بأن أجابوه على ما كتب لهم في شأنه
ما كان من شيم الأبرار أن يسموا
بالفسق شيخا على الخيرات قد جبلا
لا لا ولكن إذا ما أبصروا خللا
كسوه من حسن تأويلاتهم حللا
ألبس قد قال في المنهاج صاحبه
يسوغ ذاك لمن قد يختشي زللا
كذا الفقيه أبو عمران سوغه
لمن تخيل خوفا واختشى خللا
وقال فيه أبو بكر إذا ثبتت
عدالة المرء فليترك وما عملا
وقد روينا عن ابن القاسم العتقى
فيما اختصرنا كلاما أوضح السبلا
ما إن ترد شهادات لتاركها
إن كان بالعلم والتقوى قد احتفلا
نعم وقد كان في الأعلين منزلة
من جانب الجمع والجمعات فاعتزلا كمالك غير مبد فيه معذرة
إلى الممات ولم يتلم وما عذلا
هذا وإن الذي أبداه متضع
أخذ الأئمة أجرا منعه نقلا
وهب بأنك راء حله نظراً
فما اجتهادك أولى من الصواب ولا
انتهى وفى كون الاحتباس على الصلاة فيها إجارة فيجرى ماتقدم أو إعانة قولان
(فرع) إذا كان الأذان أو الإقامة يخرج من الصلاة عن وقتها سقط ذلك المخرج لها عن الوقت من أذان أو إقامة نقله ابن عرفة
(فرع) قال فى المدونة من أراد الأذان فأقام أو الإقامة فأذن أعاد
(فرع) روى ابن القاسم إن بعد تأخير الصلاة عنها أعيدت وظاهر المدونة إعادتها لبطلان الصلاة ولو لم يطل
(فرع) قال ابن عرفة لو أقيمت على معين فلم يكن فقام غيره ففي إعادة الإقامة قولان لابن العربى وغيره ولفظ ابن العربى في العارضة على نقل الإمام سيدى أحمد الونشريسي في شرح ابن الحاجب الإقامة حق للإمام لا تكون إلا بأمره ولقد شاهدت جماعة حفيلة فأقام المؤذن الصلاة وهو يعتقد أن الإمام حضر فإذا به لم يحضر وقدموا هم فلما طلبوا الإمام ولم يوجد قدموا غيره فقلت لهم أعيدوا الإقامة فأعادوها فأنكر ذلك جميع أهل المسجد لجهلهماهـ
(فرع) قال الإمام أبو عبد الله الأبى، وذكر ابن العربى أن الإقامة إن كانت على إمام بعينه فلا يؤم غيره وليس فى الأحاديث مايدل عليه اهـ
والظاهر أن هذا الفرع غير الذى نقل عنه ابن عرفة وانظر قوله وليس فى الاحاديث مايدل عليه مع ورد من قول عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام عند نزوله للإمام الذي أقيمت عليه صلاة العصر وقد أراد تقديم عيسى عليه السلام صل فعليك أقيمت
(فرع) قال فى المدونة من صلى بغير إقامة عامداً أو ساهياً أجزأه ويستغفر الله العامد ابن يونس لأنها سنة منفصلة عن الصلاة
(فرع) قال فى المدونة وليس في سرعة القيام إلى الصلاة بعد الإقامة وقت وذلك على قدر طاقة الناس فمنهم القوي والضعيف وكان ابن عمر لايقوم إلى الصلاة حتى يسمع قد قامت الصلاة.
الثانية والعشرون قصر الصلاة الرباعية وهى صلاة الظهر والعصر والعشاء لمن سافر مسافة أربعة برد فأكثر فيصلي ركعتين ركعتين ولا يزال يقصر إلى أن يعود ويرجع من سفره مالم ينو إقامة أربعة أيام صحاح فإن نواها أتم صلاته وإلى ذلك أشار بقوله:
(مقيم أربعة يتم)، ويبتدىء التقصير مما وراء المواضع المكونة وينتهي التقصير إلى ذلك الموضع إن قدم من سفره وعلى بيان موضع ابتداء التقصير وانتهائه نبه بقوله مما وراء السكنى إليه إن قدم فمن الداخلة على ما لابتداء الغاية وإلى الجارة لضمير وراه السكنى لانتهائه وبكون التقصير سنة صدر ابن الحاجب ثم قال وقيل مستحب، وقيل مباح، وقيل فرض، التوضيح المشهور أنه سنة ثم قال ابن الحاجب سببه سفر طويل بشرط العزم من أوله على قدره من غير تردد، والشروع فيه وإباحته اهـ
ثم فسر الطويل بقوله الطويل أربعة برد وهى ستة عشر فرسخا وهى ثمانية وأربعون ميلا وماروى من يومين ويوم وليلة يرجع إليه عند المحققين اهـ وإذا كانت الأربعة البرد ستة عشر فرسخا ففى كل بريد أربعة فراسخ وإذا كانت الستة عشر فرسخا ثمانية وأربعين ميلا ففى كل فرسخ ثلاثة أميال وفى بعض نسخ ابن الحاجب والميل ألفا ذراع على المشهور فالميل ثلث من الفرسخ والفرسخ ربع من البريد وفى ذلك أنشدنا شيخنا الإمام المتفنن الولي الصالح سيدي محمد بن عبد الله السملالي رحمه الله لغيره
الميل ألفان ولكن أذرع
وهو من الفرسخ ثلث أجمع
وفرسخ من البريد ربع
وقد ذيلت ذلك بقولنا فى بيان الباع والعقبة:
باع ذراعان وقيل أربع
وعقبه بفرسخين تسمع
والمعتبر فى المسافة المذكورة الذهاب فقط ولا يلفق الرجوع مع الذهاب بل يعتبر الرجوع سفراً على حدته فلذلك يتم الراجع لا لشيء نسيه إلى مادون المسافة على الأصح فإن رجع لشيء نسيه في وطنه فقولان في قصره وإتمامه في حالة الرجوع أما إن دخل وطنه فيتم على القولين، وخرج بقول ابن الحاجب بشرط العزم من أوله على قدرة طالب الآبق ونحوه فلا يقصر لأنه لم يعزم على المسافة فى أوله بل لو وجده بعد بريد رجع إلا أن يعلم قطع مسافة القصر دون الآبق فيقصر لعزمه على مسافة القصر وخرج بقوله من غير تردد من عزم على السفر وانفصل ينتظر رفقة ولايسير إلا بسيرهم فلا يقصر وإن كان يذهب وإن لم يذهبوا قصر واختلف إذا كان يتردد فى السفر وعدمه إذا لم يسيروا على قولين، والأقرب الإتمام لأنه الأصلي، ولم يتحقق المبيح/ المواق أنظر هنا مسألة تعم بها البلوى وهي المسافر في البحر يركب السفينة في مرسى بلد ويبقى بها ينتظر الريح، وقال قبل هذا وانظر هنا مسألة الكافر يسافر أربعة برد فيسلم وهو قطع نصف المسافة نقل ابن عرفة هنا عن السلمانية أنه لايقصر
اللخمي وكذلك البلوغ قال وفي طهر الحائض نظر اهـ وانظر من نحو هذا نازلة اختلف فيها شيوخ وقتنا وهي قوم مقصرون رأوا هلال شهر رمضان وهم على بريدين فى رجوعهم إلى بلدهم فظهر لي أن لهم أن يفطروا لأنه بحيث يجوز القصر يجوز الفطر، وبالوجه الذي يقصرون عتمة تلك الليلة وإن كانت لم تجب إلا وقد بقي لبلد أقل من مسافة القصر بذلك الوجه فيصبحون مفطرين اهـ كلام المواق، واشتراط الشروع فى السفر لأن القاعدة أن النية لاتخرج عن الأصل إذا قارنها الفعل/ ابن بشير إن سافر من مصر من الأمصار لابناء حوله ولابساتين فالمشهور أنه يقصر بمفارقته السور إن كان حول المصر بناءات معمورة وبساتين فإن اتصلت به وكانت فى حكمه فلا يقصر حتى يجاوزها وإن لم تتصل به وكانت قائمة بنفسها قصر وإن لم يجاوزها وإن كان الموضع المرتحل عنه قرية لا تقام فبها الجمعة ولا بناءات متصلة بها ولابساتين قصر إذا جاوز بيوت القرية بلا خلاف وإن كانت تقام فيها الجمعة وكذلك أيضا المشهور. مطرفوابن الماجشون يقصر بعد ثلاثة أميال إن خرج من موضع جمعة ولايقصر البدوي حتى يجاوز بيوت الحلة وغير من ذكر يقصر إذا انفصل عن منزله كالساكن بجبل
(فرع) من أدركه الوقت فى الحضر فقال ابن حبيب إن شاء خرج وقصرها وإن شاء صلاها حضرية ثم سافر، وخرج باشتراط إباحة السفر سفر معصية كالآبق والعاق بالسفر فلا يقصر على المشهور مالم يتب، ويجوز له أكل الميتة على المشهور حفظاً للنفوس بل ترك الأكل معصية، والشاذ لابن حبيب وكذلك السفر المكروه كصيد اللهو فلا يقصر أيضا على المشهور وعلى قول ابن عبد الحكم بإباحة اليد للهو يقصر
(فرع) ومحل القصر كل صلاة رباعية مؤداة فى السفر أو مقتضية لفواتها فى السفر سواء قضاها فى السفر أو فى الحضر فيقضيها ركعتين
(فرع) قال في المدونة وإن ذكر في سفر صلاة حضر قد ذهب وقتها صلاها أربعاً كما كانت وجبت عليه
(فرع) ويقطع القصر نية إقامة أربعة أيام لا إقامتها من غير نية فإنه إذا أقام ولو شهوراً من غير نية الإقامة بل كان لحاجة وهو يرجو قضاءها كل يوم قصر فالقاطع نية الإقامة لا الإقامة وعليه فيعيد قول الناظم مقيم أربعة أيام يتم بما إذا كانت الإقامة بنية وقال ابن الماجشون وسحنون إذا نوى إقامة مايصلي فيه عشرين صلاة أتم وأعلم أن الأربعة
الأيام تستلزم عشرين صلاة وعشرين صلاة، لاتستلزم أربعة أيام إذ لو دخل قبل العصر من يوم الأحد مثلا ولم يكن صلى الظهر ونوى أن يصلي الصبح من يوم خميس ثم يخرج فقد نوى عشرين صلاة وليس معه إلا ثلاثة أيام وبعض يوم وعلى المشهور من اعتبار الأربعة الايام لايعتد بيوم الدخول إلا أن يدخل أوله وقال ابن نافع يعتد به إلى مثل وقته وعلى المشهور فالمسألة من النظائر التي يلغى فيها اليوم المجموعة في قول الشيخ ابن غازي في نظائر الرسالة.
واليوم يلغى فى اليمين والكرا
وفي الإقامة على مااشتهرا
وفى خيار البيع ثم العده
وأجل عقيقة وعهدة
(فرع) ويقطع القصر أيضا المرور بالوطن أو ما في حكمه من البساتين المسكونة وإن لم يعزم على الإقامة لأن المرور بالوطن مظنة تعوقه فيه بأن يطرأ له مايقتضي إقامته ويقطع القصر أيضاً العلم بالإقامة عادة كإقامة الحاج بمكة أربعة أيام وكذا العلم بالمرور بالوطن، التوضيح وأعلم أن المرور بالوطن لايقطع القصر إلا بالوصل وأما العلم بالمرور فيقطع السفر ويغير حكمه قبل الوصول فإن لم تكن نيته المرور بوطنه لايقطع قصره إلا مروره بالوطن أو ما في حكمه ومن علم المرور بالوطن نظر مابين ابتداء سفره ووطنه فإن كان أربعة برد فأكثر قصر وإلا أتم، وكذا ينظر مابين وطنه وموضع قصره فإن كان بينهما مسافة القصر قصر وإلا فلا فتجيء أربع صور والوطن هنا مافيه زوجة مدخول بها أو سرية بخلاف ولده وخدمه فإن تقدم للمسافر استيطان المحل ثم سافر من موضع استيطانه رافضا لسكناه ثم رجع إليه من مسافة القصر ناويا قضاء حاجته في يومين فيقصر فى مسيره ورجوعه واختلف قول مالك في اليومين اللذين يقيم فيهما والذي رجع إليه واختاره ابن القاسم القصر لأن عوده إليه من غير نية الاستيطان لايوجب الاتمام/ ابن الحاجب أما لو ردته الريح إلى وطنه أتم اتفاقا
(تنبيه) تقدم أن نية إقامة أربعة أيام تقطع القصر ثم هذه النية إما أن تكون بعد صلاة أو فى أثنائها أو قبلها، فإذا صلى بالتقصير ثم نوى الإقامة فيعيدها حضرية فى الوقت استحبابا/ ابن عبد السلام ويكاد أن يكون لا وجه له إلا أن يقال إن نية الإقامة على جري العادة لا بدلها من ترو، فإذا جزم بالإقامة بعد الصلاة فلعل مبدأ نيته كان في الصلاة فاحتيط لذلك بالإعادة في الوقت، وأما إن نوى الإقامة في اثناء الصلاة فمذهب المدونة أنها لاتجزئه حضرية ولا سفرية ثم في قطعهما أو جعلها نافلة قولان، وفي بطلان صلاة المؤتمين به وصحتها فيستخلف من يتم بهم سفرية ويقطع هو ويصليها حضرية
وراء المستخلف قولان وأما إن نوى الإقامة قبل الصلاة فيتم ولا إشكال وقد فرع ابن الحاجب على كون القصر سنة ثلاث صور، لأن المسافر إما أن يدخل الصلاة ناويا للإتمام أو ناوياً القصر أو تاركا للنيتين معاً ساهياً مضرباً فإن نوى الإتمام فإما أن يفعل مانوى فيتم أو يخالفه فيقصر، فإن أتم فإما عمداً وإما ساهيا عن كونه مسافراً أو عن التقصير وإن قصر فإما أن يقصر عمداً أو سهواً فهذه أربع صور وإن نوى القصر فإما أن يقصر عامداً أو ساهياً عن السفر أو التقصير كما تقدم وإما أن يتم عمداً أو سهوا فهذه أربع صور أيضاً وإن لم ينو إتماما ولاقصراً فإما أن يتم أو يقصر فهاتان صورتان فالمجموع عشر صور ويستتبع هذه الصور حكم المقتدي بالمسافر في كل صورة منها فناوى الاتمام إن أتم عمداً أعاد في الوقت وأربعا إن حضر فيه وإن أتم ساهياً فقال ابن القاسم يسجد بعد السلام ولايعيد ثم رجع إلى الإعادة فإن أم هذا المسافر الذي نوى الإتمام وأتم عامداً أو ساهيا أعاد هو كما تقدم وأعاد من تبعه من مسافر ومقيم فيى الوقت وأعاد من لم يتبعه أبداً على الأصح وإن قصر أي ناوي الإتمام عمدا بطلت على الأصح فإن أم بطلت صلاة من ائتم به وإن قصر سهوا به ليرجع فعلى أحكام السهو وهو كمقيم سلم من اثنتين
سهوا فإن أتمها حيث يصح له ذلك صار كمسافر أتم فيعيد في الوقت فإن أم سحبوا لو كانوا كلهم مقيمين سلم إمامهم المقيم من اثنتين ثم إذا أتم يعيدون كلهم الصلاة في الوقت لأنهم مؤتمون بمسافر كما أتم وناوى القصر إن قصر عمداً أو سهواً فواضح إذ فعل السنة في حقه فإن أتم المقيمون أفذاذاً لا إعادة باتفاق، فإن أتموا بإمام ففي إجزاء صلاتهم لاصلاة من أمهم قولان وإن أتم أي ناوي القصر أتم عمداً بطلت على الأصح فإن أم بطلت صلاة من ائتم به وإن أتم سهواً فيعيد في الوقت وقال ابن المواز يسجد ولايعيد، فإن أم فقال مالك يسبحون به ولا (يتبعونه ويسلم المسافرون بسلامه) وأما المقيمون فيتمون بعد سلامه أفذاذاً أو يعيد وحده في الوقت وأما تارك النية عامدا أو مضربا ففي صحة صلاته قولان سواء أتم أو قصر فإن أم فنصح على القول بصحة صلاته وتبطل على الآخر وعلى الصحة فإن قصر أتم المقيمون أفذاذاً بعد سلامه وإن أتم أعاد هو ومن تبعه من مسافر ومقيم في الوقت وأعاد من لم يتبعه أبداً كما تقدم للإمام سيدي عبد الواحد الونشريسي رحمه الله في هذه المسألة
وذو السفر الناوى التمام فتارة
يتم وذا وقت يعيد ومن تلا
وأبطل سوى التالي له كمقصر
بعمد وإن سهوا فكالسهو يختلى
وذو نية التقصير أبطل صلاته
بتكميله عمدا وإلا كمن تلا
وسبح مؤتم به غير تابع
له وتلاه فى السلام مكملا
قوله فتارة يتم يشمل ما إذا أتم عمداً أو سهواً فحكمه حكم مأموم تلا أي تبع إمامه في الإتمام وقد دخل عليه وهو الإعادة في الوقت ولم يكمل حكم المأموم في المسألة الأخيرة وأسقط حكم الصورة الثالثة وهي ترك نية القصر والإتمام معاً ومكملا فى البيت الأخير حال من مفعول تلاه وقد ذيلت الأبيات الأربعة بتكميل حكم المأموم وبيان حكم ماإذا نوى القصر وقصر عمداً أو سهواً وإن كان ظاهراً لكمال التقسيم وبيان حكم الصورة الثالثة من قولنا
ذوو سفر والغير فذا يتمها
إمام بوقت فليعدها على الولا
وان هو للتقصير ينوي مقصرا
فذلك مطلوب له قد تحصلا
وإن هو لم ينو التمام وضده
فقولان فى الإتمام والقصرا عملا
ومؤتمة فاعلم بتابع حكمه
لذي صحة والضد قله مفصلا على الصحة المأموم يجري كما مضى
بقصر واتمام لمن سافرا نجلا
وذوو في البيت الأول من هذه الخمس هو فاعل تلاه في البيت الأخير من الأربعة قبله أي وتلا الإمام في الاسلام حال كون الإمام مكملا لصلاته المسافرون من المأمومين وقد تقدم بيان ذلك (فرع) حكى بعضهم في اقتداء المقيم بالمسافر وعكسه ثلاثة أقوال الكراهة فيهما والجواز فيهما وجواز اقتداء المقيم بالمسافر وكراهة العكس والمعروف الأول ونص ابن حبيب وغيره على أن اقتداء المقيم بالمسافر أقل كراهة لما يلزم عليه من تغيير السنة فى اقتداء المسافر بالمقيم بخلاف العكس وقال ابن حبيب أجمعت رواة مالك على أنه إذا اجتمع مسافرون ومقيمون أنه يصلى بالمقيمين مقيم وبالمسافرين مسافر إلا فى المساجد الكبار التي يصلي فيها الأئمة قال المازري يعني الأمراء فإن الإمام يصلى بصلاته فإن كان مقيما أتم معه المسافر وإن كان مسافرا أتم من خلفه من المقيمين وإذا اقتدى المسافر بالمقيم كمل وصحت صلاته ولا يعيد على المشهور وقد حكى ابن الحاجب فى اقتداء المسافر بالمقيم على القول بفرضية التقصير ثلاثة أقوال الأول البطلان والثانى الصحة وإن كان فرضه القصر لكنه لما ائتم بمقيم انتقل فرضه لفرض المقيم كالمرأة والعبد فى الجمعة والثالث أنه يقتدى به فى ركعتين وعليه فهل يسلم ويتركه أو ينتظره فيسلم معه قولان لكن بحث فى التوضيح فى بنائه القول الثالث على الفرضية تبعا لابن
شاس بأن ابن رشد وغيره إنما حكوه مطلقا ولم يقيدوه بالفرض ولا بالسنية وقد بقيت فروع كثيرة من باب صلاة السفر رأينا تتبعها يخرج عن المقصود (استطراد) ومما ينسب للقاضي أبي محمد عبد الوهاب في مدح السفر
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففى الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
فان قيل فى الأسفار هم وغربة
وقطع فياف وارتكاب شدائد
فموت الفتى خير من مقامه
بأرض عدو بين واش وحاسد
ونسب للقاضى أبى الفضل عياض رحمه الله تعالى فى ذم السفر مانصه:
تقاعد عن الأسفار إن كنت طالبا
نجاة ففى الأسفار سبع عوائق
تشوق إخوان وفقد أحبة
وأعظمها ياصاح سكنى الفنادق
وكثرة إيحاش وقلة مؤنس
وتبديد أموال وخيفة سارق
فان قيل فى الأسفار كسب معيشة
وعلم وآداب وصحبة وافق
فقل كان ذا دهر تقادم عصره
وأعقبه دهر شديد المضايق
فهذا مقالى والسلام كما بدا
وجرب ففى التجريب علم الحقائق
قلت ومن أعظم مايزهد فى السفر ويرغب عنه مارأينا الناس أجمعوا عليه اليوم من ترك الصلاة فى الطريق إلا النادر جدا ومن سأل أهل الرفقة الصبر للصلاة لم يلتفت إليه وكأنه أتى بمنكر من القول وكذا معاشرة من اجتمعت فيه رذائل الخصال وهو الحمار وقد قلت تذييلا للبيت المعلوم وهو قول القائل
فما حن حجام ولا حاك فاضل
وما كان جرار كريم الفعائل
كذلك حمار ففيه تجمعت
قبائح هؤلاء وزد فى الرذائل
وأما عماد الدين وهى صلاتنا
فلا يلتفت سفر إليها لسائل
(تنبيه) مما يؤكد ذكره هنا ويناسب هذا المحل لكون السفر أحد أسبابه الجمع بين الصلاتين والجميع بينهما فى خمسة مواضع فى عرفات بين الظهر والعصر وإثر الزوال وفى المزدلفة بين المغرب والعشاء حين وصوله إليها وذلك بعد مغيب الشفق وفى
السفر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء على تفصيل فى وقت الجمع وفى كل مسجد بين المغرب والعشاء ليلة المطر أو الطين من الظلمة وبين الظهر والعصر والمغرب والعشاء للمريض يخاف الإغماء أو حمى النافض أو الميد فأما الجمع بعرفة والمزدلفة فيأتي الكلام عليه في الحج إن شاء الله تعالى وأما الجمع في السفر ففي الموطأ أن رسول الله كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك ثم اعلم أن المسافر له حالتان تارة تزول عليه الشمس وهو نازل بمنهل يريد الرحيل وتارة تزول عليه وهو راكب فالحالة الأولى إن نوى النزول بعد الغروب جمع بينهما مكانه قبل ارتحاله وإن نوى النزول قبل الاصفرار أخر العصر لتمكنه من إيقاع كل صلاة في وقتها وإن نوى النزول في الاصفرار صلى الظهر حينئذ وخير في العصر بين أن يصليها إذ ذاك أو يؤخرها حتى ينزل وأما الحالة الثانية وهى أن تزول عليه الشمس وهو راكب فإن نوى النزول قبل الاصفرار أو في الاصفرار نفسه أخرهما إليه وإن نوى النزول بعد انقضاء جميع زمن الاصفرار وهو الغروب جمعها جمعا صوريا الظهر آخر القامة الأولى والعصر أول القامة الثانية، التوضيح وهذا كله إذا كان له وقت يرتحل فيه ووقت ينزل فيه وأما إن لم ينضبط ذلك وتساوت أحواله فإنه يجمع بين الصلاتين جمعا صوريا قاله ابن بشير اهـ (فرع) الأول قال ابن عرفة لم يذكر مالك فى العشاءين الجمع عند الرحيل أول الوقت وقال سحنون كالظهر والعصر والباجى وجه رواية ابن القاسم أن ذلك الوقت ليس بوقت معتاد للرحيل، الثانى لايختص الجمع بالسفر الطويل كالقصر لما في الموطأ عن على بن حسين أنه كان يقول كان رسول الله إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر وإذا أراد أن يسير ليلته جمع بين المغرب والعشاء، الثالث قال في النكت قال بعض شيوخنا لايجمع المسافر في البحر لأنا إنما نبيح للمسافر فى البر في الجمع من أجل جد السير وخوف فوات أمر وهذا غير موجود في المسافر بالريح في البحر الرابع المشهور جواز الجمع وان لم يجد به السير وقيل لايجمع إلا أن يجد به السير قاله في المقدمات الخامس قال ابن عات إن كان راجلا فلا بأس أن يجمع لأن جد السير يوجد منه
القلشاني قال بعض الشراح هذا نص فيما تردد فيه بعضهم من جمع الراجل وفى المواق عن ابن علاق ظاهر كلامهم أن الجمع إنما رخص للراكب دون الراجل وفقا به لمشقة النزول والركوب، السادس قال التلمساني لو جمع أول الوقت وهو في المنهل فلم يرتحل فلمالك في المجموعة يعيد الأخيرة في الوقت من التوضيح، السابع قال في التوضيح إذا جمع في السفر وقدم الصلاة الثانية مع الأولى فنوى الإقامة فى أثناء إحدى الصلاتين إما الأولى وإما الثانية فقد بطل الجمع، وبطل الجمع لايستلزم بطلان الصلاة فلذلك أن ينوى الإقامة في أثناء الأولى أو بعد الفراغ منها وقال التلبيس بالثانية صحت الأولى ويؤخر الثانية إلى أن يدخل وقتها وإن نوى الإقامة في أثناء الثانية صحت الأولى أيضا وقطع الثانية أو أتمها نافلة والإتمام أولى وأما إن نواه بعدهما فلا تبطل كمن صلى بالتيمم ثم وجد الماء ولو قبل الإعادة قياسا على خائف الإغماء إذ لم يغم عليه على أحد القولين وقياسا على استحبابه في المدونة الاعادة في حق من نوى الإقامة بعد الصلاة مابعد الثامن اذا ارتحل قبل الزوال فنزل عند الزوال فجمع بينهما ظنا منه جواز جمعه لارتحاله السابق فروى علي عن مالك يعيد الصلاة مادام في الوقت وأما الجمع للمرض فقال في المدونة قال مالك إذا خاف المريض أن يغلب على عقله جمع بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس لاقبل ذلك وبين العشاءين عند الغروب اهـ قال في التوضيح وألحق في العتبية خائف الإغماء بالذي يأخذه النافض وجوز له الجمع عند الزوال ولذلك أجاز مالك فى المبسوط لمن يخاف الميد إذا نزل فى المركب أن يجمع إذا زالت الشمس قال وجمعه عند الزوال أحب من أن يصليها فى وقتها قاعداً
(
فرعان) الأول قال فى المدونة إن كان الجمع للمريض أرفق به لشدة مرض أو بطن منخرقة من غير مخالفة على عقله جمع بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر وبين العشاءين عند غيبوبة الشفق لاقبل ذلك قال في التوضيح حمل سحنون وأبو حمران وغيرهما الكتاب على أن المراد بوسط الوقت الجمع الصوري وأن المراد بالوقت الوقت كله أي اختيارية وضرورية ووسعه آخر القامة ويجوز الجمع الصوري للحاضر الصحيح أيضا: الثاني إذا جمع المريض أول الوقت لأجل الخوف على عقله ثم لم يذهب
عقله فقال عيسى بن دينار يعيد الآخرة قال سند يريد في الوقت وعند ابن شعبان لايعيد وأما الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر فقال فى التوضيح واعلم أنه إذا اجتمع المطر والطين والظلمة أو اثنان منهما جاز الجمع اتفاقا وإن انفرد واحد فإن كان الظلمة لم يجز الجمع اتفاقا وإلا أدى إلى الجمع في أكثر الليالي وإن انفرد الطين أو المطر فقال صاحب المقدمات المشهور جواز الجمع لوجود المشقة وقال فى الذخيرة المشهور في الطين عدمه وهو الأظهر ثم قال: (تنبيه) حكى الباجي وصاحب المقدمات عن أشهب إجازة الجمع لغير سبب لحديث ابن عباس جمع رسول الله بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فى غير خوف ولا سفر ولا مطر ثم قال فإن قلت لعل مراد أشهب الجمع الصوري فالجواب أن الباجي وابن رشد وغيرهما من الأئمة لم ينقلوه على ذلك ولو كان ذلك لم يكن لنسبته لأشهب معنى والله أعلم، والمشهور جواز الجمع بين المغرب والعشاء للمطر أو للطين مع الظلمة في كل مسجد وفي كل بلد وقيل يختص بمسجد المدينة والمنصوص اختصاص الجمع بالمغرب والعشاء لابين الظهر والعصر لعدم المشقة فيهما غالبا واستقراء الباجى وابن الكاتب من قول مالك في الموطأ بعد حديث ابن عباس أن رسول الله «صلى الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر» أراه فى المطر جواز الجمع بين الظهر والعصر وهو أخذ حسن وهذا إنما هو في تقديم العصر إلى الظهر وأما لو جمع بين ببنهما جمعا صوريا لجاز ذلك من غير مطر باتفاق اهـ من التوضيح ابن ناجي ماذكر الشيخ ابن أبى زيد من أن الجمع رخصة هو خلاف رواية ابن عبد الحكم الجمع ليلة المطر سنة ولا خلاف مافي المدونة عن ابن قسيط الجمع ليلة المطر سنة ماضية والأصل الحقيقة ثم قال وهل هذه الرخصة على القول بها راجحة أو مرجوحة قولان للخمى وابن رشد اهـ وفي شرح ابن الحاجب للإمام سيدي أحمد الونشريسي رحمة الله عليه مانصه:
(تنبيه) مانقلناه عن الأكثر من أن الجمع أرجح هو مالم يجر العرف بتركه في موضع كما اتفق بالجامع الأعظم من تونس فإنه لم يسمع أنه جمع به قط قال: قلت وكذا جامع القرويين والأندلس بفاس وقيل فى علة ذلك أنه لابد فيه من الأذان للإعلام بدخول الوقت ومن كلم الأذان حي على الصلاة وإذا دعا إلى الصلاة كان ذلك كذبا والصواب في التعليل أنه لعدم جريان العرف بذلك وفي شرح المواق بعد أن عد
فوائد الاذان ناقلا لها عن القاضي مانصه أنظر هل يكون هذا شاهداً على استخفاف الأذان للعتمة عند مغيب الشفق وقد كان الناس جمعوا اهـ وصفه الجمع أن يؤذن للمغرب على المنار فى أول وقتها على العادة ثم يؤخر المغرب قليلا ثم يصليها في وسط الوقت وينبغي للإمام إذا صلى المغرب أن يقوم من مصلاه حتى يؤذن للعشاء ويقيم ثم يعود للعشاء في صحن المسجد وقيل في مقدمه وقيل خارجه بخفض الصوت أذانا ليس بالعالي ثم يصلون العشاء متصلة بالمغرب إلا قدر الأذان والإقامة ولايتنفل بينهما خلافا لابن حبيب ولا يوتر إلا بعد الشفق ثم ينصرفون قبل مغيب الشفق هذا هو المشهور، وضعف لأن فيه إخراج كل صلاة عن وقتها المختار وهو مبنى على القول بامتداد وقت المغرب وقيل تصلى المغرب أول وقتها المختار وتصلى العشاء وهو مبني على القول بعدم الامتداد
(فروع) الأول إذا انقطع المطر بعد الشروع في المغرب أو العشاء جاز التمادى لأن عودته لاتؤمن قال المازري والأولى عدم الجمع إذا ظهر عدم عودته، الثاني يجمع المعتكف فى المسجد تبعاً للجماعة لفضلها ولأن فى عدم جمعه الطعن على الإمام ولأجل التبعية استحب بعضهم للإمام المعتكف أن يستخلف من يصلى بالناس والمشهور عدم جمع الضعيف والمرأة ببيتهما بمسمع، الثالث قال ابن الحاجب وينوي الجمع عند الأول فإن أخره إلى الثانية فقولان وينبني عليهما جواز الجمع إن حدث السبب بعد أن صلى الأولى وإن صلى الأولى وحده ثم أدرك الثانية يريد أو صلى الأولى فى غير تلك الجماعة أي فإن قلنا محل النية عند صلاة الأولى لم يجمع وإن قلنا عند الثانية جمع والمشهور عدم الجمع إن حدث السبب بعد الأولى وجواز الجمع لمن أدرك الثانية، الرابع من جمع وبقي في المسجد حتى غاب الشفق فقال ابن الجهم يعيدون وفى سماع أشهب وابن نافع لايعيدون والثالث للشيخ إن بقي أكثرهم أعادوا وإن بقي أقلهم فلا اعادة اهـ
مندوبها تيامن مع السلام
…
تأمين من صلى عدا جهر الإمام
وقول ربنا لك الحمد عدا
…
من أم والقنوت في الصبح بدا
رداً وتسبيح السجود والركوع
…
سدل يد تكبيره مع الشروع
وبعد أن يقوم من وسطاه
…
وعقده الثلاث من يمناه
لما فرغ من ذكر السنن أعقبها بالمندوبات وهي الفضائل
أولها التيامن بالسلام ابن عرفة سلام غير المأموم قباله متيامنا قليلا وفي كونه أي سلام المأموم كذلك أو بدايته عن يمينه قولان اهـ قال أبو محمد صالح ويكون التيامن عند النطق بالكاف والميم من عليكم
الثاني قول آمين إثر ختم الفاتحة، الفذ على القراءة نفسه فى السر والجهر والمأموم على قراءة نفسه في السر وعلى قراءة إمامه في الجهر وللإمام على قراءة نفسه في السر دون الجهر على المشهور وهذا كله داخل في قول الناظم «تأمين من صلى عدا جهر الامام» أي يستحب تأمين كل مصل ماعدا الإمام في الجهر، الرسالة فإذا قلت [ولاالضالين] فقل آمين إن كنت وحدك أو خلف إمام وتخفيها ويقولها الإمام فيما أسر فيه ولايقولها فيما جهر فيه وهذا هو المشهور، أعني أن الإمام لايقولها فيما جهر فيه وعلى ذلك نبه الناظم بقوله (عدا جهر الإمام) ثم استدرك في الرسالة الخلاف في المسألة فقال وفي قوله أي المأموم إياها في الجهر اختلاف
(فرع) إذا لم يسمع المأموم قراءة الإمام، فقال ابن عبدوس يتحرى ويؤمن وروى الشيخ لايؤمن وصوبه ابن رشد وآمين ممدود الهمزة مخفف الميم قبل معناه اللهم استجب لنا
(بشارة) أخرج ابن وهب فى مصنفه من رواية بحر بن نصر عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله يقول «إذا أمن الإمام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر»
الثالث قول ربنا ولك الحمد للمأموم والفذ دون الإمام ولذا قال (عدا من أم) وإثبات ذلك فى رواية ابن القاسم وفي زيادة اللهم طريقان وقد تقدم أن من السنن قول (سمع الله لمن حمد) في الرفع من الركوع للإمام والفذ فتحصل من ذلك أن الفذ يجمع (بين سمع الله لمن حمد) و (ربنا لك الحمد) فالأول سنة والثاني مستحب وأن الامام يقول (سمع الله لمن حمده) فقط كما تقدم وأن المأموم يقول (ربنا ولك الحمد) فقط كما هنا
والرابع القنوت فى الصبح عياض من فضائل الصلاة ومستحباتها القنوت في الصبح قال في المدونة واسع القنوت قبل الركوع وبعده والذي آخذ به في نفسي قبل الركوع اهـ ولايكبر له ولايرفع يديه عنده ومن سجد لتركه قبل السلام بطلت صلاته على المشهور من كونه مستحبا وعلى الشاذ من كونه سنة لاتبطل قال بعضهم من أراد الخروج من الخلاف فليسجد لتركه بعد السلام
(فرع) من أدرك الركعة الثانية من الصبح فقال فى العتبية لايقنت في ركعة القضاء وهو جار على كونه قاضيا للأقوال والأفعال أو للأقوال فقط فهو يقضى أقوال الركعة الأولى ولاقنوت فيها ويلزم على البناء مطلقا أنه يقنت.
الخامس الرداء ابن رشد وعياض واتخاذ الرداء عند الصلاة مستحب. قال غيرهما ولافرق بين الإمام وغيره.
السادس التسبيح في الركوع والسجود يريد من غير تحديد. وفي الرسالة يقول في الركوع سبحان ربي العظيم ويحمده وفي السجود (سبحانك ربي ظلمت نفسي وعملت سوءاً فاغفر لي) أو غير ذلك إن شئت.
السابع سدل اليدين أي أرسالهما لجنبيه يريد في الفرض ومذهب المعتزلة أن وضع اليد على الأخرى مكروه في الفرض لا في النفل لطول القيام وقيل مطلقا وهل كراهته في الفرض للاعتماد أو خيفة اعتقاد وجوبه أو إظهار خشوع وتأويلات
الثامن التكبير حالة الشروع في أفعال الصلاة إلا في القيام من الجلسة الوسطى فلا يكبر حتى يستوى قائما فقول الناظم (وبعد أن يقوم) معطوف على (مع الشروع) وذلك مطلوب في حق الإمام والفذ والمأموم ولايقوم المأموم لثالثة الإمام إلا بعد استقلال الإمام قائما كما في الرسالة وغيرها.
قال في المدونة قال مالك ويكبر فى حال انحطاطه لركوع أو سجود ويقول سمع الله لمن حمده فى حال رفع رأسه من الركوع وإذا قام من الجلسة الأولى فلا يكبر حتى يستوي قائما وذلك لأنه شبه المفتتح لصلاة أخرى لاسيما عند من يقول إن الصلاة فرضت اثنتين اثنتين ولأن التكبير فى غير هذا المحل وقع بين فرضين فليس أحدهما أولى به من الآخر فجعل بينهما وهنا وقع بين سنة وفرض فأوثر به الفرض ونقل ابن حجر عن ناصر الدين بن المنير أن الحكمة فى مشروعية التكبير فى الخفض والرفع لأن المكلف أمر بالنية أول الصلاة مقرونة بالتكبير وكان من حقه أن يستصحب النية إلى آخر الصلاة فأمر أن يجدد العهد فى أثنائها بالتكبير الذى هو شعار النية.
التاسع عقد الأصابع الثلاث من اليد اليمنى في التشهد وهي الوسطى والخنصر والبنصر وبسط ماعداها من السبابة والإبهام/ ابن بشير ويبسط المسبحة ويجعل جانبها مما يلي السماء يمد الإبهام على الوسطى، وأما اليد اليسرى فيبسطها ولايحركها وضمير (خلاه) لما ذكر.
العاشر تحريك السبابة في التشهد وضمير تلاه أي قرأه للتشهد ابن عرفة وفي استحباب الاشارة بالأصبع في تشهد أو عند أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له، ثالثها لايحركها ورابعها يخير اهـ ويحركها يمينا وشمالا وقيل إلى السماء والأرض. الحادى عشر أن يباعد الرجل في سجوده بطنه عن فخذيه ومرفقيه من ركبتيه قال في المدونة ويرفع بطنه عن فخذيه في سجوده ويجافي ضبعيه تفريجا مقاربا واستحب ابن شاس أن يفرق بين ركبتيه عياض من فضائل الصلاة ومستحباتها أن يجافى ركوعه وسجوده ضبعيه عن جنبيه ولاينصبهما ولا يفرش ذراعيه وقول الناظم (رجال) مبتدأ سوغ الابتداء به إرادة الحقيقة أو ما في الكلام من معنى حصر هذا الحكم في
الرجال دون النساء وجملة (يبعدون) بضم الياء مضارع أبعد خبر والواو الضمير هو الرابط لجملة الخبر بالمبتدأ والبطن مفعول يبعدون ومن فخذ بكون الخاء تخفيفا للوزن يتعلق يبعدون ومرفقا على البطن ومن ركبتيه يتعلق يبعدون أيضا وكذا إذ يسجدون
الثاني عشر صفة الجلوس للتشهدين وبين السجدتين قال مالك في المدونة والجلوس مابين السجدتين وفي التشهد سواء يفضى بأليتيه إلى الأرض أبو عمر يفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وينصب قدمه اليمنى على صدرها ويجعل باطن الإبهام على الأرض ظاهرة القباب وأما الورك الأيمن فإنه يكون مرتفعا عن الأرض قال في الرسالة ولاتقعد على رجلك اليسرى وإنما يجيء قعوده على طرف الورك الايسر عياض معنى نصب القدم رفع جانبها عن الأرض كل شيء رفعته فقد نصبته أبو عمر ويجعل قدمه اليسرى تحت ساقه اليمنى اهـ فالجلوس للتشهد سنة وبين السجدتين واجب وكونه على الصفة المذكورة: مستحب الثالث عشر تمكين اليدين من الركبتين في الركوع وأفرد اليد لقصد الجلس
الرابع عشر أن ينصب ركبتيه في الركوع ابن شاس ويستحب نصب ركبتيه عليهما يداه الباجي المجزأ منه تمكين يديه من ركبتيه ابن الحاجب ويجافي مرفقيه ولاينكس رأسه إلى الأرض.
الخامس عشر قراءة المأموم فى الصلاة السرية الرسالة ويقرأ مع الامام فيما يسر فيه ولايقرأ معه فيما يجهر فيه وظاهره عموم قراءة المأموم في السرية الفاتحة والسورة وفي ابن عرفة ثالث الأقوال وهو المشهور استحباب قراءة الفاتحة في السرية.
السادس عشر وضع اليدين في السجود حذو أذنية قال مالك في المدونة يتوجه بيديه إلى القبلة ولم يحك أين يضعهما الرسالة تجعل يديك حذو أذنيك أو دون ذلك واقتفى معناه اتبع تكميل للبيت ولدى بمعنى في.
السابع عشر رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ابن الحاجب ويستحب رفع اليدين إلى المنكبين وقيل إلى الصدر فقيل قائمتين وقيل بطونها إلى الأرض وقيل يحاذي برؤوسهما الأذنين، التوضيح ووقت الرفع عند الأخذ في التكبير نص ابن شاس.
الثامن عشر تطويل السورتين في الركعة الأولى والثانية من صلاة الصبح والظهر أي يقرأ فى كل ركعة منهما بسورة من طوال المفصل وتوسطهما فى الركعتين الأوليين من صلاة العشاء وقصرهما فى الركعتين الأوليين من باقي الصلوات وهما العصر والمغرب
والمفصل هو ما كثر فيه الفصل بالبسملة وأوله الحجرات إلى آخر القرآن على ما اختاره بعضهم وطواله إلى عبس ومتوسطه إلى الضحى وقصاره من الضحى إلى آخر القرآن. فقول الناظم سورتين مفعول بتطويل، فتطويل أضيف لضمير الفاعل وهو المصلي وكمل بالمفعول وهو سورتين وقوله صبحا وظهرا منصوبان على إسقاط الخافض، ويحتمل أن يكون صبحا وطهرا مفعول توسط وسورتين بدل من صبحا وظهرا بدل اشتمال وقوله توسط العشاء على حذف مضاف أي سورتي العشاء وكذا قوله قصر الباقيين على حذف مضاف أيضا قال مالك في المدونة أطول الصلوات قراءة الصبح والظهر قال غيره ويخففها فى العصر والمغرب ويوسطها فى العشاء قال يحيى والصبح أطول وقال أشهب الظهر نحو الصبح.
التاسع عشر تقصير سورة الركعة الثانية عن سورة الركعة الأولى من كل الصلوات/ ابن العربى حراس من أن تجهلوا أن الركعة الأولى فى الشريعة أطول من الثانية فتسووا بينهما وأنه لأشهد مايجهله الناس وفى الواضحة أن ذلك مستحب وفى المختصر لابأس بطول قراءة ثانية الفريضة عن الأولى.
العشرون تقصير الجلسة الوسطى ابن رشد تقصير الجلسة الأولى فضيلة قيل لمالك أيدعو الإمام بعد تشهده فى الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بما بدا له قال نعم ابن رشد لكن لايطول
(فائدة) قال فى التوضيح يكره الدعاء فى خمسة مواضع باتفاق أولها فى أثناء الفاتحة لأنها ركن فلا تقطع لغيره ثانيها بعد الفاتحة وقبل السورة فلا يشتغل عن السنة بما ليس بسنة ثالثها فى أثناء السورة رابعها بعد الجلوس وقبل التشهد خامسها بعد سلام الإمام وقبل سلام المأموم، واختلف في أربعة مواضع بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة والمشهور الكراهة وفي الركوع والمعروف الكراهة أيضا وفي التشهد الأول والظاهر الكراهة لأن السنة فى التقصير والدعاء يطوله الرابع بين السجدتين والصحيح الجواز ماعدا هذه المواضع يجوز الدعاء فيه اتفاقا كالسجود وبعد القراءة وقبل الركوع والرفع من الركوع والتشهد الأخير لهـ باختصار.
الواحد والعشرون تقديم اليدين قبل الركبتين في الهوي إلى السجود وتأخيرهما عن ركبتيه في قيامه التوضيح وفي أبي داود والترمذي والنسائي قال «كان رسول الله إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» وروى ابن عبد الحكم عن مالك التخيير اهـ وقوله استحب معطوف بحذف العاطف على جملة مندوبها
تيامن من باب عطف الجملة الفعلية على الاسمية ولولا الوزن لم يحتج للعامل بل يعطف لفظ السبق على ماقبله ووضعا منصوب على إسقاط الخافض وقوله الركب معطوف على يد أي وندب سبق الركب في الرفع
(تنبيه) بقي على الناظم استحباب الذكر عقب الصلوات قال القلشانى في شرح الرسالة وروى عنه «أنه كان إذا صلى قال أستغفر الله استغفر الله استغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام واليك يعود السلام حينا ربنا بالسلام تباركت وتعاليت ياذا الجلال والإكرام لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير اللهم لامانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت ولاينفع ذا الجد منك الجد» وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال «قال رسول الله من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة أدخله الله الجنة» قال وتقدم فى العقيدة أن من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ولايواظب عليها إلا صديق أو عابد، وعن عبد الله بن عمر بن العاص من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة كان الذي يتولى قبض نفسه ذا الجلال والإكرام وكان كمن قاتل مع أنبياء الله حتى استشهد الرسالة ويستحب الذكر إثر الصلوات يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله ثلاثا وثلاثين ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير/ ابن ناجى الأصل فيما ذكر للشيخ أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله فقالوا يارسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم فقال وماذاك فقالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق فقال رسول الله أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولايكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ماصنعتم قالوا بلى يارسول الله قال تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة وتختمون المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير قال أبو محمد صالح فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله فقالوا يارسول الله سمع إخواننا أهل المال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم» فقال الفقهاء لاخصوصية للفقراء فى هذا الحديث لقوله «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» وقال الصوفية بل قوله «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» الخ يدل على أن هذا الفضل مخصوص بهم لايلحقهم غيرهم فيه اهـ. ويتعلق بهذا الذكر أعني الوارد في حديث الفقراء مسائل الأولى محل هذا الذكر إثر الفرائض دون النوافل فإن كان الفرض مما يتنفل بعده قدم هذا الذكر الثانية اختلف هل يجمع هذا الذكر فيقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة مجموعة وهو مختار جماعة أو يفصل فيقول سبحان الله ثلاثا وثلاثين وكذا مابعده واختار جماعة أيضا.
الثالثة وقع فى الصحيحين تقديم التحميد على التكبير وفى الموطأ تقديم التكبير على التحميد.
الرابعة وقع في رواية لمسلم يكبر أربعا وثلاثين فالأحوط أن يفعل ذلك فيكون لاإله إلا الله زائدا على المائة.
الخامسة ليس فى الحديث زيادة يحيي ويميت وقيل إنه ورد في رواية.
السادسة لاينبغي الزيادة على هذا العدد كما هو الشأن فيما حدده الشارع إذ لعل لذلك الأعداد خاصية تفوت بمجاوزة ذلك العدد.
السابعة قال الشيخ زروق وقد صح الترغيب فى ذلك عشرا فكان شيخنا أبو عبد الله القورى يأخذ به إن أعجله أمر.
الثامنة روى أصحاب السنن أنه كان يعقد التسبيح بيمينه وروى الديلمي بسند ضعيف «نعم ذكر السبحة» قال بعض الشيوخ وقد اتخذ السبحة سادات يؤخذ عنهم ويعتمد عليهم
وَكَرِهُوا بَسْمَلَةً تَعَوُّذاً
فِى الْفَرضْ والسُّجُودَ فِى الثَّوبِ كَذَا
كَوْرُ عِماَمَةٍ وَبَعْضُ وَحَمْلُ شَيءٍ فيهِ أو فِي فَمِّهِ
قِرَاءةُ لَدَى السُّجُودِ والرّكوعْ*
تَفَكّرُ القَلْبِ بِما نافَى الْخُشُوعْ
وَعَبَثُ والاِلْتِفافُ وَالدُّعا
أَثْنا قِرَاءةٍ كَذَاأنْ رَكَعا
تَشبِيكُ أوْ فَرْقَعَةُ الأَصَابِع*
تَخَصُّرُ تَغْمِيضُ عَيْنِ تابعٍ
لما فرغ من تعداد الفرائض والسنن والفضائل شرع في المكروهات
فأولها والثاني البسملة والتعوذ في الصلاة الفريضة دون النافلة فلا بأس بالبسملة والتعوذ فيها قال مالك في المدونة لايبسمل في الفريضة لاسرا ولاجهرا إمام أو غيره وأما في النافلة فواسع إن شاء قرأ وإن شاء ترك ولايتعوذ في المكتوبة قبل القراءة ويتعوذ في قيام رمضان إذا شاء ومن قرأه في غير صلاة تعوذ قبل القراءة إن شاء وظاهر المدونة ونص المجموعة أن التعويذ يكون قبل قراءة الفاتحة ورد ابن العربى هذا أبلغ رد.
الثالث السجود على الثوب ففي النظم «في» بمعنى «على» حد {ولأصلبنكم في جذوع النخل} خلافا لمن جعلها في الآية ظرفية مجازا فكان الجذوع ظرف للمصلوب لتمكنه عليه تمكن المظروف من الظرف قال مالك في المدونة يكره أن يسجد على الطنافس وبسط الشعر والأدم وثياب القطن والكتان وأحلاس الدواب ولايضع كفيه عليه ولاشيء على من صلى على ذلك/ ابن حبيب ولابأس أن يقوم ويعقد على ماكره إذا وضع وجهه وكفيه على الأرض/ مالك وتبدي المرأة كفيها فى السجود حتى تضعهما على ماتضع جبهتها، والأدم بفتح الهمزة والدال جمع أديم وهو الجلد المدبوغ وأحلاس بفتح الهمزة جمع حلس وهو مايلي ظهور الدواب قال مالك في المدونة ولابأس أن يسجد على الخمرة والحصير وماتنبت الأرض ويضع كفيه عليها ابن حبيب تستحب
مباشرة الأرض بوجهه ويديه/ اللخمى من غير حائل حصير ولاغيره، وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بالتراب فيوضع على الخمرة في مواضع سجوده ويسجد عليه عياض والخمرة حصير صغير من جريد سمي بذلك لأنه يخمر وجه المصلي، أي يغطيه وقد صلى في بيت أنس على حصير من جريد النخل/ اللخمى وابن رشد ويكره السجود على ماعظم ثمنه من حصير السامان.
الرابع السجود على كور العمامة قال مالك في المدونة من صلى وعليه عمامته فاحب إليَّ أن يرفع عن بعض جبهته حتى يمس الأرض بعض جبهته فإن سجد على كور عمامته كرهته ولايعيد ابن حبيب هذا إن كان قدر الطاقتين وإن كان كثيفا أعاد/ التونسي قول ابن حبيب تفسير، وسئل الإمام سيدي أبى العباس احمد بن يحيى الونشريسي عن الطاقة والطاقتين التي يسجد عليها في العمامة هل هي الحاشية الواحدة أو الليلة برمتها فأجاب بأن المراد بالطاقتين التعصيبتان هكذا فسره الشيخ أبو عبد الله الأبي رحمه الله في ترجمة أحاديث وضع اليمنى على اليسرى وترجمة أحاديث السجود من كتاب إكمال الإكمال وقال مختصر العين العصابة ماعصب به الرأس والعصاب لغيرها ماعصبت به سائر البدن، وقال القاضي عياض والكور بفتح الكاف وهو مجتمع طاقتها وما ارتفع منها بأعلى الجبين فيظهر من هذا أن الطاقة والتعصيبة اسمان لمسمى واحد ليس المراد من التعصيبة والطاقة التحزيمة لأن التحزيمة لايجتمع منها كور فيتعين أن تكون الطاقة الليلة إذ منها إذ يجتمع الكور وهي شأن عمائم العرب لأن التحريمة التى هي كالبخنوق للنساء والله أعلم اهـ
الخامس السجود على طرف الكم ابن مسلمة لاينبغي أن يسجد على ثوب جسده ولا على يديه في كميه المازري وكشفهما مستحب وتقدم عن ابن حبيب استحباب مباشرة الأرض بالوجه واليدين.
السادس والسابع حمل شيء في كمه أو في فمه، من المدونة كره مالك أن يصلي وفي فمه درهم أو دينار أو شيء من الأشياء ابن القاسم فإن فعل فلا إعادة عليه وكره مالك أن يصلي وفمه محشو بخبز أو غيره ابن يونس إنما كره مالك ذلك لاشتغاله عن الصلاة.
الثامن القراءة فى الركوع والسجو في الصحيح نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا عياض إلى النهي عن القراءة في الركوع والسجود ذهب فقهاء الأمصار وأباح ذلك بعض السلف.
التاسع تفكر القلب بما ينافي الخشوع من أمور الدنيا عياض من مكروهات الصلاة تحدث النفس بأمور الدنيا وقد بسط القباب في شرح القواعد ذلك بسطا شافيا فانظره وفهم من كلام الناظم عدم البطلان بذلك ولو طال تفكره وفي الطراز لو طالت تفكره في شيء بين يديه فسدت صلاته وفهم منه أيضا أن التفكر في أمور الآخرة غير مكروره
العاشر العبث أي اللعب بلحية أو غيرها عياض من مكروهات الصلاة العبث بأصابعه او بخاتمه أو بلحيته وسمع ابن القاسم لابأس أن يحول خاتمه فى أصابعه لعدد ركعات خوف السهو
الحادى عشر الالتفات في الصلاة من المدونة لايلتفت المصلي فإن فعل لم يقطع ذلك صلاته وإن كان بجميع جسده قال الحسن إلا أن يستدبر القبلة
الثاني عشر الدعاء أثناء القراءة أو الركوع راجعة في المستحبات عند استحباب تقصير الجلسة الوسطى
الثالث عشر والرابع عشر تشبيك الأصابع وفرقعتها فقوله تشبيك بضمة واحدة لأنه مضاف فى التقدير إلى مثل ما أضيف له فرقعة وسمع ابن القاسم لابأس بتشبيك الأصابع بالمسجد في غير الصلاة وإنما يكره فى الصلاة من المدونة كره مالك أن يفرقع أصابعه فى الصلاة ابن يرنس إنما كره مالك ذلك لاشتغاله عن الصلاة
الخامس عشر التخصر عياض من مكروهات الصلاة الاختصار وهو وضع اليد على الخاصرة في القيام وهو من فعل اليهود
السادس عشر تغميض بصره وإنما كره لئلا يتوهم أنه مطلوب في الصلاة وهذا إذا كان فتح عينيه لايثير عليه تشويشا وإلا فالتغميض حسن، قال البرزلي ومن المدونة قال مالك ويضع المصلي بصره في الصلاة أمام قبلته
(تنبيهان) الأول قال شهاب الدين القرافى في الفرق الثالث والسبعين والمائتين كره
مالك وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهراً للحاضرين فيجتمع لهذا الإمام التقدم للصلاة وشرف كونه نصب نفسه واسطة بين الله تعالى وعباده في تحصيل مصالحهم على يده بالدعاء فيوشك أن تعظم نفسه عنده فيفسد قلبه ويعصى ربه في هذه الحالة أكثر مايطيعه ويجري هذا المجرى في كل من نصب للدعاء لغيره وخشي على نفسه الكبر بسبب ذلك فالأحسن له الترك حتى تحصل السلامة اهـ وقد أكثر الناس الكلام في هذه المسألة أعني دعاء الإمام إثر الصلاة وتأمين الحاضرين على دعائه وحاصل ما انفصل عليه الإمام ابن عرفة والغبرينى أن ذلك إن كان على نية أنه من سنن الصلاة أو فضائلها فهو غير جائز وإن كان مع السلامة من ذلك فهو باق على حكم أصل الدعاء والدعاء عبادة شرعية فضلها من الشريعة معلوم عظمه وكذلك الأذكار بعدها على الهيئة المعهودة كقراءة الأسماء الحسنى ثم الصلاة على النبي مراراً ثم الرضا عن الصحابة رضى الله عنهم وغير ذلك من الأذكار بلسان واحد وقد مضى عمل من يقتدى به فى العلم والدين من الأئمة على الدعاء بأثر الذكر تمام الفريضة قال ابن عرفة وماسمعت من ينكره إلا جاهل غير مقتدى به ورحم الله بعض الأندلسيين فإنه لما أنهى إليه ذلك ألف جزءاً في الرد على منكره ونقل في المعيار عن القباب جوابا طويلا في المسألة فانظره إن شئت
(الثاني) سئل الأمام العالم سيدي علي بن هرون عن مسألة قول لا إله إلا الله محمد رسول الله مراراً عقب الصلوات هل ذلك بدعة مستحسنة فيدخل من سنها في خبر من سن في الإسلام سنة حسنة الحديث أو ذلك بدعة غير مستحسنةفأجاب بما نصه: الجواب والله الموفق للصواب الذكر مطلوب ومندوب إليه ومرغب فيه والإكثار منه وترتبه بعد الصلوات يذكرون بصوت واحد من البدع التى ينهى عنها لما يتطرق عنها من الزيادة فى الدين ماليس منه ولم يكن هذا في الصدر الأول فيجب قطعه وإن كان صادقاً، هذا الذي أراد أن يسنه فليذكر الله ويحمده في جميع أوقاته فهو أنفع له وأسلم من
الرياء والسمعة والله أعلم وكتبه عبد الله علي بن موسى بن هرون لطف الله به
فَصْلُ وَخَمْسُ صَلوَاتٍ فَرْضُ عَيْنْ
وَهِىَ كِفَايةُ لميت دُونَ ميْنْ
فُرُوضُهَا التَّكْبِيرُ أَرْبَعاً دُعا
وَنِيَّةُ سَلَامُ سرَّا تبِعا
وَكالصَّلَاةِ الغُسْلُ دَفْنُ وَكَفَنْ
وِتْرُ كُسُوفُ عِيدُ استِسِقا سُننْ
فَجْرُ رَغِيبَةُ وتقضْى للَزُّوالْ
والفَرْضُ يُقْضَى أَبداً وبالتَّوَالْ
حاصل تقسيم الصلاة على ماذكر الناظم في هذا الفصل أن الصلاة على قسمين فرض ونفل والنفل كل ماعدا الفرض لأن المنفل في اللغة هو الزيادة فكل مازاد على الفرض هو نافلة ثم الفرض على قسمين عين وهو الصلاة الخمس وفرض كفاية وهي الصلاة على الميت والنفل أيضا على قسمين ماله اسم خاص لتأكده من سنة ورغيبة كالوتر والكسوف والعيد والاستسقاء والفجر وهي المذكورة هنا مايسمى بالاسم العام وهو النفل كالرواتب قبل الصلوات وبعدها وغيرها ممايوقع في غير أوقات النهي وإن كان بعضها آكد من بعض وسيأتي ذلك كله في البيتين بعد هذا ثم اعلم أن ماله اسم خاص من النوافل على قسمين قسم عى الأعيان كالوتر والفجر وقسم على الكفاية كالعيد على أحد القولين فيه وانظر الكسوف والاستسقاء هل سنيتهما على الأعيان أو على الكفاية وأما الذي ليس له اسم خاص فهو كله على الأعيان أي مندوب في حق كل واحد وكون الصلاة على الميت فرض كفاية قال ابن ناجى عليه الأكثر وشهره الفاكهانى في الأوقات وجعله ابن الحاجب وصاحب الشامل الأصح وقيل بسنيتها وهو قول ابن القاسم وأصبغ وشهره سند واللام في الميت للاستعلاء المجازى فهو بمعنى على حد وإن أسأتم فلها واشترط لهم الولاء ويقال ميت وميت وهين والمين الشك قوله فروضها التكبير أربعاً دعا البيت لما أداه التقسيم إلى ذكر صلاة الجنازة كمل الفائدة ببيان فرائضها فأخبر أن فروض صلاة الجنازة أربع. الأول التكبير أربعا عياض ومن فروضها وشروط صحتها تكبيرة الاحرام وثلاث تكبيرات بعدها قال غيره كل تكبيرة بمنزلة ركعة (فرع) سمع ابن القاسم إن كان الامام ممن يكبر خمساً فليقطع المأموم بعد الرابعة أي
يسلم ويتبع في الخامسة وقال مالك في الواضحة يسكت فإذا سلم الإمام سلم بسلامه وقال أشهب ويؤيد مافي الواضحة أن الإمام إذا قام لخامسة ينتظر ليسلم بسلامه (فرع) وفي رفع اليدين عبد التكبير ثلاثة أقوال الرفع في الجميع وعدمه فى الجميع والرفع في الأولى دون مابقي وهو المشهور. الثاني الدعاء للميت عقب كل تكبيره من الثلاث الأولى وفي الدعاء بعد التكبيرة الرابعة أو يسلم أثرها من غير دعاء قولان ولايستحب دعاء معين اتفاقا ولاقراءة للفاتحة على المشهور وفي استحباب الابتداء بالثناء على الله تعالى والصلاة على نبيه محمد قولان (فرع) قال أشهب لايجهر الإمام ولامن خلفه بشيء من الدعاء وإن أسمع بعض ذلك من إلى جانبه فلا بأس الثالث النية عياض من فروض صلاة الجنازة وشروط صحتها النية (فرع) من صلى على جنازة يظنها امرأة فإذا هي رجل أو بالعكس فدعا على ماظنه فصلاته تامة الرابع السلام عياض من فروض صلاة الجنازة وشروط صحتها السلام آخرا وإلى كونه آخراً أشار الناظم بقوله تبعاً أي ماقبله من التكبير والدعاء وسمع ابن القاسم يسلم الإمام واحدة ويسمع من يليه من ورائه يسلمون واحدة في أنفسهم وإن أسمعوا من يليهم لم أر بذلك بأساً ابن رشد هذا مثل مافي المدونة سواء فالإمام يسمع من يليه لأنهم يقتدون فيسلمون بسلامه بخلاف من خلفه إنما يسلم ليتحلل من صلاته فيسلم في نفسه وروى عن مالك أن الإمام يسر أيضا وعلى هذا فيعرف المأموم انقضاء صلاته بانصراف الإمام وظاهر قول الناظم سلام سر أنه بالنسبة للامام والمأموم فيكون ذهب على هذه الرواية والمشهور أنه لايرد المأموم على الإمام وهو مذهب
المدونة وقيل يرد عليه من سمعه فقط (تنبيه) بقى على الناظم من فروض صلاة الجنازة وشروطها القيام لها نص عليه عياض وبقى أيضا الامامة قال ابن رشد من شروط صحة الصلاة على الجنازة الامامة فإن صلى عليها بغير إمام أعيدت الصلاة (فروع) الأول إذا وإلى التكبير ولم يدع فقال مالك في العتبية تعاد الصلاة مالم يدفن كالذي يترك القراءة في الصلاة ابن حبيب إلا أن يكون بينهما دعاء وأن قل الثاني إذا سلم بعد ثلاث تكبيرات أو أقل فإن كان بالقرب رجع لإصلاح الصلاة مقتصرا على النية ولايكبر لئلا تلزم الزيادة في عدد فإن كبر حسبها في الأربع وإن طال أعيدت الصلاة فإن دفن جاءت الأقوال التى فيمن دفن ولم يصل عليه هل يصلى على قبره أم لا وعلى النفى هل يخرج أم لا؟ لا الثالث إذا صلى على الميت نعشه منكوس رأسه مكان رجليه لم تعد الصلاة عليه الرابع لو ذكر إمام الجنازة أنه جنب أو رعف أو أحدث فحكمه حكم إمام المكتوبة في الاستخلاف وقال في العتبية الخامس إذا ذكر صلاة في صلاة الجنازة فقال ابن القاسم يقطع إذ لاترتيب بين الفريضة وصلاة الجنازة. السادس إذا قهقه الإمام أبطل عليه وعليهم قال في العتبية السابع إذا جهلوا القبلة أي فصلوا على الجنازة لغير القبلة ثم علموا بذلك قبل دفنها أو بعده فقال ابن القاسم في العتبية إن دفنوها فلا شيء عليهم وإن لم يدفنوها فأنا أستحسن أن يصلى عليها قبل الدفن وليس بواجب. الثامن إذا وجد المسبوق الإمام قد كبر فان كان بالقرب دخل معه وان تباعد فهل يكبر ويدخل مع الإمام أو ينتظر تكبير الإمام ويكبر معه قولان الثاني مذهب المدونة ووجهه أن التكبيرة هنا بمثابة ركعة فتكبيرة قضاء في صلب الإمام.
التاسع قال مالك في المدونة أكره أن توضع الجنازة في المسجد وإن وضعت قرب المسجد للصلاة عليها فلا بأس أن يصلى من بالمسجد عليها بصلاة الامام إذا ضاق خارج المسجد ابن رشد لافرق في كراهة الصلاة في المسجد بين أن تكون الجنازة
فيه أو خارجة عنه قول على مالك في المدونة فعلى هذا فلا يأثم في صلاته ولا يؤخر ولو ترك أجر لأن هذا هو حد المكروه. العاشر إذا اجتمعت جنائز جاز أن تجمع فى صلاة واحدة ويجوز أن يفرد كل واحد بصلاة وعلى الأول فإن كانت أجناسها مختلفة بأن كان فيهم ذكور وإناث وخناثى فيجعل الذكور ممايلي الإمام الأفضل فالأفضل ثم الخناثى كذلك ثم النساء وكذلك لو كان معهم خصى ومجبوب فهما قبل الخنثى والخصى قبل المجبوب ثم كل واحد من الذكر والأنثى والخنثى والخصى والمجبوب يفرض لكل واحد منهم أن يكون بالغا أو غيره حرا أو عبدا فهي أربعة أوصاف في خمسة أصناف فتبلع عشرين: المقدم الذكر البالغ الحر ثم غير البالغ الحر ثم البالغ العبد ثم العبد غير البالغ فهذه أربعة في الذكر ومثلها في الخصى بعده ومثلها في المجبوب بعد الخصي ومثلها في الخنثى بعد المجبوب ومثلها في الأنثى بعد الخنثى فيكون آخر منزلة الأمة غير البالغة وفى بعضها خلاف فإن كانت الجنائز صنفاً واحدا ذكورا أحراراً مثلا أو عبيدا أو نساء أو إماء فوجهان أحدهما كما تقدم أن يجعل واحد أمام واحد إلى القبلة مع تقديم الأفضل فالأفضل والثاني أن يجعلوا صفا واحدا من المشرق الى المغرب ويقف الامام عند أفضلهم وعن يمينه الذي يلي الأفضل فالأفضل رجلا المفضول عند رأس الأفضل ومن دونهما في الفضل عن شماله ورأسه عند رجلى الأفضل فإن كان رابع دون هذه الثلاثة جعل عن يساره رأسه عند رجلي الثالث في الذكر الحادى عشر روى ابن غانم وصى الميت بالصلاة عليه أحق من الولى وروى سحنون إن كان لعداوة بينه وبين وليه فالولي أحق سحنون والوصى أحق من الخليفة والخليفة أحق من الولي وأما فرع الخليفة من الأمير أو القاضي أو صاحب الشرطة فلا يقدم على الولي إلا أن تكون له الخطبة والصلاة فإن كانتا له من دون إمرة فلا كما إذا كانت له إمرة دون الخطبة والصلاة ويقدم من أولياء الجنازة الواحدة أو المتعددة الأفضل فالأفضل فإن تساووا فالقرعة وفي تقديم ولى الذكر وان كان مفضولا قولان الثاني عشر قال ابن رشد أولى الأولياء الابن ثم ابنه وإن سفل ثم الأب ثم الأخ ثم ابنه وإن سفل ثم الجد ثم العم وإن سفل ثم أبو الجد ثم بنوه على هذا الترتيب كولاية النكاح وميراث الولاء
الثالث عشر لوسها الإمام فنوى إحدى الجنازتين ونواهما خلفه فقال في العتبية تعاد الصلاة ثم من ينوه الإمام دفن أم لا الرابع عشر يقوم الإمام عند وسط الجنازة في الرحل وعند منكبي المرأة ويجعل رأسه على يمين المصلى الخامس عشر إن لم يوجد من يصلى على الجنازة إلا النساء صلين أفذاذاً على الأصح وهل واحدة بعد واحدة أو مجتمعات قولان السادس عشر في المدونة إذا كان الامام يصلى على جنازته ثم جاءت جنازة أخرى تمادى على الأولى ولا تدخل معها الثانية فإذا فرغ صلى على الثانية فإذا جيء بها بعد تمام الصلاة على الأولى فلا بأس بتنحية الأولى والصلاة على الثانية. السابع عشر قال مطرف لابأس بالصلاة على الجنازة ليلا ولابأس بالدفن ليلا وقد دفن الصديق ليلا وكذلك فاطمة وعائشة رضي الله تعالى عنهم. قوله بالصلاة الغسل دفن وكفن أخبر أن غسل الميت ودفنه وكفنه كالصلاة عليه في كونه فرض كفاية أماالغسل فقال ابن عرفة غسل الميت المسلم غير الشهيد قال الشيخ مع الأكثرية سنة وقال القاضي مع البغدادين فرض كفاية وأما الدفن والكفن فقال ابن يونس وأما دفنه ففرض على الكفاية وقال المازرى التكفين عندنا واجب وقال صاحب المقدمات وغير واحد ولابد من ذكر فروع الأول من المدونة قال مالك ويغسل أحد الزوجين صاحبه وإن كان ثم غيره من النساء والرجال ويستر كل واحد عورة صاحبه وهل يحكم لمن أراد منها غسل صاحبه أم لا حكى ابن الحاجب ثلاثة أقوال تقضى لهما ومقابلة ثالثها يقضى الزوج دونها ابن الماجشون لو مات الزوج وامرأته حامل فولدت قبل غسله فلها أن تتزوج غيره وتغسله وإن ماتت هي وتزوج أختها فله أن يغسلها قال ابن حبيب أحب إلى إذا نكح أختها أن لا يغسلها ابن يونس وكذا عندي إذا ولدت المرأة وتزوجت غيره أحب إلى أن لاتغسله ابن عرفة والملك المبيح للوطء كالمدبرة وأم الولد النكاح في الغسل تغسل سيدها ويغسلها وفي
العتبية وكذلك من يحل له وطؤها مثل أمته ومدبرته وأما مكاتبته سحنون أو المعتق بعضها أو إلى أجل أو من له فيها شركة فلا تغسله ولايغسلها ثم الأولى بغسل الميت الذكر بعد زوجه أولياؤه الأقرب كما في الصلاة عليه ثم رجل أجنبي فإن لم يوجد رجل فامرأة من محارمه أو أخت أو عمة وهل تستر جميع بدنه أو عورته فقط تأويلا فإن لم يوجد إلا امرأة أجنبية يممت وجهه ويديه إلى المرفقين والأولى بغسل المرأة بعد زوجها أقرب امرأة وهي ابنتها ثم بنت ابنتها على مثال منازل الرجال ثم امرأة أجنبية فإن لم توجد امرأة غسلها رجل من محارمها من فوق ثوب فإن لم يوجد إلا أجنبي يمم وجهها ويديها إلى الكوعين اللخمى قول مالك تيمم الميت عند عدم الماء دليل على أن غسله تعيد ابن رشد ويجزىء غسله بغير نية الأصل في ذلك أن كل مايفعله الانسان في غيره فلا يحتاج فيه إلى نية كغسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً الثانى قال ابن بشير أما صفة غسل الميت فإنه في صب الماء والتدلك على حكم غسل الجنابة الثالث سئل ابن القاسم عن المرأة ذات الشعر تغسل كيف يصنع بشعرها أيضفر أم يفتل أم يرسل وهل يجعل بين الأكفان أم يعقص ويرفع مثل ماتعرفه الحية بالحمار فقال ابن القاسم يفعلون فيه كيف شاءوا وأما الضفر فلا أعرفه ابن رشد يريد أن لايعرفه من الأمر الواجب وهو إن شاء الله حسن من الفعل والضفر نسج الشعر وعقصه ضفره وليه على الرأس الرابع المخمى على الأب أن يكفن ولده الصغير والكبير الزمن وعلى الابن أن يكفن أبويه هذا كله وإن لم يكن للميت مال ابن عرفة كفن ذى رق على ربه حتى المكاتب قال سحنون مسلمين كانوا أو كفاراً الرسالة واختلف في كفن الزوجة فقال ابن القاسم في مالها وقال عبد الملك في مال الزوج وقال سحنون إن كانت ملية ففي مالها وإن كانت فقيرة ففى مال الزوج وقول ابن القاسم هو المشهور
(فصل فى بعض مايتعلق بغسل الميت)
قال أبو عمر يستحب أن تكون الغسلة الأولى بالماء والسدر أو الخطمى أو الأشنان أو ماأشبه ذلك بعد أن يغسل ماتحته من النجاسات ثم الثانية بالماء القراح إن شاء بارداً وإن شاء سخنا ثم الثالثة بمثل ذلك ويجعل فيها كافورا ويستحب تجريد الميت للغسل ويستر عورته ولايطلع عليه غير غاسله ومن يعينه ويستحب جعله فى مكان خال ووضعه على سرير وجعل حديدة على بطنه خوف انتفاخه وكون غسله وترا ثلاثاً أو خمسا أو سبعا المازري فإن خرج من الميت شيء بعد الفراغ من غسله غسل ذلك الموضع فقط المدونة يجعل الغاسل على يده خرقة ويفضى بها إلى فرجه وان احتاج إلى مباشرة بيده فعل ويعصر بطنه عصرا رقيقا اهـ ويستحب أن يوضأ الميت قبل أن
يغسل ويجعل الغاسل على أصبعه خرقة ينظف بها أسنانه وينقي أنفه ويميل رأسه ليخرج ماء المضمضة وفي تكرره تكرر غسله قولان وإذا فرغ من غسله نشف بلله في ثوب وفي طهارة ماينشف به ونجاسته قولان ويستحب اغتسال غاسله على المشهور (تنبيه) هذا في غير شهيد المعترك أما هو فلا يغسل ولايصلى عليه ويدفن بثيابه إن سترته وإلا زيد عليها قاتل أو لم يقاتل طاهرا كان أو جنبا قتل ببلد العدو أو ببلد الإسلام على المشهور فإن رفع حيا غسل وصلى عليه وإن أنفذت مقاتله إلا المغمور ولايدفن بدرع وسلاح بل بخف وقلنسوة ونحوهما وأما شهيد البطن والطاعون ونحوهما فيغسل ويصلى عليه.
(فصل فى بعض مايتعلق بالدفن)
قال المازري تسنيم القبر عندنا هو المأمور به الصحاح تسنيم القبر خلاف تسطيحه وقال اللخمى كره في المدونة تسنيم القبر قال ابن حبيب يستحب لمن كان على شفير القبر أن يحثو فيه ثلاث حثيات من التراب وقد فعله رسول الله في قبر ابن مظعون وقال مالك لاأعرف ذلك ابن رشد إرسال الطعام لأهل الميت لاشتغالهم بميتهم إن لم يكونوا اجتمعوا لمناحته من الفعل الحسن المرغب فيه المندوب روى أن رسول الله قال لأهله لما جاء نعى جعفر بن أبى طالب اصنعوا لآل جعفر طعاما وابعثوا به اليهم فقد جاء مايشغلهم عنه ابن شاس والتعزية سنة وقد جاء فى التعزية ثواب كثير جاء أن الله يلبس الذى عزاه الناس التقوى وعزى رسول الله امرأة فى ابنها فقال «ان الله ماأخذ وله ماأعطى ولكل أجل مسمى وكل إليه راجعون فاحتسبي واصبري فإنما الصبر عند الصدمة الأولى» ابن حبيب والتعزية عند القبر واسع في الدين فأما في الأدب فيعزى الرجل في بيته ومنزله ابن العربى وقوف ولى الميت عند تسوية التراب على القبر فيعزى قال اللخمي إنه مكروه ولكنه مستعمل ابن حبيب يستحب أن لايعمق القبر جدا بل قدر عظم الذراع ابن عات:
من رأى تعميقه القامة والقامتين رآه في أرض الوحش أو توقع النبش. الشيخ خليل: وأقله مامنع رائحته وحرسه. ابن حبيب اللحد أفضل من الشق إن أمكن. وقال مالك: كل ذلك واسع واللحد أحب وهو الحفر في قبلة القبر والشق في وسطه. ابن حبيب: وواسع أن يلي إقبار الميت الشفع والوتر، ويلحد على شقه الأيمن إلى القبلة، وتمد يده اليمنى على جسده، وتعدل رأسه لئلا ينطوى ويعدل رجليه ويرفق في ذلك ويحل عقد كفنه. ابن القاسم: فإن وضع في قبره على شقه الأيسر فإن كانوا لم يواروه أو ألفوا عليه شيئاً يسيراً فأرى أن يحول ويوجه إلى القبلة، وإن فرغوا من دفنه ترك ولاينبش. ابن عرفة: الزوج أحق بإدخال زوجته قبرها فإن لم يكن فأقرب محارمها. ابن القاسم: فإن لم يكونوا فأهل الفضل، والزوج أولى من الابن والأب. وابن حبيب: وللزوج الاستعانة بذي محرم، فإن لم يكن فبذي الفضل عند أعلاها والزوج عند أسفلها. قالوا: ويستر قبرها بثوب أشهب ولا أكرهه في الرجل ويقول إذا وضعه في لحده: باسم الله وعلى سنة رسول الله اللهم تقبله بأحسن قبول، وإن دعا بغيره أو ترك فواسع. ابن رشد: الأفضل فيما يجعل على الميت في قبره اللبن ثم الألواح ثم القراميد ثم الآجر ثم الحجارة ثم القصب ثم سن التراب وسن التراب خير من التابوت. قال ذلك ابن حبيب، واللبن ما يعمل من الطين بالتبن وربما عمل بدونه. قال ابن القاسم: ميت البحر إن طمعوا بالبر من يومهم وشبه ذلك حبسوه حتى يدفنوه في البر، وإلا غسل في الحين وصلي عليه وشد كفنه عليه. ابن حبيب: ويلقونه مستقبل القبلة محرفاً على شقه الأيمن، قال ابن الماجشون وأصبغ: ولا يثقل رجله بشيء ليغرق وحق على واجده بالبر دفنه.
فصل فى بعض مايتعلق بالكفن
ابن رشد: الفرض من الكفن ساتر العورة والزائد لستر غيرها سنة. [وقال ابن بشير: أقله ثوب يستره كله، ابن حبيب: يستحب إيصاؤه أن يكفن في ثياب جمعته وإحرام حجه، رجاء بركة ذلك وقد أوصى سعد بن أبي وقاص أن يكفن في جبة صوف شهد بها بدراً، ابن يونس. الحنوط وجميع مؤن الميت في إقباره إلى أن يوارى من رأس ماله، والرهن أولى من الكفن والكفن أولى من الدين فإن نبش الميت لم يعد غسله ولا الصلاة عليه، ولكن يكفن ويبدأ به على الدين كالكفن الأول وسواء قسم ماله أم لا، فإن وجد الكفن الأول فهو للغريم أو للوارث كما إذا أكل السبع الميت وبقي الكفن. اللخمي: يستحب في الكفن البياض. ابن بشير: الكتان والقطن. ابن عرفة: وعلى قول ابن حبيب: والصوف. ابن يونس: الحديث البسوا البياض وكفنوا فيه موتاكم. أبو عمر السنة تجمر ثياب الميت أي تبخر بالبخور ويستحب ألا يؤخر التكفين عن الغسل، فإن غسل بالعشي وكفن بالغد فلابن]
[قاسم: أرجو أن يجزئه وفي «المدونة» قال مالك: أحب إلىَّ أن لا يكفن الميت في أقل من ثلاث أثواب إلا أن لا يوجد ذلك. الأبياني: يريد غير العمامة والمئزر. وقال ابن حبيب: أحب إليَّ في الكفن خمسة أثواب، يعد فيها العمامة والمئزر والقميص ويلف في ثوبين وذلك في المرأة ألزم، ويشد مئزرها بعصائب من حقويها إلى ركبتيها ودرع وخمار وتلف في ثوبين. ابن شعبان: أقله لها خمسة وأكثره سبعة. اللخمي: يستحب الوتر فوق اثنين ولا يزاد على سبع، والاثنان أولى من الواحد للستر لأن الواحد يصف ما تحته، والثلاثة أولى من الأربعة للوتر ولا يقضى على الوارث إن شح بما زاد على الثوب الواحد. ونقل ابن محرز: أن الورثة والغرماء يجبرون على ثلاثة أثواب، وكذا نقل ابن يونس أيضاً: أن الرجل لا ينقص عن ثلاثة أثواب، إن شح الورثة. وقال ابن رشد: يقضى على الورثة أن يكفنوه في نحو ما كان يلبس في الجمع والأعياد ويستحب الحنوط بكل طيب طاهر كالكافور والمسك والعنبر. ابن بشير: ومحل الحنوط مواضع السجود، وهي المقدمة ومغابن البدن ومراقه، كالآباط والأفخاذ مما يرق جلده ويكون محلاً للأوساخ وفي الرأس كالأنف والفم والأذنين وسائر الجسد وبين الكفن وبينه وبين الأكفان، ابن حبيب ويجعل] على القطن الذي يجعل بين فخذيه ويسد أذنيه ومنخريه قطنة [فيها] الكافور.
فصل فى مسائل من هذا الباب
يستحب للمحتضر أن يحسن ظنه بالله تعالى لخبر لايموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى وينبغى أن يوجه إلى القبلة على شقه الأيمن فإن لم يقدر فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة ابن حبيب ولا أحب أن يوجه إلا عند إحداد نظر وشخوص بصره ويستحب أن لاتقربه حائض ولاجنب ولايحضره إلا أفضل أهله ويكثروا له من الدعاء فإن الملائكة يحضرونه ويؤمنون على دعاء الداعين وينبغى أن يلقن لاإله إلا الله عند الموت مرة بعد أخرى بأن يقال بحضرته أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة ولايقال له قل لاإله إلا الله ويستحب تلقينه بعد الدفن لآية {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} وأحوج مايكون العبد إلى التذكير بالله عند سؤال الملائكة فيجلس إنسان عند رأس الميت عقب دفنه فيقول يافلان ابن فلانه او ياعبد الله أو ياأمة الله اذكر العهد الذي
خرجت عليه من الدنيا وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويستحب أن يغمض بصره إذا قضى وأن يشد لحيه الأسفل بعصابة تربط عند رأسه خوف تشويه خلقه وأن يلين مفاصله برفق وأن يسرع بتجهيزه إلا الغريق بما رجاء إفاقته وهذه إحدى المسائل السبع التي يطلب فيها المبادرة كالتوبة من الذنب وتقديم الطعام للضيف وانكاح البكر إذا بلغت والصلاة إذا دخل وقتها والجهاد وأداء الدين وقد جمعت في قول القائل.
بادر بتوبة قرى والذقن بكر صلاة مع جهاد دين ويستحب مشي المشيع للجنازة ويكره له الركوب إلا في الرجوع وإسراعه بالجنازة إسراع الرجل الشاب في حاجته والسنة مشى المشيع أمام الجنازة الباجى حكم الراكب في الجنازة أن يكون خلفها والنساء خلفه ابن القاسم لايترك أن يستر نعش المرأة بقية في حضرة أو سفرإذا وجد ذلك ابن حبيب ولا بأس أن يجعل على النعش للمرأة البكر أو الثيب الساج وراء الوشي أو البياض مالم يجعل مثل الأخمرة الملونة فلا أحبه ولا بأس أن يستر الكفن بثوب ساج ونحوه وتنزع عند الحاجة وهذه هي مسألة تغطية الجنازة بقناع الحلى وقد أطال فيها في المعيار آخر الجنائز بما حصله أن بعضهم قال يمنع ذلك لوجود ذكرهاوأن بعض الأئمة كان يأمر بنزع ذلك ولا يصلى على الجنازة وهي مستورة بالحرير واختار هو جواز ذلك وجواز اكترائه لمن لم يجده إلا بذلك وسنزيد المسألة بيانا إن شاء الله في نزهة الأنفاس في كراء حلى الأعراس على العادة بفاس ويجوز غسل امرأة ابن كسبع سنين ورجل كرضيعة وترك الدلك لكثرة الموتى والتكفين بالثوب الملبوس وبالمصبوغ وبالزعفران أو الورس وخروج المنجاله ومن لم تخش منها الفتنة من الشواب لجنازة قريبها كأب وابن وزوج وأخ وسبق الجنازة لموضع دفنها والجلوس قبل وضعها عن أعناق الرجال ونقل الميت قبل دفنه من بدو لحضر وعكسه وكذا بعد الدفن لضرورة البكاء عند الموت وبعد بلا رفع صوت وقول قبيح وجمع أموات بقبر واحد لضرورة وولى القبلة إلا فصل وتقبيل وجه الميت كمافعل بابن مظعون أوفعله أبو بكر بالنبى ويكره حلق شعره وتقليم أظفاره وجعل ذلك معه إن فعل ولا تنكأ قروحه ويزال ماخرج منها وسمع ابن القاسم وأشهب ليست القراءة
والبخور من العمل ابن رشد استحب ذلك ابن حبيب وروى عن النبي «أن من قرأ يس عند رأسه وهو في سكرات الموت بعث الله ملكا إلى ملك الموت أن هون على عبدي الموت» وقال إنما يكره مالك ذلك استنانا ابن عرفة قبل عياض استدلال بعض العلماء على استحباب القراءة على القبر بحديث الجريدتين وقاله الشافعي وفي الإحياء لابأس بالقراءة على القبر ويكره أن توضع الجنازة في المسجد وكذا الصلاة عليها في المسجد مالم يضق خارجه قال مالك ولايصلى على المولود ولايغسل ولايحنط ولايسمى ولايورث ولايرث حتى يستهل صارخا بالصوت ويكره أن يدفن السقط في الدار ومن وجده بدار فليس عيبا ترد به بخلاف ما إذا وجد قبر كبير فله ردها به ويجوز أن يدفن الرجل في داره ولابأس بزيارة القبور والجلوس إليها والسلام عليها عند المرور وبها وفروع الباب كثيرة وفي هذا القدر كفاية قوله: وتر كسوف عيد استسقا سنن.
الوتر بالمثناة وبكسر الواو وفتحها ابن يونس والوتر سنة مؤكدة لايسع أحدا تركها سحنون يجرح تاركه ابن عرفة اعتذر بعضهم عن التجريح بأن تركه علامة استخفافه بأمور الدين وقال أصبغ يؤدب. المازري لاستخفافه بالسنة كقول ابن خويز منداد تارك السنة فاسق التوضيح والتأديب لايستلزم الوجوب لأنا نؤدب الصبي على ترك الصلاة وقال فى مختصره والوتر سنة آكد ثم عيد كسوف ثم استسقاء (فرع) وأول وقته المختار بعد العشاء الصحيحة وبعد الشفق وآخره إلى طلوع الفجر وضرورية من طلوع الفجر إلى صلاة الصبح ابن عرفة ففعله قبل صلاة العشاء ولو سهوا لغو ومن المدونة من صلى العشاء على غير وضوء ثم انصرف إلى بيته فتوضأ وأوتر ثم ذكر بعد ذلك فليعد العشاء ثم الوتر التوضيح وزاد أى ابن الحاجب بعد الشفق احترازا من مثل الجمع ليلة المطر أي فلا يوتر إلا بعد الشفق هذا هو المعروف في المذهب (فرع)
من المدونة قال مالك من ذكر الوتر بعد صلاة الصبح لم يقضه وليس كركعتي الفجر في القضاء ومن كان خلف إمام في الصبح أو وحده فذكر وتر ليلته فقد استحب له مالك أن يقطع ويوتر ثم يصلي الصبح قال ابن القاسم ثم رخص مالك للمأموم
أن يتمادى ابن حبيب ويقطع الإمام إلا أن يسفر جداً وقال المغيرة لايقطع ولم يفرق بين فذ ولا غيره وعلى قطع الإمام ففي قطع مأمومه خلاف وهل محل الخلاف في قطع الصبح للوتر وإن لم يعقد ركعة فإن عقدها تمادى قولا واحداً أو الخلاف ولو عقدها قولان ومن تمادى ولم يقطع فقد فاته الوتر فذا كان أو إماما على المشهور وقال ابن وهب إن شاء المأموم تمادى مع الإمام ثم أوتر ثم أعاد الصبح قال في تكميل التقييد يريد يتمادى بنية النفل وظاهره أن الإعادة مختصة برواية ابن وهب وعليها يكون من مساجين الامام. فعد هذه المسئلة من مساجين الإمام كما هو الشائع على الألسنة حتى قال بعضهم
مساجن الامام فيها اشتهر
أربعة من للركوع كبرا
ونسي الإحرام أو من ذكر
صلاة أو وتراً كذا الضحك جرى
إنما هو على مقابل المشهور وهو رواية ابن وهب ولذا لم يذكرها الشيخ خليل فى مساجين الإمام حيث قال فيها وبطلت بقهقهة وتمادى المأموم فقط إن لم يقدر على الترك كتكبيره للركوع بلانية إحرام وذكر فائتة (فرع) من ذكر الوتر وقد أقيمت الصبح فروى على يخرج فيصليه ولايخرج لركعتى الفجر. (فرع) من ذكر الوتر بعد أن ركع الفجر فيوتر ثم يعيد ركعتى الفجر قال سحنون من ذكر صلاة بعد أن ركع الفجر صلاها وأعاد الفجر (فرع) من طلعت عليه الشمس وعليه الوتر والصبح فإنه يصلي الصبح خاصة ولايصلى الوتر قبلها قاله ابن يونس وغيره. (فرع) من صلى الوتر ركعتين ساهياً سجد بعد السلام ولايبطل وإن زاد في الصلاة مثلها لأن الوتر لما لم يكن إلا بعد شفع أشبه زيادة ركعة في الثلاثة وذلك لايبطلها على المشهور (فرع) من انتبه قرب الطلوع ولم يصل الشفع والوتر فإن ضاق الوقت إلا عن ركعة فالصبح فإن اتسع لركعتين وأخرى لثلاث فالوتر ثم الصبح فإن اتسع لرابعة ففي الشفع قولان وإن اتسع لخامسة فإن كان تنفل بعد العشاء ففي تقديم الشفع على ركعتي الفجر قولان وإن لم يكن تنفل بعد العشاء قدم الشفع لتأكده ويؤخر الفجر في هذه الأحوال كلها إلى وقت حل النافلة فإن اتسع لسبع زاد الفجر
(فرع) يستحب أن يكون الوتر آخر صلاة الليل فإن أوتر ثم تنفل جاز ولايعيد الوتر على المشهور وإنما يتنفل بعد الوتر من حديث له نية التنفل بعد أن أوتر ويؤمر أن يؤخر تنفله عن الوتر يسيراً وأما عن قصد أولا أن يجعل وتره في أثناء تنفله بغير موجب فذلك خلاف السنة (فرع) ابن يونس الأفضل عند مالك تأخير الوتر إلى آخر الليل لفضيلة قيام الليل إلا لمن الغالب عليه أن لاينتبه فالأفضل أن يوتر ثم ينام لأن في نومه قبله تغريراً بالوتر (فرع) إذا أراد إمام التراويح أن يوتر وأراد بعض من خلفه زيادة النفل فلا يصل وتر الإمام بركعة ليوتر بعد ذلك بل يسلم معه ويصلى بعد ذلك ماشاء بعد أن يتأنى قليلا وأنظر مع قولهم من قصد أن يجعل وتره أثناء نفله لغير موجب فقد خالف السنة إلا أن يقال متابعة الإمام موجب ومن أتى المسجد يصلى الأشفاع مع الإمام فدخل معه فإذا هو في الوتر قال ابن رشد يشفعه كما إذا أوتر مع الإمام قبل أن يصلى العشاء المواق أنظر هذا في ليالي الإحياء من أوتر أول الليل ثم أتى آخر الليل فعلى هذا إذا سلم الإمام من ركعة الوتر قام هذا الذي كان أوتر فشفع هذا الوتر الذي صلاه مع هذا الإمام وربما تجد بعض العوام ليالي الاحياء إذا نودي بالشفع والوتر تركوا القيام مع الإمام لركعتي الشفع فضلا عن ركعة الوتر وهذا لاينبغى (فرع) المشهور أن إيقاع الشفع قبل الوتر مستحب فإن أوتر من غير شفع صح وتره وقد فعل مكروها وقيل لايصح الوتر إلا بعد تقدم شفع وشهره الباجى وهل يشترط في ركعتي الشفع تخصيصهما بنية أو يكتفى بأي ركعتين كانتا والثاني هو الظاهر من قوله صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح ركعة توتر له ماقد صلى وهل يلزم اتصال الشفع بالوتر أو يجوز أن يفرق بينهما بالزمن الطويل قولان والقول باشتراط الاتصال لابن القاسم في العتبية والقول بعدم الاشتراط رواه ابن نافع عن مالك ونفل أيضا عن ابن القاسم
(فرع) يسلم من صلى الشفع ويكره وصله بالوتر من غير سلام فإن صلى خلف من لايفصل بينهما بسلام تبعه قاله في المدونة (فرع) لايصلى الشفع بنية الوتر ولا الوتر بنية الشفع على المشهور خلافا لأصبغ
(فرع) من أدرك مع الإمام ركعة من الشفع لم يسلم معه ويصلى ركعة الوتر فإذا سلم الإمام من الوتر سلم معه ثم أوتر إلا أن يكون أمامه لايسلم من شفعه ففي سلام هذا مع الإمام قولان قال الشيخ أبو محمد وغيرهم ومعنى قولهم أنه يصلي الوتر معه أي يحاذي ركوعه وسجوده ركوع الإمام وسجوده فأما أن يتم به فلا لأنه يكون محرماً قبل إمامه (فرع) المشهور استحباب قراءة الشفع يسبح والكافرون والوتر بالاخلاص والمعوذتين إلا لمن له حزب فيقرأ منه فيهما وقيل لايستحب ذلك ولاغيره بل يقرأ بما تيسر وقيل غير ذلك قوله كسوف التوضيح يقال خسفت الشمس بفتح الخاء مبينا للفاعل وبضمها مبنيا للمفعول وكذلك كسفت الشمس ويقال كسفا وانكسافا وخسفاً وانخسافا وقيل الكسوف مختص بالشمس والخسوف مختص بالقمر وقيل عكسه ورد بقوله تعالى {وخسف القمر} وقيل الخسوف أوله والكسوف آخره إذا اشتد ذهاب الضوء وقيلى الكسوف ذهاب الضوء بالكلية والخسوف تغير اللون وقيل هما مترادفان وصلاة الكسوف للشمس قبل الانجلاء سنة وتوقع في المسجد مخافة انجلائها في طريق المصلى فيفوت فعل هذه السنة واخبر ابن وهب فى إيقاعها في المسجد أو في المصلى وهذا إذا وقعت في جماعة كما هو المستحب وأما الفذ فله أن يفعلها في بيته والجماعة فيها مستحبة ويؤمر بها كل مصل حاضراً أو مسافراً إن أن يجد به السير ويؤمر بها أهل العمود وتصليها المرأة في بيتها ووقتها من حل النافلة إلى الزوال وقيل إلى الاصفرار وقيل إلى الغروب وصفتها ركعتان في كل ركعة ركوعان وقيامان بغير أذان ولااقامة وصح أنه نادى الصلاة جامعة قال صاحب
الاكمال وغيره وهو حسن يحرم ثم يقرأ الفاتحة ثم البقرة ثم يركع طويلا نحو مكته ثم قراءته ثم يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ثم يقرأ الفاتحة أيضا في هذا القيام الثاني على المشهور ثم يقرأ آل عمران ثم يركع ويمكث نحو قراءته الثانية ثم يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ثم يسجد سجدتين تامتين بأن
يطيلهما مثل الركوع على المشهور ثم يقوم للركعة الثانية فيقرأ الفاتحة والنساء ثم يركع نحو قراءته في الطول ثم يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ثم يعيد الفاتحة أيضا على المشهور ويقرأ بعدها العقود ثم يركع نحو قراءته ثم يرفع رأسه ثم يسجد كما ذكرنا ويتشهد ويسلم وقراءتها سراً على المشهور وقيل جهرا واختاره بعض الشيوخ لوروده أيضا وبالقياس على السنن النهارية كالعيدين والاستسقاء الرسالة وليس في أثر صلاة خسوف الشمس خطبة مرتبة ولا بأس أن يعظ الناس ويذكرهم (فرع) إذا انجلت في أثنائها ففي اتمامها على سنتها أو كالنوافل قولان لأصبغ وسحنون ابن عبد السلام ومعنى اتمامها على سنتها في عدد الركوع والقيام خاصة دون الإطالة (فرع) الركوع الأول سنة والثاني هو الفرض فلذلك من أدرك الركوع الثاني من إحدى الركعتين فقد أدرك تلك الركعة فإذا أدرك الركوع الثاني من الركعة الأولى فقد أدرك الصلاة كلها وإن أدرك الثانى من الثانية فقد أدرك الركعة الثانية ويقضى ركعة فيها ركوعان (فرع) قال المازري قال عبد الحق إذا اجتمع عيد وكسوف واستسقاء وجمعة في يوم واحد فيبدأ بالكسوف لئلا تنجلي الشمس ثم بالعيد ثم بالجمعة ويترك الاستسقاء اليوم آخر لأن يوم العيد يوم تجمل ومباهاة والاستسقاء ضد ذلك ولم أزل أعجب من ذلك إذ لايكون كسوف يوم عيد لأن العيد إنما يكون في النصف الأول والكسوف في النصف الثانى ابن الحاجب وأجيب بأن المقصود مايقتضيه الفقه بتقدير الوقوع ورده المازرى بأن تقدير خوارق العادة ليس من دأب الفقهاء وأنظر قوله إذ لايكون كسوف يوم عيد الخ وجوابه المقتضى تقدير استحالة وقوع ذلك مع قول جلال الدين السيوطى آخر تأليفه فى تحريم الاشتغال بالمنطق وقال المنجمون إن الشمس لاتكسف إلا يوم الثامن عشر أو التاسع والعشرين فأظهر الله الأمر بخلافه فكشف الشمس يوم مات ابراهيم ابن النبي رواه الشيخان وكان عاشر ربيع الأول رواه
البيهقى والزبير بن بكار وغيرهما وقد كسفت الشمس يوم قتل الحسين وكان يوم عاشوراء ذكر ذلك الرافعي في الشرح والنووى في الروضة اهـ وأما صلاة خسوف القمر فتصلى أفذاذا ركعتين ركعتين حتى ينجلى والمعروف في المذهب أنها تصلى فى البيوت ولمالك في المجموعة تصلى في الجامع أفذاذا وفي منعهم من صلاتها جماعة قولان قوله عيد سمى العيد عيداً تفاؤلا لأن يعود على من أدركه وقيل غير ذلك وصلاة العيدين سنة مؤكدة وفي كونها سنة عين أو كفاية قولان ويؤمر بها من تلزمه الجمعة وهو البالغ العاقل الحر الذكر المقيم وفي غيرهم من العبيد والنساء والمسافرين قولان وعلى أنهم لايؤمرون بها فهل يجوز لهم أن يصلوها وهو المشهور أو يكره لهم ذلك أو يكره لهم فذاً لاجماعة ثلاثة أقوال وأنكر صاحب التنبيهات القول الثالث وقال المتوجه عكسه وهو كراهتها جماعة لافذا وهي ركعتان بغير أذان ولاإقامة ومذهبنا لاينادى الصلاة جامعة وقال القاضي عياض إن النداء بذلك حسن ويكبر في الأولى سبعاً بالاحرام وفي الثانية ستا بالقيام ويتربص بينهما بقدر تكبير من خلفه ومن لم يسمعه تحرى تكبير الامام وكبر ويرفع يديه في الأولى خاصة على المشهور وروى مطرف يرفع في الجميع (فرع) إذا نسى التكبير وقرأ ثم ذكر قبل الركوع فإنه يرجع فيكبر ثم يعيد القراءة ويسجد بعد السلام لزيادة القراءة التي قبل التكبير فإن لم يتذكره حتى رفع رأسه من الركوع تمادى وسجد قبل السلام فإن ذكره وهو راكع فقولان المشهور أنه يفوت كما إذا دكر بعد رفع رأسه وقيل يرجع كما لو تذكر وهو قائم
فرع) من أدرك الامام في القراءة فإن وحده في الركعة الأولى كبر سبعا بالاحرام وليس ذلك فضاء في صلب الإمام لخفة الأمر إذ ليس الكبير كاجزاء الصلاة وقال ابن
وهب يكبر للاحرام فقط وإن وجده في الثانية فقال ابن القاسم يكبر ستا بالاحرام ويقضي ركعة بسبع يعد فيها تكبيرة القيام واستشكل قيامه هنا بالتكبير مع كونه جلس على واحدة وقال ابن حبيب يكبر ستا دون الاحرام ويقضي ركعة بست والسابعة تقدمت للاحرام ولايكبر للقيام لجلوسه في غير محل الجلوس التوضيح وهو الأظهر فإن أدرك الامام قدر رفع رأسه من ركوع الثانية قضى الأولى بسكت تكبيرات بعد قيامة وهل يقوم بتكبيرة أخرى زائدة على الست كما هو الشأن فيمن لم يدرك مايعتد به أو يقوم بغير تكبير قولان ثم يقتضى الركعة الثانية بست بالقيام وقراءتها بسبع والشمس جهراً ابن حبيب بقاف واقتربت ثم يخطب بعدها كخطبة الجمعة ويفتتح الخطبة بسبع تكبيرات اتباعا ثم يكبر ثلاثا في أثنائها ولم يجده مالك وله تكبير الحاضرين بتكبيرة قولان وينصت للخطيب ويستقبل فإن أحدث في الخطبة تمادى لأنها بعد الصلاة ولو قدم الخطبة على الصلاة أعادها بعدها استحبما وإيقاعها في الصحراء أفضل من المسجد إلا بمكة فإن وقعت في الصحراء فلا يتنقل الإمام والمأموم لاقبلها ولا بعدها وفى المسجد يجوز التنفل قبلها وبعدها على المشهور ووقتها من حل النافلة إلى الزوال ولاتقتضى بعده ومن سننها الغسل والطيب والتزين باللباس والفطر قبل الغدو في الفطر وتأخيره في النحر والمشى راجلا والرجوع من طريق آخر والخروج بعد الشمس إن كان يدركها خرج حينئذ وإن خرج قبل ذلك ويكبر في الطريق يسمع نفسه ومن يليه في المصلى حتى يخرج الإمام فيقطع ولايكبر إذا رجع ويكبر في العيدين الفطر والأضحى وسأل سحنون ابن القاسم هل عين مالك التكبير فقال لا وما كان مالك يجد مثل هذا واختار ابن حبيب أن يقول أن الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله أكبر الله الله أكبر ولله الحمد على ماهدانا اللهم اجعلنا لك من الشاكرين وزاد أصبغ على ذلك الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحانه الله بكرة وأصيلا ولا حول ولاقوة
إلا بالله ويستحب التكبير عقيب خمسة عشر فريضة وقيل ست عشرة أولها ظهر يوم النحر وفي التكبير عقب النوافل قولان المشهور لايكبر عقبها ولاعقب المقضية في تلك الأيام منها أو من غيرها ولفظة الله أكبر ثلاثا وفي المختصر لابن عبد الحكم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ويكبر ناسياً إن ذكره بالقرب ويكبر المؤتم تركه امامه فإن ترتب سجود بعدى فيكبر بعده (فائدة) سئل مالك رضي الله تعالى عنه عن قول الرجل لأخيه يوم العيد تقبل الله منا ومنك وغفر لنا ولك فقال لا أعرفه ولا أنكره قال ابن حبيب لم يعرفه سنة ولم ينكره على من قاله لأنه قول حسن قال ابن حبيب ورأيت أصحابه لايبتدئون به ولاينكرونه على من قاله ويردون عليهم مثله ولا بأس عندى بالبداءة به. قوله استسقاء: الاستسقاء طلب السقي كما أن الاستفهام طلب الفهم وهو سنة عند الحاجة إلى الماء لزرع أو شرب حيوان فلذلك يستسقى من صحراء أو بسفينة وقلة النهر كقلة المطر قال أصبغ استسقى بمصر للنيل خمسة وعشرين يوما متوالية وحضره ابن القاسم وابن وهب وغيرهما وروى أبو مصعب عن مالك أن البروز للاستسقاء لايكون إلا عند الحطمة الشديدة وفي إقامة المخصبين لصلاة الاستسقاء لأجل المجد بين نظر قال اللخمي ذلك مندوب إليه الخبر من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل وخبر دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستحبابه ويخرجون إلى المصلى في ثياب بالية أذلة راجلين يخرجون من طريق ويرجعون من أخرى كالعيدين ويصلى ركعتين كالنوافل جهراً ثم يخطب على الأرض بعدهما كالعيدين ويبدل التكبير بالاستغفار ويبالغ في الدعاء آخر الخطبة الثانية ويستقبل القبلة حينئذ ويحول رداءه تفاؤلا مايلى ظهره إلى السماء وما على اليمين على اليسار ولا ينكسه كذلك يفعل الرجال قعودا ولا يخرج إليها من لايعقل من الصبيان على المشهور ولا الحائض ولا البهائم والمشهور أن أهل الذمة لايمنعون من الخروج للاستسقاء وينعزلون بموضع عن المسلمين ولايخرجون فى يوم لم يخرج فيه المسلمون ويستحب صيام ثلاثة أيام قبله والصدقة ويأمر الإمام بالتوبة ورد التباعات ويجوز التنفل بالمصلى قبلها وبعدها على المشهور قوله فجر رغيبة وتقضى للزوال المشهور أن الفجر رغيبة كما قال وقيل سنة ومعنى كونه يقضي أنه إذا ضاق الوقت عن ركعتي الفجر قضاهما بعد طلوع الشمس وحل النافلة إلى الزوال وكون مايفعله قضاء هو أحد القولين وقيل ركعتان ينوب له ثوابهما عن ثواب ركعتي الفجر وكون القضاء إلى الزوال لا بعده هو المشهور وعن أشهب يقضى بعد الظهر وفي الليل والنهار
(فرع) من لم يصل الصبح ولا الفجر حتى طلعت الشمس فالمشهور أنه يقدم الصبح على الفجر وقال ابن وهب يقد الفجر (فرع) شرط ركعتي الفجر أن ينوي لهما نية معينة وأن يصليهما بعد طلوع الفجر فإن صلى ركعة قبله وركعة بعده لم يجزه ولو تحرى على المشهور خلافا لعبد الملك (فرع) من دخل المسجد فوجد الإمام فى الصبح أو أقيمت وهو فى المسجد ولم يكن صلاهما دخل مع الإمام على المشهور وفي الجلاب يخرج ويركعهما إن اتسع الوقت وأما إن أقيمت عليه الصبح وهو خارج المسجد فقال مالك فى المدونة إن لم يحف فوات ركعة فليركعهما خارجه وإن خاف ذلك دخل مع الامام (فرع) قال في السليمانية وصلاة الفجر في المسجد أحب إلى منها في البيت لأنهما سنة وإظهار السنة خير من كتمانها ومن دخل المسجد بعد طلوع الشمس صلاها وتكفيه عن التحية وقيل لاتكفى عنها فيصليهما بعد التحية (فرع) من ركع الفجر في بيته ثم أتى المسجد ففي ركوعه روايتان مشهورتان وعلى الركوع فهل بنية ركعتي الفجر أو بنية تحية المسجد التوضيح وهو الظاهر وقراءتها بأم القرآن فقط على المشهور وقيل وسورة قصيرة وقيل: {قولوا آمنا بالله} (الآية) فى الأولى {وقل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة} الآية. في الثانية وقل الشيخ رزوق روى ابن وهب أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ فيهما بقل ياأيها الكافرون وقل هو الله أحد وهو في مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه وقد جرب لوجع الاسنان فصح وما يذكر من قرأها بألم وألم لم يصبه ألم لا أصل له وهو بدعة أو قريب منها قوله والفرض يقضى أبدأ وبالتوالي لما ذكر أن الفجر يقضي إلى الزوال لا بعده أفاد هنا أن من عليه فرض أي صلاة فرض فإنه يجب عليه قضاؤه أبدا ولا يسقط عنه بمضى زمانه ولو طال وإن هذا الفرض إن تعدد يجب قضاؤها مرتبا كما فاته وعلى ذلك نبه بقوله وبالتوالى واعلم أن قضاء الفوائت واجب على الفور لايجوز إلا لعذر قال ابن رشد ليس وقت المنسية بمضيق لايجوز تأخيرها عنه بحال كغروب الشمس للعصر وطلوعها للصبح لقولهم إن ذكرها مأموم تمادى وكذلك الفذ عند ابن حبيب وإنما يؤمر
بتعجيلها خوف معالجة الموت ويجوز تأخيرها لمدة حيث يغلب على ظنه أداؤها قال في المدونة يصلى الفوائت على قدر طاقته ابن أبي يحيى قال أبو محمد صالح أقل مالا يسمى به مفرطاً أن يقضى يومين في يوم ابن العربي توبة من فرط في صلاته أن يقضيها ولا يجعل مع كل صلاة صلاة ولايقطع النوافل لأجلها وإنما يشتغل بها ليلا ونهاراً ويقدمها على فضول معاشه وأخبار دنياه ولايقدم عليها شيئا إلا لضرورة المعاش ولايشتغل في أموره الزائدة على حاجته حتى إذا جاء وقت الصلاة أقبل على قضاء الفوائت وترك النوافل فهذا مأثوم بن ناجى ونقل التادلى أن من قضى يومين في يوم لم يكن مفرطاً وهو أقل القضاء ابن ناجى وماذكره لا أعرفه وأفتى ابن رشد بأن من عليه فوائت لاينتقل سوى الشفع والوتر والفجر ونحوها قائلا فإن فعل اثيب وأثم لترك القضاء وقال ابن العربى يجوز له أن يتنفل ولا يحرم من الفضيلة ويجب قضاء الفوائت سواء تركت سهوا أو عمدا أو جهلا كالمستحاضة تتركها جهلا يسيرة كانت أو كثيرة وتقضى في كل وقت من ليل أو نهار ولو والإمام يخطب في الجمعة فإن كان ممن يقتدى به أخبر من يليه أنه يصلى الفرض نظر المعيار ويقضيها على نحو مافاتته من سر ولو قضاها ليلا أو جهرا ولو قضاها نهارا. وإن فاتته في السفر صلاها ركعتين ولو بعد أن حضر وإن فاتته في الحضر فأربعا ولو قضى في السفر لأن صلاة السفر قد قيل إنها الأصل وأما إن تركها وهو صحيح ثم مرض
فإنه يصليها على قدر طاقته لوجوب القضاء وإن تركها وهو مريض ثم صح فإنه يقضيها على أتم وجوهها لأن صلاته لها بقدر طاقتها لعارض المرض وقد زال واعلم أن الترتيب المشار إليه بقوله وبالنوال على ثلاثة أقسام ترتيب الصلاتين الحاضر في الوقت لايشمله كلام الناظم لأن كلامه في قضاء الفوائت وترتيب الفوائت فيما بينها وترتيب الفوائت مع الحاضرة فأما القسم الأول وهو الترتيب بين الحاضرتين فمثاله ظهر وعصر من يوم واحد فترتيبهما بأن يصلى الظهر أولا ثم العصر بعدها واجب شرط مع الذكر ساقط مع النسيان فإن نكس فصلى العصر أولا ثم الظهر فإن كان عامدا أعاد العصر أبدا اتفاقا وكذلك الجاهل عند ابن رشد وإن كان ناسيا أعاده في الوقت فإن لم يعده حتى خرج الوقت فمشهور قول ابن القاسم عدم الإعادة وسواء ترك الاعادة في الوقت عمدا أو جهلا بالحكم أو ببقاء الوقت أو نسيانا المشهور لايعيد بعده راجع القلشاني وأما القسم الثاني وهو ترتيب الفوائت في أنفسها إن كان يعلم ترتيبها فذكر ابن
هرون في ذلك ثلاثة أقوال الوجوب والسنية والوجوب مع الذكر والسقوط مع النسيان قال وهذا هو الذي يؤخذ من التهذيب ابن رشد فإن قدم بعض الفوائت على بعضها متعمداً أو جاهلا كما إذا نسي الصبح والظهر فذكرهما فقدم الظهر ذاكراً للصبح فثلاثة أقوال الأول ليس عليه إعادة الصلاة التي صلاها لأنها مفعولة قد خرج وقتها والثاني أن عليه إعادتها والثالث الفرق بين أن يتعمد الصلاة قبل الأولى وبين أن يدخل في الثانية ناسيا ثم يذكر الأولى ويتمادى عليهااهـ على نقل التوضيح ومعنى القول الثالث أنه إن تعمد التنكيس أعاد الثانية وإن نكس ناسيا فلا يعيدها والله أعلم وقال ابن رشد أي قول ابن القاسم أنه لا إعادة عليه لأنه إذا صلاها فقد خرج وقتها ولأنه وضعها في موضعها وأما إن قدم بعضها على بعض ناسيا فلا إعادة عليه المواق انظر مسألة تعم بها البلوى بالنسبة لمن فرط في صلوات كثيرة ثم رجع على نفسه وأخذ في قضاء فوائته شيئا فشيئاً فقد تطلع عليه الشمس وعليه صبح يومه أو تغرب الشمس وعليه صلاة يومه هل يستحسن أن يترك الناس وماهم اليوم عليه أنهم يبدأون بقضاء هذه الفائتة القريبة ويقدمونها على الفوائت الكثيرة القديمة فإن الذمة تبرأ بذلك على المشهور وربما إن لم يقدموها على الفوائت القديمة يتكاسلون عن الاشتغال عوضها بشيء من فوائتهم القديمة أنظر آخر العواصم من القواصم فإنه يرجع هذه المآخذ أي هل يترك ماجرى عمل الناس عليه من تقديم الفائتة القريبة ويقدم الفوائت البعيدة كما تقتضيه نصوص الأئمة في ترتيب الفوائت أو يفعل ماجرى به عمل الناس من تقديم الفائتة القريبة فإن الذمة تبرأ إلى آخر كلامه وأما القسم الثالث وهو ترتيب الفوائت مع الحاضرة فعلى أربعة أوجه لأن الفوائت إما يسيرة أربع صلوات على قول أو خمس على قول أو كثيرة وهي ماكان أكثر من ذلك وفي كلا الوجهين إما أن يكون قد صلى الحاضرة أو يكون لم يصلها إلى الآن فإن كانت الفوائت يسيرة وهو لم يصل الحاضرة قدم الفوائت اليسيرة وإن أدى إلى الاشتغال بها إلى خروج وقت الحاضرة وإن كان قد صلى الحاضرة قضى الفوائت وأعاد الحاضرة إن لم يخرج وقتها وإن كانت الفوائت كثيرة وهو لم يصل الحاضرة قدم الحاضرة ثم صلى الفوائت ولايعيد بعدها الحاضرة وإن لم يخرج وقتها وإن كان قد صلى الحاضرة صلى الفوائت الكثيرة ولم يعد الحاضرة أيضا قال في المدونة إن ذكر أربع صلوات فأدنى بدأبهن فإن لم يذكرهن حتى صلى فليصل ماذكر ويعيد التى صلى إن كان في وقتها وإن ذكر خمس صلوات فأكثر بدأ بالحاضرة ثم يصلى ماذكر بعد ذلك ولايعيد الحاضرة وإن كان في وقتها وكذلك لو ذكرهن بعد ماصلى الحاضرة أي ذكر الخمس فأكثر فإنه
يصلي ماذكر ولايعيد الحاضرة ابن الحاجب ولو بدأ أي من عليه يسير الفوائت الحاضرة سهواً صلى المنسية وأعاد في الوقت وفي تعيين وقت الاختيار أو الاضطرار قولان وعمدا كذلك وروى ابن الماجشون يعيد أبدا اهـ مثاله من عليه الظهر ثم بعد أن صلى العصر والمغرب ناسيا لكونه لم يصل الظهر أو ذاكرا لذلك فالمشهور في الصورتين أنه يصلى الظهر ثم يعيد المغرب لبقاء وقتها دون العصر لخروج وقته وقد تقدم هذا في قول المدونة فان لم يذكرهن حتى صلى فليصل ماذكر ويعيد التي صلى إن كان في وقتها إلا أنه لم يذكر فيها حكم العامد والله أعلم (تنبيه) ماتقدم في هذا القسم الثالث من تقديم الحاضرة على كثير الفوائت هو المشهور وقال محمد بن عبد الحكم إذا كان عليه صلوات كثيرة إن صلاها كلها فاته وقت الحاضرة فإنه يصلي بعض تلك الصلوات فإن خاف فوت الحاضرة صلاها ثم صلى مابقى واعلم أن ذكر الفوائت فى وقت صلاة حاضرة ثلاثة أحوال قبل الدخول في الصلاة أو بعد الفراغ منها وتقدم حكمهما القسم الثالث والحالة الثالثة أن يذكر الفوائت وهو في الصلاة الحاضرة الوقت فإن كانت الفوائت كثيرة تمادى ولا اشكال لأنه إذا كان إن ذكر كثير الفوائت قبل الدخول في الحاضرة قدم الحاضرة فأحرى إن لم يذكرها حتى كان في الحاضرة وإن كانت يسيرة فلا يخلو هذا الذاكر إما أن يكون أماما أو مأموماً أو فذا فأما الإمام فقال في المدونة قال مالك إن ذكر الامام صلاة نسيها فليقطع مالا ويعلمهم فيقطعون المواق ومقتضى ما لابن عرفة لافرق بين الجمعة وغيرها فيقطع مطلقاً هو ومامومه على المشهور وأما المأموم فقال في المدونة قال مالك وإن ذكر صلاة وهو خلف الإمام تمادى معه فإذا سلم الإمام سلم معه ثم صلى مانسى ويعيد ماكان فيه مع الإمام إلا أن يكون صلى قبلها صلاة يدرك وقتها ووقت التي صلى مع الإمام فيعيدهما جميعها بعد الفائتة مثل أن يذكر الصبح وهو مع الإمام في العصر فإنه إذا سلم الامام صلى الصبح ثم أعاد الظهر والعصر اهـ وأما الفذ فقال في المدونة قال مالك إن ذكر فذ صلاة نسيها وهو في فريضة غيرها قطع مالم يركع وصلى مانسى ثم يعيد التي كان فيها وإن صلى ركعة شفعها ثم يقطع وإن ذكر وهو في شفع سلم ثم صلى مانسى وأعاد التي كان فيها وإن ذكرها بعد ماصلى من هذه ثلاثا أتمها أربعا اهـ وهل يتمها أربعا بنية الفرض قاله ابن يونس أو بنية النقل وهو قول فضل وقبله التونسى وعياض وابن عرفة وإن ذكر اليسيرة
في صلاة فذ فعن مالك يستحب القطع وعنه أيضا يجب ابن رشد في المدونة يستحب القطع إن أحرم ذاكرا المازري مذهب المدونة من صلى صلاة ذاكرا الأخرى لم تفسد صلاته بل يعتد بها وإنما يعيدها في الوقت استحبابا (تنبية) ماتقدم من تمادى المأموم هى إحدى مساجين الإمام الثلاث والثانية من ضحك مع الإمام غلبة فتمادى أيضا ويعيد أما إن كان مختارا فلا خلاف في بطلان صلاته وقطعها فذا كان أو إماما أو مأموماً والثالثة المسبوق الذي وجد الإمام راكعا فكبر تكبيرة نوى بها الركوع ناسيا للاحرام وهل صلاة هذا الماموم في هذه المسائل الثلاث صحيحة فتماديه واجب وإعادته مستحبة أو واجبة إذ لامنافاة بين وجوب التمادى ووجوب الإعادة كما يأتى عن الجلاب لأن الشك في الصحة بسبب الخلاصير الجميع راجيا أو هي باطلة فتماديه مستحب لفضل الجماعة وإعادته واجبة أبدا لبطلان صلاته أما مسألة المأموم يذكر يسير الفوائت مع الإمام فقال ابن الحاجب إن كان مأموماً تمادى وفي وجوب الإعادة قولان البساطى ظاهر هذه العبارة أن القولين الإعادة أبا والاعادة في الوقت لاستلزام وجوبها كونها أبدية واستحبابها كونها في الوقت ولم يتعرض المؤلف
لشرح هذا في توضيحه اهـ قلت وكذا لم يتعرض لشرحه ابن عبد السلام وقول الشيخ خليل لامؤتم فيعيد في الوقت ولو جمعة يقتضى صحة الصلاة ووجوب تماديه عليها واستحباب الاعادة ولذا قيدها بالوقت وأما مسألة من ضحك مع الإمام علبة فيظهر من نفل الإمام المواق والإمام القلشاني بطلان صلاته ووجوب اعادتها أبداً واستحباب التمادى مراعاة لمن يقول بصحتها ونص الأولى روى ابن حبيب من فهقه عامداً أو ناسيا أو مغلوبا فسدت عليه صلاته فإن كان وحده قطع وإن كان مأموماً تمادى وأعاد وإن كان اماما استخلف في السهو والغلبة ويبتدى في العمد انتهى فهذه رواية ابن حبيب عن مالك لاقول لابن حبيب ونص الثاني قال عبد الوهاب إنما تمادى المأموم لأن الضحك ليس بمتفق على أنه مفسد وجاز عند بعض العلماء أن تكون هذه الصلاة صحيحة وكانت صلاته متعلقة بصلاة إمامه فوجب لأجل ذلك موافقته لإمامه فقوله وجاز عند بعض العلماء أن تكون إلى آخره يظهر منه أن المشهور البطلان وأما مسألة المسبوق الذي وجد الإمام راكعا فكبر تكبيرة نوى بها الركوع ناسيا للاحرام ففي شرح الامام الجزولي أنه يتمادى وجوبا ويعيد استحبابا وقيل بالعكس اهـ فعلى الأولى صلاته صحيحة واستحباب إعادتها مراعاة لمن يقول ببطلانها وعلى الثاني باطلة فاستحباب التمادى مراعاة لمن يقول بالصحة وجوب الإعادة لكونها باطلة
وفي التوضيح نحوه ولفظه أهل يتمادى وجوبا وهو ظاهر المذهب أو استحبابا وهو الذي في الجلاب ثم قال التلمساني فاختلف في الإعادة هل هي واجبة أو ندب فقال ابن القاسم يعيد احتياطيا وذكر ابن الجلاب أنه يعيد صلاته وجوبا ففهم اهـ التلمساني من الاحتياط عدم الوجوب وكذلك فهم غيره والذي يظهر أن معناه الوجوب أي كما قاله الجلاب فإن قلت لايمكن أن يكون معنى الاحتياط الوجوب لأنه إذا كان التمادى واجبا فلا يأمر بالاعادة أي وجوبا لأن الانسان لايجب عليه صلاتان فالواجب أنه لا منافاة بينهما لجواز أن تكون هذه الصلاة غير مجزئة ولكنه أمره بالتمادى مراعاة للخلاف وقد صرح مصنف الارشاد بالإعادة إيجاباً فقال وأعاد إيجاباً وقال ابن الماجشون استحباباً اهـ وقد قرر الإمام المواق وتبعه ابن غازي قول الشيخ خليل كتكبيرة للركوع بلا نية إحرام وذكر فائتة على أنه شبه هاتين المسألتين بمسألة القهقهة في تمادى المأموم وقطع غيره أي لا في البطلان منه البطلان في مسئلة القهقهة والصحة في الأخريين والله أعلم وقد تقدم أن عد المسألة ذاكر الوتر في الصبح مع هذه النظائر جار على غير المشهور ولنختم هذا الفصل بذكر ضوابط وقواعد يستعان بها على معرفة مايجب على من عليه صلوات لايدري عينها أو داره وجهل ترتيبها على القول بوجوبه قال الإمام أبو عبد الله المازري أكثر الناس من هذا ومداره على اعتبار تحصيل اليقين ببراءة الذمة فيوقع من الصلوات إعداداً على ترتيب مايحيط بجميع الحالات الشكوك فمن ذلك لونسى صلاة لايدري أي الصلوات الخمس فإنه يصلى الخمس الصلوات لأن كل صلاة من الخمس يمكن أن تكون هي المنسية فصارت حالات الشكوك خمساً فوجب أن يصلى خمساً ليستوفى جميع أحوال الشكوك وأما إن علم عين الصلاة ونسى يومها فإنه يصليها غير ملتفت لعين الأيام لأن الصلاة لاتختلف باختلاف الأيام اهـ وهذا في الصلاة الواحدة أما المتعددة فعلى قسمين مجهولة العين ومعلومته والمجهولة العين إما متوالية أو غير متوالية فالمجهولة العين المتوالية مثل نسيان صلاة وثانيتها أو صلاة وثالثتها أو ابعتها فما زاد على ذلك وضابط مايحيط بحالات الشكوك فيها أن يصلى لواحدة خمساً ثم كل مازاد واحدة في المنسى زادها في المقضى ففي الصورة الأولى حيث نسى صلاتين يصلى ست صلوات متوالية ويستحب له تقديم الظهر وفي الثانية سبعا وفي الثالثة ثمانيا ولو ترك خمساً لصلى تسعاً وهكذا المجهولة العين غير المتوالية كصلاة وثالثتها أو صلاة ورابعتها أو صلاة وخامستها والحكم في ذلك أن يصلى ستاً لكن غير المتوالية بل يثنى بالمنسى ففي صلاة وثالثتها إذا بدأ الظهر مثلا يثني بثالثتها وهي
المغرب ثم بثالثة المغرب وهي الصبح ثم بثالثة الصبح وهي العصر وهكذا إلى أن يكمل ستا وفي صلاة ورابعتها يثنى برابعة الظهر وهي العشاء ثم برابعة العشاء وهي العصر وهكذا إلى أن يكمل ستا وفي صلاة وخامستها يثنى بالخامسة وهي الصبح ثم بخامسة الصبح وهي العشاء إلى أن يكمل ستا وإن نسى صلاة وسادستها فهما صلاتان متماثلتان من يومين لأن سادسة كل صلاة مثلها فسادسة الظهر ظهر وسادسة العصر عصر وهكذا وحكمه أن يصلي الخمس الصلوات مرتين المازري فيصلى صبحين وظهارين وعصرين ومغربين وعشاءين ابن عرفة قوله يصلي كل واحدة من الخمس ثم يعيدها غير لازم لحصول المطلوب باعادة الخمس بعد فعلها نسقا وهذا أحسن لانتقال النية فيه من يوم لآخر مرة فقط وفيما قاله تنتقل خمسا اهـ وكل مازاد على ذلك فانه يرجع لما ذكر كصلاة وسابعتها وثامنتها ونحو ذلك وضابط ماراد على صلاة وسادستها أن تقسم عدد المعطوفة على خمس فإن انقسم فهي خامستها فيصلى ستا يثنى بالخامسة كما تقدم مثاله نسى صلاة وعاشرتها أو صلاة وخامسة عشرتها وإن لم ينقسم وبقي واحد فالثانية مماثلة للأولى فيصلى الخمس مرتين كما في صلاة وسادستها مثاله صلاة وحادية عشرتها أو سادسة عشرتها وإن لم ينقسم ولم يبق واحد فالباقى اسم للمنسية مثاله نسي صلاة وسابعتها فإذا قسمت على المعطوفة على خمس بقي اثنان فالمنسى صلاة وثانيتها وحكمه أنه يصلى ستا متوالية كما مر في المجهولة العين المتوالية وصلاة وثامنتها الباقي ثلاثة فالمنسي صلاة وثالثتها وصلاة وتاسعتها الباقي أربعة فالمنسي صلاة وأربعتها وقد تقدم حكم من نسي صلاة وثالثتها أو رابعهها وثانية عشرتها هي ثانيتها وهكذا وأن المعلومة العين كظهر وعصر من يومين لايدري السابقة منهما أو ظهر وعصر ومغرب من ثلاثة أيام لايدري ترتيبها فضابط مايحيط بحلالات الشكوك في ذلك أن تضرب عدد المنسيات في أقل منهما فواحد ثم تزيد واحداً على خارج الضرب ففي الصورة الأولى من هاتين تضرب اثنين عدد المنسيات فى واحد بائتين وتزيد واحداً فيصلى ظهراً وعصراً أو ظهراً وفي الثانية تضرب ثلاثة عدد المنسيات في اثنين بست وتزيد واحدا فيصلى ظهراً وعصراً ومغرباً ثم مثلها ثم ظهراً وإن كان عليه أربع فتضربها في ثلاثة بإثنى عشر وتزيد واحداً فيصلي ثلاث عشرة ظهراً وعصر ومغرباً وعشاء ثم مثلها ظهراً والمدار في هذا القسم على المحافظة على ترتيب الفوائت في أنفسها فقط لأنها معينة والمجهول ترتيبها وفي القسمين الأولين على تعيينها وترتيبها معاً قال الامام أبو عبد الله المازري إنما ذكرنا هذه
المسائل ليكد الطالب فيها فهمه فيكتسب من كده بفهمه فيها انتباهاً وتيقظا فيما سواها من المعاني الفقهية وغيرها مما يطالعه اهـ
الشيخ زروق ومتى لم يحصر ماعليه من صلاة أو زكاة أو غيرهما فإن التحري يكفيه ويحتاط لدينه بلا وسوسة وهي العمل على الشك بلا علامة بما يفعله كثير من التائبين من صلاة العمر مع كونهم لم يتركوها أو كانوا يفعلونها مرة واحدة لايصلح كذا سمعته من شيخنا ابى عبد الله بن يوسف السنوسي كبير تلمسان علماً وديانة ينفله عن القرافي في مجلسه وكنت أستحسنه قبل ذلك ففرحت به اهـ
نُدِبَ نَفْلٌ مُطْلقاً وأُكِّدَتْ
تَحيَّةُ ضُحَى تَرَاوِيحُ تَلَتْ
وقبل وتر مثل ظُهر عَصْر
وبعد مَغْرب وبعد الظهر
أخبر رحمه الله أن التنفل أي بالصلاة مندوب أي مستحب ومعنى الإطلاق أنه لاحد لعدد التنفل ولا زمان له مخصوص بل يستحب أن يفعل منه مااستطاع في كل وقت من ليل أو نهار يريد إلا في وقت النهي عن ذلك كما تقدم في الأوقات قبل قوله سنتها السورة بعد الواقية والمتأكد منه تحية المسجد وصلاة الضحى وتراويح رمضان وماقبل الوتر وهو الشفع وماقبل الظهر والعصر ومابعد الظهر والمغرب أما استحباب التنفل فلما صح من قوله عليه الصلاة والسلام مخبرا عن الله تعالى ولايزال عبدى يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه الحديث وأما تحية المسجد فلما في الصحيحين إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس قال أبو مصعب إلا أن يكثر دخوله فيجزئه الركوع الأول قال القاضي عياض تحية المسجد فضيلة قال مالك وليست بواجبة أبو عمر على هذا جماعة الفقهاء التوضيح لو قيل بسنية التحية مابعد ثم قال ثال علماؤنا وليست الركعتان مرادتين لذاتهما بل لأن القصد بهما تمييز المسجد من سائر البيوت فلذلك لو صلى فريضة اكتفى بها ولايخاطب بالركوع إلا مريد الجلوس فأما المار فقال مالك يجوز له ترك الركوع
(فرع) وتحية المسجد الحرام الطواف به قال بعضهم لما أمر الشارع بتحية المساجد إكراما لها وكان هذا البيت أرفعها قدراً وأعظمها حرمة جعل الله له مزية بالطواف به إكراما وإعزازاً ثم عند الفراغ من الطواف الذي أوثر به أمر بالركوع على النبى قال مالك في العتبية ويصلى النافلة في مصلى النبي ويتقدم في الفرض إلى الصف الأول وأما صلاة الضحى فقال ابن عرفة نص التلقين والرسالة أن صلاة الضحى نافلة قال أبو عمر فضيلة وهي ثمان ركعات وقد عدت أيضا في السنن ونقل في التوضيح عن ابن رشد أن أكثر الضحى ثمان ركعات وأقلها ركعتان ومن فوائده صلاة الضحى أنها تجزىء عن الصدقة التي تصبح على مفاصل الإنسان الثلثمائة والستين مفصلا كما أخرجه مسلم وفيه ويجزىء عن ذلك ركعتا الضحى وحكى الحافظ أبو الفضل الزين العراقى أنه اشتهر بين العوام أن من يقطعها يعمى فصار كثير منهم يتركها لذلك وليس لما قالوه أصل بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على ألسنة العوام ليحرم الخير الكثير لاسيما إجزاءها عن تلك الصدقة وروى الحاكم أمرنا رسول الله أن نصلى الضحى بسور منها والشمس وضحاها والضحى ومناسبة ذلك ظاهرة (بشارة) أخرج آدم بن إياس فى المتاب الثواب له «عن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله من صلى شفعة الضحى ركعتين إيماناً واحتسابا كتب الله له مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة ورفع له مائتي درجة وغفرت له ذنوبه كلها ماتقدم منها وماتأخر إلا القصاص» وفي سنن الترمذي وابن ماجه من حديث «أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله من حافظ على شفعة الضحى غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر» الحطاب وشفعة الضحى بضم الشين المعجمة وقد تفتح ركعتا الضحى قال في النهاية من الشفع بمعنى الزوج وأما تراويح رمضان ففي الصحيح من
قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه قال ابن حبيب قيام رمضان فضيلة أبو عمر سنة والجمع له بالمسجد حسن فإذا أقيمت بالمسجد ولو بأقل عدد فالصلاة حينئذ في البيت أفضل قال في المدونة قال مالك قيام الرجل في رمضان في بيته أحب الى لمن قوى عليه وليس كل الناس يقوى على ذلك (فرع) قال في المدونة قال مالك ليس ختم القرآن سنة فى رمضان قال ربيعة ولو أمهم رجل بسورة حتى ينقضى الشهر لاجزأ اللخمى والختم حسن ابن الحاجب ويقرأ الثاني من حيث انتهى الأول وأجازها في المصحف وكرهه فى الفريضة فإن أبتدأ بغير مصحف فلا ينبغي أن ينظر فيه إلا بعد سلامة التوضيح قال سند كان الناس أولا يقومون إحدى عشرة ركعة قيام النبي إلا أنهم كانوا يطيلون ففي الموطأ أنهم كانوا يستعجلون الخدم بالطعام مخافة الفجر ثم خففت القراءة وزيد في الركعات فجعلت ثلاثا وعشرين ويقومون دون القيام الأول وفي الموطإ أن القارىء كان يقرأ بسورة البقرة ثمان ركعات فإذا قام بها باثنتى عشرة ركعة رأوا أن قد خفف ثم جعلت بعد وقعة الحرة تسعا وثلاثين خففوا من القراءة فكان القارىء يقرأ بعشرة آيات في الركعة فكان قيامهم بثلاثمائة وستين آية التوضيح استمر العمل شرقا وغربا في زماننا على الثلاث والعشرين ولمالك في المختصر الذي آخذ لنفسى من ذلك الذى جمع عليه عمر الناس إحدى عشرة ركعة وهي صلاة النبى (فرع) من سبق بركعة من تراويحه قال سحنون وابن عبد الحكم يقضى ركعة مخففا ويدخل معهم المواق قبل فصل الفوائت قد يستحب أن يتم النافلة جالسا إذا أقيمت عليه الصلاة وهو في النافلة وكذلك أيضا إذا كان مسبوقا في الأشفاع في رمضان (فرع) من دخل المسجد وهم يصلون القيام وعليه صلاة العشاء فروى ابن القاسم يصليها ويدخل معهم وقال ابن حبيب له تأخيرها ويدخل معهم فى القيام مالم يخرج الوقت المختار للعشاء وعلى القول الأول لايجزىء قيام رمضان قبل صلاة العشاء
وعلى القول الثاني يجوز ذلك كما يفعله بعض الناس في الصيف قال الإمام أبو عبد الله الأبى والمعروف أن يكون القيام بعد العشاء الأخيرة فلو أراد الإمام أن يقدمه عليها منع وكنت إماما بجامع التوفيق وهو بالربض فصليت قبل العشاء ودخلت فلقيت شيخنا أبا عبد الله بن عرفة فقال لي من استخلفت يصلي لك القيام فقلت صليته قبل العشاء فقال لي أعرفك أروع من هذا وهذا لايخلصك اهـ وتقدم الكلام على الشفع المتقدم على الوتر. وأما التنفل قبل الصلاة وبعدها فمندوب لقوله «من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم الله عظامه على النار» خرجه أبو داود وفي الموطأ وصحيح مسلم أن النبى قال «رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا وقال من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له عبادة اثنتى عشرة سنة» وفي المدونة لم يوقت قبل الصلاة ولابعدها ركوعا معلوماً وإنما يوقت في هذا أهل العراق الشيخ يستحب النفل بعد الظهر بأربع ركعات يسلم من كل ركعتين وكذا قبلها وكذا قبل العصر وبعد المغرب ركعتين وله في الرسالة إن تنفل بست ركعات فحسن الجلاب الركعتان بعد المغرب مستحبة كركعتى الفجر (تتمة) قال القاضى عياض ركعتان بعد الوضوء فضيلة وقال الباجى في شرحه على الموطإ هذا القيام الذي يقومه الناس في رمضان في المسجد مشروع في السنة كلها يوقعونه في بيوتهم وهذا أقل مايمكن في حق القارىء وإنما جعل ذلك في المساجد في رمضان لكي يحصل لعامة الناس فضل القيام بالقرآن كله وليسمعوا كلام ربهم في أفضل الشهور اهـ ونحوه لابن الحاج في المدخل (فرع) قال في الرسالة ثم يصلى الشفع والوتر جهرا وكذا يستحب في نوافل الليل الإجهار وفي نوافل النهار والإسرار وإن جهر في النهار تنفله فذلك واسع يريد وان أسر في الليل في تنفله فذلك واسع (فرع) والجمع في النوافل في موضع خفي الجماعة ويسيرة جائز فإن كان الموضع
مشتهرا وكانت الجماعة كثيرة كره ذلك على المشهور هذا في غير قيام رمضان كما مر التوضيح ومن هنا تعلم أن الجمع الذي يفعل من ليلة النصف من شعبان وأول من رجب ونحوه ذلك بدعة مكروهة وقد نص جماعة من الأصحاب على ذلك بل لو قيل بتحريم ذلك مابعد انتهى قلت ومن هذا المعنى والله أعلم ما أحدث في هذا الوقت عندنا من احياء ليلة العيد بجامع القرويين بجماعة كثيرة إلا أن يقال ينسحب عليه حكم رمضان قبله والله أعلم (تنبيه) مما يناسب ذكره هنا سجود التلاوة ابن الحاجب وسجود التلاوة فضيلة وقيل سنة وهي إحدى عشرة الأعراف والرعد والنحل يؤمرون وسبحان ومريم وأول الحج والفرقان والنمل العظيم والسجدة وص وأناب وثيل مآب وفصلت تعبدون وقيل لايسأمون وقال ابن وهب وابن حبيب خمس عشرة ثانية الحج والنجم والانشقاق آخرها وقيل لايسجدون واقرأ وروى أربع عشرة غير ثانية الحج فقيل اختلاف وقال حماد بن اسحق الجميع سجدات والاحدى عشرة العزائم كما في الموطأ أي التي يعزم على القارىء بالسجود عندها ويؤكد عليه ذلك والأربعة الأخرى دونها في التأكد ثم قال ابن الحاجب ويسجد القارىء وقاصد الاستماع إن كان القارىء صالحا للامامة فإن ترك القارىء السجود فني سجود المستمع قولان وفي مختصر الشيخ خليل مامعناه يكره تعمد قراءة السجدة في الفريضة والخطبة دون النافلة فإن قرأها في فرض سجد فإن كانت الصلاة سرية جهر بقراءتها خوف أن يظن به السهو فإن لم يجهر تبعه مأمومه وإن قرأها في الخطبة لم يسجد ويشترط في السجود شروط الصلاة من طهارة الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة وفي السجود المستمع وجود شروط الإمامة في القارىء ولا إحرام لها ولا سلام ويكبر للخفض والرفع وفي غير الصلاة ومن جاوزها بيسير سجد وبكثير إن كان في فريضة أعادها مالم ينحن للركوع فتفوت وإن كان في نافلة أعادها في ثانيته وهل قبل الفاتحة أو بعدها قولان وفي التوضيح إذا قرأ الماشى للسجدة سجدها وينزل الراكب إلا في السفر القصر قاله في الواضحة
فَصْلُ لِنقْضِ سُنَّةٍ سهوا يُسن
قَبْلَ السَّلَام سَجْدَتاَنِ أو سُنَنْ
إنْ أكِّدَتْ وَمَنْ يَزِدْ سَهْواً تَمامُ
وَاُستَدْرِكِ القَبْلى مَعَ قُرْبِ السَّلَامْ
وَاُسْتَدْرِكِ الْبَعْدِى وَلَوْ مِنْ بَعْدِ عَامْ
عَنْ مُقْتَدٍ يَحْمِلُ هذَيْن الامَامْ
…
وبطلت بعمد نفخ أو كلام
ذكر في هذا الفصل بعض مسائل السهو فأخبر رحمه الله أن من سها في صلاته بنقص سنة واحدة مؤكدة كما إذا أسر في حمل الجهر في الفريضة أو بنقص سنن متعددة كترك السورة التي مع أم القرآن في الفريضة أيضا لأن فيء تركها ثلاث سنن قراءتها وصفة قراءتها من سر أو جهر والقيام إليها فإنه يسن في حقه أي يطلب على جهة السنية أن يسجد سجدتين قبل للسلام يريد بعد فراغ تشهده ثم يعيد التشهد على المشهور ثم يسلم وقيل ولايعيده وأن من سها بزيادة كمن جهر في محل السر في الفريضة أيضا فإنه يسن في حقه أن يسجد أيضا سجدتين بعد السلام يريد يحرم لهما ويهوى بتكبيرة الإحرام للسجود ويتشهد ويسلم جهرا وأن من سها بزيادة مع نقصان كأن ترك السورة من الفريضة ويقوم للخامسة فإنه يغلب النقصان ويسجد قبل السلام وأن من ترتب عليه سجود قبلى فنسيه حتى سلم فتذكره بقرب السلام فإنه يسجد حينئذ ومفهومه أنه إن طال لا يستدركه ويفوت وهو كذلك ثم إن كان قد ترتب عن ترك ثلاث سنن بطلت الصلاة على المشهور وإن ترتب عن أقل من ذلك فلا سجود وصلاته صحيحة وأن من ترتب عليه سجود بعدى فإنه يسجده متى ذكره ولو ذكره بعد سنة أو أقل أو أكثر وأن الإمام يحمل عن المقتدى به سهو الزيادة والنقصان فإن سها المأموم دون إمامه فلا سجود عليه فقوله لنقص يتعلق بيسن أو سنن عطف على سنة وسهو احال من نقص وسجدتان نائب يسن وقيل السلام يتعلق بمحذوف صفة لسجدتان أي يسن سجدتان كاثنتان قبل السلام لنقص سنة أو سنن حال كون النقص سهوا وقوله إن أكدت الظاهر من جهة المعنى أنه شرط في ترتب السجود لترك سنة واحدة أما ترتب لنقص سنن أو لنقص سنة مع زيادة فلا يشترط تأكدها والله أعلم وحذف مفعول يزد ليشمل المزيد من القول والفعل والتشبيه في قوله كذا راجع إلى الحكم وهو السنية وإلى عدد السجدات كتب عليه الناظم بخطه أما حكم سجود سهو النقصان أو الزيادة أو هما معا فالمشهور أنه سنة كما قال وحكى ابن عرفة وابن الحاجب قولا بوجوبه ففي كل من سجود القبلى والبعدى قولان بالسنية والوجوب وأما محله فقال ابن الحاجب ففي الزيادة بعد السلام وفي النقصان وحده أو معهما قبله وروى التخيير يعنى إن شاء سجد قبل أو بعد كان السبب زيادة أو نقصانا أو هما معا وهذا القول حكاه اللخمى وأما السنن المؤكدة فقال في التوضيح ناقلا عن المقدمات وإنما يسجد
للمؤكد منها وهي ثمان قراءة ماسوى أم القرآن والجهر والإسرار والتكبير سوى تكبيرة الإحرام والتحميد والتشهد الأول والجلوس له والتشهد الأخير وأما ماسواها فلا حكم لتركها ولافرق بينها وبين الاستحبابات إلا في تأكيد فضائلها اهـ وقد تقدم للناظم التنبيه على تأكد هذه الثمان في عدد سنن الصلاة وإلى هذه الثمان الإشارة بقول بعضهم تقريبا للحفظ
سينان شينان كذا جيمان
تاءان عدد السنن الثمان
فالسينان السورة والسر لأن السين أول حرف فيهما والشينان التشهد الأول والأخر رمز لهما بأول حرف من أصول الكلمة إذ لو اعتير الزائد لا التبس بالتحميد والتكبير المشار لهما بالتاءين ولم يعكس ذلك لاتخاذ أول الأصول في الأولين وتعدده في الآخرين والجيمان الجهر والجلوس للتشهد وأما استدراك السجود القبلى أو البعدى فقال ابن عرفة إن سها عن سجود قبلى سجد بالقرب فإن طال فقال ابن رشد لاتبطل إلا إن كان عن ثلاث سنن وفي المدونة قال مالك من نسي سجود السهو بعد السلام فليسجد متى ماذكره ولو بعد شهر ولو انتقض وضوءه توضأ وقضاهما وأما حمل الإمام سهو المأموم ففي الرسالة وكل سهو سهاه المأموم فالإمام يحمله عنه إلا ركعة أو سجدة أو تكبيرة الإحرام او السلام أو اعتقد نية الفريضة وروى الدارقطني أن النبي «ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه» وفهم من قوله سهوا بالنسبة للزيادة والنقصان أن من نقص سنة عمدا أو زاد لاسجود عليه وهو كذلك أما ترك السنن عمدا فحكى ابن الحاجب فيه ثلاثة أقوال الصحة ولاسجود فيه وهو لمالك وابن القاسم لأن السجود أتى في السهو الثاني تبطل قاله ابن كنانة الثالث تصح ويسجد قاله أشهب وسيأتي الكلام على الزيادة عمدا أو سهوا وأنواعها في المبطلات إن شاء الله (تنبيه) ماتقدم في حل كلام الناظم من التمثيل لموجب السجور بترك السر أو الجهر في محله أو السورة إنما ذلك وفي الفرائض أما من ترك ذلك في النافلة فلا سجود عليه وكذا يخالف سهو الفريضة سهو النافلة وفيمن لثالثة ففي الفريضة لايرجع في النافلة مالم يعقد الركعة الثالثة وإذا رجع الفريضة أو النافلة فإنه يسجد بعد السلام لزيادة القيام نص عليه في المدونة فالمخالفة للفرض هنا إنما هي باعتبار الأمر بالرجوع فقط وكذا من ترك ركنا وطال فيعيد الفريضة لبطلانها دون النافلة إذ يجب عليه اعادتها إلا أن يتعمد
ابطالها وهذا معنى قولهم السهو في النافلة كالسهو في الفريضة إلا في خمس مسائل السر والجهر والسورة والقيام للثالثة وترك الركن مع الطول ولبعضهم في ذلك
وسهو بنفل مثل سهو بفريضه. سوى خمسة سر وجهر وسورة. وعقد ركوع جا بثالثة ومن. عن الركن قد يسهو وطال تثبت (فرع) من ترتب عليه سجود سهو فنسيه سجده في أي موضع ذكره إلا أن يترتب عليه من صلاة الجمعة فلا يسجده إلا في الجامع فإن سجده في غيره لم يجزه ولايشترط عين الجامع الذي صلى بل يطلب أن يوقعه في جامع تصح فيه الجمعة وهذا ظاهر في السجود البعدي وأما القبلي فإنما يتصور ذلك على قول ابن القاسم أن الطول معتبر بالعرف فعلى قوله إذا نسي الامام أو المسبوق الذي سها بعد مفارقة الامام أن يسجد قبل السلام فسلم وخرج من المسجد ثم تذكر بالقرب فيرجع ويسجده في الجامع وتسمح صلاته ولايتصور ذلك على قول أشهب أن الطول معتبر بالخروج من المسجد فعلى قوله إذا لم يتذكر حتى خرج من المسجد فات السجود ويبقى النظر في الصلاة فإن ترتب السجود على ترك ثلاث سنن بطلت وإن ترتب على أقل لم تبطل وفات السجود (فرع) من ترتب عليه سجود سهو سجده في أي وقت ذكره من ليل أو نهار قال ابن ناجى وذكر عبد الحق عن بعض شيوخه فرقا فقال إن ترتب من فرض ففي كل وقت ومن نافلة ففي غير وقت النهي عنها وهل هو تفسير أو خلاف قولان وهذا أيضا ظاهر في السجود البعدى والقبلى إذا ذكرت بقرب الصلاة وأما إن طال فلا سجود عليه على تفصيل في صحة الصلاة وبطلانها كما تقدم ويأتي (فرع) من المدونة قال من ذكر سجودا بعديا من صلاة مضت وهو فريضة أو نافلة لم تفسد واحدة منها قال ابن القاسم فإذا فرغ مما هو فيه سيجدهما ابن يونس وكذلك إن كانتا قبل السلام وهما لاتفسد الصلاة بتركهما فهما كالتي بعد السلام اهـ وأما ماتفسد بتركهما فإن طال مابين سلامه من الأولى واحرامه بالثانية بطلت الأولى وصار ذاكر الصلاة في صلاة وإن أحرم بالثانية بقرب سلامه من الأولى فيتصور في ذلك أربعة أوجه لأن السجود إما من فريضة أو نافلة وفي كل منهما اما أن يذكره في فريضة أو نافلة فإن كان السجود من فريضة فإن أطال القراءة في هذه الثانية أو ركع يريد انحنى ولو لم يرفع رأسه بطلت الأول ثم إن كانت هذه التي ذكر فيها نافلة أتمها وإن كانت فريضة قطعها إن لم يعقد ركعة فإن عقدها استحب له تشفيعها وإنما يقطع لوجوب ترتيب يسير الفوائت مع الحاضرة فإن كان مأموما تمادى كما مر فيمن ذكر صلاة في صلاة وإن لم يطل القراءة ولم يركع الغى مافعل في الثانية وسجد لاصلاح الأولى كانت الثانية فرضا
أو نقلا ورجع بغير سلام كان وحده أو إماما أو مأموما وإن ذكر السجود من نقل فتذكره في فرض تمادى ولاشيء عليه وإن كان من نفل وتذكره في نافلة فإن أطال القراءة أو ركع في الثانية تمادى ولاقضاء عليه للاولى وإن لم يطل فقيل يتمادى أيضاً وقال في المدونة يرجع إلى الأولى مالم يركع يعني أو يطول القراءة كما في الفرض ثم يبتدىء التي كان فيها إن شاء وسيأتي بيان السجود القبلى الذي تبطل الصلاة بتركه مع الطول عند قول الناظم وفوت قبلي ثلاث سنن وهذا التفصيل كله يجرى فيمن ذكر بعض صلاة في صلاة (فرع) من ترتب عليه سجود قبلي فاخره حتى سلم فلا شيء عليه وكذا لو قدم البعدى فسجده قبل السلام فلا يعيده بعده ولاشيء عليه ناسيا كان أو متعمداً مراعاة للخلاف (فرع) قال في التلفين للسهو سجدتان كثر أو قل كان عن نقص أو زيادة أو كليهما
(فرع) إذا أطال الجلوس أو التشهد أو القيام فقال ابن القاسم ذلك مغتفر وقال سحنون عليه السجود وفرق أشهب فقال إن أطال في محل يشرع فيه الطول كالقيام والجلوس فلا سجود عليه وان أطال في محل لم يشرع فيه الطول كالقيام من الركوع أو الجلوس بين السجدتين سجد قال في البيان وهو أصح الأقوال
(فصل)
أذكر فيه بعض مالا سجود فيه ممايتوهم فيه السجود وبعض مالا تبطل الصلاة به مما يتوهم بطلانها به أما اتفاقا أو على المشهور فمن ذلك قول الشهاب القرافي القاعدة أن من شك هل سها أو لم يسه فلا سجود عليه قال فانظر ماالفرق بين هذه القاعدة وبين من شك هل صلى ثلاثا أو أربعاً فإنه يبنى على ثلاث ويسجد بعد وقول الرسالة ومن لم يدر سلم أو لم يسلم سلم ولاسجود عليه وقول المدونة لو شك في سجدتى السهو أو في احداهما سجد ماشك فيه ولاسجود عليه في كل سهو سها فيهما وقول الامام مالك لو قرأ في الركعتين الأخيرتين بأم القرآن وسورة في كل ركعة سهوا فلا سجود عليه ابن يونس كما لو قرأ بسورتين أو بثلاث في كل ركعة مع أم القرآن في الأوليين ورواية ابن القاسم ان بدأ بسورة وختم بأخرى فلابأس وقول التلقين الفريضة لايجزىء عنها إلا الإيمان بها وفي المدونة قال مالك من سها فأسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام وإن جهر فيما يسر فيه سجد بعد السلام وإن كان شيئا خفيفاً من اسرار أو اجهار كاعلانه بآية أو نحوها في الاسرار فلا سجود عليه
وروى ابن القاسم خفيف الجهر يسر فيه عفو ابن عرفة ظاهرة قدر أو صفة ومن نسي فأسر الفاتحة في الصبح مثلا ثم تذكر فأعادها جهراً سجد على المشهور قاله مالك في العتبية وروى أشهب لاسجود عليه وكذا العكس على ظاهر كلام الشيخ خليلا كأن يجهر بالفاتحة في الظهر مثلا ثم يعيدها سرا وقال شارحه المواق ولم أجدها منصوصه وإن قرأ الفاتحة على وجهها ثم سها في السورة فتذكر قبل أن ينحنى فأعادها على صفتها المطلوبة فلا سجود عليه وأحرى في السجود إذا خالف في قراءة الفاتحة والسورة معاً ثم أعادهما وسمع أشهب لاسجود عليه وفي المدونة لاسجود على من قرأ السورة قبل الفاتحة ثم تذكر وأعاد فقرأ الفاتحة وأعاد السورة ولاعلى من قرأ السورة في الركعتين الأخيرتين وفي سماع في الذي شك في قراءة أم القرآن بعد أن قرأ السورة فرجع فقرأ أم القرآن والسورة أنه
لاسجود عليه في ذلك كله وكذا لاشيء على إمام أدار المؤتم من خلفه لما وقف على يساره إلى يمينه عياض المشهور أن يسير الفعل من جنسها عفوا كالإشارة بالحاجة واصلاح الثوب وحك الجسد وشبهه وكذا لاشيء عليه في إصلاح سترة سقطت ولافي مشى الصف والصفين لسترة أو فرجة أو لدفع مار بين أو للذهاب دابته سواء ذهبت أمامه أو يمينه أو عن يساره فإن بعدت قطع وطلبها ولا على مؤتم فتح على أمامه إن وقف فى فرض أو نفل وروى ابن حبيب لايفتح عليه إلا أن ينتظر الفتح أو يخلط آية رحمة بآية عذاب أو غير بكفر وإن لم يفتح عليه حذف تلك الآية وإن تعذر ركع ولاينظر مصحفا بين يديه وكذا لاشىء على من سد فاه في الصلاة لتثاؤب ويقطع القراءة حينئذ ولا على من بصق فى صلاته لحاجة أو نفخ نفخا يسيرا إن لم يصنعه عبثا إذ لم يسلم منه البصاق المازري فتنحنح لضرورة الطبع وأنين الوجع عفو وسمع ابن القاسم التنحنح للافهام منكر لاخير فيه ابن رشد كتنحنح الجاهل للإمام يخطىء في قراءته ابن يونس وعن مالك أنه كالكلام وعنه لاشيء فيه اللخمى واختلف فيمن تنحنح مختارا أو نفخ أو جاوب انسانا بالتنحنح أو بآية من القرآن أو فتح على من ليس معه في صلاته هل ذلك كالكلام أو لاشيء فيه والقول بأن الصلاة صحيحة إذا تنحنح أو نفخ أحسن ومن نظم الشيخ أبى الحسن على بن عطية الونشريسى رحمه الله آمين
النفخ يلحق بالكلام وبعضهم. زاد التنحنح والتأوه والأنين. وتأوخاً أو رفع صوت بالبكاء. وأشارة من أبكم لايستبين
ومن المدونة قال مالك لابأس بالتسبيح في الصلاة للرجال والنساء وضعف التصفيق لقوله مننابه شىء فى صلاته فليسبح ابن القاسم ومن استأذن رجلا في بيته وهو يصلى فيسبح به يريد أن يعلمه أنه في صلاة فلا بأس به ومن المدونة لايحمد المصلى إن عطش فإن فعل ففي نفسه وتركه خير له وسمع موسى لايعجبنى قوله لخبر سمعه الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات أو على كل حال أو استرجاعه وقال مالك من قال لسماع قراءة إمامه الاخلاص الله كذلك لم يعد ومن المدونة إن ابتلع حبة بين أسنانه وأنصت لمخبر يسيرا أو روح رجليه أو التفت غير مستدير فلا شيء عليه وروى ابن القاسم إن أرادته حية وهو يصلى قتلها ابن رشد وتمادى مالم يطل ومن المدونة لم يكره مالك السلام على المصلى لأنه قال من سلم عليه وهو يصلى فريضة أو نافلة فليرد بيده أو رأسه مشيرا سند اتفق الناس أن البكاء بالصوت مبطل إن كان من مصيبة أو رجع أو كان من الخشوع فلا شيء عليه ومن المدونة قال مالك لاشيء على المصلي إن تبسم ابن القاسم ساهيا كان أو عامدا الباجى لاخلاف أن الالتفات الخفيف لايبطل الصلاة ويكره لغير سبب والفروع كثيرة وتتبعها يخرج عن المقصود
وَبَطَلَتْ بِعَمْدِ نَفْخٍ أَوْ كَلَامْ
لِغَيْرِ إصْلَاح وَبِالْمُشْغِلِ عن
فَرْضٍ وقْتِ أعِد إذَا يُسَنّ
وحَدثٍ وسَهْوِ زَيْدِ المِثْل
قَهْقَهةٍ وَعَمدْ شُرْبٍ أَكْلِ
وَسَجْدَةٍ في وَذِكْرٍ فَرْضِ
أَقَلَّ مِنْ ستٍ كَذِكْر الْبَعْضِ
وَفَوْتِ قَبْلِىّ ثَلَاثَ سُنَنِ
بِفَضْلِ مَسْجَدٍ كَطُولِ الزَّمَنِ
أخبر رحمه الله أن الصلاة تبطل بأشياء منها تعمد النفخ أوتعمد الكلام لغير إصلاح الصلاة الرسالة والنفخ في الصلاة كالكلام والعامد لذلك مفسد لصلاته ابن القاسم وإن كان ساهياً سجد لسهوه ابن شاس من أكره على الكلام فتكلم كرهاً فإن لأنه تبطل المازري إذا تكلم عمداً لإنقاذ أعمى من الوقوع في مهلكة بطلت صلاته وإن كان الكلام واجباً وقال اللخمي إن كان هذا المصلي في خناق من الوقت لم يبطل كلامه الصلاة قياساً على المسايفة في الحرب وفهم من قوله لغير إصلاح أن تعمد الكلام لإصلاحها لايبطلها وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله
فقوله أو كلام عطف على نفخ مدخول لعمد ومنها مايشغل المصلي عن فرض من فرائض الصلاة أما مايشغله عن سننها فإنه لايبطلها إلا أنه يعيدها في الوقت ابن بشير إن شغله عن الفرائض أعاد أبداً وعن السنن ففي الوقت ويجري على تارك السنن متعمدا أو عن الفضائل لاشيء عليه ابن عبد السلام وهذا كلام لابأس به فقه المسألة وإياه اعتمد الناظم مشيرا إليه بقوله وبالمشغل وبالبيت وهو معطوف على يعمد المدونة ومن أصابه حقن أو قرقرة فإن كان ذلك حقيقياً فليصل وإن كان ممن يشغله أو يعجله في صلاته فلا يصلي حتى يقضي حاجته فإن صلى بذلك أحببت له الإعادة أبدا وقال الباجى عن بعض الأصحاب ماخف صلى به وإن ضم بين وركية قطع فإن تمادى أعاد في الوقت وإن شغله وأعجله فأبدا ومنها طرو الحديث فيها التلقين على أي وجه كان من سهو وعمد وغلبة وذلك اهـ
لما مر أن طهارة الحديث شرط ابتداء ودواما فقوله وحدث عطف على بالمشغل أو على بعمد على القولين تكرر المعاطيف هل كل واحد معطوف على ماقبله ممايليه أو كلها على الأول ومنها أن يزيد في الصلاة مثلها سهوا كأنه يصلي الرباعية ثمانيا أو الثنائية أربعا ابن الحاجب وكثير الفعل من جنس الصلاة سهوا غير منجبر وقيل أي في جبره في السجود وعدم جبره تبطل الصلاة قولان ثم قال والكثير أربع ركعات وقيل ركعتان والثنائية مثلها أي تبطل بزيادة ركعة فتلحق المغرب بالرباعية أي فلا تبطل على المشهور إلا بزيادة أربع وقيل بالثنائية فتبطل بزيادة ركعتين وتقدم أن الوتر لايبطل إذا شفعه وقوله وسهو عطف يحدث أو على بعمد وفهم من كلامه أن السهو بزيادة أقل من مثل الصلاة غير مبطل وهو كذلك على المشهور لكنه يسجد بعد السلام وأن الزيادة إن كانت عمداً مبطلة كانت مثلا أو أقله وهو كذلك كما يأتي قريباً ومنها القهقهة قال في المدونة قال مالك أن قهقهة المصلي قطع وابتدأ الصلاة وإن كان مأموما تمادى مع الإمام فإذا فرغ الإمام أعاد الصلاة وظاهره كانت القهقهة عمدا أو نسيانا أو غلبة التوضيح وهكذا وروى ابن القاسم عن مالك نقله التونسى وكذا قال صاحب البيان إنه لايعذر فيه بالغلبة ولا بالنسيان عند ابن القاسم خلافا لسنون وفي قوله إن الضحك نسيانا بمنزلة الكلام نسيانا ولابن المواز أيضا إذا صح نسيانه مثل ان ينسى أنه في صلاة اهـ وإلى هذا الخلاف أشار ابن الحاجب بقوله والقهقهة تبطل مطلقا وقيل عمداً اهـ فقول الناظعلى عمد أيضا مدخول للباء أي وبطلت بقهقهة كيف كانت كما مر ومنها تعمد الأكل والشرب قال الإمام التتائي ناقلا عن الذخيرة لإخالته الإعراض أى لشبهة الإعراض عن الصلاة والانصراف عنها التوضيح يقال أخاله يخيله إخاله إذا أشبه غيره اهـ
وإذا بطلت بتعمد أحدهما فأحرى أن تبطل بتعمدهما وهو كذلك وهذا التقدير مبني على أن العاطف لأكل على شرب المقدر هو أو وحذف أو
العاطفية قليل كما مر عند قوله في البراهين لو لم يك تقدم وصفه لزم البيت وأما على أنه الواو فلا يكون كلام الناظم صريحا في أن تعمد أحدهما فقط مبطل ومفهوم قوله عمد أن الأكل أو الشرب إن كان سهوا أي وقع واحد منها فقط لاتبطل به الصلاة بل ينجبر ذلك بالسجود وهو كذلك ابن الحاجب وفيها إذا أكل أو شرب في الصلاة أجزأ السهو سجود السهو اهـ. ومنها تعمد زيادة سجدة ونحوها وأحرى في البطلان زيادة ركعة ونحوها عمدا ابن عرفة يسير فعل من نوعها ولو سجدة مبطل وسهوه منجبر فقوله سجد عطف على شرب مدخول لعمد ومفهومه أن زيادة السجدة ونحوها إن سهوا لاتبطل وهو كذلك مالم يزد في الصلاة مثلها كما مر قريبا ومنها تعمد القىء قال في المدونة قال مالك من تقيأ عامدا ابتدأ أو لا يبنى إلا في الرعاف ابن رشد المشهور أن من زرعه قيء أو قلس فلم يرده فلا شيء عليه في صلاته ولا في صيامه وإن رده معتمدا وهو قادر على طرحه فلا ينبغى أن يختلف في فساد صومه وصلاته وإن رده ناسيا أو مغلوبا فقولان عن ابن القاسم
اهـ وقوله وقىء عطف على سجدة ومنها أن يذكر في صلاته فوائت من الفرائض خمساً فاقل فقوله وذكر عطف على بعمد الرسالة ومن ذكر صلاة في صلاة فسدت هذه عليه وإن كان مع إمام تمادى وأعاد والبطلان في هذه واللتين بعدها إنما هو ظاهر بالنسبة للإمام الفذ دون المأموم كما تقدم الكلام على ذلك في قضاء الفوائت ومنها أن يذكر في الصلاة بعد صلاة قبلها كأن يكون في العصر فيذكر ركعة أو سجدة من الظهر يريد وقد طال مابين الصلاة المتروك منها وهذا بالخروج من المسجد أو طول الزمان ولو لم يخرج منه كما نبه عليه بقوله مسجد الخ إذ هو راجع لهذه والتي بعدها فتبطل المتروك منها لعدم إصلاحها بالقرب وتبطل هذه التي هو فيها أيضا وهو مراده هنا لأن أمره آل إلى أن ذكر صلاة في صلاة وكذلك لو ذكر البعض في غير صلاة وقد يريد أيضا وقد طال مابين الصلاة التي تذكر سجودها وهذه فتبطلان أيضا الأولى لعدم سجوده لما ترك منها بالقرب والثانية التي تذكر السجود فيها لأنه صار ذاكر الصلاة في صلاة وهي مراد الناظم هنا وكذا ان ذكر ذلك في غير صلاة وقد طال مابين ذكره والصلاة التي ترك منها السجود المذكور فتبطل أيضا والحاصل أن هاتين المسألتين آيلتان إلى التي قبلهما وهي من ذكر صلاة في صلاة ولكن كلام الناظم هنا إنما انصب لبطلان الصلاة الثانية التي تذكر فيها بعض ماقبلها أو السجود المذكور وأما بطلان الأولى المتروك منها لعدم اصلاحها بالقرب فيأتي من قول الناظم قريبا والطول الفساد ملزم ابن عرفة ذكر مايبطل تركه في صلاة افتتحها بعد طول كذا فيها
وقول الناظم بفصل يتنازع فيه ذكر وفوت وباؤه للمصاحبة على حد أهبط بسلام أي معه ولو عبر بذلك أيضا مكان فوت لكان أظهر والله أعلم وكون الخروج من المسجد طولا هو قول أشهب وكون الطول معتبرا بطول الزمن هو قول ابن القاسم وفهم من كلامه أن ذكر بعض صلاة أو السجود القبلي المترتب على ثلاثة سنن ولم يطل مابين الصلاة المتروك منها ووقت ذكره لذلك لم يكن الحكم كذلك فإن كان لم يتلبس بصلاة أخرى أتى بالبعض المتروك أو بالسجود وصحت صلاته وإن تلبس بغيرها فإما أن تكون الأولى المتروك بعضها أو سجودها فريضة أو نافلة وفي كل منهما إما أن تكون التي تلبس بها فريضة أو نافلة فهي على أربعة أوجه وقد تقدمت في شرح الأبيات قبل هذه وكذلك تبطل على قول كما تقدم في صلاة المأموم الذي وجد الإمام راكعا فكبر للركوع ولم ينوها تكبيرة الاحرام ناسيا لها وتمادى مع الإمام ويعيد وهذه إحدى مساجين الإمام الثلاث كما تقدم وتبطل أيضا بالسجود قبل السلام لترك مستحب أو لترك تكبيرة واحدة على المشهور وتبطل أيضا إن ظن أنه أحدث أو رعف فانصرف ثم تبين أنه لم يصبه شيء فيستأنف ولايبني وكذلك تبطل على من سلم شاكا في تمام صلاته ثم أيقن بعد سلامه أنه كان أتمها وأحرى إذا أيقن أنه لم يتهما أو بقي على شكه
وَاستَدْرَكَ الرُّكْنَ فإِنْ حَالَ الرُّكُوعْ
فَأَلْغِ ذَاتَ السَّهْوِ والبِناَ يَطُوعْ
كَفِعْلِ مَنْ سَلَّمَ لَكِنْ يُحْرِمُ
لِلْباقِى والطُّولُ الْفَساد مُلْزمُ أخبر رحمه الله أن من نسي ركنا من أركان الصلاة أي فرضا من فرائضها كالركوع والسجود ثم تذكر فإنه يستدركه حينئذ أي يأتي به فإن لم يتذكره حتى ركع أي عقد الركوع وذلك بأن ينحني لركوع الركعة التي تلي الركعة المتروك منها إن كان المتروك ركوعا أو برفع رأسه إن كان المتروك غيره كالسجود وحال الركوع بينه وبين تدارك ماترك فإنه يلغي الركعة صاحبة السهو أي التي سها عن بعضها ويبني على غيرها هذا إن كان السهو في غير الركعة الأخيرة وإلى ذلك أشار بالبيت الأول فإن كان السهو في الركعة الأخيرة فإنه يتدارك ماترك منها فإن لم يتذكره حتى سلم وحال السلام بينه وبين تدارك ماسهاعنه فإنه يلغي الركعة المتروك بعضها أيضاً ويبني على ماقبلها ولكن هذا الذي لم يتذكر حتى سلم لابد أن يحرم لما بقي له من صلاته وهو قضاء الركعة الفاسدة فإن سلم ولم يحرم إلا بعد طول بطلت صلاته وإلى ذلك أشار بالبيت الثاني فالمانع من فعل المتروك فقط الموجب للاتيان بركعة برمتها إن كان الترك من غير الأخيرة هو عقد
الركوع في التي تليها وإن كان من الأخير فهو السلام وحال فعل ماض من الحيلولة بمعنى منع وركوع فاعل حال ومثال ذلك كما قرأ في ركعة ثم سجد ونسي الركوع فإن تذكره وهو ساجد أو جالس بين السجدتين أو في التشهد فقال مالك يرجع قائما ثم يركع ويستحب له أن يقرأ قبل أن يركع وإن ذكره وهو قائم في الركعة التي بعد تلك ورفع وسجد وصارت هذه مكان التي ترك منها الركوع ولو تذكره وهو راكع في التي بعدها فقال الإمام أبو عبد الله المازري تنازع الأشياخ في ذلك فقال بعضهم يرفع رأسه بنية إصلاح الأول وقال بعضهم بل يتمادى على هذه الركعة وتبطل الأولى اهـ
وهذا هو المشهور والله تعالى أعلم لقولهم كما يأتي وافق ابن القاسم أشهب على انعقاد الركعة بوضع اليدين في مسائل منها من نسي الركوع فلم يذكره إلا في ركوع التي تليها فهذا كالصريح في أنه يرفع للثانية وتبطل الأولى لأنه جعل الإنحناء مفوتا لاستدراك الركوع وإذا فات استدراكه بطلت ركعته وكذا لو قرأ وركع وسها عن الرفع من الركوع وتذكره جالساً أو ساجداً فقال أبو محمد يرجع الركوع محدود باثم يرفع ولو رجع معتدلا إلى القيام أبطل صلاته وظاهر كلام ابن حبيب أنه لايرجع محدودا بل قائما وانظر حكم مالو تذكر الرفع من الركوع وهو قائم وكذا أيضاً إذا قرأ وركع ورفع رأسه وشرع في القراءة للركعة الأخرى ناسيا للسجدتين ثم تذكر أو سجد واحدة ثم قام وتذكر يسجد مالم يرفع رأسه من الركوع التي تليها قال في المدونة قال مالك من صلى ركعة ونسي سجودها فذكر ذلك وهو في الثانية قبل أن يركع فليسجد سجدتين يريد أنه يخر لسجدتين فلا يجلس ثم يسجد قال ثم يقوم فيبتدىء القراءة للركعة ولو نسي سجدة من الأولى فذكرها قبل أن يركع للثانية أو بعد أن ركع ولم يرفع رأسه منها فليرجع ويسجد السجدة التي بقيت عليه يريد أنه يجلس ثم يسجد لأن عليه أن يفصل بين السجدتين بجلوس بخلاف الذي نسي السجدتين قال فإذا سجد قام فابتدأ قراءة الركعة الثانية فإن ذكر في الوجهين بعد مارفع رأسه من الركعة تمادى وكانت أول صلاته والغى الركعة الأولى وسجد في ذلك كله بعد السلام اهـ فألغيت لاستدراك السجود وهو رفع الرأس لا الإنحناء كما في الركوع ومراده في المدونة بالوجهين ترك سجدة واحدة أو سجدتين والله أعلم وماذكره الناظم من تدارك الركن مخصوص بغير النية وتكبيرة الإحرام فلا يتداركان لأنهما إذا اختلا أو اختل أحدهما لم يحصل الدخول في الصلاة وقد تقدم أنه إنما يتدارك الركن مالم يفت تداركه فإن فات تداركه فسدت تلك الركعة المتروك ركوعها مثلا أو
سجودها فتلغى كأنها لم توجد ويأتي بأخرى مكانها ويبني على ماصح له من صلاته وتتحول ركعاته فيصير ثانيته أولى وثالثته ثانية وهكذا وقد تقدم أيضا أن الفوات إما بعد الركعة التى تلي تلك الركعة إن كان الترك من غير الأخيرة وإما بالسلام إن كان المتروك من الأخيرة وأنه إن كان الترك من غير الأخيرة ولم يتذكر حتى عقد الركعة التي بعد تلك الركعة فسدت الركعة المتروك منها ويأتي بأخرى مكانها فإن كانت الفاسدة هي الأولى صارت هذه أولاه وإن كانت ثانيته صارت هذه ثانيته وهكذا وإن كان الترك من الأخيرة أو من غيرها ولم يتذكر في الوجهين حتى سلم فإنه يحرم ثم يأتي بركعة مكان الفاسدة وتكون هذه الركعة المأتي بها رابعة له فإن كانت الفاسدة الرابعة فلا إشكال وإن كانت الفاسدة هي الأولى صارت الثانية أولى والثالثة ثانية والرابعة ثالثة وهذه التي أتى بها رابعة وإن كانت الفاسدة هي الثانية صارت الثالثة ثانية وهي رابعة وإن كانت الفاسدة هي الثالثة صارت الرابعة ثالثة وهذه رابعة وهذا كله إن تذكر بقرب السلام ولم يخرج من المسجد أما إن لم يتذكر بالقرب بل بعد طول بطلت صلاته ولو لم يخرج من المسجد على قول ابن القاسم وقال أشهب إن خرج من المسجد فصلاته باطلة وظاهره ولو مع القرب وإلى هذا كله أشار بقوله فإن حال الركوع إلى آخر البيتين وإلى هذا أشار أيضا في المدونة آخر النص المنقول عنها آنفا بقوله فإن ذكر في الوجهين بعد مارفع رأسه من الركعة تمادى وكانت أول صلاته وألغى الركعة الأولى وسجد فى ذلك كله بعد السلام قال مالك وعقد الركعة رفع الرأس منها وقال الإمام أبو عبد الله المازرى إذا ذكر سجدة من الركعة الرابعة بعد أن تشهد قبل أن يسلم فإنه يسجد إذا لم يحل بينه وبين ذلك حائل ويعيد تشهده لوقوعه في غير موضعه وإن لم يذكر حتى سلم فالمذهب في قولين قيل أن الحكم كذلك والسلام لايحول بينه وبين الإصلاح وقيل قد حال السلام بينه وبين الإصلاح فيقضي الركعة بحملتها وعزا ابن عرفة هذا القول لابن القاسم وسحنون والمغيرة وعزا القولى الأول لسماع ابن القاسم اهـ. والقول الثاني هو المشهور وعليه اعتمد الناظم (تنبيهات) الأول ماتقدم من أن من لم يذكر حتى سلم فإنه يحرم هو المشهور ولو تذكر بالقرب جد وقيل لايحتاج إلى إحرام وقيل إن قرب لم يحرم وإن بعد أحرم التوضيح وهذا كله مقيد بما إذا لم يطل جداً وأما لو طال لم يصح له البناء على المشهور خلافا لما في المبسوط وعلى القول بأنه يحرم إذا تركه فقال ابن نافع تبطل صلاته وقال ابن أبى زيد وغيره من مشايخ عصره لاتبطل ثم إن تذكر وهو جالس فإنه يحرم كذلك ولايطلب منه القيام اتفاقا وأما إن تذكر بعد أن قام فهل يطلب بالجلوس لأنها الحالة التي فارق عليها
الصلاة أو يجوز أن يحرم وهو قائم ليكون إحرامه بالفور قولان لابن شبلون وقدماء أصحاب ومالك وعلى الثاني فهل يجلس بعد الإحرام أو لا قولان الثاني أخر الناظم الكلام على سجود السهو في هذه المسألة إلى أن جمعه مع سجود المسألة التي بعدها حيث قال وليسجدوا البعدى لكن قد يبين لأن بنوا في فعلهم والقول البيت وحصل السجود في مسألتنا هذه أن من ترك ركناً ثم تداركه وصحت ركعته سجد بعد السلام لتمحض الزيادة وهو ماعمل قبل كمال ركعته من التي بعدها وإن فاته تداركه وفسدت ركعته فإن كان الترك من الأولى فلم يتذكره حتى عقد الثانية لم يجلس عليها لأنها صارت أولاه بل يقوم للثانية ويجلس عليها ويكمل صلاته ويسجد بعد السلام أيضا لزيادة الركعة الملغاة وإن لم يتذكر حتى قام للثالثة صارت هي ثانيته فيقرأ فيها بالسورة مع الفاتحة ثم يجلس عليها ثم يكمل صلاته ويسجد بعد أيضا لزيادة الركعة الملغاة والجلوس الذي تبين أنه في غير محله وهذه الأوجه الثلاثة مع وجهين آخريين آتيين داخله في قوله بعد وليسجدوا البعدى وإن لم يتذكر حتى عقد الثالثة سواء كان الترك من الأولى ولا إشكال أو من الثانية لأنها تفسد بعقد الثالثة كملها ثم جلس عليها لأنها صارت ثانيته ثم كمل صلاته وسجد قبل السلام لاجتماع الزيادة وهي الركعة الفاسدة والجلوس الأول لأنه لما تبين له فساد إحدى الأوليين صار جلوسه الأول على واحدة والنقصان وهو ترك السجدة من الثانية لاعتقاده أنها ثالثته وإن لم يذكر حتى قام للرابعة أو حتى عقدها كملها وصارت ثالثته ثم أتى برابعة وسجد قبل السلام أيضا لاجتماع الزيادة كما تقدم النقصان وهو ترك السورة كما مر والجلوس الوسط إذالفرض أنه لم يتذكر حتى قام للرابعة وقد صارت ثالثته فإن لم يتذكر حتى سلم والمسألة بحالها من كون الترك من الأولى أو من الثانية أتى برابعة وسجد قبل أيضا لاجتماع الزيادة كما تقدم وتزيد هذه الصورة بزيادة السلام والنقصان كما مر بيانه والسجود في هذه الأوجه كلها قبل السلام لاجتماع الزيادة والنقصان وهي داخلة في قوله لكن قد يبين لأن بنوا البيت أي لكن قد يظهر النقص يريد مع الزيادة وسكت عنها لظهورها والنقص هو فوت السورة التي مع الفاتحة فقط كما في السورة الأولى من سور السجود القبلى يريد أو مع الجلوس كما في السورة الثانية منها وظهور النفس لأجل أنه يبني على ماصح له من الركعات في الأقوال والأفعال فتتحول ركعاته ويصير الجلوس في غير محله وتخلو السورة مما حقه أن تكون فيه وتجتمع الزيادة والنقصان كمامر بيانه فإذا كان كذلك فليسجد السجود القبلي ولو كان حكما كالمشهور في المسبوق من كونه يبني في الأفعال ويقضي في الأقوال لم يحصل له نقص السورة بأن ترك الجلوس فقط فتعليل النص المستفاد من قوله لأن بنوا إنما يظهر في نقص خاص وهو نقص السورة كما ذكر لا في غيره والله تعالى أعلم وإن ترك من الثالثة ولم يتذكر حتى عقد الرابعة
صارت ثالثة وأتى برابعة وسجد بعد السلام لتمحض زيادة الركعة الفاسدة وكذا إن لم يتذكر حتى سلم أتى برابعة وسجد بعد أيضا وكذلك إن كان الترك من الرابعة ولم يتذكر حتى سلم فإنه يأتى برابعة ويسجد بعد كما ذكر وهذان الوجهان هما الموعود بهما أولا والحاصل أن من بطلت له ركعة فان كانت الثالثة أو الرابعة فالسجود بعدي وأن كانت الأولى وتذكر قبل عقد الثالثة فكذلك أيضا وإن لم يتذكر حتى عقد الثالثة فالسجود قبلي كان الترك من الأولى أو من الثانية وهذه المسألة مما يلقى في المعاياة فقال من بطلت له ركعة وأتى بأخرى مكانها هل يسجد قبل السلام أو بعده فمن أجاب بقبل يقال له أخطأت ومن أجاب ببعد فكذلك والجواب التفصيل كما تقدم على أنه لا غرابة في مسألة لايصح جوابها مجملا إذ نظائر ذلك لاتحصى كثرة وهذا كله في غير الموسوس أما هو فلا سجود عليه أصلا كما يأتي في شرح الأبيات الثلاثة. الثالث ماتقدم لنا في تقرير هذه المسألة من تحول الركعات إنما هو بالنسبة للإمام والفذ وأما بالنسبة إلى المأموم إذا فسدت له ركعة بترك ركوع أو سجود بنعاس أو زحام أو غفلة ونحو ذلك وفات تداركه فإن ركعاته لاتتحول بل يأتي في قضاء الركعة الفاسدة بركعة على هيئتها مع كونها بالسورة أو بغيرها فمن المدونة قال ابن القاسم الذي أرى وآخذ به فيمن نعس خلف الإمام في الركعة الأولى أن لايعتد بها ولا يتبع الإمام فيها وإن أدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها ولكن يسجد مع الإمام ثم يقتضيها بعد سلام الإمام وإن نعس بعد عقد الأولى في ثانية أو ثالثة أو رابعة تبع الإمام لم يرفع رأسه من سجودها المازري لأن من عقد الركعة جعل بها مدركا للصلاة ومن أدرك الصلاة قضى مافاته مع الإمام وهو في الصلاة لكن بشرط أن لايفوته أن يفعل الإمام ماهو أوكد من تشاغله بالقضاء والمشهور أن الذي هو آكد سجود الركعة التي غاب على ظنه إدراكها وهل تعتبر السجدتان جميعا أو الأولى منهما المشهور اعتبار السجدتين جميعا لأن بهما تفرغ الركعة فيتبع الإمام مالم يرفع رأسه من السجدة الثانية يريد فإن رفع منها فاتته الركعة ثم يقضي بعد سلام الإمام ركعة مكانها على صفتها قال ومثل النعاس الغفلة وكذا المزاحمة خلافا لابن القاسم في المزاحمة فلا يباح معها عنده قضاء مافات من الركوع بل يلغى تلك الركعة لأن الزحام فعل آدمى يمكن الاحتراز منه فهو مقصر ابن يونس القياس أن ذلك سواء المازرى ولو كان هذا الركن المغلوب عليه سجودا فإنه يتبع الإمام مالم يعقد الركعة التي يليها قال ابن وهب عن ابن القاسم من سها عن سجدة من الركعة الأولى فذكرها وهو قائم مع الإمام في الثانية فليهو ساجدا ثم ينهض إلى الإمام ابن رشد وإن ذكرها والإمام راكع فإن علم أنه يدرك أن يسجد ويدرك الإمام راكعا جاز له أن يسجد ويتبع الإمام على المعلوم من مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك إن عقد الركعة رفع الرأس من الركوع ولو ظن أنه يدرك أن يسجد
ويدرك الإمام راكعا فسجد فرفع الإمام رأسه قبل أن يرفع هو رأسه من سجوده بطلت عليه الركعة الأولى والثانية وإن ذكرها بعد أن رفع الإمام رأسه أي في والثانية فليتبع الإمام فيما بقى فإذا سلم الامام فليقض ركعة بسجدتيها ويقرأ فيها بالحمد وسورة لأنها ركعة قضاء ويسجد لسهوه بعد السلام. الرابع مذهب ابن القاسم أن عقد الركعة برفع الرأس ومذهب أشهب أنه بالانحناء قالوا وقد وافق ابن القاسم شهب في انعقاد الركعة بوضع اليدين في مسائل منها من ترك السورة وفي معنى ذلك ترك الجهر أوالسر أو تنكيس السورة قبل الفاتحة لأن هذه الثلاثة أخف من السورة فهن أحرى أن يفتن بوضع اليدين على الركبتين ومنها من ذكر سجود السهو القبلى المرتب عن ثلاث سنن من فريضة فذكره في فريضة أو نافلة ومنها من ترك التكبير في صلاة العيد ومنها من نسي سجود التلاوة ومنها من نسي الركوع فلم يذكره ألا في ركوع التي تليها وهذه المسألة داخله في كلام الناظم ومنها من سلم من ركعتين ساهيا ودخل في نافلة فلم يذكرها ألا وهو راكع ومنها من أقيمت عليه المغرب وهو فيها قد أمكن يديه ركبتيه في ركوع الثالثة على قول ابن القاسم في المجموعة أحد قولى أشهب في العتبية أنه يرفع رأسه ويكملها ويسلم ويضع على أنفه ويخرج من المسجد وأما على المشهور من أنه إذا تمم ركعتين كمل وانصرف فلا يعد مع هذه النظائر (فرع) من المدونة قال ابن القاسم إن نسي سجدة من الأول والركوع من الثانية وسجد لها فليأت بسجدة يصلح بها الأولى ويبنى عليها ولايضيف من سجود الثانية لأن نيته في هذا السجود إنما كان لركعة ثانية فلا يجزئه لركعته الأولى ويسجد بعد السلام (فرع) قال الإمام أبو عبد الله المازرى إذا نسي أربع سجدات مع أربع ركعات فعندنا أنه يصلح الرابعة بالسجدة التي أدخل فيها ويبطل ماقبلها وأما إن نسي الثمان سجدات فإنه لم يحصل له سوى ركوع الرابعة فيبنى عليها على أصلنا حسبما ذكرناه (فرع) من نسي السلام ثم تذكره بعد طول لايمنع البناء أعاد التشهد ثم سلم وسواء فارق موضعه أم لا وهذا هو المشهور وقيل لايعيد التشهد أما إن تذكره بالقرب جدا فانه يسلم فقط ولا يعيد التشهد فإن انحرف عن القبلة استقبل وسلم ثم سجد بعد السلام سواء تذكر بالقرب جدا أو بعد طول لايمنع البناء والطول شرط فى إعادة التشهد كان معه موجب السجود وهو الانحراف عن القبلة أو والانحراف شرط في السجود البعدي كان معه موجب إعادة التشهد وهو الطول أم لا فالصور أربع يتشهد ويسجد إن انحرف مع طول لايتشهد ولايسجد إذا تذكر بالقرب جدا ولم ينحرف يتشهد ولا يسجد إن أطال ولم ينحرف يسجد ولايتشهد إن انحرف ولم يطل أما الطول الكثير الذي يمنع البناء فتبطل الصلاة معه رأسا والله أعلم وتؤخذ الصور
الأربعة من قول الشيخ خليل وأعاد تارك السلام التشهد وسجد ان انحرف عن القبلة
[من شك في ركن على اليقين
…
وليسجدوا البعدي لكن قد يبين
لأن بنوا في فعلهم والقولي]
…
نَقْصُ بِفَوْتِ سُورَةٍ فالقبلى
كَذَاكِرِ الْوُسْطَى ولَا يْدِى قَدْ رَفَع
…
وَرُكباً لا قَبْلَ ذَلَكنْ رَجَعْ
أخبر أن من شك في ركن من أركان الصلاة أي فرض من فرائضها هل أتى به أم لا فإنه يبنى على اليقين المحقق عنده يريد ويأتي بما شك فيه ويسجد بعد السلام فإذا شك هل صلى واحدة أو اثنتين بنى على واحدة لأنها المحققة ويأتيء بما شك هل أتى به أم لا هو الثانية ويكمل صلاته ويسجد بعد السلام وإذا شك هل صلى اثنتين أو ثلاثا بنى على اثنتين وإن شك صلى ثلاثا أو أربعا بنى على ثلاث وكذا إن كان في سجود مثلا هل ركع أم لا فانه يبنى على المحقق من الركعة وهو القيام ويفعل ماشك فيه وهو الركوع فيرجع له قائما ثم يركع وإن كان في قيام فشك هل سجد أم لا أو هل سجد واحدة أو اثنتين فيبني على المحقق من الركعة وهو الركوع في الصورة الأولى والسجدة الواحدة في الثانية ويفعل ماشك فيه ويسجد بعد السلام في جميع الصور لأن أمره دائر بين الزيادة وعدم النقص هذا هو المشهور وقال ابن لبابة يسجد قبل السلام لحديث أبى سعيد وهل غلبة الظن كالشك فيلغى ماغلب على ظنه أنه فعله ويبني على المحقق ويسجد بعد السلام أو كاليقين فيعتد بما غلب على ظنه فعله ولاسجود قولان ذكرهما اللخمى واعلم أن الركن في هذه المسألة شك المصلى هل أتى به أو لم يأت به وفي المسألة التى قبل هذه تحقق المصلى أنه تركه وماذكره الناظم من الحكم إنما هو في غير الموسوس أما الموسوس فإنه يبني على ماشك فيه وشكه كالعدم لكنه يسجد بعد السلام فإذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا بنى على الأربع وسجد بعد السلام قال في الرسالة ومن استنكحه الشك في السهو فليله عنه ولا إصلاح عليه ولكن عليه أن يسجد بعد السلام وهو الذي يكثر ذلك منه يشك كثيرا أن يكون سها زاد أو نقص ولايوفق فليسجد بعد السلام فقط قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب كثرته أن يطرأ عليه في كل وضوء أو في كل صلاة أو في اليوم مرتين أو مرة وإن لم يطرأ له إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة فليس بمستنكح وقال الجزولى الاستنكاح أن يكون في اليوم مرة وأما مرة في السنة أو في الشهر فليس بمستنكح وفي اليومين والثلاثة والله أعلم ليس بمستنكح اهـ فالشك على قسمين مستنكح أي يعتري صاحبه كثيرا وهو كالعدم لكنه يسجد له بعد السلام وغير مستنكح وهو الذي يأتي بعد مدة وحكمه ماذكره الناظم هنا والسهو أيضا على قسمين مستنكح وغيره فالمستنكح مثاله أن يكثر منه
أن يسجد سجدة واحدة ويقوم أو أن يركع ويسجد ولا يرفع رأسه وحكمه أنه يصلح صلاته بأن يرجع للسجدة التي ترك أو لرفع رأسه إن لم يفت تدارك ذلك فإن فات تدارك ذلك أتى بركعة مكان تلك ولاسجود عليه أصلا وهذا فيما يمكن فيه الإصلاح أماما لايمكن فيه ذلك فلا شيء كأن يكثر منه نسيان الجلوس الوسط ولايذكره حتى يفارق الأرض أو نسيان السورة ولايذكرها حتى يركع فهذا لا إصلاح عليه ولاسجود ويقيد مجرد السهو المذكور هنا في مسألة قول الناظم قبل واستدراك الركن فإن حال الركوع الخ بغير المستنكح وأما سهو غير مستنكح فحكمه ماقدمه الناظم أول السهو من السجود قبل أو بعد وإلى حكم هذين القسمين أشار أبو محمد بقوله وإذا أيقن بالسهو سجد بعد إصلاح صلاته وإن كثر ذلك منه فهو يعتريه كثيرا أصلح صلاته ولم يسجد لسهوه (فرع) في المدونة قال مالك ومن لم يدر أجلوسه في الشفع أو في الوتر سلم وسجد سهوه ثم أوتر بواحدة ابن يونس قيل إنما أمره بسجود السهو لاحتمال ان يكون أضاف ركعة الوتر إلى ركعتي الشفع من غير سلام فيصير قد صلى الشفع ثلاثا فيسجد بعد السلام * قوله وليسجدو البعدى جميع الساجدين بعد السلام باعتبار هذه المسألة والتى قبلها أما هذه وهي مسألة من شك هل أتى بركن أم لا فألغى الشك وبنى على اليقين فالسجود فيها بعدي ولا إشكال وأما التى قبلها وهي مسألة من ترك ركنا فتداركه ففسدت ركعته وأتى بركعة أخرى مكانها فالسجود فيها بعد السلام في وجهين من تارك الركن حيث لم يفت تداركه وفي الإتيان بركعة يفوت التدارك وتتمحض الزيادة كما تقدم بيانه وذلك كله داخل في قول الناظم هنا وليسجدوا البعدى أما حيث تجتمع الزيادة والنقصان فأشار لحكمه هنا بقوله لكن قد يبين إلى قوله فالقبلى وقد تقدم بيانه أثناء التنبيه الثاني في شرح البيتين قبل هذا فقوله لكن استدراك من قوله وليسجدوا البعدى ويبين معناه يظهر ونقص فاعل يبين وبفوت سورة باؤه سببية متعلقة بنقص ولأن بنوا متعلق يبين علة له وفي فعله متعلق ببنوا وقوله فالقبلى مفعول بفعل محذوف أي فليسجدوا القبلى والمعنى لكن يظهر نقص بسبب فوت قراءة السورة التي مع أم القرآن لأجل بناء المصلى على ماصح من صلاته في القول والفعل وإذا كان كذلك فليسجدوا السجود القبلى إذ لو كان حكمه كالمسبوق من كونه يقضى القول ويبنى الفعل مافاتته السورة
قوله كذا الوسطى البيت التشبيه لإفادة الحكم وهو السجود القبلى ومراده أن من ذكر الجلسة الوسطى والحالة أنه قد رفع يديه وركبتيه عن الأرض فإنه يسجد قبل السلام يريد إذا تمادى على قيامه ولم يرجع للجلوس على ماهو مطلوب منه أن لايرجع من فرض لسنة فيسجد قيل لنقص الجلوس الوسط أما إن رجع إلى الجلوس والحالة هذه أي فارق الأرض بيديه وركبتيه فانما يسجد بعد السلام لتمحض الزيارة * قوله لاقبل ذا لكن رجع أي لا ما إذا ذكر الجلسة الوسطى قبل رفع يديه وركبتيه وعلى ذلك تعود الاشارة فلا سجود عليه وحكم هذا أنه يرجع إلى الجلوس قال في التوضيح لهذه المسئلة ثلاث حالات إحداها أن يذكر قبل أن يفارق الأرض بيديه وركبتيه فيرجع والمشهور لاسجود عليه في تزحزحه لأن التزحزح لو تعمده لم تفسد صلاته ومالايفسد عمده فلا سجود في سهوه فان قام ولم يرجع فإما أن يكون ناسياً أو عامدا أو جاهلا فالناسي يسجد قبل السلام والعامد يجري على تارك السنة متعمدا والمشهور إلحاق الجاهل بالعامد الحالة الثانية أن يذكر قبل استقلاله وبعد مفارقته الأرض بيديه وركبتيه فالمشهور لايرجع ويسجد قبل السلام وقيل يرجع وعلى المشهور من كونه لايرجع إن خالف ورجع فاما عمدا أو سهوا أو جهلا ولا تبطل صلاته في الثلاثة مراعاة لمن قال بالركوع وهل يسجد بعد السلام للزيادة أو لاسجود لخفتها وقلتها قولان والأول أظهر الحال الثالثة أن يذكر بعد استقلاله فيتمادى اتفاقا ويسجد قبل السلام لأنه قد شرع في واجب فلا يبطل بسنة واختلف إذا رجع عمداً هل تبطل صلاته أولا قولان والمشهور الصحة وعليه فهل يسجد بعد السلام لتحقق الزيادة أو قبله يريد أنه لما اعتدل وجب عليه التمادى وتخلد السجود في ذمته فرجوعه زيادة فهو كمن نقص وزاد فيسجد قبل السلام قولان ثم قال ولا أعلم خلافا إذا رجع ساهيا أن صلاته تامة باختصار ابن حبيب ويستحب للمأمومين أن يسجدوا مالم يستو قائما فإذا استوى فلا يفعلوا (تنبيه) هذا الحكم إنما هو في الفرض وأما النافلة إذا قام فيها للثالثة فإنه يرجع فارق الأرض أم لا وهذه إحدى النظائر الخمس التي سهو النافلة فيها مخالف لسهو الفريضة فإن فارقها ورجع سجد بعد السلام فإن لم يذكر حتى عقد الثالثة كمل أربعا وسجد قبل السلام قيل لنقص الجلوس وقيل لنقص السلام وهو إن كان فرضا والفرض لايجيز بالسجود فمراعاة القول بأن النفل أربع يصيره كسنة ولايلزم ذلك فمن صلى الظهر خمساً
لاستقلال الركعتين في النفل وعدم استقلال الخامسة في الظهر وكذا إن قام للخامسة في النافلة فإنه يرجع عقدها أم لا ويسجد قبل السلام أيضا لنقص السلام وحده إن جلس على الثانية أو لنقصة مع الجلوس إن لم تجلس وزيادة القيام للخامسة
فَصْلُ بموَطنِ القُرى قدُ فُرِضَتْ*
صَلَاةُ جُمْعَةٍ لِخُطْبةٍ تَلَتْ
بجامِع عَلَى مَقيمٍ ما انْعذرْ
حُرِّ قَرِيبٍ بكَفَرْ سَخ ذَكْر
وَأجْزَأَتْ غَيراً نَعَمْ قَدْ تُنْدَبُ
عِنْدَ النَّدَا السَّعْىُ إِلَيْها يَجبُ
وَسُنَّ غْسلُ بِالرَّوَاِح اُتَّصَلَا
وَنُدِبَ تهْجِيِرُ وَحَالُ جَمُلا ذكرى في هذا الفصل صلاة الجمعه وبعض مايتعلق بها وهي بضم الميم وإسكانها كمافي النظم أو بفتحها ايضا من الجمع لاجتماع الناس فيها ولاخلاف في المذهب أنها فرض عين وأول وقتها كالظهر وإيقامتها أول الوقت إثر الزوال أفضل ولايخطب إلا بعد الزوال فإن خطب قبله أعاد الخطبة واختلف في آخر وقتها الذي بانقضائه لاتقام بل تصلى ظهرا أربعاً على خمسة أقوال الذي في المدونة أن يبقى قدر ركعة واحدة بعد الفراغ منها للغروب يدرك بها العصر ولها شروط وجوب شروط أداء والفرق بين شرط الوجوب وشرط الأداء أن كل مالا يطلب من المكلف لكونه ليس في طوقه كالذكورية والحرية يسمى شرط وجوب وما يطلب منه كالخطبة والجماعة يسمى شرط أداء هكذا قال ابن عبد السلام فشرط أدائها خمسة الأول الاستيطان وهو مقام بنية التأبيد ابن بشير من شروط أداء الجمعة موضع استيطان والمشهور أنه لايشترط أن يكون مصرا بل يجمع في القرى إذا أمكن فيها دوام الثواب واستغنوا عن غيرهم وحصل بجماعتهم أبهة الإسلام وكذا في الإختصاص دون الخيم وفي شرح الشيخ الجزولى كل بناء كثرت أشخاصه كثرة تخرج به عن الآحاد والتثليث يقال فيه قرية إذا تأتي فيه المقام على الدوام لوجود أسبابه وإن بلغ من الكثرة أربعمائة فأكثر وهو مع ذلك مفرق غير ملتصق قيل فيه مدينة من التمدن وهو التجميع وأن التصق واشتد بعضه ببعض قيل فيه مصر وسواء حلق عليه بسور أم لا وصدق اسم القرية على الجميع لتصور الاستقرار فيه وما عليه سور خص باسم الحصن لخروجه عن التحصن بكثرة العدد وإنما تحصل بالبناء اهـ
والثواء بالمثلثة والمد الاقامة وهو المراد هنا وأما بالمثناة والقصر فهو الهلاك ومنه قولهم من له التما فعليه
التوا وإلى هذا الشرط أشار بقوله بموطن القرى أي فرضت صلاة الجمعة بسبب استيطان القوى فالباء سببية وأطلق السبب على الشرط وتحتمل المعية وموطن على هذا الفعل بمعنى استفعال أي استيطان قال الجوهري الوطن محل الانسان وأوطنت الارض ووطنتها توطينا واستوطنتها أي اتخذتها وطنا الموطن المشهد من مشاهد الحرب قال الله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} اهـ وتحتمل الباء الظرفية فموطن باق على معناه أي فرضت الجمعة في موضع القرى ومشهدها وخص القرى ليكون المصر أحرى قال ابن القاسم الخصوص والمحال إذا كانت مساكنهم كمساكن القرى في اجتماعها وكان لهم عدد لم يحل لهم أن يتركوا الجمعة كان عليهم وال أو لم يكن ابن رشد هذا خلاف ظاهر سماع أشهب إن لم يكونوا أهل عمود جمعوا والأظهر أن ذلك اختلاف من القول ولاجمعة على أهل العمود لأن الأصلى الظهر أربع ركعات فلا ينتقل عن ذلك إلا بيقين وهو المصر أو مايشبهه من القرى التي فيها الأسواق والمساجد والخص البيت من القصب والقول باشتراط الاستيطان جعلها ابن الحاجب الأصح وعبر عنه ابن شاس بالمعروف ولفظ ابن الحاجب بموضع يمكن الثواء فيه من بناء متصل أو اختصاص مستوطنين على الأصح اهـ
ومقابله لايشترط الاستيطان ويكتفى بالإقامة وعلى القولين يجرى الخلاف في جماعة مروا بقرية خالية فنووا الاقامة فيها أربعة أيام فأكثر فعلى اشتراط الاستيطان لاتجب عليهم الجمعة وعلى مقابلة تجب (فرع) إذا كان من تجب عليهم الجمعة لاتنعقد بهم لقلتهم فانضم إليهم من لاتجب عليهم من عبيد ونساء مسافرين فهل تنعقد بهم أولا قولان بناء على أن الاتباع هل تعطى حكم متبوعها أو تستقل ولا يدخل هذا الخلاف في الصبيان للاتفاق على اشتراط الاسلام والبلوغ والعقل فيمن تنعقد بهم الجمعة
ابن هرون من لاتجب عليهم الجمعة ثلاثة أصناف صنف لاتجب عليهم وإن حضروها وجبت عليهم وعلى غيرهم بسببهم وهم ذوو الأعذار وصنف لاتجب عليهم وإن حضروها لم تنعقد بهم وهم الصبيان وصنف لاتجب عليهم واختلف إن حضروها هل تنعقد بهم وهم النساء والعبيد والمسافرون الثاني الخطبة قبل الصلاة وعلى ذلك نبه بقوله لخطبة تلت فإن جهل الامام فصلى بهم دون خطبة خطب ثم أعاد الصلاة ولو صلى ثم خطب أعاد الصلاة فقط ومن شرط الخطبة وصلها بالصلاة ابن عرفة ويسير الفصل عفو قال ابن القاسم
وأقلها مايسمى خطبة عند العرب وقيل أقلها حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وتحذير وتيسير وقرآن في الاولى واستحب مالك أن يختم الثانية بيغفر لي ولكم ولجميع المسلمين قال وإن قال ذكروا والله يذكركم أجرأو الأول أصوب وفي وجوب الخطبة الثانية وسنيتها قولان التوضيح القول بوجوبها أعزاه اللخمى لابن القاسم ابن الفكهانى في شرح العمدة وهو المشهور القلشاني والمعروف على وجوب الخطبتين أنهما شرط ولذا نقل الباجي عن ابن القاسم إن خطب خطبتين ولم يخطب من الثانية ماله قدر وبال لم تجز اهـ التوضيح وعلى السنية إن نسى الثانية أو تركها أجزأتهم اهـ
المواق تقدم نص ابن عرفة الخطبتان معا فرض وانظر إذا كان المعنى بهذا كل واحدة مع اتفاقهم أن الجلوس بين الخطبتين سنة وأن الفاظها غير متعينة انتهى
وكأنه والله أعلم يشير إلى استشكال وهو أن الخطيب إذا لم يجلس بين الخطبتين فعليه أمره أنه ترك سنة وهل مافعل خطبة واحدة لو أتى في خطبته بألفاظ شأنها أن تذكر في الثانية لأن الألفاظ لاتتعين أو خطبتان ومن قال خطبتان ثم يعلم ذلك ويتوسل إليه والظاهر بحسب العرف أنه إن أتى بالأولى على وصفها المذكور ثم شرع في أخرى بحمد وتصلية وترض كما الشأن فهما خطبتان وإن استرسل في الأولى حتى فرغ فخطبة واحدة وقد نزلت منذ مدة بجامع القرويين وذلك أن الخطيب شرع بعد قوله أيها الناس أثناء الخطبة الأولى على العادة في الحض على طاعة الأمير فذهل وتلا الدعاء الذي حرت العادة بكونه في آخر الثانية ثم نزل وصلى فاعدتها ظهراً أربعا وأفتيت من استفتانى بالبطلان ووجوب الإعادة أبداً بناء على المشهور من وجوب الخطبة الثانية وشرطيتها كما مر وهو لم يأت بسوى الأولى واللهأعلم وانظر فول الإمام المواق مع اتفاقهم أن الجلوس بين الخطبتين سنة فقد تبع فيه الباجي وقد نقل هو بنفسه عن ابن العربي القول بفرضيته وحكى ابن الحاجب القولين الوجوب وبه صدر والسنية وفي وجوب الطهارة للخطبة قولان المشهور عدم الوجوب لكن يكره أن يخطب محدثا وفي
وجوب الجلستين والقيام للخطبتين وسنيتهما قولان المشهور السنية وعليه فإن نسي الجلوس الأول واعتدل فلا يرجع للجلوس لأنه تلبس بفرض فلا يقطعه لسنة كمن نسي السورة أو تكبير العيد أو السر أو الجهر حتى ركع أو الجلوس الأول حتى استقل في الثالثة أو المضمضة أو الاستنشاق حتى شرع في الوجه فيتمادى ويفعلها بعد فراغه وكذا إذا فرغ المؤذن الثاني يوم الجمعة فاعتقد الإمام أنه الثالث فقام وشرع في الخطبة ثم سمع المؤذن فإنه يتمادى لكونه تلبس بفرض ووقعت بجامع غرناطة للشيخ المحدث أبى عبد الله بن رشيد الفهري رحمه الله فاستعظم ذلك بعض الحاضرين وهم بعضهم باشعاره وتنبيهه وكلمه آخر فلم ينته عما شرع فيه وقال بديهة أيها الناس اعلموا رحمكم الله أن الواجب لايبطله المندوب وأن الأذان الذي بعد الأول غير مشروع الوجوب فتأهبوا المطلب العلم وانتبهوا وتذكروا قول الله تعالى {وماآتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا} فقد روينا عنه أنه قال: من قال لأخيه الإمام يخطب أنصت فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له جعلنا الله وإياكم ممن علم فعمل وعمل فقبل وأخلص فتخلص وكان ذلك مما استدل به على قوة جنانه وانقياد لسانه لبيانه ولاتصح الخطبة إلا بحضور الجماعة قال القاضي أبو محمد الجاري على المذهب عياض وهو ظاهر المدونة قال غيره إذ لامعنى للخطبة بغير جماعة وتوكأ على عصا أو قوس لتطمئن نفسه وقيل لئلا يعبث بيده ومن شرط الخطبة أن لايصلي غير الذي خطب إلا لعذر كما لو طرأ عليه مرض أو جنون بين الخطبة والصلاة فإن كل ذلك يزول عن قرب ففي استخلافه قولان التوضيح أظهرهما عدم الاستخلاف فينتظر وإن كان لايزول عن قرب كالإغماء لم ينتظر ويجب الإنصات للخطبة وإن لم يسمع وهل يجب الإنصات على من هو خارج المسجد قولان وفى الموطأ عن ابن شهاب خروج الإمام يقطع الصلاة أي ابتداءها وكلامه يقطع الكلام وفى وجوب الإنصات إذا لغا الإمام قولان كان يشتم من لايجوز شتمه أو يمدح من لايمدح البرزلي عن ابن عرفة أما بدعة ذكر الصحابة فهو عندي جائز حسن لاشتماله على تعظيم من علم تعظيمه من الشريعة ضرورة ونظراً ولاسيما إذا مزج ذلك بما كانوا عليه من نصرة سيدنا ومولانا محمد وبذل نفوسهم في أظهار الدين وأما بدعة ذكر السلاطين
بالدعاء والقول السالم من الكذب فأصل وضعها في الخطبة من حيث ذاته مرجوح لأنها ممالم يشهد الشرع باعتبار حسنها فيما أعلم وأما بعد إحداثها واستمرار العمل بها وصيرورة عدم ذكرها مظنة اعتقاد السلاطين في الخطيب مايخشى غوائله ولاتؤمن عقوبته فذكرهم في الخطب راجح أو واجب اهـ
ولايجوز الكلام بعد فراغ الخطبة وقبل الصلاة والاقبال على الذكر القليل سراً ولايتكلم في جلوس الامام بين الخطبتين والتعوذ والصلاة على النبي والتأمين عند أسبابها جائزة وفي جواز الجهر بذلك قولان ولا يسلم الداخل والإمام يخطب فإن سلم لم يرد عليه قاله مالك في المدونة ومن عطش حينئذ حمد في نفسه ولايشتمه غيره وأما الإمام فيسلم إذا خرج على الناس اتفاقا والمشهور لايسلم إذا رقى المنبر ولايبتدىء الداخل التحية بعد خروج الإمام على الأصح وقال السيورى الركوع أولى لحديث سليك الغطفاني وفيه أنه أمره بالركوع لما دخل وعلى الأصح لو ابتدأها قبل خروجه لم يقطعها وخففها فإن أحرم جاهلا أو غافلا ففي تماديه وقطعه قولان
(فرع) ويحرم الاشتغال بالبيع وغيره زمن السعي إلى الجمعة وذلك عند أذان جلوس الخطبة وهو المعهود في زمانه قيل مرة وقيل مرتين وقيل ثلاثا واحدا بعد واحد واختلف النقل هل كان يؤذن بين يديه أو على المنار والمنار قيل اسطوانة في قبلة المسجد يرقى إليها بأقتاب وقيل منارة فى دار حفصة بنت عمر التي تلي المسجد وقيل على بيت امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول المسجد واستمر الأمر على ذلك فلما كان زمن عثمان وكثروا أمر بأذان قبله على الزوراء بعد دخول الوقت وهو مكان أعلى السوق ليأتي الناس من السوق ثم نقله هشام إلى المسجد وجعل الذي كان في المسجد بين يديه ابن حبيب وينبغي للإمام أن يوكل وقت النداء من ينهى الناس عن البيع والشراء وحينئذ وأن يقيمهم من الأسواق من تلزمه الجمعة ومن لاتلزمه للذريعة فإن وقع البيع حينئذ فالمشهور فسخه ويرد الثمن للمشتري والمبيع لبائعه فإن فات بيد مشتريه ضمن قيمته يوم قبضه قال ابن بشير قال الأشياخ ومما ينخرط في سلك البيع الشرب من السقاء بعد النداء إذا كان بثمن وإن لم يدفع اليه الثمن فى الحال قال وهذا الذي قالوه ظاهر مالم تدع إلى الشرب ضرورة
قال في النكت وإذا انتقض وضوء الرجل يوم الجمعة وقت النداء عند منع البيع فلم يجد مايتوضأ به إلا بثمن فحكى ابن أبى زيد أنه يجوز شراؤه ليتوضأ به ولايفسخ شراؤه الثالث الجامع لقوله بجامع قال ابن بشير الجامع مع شروط الأداء الباجى من شرط المسجد البنيان المخصوص على صفة المساجد الباجي والبراج أو ذو بنيان خفيف ليس بمسجد قال في التنبيهات ظاهر المدونة وقول عامة أصحابنا أن الجامع شرط وإنما اختلفوا هل هو شرط في الوجوب والصحة أو في الصحة فقط وكذلك نقل صاحب القدمات أما المسجد فقيل من شرائط الوجوب والصحة جميعاً وهذا على قول من يرى أنه لايكون مسجدا إلا ماكان له سقف لأنه قد يعدم المسجد على هذه الصفة وقد يوجد فإن عدم كان من شرائط الوجوب وإن وجد كان من شرائط الصحة وعلى قياس هذا القول أفتى الباجى في أهل قرية انهدم مسجدهم وبقي لاسقف له فحضرت الجمعة قبل أن يبنوه أنه لايصلح لهم أن تجمع الجمعة فيه ويصلون ظهراً أربعا وهو بعيد لبقاء اسم المسجد عليه وحكمه بعد الهدم وقيل إن المسجد من شروط الصحة دون الوجوب بناء على أن المكان من الفضاء يكون مسجدا بتعيينه وتحبيسه للصلاة فيه واعتقاد اتخاذه مسجدا إذ لا يعدم موضع يصح أن يتخذ مسجدا فلما كان لايعدم ويقدر عليه في كل حال صار من شروط الصحة كالخطبة وسائر فرائض الصلاة ولايصح أن يقول أحد في المسجد إنه ليس من شرائط الصحة إذ لا اختلاف في أنه لايصح أن تقام في غير مسجد اهـ
وفي شرح سيدي أحمد الونشريسي على ابن الحاجب مانصه قيل والذي يظهر أن فتيا الباجي بمنع إقامتها فيه إنما هى إذا لم يظلل على السقف بستور وأما لو ظلل بها لنابت الستور عن السقف كما نابت عن الجدر في قضية ابن الزبير بل أحرى وكانت نزلت بتونس سنة جدد سقف الجامع الأعظم وخطيبه إذ ذاك أبو سحق بن عبد الرفيع وغطيت المجنبة الأولى التي تحتها المنبر بالحصر وخطب فقام الشيخ الفقيه المشتهر بالصلاح أبو على القروى فأنكر عليه وأغلظ القاضي عليه في الرد وأفضت الحال إلى أن أمر القاضي بسجن الشيخ أبى علي وكان الشيخ ابن عرفة رحمه الله يقول الصواب مع الشيخ أبي أسحق ولاينتهي الحال إلى أن تمنع الجمعة لأنه لو خطب تحت سقف دون تغطية بحصر جاز لأنه ليس من شرط الخطبة أن تكون تحت سقف إذ لو خطب بالصحن جاز إذ ليس من شرط الجامع أن يكون كله مسقفا اهـ. (فرع) وهل يشترط في الجامع العزم على إيقاعها على التأييد فذهب الباجي إلى الاشتراط وأنه لو أصابهم مايمنعهم من الجامع لعذر لم تصح الجمعة في غيره إلا أن يحكم له بحكم الجامع وتنقل الجمعة إليه على التأييد ووافقه ابن رشد في مسائله المجموعة عنه وخالفه في مقدماته قال وقد أقيمت الجمعة بقرطبة في مسجد أبي عثمان دون أن
تنقل إليه على التأييد والعلماء متوافرون ولو نقل الإمام الجمعة في جمعة من الجمع من المسجد الجامع إلى مسجد آخر لغير عذر لكانت الصلاة مجزئة
(فرع) شرط ابن بشير في الجامع كونه مما يجمع فيه أي الصلوات الخمس قال وأما المساجد التي لاتجمع فيها فلا تقام الجمعة فيها
(فرع) صلاة المأمومين في رحاب المساجد والطرق المتصلة به على أربعة أقسام إن ضاق المسجد واتصلت الصفوف صحت اتفاقا وعكسه إن لم يضق ولم تتصل فظاهر المذهب عدم الصحة وحكى المازري عن ابن شعبان الإجزاء وإذا ضاق ولم تتصل فهي صحيحة التوضيح ولا تعلم فيه خلافا وإذا اتصلت الصفوف ولم يضق المسجد فحكى ابن بشير وابن رشد فيها قولين والمشهور الصحة والرحاب صحن المسجد وقيل البناء من خارج وقيل ماكان مضافا إلى المسجد محجرا عليه وإن كان خارجاً عنه
(فرع) وفي صحة الجمعة في السطح أربعة أقوال الصحة لأشهب وعدمها لابن القاسم فيعيد أبدا ابن شاس وهو المشهور والصحة للمؤذن دون غيره لابن الماجشون والصحة إن ضاق المسجد لحمديس وأما الدور والحوانيث المحجورة بالملك إذا لم تتصل الصفوف اليها فلا تصح على الأصح وإن أذن أهلها فإن اتصلت الصفوف إليها فقولان وعلى المنع مع اتصال الصفوف أو مع عدمه إذا خالف وصلى فقال ابن مرين عن ابن القاسم يعيد أبداً وذكر اللخمي عن ابن نافع أنه قال أكره تعمد ذلك وأرجو أن تجزئه صلاته
(فرع) قال ابن طلاع إذا امتلأ الجامع يوم الجمعة وبازائه خضخاض صلى هنا لك قائما وقيل يجوز أن ينصرفوا إلى المسجد آخر ويصلون فيه الجمعة بإمام وهذا القول بجواز تعدد الجمعة في المصر الواحد وأما على المنع فإنما يصلون فيه أربعا
(فرع) وهل يجوز تعدد الجمعة في المصر الواحد في تفصيل نقل صاحب المعيار عن أبي عبد الله محمد القطان أن ظاهر كلام أئمة المذهب أن المصر الصغير لايختلف في منع إقامة الجمعة في جامعين والخلاف مخصوص بالمصر الكبير كما صرح به ابن الحاجب في قوله وفي تعددها في المصر الكبير ثالثها إن كان نهراً ومعناه مما فيه مشقة جاز ابن عبد السلام المشهور المنع رعاية لفعل الأولين والعمل عند الناس اليوم على الجواز لما في جمع أهل المصر الكبير في مسجد واحد من المشقة ثم قال وهل محل الخلاف مع فقد الضرورة أما مع وجودها فلا خلاف في جواز التعدد وهو الذي ذكر أئمة المذهب الاثبات أو الخلاف مع الضرورة أما مع عدمها فلا خلاف في منع التعدد وهو الذي [يظهر من نقل بعضهم وعلى المشهور من منع التعدد فلو أقيمت جمعتان فالجمعة للمسجد العتيق أي القديم ثم لاتخلو المسألة من ثلاثة أوجه أحدها أن يكون المسجد العتيق هو السابق بالصلاة والثاني أن يكون هو المسبوق.
والثالث أن تكون صلاتهما معا في دفعة واحدة فإن كان العتيق هو السابق بالصلاة فلا خوف أن الجمعة لهم ويصلي من عداهم أربعاً وإن كان العتيق مسبوقا وهو الوجه الثاني أو وقعت الجمعتان فيهما معاً ضربة واحدة وهو الوجه الثالث ففيهما خلاف وعندنا أن الجمعة لأهل المسجد العتيق فيهما على كل حال وقال بعض الناس الجمعة للسابق منهما وعلى هذا القول فهل يعتبر السبق بالإحرام أو السبق بالسلام أو بتقديم أول الخطبة ثلاثة أقوال ثم قال وقد وقفت لبعض المؤخرين المعتنين بتاريخ فاس أن الامام إدريس بن إدريس شرع في تأسيس عدوة الأندلس يوم الخميس مهل ربيع النبوى من اثنتين وتسعين ومائة فلما أكمل سورها بنى بها جامعاً للخطبة يعرف بجامع الأشياخ وأنه شرع في تأسيس عدوة القرويين في مهل ربيع النبوى العام الذي بعده يليه فلما أكمل سورها بنى بها جامعاً للخطبة وهو معروف بجامع الشرفاء وأن الشروع في حفر أساس جامع الأندلس والقرويين اللذين تقام بهما اليوم الجمعة كان في عام خمسة وأربعين ومائتين ثم لما جرى أمر زناتة بالمغرب سنة سبع وثلثمائة أزيلت الخطبة من جامع الشرفاء لصغره وأقيمت بجامع القرويين لاتساعه وكبره وقيل إنما فيه سنة إحدى وعشرين وثلثمائة وهي السنة التي نقلت فيه الخطبة من جامع الأشياخ إلى جامع الأندلس فبان من هذا أن جامع الأشياخ هو السابق فتعين الحكم بصحة الجمعة له ويجب على من بعدوة القرويين أن يسعوا لعدوة الأندلس لإقامة الجمعة بجامعها المذكور وقوفا مع المشهور فلما نقلت الخطبتان من جامع الأشياخ لجامع الأندلس ومن جامع الشرفاء لجامع القرويين تعينت صحة الجمعة لجامع الأندلس عملا باعطاء البدل حكم المبدل منه لكنهم أقاموها في كلا البلدتين قبل النقل تقليداً للشاذ المجيز التعدد واستصحبوا ذلك بعد النقل وليس كون مدينة فاس اشتملت على جانبين بكل جانب منهما مدينة بموجب استقلال كل من المدينتين بخطبة ولابمصير كل من الجامعين عتيقاً في نفسه باعتبار مدينته المنسوبة إليه لما تقرر أنه ينبنى على المشهور منع إقامتها بقربة أخرى ليس بينهما ثلاثة أميال اتفاقا فيما زاد عل ذلك خلاف قال وحاصل جوابى إن مشهور الأقوال عدم صحتها في القرويين لكونها ثانية وأن الجمعة لاتصح في المدوسة العنانية من طالعة فاس والحلوية وجامع القصر من تلمسان الأعلى على قول خارج المذهب وهو قول عطاء وداود وأحد قول محمد بن الحسن لأنه وإن قلنا بجواز التعدد فيتقيد بمسجدين لا]
غير على ظاهر كلام القاضي أبي عبد الوهاب في المعونة في الجمعة. والثانية والرابعة لاتصح على المذهب نعم في كلام ابن بشير مايشير إلى جواز الثالثة يريد أو أكثر بحسب الحاجة قال أو هو الأنسب والأقيس لولا ماأشار إليه القاضي اهـ. كلام صاحب المعيار باختصار بعضه وتقديم وتأخير على حسب ماظهر في الوقت.
فرع: وعلى منع التعداد إذا ضاق المسجد الجامع ورحابه عن حمل أهله وسع ممايليه أصلا كان أو حبسا ويجبر به على بيعه بالقيمة الرابع الامام عده ابن الحاجب من شروط الأداء وقال ابن رشد من الشرائط التي لاتجب الجمعة إلا بها ولاتصح دونها الامام ويشترط كونه مقيما على المشهور فلا تصح خلف مسافر لم ينو إقامة أربعة أيام فاكثر وهو قول ابن القاسم وقيل لايشترط ذلك فتصح حلفه وهو قول أشهب ثالثها إن استخلف بعد عقدها مع إمام مقيم صحت وإلا بطلت قال مطرف وابن الماجشون المواق أنظر إن كانت إنما لزمته الجمعة بالتبع لكونه مسافراً نوى إقامة أربعة أيام بهذه القرية البين أن له يؤمهم ويشترط يريد الخليفة المسافر الا أن يمر بمدينة في عمله أو قرية يجمع فيها لجمعة فيجمع بأهلها ومن معه غيرهم لأن الامام أيضا كونه حرا وإلا بطلت على المشهور كما سيأتي في شروط الامامة
(فرع) من المدونة قال مالك لاجمعة على الامام إذا وافق الجمعة لم ينبغ له أن يصليها خلف عامله وإن جهل الامام المسافر فجمع بأهل قرية لاتجب فيها الجمعة لصغرها لم تجزهم ولم تجزه الخامس الجماعة ولم يصرح الناظم بهذين الشرطين اعتمادا والله أعلم على فهم اشتراطهما من اشتراط الجامع إذ لايشترط إلا لأجل الجماعة ومن لازم الجماعة امام قال الامام أبو عبد الله المازري لم يحد مالك حدا في أقل من تقام بهم الجمعة إلا أن يكون العدد ممن يمكنهم الثواء ونصب الأسواق عياض هذا الذي ذكر المازري عن مالك هو شرط في وجوبها لافى أجزائها والذي يقتضى كلام أصحابنا اجازتها مع اثنتي عشر رجلا وفي الواضحة إذا اجتمع ثلاثون رجلا وماقاربهم فهم جماعة تلزمهم الجمعة وإن كانوا أقل من ثلاثين لم تجزهم.
فرع: يشترط بقاء الجماعة التي تنعقد بها الجمعة إلى تمام الصلاة ابن الحاجب وقال أشهب لو تفرقوا بعد عقد ركعة أتمها جمعة وفيها أن يأتوا بعد انتظاره ظهرا أي إن خاف دخول وقت العصر وشروطه وجوبها خمسة. الأولى على ترتيب النظم الإقامة
فلا تجب على مسافر وعلى ذلك نبه بقوله على مقيم وهذا ان لم ينو إقامة وأما إن نوى إمامه أربعة فأكثر فإنها تجب عليه قاله في المدونة أي بحسب التبع لابحسب الاستقلال حيث لم يكن في القرية مثلا إلا مسافرون نووا الاقامة أما إن وجد بها مستوطنون تقام بهم الجمعة فتجب على المسافرين بحسب التبع لهم
(فرع) وأما إحداث السفر يوم الجمعة فهو على ثلاثة أقسام محرم ولاتسقط الجمعة به وذلك بعد الزوال لمخاطبته بها وأنظر من كان في بلاد الفتن وحصلت له رفقة في ذلك الوقت ولايمكن له السفر دونهم وانتظار أخرى لايدري من يمرون به مما يشق خليل والظاهر الإباحة ومباح وهو السفر قبل الفجر ومختلف فيه بالإباحة والكراهة وهو مابين الفجر وبين الزوال فإن سافر في هذا الوقت فأدركه النداء قبل مجاوزة ثلاثة أميال لزمه الرجوع ابن بشير وفيه نظر لأنه قد رفض الإقامة وحصل له حكم السفر نية وفعلا وينبغى أن يقيد الرجوع بأن يظن إدراك ركعه منها فأكثر وإلا مضى لعدم فائدة رجوعه حينئذ
(فرع) قال مالك إذا دخل المسافر وطنه بعد أن صلى الظهر ركعتين فإن قدر على أن يصلى الجمعة مع الامام صلى معه قال ابن القاسم ولو أحدث الامام فقدمه فصلى بهم لأجزأتهم الثانى أن لايكون له عذر يمنعه من حضورها وعلى ذلك نبه بقوله ما انعذر والأعذار والمرض الذي يتعذر مع الأتيان أو لابقدر إلا بمشقة شديدة وتمريض القريب وفي معناه الزوجة والمملوك وإشراف القريب ونحوه كالصاحب على الموت وليس هذا لأجل التمريض بل لما يعلم مما يدهم القرابة لشدة المصيبة والخوف من سلطان إن ظهر أخذ ماله وكذا إن خاف أن يسرق بيته أو يحرق متاعه ابن بشير وكذلك خوفه على مال غيره وكذلك إن خاف أن يسجن في غير حق أو يضرب أو يقتل أو يلزم بأمر لايجوز من قتل أو ضرب أو بيعة ظالم أو يسجن في دين وهو عديم وكذلك إن رجا العفو عن العقوبة وكذلك العرى وأكل الثوم ونحوه فلا يصليها في المسجد ولا في رحابه قاله ابن وهب ولابن شعبان يصليها ذو الرائحة بفناء المسجد لافي رحابه ويكره دخول المسجد والجامع برائحة الثوم ولو كان خاليا فإن دخل أخرج الباجي وعندى أن مصلى العيد والجنائز كذلك وفي سقوطها بالمطر الشديد روايتان وتسقط بشعدة الوحل وهو الطين الرقيق وأحرى غير الرقيق وبمرض الجذام خلافا لابن حبيب ولاتسقط عن العروس على المشهور وفي الأعمى إن لم يجد قائداً قولان أما الواجد فتلزمه
اتفاقا ابن الحاجب فإن حضروها وجبت التوضيح لأن هذه الأوصاف كانت مانعة من الحضور فإذا حصل الحضور لم يبق مانع اهـ فوجود العذر مانع وانتفاؤه شرط كالحيض للصلاة والله أعلم
(فرع) قال ابن شاس لو رجا زوال عذره يؤخر لفواتها ابن عرفة لمن لم تجب عليه غير مسافر صلاة ظهره قبل إقامتها ابن شاس لو زال عذر المريض ونحوه بعد أن صلى الجمعة ظهراً فعليه الجمعة إن أدركها وكذلك للصبي إن بلغ بعد أن صلى الظهر ابن الحاجب فلو زال العذر وجبت على الأصح ولايصلى الظهر جماعة إلا أصحاب الاعذار. الثالث الحرية فلاتجب على عبد المعروف من المذهب وأضاف اللخمى للمذهب قولا بالوجوب وعلى ذلك نبه بقوله حر الرابع القرب بحيث لايكون منها في وقتها على أكثر من ثلاثة أميال وهو الفرسخ وعلى ذلك نبه بقوله قريب بفرسخ وعليه فهل يعتبر الفرسخ من المنار أو من طرف البلد أي من المكان الذي تقصر منه الصلاة قولان وهذا الخلاف إنما هو في حق الخارج عن البلد وأما من فيها فيجب عليه وإن كان من المسجد على ستة أميال رواه عن مالك قاله في المقدمات وهو تفسير للمذهب وهل الفرسخ تحديد فلا تجب على من زاد عليه الشيء اليسير أو تقريب وهو مذهب المدونة فتجب على من ذكر قولان وقيل تجب على من كان على ستة أميال وقيل على بريد
(فرعان) الأول من كان منزله على أكثر من ثلاثة أميال فكان في وقت السعى في ثلاثة أميال فإن كان مجتازاً لم يجب عليه السعي وإن كان مقيما فله حكم المنزل قاله الباجي الثاني قال الإمام أبو عبد الله الأبى في عكس هذا الفرع انظر مايتفق أن يخرج الرجل بكرة إلى حائط وهو على أكثر من ثلاثة أميال هل يجب السعى والأظهر أنه اهـ لايجب الخامس الذكورية فلا تجب على امرأة وعلى ذلك نبه بقوله ذكر قوله وأجزأت غير أي تجزىء الجمعة غير من تجب عليه عن الظهر وهو المسافر والمعذور والعبد والصبى والبعيد منها بأكثر من ثلاثة أميال والأنثى فهؤلاء لاتجب عليهم وإن صلوها أجزأتهم عن الظهر التوضيح وكل من حضرها ممن لاتجب عليه نابت له عن ظهره ولانعلم في ذلك خلافا إلا في المسافر فلابن الماجشون لاتجزىء ولو كان مأموما قال ولو كانت ركعتين كظهره لأنه صلاها بنية الجمعة وانظر عكس المسألة وهو إجزاء الظهر
عمن تجب عليه الجمعة وفيه تفصيل قال ابن عرفة ولو صلى من تلزمه الجمعة ظهر الوقت وكان بحيث لو سعى لأدركها أعاد بعد فوتها على المشهور وإن صلاها قبل إمامه لوقت لو سعى لم يدركها صحت ابن رشد اتفاقا وقوله نعم فقد تندب لما ذكر إجزاءها عن الظهر لمن لاتجب عليه بين هنا أن حضورهم لما مستحب ومطلوب دفعا لما أوهم الكلام المتقدم من الاجزاء بعد الوقوع من غير أن يكون مطلوباً ابتداء واستحب مالك للمكاتب حضورها وكذا العبد إذا أذن له سيده والصبي يستحب له الحضور وهل يستحب للمسافر حضورها قال بعضهم لم أجد فيه نصا وينبغي أن يفصل فإن كان لامضمرة عليه في الحضور ولايشغله عن حوائجه فيستحب له الحضور وإلا فهو مخيرا اهـ وفي المدونة قال مالك لاجمعة على مسافر وعبد وامرأة وصبى ومن شهدها منهم فلا يدع صلاتها وليغتسل إذا أتاها اهـ ولو أقف الآن هل يستحب حضورها لمن كان على أكثر من ثلاثة أميال وللمعذور إن أمكنه ذلك أم لا فانظر إطلاق الناظم ولعله نظر للأكثر قوله عند
النداء السعى إليها يجب.
أخبر أن السعى إلى الجمعة أي الذهاب إليها يجب عند النداء أي الأذان وهذا في حق القريب وأما البعيد فيجب عليه قبل ذلك قال في التوضيح واعلم أن لمن وجبت عليه الجمعة حالتين إما أن يكون قريبا وإما أن يكون بعيداً فالبعيد يجب عليه السعى قبل النداء بمقدار مايدرك وهو متفق عليه اهـ بمقدار مايدرك الصلاة فقط أو الخطبة والصلاة معا على الخلاف الآتي له قريبا التوضيح وأما القريب فقال الباجي وصاحب المقدمات اختلف متى يتعين إقباله إليها فقيل إذا زالت الشمس وقيل إذا أذن المؤذن والاختلاف في هذا إنما هو على اختلافهم في وجوب شهود الخطبة فمن أوجب شهودها على الأعيان أوجب على الرجل الإتيان من أول الزمان ليدركها ومن لم يوجب شهودها على الأعيان لم يوجب على الرجل الاتيان إلا بأذن لأنه معلوم أنه إذا لم يأت حتى أذن المؤذن أنه تفوته الخطبة أو بعضها وكذلك أيضاً يختلف في البعيد هل يجب عليه السعى ليدرك الصلاة أو الخطبة على هذا الاختلاف. قوله وسن غسل بالرواح اتصلا أي يسن لصلاة الجمعة غسل موصوف بكونه متصلا بالرواح إليها ابن عرفة الغسل لها مطلوب وصفته وماؤه كالجنابة والمعروف أنه سنة لمن يأتيها ولو كان ممن لاتلزمه كالعبد والمشهور شرط وصله برواحها والفصل اليسير عفو ولايجزىء قبل الفجر خلافاً للأوزاعى ولابعد الفجر أي أثره خلافاً لابن وهب قال أبو عمر ولاأعلم أحدا أوجب غسل الجمعة فرضاً لأهل الظاهر اهـ
بالمعنى وحصل غيره في حكم الغسل أربعة أقوال الوجوب والسنية والاستحباب والرابع الوجوب على من له رائحة يذهبها الغسل كالدباغ والاستحباب لغيره ومن المدونة قال مالك من اغتسل للجمعة غدوة ثم غدا إلى المسجد وذلك رواحه فأحدث لم ينتقض غسله وخرج فتوضأ ورجع وان تغذى ونام بعد غسله أعاد حتى يكون غسله متصلا بالرواح قال ابن حبيب هذا إذا طال أمره وإن كان شيئاً خفيفاً لم يعده ولايجزئه إلا متصلا بالرواح والرواح إنما يكون بعد الزوال انتهى والمراد بالرواح على مااختاره الإمام ابن حجر الذهاب لابقيد كونه بعد الزوال قال وقد أنكر الأزهرى على من زعم أن الرواح لايكون إلا بعد الزوال ونقل أن العرب تقول راح في جميع الأوقات بمعنى ذهب قال وهي لغة أهل الحجاز ونقل أبو عبيد في الغربيين نحوه.
قوله ندب تهجير أي يستحب التهجير إلى الجمعة أي الذهاب إليها فى وقت الهاجرة التي هي شدة الحر وهذا على أن المراد بالساعات في حديث الموطأ من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنه ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر أجزاء الساعة السادسة أو السابعة فالتهجير حقيقة في الساعة مجاز وأما إن قلنا إن المراد بالساعات في الحديث المتقدم حقيقتها فالتهجير مجاز بمعنى الإسراع والتكبير والله أعلم قال الامام أبو عبد الله المازري في الحديث المتقدم تمسك مالك بحقيقة الرواح وتجوز في الساعات وعكس غيره.
قوله وحال جملا. الحال الهيئة والجمال الحسن أي يستحب لمصلى الجمعة تحسين هيئته باستعمال خصال الفطرة والتجمل بالثياب الحسنة واستعمال الطيب لما في الموطأ أن رسول الله قال «ماعلى أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبى مهنته» والمهنة بفتح الميم وكسرها أي خدمته وتبذله قاله في المشارق وفي حديث آخر من كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه ابن حبيب ويستحب أن يتفقد فطرة جسده من قص شاربه وأظافره ونتف إبطه وسواكه واستحداده إن احتيج إليه الباجي لأن ذلك كله من التجمل المشروع
(فرع) قال ابن عرفة الرواية كراهة ترك العمل يوم الجمعة كأهل الكتاب أصبغ
أما ترك العمل استراحة فلا بأس به وأما استنانا فلا خير فيه
(فصل في صلات الخوف)
قال ابن شعبان صلاة الخوف مشروعة في كل قتال مأذون فيه ابن الحاجب وكذلك في كل خوف وفي كل قتال جائز كالقتال على الهزيمة المباحة وخوف اللصوص والسباع والظن كالعلم والحضر كالسفر على الأشهر اهـ وهي نوعان أحدهما عند المناجزة والالتحام فتؤخر إلى آخر الوقت الاختياري رجاء ذهاب الخوف فيصلون صلاة أمن فإن كان آخر الوقت صلوا أفذاذا إيماء للقبلة وغيرها من تكلف أو قول ويصلون على خيولهم بالإيماء ولايجب الركوع ولا السجود ولا القيام ولا لزوم مكان واحد ولا ترك مايحتاج إليه من الطعن والضرب والفر والكر وقول يفتقر إليه من التنبيه لغيره والتحذير من عدوه إن افتقر إلى ذلك ابن عرفة إن دهمهم عدو في الصلاة صلى بقدر الطاقة دون ترك مايحتاجون اليه من قول وفعل قال مالك ولا إعادة عليهم إن أمنوا في الوقت اهـ وإن أمنوا بها أتموها صلاة الثاني عند الخوف من معركة لو صلوا بأجمعهم فيقسمهم الامام طائفتين ويصلى بأذن وإقامة ويصلى بالطائفة الأولى ركعة إن كانت ثنائية وركعتين في الثلاثية والرباعية فإن صلى ركعتين في غير الثنائية فقال ابن القاسم إذا تشهد قام ساكتا أو داعيا وروى ابن وهب يشير وهو جالس فيتم المأمومون ثم يذهبون فيقفون مكان أصحابهم وتأتي الطائفة الثانية فتحرم خلف الإمام ويصلي بهم مابقى فإذا سلم الإمام أتموا مابقى لهم كالمسبوق وقيل إذا فرغ الامام من التشهد الأخير لايسلم بل يشير اليهم ليتموا مابقى لهم فإذا أتموا سلم وسلموا بسلامة وإن صلى بالطائفة ركعة في الثنائية فلا يجلس إتفاقا إذ لتس محل جلوس بل يقوم ساكتا أو داعيا أو قائما بما يدرك فيه حتى يفرغ من خلف فيذهبون ويأتي أصحابهم فيصلى بهم الركعة الباقية وفي سلام الامام أثر تشهده أو حتى تفرغ الطائفة الثانية القولان وعلى الامام أن يعلمهم كيفية الصلاة قبل التلبس بها لأن ذلك غير معهود ولو صلوا بإمامين أو بعض فذا جاز وإن سها الإمام مع الطائفة الأولى سجدت بعد إكمالها قبليا كان أو بعديا وإن سها مع الثانية سجدت القبلى معه والبعدى بعد القضاء وكذا تسجد الثانية إن سها مع الأول أيضا لأن الثانية كالمسبوق والمسبوق إذا أدرك ركعة معه الامام يسجد ولو كان سهو الامام قبل دخوله معه
بِجُمْعَةٍ جَمَاعَةٍ
سُنَّتْ بِفَرْضَ وَبِرَكْعَةٍ رَسَتْ ونُدِبَتْ إعادَةُ الفَذِّ بِها
لَا مغْرِباً كَذا عَشا مُوتِرها
أخبر أن الجماعة واجبة في الجمعة بمعنى أن إيقاع صلاة الجمعة في الجماعة واجب وأنها سنة في غيرها من سائر الفرائض بمعنى أن إيقاع غير الجمعة في الجماعة سنة فقوله سنت بفرض أي غير الجمعة بدليل ماتقدم والباء ظرفية في الموضعين وأن الجماعة أي فضلها يدرك بركعة أي كاملة بسجدتيها فرست معناه ثبتت وحصلت وأن صلى فذا أي وحده يستحب له أن يعيد في الجماعة فالباء ظريفة أو بمعنى مع والضمير للجماعة إلا المغرب فلا يعيدها وكذا العشاء إن أوتر بعدها وأما إن صلى العشاء وحده ولم يوتر فيستحب له إعادتها مع جماعة أما حكم ايقاع الصلاة في الجماعة فقال ابن عرفة صلاة الخمس جماعة أكثر الشيوخ سنة مؤكدة ابن رشد فرض في الجملة سنة كل مسجد مستحبة للرجل في كل خاصة نفسه ابن العربى ولو تركها أهل مصر قوتلوا وأهل حارة أجبروا عليهاوأكرهوا (فرع) وهل تتفاضل الجماعات أم لاقال ابن عرفة والمشهور أنها لاتتفاضل بالكثرة وروى ابن حبيب صلاة في الجماعة حيث المنبر والخطبة أفضل من خمس وسبعين صلاة في غيره من المساجد قال ابن حبيب والثواب على عدد الرجل حتى في الثلاثة المساجد ابن بشير لايجوز تعدى المسجد المجاور إلى غيره أمامه اهـ إلا لجراحة امامه اهـ ولعله يقيد بتعديه إلى غير جامع لما مر من رواية ابن حبيب ابن عبد السلام ومنهم من رأى أن معنى كون الجماعات لاتتفاضل بالنسبة للاعادة فمن صلى مع واحد فأكثر فلا يعيد مع ألف مثلا لأن الصلاة مع واحد كالصلاة مع ألف فيما يحصل من الثواب لما رواه أبى بن كعب أنه عليه الصلاة والسلام قال «صلاة الرجل مع واحد أزكى من صلاته وحده وصلاته مع رجلين أزكى من صلاته مع الواحد وما كثر فهو أحب إلى الله» وأما كون الجماعة تدرك بركعة فقال ابن الحاجب ولا يحصل فضلها بأقل من ركعة التوضيح لما خرجه مالك والبخارى ومسلم عنه عليه الصلاة والسلام من أدرك ركعة من صلاة فقد أدرك الصلاة ابن عبد السلام حمله المالكية على فضيلة الجماعة والوقت وقصره بعضهم على فضيله الوقت ثم قال ابن الحاجب قال مالك وحد ادراك الركعة أن يمكن يديه من ركبتيه مطمئنا قبل رفع الإمام يريد ويسجد معه السجدتين معاً فلو أدرك الركوع وزوحم مثلا على السجود وكان ذلك فى الركعة الأخيرة فلم يسجد إلا بعد سلام الإمام فحكى ابن عرفة في كونه في تلك الركعة فذا أو جماعة قول ابن عرفة استحب مالك عدم إحرامه عند الشك في إدراكها فإن فعل فسمع أشهب يقضي تلك الركعة وصحت صلاته قال ابن رشد ويسجد بعد السلام وقال ابن القاسم يسلم مع الإمام ويعيد
(فرع) فإن تحقق المأموم أنه إنما وضع يديه على ركبتيه بعد رفع الإمام فقال ابن عبد السلام الحق أنه يرفع رأسه للامام وإن وافقه كان بعض أشياخي يقول يبقى كذلك في صورة الراكع حتى يهوى الامام للسجود فيخرج من الركوع ولايرفع قال لأن رفع الرأس من الركوع عقد للركعة فلو فعل ذلك لكان قاضياً في حكم إمامه وهذا كما تراه ضعيف لاشتماله على مخالفة الامام وإنما يكون قاضياً لو كان هذا رفعا من ركوع صحيح وإنما هو موافقة للامام كما في السجود وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة لايرفع فإن رفع جاهلا عامدا بطلت صلاته (فرع) قال في النوادر ومن سماع العتبية عيسى عن ابن القاسم قال لاينتظر الإمام من وراءه إن أحسن به مقبلا قال ابن حبيب إذا كان راكعا فلا يمد ركوعه وكذلك قال اللخمى من وراءه أعظم عليه حقا ممن يأتى وجوز سحنون الإطالة واختاره عياض ويشهد له انتظار الطائفة الثانية في صلاة الخوف وتخفيفه عليه الصلاة والسلام لبكاء الصبي واختاره ابن عرفة إن كانت الركعة الأخيرة قال الامام أبو عبد الله الأبى وكان الشيخ امام الجامع الأعظم بتونس إذا أحس بالمطر خفف رفقا بما يصلى في الصحن وأما استحباب إعادة الفذ مع الجماعة فقال ابن الحاجب وتستحب اعادة المنفرد مع إثنين فصاعدا لا مع واحد على الأصح إلا إماماً راتبا في مسجده فإنه أي وحده كالجماعة أى فيعيد معه من صلى بذا ثم قام ولذلك لايعيد أي الامامقولان وعدم إعادته هو اختيار جماعة (فرع) من صلى وحده ثم أدرك ركعة من صلاة الجماعة أتمها وإن لم يدرك ركعة
فليس عليه اتمامها لئلا يعيد منفرداً ويستحب له أن يصلى ركعتين يجعلهما نافلة قاله في الجلاب وقال ابن القاسم وقيد بأن تكون الصلاة بتنفل بعدها وأما إن لم يصل وحده فهو مخير بين أن يبنى على إحرامه فذاً أو يقطع ويعيد في جماعة أخرى إن رجاها
(فرع) من المدونة قال مالك من صلى في جماعة مع واحد فأكثر فلا يعيد في جماعة كان إماما أو مأموما وليخرج من المسجد إذا أقيمت الصلاة اهـ
وهذا في غير أحد المساجد الثلاثة فقد قال ابن عرفة المذهب لمن صلى في جماعة أن يعيد في جماعة بإحدى المساجد الثلاثة لا غيرها وقال ابن عرقة أيضا إذا أقيمت بموضع صلاة منع فيه ابتداء غيرها والجلوس فيه ولزمت من لم يصلها أو صلاها فذا وهي مما تعاد الباجى ورحاب المسجد الممنوع فيه الفجر مثله الشيخ من كان بمسجد قوم فأقاموها وأمر بالدخول معهم للحديث
(فرع) فإن أقيمت على من بالمسجد وعليها ماقبلها فلابن رشد عن أحد سماعى ابن القاسم تلزمه نية النفل والآخر يخرج ابن رشد ويضع الخارج يده على أنفه وأما عدم إعادة المغرب والعشاء بعد الوتر فقال في المدونة قال مالك تعاد إلا المغرب لأنها وتر صلاة النهار وسمع ابن القاسم لايعيد في جماعة من صلى العشاء وحده وأوتر اهـ وقال المغيرة وابن مسلمة تعاد المغرب قال اللخمى وعلى قول المغيرة تعاد العشاء بعد الوتر وعلى المشهور من عدم إعادتهما إن أخطأ وأعاد فإن لم يكن يركع قطع وإن ركع شفعها فيصلى الركعة الثانية مع الامام ويسلم قبله فإن لم يذكر إلا بعد ثلاث أضاف إليها رابعة وسلم وكذا إن سلم في المغرب عن ثلاث فتذكر بالقرب أضاف إليها رابعة أيضا فإن لم يتذكر حتى طال لم يعدها مرة ثالثة على الأصح وهذا التفريع في المغرب قال ابن عبد السلام ولا أذكره الآن في العشاء بعد الوتر (فرع) فان أعاد العشاء بعد أن أوتر فقال سحنون يعيد الوتر وقال يحيى بن عمر لا يعيده ورأى اللخمي الإعادة إن كانت نيته بالعشاء الفرض وإن نوى بها النفل لم يعد (فرع) في كون الإعادة مع الجماعة بنية الفرض أو النفل أو التفويض إلى الله يقبل أيتهما شاء أو بنية اكمال الفريضة أربعة
أقوال ونظمت في بيت وهو
في نية العود للمفروض أقوال
فرض ونفل وتفويض وإكمال
وكلها مشكلة ابن الفكهاني والمشهور التفويض وفائدة الخلاف إذا ظهر بطلان واحدة منهما أو كونه لم يصل وحده فعلى النفل والاكمال تراعى الأولى تبين فساده أو عدمها وعلى الفرض تراعى الثانية وعلى التفويض تراعى الصلاتان معا فإن تبين
فساد واحدة أو عدم الأولى أعاد
(فرع) من صلى وحده وأراد أن يعيد في جماعة فإنه يعيد مأموماً لأنه كمتنفل فلا يأتم به المفترض اللخمي وينبغي على القول بأنه ينوي الفرضية أن يؤتم به ومن أئتم به أعاد أبدا على المشهور وقيل يعيد مالم يطل اختلاف الصحابة في صلاة المفترض خلف المتنفل وإذا أعاد من أئتم به فإنما يعيدون أفذاذاً لاجماعة لمراعاة من يقول بصحتها
(فرع) تقدم قول ابن عرفة إذا أقيمت صلاة بموضع منع فيه ابتداء غيرها فإن كان فذا في صلاة فأقيمت عليه صلاة فإن علم أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى قطع وكل من يذكر أنه يتمادى إنما ذلك إذا علم أنه يدرك مع إمامه الركعة الأولى ثم إن كانت الصلاة التي هو فيها نافلة أتمها وإن كانت فريضة غير التي أقيمت عليه كملها أيضا عليه بالشرط المتقدم إن خاف فوات الركعة الأولى مع الإمام قطع ودخل مع الإمام ثم استأنف التي كان يصليها إذا كانت فرضا ثم أعاد التى صلى مع الإمام وإن كانت نافلة قطع ودخل مع الإمام ولا شيء عليه وإن كانت هي التي أقيمت عليه فإن ركع ركعة أضاف إليها ثانية وسلم ودخل مع الامام ابن يونس مالم يخف فوات ركعة وإن صلى ثالثة أضاف إليها رابعة ولا يجعلها نافلة ويسلم ويدخل مع الامام وحيث يذكر القطع فهو أما بالسلام أو يفعل مناف للصلاة
شَرْطُ الإِمام ذَكَرُ مكَلَّفُ
اتٍ بالَارْكانِ وَحُكمْا يَعْرِف
وَغَيْرُ ذِى فسْقِ وَلَحْنٍ واُقْتِدَا
جُمْعَةٍ حُرُّ مقِيمُ عَدَدَا
ويُكْرَهُ السَّلِسُ والقُروُحُ مَعْ
باَدٍ لِغَيْرهمْ وَمَنْ يُكْرَهُ دَعُ
وَكالاشَلِّ وإماَمةُ بِلَا
رِدَا بِمَسْجَدٍ صَلَاةُ تُجْتلَى
بَيْنَ الأسَاِطينِ وقُدَّامْ الإِماَمْ
جَمَاعةُ بَدَ صَلَاةٍ ذَي التِزامْ
ورَاتِبُ مَجْهُولُ أوُ مَنْ أَبِنا
وَأَغْلَفُ عَبْدُ خَصِىُّ اُبْنُ زِنا
وجَازَ عنِيِّنُ وَأَعْمَى أَلْكَنُ
مُجَذَّمُ خَفَّ وهَذَا الْمُمْكِنُ
ذكر في هذه الأبيات شروط الإمام وبعض مايتعلق بصلاة الجماعة ثم اعلم أن شروط الامام على قسمين شرط صحة بمعنى إنه أن عدم ذلك الشرط بطل الاقتداء بذلك الإمام وكانت الصلاة خلفه باطلة تعاد ابدا وشرط كمال لاتبطل الصلاة بفقده وإن كان الأولى وجوده
فأول شروطه الصحة على ترتيب النظم أن يكون ذكرا وكان ينبغى أن يقول الذكورية والتكليف إلى اخرها لأن الذكر والمكلف محل الشروط فلا يخبر به عن الشرط إلا بتجوز ولأجل هذا الشرط من صلى خلف امرأة بطلت صلاته رجلا كان أو امرأة وروى ابن أيمن تؤمن النساء ولم يأخذ بذلك أكثر العلماء وأما الائتمام بالخنثى فقال سحنون إن حكم له بحكم النساء أعاد من ائتم به أبدا ولو حكم له بحكم الرجل لم يعد ابن عرفة فالمشكل مشكل وقال ابن بشير كالمرأة ولذا لم يرث في الولاء شيئاً وتقدمت هذه من جملة مسائل من مسائله منظومة في نواقض الوضوء فراجعها إن شئت
الثاني أن يكون مكلفا أي عاقلا بالغا فمن ائتم بمجنون أو بسكران غلب على عقله أو بصبى غير بالغ أعاد أبدا وروى ابن عبد الحكم لا بأس بامامة المجنون حين افاقته ويطلب علمه بما لاتصح الصلاة إلا به وأما من شرب أو لم يسكر ففي إعادته وإعادة من اقتدى به خلاف التوضيح ومذهب المدونة أن الصبي لا يؤم في فريضة ولانافلة وفي المختصر جواز أمامته في النافلة زاد أشهب في روايته وقيام رمضان فإن أم في النفل على مذهب المدونة صحت وإن لم يجز الاقدام على ذلك ابتداء وإن أم في الفرض فقال سحنون يعيد من صلى خلفه أبدا وحكى في النوادر عن ابن مصعب جواز إمامته وخفف مالك ائتمامهم في المكتب بواحد منهم. الثالث أن يكون قادرا على أدائها والاتيان بأركانها من القيام والركوع والسجود ونحو ذلك فلا يصح ائتمام القادر على ذلك العاجز عنه ابن رشد ويؤم الجالس بعذر مثله اتفاقا فإن عرض للامام مايمنعه القيام استخلف ورجع إلى الصف مأموما فإن أم أعاد من ائتم به أبدا قال في المدونة فإن ائتم قاعد بمثله فصح المأموم فقال سحنون يخرج من الائتمام ويتم وحده وقال يحيى بن عمر لايخرج وروى الوليد بن مسلم جواز إمامة الجالس للقائم واختاره اللخمى. الرابع أن يكون عارفا بحكم الصلاة عالما بما لاتصح الصلاة إلا به من القراءة والفقه أما القراءة فقال في المدونة قال ابن القاسم إن صلى من يحسن القرآن خلف من لايحسنه أعاد الإمام والمأموم أبدا ابن عرفة حمل القابسى قولها خلف من لايحسن القرآن على اللحان وحملها ابن رشد اهـ على الأمى ثم فسر ابن رشد الذي لايحسن بمن لايحفظ من القرآن شيئاً ولايعرفة فاللحان في بطلان الصلاة خلفه وهو الذي أعتمد الناظم حيث عد كونه غير لحان خلال شروط الصحة وصحتها ثالثها إن غير لحنه المعنى كأنعمت ضما وكسر ابطلت وإن لم يغير المعنى ككسر دال الحمد ورفع هاء الله لم
تبطل ورابعها إن كان اللحن في الفاتحة بطلت وإن كان في غيرها لم تبطل خامسها تكره
الصلاة خلفه ابتداء فإن وقعت لم تجب إعادتها ابن رشد وهذا هو الصيح من الأقوال لأن القارىء لايقصد مايتقضيه اللحن بل يعتقد بقراءته مايعتقد بها من لايلحق فيها وإلى هذا ذهب ابن حبيب ومن اللحن عدم تمييز الضاد من الظاء ابن الحاجب الأ لكن المنصوص تصح أي إمامته وقيل إن كان غير الفاتحة ابن عبد السلام الألكن الذي لايستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها سواء كان لاينطق بالحرف البتة أو ينطق به مغيراً وقال ابن رشد الألكن الذي لاتتبين قراءته والألثغ هو الذي لايتأتى له النطق ببعض الحروف والأمى الائتمام به باطل إلا إن ائتم به أميون مثله فقال سحنون صلاتهم تامة إن لم يجدوا من يصلون خلفه ممن يقرأ وخافوا ذهاب الوقت أما ان وجدوه فصلاتهم فاسدة قال بعض الفقهاء وإذا دخل الصلاة هذا الذي يحسن القرآن ثم أتى من يحسنه فلا يقطع لدخوله فيها بما يجوز له من ابن يونس
(فرع) قال في المدونة قال مالك من صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود فليخرج ويتركه قال ابن القاسم فإن صلى خلفه أعاد أبداً ابن يونس لأنها مخالفة لمصحف عثمان المجمع عليه وأما الفقة الأمام أبو عباس القباب في شرح القواعد لايريد بالفقه هنا معرفة أحكام السهو فإن صلاة من جهل أحكام السهو صحيحة إذا سلمت مما يفسدها وإنما تتوقف صحة الصلاة على معرفة كيفية الغسل والوضوء وانه ان ترك منه لمعة بطل غسله وصلاته واستيعاب غسل الرجلين في الوضوء وإيصال الماء أي الوجه وإن لم يستحضر تعيين الصلاة التي شرع فيها لم تجزه ونحو هذا مما يبطل الاخلال به ولايشترط تعيين الواجبات من السنن والفضائل الخامس كونه غير فاسق وهو شامل لفسق الجارحة من شرب خمر أو زنا أو سرقة أو نحوها ولفسق الاعتقاد كالقدرى والجبرى واذا اشترط عدم فسقه فاشتراط عدم كفره أحرى فيشترط كونه مسلما غير فاسق لا بالجارحة ولا بالاعتقاد على أنه قال في التوضيح والأحسن أن لايعد من شروط الامامة إلا ماكان خاصاً بها فلا يعد الاسلام ولا العقل لأنهما شرطان في مطلق الصلاة وليسا خاصين بالامام ولا خلاف في اشتراط الاسلام واختلف في الكافر يتزيا بزى الاسلام فيصلى فإذا ظهر عليه قال فعلت ذلك خوفا فقال مالك في العتبية لايقتل ويعيدون أبداً ابن يونس يريد ويعاقب وروى عن مالك أيضا إن عثربه استتيب كالمرتد وقال سحنون إن كان بموضع يخاف على نفسه فدرأ بذلك عن نفسه وماله يتعرض له وإلا قتل وأما الفاسق
بالجارحة ففي صحة الائتمام به خلاف فمن صلى خلفه قيل يعيد أبداً وهو قول مالك وابن وهب وقيل يعيد في الوقت نقله ابن رشد واللخمى وقال الباجى لا إعادة عليه قال ابن بشير الخلاف في صحة إمامة الفاسق خلاف في حال فإن كان من التهاون والجراءة بأن يترك ما اؤتمن عليه من فروض الصلاة كالنية والطهارة فتح إمامته وإن كان ممن اضطر وهو غالب إلى ارتكاب كبيرة مع براءته من التهاون والجرأة صحت إمامته وهذا يعلم بقرينة الحال وقال اللخمي أرى أن تجزىء الصلاة إذ كان فسقه مما لا تعلق له بالصلاة كالزنا والغصب وقال القباب أعدل المذاهب أنه لايقدم الفاسق للشفاعة والإمامة ومن صلى خلفه لا إعادة عليه إن كان يتحفظ على أمور الصلاة قال وهذا مرتضى التونسي واللخمي وابن يونس والذي ينزل بالناس كثيرا امامة بغير هذا الفاسق ممن يغتاب الناس ورما أخذ مرتبا من جباية المخزن ومن يعطي لزوجته الدراهم تدخل بها الحمام متجردة مع نساء متجردات كلهن بغير ساتر ونحو ذلك ممن استسهل الناس فعله
(فرع) روى ابن القاسم لابأس أن يؤم محدود صلحت حاله وروى ابن حبيب لايؤم قاتل عمداً وإن تاب وقد جعل اللخمى القتل من مثل ماتعلق له بالصلاة فصحح الصلاة خلف القاتل
(فرع) من فسق الامام صلاته بالناس وهو محدث متعمداً قال مالك وإذا صلى الجنب بالقوم ولايعلم ثم تذكر وهو في الصلاة استحلف وإن لم يتذكر حتى فرغ فصلاة من خلفه تامة ويعيد هو وحده وإن صلى بهم ذاكرا للجناية فصلاتهم كلهم فاسدة وكذلك إن ذكر في الصلاة فتمادى بهم جاهلا أو مستحييا فقد أفسد عليهم قال ومن علم بجانبته ممن خلفه والامام ناس لجنابته فتمادى بهم جاهلا أو مستحييا فقد أفسد عليهم قال ومن بجانبته ممن خلفه والامام ناس لجنابته فتمادى معه فصلاته فاسدة وسمع يحيى بن القاسم إن أطاق من رأى في ثوب إمامه نجاسة أن يريها إياه فعل وإن لم يطق وصلى معه أعاد أبداً ابن رشد إذا أراه إياها يخرج الإمام ويستخلف ويتمادى هو مع المستخلف على صلاته إلا أن يكون عمل من الصلاة معه عملا بعد أن أرى النجاسة قبل أن يريه اياها فيكون قد أفسد على نفسه فيقطع ويبتدىء اللخمي قال ابن حبيب لمن رأى في ثوب إمامه نجاسة أن يدنو منه ويخبره متكلما ولاتبطل صلاته لأنه تكلم لإصلاحها قال يحيى بن يحيى له أن يخرق الصفوف إليه ثم يرجع إلى الصف ولا يستدير القبلة في رجوعه وقيل إن قدر أن يفهم الامام بتلاوة وثيابك فطهر فعل وأما الفاسق الاعتقاد فقال أصبغ وابن عبد الحكم من صلى خلفه يعيد أبدا ولمالك سماع ابن وهب لا اعادة عليه ولابن القاسم في المدونة يعيد في الوقت
ولابن حبيب تعاد أبداً مالم يكن والياً أو صاحب شرطة فالصلاة خلفه جائزة وإن أعاد في الوقت فحسن والخلاف في ذلك جاز على الاختلاف في فسقهم أو كفرهم فعلى الكفر يعيد أبدا وعلى الفسق يختلف فيه كالفاسق بالجوارح ابن الحاجب ولمالك والشافعى والقاضى أبى بكر الطيب فيهم قولان أي بالتكفير وعدمه والمختار عند حذاق المتكلمين عدم تكفيرهم لأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة وفيها لايناكحون ولايصلي خلفهم ولاتشهد جنائزهم ولايسلم عليهم
(فرع) وأما المخالف في الفروع فحكى المازرى الإجماع على إجزاء الصلاة خلف الأئمة المختلفين لأنه إن كان كل مجتهد مصيبا فواضح وان كان المصيب واحد فكذلك لعدم بيان المحقق. السادس كونه غير لحان وقد تقدم مافيه فى الشرط الرابع لأنه مفهوم أحد وجهيه. السابع كونه غير مقتد بغيره فمن ائتم بمأموم بطلت صلاته كمن قام يقضى ركعة فائته قبل الدخول مع الامام فائتم به آخر فاتتة تلك الركعة فتبطل صلاة هذا المؤتم قاله محمد وابن حبيب وقال ابن حبيب في امام يصلى يقوم في السفر فرأى أمامه جماعة تصلى بامام فجهل فصلى بصلاتهم أجزأته صلاته لأنه كان مأموما وأعاد من وراءه أبداً لأنهم لا إمام لهم وقال ابن القاسم ومن لقيت من أصحاب مالك اهـ
قوله يصلى بقوم أي أراد أن يصلى بقوم إلى آخره وهذه الشروط السبعة شروط في صحة الامامة في الصلاة من حيث هي ثم يشترط لصحة الامامة في صلاة الجمعة فقط شرطان آخران أحدهما كونه حرا فلا تصح إمامة عبد في جمعة قال في المدونة قال مالك ولا يؤم العبد في حضر في مساجد القبائل ولا في جمعة أو عيد قال ابن القاسم فإن أمهم في جمعة أو عيد أعادوا إذ لاجمعة عليه ولا عيد قال مالك ولا بأس إن يؤم العبد في قيام رمضان ويؤم في الفرائض في سفر إذا كان أقرأهم من غير أن يتخذ إماما راتبا فإمامته في الجمعة باطلة واتخاذه إماما راتباً في غير الجمعة مكروه وإمامته في الفرائض من غير أن يتخذ إماما راتبا جائزة الثانى كونه مقيما فلا تصح الجمعة خلف مسافر إلا أن ينوى إقامة أربعة أيام فأكثر وقد تقدم ذلك في الجمعة راجع الشرط الرابع من شروط ادائها وإلى هذين الشرطين أشار بقوله في جمعة حر مقيم وعددا تتميم للبيت قوله ويكره السلس الخ هذا شروع من الناظم في شروط الكمال فأخبر أن هذه
الأوصاف لاتمنع صحة الإمامة بل الإمامة معها صحيحة ولكن ترك إمامة الموصوف بشيء منها أولى فشرط كمال الإمام هو السلامة من هذه الأوصاف وأما الاتصاف بها وهو الذي ذكره الناظم إنما هو مانع من كمال الإمامة لاشرط إذ مايطلب عدمه مانع لاشرط وقولهم من شروط الكمال السلامة من كذا توسع في إطلاق على المانع أولها إمامة صاحب السلس والقروح للسالم من ذلك ابن بشير
اختلف إذا سقط الوضوء يعنى من الخارج على غير العادة هل يكون ذلك رخصة للانسان في نفسه لايتعداه أو سقوط ذلك يجعل الخارج كالعدم فيه قولان وعليه يختلف هل تجوز له إمامة غيره وكذلك الحكم فيمن كانت تنفصل منه نجاسة لايقدر على الاحتراز منها كمن به قروح ففي جواز إمامته قولان ابن يونس وعن سحنون ترك إمامته أحسن إلا لذي صلاح الثانى إمامه الرجل من أهل البادية للحضريين قال مالك لايؤم الأعرابى في حضر ولاسفر وإن كان أقرأهم قال ابن حبيب لجهله السنن وقال غيره لنقص فرض الجمعة وفضل الجماعة الشيخ إن أم أجزأهم كمتيمم بمتوضئين ولم يكرهه ابن مسلمة عياض والأعرابي بفتح الهمزة هو البدوي كان عربيا أو عجمياً الثالث إمامه من تكرهه الجماعة عياض من الصفات المكروهة في الإمامة أن يأخذ على الصلاة أجرا وقد كرهته وقد جماعة أو من يلتفت إليه منهم انظر من أريد تقديمه للإمامة وخيف كراهة بعض الناس إمامته قال ابن رشد إن علم تسليم من حضر أحقية إمامته لم يستأذنهم وإن خاف كراهه بعضهم استأذنهم وإن كرهه أكثر الجماعة أو أفضلهم وجب تأخيره وأقلهم يستحب وحال من ورد على جماعته لغو الرابع إمامة الأشل وأدخل بالكاف أقطع اليد وشبهه قال المازري الباجي جمهور أصحابنا على رواية ابن نافع عن مالك انه لابأس بامامة الأقطع والأشل ولو في الجمعة ابن رشد وكره ابن وهب إمامة الأقطع والأشل وقد ذهب الشيخ خليل في مختصره على رواية ابن وهب وبحث معه المواق وإياه تبع الناظم وتجوز إمامة الأعرج إن كان عرجه خفيفا بحيث لايخرجه اعتماده على العرجاء عن كونه قائما لكن إن وجد غيره فهو أولى قاله أبو محمد عبد الله العبدوسى الخامس الامامة في المسجد بلا رداء قال مالك في المدونة أكره لأئمة المسجد الصلاة بغير رداء إلا إمامة في السفر أو في داره أو بموضع اجتمعوا فيه وأحب إلى أن يجعل على عاتقه عمامة إذا كان مسافراً أو في داره وأما الإمامة في غير المسجد فتجوز بغير رداء واليه أشار في المدونة بقوله إلا إماما في السفر أو في داره
ثم استطرد الناظم أثناء شروط الكمال ثلاثة فروع من فروع الصلاة مع الجماعة شاركت ماذكر قبلها في الكراهة وهي الصلاة بين الأساطين بين السوارى والصلاة قدام الإمام أي أمامه أي بلا ضرورة تدعو لذلك وإعادة الصلاة جماعة بعد صلاة الإمام الراتب وهو المراد بذي الالتزام فأما الصلاة بين الأساطين فقال في المدونة قال مالك لابأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد ابن عرفة مفهوم المدونة إن كان المسجد متسعاً كرهت الصلاة بين الأساطين وقال في المبسوط لاتكره ابن يونس كره ابن حبيب الصلاة بين السوارى يريد إذا كان المسجد متسعا اهـ فيقيد كلام الناظم باتساع المسجد وأما الصلاة أمام الإمام فقال في المدونة مامعناه لا بأس في الصلاة في دور محجورة بصلاة الامام في غير الجمعة إذا رأوا عمل الامام والناس وسمعوا تكبيره قال مالك ولو كانت الدور بين الدور يدي الامام كرهت ذلك فإن صلوا فصلاتهم تامة التوضيح والكراهة محمولة على عدم الضرورة وأما لضيق المسجد فلا بأس بذلك قاله في الجلاب فيقيد كلام الناظم باتساع المسجد أيضا وأما إعادة الجماعة بعد الامام الراتب فقال ابن الحاجب ولا تجمع صلاة في مسجد لكل إمام راتب مرتين قال في المدونة إلا أن يكون مسجداً ليس له إمام راتب فلكل من جاء أن يجمع فيه اهـ
فيه هو النهي للكراهة قال في الرسالة ويكره في كل مسجد إمام راتب أن يجمع فيه الصلاة مرتين وذهب أشهب إلى الجواز ويشهد له حديث من يتصدق على هذا وسمع ابن القاسم إذا كان المسجد جمع فيه بعض الصلاة فلا أرى أن تجمع فيه الصلاة مرتين لا مايجمع فيه ولا مالايجمع وسمع أشهب لايجمع في السفينة مرتين ابن رشد ليس هذا بخلاف لأجازتها صلاة من فوقها بامام ومن تحتها بامام لأنهما موضعان ومحل الكراهة إن صلى الامام في وقته المعتاد فمن جمع فقد فعل مكروها على المشهور وكذا من جمع قبله وله أن يجمع ثانية وأما إن قدم الامام قبل الوقت المعتاد أو أخر عنه وتضرر الناس بطول انتظاره فيجوز لغيره الجمع بعده في الوجه الأول وقبله في الوجه الثانى ولم يجمع هو إن جاء بعد الوقت وقد جمعوا ومن دخل مسجدا جمع أهله خرج يطلب جماعة في غيره إلا أن يكون أحد المسجد الثلاثة فإنه يصلي فيه فذا لأن الصلاة فيه فذاً أفضل من الصلاة في غيره جماعة السادس من شروط كمال الإمامة اتخاذ من جهل حاله هل هو عدل أم لاإماما راتباً قال ابن حبيب عن أشهب وابن نافع وأصبغ وابن عبد الحكم لاينبغى أن يؤتم بمجهول إلا إن كان إماما راتباً ابن عرفة هذا إن كانت التولية بالترجيح الشرعى فحينئذ لايبحث عن الامام الراتب قال فإن كانت التولية لذى هوى لايقوم فيهاالترجيح الشرعى ولم يؤتم براتب إلا بعد الكشف عنه. وكذا كان يفعل من أدركه
السابع اتخاذ المأبون أماما راتبا وليس المراد به الذي يؤتى لأنه من أرذل الفسقة ثم يحتمل أن يكون المراد به من كان موصوفا بذلك ثم تاب وحسنت توبته وبقيت الألسنة تتكلم فيه بما مضى ويحتمل أن يراد به المتهم وهو المساعد للغة العربية ففي البخاري ماكنا نأبنه برقية نتهمه وفيه أبنوا أهلى وزعم الشار مساحى أنه عند الفقهاء الضعيف العقل وكأنه على هذا أخف شأنا من المعتوه وقد قال في سماع ابن القاسم لايؤم المعتوه الناس قال سحنون فإن أمهم أعادوا قال ابن رشد
المعتوه الذاهب العقل الثامن اتخاذ الأغلف وهو الذي لم يختتن إماماً راتبا سمع ابن القاسم لا يؤم أغلف سحنون لايعيد مأمومه اهـ وقيل لاتكره إمامته كالعنين بجامع أن في فرجيهما نقساً ابن هرون لا أعلم نفي الكراهة في الأغلف إذا ترك الختان من غير عذر وقال عبد الملك من تركه لغير عذر لم تجز شهادته ولا إمامته التاسع اتخاذ العبد إماماً راتبا وقد تقدم ذلك آخر شروط الصحة وهو أول شروط صحة الامامة في خصوص الجمعة العاشر اتخاذ الخصى إماما راتبا قال الإمام أبو عبد الله المازري نقص الخلقة إن كان لاتعلق إنه له بالصلاة فان كان مقربا من الأنوثة كالخصى فكره مالك امامته في الفرائض امامة راتبه انتهى ويطلق الخصى على مقطوع الذكر فقط مقطوعهما أو الأنثيين فقط أما مقطوعهما معا فهو المجبوب وكراهة ترتبه للامامة أحروية من كراهة ترتب الخصى والله أعلم ويقرأ الخصى في النظم بحذف التنوين للوزن الحادي عشر اتخاذ ولد الزنا اماما راتبا قال مالك في المدونة أكره أن يتخذ ولد الزنا اماما راتبا أبو عمر خوف أن يعرض نفسه للقول فيه لأن الإمامة موضع رفعة وكمال ينافس فيها ويحسد عليها وإنما كره ترتيب هؤلاء لأن الإمامة درجة شريفة لاينبغي أن تكون إلا لمن لا يطعن فيه وهؤلاء تسرع إليهم الألسنة وربما تعدى إلى من ائتم بهم * قوله وجاز عنين البيت أي الاقتداء بالعنين وهو من له ذكر صغير لا يتأتى به الجماع قال عيسى وابن الماجشون لابأس بامامة العنين وكذا تجوز امامة الأعمى
قال في المدونة ولابأس باتخاذ الأعمى إماما راتبا وحكى ابن ناجى في باب الأذان من شرح المدونة في كون امامة البصير أفضل لتوقيه النجاسة لرؤيته أو كون إمامة الأعمى أفضل أو هما سواء ثلاثة أقوال وكذا تجوز إمامة الألكن وقد تقدم الكلام عليه في الشرط الرابع من شروط الصحة وكذا المجزوم الخفيف الجذام قال ابن رشد إمامة المجذوم جائزة بلا خلاف إلا أن يتفاحش جذامه وعلم من جير أنه أنهم يتأذون به في مخالطته فينبغى أن يتأخر عن الإمامة فإن أبى أجبر قال الناظم وهذا الذي ذكرنا في أحكام صلاة الجماعة شروط الإمام هو القدر الممكن أي اللائق بهذا الكتاب الموضوع للمبتدىء المبنى على الاختصار فمن أراد أكثر طالع المطولات
فصل في مسائل من هذا الفصل
منها تقديم من يصلح للامامة بعضهم على بعض إذا اجتمع جماعة كلهم يصلحون للامامة وليس فى واحد منهم نقص يوجب منعا لإمامته أو كراهة لها فأولاهم بها السلطان أو خليفته لقوله عليه الصلاة والسلام لا يؤم الرجل في سلطانه ثم صاحب الدار إذا صلوا في منزله إلا أن يأذن لأحدهم فإن كان المنزل امرأة فلها أن تولى رجلا يؤم في منزلها ابن شاس ومالك منفعة الدار كمالك رقبتها وروى أشهب يؤمهم صاحب المنزل وإن كان عبدا ابن حبيب وأحب إلى إن حضر من هو أعلم من صاحب المنزل أو أعدل منه فليوله ذلك ابن رشد ولا كلام أن الأمير وصاحب المنزل أحق بالامامة وإن كان غيرهما أعلى مرتبة منهما في العلم والفضل إذا كانت لهما الحالة الحسنة ثم إن اختلفت حالاتهم وكان لكل واحد منهم وجه يدلى به ولا يدلى به الآخر قدم الفقيه فالمحدث القارىء فالعابد فذو السن في الاسلام فلو كان الأحدث سنا أقدم اسلاما لكان أولى بالامامة إذ لافضيلة في مجرد السن ثم ذو النسب لخبر قدموا قريشا ولاتقدموها ثم ذو الخلق بفتح فسكون أي ذو الصورة الجميلة
لخبر التمسوا الخير عند حسان الوجوه ثم ذو الخلق بضمتين لخبر خياركم أحاسنكم أخلاقا ذو اللباس الحسن فإن تشاح من تساوت أحوالهم أقرع بينهم قال ابن بشير إذا كان مطلوبهم فضل الامامة لاطلب الرئاسة الدنيوية وإذا اجتمع الأب وابنه فالإمامة للأب وكذا العم مقدم على ابن أخيه ولو كان العم أصغر من ابن أخيه إذا كان لهما الحالة الحسنة إلا أن يأذن الأب لابنه والعم لابن أخيه ومنها في بيان مكان وقوف المأموم مع إمامه ابن عرفة يستحب وقوف الرجل عن يمين امامه والاثنان خلفه والخنثى خلف الرجل مطلقا والأنثى خلف الخنثى ابن حبيب الصغير الذي يثبت ولا يذهب كالكبير وإلا فلغو (فرع) فإن كان واحد عن يمين الامام فدخل آخر تأخر المأموم ووقف هو والداخل خلف الامام * ومنها في مسائل متفرقة فمن ذلك كراهة صلاة الرجل بين النساء وعكسه وهو صلاة المرأة بين الرجال ومن المدونة قال مالك لا يتنفل الامام في موضعه وليقم عنه بخلاف الفذ والمأموم فلهما ذلك فإن شاء تنحى أو قام وفي الرسالة وإذا سلم الامام فلينصرف قال الجزولى معنى هذا الانصراف تغيير هيئته قال ابن لب وهذا عند أهل المذهب على الندب ومن المدونة قال مالك أكره قتل البرغوث والقملة في الصلاة ابن رشد ويقتل بها العقرب والفأرة وفي المدونة من دخل المسجد وقد قامت الصفوف قام حيث شاء خلف الامام أو عن يساره أو عن يمينه ولا بأس أن تقف طائفة عن يسار الامام في الصف ولاتلتصق بالطائفة التى عن يمينه ابن عرفة تعقبه التونسى بأنه تقطيع الصفوف وقد كرهه مالك وحمله ابن رشد على أنه بعد الوقوع ويكره ابتداء وقال مالك من صلى خلف الصفوف وحده أجزأه ولابأس أن يصلى كذلك وهو الشأن ولا يجذب إليه أحدا فإذا جذب فلا يتبعه فان اتبعه فهو خطأ منهما وسمع ابن القاسم لابأس باسراع المثنى إلى الصلاة إذا أقيمت وبتحريك فرسه لايدرك ابن رشد مالم يخرجه إسراعه عن السكينة ابن عرفة وسمع ابن القاسم معها
يجنب الصبي المسجد إن كان يعبث ولايكف إذا نهى اهـ المواق وانظر أيضا المجنون نص اللخمى أنه كالصبى بجنب أيضا المسجد ابن بشير إن اضطر الانسان إلى البصاق في المسجد فإن كان في الصلاة فالأولى أن يبصق في طرف ثوبه فإن لم يفعل لم يكن المسجد محصبا فلا ينبغي أن يبصق فيه بحال وإن دلكه قال مالك لابأس أن يبصق تحت الحصير لاعلى ظهره ولافي حائط قبلة المسجد قال وإن كان عن يمينه رجل وعن يساره رجل في الصلاة بصق أمامه ودفنه وإن كان لايقدر على دفنه فلا يبصق في المسجد بحال كان مع الناس أو وحده عياض المختار أي في المحصب يساره وتحت قدمه فإن كان أحد عن يساره وتعسر تحت قدمه فيمينه ثم أمامه ومما يجنب عنه المسجد أيضا أن يتخذ طريقا إلا في وقت ما ولايجوز حدث الريح به ولا يقلم أظافره ولا يتمضمض ولايستاك ولايتوضأ به ومن رأى في ثوبه نجاسة خرج به من المسجد وقيل يغطيه ويتركه بين يديه ابن رشد النساء المتجالات لاخلاف في جواز خروجهن إلى المسجد والجنائز والعيدين والاستسقاء وشبه ذلك وأما النساء الشواب فلا يخرجن إلى الاستسقاء والعيدين ولا إلى المساجد إلا في الفرض ولا إلى الجنائز إلا في جنائز أهلهن وقرابتهن وأما الشابة الفائقة في الشبابية والثخانة فالاختيار لها أن لاتخرج أصلا قال مالك السفن المتقاربة إذا كان الامام في إحداها وصلى الناس بصلاته أجزأتهم قال أبو اسحق إذا سمعوا تكبيرة ورأوا أفعاله اهـ ويكره اقتداء من بأسفل السفينة بمن بأعلاها ولكن يصلي الذين فوق السقف بامام والذين أسفل بامام ابن يونس لأن الأسفلين ربما لم تمكن لهم مراعاة أفعال الامام وكذا تكره الصلاة على أبى قبيس وقيقعان جبلان بقرب مكة بصلاة الامام بالمسجدالحرام لبعد المأموم عن الامام فلا يستطيع مراعاة فعله قال مالك لابأس بالنهر الصغير أو الطريق يكون بين الامام والمأموم ولا بأس في غير الجمعة أن يصلى الرجل بصلاة الامام على ظهر المسجد والامام في داخل المسجد وإذا صلى إمام بقوم على ظهر المسجد والناس خلفه أسفل من ذلك فلا يعجبنى وكره مالك وغيره أن يصلى الامام على شيء أرفع مما يصلى عليه من خلفه مثل الدكان يكون في المحراب ونحوه قال ابن القاسم فإن فعل أعادوا أبداً لأنهم يعبثون إلا أن يكون ذلك يسيراً قال أبو محمد مثل الشبر وعظم الذراع وإذا صلى المأموم على موضع مرتفع بقصد التكبر قال ابن بشير صلاته باطلة وهذا كله مع
اتساع الموضع لقوله في المدونة لأنهم يعبثون أما مع ضيفه فجائز ابن رشد أنظر تكبير المكبر في الجوامع هل يدخله الاختلاف الذي في الذكر المقصود به التفهيم أولا والأظهر أنه لايدخله لأنه مما يختص به اصلاح الصلاة وقال ابن يونس له أجر التنبيه قال صاحب المعيار بعد نقل كلام ابن رشد هكذا قال بعض الشيوخ في صحة الصلاة بالمسمع وصحة صلاة المسمع ستة أقوال ومذهب الجمهور الجواز بل عزاه ابن رشد مع الخلاف في مسألة الرافع صوته للافهام ونه من ضروريات الجوامع ثم قال بعض الشيوخ واختلف الشيوخ في المسمع هل هو نائب أو وكيل عن الامام وهو على صلاته أو إن أذن الإمام بنيابته وإلا فعلم وينبنى على تسميع الصبي والمرأة ومن على غير وضوء اهـ المواق وكان سيدى ابن سراج رحمه الله يقول إذا جرى الناس على شيء له مستند صحيح وكان للإنسان مختار غيره فلا ينبغي أن يحمل الناس على مختاره فيدخل عليهم شغبا في أنفسهم وحيرة في دينهم إذ من شرط التغير أن يكون المنكر متفقا عليه وانظر إذا لم يكن ثم مسمع والجماعة كثيرة فقد نص عياض أن من وظائف الإمام أن يرفع صوته بالتكبير كله وسمع الله لمن حمده ليقتدي من ورائه قال ومن وظائف الإمام أيضا أن يحرم تحريمه وتسليمه ولايمططها لئلا يسابقه بها من وراءه اهـ قلت وكذا نصوا على أن الجزم بما ذكر من فقه الإمام وكذا من فقهه أن لايدخل المحراب إلا بعد الفراغ من الإقامة وأن لايبادر بالاحرام حتى تستوى الصفوف وأن لايطيل الجلسة الأولى.
وْالُمقْتَدِى الإِمامَ يَتْبَعُ خلا
…
زِياَدَة [قد حققت عنها اعدلا
أخبر أن المقتدي أي المتبع وهو المأموم يجب عليه أن يتبع إمامه في جميع أفعال الصلاة إلا إذا زاد الإمام في صلاته زيادة محققة، أي تحقق المأموم أنها لغير موجب، فإن المأموم يعدل عنها أي يتركها ولا يتبع إمامه فيها، وفهم من قوله والمقتدي الإمام يتبع أن المأموم لا يسبق الإمام في فعل من أفعال الصلاة وهو كذلك، بل لا ينبغي له أن يفعله معه دفعة واحدة بل بعد فعل إمامه إذ ذاك هو حقيقة الاتباع كما تقدم ذلك آخر فرائض الصلاة، وأشار بهذا البيت والله أعلم إلى مسألة الإمام يقوم لخامسة في الرباعية أو لرابعة في الثلاثية أو لثالثة في الثنائية، والحكم فيها أن المأمومين ينقسمون إلى قسمين:
الأول: من تيقن انتفاء الموجب، الحطاب لعلمه بكمال صلاته وصلاة إمامه، والمراد باليقين هنا الاعتقاد الجازم فهؤلاء يجب عليهم الجلوس ويسبحون له فإن لم يفقه كلمه بعضهم ولا تبطل بذلك لأن الكلام لإصلاح الصلاة مغتفر ما لم يكثر فإن دخله شك]
[رجع إليهم إن كان من سبح له أو كلمه اثنان فأكثر عدلين كما قال الشيخ خليل، ورجع إمامه فقط لعدلين إن لم يتيقن، الحطاب فإن حصل له شك وجب عليه أن يرجع إليهم فإن تمادى ولم يفعل فقال ابن عرفة عن ابن المواز: لا تبطل صلاته إن لم يجمع كلهم على خلافه ولو جمعوا فخالفهم لشكه بطلت عليه وعليهم لوجوب رجوعه عن شكه ليقينهم اهـ. وكذا يرجع إلى تذكر وتحقق كونها خامسة فإن لم يرجع بطلت عليه وعليهم والله أعلم. الحطاب: وإن بقي الإمام على يقينه ولم يشك فإن كان معه عدد كثير فعلى قول ابن مسلمة يرجع، وهو الذي مشى عليه الشيخ خليل في قوله إلا لكثرتهم جداً بعد قوله ورجع إمام فقط لعدلين إن لم يتيقن فقوله: إلا لكثرتهم جداً مستثنى من مفهوم الشرط قبله يليه فإن لم يتيقن لم يرجع إلا لكثرتهم جداً فيرجع، ولو تيقن وذلك لأن الغالب أن الوهم معه وإن كان معه النفر اليسير أتم صلاته ولم يرجع إلى قولهم، ويختلف فيهم حينئذ هل يسلمون الآن أو ينتظرونه حتى يسلم بهم ويسجدون للسهو لتيقنهم زيادة الإمام اهـ. بالمعنى التوضيح وشرط سحنون في صحة صلاة المجالس التسبيح فإن لم يفعل وقعد فليعد أبداً، واستبعد أبو عمران ورأى ابن رشد أنه تفسير للمذهب اهـ.
ومن تبع الإمام في القيام فمن تيقن انتفاء الموجب عمداً بطلت صلاته وسهواً لا تبطل.
ولا شيء عليه ما لم تيقن له فساد إحدى الأربع. ففي إجزاء هذه الخامسة المفعولة سهواً عن الركعة الفاسدة خلاف.
القسم الثاني: من لم يتيقن انتفاء الموجب فشمل من تيقن الموجب بأن علم أن الإمام إنما قام للخامسة لبطلان أحدى الأربع أو ظن ذلك أو توهمه أو شك فيه، فهؤلاء يجب عليهم اتباع الإمام في قيامه للخامسة، ومن جلس منهم عمداً بطلت صلاته لمخالفته ما أمر به وسهواً لا تبطل، ويأتي بركعة مكان التي بطلت إن تبين له بطلانها لأنه جلس وهو يعتقد أن الإمام قام لموجب أو يشك في ذلك. الحطاب وهو ظاهر كلام الشيخ خليل أنه يلزمهم اتباع الإمام في أحد هذه الأوجه سواء كان ذلك بالنسبة إلى صلاتهم وصلاة إمامهم أو كان ذلك بالنسبة إلى صلاة إمامهم فقط، وأما صلاتهم فيتيقنون كمالها وهذا هو الجاري على قول سحنون الذي قدمه المصنف فيما إذا سجد الإمام سجدة واحدة خلافاً لابن المواز. قال الهواري:
الحالة الثانية: أن يوقنوا بتمام صلاتهم ويشكوا في صلاة إمامهم أو يوقنوا بنقصانها فقال ابن المواز: صلاتهم تامة فلا يتبعونه لكن ينتظرونه جلوساً حتى يقضي ركعة ويصير لهم بمنزلة المستخلف بعد ركعة، فإذا سلم سلموا بسلامه وسجدوا معه لسهوه، وقال سحنون: لا تجزئهم الركعة التي أيقنوا بتمامها دونه ولا يحتسب جميعهم إلا بما يحتسب به الإمام فعلى هذا يجب عليهم اتباعه في الركعة التي قام إليها وتبطل صلاتهم إن لم يتبعوه اهـ. وهذا ظاهر إطلاق قول الشيخ خليل وإلا]
[تبعه كما يأتي لفظه.
فالقسم الأول من المأمومين: الزيادة عندهم محققة فلا يتبعون الإمام فيها وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: خلا زيادة قد حققت عنها عدلا، وأما القسم الثاني منهم فلم يتحقق الزيادة بل تحقق النقص أو لم يتحققه فيجب عليهم اتباع الإمام وذلك داخل في قول الناظم: والمقتدي الإمام يتبع، وإلى هذين القسمين أشار الشيخ خليل بقوله: وإن قام لخامسة فمتيقن انتفاء موجبها يجلس ولا يتبعه وإن خالف عمداً بطلت فيهما لا سهواً فقوله: فيهما أي في صورتي المخالفة عمداً من القيام والجلوس وقوله لا سهواً أي لا إن كانت المخالفة سهواً فلا تبطل الصلاة] في صورتي القيام والجلوس أيضاً هذا حكم مايفعلونه قبل سلام الإمام أي من تيقن انتفاء موجب قيام الإمام جلس ومن لم يتيقنه تبعه فإذا سلم الإمام وتبين أن قيامه كان سهوا فواضح من جلس لتيقنه انتفاء الموجب تقدم أنه اختلف فيهم قيل إذا سبحوا له ولم يرجع يسلمون وقيل ينتظرونه حتى يسلم ويسجدون لزيادة الإمام ومن قام لعدم تيقنه انتفاء الموجب وتبع الإمام سجدوا معه بعدالسلام وكذا من تيقن انتفاء الموجب فتبع الإمام سهوا هو كالإمام وكذا من لم يتيقنه وجلس سهوا يسجد للسهو مع الإمام ولاشيء عليه وإذا قال الإمام إنما قمت لموجب من إسقاط سجدة أو ركوع أو قراءة الفاتحة من ركعة من الركعات فمر حكم ببطلان صلا لمخالفته عمدا ما أمر به من متابعة أو جلوس فيعيدها أبدا ولا إشكال وأما من حكم بصحتها منه وهو من تيقن انتفاء الموجب فجلس وسبح أو تبع سهوا ومن لم يتيقنه وتبع الإمام وجلس سهوا وإلى بعض هذه الصورة أشار الشيخ خليل بقوله وإن قال قمت لموجب صحت لمن لزمه اتباعه وتبعه ولمقابله إن سبح فقوله لمن لزمه أتباعه وتبعه يريد أو جلس سهوا وقوله لمقابله ان سبع هو من لزمه الجلوس فجلس ويريد أيضا أو تبع الإمام وفيمن لزمه الجلوس لقينه انفاء الموجب فجهل وتأول أنه يجب عليه اتباع الإمام فتبعه في الخامسة قولان في صحة صلاته وبطلانها اختار اللخمي القول بالصحة وإليه أشار الشيخ خليل بقوله كنبع تأول وجوبه على المختار وكذا فيمن تيقن انتفاء الموجب فجلس فلما قال الإمام قلت لموجب صحيح ذلك عنده أو شك فيه فقولان اختار اللخمي في هذه الصورة الصحة أيضا ولم يتبعه الشيخ خليل في ذلك لأن ذلك من رأي اللخمي وما اختاره في الفرع قبله منصوص لغير اللخمي وإلى هذا الفرع أشار الشيخ خليل بقوله لا لمن لزمه اتباعه في نفس الأمر ولم يتبع فهم على ماشهر الشيخ خليل خمسة من فعل ما وجب عليه من قيام أو جلوس ومن خالف ذلك سهواً في الوجهين ومن لزمه الجلوس بتيقنه انتفاء الموجب فجهل واعتقد أنه يجب عليه متابعة الإمام فتبعه وهم باعتبار فعلهم على قسمين قسم جلس ولم يتبع الإمام
وقسم تبعه فالقسم الأول اثنان من نيقن الموجب ومن لم يتيقنه وجلس سهواً فأما من تيقن انتفاء الموجب وجلس وقالالحطاب بعد تقرير صحة قال ابن ناجى وحيث تصح للجالس فلابد من اتيانه بركعة أخرى اذا أخبره الامام بالموجب وصدقه أو شك فيه وان كذبه فلم يلزمه شيء وكذا يأتي بركعة من لم يتيقن انتفاء الموجب وجلس سهواً مع باب أولى لأنه جلس وهو يعتمد ان الإمام قال لموجب أو بشك في ذلك ويشملها والله أعلم قول الشيخ خليل فيأتي الجالس بركعة وهو القيم الثاني وهو من تبع الإمام ثلاثة من لم يتيقن انتفاء الموجب ومن تيقن انتفاءه وتبع الإمام سهواً أو تبعه متأولا على ما اختاره اللخمي فالأول لا شيء عليه إلا متابعة الامام في سجود السهو ونحو ذلك والثاني إن بقي على يقينه فلا شيء عليه أيضا وإن تبين له خلاف ماكان يعتقد وظهر له أن الامام إنما قال لموجب ففي إعادته للركعة التي صلاها مع الامام قولان على الاعادة ذهب الشيخ خليل حيث قال ويعيدها المتبع أي في المتبع سهوا. الثالث قال الحطاب وإذا لم تبطل صلاته فإن استمر على تيقنه لانتفاء الموجب بعد سلام الإمام ولم يؤثر عنده كلام الامام شيئاً فلا يلزمه شيء وإن زال يقينه فإن تبين له صدق قول الامام أو شك في ذلك فهل يلزمه أن يأتي بركعة أو تكفيه الركعة التي صلاها مع الامام قال الهواري إذا قلنا في الساهي يقضي بركعة فالمتأول أولى بذلك لأنه إنما قام إليها وهو يعلم أنها زائدة وإذا قلنا في الساهي لايقضي فيجري في المتأولان قولان (تنبيه) ماتقدم من أن من تيقن انتفاء الموجب فقام عمدا وصدقه المأموم أو دخله شك فى ذلك فلا تبطل صلاته إن تبع الامام متعمدا متيقنا انتفاء الموجب لموافقته ما في نفس الأمر فقد نقل الحطاب عن الهوارى مانصه وإن تبعه عامدا عالماً بأنه لايجوز له اتباعه يعنى ثم تبين له أن الامام قام لموجب وأيقن بذلك أو شك فيه لأن كلامه في ذلك قال فظاهر قول ابن المواز أن صلاته تصح ورأى اللخمي أن الصواب أن تبطل وإذا قلنا تصح فهل يقضي ركعة أو تنوب له الركعة التي تبع الإمام فيها قولان اهـ وكذلك أيضا ماتقدم من أن من لم يتيقن انتفاء الموجب فجلس عمدا بطلت صلاته إنما ذلك مالم يتبين زيادة هذه الركعة فإن تبينت زيادتها فلا تبطل صلاته الحطاب وأما من كان حكمه القيام فجلس عمدا ثم تبين له وللإمام زيادة تلك الخامسة وأنه لاموجب لها فالظاهر أن صلاته تصح ولاتضره مخالفته ولم أر في ذلك نصا والله أعلم ثم قال الحطاب آخر المسألة فيتحصل فيمن كان متيقنا
لانتفاء الموجب عند قيام الامام أن حكمه أن يجلس فإن قام عمدا بطلت صلاته وإن تبين له بعد ذلك أن الامام قام لموجب على ماقال اللخمى أنه الصواب ونقله الهواري عنه ونقل قولا بعدم البطلان وأظنه عزاه لابن المواز قلت قوله وإن تبين له إلى آخره هي المسألة المتقدمة في التنبيه قبل هذا الحطاب وإن قام سهوا أو متأولا وجوب الاتباع فلا تبطل في السهو بلا خلاف فيما أعلم ولا في المتأول على مااختاره اللخمى ثم إذا سلم الإمام تارة يستمران على تيقن انتفاء الموجب فلا يلزمهما شيء وتارة يظهر لهما الموجب أو يظنانه أو يشكان فيه فهل يكتفيان بتلك الركعة أو يعيدانها قولان مشى الشيخ خليل على أن الساهي يعيدها وقال الهواري المتأول أحرى وإن لم يقم هذا الذي حكمه الجلوس حتى سلم الإمام وقال قمت لموجب فتارة يستمر على تيقنه لانتفاء الموجب فهذا صلاته صحيحة إن كان سبح وتاره يزول عنه تيقن انتفاء الموجب ويحصل له أحد الأوجه الأربعة فهذا صلاته تبطل وأما من لم يتيقن انتفاء الموجب فيلزمه الاتباع فإن تبعه فواضح أن حكمه وإن خالف عمدا بطلت صلاته وإن خالف سهوا أتى بركعة كما تقدم فتأمله والمسألة مبسوطة في الهواري ويؤخذ أكثر وجوهها من
التوضيح لفظه
وَأَحْرَمَ الَمْسُبوقُ فوراً وَدَخَل *
مَعَ الإِمَام كَيْفْمَا كانَ العَمَلْ *
مُكبِّراً إنُ سَاجِداً أوْ راكِعاَ
ألْغَاهُ لَا في جَلْسَةٍ وتَابَعاً*
إنْ سلَّمَ الإِمَامُ قامَ قاضياَ*
أَقْوَالَهُ وفى الْفعِالِ بانِيا
كَبَّرَ إنْ حَصَّلَ شفَعْاً أو أَقَلْ
مِنْ رَكْعَةٍ والسهْوَ إذْ ذَاكَ أحْتَمَلْ ذكر في هذه الأبيات والبيتين بعدهما بعض مايتعلق بالمسبوق فأخبر أن المسبوق إذا دخل فوجد الإمام يصلي فإنه يكبر تكبيرة الإحرام فوراً أي بنفس دخوله ويدخل مع الإمام وكيفما وجده قائما أو راكعا أو ساجدا أو جالسا وإلى ذلك أشار بالبيت الأول ثم إن كان قد وجده راكعاً أو ساجدا كبر تكبيرة أخرى لركوع أو السجود وإن كان إنما وجده في الجلوس وأحرم في القيام فلا يكبر إلا تكبيرة الإحرام فقط وإلى ذلك أشار بالبيت الثانى ونبه بقوله آخره وتابعا على أن المأموم المسبوق يلزمه متابعة الإمام فيما دخل فيه كان ذلك مما يعتد به هذا المسبوق كالركوع أولا كالسجود فقوله وتابعا عطف على أحرم وان المسبوق إذا سلم الإمام وأراد أن يأتي بما فاته قبل الدخول مع الإمام فإنه يقوم قاضيا للاقوال بانيا في الأفعال فالأقوال يقضيها على نحو ما فاتته فيكون ما أدرك منها مع الامام آخر صلاته فيقضي أولها والأفعال يبنى على ما أدرك مع
الإمام فيجعله أول صلاته ويأتي بآخرها وإلى ذلك أشار بقوله إن سلم الإمام البيت ثم هل يقوم هذا المسبوق إذا سلم إمامه بتكبيرة أم لا في ذلك تفصيل إن حصل لهذا المسبوق ركعتان فكان جلوس الامام الذي سلم منه على ثانية هذا المسبوق كأن يدرك ثالثة الرباعية أو ثانية المغرب فإنه يقوم بالتكبير إذ ذاك حكم من قال للثالثة وكذا إن لم يدرك مع الإمام إلا أقل من ركعة كأن يدركه بعد ما رفع رأسه من ركوع الأخيرة فإنه يقوم بالتكبير أيضا لكونه شبيها بالمستفتح للصلاة وإلى ذلك أشار بقوله كبر إن حصل شفعا أو أقل من ركعة ومفهومه أنه لو حصل له ركعة فأكثر ولم يكن ماحصل له شفعاً بل وترا ثلاثة أو واحدة كأن يدرك ثانية الرباعية أو رابعتها أو ثالثة الثلاثية أو ثانية الثنائية فإنه يقوم بغير تكبير لأن التكبير التي يقوم بها جلس بها مطاوعة للامامة فهى بمنزلة من كبر ليقوم فعاقه شيء ثم أمكنه القيام فلا يكبر تكبيرة أخرى ونبه بقوله والسهو إذ ذاك احتمل على أن ما يقع من السهو للمأموم حين اقتدائه بالإمام فإن الإمام يحمله عنه فالإشارة تعود على الاقتداء المفهوم من السياق واحتمل بمعنى حمل وفاعله يعود على الإمام ومفعوله السهو ومفهوم قوله إذ ذاك أن المسبوق إذا سها بعد سلام الإمام فإن الإمام لا يحمل ذلك عنه بل هو إذ ذاك كالفذ ولعل هذا المفهوم هو مقصود الناظم هنا مسألة المنطوق تقدمت أول السهو حيث قال عن مقتد هذين الامام أما تكبير المسبوق بنفس دخوله من غير تأخير فقال ابن رشد لايؤخر احرامه إن دخل المسبوق وإن أدرك مالا يعتد به وأما كونه يكبر غير تكبيرة الإحرام إن وجده راكعا أو ساجدا لا إن وجده جالسا فقال ابن عرفة يكبر المسبوق لما يدرك من سجود لا لجلوس الطليطلي لو أن رجلا جاء المسجد فوجد الإمام راكعا وجب عليه ان يكبر تكبيرتين تكبيرة الاحرام وتكبيرة الركوع فإن كبر واحدة ونوى بها الاحرام فصلاته تامة وإن نوى بها الركوع مضى مع الامام ثم يبتدىء الصلاة باقامة وأما كونه بعد سلام الامام قاضيا في الأقوال بانيا في الأفعال فهو المشهور وهي طريقة الأكثر قاله ابن الحاجب التوضيح وهي لابن أبى زيد وعبد الحميد وقال بها جل المتأخرين واختاره المازري وقيل يقوم بانيا فيهما وقيل قاضيا فيهما والبناء أن يجعل ماأدرك مع الإمام أول صلاته فيقوم ليأتي بآخرها القضاء أن يجعل ما أدرك مع الامام آخر صلاته فيقوم ليأتي بأولها فإذا أدرك ركعة من العشاء الأخير مثلا فعلى كونه بانيا في
الأقوال والأفعال يقوم يأتي بركعة بالفاتحة وسورة جهرا لأنها ثانيته ويتشهد ثم بركعتين بأم القرآن فقط ويتشهد ويسلم وحاصل البناء مطلقا أنه في هذا المثال بمنزلة الفذ يقوم لثانيته وعلى كونه قاضيا فيهما يأتي بركعتين بأم القرآن وسورة جهرا في كل واحدة منهما ولايجلس بينهما لأنهما أولاه وثانيته ثم يتشهد بركعة بأم القرآن فقط لأنهما ثالثة
ويجلس عليها لأنها آخر صلاته إذ قد أدرك الرابعة وحاصل القضاء مطلقا أنه يقضي مافاته على هيئة من قراءة وجلوس وغيرهما على المشهور من التفصيل فيقضي الأقوال ويبني الأفعال يأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهراً لأنه يقضى الأقوال كذلك فاتته ويتشهد عقبها لأنه يبنى على الفعل وقد أدرك واحدة فهذه ثانيته ثم يأتي بركعة أخرى بأم القرآن وسورة جهراً أيضاً لأنه يقضي الأقوال وكذلك فاتته الثانية ولايجلس لأنه يبني الأفعال فهذه ثالثته ثم بركعة بأم القرآن فقط لأنه كذلك فاتته الثالثة ويتشهد ويسلم التوضيح ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات في قوله «ما أدركتم فصلوا ومافاتكم فأتموا» وفى رواية فاقضوا وجمع القائل بالفرق بين الأقوال والأفعال بين الدليلين (فرع) من أدرك الأخيرة من الصبح فقال في العتبية لايقنت في ركعة القضاء وهو جار على التفصيل لأنه يقضي ماقيل في الأولى ولا قنوت فيها ويلزم على البناء مطلقا القنوت اهـ وأما قيامه بعد سلام الإمام بالتكبير أو بعدمه فقال ابن يونس كل من أدرك ركعتين قام بتكبير وكل ماسوى ذلك يقوم بغير تكبير وقال مالك فى المدونة يقوم مدرك التشهد بتكبير فإن قام بغير تكبير أجزأه وقال ابن الماجشون يكبر مطلقاً ورأى أن التكبير إنما هو للانتقال إلى الركن الشيخ زروق قال شيخنا أبو عبد الله القروي وأنا أفتي به للعوام لئلا يلتبس عليهم الأمر ويتشوشون (تنبيه) هذا التفصيل على المشهور في القيام بالتكبير أو عدمه إنما هو بعد سلام الإمام وأما قبله كمن أدرك الثانية وجلس مع الإمام عليها ثم قام الإمام للثالثة فهل يقوم هذا المسبوق بالتكبير اتباعه لإمامه أوبغير تكبير إذ ليس عليه إلا تكبيرة الرفع من السجود وقد فعلها قال العوني الظاهر من المذهب أنه يكبر واستدل عليه أنه إذا أحرم معه في التشهد فإنه يتشهد متابعة له قال ففي هذا أولى لأن المخالفة تظهر فيها أكثر من المخالفة في التشهد اهـ وأما عدم حمل الإمام السهو عن مأمومه إذا سها بعد مفارقة الإمام المقصود هنا فقال فيه ابن الحاجب أما إذا انفرد بالسهو بعده فكالمنفرد التوضيح فإن كان بزيادة فعبده وإن كان بنقص أو بهما فقبله
(فرع) إذا خشي المسبوق فوات الركوع بوصوله إلى الصف فليركع فإن كان بقرب الصف دب اليه وهذا مذهب المدونة وهو المشهور وقيل لا يركع دون الصف إلا إذا علم إدراك الصف قبل أن يرفع الامام رأسه أما لو علم أنه أذا ركع دون الصف لايدرك أن يصل إلى الصف راكعا حتى يرفع الامام رأسه فلا يجوز أن يركع دون الصف وليتمادى إليه وإن فاتته الركعة قولا واحدا فإن فعل أجزأته ركعته وقد أساء ابن عرفة وفي دببيه راكعا أو بعد رفعه أو بعد سجوده ثلاثة للمدونة ورواية المازري وسماع أشهب (فرع) إذا دخل المسبوق فوجد الامام راكعاً فدخل معه ولم يخص الإحرام بتكبيرة فله خمسة أوجه الأول أن يدخل من غير تكبير أصلا أى لم يكبر لا للركوع ولا للافتتاح حتى ركع الامام ركعة وركعها معه ثم ذكر فإنه يبتدىء التكبير ويكون الآن داخلا في الصلاة ويقضي ركعة بعد الامام ولايعلم في هذا الوجه خلاف إلا ماحكى عن مالك أن الإمام يحمل عن المأموم تكبيرة الاحرام كالفاتحة وهي رواية شاذة الوجه الثاني أن يكبر للركوع ناويا بها الاحرام قال في التهذيب وإن ذكر مأموم أنه نسي تكبيرة الاحرام قال كبر للركوع ونوى بها تكبيرة الاحرام قال أجزأته وأشار بعض الشيوخ إلى تخريج هذه المسألة على من نوى بغسله الجنابة والجمعة وهذا إذا أوقع التكبير في حال قيامه واختلف إذا كبر في حال انحطاطه ونوى بذلك الاحرام على قولين بالإجزاء وعدمه فالإجزاء مبني على أنه لايجب على المأموم أن يقف قدر تكبيرة الاحرام وعدمه على وجوب ذلك عليه أما إن لم يكبر إلا وهو راكع ولم يحصل شيء من تكبيره في حال القيام فلا اشكال أنه لايعتد بهذه الركعة قاله ابن عطاء الله، الوجه الثالث أن يكبر للركوع غير ناو لتكبيرة الإحرام ناسياً لها فمذهب المدونة وهو المشهور أنه يتمادى مع الامام ولا يقطع ويعيد صلاته احتياطا لأنها تجزئه عند ابن المسيب وابن شهاب ولا تجزئه عند ربيعة وهل تماديه وجوباً أو استحبابً قولان وكذلك اختلف في الاعادة هل على الوجوب أو الندب قولان وتقدم هذا الوجه في مساجين الامام وهل من شروط تماديه أن يكون كبر في حال القيام أم لا قولان أما لو كبر للركوع وهو ذاكر للاحرام معتمدا لما أجزأته صلاته بإجماع قاله في المقدمات. الوجه الرابع إذا كبر ونوى الاحرام والركوع معا فقال في النكت تجزئة كما لو اغتسل غسلا واحدا للجنابة والجمعة
الوجه الخامس أن يكبر ولا ينوي تكبيرة الاحرام ولا الركوع فقال ابن رشد فى الاجوبة صلاته مجزئة لأن التكبيرة والتي كبرها تنضم مع النية التى قام بها إلى الصلاة إذ يجوز تقديم النية قبل الاحرام بيسير
ويَسْجُدُ المسَبْوُقُ قَبْلىَّ الإِماَمْ
مَعَهُ وَبْعدِيَّا قَضَى بَعْدَ السَّلَامْ
أَدْرَكَ ذَاكَ السَّهْوَ أوْلَا قَيَّدُوا
مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ رَكْعةً لَا يَسْجُدُ تكلم فى هذين البيتين على المسبوق إذا سجد إمامه للسهو قبل السلام أو بعده هل يسجد معه أم يؤخر إلى آخر صلاته أو لا سجود عليه أصلا فأخبر بما حاصله أن المسبوق لا يخلو إما أن يدرك مع الامام ركعة فأكثر أم لا فإن أدرك معه ركعة فأكثر وترتب على الإمام السجود فان كان قبليا سجده معه وهذا هو المشهور وقال أشهب إنما يسجد إذا قضى ما فاته وهذا هو الجاري على المشهور من كونه بانيا في الأفعال فما أدرك منها مع الامام هو أول صلاته ولايكون سجود السهو الا آخر الصلاة وعلى المشهور من كونه يسجد معه فإن لم يسجد معه وأخره حتى قضى مافاته وسجد قبل السلام ففي صحة صلاته قولان مبنيان على أن ما أدرك صلاته أو اخرها أنظر الحطاب وإن كان السجود بعديا فلا يسجد مع الامام بل يقضيه بعد سلامه هو فإن سجده مع الإمام متعمدا بطلت صلاته وإن جهل فسجده معه فقال عيسى يعيد أبداً قال في البيان وهو القياس على أصل المذهب وإن سجده معه سهواً أعاده بعد سلامه ولافرق فى هذين الوجهين بين أن يدرك هذا المسبوق السهو أو لم يدركه إن كان الإمام سها قبل دخوله هذا المسبوق معه وأما إن أدرك المسبوق أقل من ركعة فلا سجود عليه أصلا فلا يسجد القبلى مع الإمام على المشهور وهو قول ابن القاسم فإن سجد معه بطلت صلاته قاله ابن عبد السلام عن أهل المذهب وقال سحنون يتبعه لوجوب متابعة بدخول معه ولا يسجد أيضا قبل سلامه هو إذا فرغ من قضاء مافاته ولايسجد البعدي معه أيضا فإن سجده معه بطلت صلاته والله أعلم لأنه إذا بطلت بسجوده معه البعدي لو هو قد لحق ركعة والقبلي حيث لم يلحق ركعة فأحرى أن تبطل بسجوده معه البعدي حيث لم يلحق ركعة ولا يسجده بعد سلامه من صلاته وهذا حاصل قول ابن الحاجب والمسبوق يسجد مع الإمام قبل السلام ان كان لحق ركعة فإن لم يلحق فقال ابن القاسم لايتبعه وقال سحنون يتبعه وأما بعده فلا أي يسجد معه البعدى قال ثم يسجد بعد السلام إلا أن كلامه في السجود البعدي خاص بمن لحق ركعة فأكثر التوضيح قوله ثم يسجد بعد السلام يريد إذا لحق ركعة وأما من لم يدركها فلا سجود عليه بعد سلام نفسه. اهـ ويتعلق بهذه المسألة فروع:
الأول إذا لحق هذا المسبوق ركعة فأكثر وسجد القبلي مع الإمام على المشهور ثم سها بعد مفارقة الإمام فهل يكتفى بذلك السجود وهو قول ابن الماجشون أو لايكتفي به وهو قول ابن القاسم وهو المشهور ابن عبد السلام الخلاف مبنى على استصحاب حكم المأمومية أولا. والثاني إذا لحق ركعة فأكثر وكان سجود الإمام بعديا فإنه يؤخره إلى أن يسلم كما مر وهل يقوم هذا المسبوق لقضاء ماعليه بنفس سلام الإمام من صلب صلاته ابن الحاجب وهوالمختار التوضيح وهو مذهب المدونة فإذا قام فقالوا يقرأ ولايسكت أو لايقوم حتى يسلم الإمام من سجوده قولان التوضيح وهو خلاف في الأولى لا في وجوب قال في المدونة إذا جلس فلا يتشهد ولايدع. الثالث إذا أخر هذا السجود البعدى ليسجده بعد سلامه ثم إنه سها بعد مفارقة الامام بنقص فهل يسجد قبل السلام لاجتماع الزيادة والنقص وهو وقول ابن القاسم في العتبية وأشهب في المجموعة أولا يسقط عنه ما لزمه مع إمامه وهو السجود البعدي وهو قول عبد الملك بدليل أنه يسجد موافقة لإمامه ولو لم يسه
الرابع إذا ترتب على الإمام سجود قبلى فاستخلف مسبوقا فهل يسجد له اثر تمام صلاة الأول وهو قول ابن القاسم فى سماع أصبغ أو يسجد اثر تمام صلاته هو وهو قول ابن القاسم في سماع موسى وقاله أشهب وعلى قول ابن القاسم اعتمد الشيخ خليل حيث قال ويسجد قبله ان لم تتمحض زيادة بعد صلاة إمامه ولو كان السجود بعدياً لسجده بعد سلامه ويكفيه لسهو زيادة في استخلافه وقضائه ولو كان سهوه في استخلافه أو قضائه قبلياً والذي ترتب على من استخلفه بعدياً فاختلف في ذلك فقيل يكفيه السجود البعدي المرتب على من استخلفه وقيل يصير قبلياً ثالثها إن سها في بقية صلاة الأول سجد قبل وإن كان سهوه بنقص فيما يقضيه لنفسه سجد بعد واختاره ابن رشد والأول لابن القاسم في سماع أصبغ والثاني لابن عبدوس عن غيره والثالث لابن حبيب
الخامس قاله ابن ناجى وأنظر إذا كان مع الإمام سجود قبلى فسها عنه حتى سلم أو قصد أن يسجده بعد فهل يسجده الذي حصلت له ركعة معه اعتباراً بأصله أولا يسجده اعتباراً بما آل إليه الأمر لم أر في ذلك نصاً للمتقدمين والذي ارتضاه بعد من لقيناه أنه إن كان هذا السجود مما تبطل الصلاة بتركه لو لم يسجده الإمام فإنه يسجده معه وإلا فلا اه
وَبَطَلَتْ لُمقْتَدِى بِمُبْطِلِ *
عَلَى الإِماِم غَيْر فَرْعٍ مُنْجَلِي*
مَنْ ذَكَرَ اَلحدَثَ أَوْ بِهِ غُلِبْ
إِنْ باَدَرَ الْخُرُوج مِنْهاَ وَنُدِبْ *
تَقْدِيمُ مُؤْتَمِّ يُتِمُّ بِهِمُ *
فإِنْ أَباَهُ اُنْفَردُا أوْ قَدَّمُوا
أخبر أن الصلاة تبطل على المقتدي وهو المأموم بما تبطل به على إمامه بمعنى أنه إذا بطلت صلاة الإمام سرى البطلان لصلاة المأموم فتبطل أيضاً لارتباط صلاته بصلاة إمامه إلا فى فرع ظاهر كظهور العروسة المجاورة على منصتها وهو من ذكر فى الصلاة أنه محدث أو غلبه الحدث فى أثنائها وهما فى الحقيقة فرعان والخطب سهل وأشار بهذا إلى قول الفقهاء كلما بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم إلا فى ذكر الحدث وغلبته على أن فى اقتصارهم على استثناء هذين الفرعين فقط نظراً لما نذكره قريبا إن شاء الله ثم اشترط فى صحة صلاة المأموم فى هذين الفرعين مبادرة الإمام بالخروج من الصلاة ومفهومه أنه إن تذكر الحدث أو غلبه ولم يبادر بالخروج فانها تبطل على المأموم أيضا لاقتدائهم بمحدث متعمداً ثم ذكر أنه يستحب للامام أن يقدم مؤتما من مأموميه يتم بهم الصلاة بمعنى أنه يستخلفه على بقية الصلاة فإن أبى الإمام ذلك فذهب ولم يستخلف عليهم أحداً فهم مخيرون بين أن ينفردوا ويتموها أفذاذاً يريد في غير الجمعة إذ لاتصح إلا جماعة فلابد أن يستخلفوا من يتمها إن لم يستخلف الإمام وبين أن يقدموا أي يستخلفوا واحداً منهم يكمل بهم الصلاة واللام في (لمقتد) بمعنى على وفهم من قوله تقديم مؤتم أنه لايستخلف أجنبيا ليس مأموميه ولامسبوقا دخل مع الإمام بعد ذكر الحدث وسبقيته حصول مايمنع الإمام التمادي من ذكر الحدث وسبقيته لأنه كأجنبى إذ لم ينسحب عليه حكم الإمام
(تنبيهان) الأول قال الإمام أبو عبد الله محمد الحطاب فى شرح مختصر الشيخ خليل قوله كلما بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم إلا في سبق الحدث ونسيانه أي فلا تبطل في هاتين الصورتين على المأموم وإن بطلت على الإمام وينبغي أن يزاد في ذلك وفي ذكر النجاسة وسقوطها وفي انكشاف عورة الإمام على قول سحنون وفي سجود المأموم للسهو عن ثلاث سنن وعدم سجود الإمام ومسألة الإمام يخاف تلف نفس أو مال
قلت وكذلك الإمام المسافر ينوى الإقامة أثناء الصلاة على مافي العتبية من الاستخلاف وكذلك إذا ظن الإمام أنه رعف فاستخلف وخرج فلم يجد ماء فإن صلاته تبطل دون صلاة من خلفه فيبتدىء خلف المستخلف قاله في النوادر نقله الحطاب في شرح المختصر وكذلك إذا قهقه غلبة أو نسياناً فتبطل صلاته ويستخلف وكذلك إذا
ذكر يسير الفوائت في الصلاة فإنه يستخلف وكذلك إذا ترك الإمام سجدة وقام وسبح له فلم يرجع فتبعوه ففي الحطاب إن سلامه على المشهور كالحدث أي فتبطل صلاته طال أو لم يطل ويستخلفون أو يتمون أفذاذاً وهي المسألة التي أشار لها الشيخ خليل بقوله وإن سجد إمام سجدة وقام لم يتبع أما سبق الحدث ونسيانه فقال ابن الحاجب وشرطه أي الاستخلاف أن يطرأ عذر بمنع الإمامة أي مع صحة صلاة الامام وراء المستخلف مأموماً قال أو يمنع الصلاة كذكر الحدث أو غلبته بخلاف النية وتكبيرة الاحرام أي فإن نسيانهما مانع من التمادي لأن ناسيهما لم يدخل في الصلاة والمقصود منه قوله يمنع الصلاة كذكر الحدث إذ فيه تبطل على الإمام دون المأموم وفي المدونة قال مالك إذا رعف الامام أو أحدث أو ذكر أنه جنب أو على غير وضوء استخلف قبل أن يخرج وأما ذكر النجاسة فقال في المدونة قيل له إن رآها قبل أن يدخل في الصلاة زاد في المبسوط ونسي حتى دخل قال هو مثل هذا كله يعني إن صلى بذلك ولم يعلم أعاد في الوقت وإن ذكر في الصلاة قطع كان وحده أو مأموما وإن كان إماما استخلف اهـ على نقل المواق وقال ابن رشد المشهور أنه يستخلف ويقطع إذا رأى في ثوبه نجاسة فإن لم يكن له ثوب غيره تمادى وأعاد في الوقت إن وجد غيره أو مايغسله به اهـ وسقوطها كذكرها من باب لا فارق والله أعلم وأما مسألة انكشاف عورة الا ماله فقال ابن عرفة ولو سقط ساتر عورة إمام في ركوع ورده قربه بعد رفع رأسه ففي بطلانها عليه وعليهم أحد قولي سحنون وابن القاسم وخرجهما ابن رشد على فرض الستر وسنيته قال ولو أعجزه أخذه بعد القرب فعلى الفرض يستخلف فإن تمادى بطلت عليه وعليهم وعلى السنية لايستخلف ويعيدون في الوقت اهـ. وأما مسألة السجود فقال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب ولو لم يسجد الامام لسهوه سجد المأموم قال في البيان إن السجود مما تبطل الصلاة بتركه فإن لم يرجع الامام إلى السجود بطلت صلاته وصحت صلاتهم لأن كل ما لايحمله الامام عمن خلفه لايكون سهوه عنه سهوا لهم إذا هم فعلوه وهذا أصل وبالله التوفيق وانتهى
وأما خوف تلف النفس أو المال أو الدابة ففي التوضيح أيضا عن كتاب ابن سحنون إذا صلى الإمام ركعة ثم انفلتت دابته وخاف عليها أو على صبي أو أعمى أن يقع فى بئر أو نار أو ذكر متاعا يخاف عليه التلف فذلك عذر يبيح الاستخلاف اهـ أي ويقطع وتبطل عليه دون المأمومين وأما مسألة المسافر ينوي الإقامة في الصلاة فقال ابن الحاجب إذا نوى الإقامة بعد صلاة لم يعد على الأصح وأما في اثنائها ففي إجزائها حضرية قولان ثم قال ابن القاسم ويصليها حضرية وراء المستخلف بعد
القطع قال في التوضيح مذهب المدونة أنها لاتجزىء حضرية ولاسفرية ثم نقل عن البيان أنه على مذهب المدونة كمن ذكر صلاة في صلاة تخرج عن نافلة أو يقطع على الاختلاف في ذلك ويصلى بهم صلاة مقيم وعلى هذا لايستخلف الإمام وقال في العتبية يستخلف من يتم بهم على أحد قولين في الإمام يذكر صلاة وهو في صلاة اهـ فعلى مذهب المدونة تبطل على الإمام والمأموم وعلى ما في العتبية تبطل على الإمام دون مأموميه فتزاد مع هذه النظائر إذ لايشترط اتفاق النظائر في المشهور وأما مسألة ظن الرعاف قد تقدم عن الحطاب نقلها عن النوادر وأما مسألة القهقهة ففي المواق مانصه قال سحنون وإذا ضحك الامام ناسيا فإن كان شيئا خفيفا سجد لسهوه وإن كان عامدا أو جاهلا أفسد عليه وعليهم وروى ابن حبيب من قهقه عامداً أو ناسياً أو مغلوبا فسدت عليه صلاته فإن كان وحده قطع وإن كان مأموما تمادى وأعاد وإن كان إماما استخلف في السهو والغلبة ويبتدىء في العمد اهـ فقوله استخلف في السهو والغلبة أي وتصح لهم دونه وقوله ويبتديء في العمد أي يبتديء الصلاة بمن خلفه لبطلانها عليه وعليهم والله أعلم الموافق ابن يونس القياس ماقاله سحنون لأنه كالكلام لأنهم جعلوا النفخ كالكلام فهذا أشبه منه وقول ابن حبيب أحوط اهـ
وأما ذكر الفوائت اليسيرة فقال ابن الحاجب فإن ذكر فائتة وقتيه ففي وجوب القطع واستحبابه قولان وفي إتمام ركعتين إن لم يعقد ركعة قولان فان كان إماما قطع أيضا وروى ابن القاسم يسري فلا يستخلف ورجع اليه وقيل ورجع عنه وروى أشهب لايسري فيستخلف اهـ فهذه إحدى عشرة مسألة تبطل فيها الصلاة على الإمام وتصح لمأمومه اما بطلانها على الإمام فهو جار على المشهور فى جميعها والله أعلم وأما صحتها للمأموم فكذلك أيضا إلا في ثلاث مسائل في مسألة ما إذا نوى المسافر الإقامة أثناء الصلاة وفي مسألة القهقهة ومسئله ذكر الفوائت فالمشهور بطلانها على المأموم أيضا كما يظهر ذلك من النصوص المجلوبة وعليه فلا يستخلف فيها وعلى صحتها للمأموم في هذه الثلاث فيصح الاستخلاف في جميعها إلا في مسألة ترك الإمام السجود القبلى فتبطل عليه دونهم ولا استخلاف لفراغ الصلاة ثم قد يوجد الاستخلاف أيضا مع صحة الصلاة للامام ومأمومه معا وذلك في مسائل منها إذا حصل للامام عجز عن القيام قال في المدونة قال مالك إن عرض للامام مامنعه القيام فليستخلف من يصلى بالقوم ويرجع هو إلى الصف فيصلي بصلاة المستخلف وتقدم نحوه عن ابن الحاجب اهـ ومنها إذا حصر عن قراءة الفاتحة وخاف دوام
حصره فانه يستخلف قاله سحنون ومنها إذا تفرقت السفن أثناء الصلاة وقد اقتدى أهل السفن بامام فانهم يستخلفون ومنها إذا رعف الإمام كما تقدم عن المدونة في مسألة سبق الحدث ونسيانه فتبطل صلاة الإمام دون مأمومه في إحدى عشرة مسألة والاستخلاف في عشرة منها وفي هذه المسائل الأربع فمجموع مسائل الاستخلاف على خلاف في بعضها أربع عشر مسألة عشر منها الصلاة فيها باطلة على الإمام وحده. وأربع الصلاة فيها صحيحة للامام والمأموم والله تعالى أعلم ومن وقف على شىء من هذا المعنى فليضفه لما ذكرنا راجيا ثواب الله سبحانه وقد كنت لفقت في هذه القاعدة أعني قولهم كلما بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم وفيها
استثنى منها وفي مسائل الاستخلاف أبياتافقلت:
وإن صلاة للامام بطلت *
فمقتد به كذا وارتبطت *
إلا لذي عشرة وواحد
تصح فيها وحده لمقتدي *
ذكر النجاسة وسقوطها وزد*
نسيانه الحدث وسبق قد يرد
وكشفت عورة سجود أغفلا *
إن عن ثلاثة وطال فاقبلا *
وإن على نفس يخف أو مال
أو ظهر فاعدد ولا تبال *
مسافر لدى الصلاة قد نوى *
إقامة ظن الرعاف قل سوا
مقهقه غلب أو إذا نسى *
أبطلها للكل مختار مسى *
ذكر الفوائت اليسيرة اضمما
في جلها كما قد علما.
في كلها يستخلف الإمام.
إلا لذي السجود فالتمام
أعنى ولكن مقهقها سها.
مسافر أو ذا الفوائت اعلما.
مشهورها البطلان للكل فلا
يصح الاستخلاف فضلا مجملا.
ثم إذا عجز قل عن القيام.
إمام أو حصرا يخاف بالدوام
عن أم القرآن كذا إن رعفا.
تفرق السفن فيها فاعرفا.
صلاته تصح إن تأخرا واستخلف الغير فحقق لاامترا.
وإن تقف على سواها فاضمما.
وارج الثواب من إله عظما
واستخلف يقرأ بالبناء للمجهول ليشمل ما إذا استخلف هو وما إذا استخلفوا هم لتركه ذلك أو لتعذره منه حيث تتفرق السفن
الثاني لوح الناظم لبعض مسائل الاستخلاف ولابأس بذكر بعض مسائله باختصار أما حكمه فقال الجلاب يستحب للامام أن يستخلف يعني إذا حصل له سبب الاستخلاف وأسبابه أربعة عشر في جملة كما تقدم قريبا وأما صفته فإذا طرأ للامام استخلف فإنه يشير لمن يتقدم من المأمومين فإن كان العذر يمنعه من الإمامة خاصة كالعجز عن القيام تأخر وصلى مأموما وراء المستخلف وإن كان يمنعه من الصلاة كالحدث بطلت صلاته وذهب ثم إن كان هذا المستحب بالفتح بعيدا عن محل الإمامة لم ينتقل وأكمل بهم الصلاة في موضعه وإن كان قريبا تقدم لموضع الإمامة ولهذا استحب مالك للامام أن يستخلف من الصف الذي يليه المازري ويكون تقدمه على الهئية التي صادفه الاستخلاف عليها فيتقدم الراكع راكعا والجالس جالسا والقائم قائما وإذا حصل للامام العذر وهو راكع أو ساجد فالمشهور أنه يستخلف بهم حينئذ فيرفع بهم من استخلفه الإمام وقيل لايستخلف إلا بعد أن يرفع رأسه ولكن لايكبر فإن رفع الامام الأول قبل أن يستخلف فاقتدى المأمومون به لم تبطل صلاتهم على الأصح كمن امامه رفع فرفع فتبين أن الإمام لم يرفع ثم يرجعون إلى الركوع فيتبعون المستخلف ولو لم يستخلف عليهم أحدا واجتزوا بهذا الرفع أجزأهم فإن غير من استخلفه الامام صحت صلاته على المنصوص فإن لم يستخلف الامام أحدا قدموا رجلا وصحت صلاتهم وكذلك ان لم يقدموا ولكن تقدم أحدهم وائتموا به فإن قدمت طائفة رجلا وقدمت أخرى آخر فإن كان غير الجمعة أجزأتهم صلاتهم وقد أساءت الطائفة الثانية بمنزلة جماعة يصلون فى المسجد بإمام فقدموا رجلا منهم وصلوا ولو قدموا رجلا منهم إلا واحدا منهم صلى فذاً فقد أساء وتجزئه صلاته بمنزلة رجل وجد جماعة تصلى بامام فصلى وحده وإن أتموا وحدانا فإن كانت غير الجمعة صحت وإن كانت الجمعة لم تصح على المنصوص لأن من شرطها الإمام والجماعة وقد فقد ولو أن الإمام حين طرأ له العذر أشار لهم لينتظروه فهل لهم أن يستخلفوا أولا قولان وشرط المستخلف إدراك جزء من الصلاة يعتد به قبل العذر كان يدرك الإمام قائما أو راكعا فدخل معه ثم يطرأ العذر للامام فان فاته الركوع فأدركه في السجود أو الجلوس فدخل معه فطرأ له العذر اذ ذاك واستخلفه بطلت صلاتهم لأنه كمتنفل أم بمفترض وقيل تصح لوجوب ماأدرك بدخوله فان لم يدرك المستخلف شيئا وإنما أحرم بعد حصول العذر فلا يصح استخلافه اتفاقا وتبطل صلاة من ائتم به وأما صلاته هو فإن صلى لنفسه صحت صلاتة وإن بنى على صلاة
الإمام أي استخلفه فإن في الركعة الأولى فكذلك أيضا وان كان في الثانية فكذلك على المشهور مقابلة تبطل بناء على البطلان بتعمد ترك سنة وهي هنا السورة وأما إن كان في الثانية أو في الرابعة فتبطل صلاته لجلوسه في غير موضع الجلوس ويقرأ المستخلف من حيث قطع ويبتدىء في السرية إن لم يعلم ويستخلف الإمام المسافر مسافرا مثله فإن لم يجده أو جهل واستخلف مقيما أتم بهم صلاة الإمام وقام لإكمال صلاته وسلم المسافرون حين قيامه على المشهور لأن صلاتهم قد انقضت وأتم إذ ذاك المقيمون أفذاذا لأنهم دخلوا على عدم السلام مع الإمام وإذا كان المستخلف مسبوقا وأكمل صلاة فالمشهور أنه يشير اليهم كالآمر لهم بالجلوس ثم يقوم للقضاء فينتظرونه إلى أن يكمل صلاته ويسلمون معه وقيل يستخلف من يسلم بهم فإن كان المستخلف مسبوقا وفى المأمومين مسبوق أيضا فكمل المستخلف صلاة الإمام فإن كلهم يجلسون إلى أن يكمل هذا المستخلف مافاته كما تقدم ويسلم معه من ليس بمسبوق ويقوم المسبوق للقضاء فان لم يدر المسبوق المستخلف ماعلى الامام أشار للمأمومين فأشاروا فان لم يفهم أو كانوا في ليل مظلم أفهموه بالتسبيح والا تكلم ولو رجع الامام فأخرج المستخلف وأم بهم في بقية الصلاة ففي بطلانها قولان
(قلت) وقد رأيت أن أصل هذا الفصل بمسألة منه كنت سألت عنها قبل بمدة فأجبت عنها إذا ذاك وهي التي أشار لها الشيخ خليل بقوله وإن قال للمسبوق أسقطت ركوعا عمل عليه من لم يعلم خلافه وسجد قبله إن لم تتمحض زيادة بعد صلاة امامه طلب السائل منا بيان إجمالها وتوجيه أعمالها وحل إشكالها وهي وان كانت أجنبية عن الامام لكنها من حسان المسائل لاسيما ولم أر من أجاد شرحها من شراح المختصر وغيرهم فأثبت ماكنت قيدت فيها إذ ذاك هنا لماتحتاجه مخافة ضياعه ونص ذلك قال الشيخ خليل وان قال للمسبوق أسقطت ركوعا عمل عليه من لم يعلم خلافه وسجد قبله إن لم تتمحض زيادة بعد صلاة إمامه قوله وإن قال للمسبوق معناه أن الإمام إذا حصل له عذر فاستخلف مأموما مسبوقا ثم بعد مااستخلفه أخبره أنه أسقط ركوعا أو نحوه قوله يريد أن سجود أو قراءة الفاتحة على القول بالغاء تلك الركعة قوله من لم يعلم خلافه يشمل من علم صحة مقالته أو ظنها أو شك فيها أو توهمها من المأمومين ولايدخل في ذلك المستخلف لأنه مسبوق فلا علم عنده وفهم من كلامه أن علم خلاف قوله لايعمل عليه ثم إن علم صحة صلاة الامام وصلاة نفسه فلا يتبع المستخلف في الإصلاح وان علم صحة صلاة نفسه وشك في صلاة الإمام ففي لزوم اتباعه قولان قوله وسجد قبله ان لم تتمحض زيادة أي حيث تجمع مع النقصان واجتماعهما إنما يتصور
على المشهور من تحول ركعات الامام إذا بطلت إحداهما فمهما حصل العلم للمستخلف بما أسقطه الإمام من احدى الأولين بعد عقد الثالثة اجتمعت الزيادة والنقصان فالزيادة الركعة الملغاة والنقصان ترك السورة من الثانية التي سارت ثالثة وترك الجلوس عليها ان فاته وأما إن علم قبل عقدها فتتمحض الزيادة وأما على الشاذ من عدم التحول فالسجود بعدي أبدا لتمحض الزيادة والله تعالى أعلم ومفهوم الشرط ان تمحضت الزيادة سجد بعد السلام كما إذا استخلفه فى الرابعة فبعد أن صلاها أخبره أنه أسقط من الثالثة فتصير
الرابعة التي صلى المستخلف ثالثة ويأتي برابعة ويسجد بعد السلام لتمحض الزيادة قوله بعد صلاة إمامه يتعلق بسجد ولفظ صلاة على حذف مضاف والمعنى أنه يسجد القبلي عند عدم تمحض الزيادة بعد كمال صلاة الامام وهذا هو المشهور لأنه موضع سجود إمامه وقيل يسجد بعد كمال صلاة نفسه تغليبا لحكم صلاته ابن عرفة ابن رشد سجوده بعد قضائه سماع موسى بن القاسم وإثر تمام صلاة الأول سماع أصبغ إياه اهـ
وعلى سماع أصبغ درج المؤلف فان قيل هل في إتفاقهم على أن المسبوق يسجد مع الامام السجود القبلى ولا يؤخر إلى كمال صلاة نفسه ترجيح لما درج عليه المؤلف من سماع أصبغ قيل لا لأن المانع للمسبوق غير المستخلف من تأخير السجود إلى آخر صلاته إنما هو مخالفة الامام وذلك مفقود هنا وقد يقال إن الامام وإن لم وجد هنا حسا فهو موجود حكما قاله في التوضيح وقد رأيت أمثل ببعض الصور مما يشمله كلام المؤلف إذ بذلك معناه ويخرج من حيز الاجمال إلى التفصيل الصورة الأولى أن يدخل المسبوق مع الامام في قيام الثلاثة من الرباعية مثلا فيستخلفه فيها فبينما هو قائم في الرابعة أخبره الامام أنه أسقط ركوعا مثلا في إحدى الأوليين فتصير تلك ثالثة على المشهور من تحول الركعات فيكملونها ثم يأتي المستخلف بالفتح ومن لم يعلم خلاف قول الامام من المأمومين برابعة ويتشهد ويسجد بالجميع للسهو ثم يقوم وحده لركعة القضاء التي سبق بها فيقرأ فيها بالفاتحة وسورة ويتشهد ويسلم الجميع بسلامه ويصير أنما استخلف المستخلف على الثانية وأما من علم خلاف قول الامام فلا يتبعه في القيام لرابعة الامام بل يجلس إلى أن يسلم وإنما يتشهد بعد رابعة الامام لأنه لايقوم لقضاء مافاته إلا بعد كمال صلاة الامام ويسجد حينئذ تغليباً لحكم صلاة الامام كما مر وكان سجوده قبليا لاجتماع الزيادة وهي الركعة الملغاة والنقصان وهو ترك السورة من الثالثة لما صارت ثانية وترك الجلوس أثرها وأما لو فرعنا على الشاذ من عدم تحول الركعات لأنى بعد كمال التي هو فيها بركعة بالفاتحة وسورة قضاء عن
الفاسدة من الأوليين وتشهد ثم قام لركعة القضاء وسلم بعد السلام لتمحض الزيادة ويتبعه أيضا من لم يعلم خلاف قول الامام وأما من علم خلاف قوله فيجلس حتى يسلم مع الامام وإلى هذه الصورة أشار الشيخ ابن عرفة بقوله محمد ولو استخلف من فاتته ركعتان على ركعتين فقال له الأول بعد صلاة ركعة فقط أسقطت سجدة من
الأوليين صارت الثالثة ثانية وهو لم يجلس عليها فليصل بهم ركعتين بناء فيتشهد فيسجد بهم فيأتي بركعة قضاء فيسلم بهم فقوله اهـ
صارت الثالثة أي التي استخلف فيها وقوله ثانية بناء على تحول الركعات كما مر وقوله وهو لم يجلس عليها لأن الفرض أنه ماأخبره إلا بعد أن قام للرابعة وقوله فليصل بهم ركعتين أي التي قام فيها وأخرى لأن التي أخبره صارت ثالثة فيكملها ويأتي برابعة وقوله بناء مبنى على التحول أيضا ومنه يعلم أنه يقرأ فيهما بالفاتحة فقط ويتشهد أثرهما لكمال صلاة الامام الأول ويسجد هو وجميع المأمومين قبل السلام لاجتماع الزيادة والنقص كما مر ثم يأتي بركعة القضاء إذ قد كشف الغيب أنه لم تفته إلا واحدة ثم يسلم ويسلم الجميع بسلامه وإنما قال فليصل بهم ولم يقل بمن شك منهم أو بمن لم يعلم خلاف قول الإمام اجتزاء بتقدمه في كلامه في صورة أخرى وهى التى تذكر إثر هذه إن شاء الله تعالى * الصورة الثانية أي يخبره بذلك والمسألة بحالها بعد أن صلى بهم ركعتين بقية صلاة الأول فأخبره وهو في التشهد فيقوم هو ومن لم يعلم خلاف قول الإمام من المأمومين فيصلى بهم ركعة بأم القرآن فقط لأنها رابعة للامام ويتشهد إثرها ويسجد للسهو ويسجدون كلهم معه ثم يقوم وحده لركعة القضاء ويسلم بعدها ويسلم الجميع بسلامه ومن علم خلاف قول الإمام لايقوم بل يجلس أيضا إلى أن يسلم معه ووجه ذلك كما تقدم في الصورة الأولى وإلى هذه الصورة أشار الامام ابن عرفة بقوه سحنون لو قال الأول لمسبوق استخلف على ركعتي ظهر بعد صلاتهما أسقطت سجدة صلى بمن خلفه إن شكوا ركعة بأم القرآن فقط وقضى ركعة ويسجدبهم قبل سلامه وقيل قبل قضائه وإن أيقنوا فعلها قعدوا وصلى المستخلف ماعليه اهـ وقوله وقضى ركعة أي بعد أن يتشهد كما تقدم وقوله قبل قضائه هو المشهور كما مر وهذا إذا جزم الامام بالاسقاط وأما لو شك في ذلك فقال ابن عرفة أيضا إثر ماقبله يليه متصلا به مانصه ولو قال أشك فيها قرأ بأم القرآن وسورة لاحتمال عدم السقوط فتكون قضاء ويجلس عليها لاحتمال السقوط فتكون بناء ويصلونها معه إن شكوا ويسجدون قبل اهـ
أي ثم يقوم وحده لركعة القضاء
وقوله قرأ فيها أي في الركعة التي يقوم لها هو ومن شك ثم قال ابن عرفة محمد لو استخلف من صلى معه ركعتين على ركعتين فذكر الأول بعد تمامها سجدة فإن شك المستخلف والقوم صلوا رابعة بناء وسجدوا قبل السلام فإن أيقنوا السلامة فلا شيء عليهم ولافرق بين هذه والتى قبلها في قول ابن عرفة سحنون لو قال الأول الخ إلا أن المستخلف في هذه غير مسبوق وفي تلك سبق ركعتين
(فرع) قال ابن عرفة إثر ماقبله يليه ولو ذكر المستخلف أيضا سجدة من إحدى الأخيرتين سجد وتشهد وأتى بركعتين بناء وسجد قبل ويعيدون لكثر السهو اهـ والمعنى إذا استخلفه على ركعتين وهو غير مسبوق فصلاهما فبينما هو في التشهد أخبره الامام بأنه أي الامام أسقط سجدة من إحدى الأوليين وتذكر هذا المستخلف أنه أسقط سجدة من إحدى الأخيرتين فيسجد حينئذ لاحتمال أن يكون هو أسقط ذلك من الرابعة ويتشهد عقبها لذلك ثم يحتمل أن يكون إنما أسقط من الثالثة التى استخلف فيها فتبطل بعقد الرابعة وبالضرورة أن إحدى الأوليين باطلة أيضا فليس عنده صحيح بيقين إلا ركعتان فيأتي بركعتين بناء بالفاتحة فقط وهما الثالثة والرابعة ويسجد قبل السلام للزيادة ونقص السورة من الثانية لأنه لما بطلت إحدى الأوليين صارت إحدى الأخيرتين هي الثانية ولم يقرأ فيها إلا بالفاتحة وانظر قوله ويعيدون لكثرة السهو هل هو مبنى على القول ببطلان صلاة زيد فيها ركعتان فتكون الاعادة أبدية أو مبنى على المشهور أنها لاتبطل إلا بزيادة مثلها ولكن تستحب الاعادة مراعاة للقول بالبطلان أو أن كثرة السهو كيف كان موجب للاعادة والله أعلم الصورة الثالثة أن يخبره بذلك بعد قضاء ركعة واحدة من اللتين سبق بهما فتصير تلك رابعة صلاة الامام فيتشهد عليها ويسجد للسهو ويسجدون كلهم معه ثم يقوم وحده لركعة القضاء ويتشهد ويسلم ويسلم معه من علم خلاف قول الامام ومن لم يعلم خلافه صلى بعد سلام المستخلف ركعة بالفاتحة فقط لتحول ركعاتهم كما تقدم وإلى هذه الصورة أشار ابن عرفة بقوله ولو قال له بعد قضائه ركعة فقط جلس يتشهد فسجد بهم كما كان يفعل الأول وصلوا بعد قضائه بناء اهـ
الصورة الرابعة أن يخبره بذلك بعد أن قضى الركعتين اللتين سبق بهما فصلاة المستخلف تامة لأنه صلى بالناس ركعتين وقضى فيسجد قبل السلام لأنه لما بطلت إحدى الأوليين صار استخلافه على الثانية وقد ترك منها السورة ولم يجلس عليها وزاد الركعة الملغاة ويسجدون كلهم معه ثم يسلم ويسلم معه من غير خلاف من علم خلاف قول الامام وتيقن عدم السقوط وأما من علم خلافه ممن تحقق النقص أو الشك فيه
فإنه إذا سلم المستخلف يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها رابعة الامام ويسلم ثم يسجد بعد السلام أيضا من شك منهم فيما قاله الامام لاحتمال أن لا يكون بقي عليهم شيء فتكون هذه الركعة زائدة وكذا من تيقن عدم السقوط ممن كان سلم مع الامام لتحقق الزيادة في صلاة إمامه وأما من تيقن السقوط فلا يسجد بعد السلام إذ لا زيادة عنده وإلى هذه الصورة أشار الامام ابن عرفة بقوله ولو قاله بعد قضائه سجد قبل ومن خلفه وصلوا ركعة بناء وسجدوا بعد إن لم يتيقنوا سقوطها وتيقن كل المأمومين فعلها يسقطها عنهم ويوجبها على الامام قضاء وشك بعضهم يوجبها على الشك فتكون بناء اهـ فقوله صلوا ركعة بناء أى من تحقق من المأمومين السقوط أو شك فيه لقاعدة أن الشك في النقصان كتحققه وبدليل قوله وشك بعضهم بوجها أي الركعة على الشاك وإذا وجبت على الشاك فعلى الموقن بالسقوط أخرى وأما من تحقق عدم السقوط فلا يأتي بركعة لقوله وتيقن كل المأمومين فعلها يسقط عنهم يريد وتيقن البعض يسقطها عن ذلك البعض وقوله وسجدوا بعد إن لم يتيقنوا عن سقوطها هو صادق بمن تيقن عدم السقوط ومن شك فيه وإنما يسجد من تيقن عدم السقوط لتحققه لزيادة في صلاة إمامه ويسجد من شك فيه لاحتمال عدم السقوط فتكون هذه الركعة زائدة ومفهومه أن من تيقن السقوط لاسجود عليه إذ لازيادة عنده وهو كذلك والحاصل أن من تيقن السقوط يأتي بركعة ولايسجد بعد السلام ومن تيقن عدمه بالعكس لايأتي بركعة ويسجد بعد ذلك ومن شك فيه جمع بينهما فيأتي بركعة ويسجد بعد ذلك أيضا والله أعلم والسجود في الصور الثلاث قبل هذه قبلي لاجتماع الزيادة والنقص وفي هذه الرابعة قبلي وبعدي كما ذكر مفصلا.
الصورة الخامسة من أدرك الإمام فى الثالثة فاستخلفه فيها أيضا وأخبره إذ ذاك باسقاطه سجدة من إحدى الأوليين لم يدر عينها فيسجد حينئذ لاحتمال كون الترك عن الثانية ولم يفت تداركها ويبنى على ركعة لاحتمال كون الترك من الأولى وقد بطلت بعقد الثانية فليس عنده محقق الصحة إلا واحدة فيصلى بهم ثلاثا بانيا على واحدة ويتشهد وينتظرون قضاءه ركعة ويسلم ويسلمون ويسجدون بعد لتمحض الزيادة ويعيد من خلفه صلاتهم لاحتمال كون الترك من الثانية فيكون قد أصاب بالسجدة محلها واستخلافه على اثنتين واستخلافه على هذا الاحتمال باطل لأنه لم يدرك من الثانية جزءا يعتد به فلما تبعوه بطلت صلاتهم ولو لم يتبعوه أعادوا أيضا لاحتمال وجوب أتباعهم له وتقديم غيرهم أولى وإلى هذا الصور أشار الشيخ ابن عرفة رحمه الله بقوله ولو قاله حين قدمه سجد بهم سجدة وبني على ركعة وصلى بهم ثلاثا بناء يتشهد آخرها
وينتظرون قضاءه ركعة ويسلم بهم الشيخ ويسجد بعد سلامه قال ويعيد من خلفه لاحتمال إصابته بالسجدة محلها فيصير مستخلفا على اثنتين وتصير الثالثة واجبة عليه فذا فلما صلوها معه بطلت صلاتهم ولو لم يتبعوه أعادوا لاحتمال وجوب اتباعهم والأولى تقديم غيره اهـ وانظر تعليل الشيخ أبى محمد إعادة من خلفه في احتمال إصابته بالسجدة محلها بصيرورة الثالثة واجبة عليه فذا فلما صلوها معه بطلت صلاتهم فظاهرة صحة الاستخلاف على هذا الاحتمال والبطلان إنما هو لاتباعهم له في الركعة الثالثة الواجبة عليه فذا وهذا إنما يأتي على مقابل المشهور من انه لا يشترط في صحة الاستخلاف إدراك المستخلف جزأ يعتد به وأما على المشهور من اشتراطه فالظاهر أن البطلان إنما هو لبطلان
الاستخلاف رأسا كما تقدم وأنظر أيضا من علم خلاف قول الإمام هل يبقى قائما ولايتبع المستخلف في المسجدة فإذا جلس المستخلف على الثانية قام هو كمأموم جلس أمامه على ثلاثة فإذا قام المستخلف لرابعة صلاة الإمام جلس هو كمأموم قام إمامه لخامسة فإذا سلم المستخلف سلم معه وسجد معه بعد السلام للسهو وأعاد صلاته لاحتمال بطلان الاستخلاف كما مر أو حكمه خلاف هذا لم أقف فيه على شيء والله أعلم. الصورة الثالثة دخل المسبوق مع الامام في الرابعة فاستخلفه فيها فبعد أن صلاها وجلس للتشهد أخبره الامام باسقاط ركوع من الثالثة فيقوم ويأتي بركعة بالفاتحة فقط اتفاقا لأنا ان قلنا بتحول الركعات فهي رابعة وان قلنا بعدمه فثالثة ويتشهد عقبها ويتبعه في ذلك من لم يعلم خلاف قول الامام ثم يقوم وحده لقضاء مافاته ثم يسلم ويسلمون ومن علم خلاف قولا الامام يستمر جالساً إلى أن يسلم بسلامه أيضا ثم يسجدون كلهم بعد السلام للزيادة حتى من علم خلاف قول الإمام لترتب السجود على إمامه والله تعالى أعلم والسجود في هذه الصورة والتي قبلها بعدي لتمحض الزيادة وإلى هاتين الصورتين وما أشبههما أشار بقوله إن لم تتمحض زيادة وكلام الشيخ قابل لأكثر من هذا لان المتروك إما ركوع أوسجود أو قراءة الفاتحة وفى كل منها إما أن يستحلفه في قيام الثانية أو الثالثة أو الرابعة فهذه تسع صور وفي كل منها أن يخبره بالاسقاط وقت الاستخلاف أو بعد أن صلى ركعة أو ركعتين أو ثلاثا أو أربعا فهذه خمس صور فإذا ضربت في التسع خرج خمس وأربعون صورة وكلها مع تحقق الاسقاط فلو قال له الامام أشك أني تركت كذا جاءت الصورة كلها فالمجموع تسعون صورة إلا أن بعضها يبطل فيه الاستخلاف على المشهور تحقيقا كما إذا أدرك الثانية فاستخلفه فيها
وقال له أسقطت سجودا فيسجد المستخلف لإصلاح الأولى ويبني عليها حتى يكمل صلاة إمامه ثم يقضيها وتصح صلاته وحده دون من أتم به إذ لم يدرك جزأ يعتد به كما مر وفي بعضها يبطل على احتمال كما تقدم في الصورة الخامسة ونظر ابن عرفة على مااذا قال الامام لمدرك رابعة استخلفه فيها أسقطت قراءة الأولى وسجود الثانية وركوع الثالثة أو قال لمدرك ثالثة استخلفه فيها أسقطت سجدتين من الأوليين وأخبره بذلك قبل قضاء مافاته أو بعده قضاء ركعة أو بعد قضاء ركعتين أو قال له تركت سجدتين لا أدري من ركعة أو ركعتين وأخبره بذلك قبل قضائه أو بعد فطالع تطلع والله الموفق بمنه هذا ما أمكن جلبه في الحال مع تفرق الذهن وتشتت البال فمن وقف عليه من السادات الاعلام فرأى فيه فساد مما جرت به الأفلام أو مما قد يسبق إلى الأوهام فليتفضل علينا بالتنبيه على ذك أو الرجوع عن الخوض في تلك المسالك أخلص الله الكريم العمل لوجهه وتقبله بمحض جوده وفضله وتغمد الجميع برحمته وطوله آمين يارب العالمين وكتبه عبد الله محمد بن أحمد ميارة زاد الله له بمنه وكرمه حامدا الله تعالى مصليا ومسلما على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله مسلما على من يقف عليه من السادة الأعيان طالياً منهم صالح الدعاء فى السر والإعلان