المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الزكاة تكلم في هذا الكتاب على القاعدة الثالثة من قواعد - الدر الثمين والمورد المعين

[ميارة]

الفصل: ‌ ‌كتاب الزكاة تكلم في هذا الكتاب على القاعدة الثالثة من قواعد

‌كتاب الزكاة

تكلم في هذا الكتاب على القاعدة الثالثة من قواعد الاسلام وهي الزكاة، والزكاة لغة النمو والزيادة يقال زكا الشيء إذا نما وكثر إما حساً كالنبات والمال أو معنى كنمو الإنسان بالفضائل والصلاح وسميت صدقة المال زكاة لانها تعود بالبركة في المال الذي أخرجت منه وتنميه وقيل لأن القدر المخرج يزكو عند الله وينمو كما جاء في الحديث ماتصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولايقبل الله إلا الطيب إلا كان كأنما يضعها في كف الرحمن فيربيها له كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون كالجبل وقيل لأن صاحبها يزكو بأدائها كما قال تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وكونها إحدى القواعد الخمس معلوم من الدين ضرورة وأدلة وجوبها من الكتاب والسنة والإجماع مشيرة فلا نطيل بها فمن جحد وجوبها فهو مرتد يستتاب ثلاثة أيام فان لم يتب قتل كفراً لإنكاره ماعلم من الدين ضرورة ومن أقر بوجوبها وامتنع من أدائها أخذت منه كرها وإن بقتال ويؤدب على امتناعه من إعطائها وتجزئة على المشهور

قال الإمام الجزولي ولها شروط وجوب إجزاء وآداب فشروط وجوبها سبعة الإسلام والحرية والنصاب وصحة الملك احترازا من الغاصب وتمام الحول فى غير الحبوب ومجيء الساعي في الماشية وعدم الدين في العين، وشروط إجزائها أربعة النية أنها زكائه وإخراجها بعد وجوبها ودفعها إلى إمام عادل أو في الأصناف الثمانية عند عدمه والاخراج من عين ماوجبت فيه لاعوض منه وآدابها ثمانية إخراجها عن طيب النفس ومن كسب طيب ومن خياره ودفعها للمساكين باليمين وسترها من أعين الناس وتفريقها في البلد الذي وجب فيه وأن يقصد بها الأحوج

وعلى الإمام أو المصدق أن يدعو لدافعها اهـ

قال في الجواهر: وهي بالإضافة إلى متعلقاتها ستة أنواع زكاة النعم والنقدين والمتجارة والمعشرات والمعادن والفطر اهـ

فُرِضَتِ الزَّكاةُ فِيما يُرْتَسَم

عَيْنٍ وحَبٍّ وثِمارٍ وَنَعَم

ص: 406

أخبر أن الزكاة فرضت فيما يرتسم أى يرسم ويكتب فيفتعل بمعنى يفعل ومراده فيما يذكر ثم أبدل من لفط ماتجب فيه الزكاة وهو الأنواع الثلاثة أولها العين وهو الذهب والفضة وعنه عبر ابن شاس بالنقدين كما مر، الثاني الحبوب والثمار وعبر غير الناظم كابن الحاجب والشيخ أبى محمد وغيرهما من هذا النوع بالحرث، قال الجزولي الحرث اسم لجميع فوائد الأرض مابين حبوب وثمار مما هو أطعمة مقتاتة مدخرة وبعضهم عبر عنه بالمعشرات كما مر عن الجواهر. الثالث النعم وهى الإبل والبقر والغنم واستعمل الناظم كابن الحاجب وغيره لفظ النعم اسم جنس للأنواع الثلاثة الإبل والبقر والغنم لقوله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم}

وقال الجوهري النعم واحد الأنعام وهي الأموال الراعية وأكثر مايقع هذا الاسم على الإبل

(تنبيه) تقدم عن الجواهر أن الذى تجب فيه الزكاة ستة أنواع ذكر الناظم في هذا البيت منها ثلاثة أنواع ثم عقد فصلا آخر الكتاب لزكاة الفطر وسكت عن زكاة المعدن ولعلة أدرجها في زكاة العين وإن كانت تخالفها في قليل من الأحكام نظرا لاتفاقهما في كثيرها كما سكت أيضا في هذا البيت عن زكاة العروض وهي التي عبر عنها في الجواهر بالتجارة نظرا إلى أنها آيلة إلى زكاة العين فأدرجها فيها أيضا كالمعدن ثم ذكرها صريحا مع بعض مايتعلق بها في قوله والعرض ذو التجر البيتين والله تعالى أعلم

فى العَيْنِ وَالأَنْعاَم حَقَتْ كُلَّ عامْ

يَكْمُلُ والحَبَّ بالإِفْرَاكِ يُرَام

والتَّمْرِ والزَّبِيبِ بِالطِّيبِ وَفي

ذِى الزَّيْتِ مِنْ زَيْتِهِ وَالحَبِّ يَفِي

أخبر أن الزكاة في العين والأنعام حقت أي وجبت أي تجب في كل عام يكمل وينقضى فجملة يكمل صفة لعام بمعنى أن مرور الحول شرط في وجوبها فيهما وأن زكاة الحرث لايشترط في وجوبها مرورالحول بل تجب في الحبوب بالافراك وفى التمر والزبيب بالطيب وان لم يكمل الحول ولذا قال ابن الحاجب والحول شرط إلا في المعادن والمعشرات فالحب مبتدأ وجملة يرام أي يطلب خبره وبالإفراك يتعلق بيرام وفاعل يرام يعود على الحب على حذف مضاف أي تطلب زكاته بالافراك وأن ماله زيت من الحبوب تخرج الزكاة من زيته إذا بلغ حبه النصاب فجملة (والحب يفي) إلى بالنصاب حالية وفهم من كلامه أن مالا زيت له من سائر الحبوب والثمار تخرج الزكاة من عينه ولا

ص: 407

اشكال في ذلك وقد تقدم أن من شروط أدائها اخراجها من عين ماوجبت فيه فتكلم على ماقد يتوهم وسكت عما هو جار على الأصل ويدخل في الحب القمح والشعير والمسلت وهو حب بين القمح والشعير لاقشر له ويعرف بشعير النبي عند أهل المغرب قاله الشيخ زروق قال بعضهم يعرف عند البرابر بآشنتيت ويدخل أيضا العلس وهو حب صغير يقرب من خلقة البر التوضيخ ويدخل أيضا الارز والدخن وهو البشنة والذرة وهي على نوعين بيضاء وهي التي تعرف بهذا الاسم وسوداء وتعرف بآنيل وتدخل القطانى على المعروف وهي الفول والحمص والجلبان واللوبياء والترمس والبسلة والعدس والكرسنة وأما التمر والزبيب فقد صرح بهما ويدخل في ذي الزيت الزيتون والجلجلان وحب الفجل ونحوها مما له زيت وضابط ماتجب فيه الزكاة على قول الجمهور أنه المقتات المدخر للعيش غالياً كما يصرح به الناظم بعد هذا في قوله إذ هي في المقتات فيما يدخر وقال ابن الماجشون وكل ذي أصل من الثمار كالرمان والتفاح وقيل غير ذلك وعلى المشهور فلا زكاة في البقول ولا في الفواكة كالرمان وكذلك التين ولا في العسل وفي حب الفجل والكتان والعصفر ومالا يتتمر كبسر مصر ولايتزبب كعنبها ولايخرج زيتا كزيتونها خلاف المشهور ووجوب الزكاة إلا في حب الكتان أما مرور الحول في العين فلا شك في كونه شرطا كما صرح به ابن الحاجب وغيره فاذا تلف النصاب أو جزؤه قبل الحول ولو بيوم سقطت الزكاة وكذلك إذا تلف النصاب بعد الحول وقبل الإمكان كما لو تعذر الوصول إلى المال بسبب من الأسباب واختلف إذا تلف بعضه والمسألة بحالها بعد الحول وقبل الإمكان فالمشهور السقوط وأوجبها ابن الجهم ومنشأ الخلاف الفقراء شركاء في النصاب بدفع عشرة أو ليسوا كذلك وإنما المقصود إرفاقهم بشرط النصاب ولو أخرج الزكاة وعزلها عنه حولها فضاعت من غير تفريط لم يضمن ولو عزلها بعد حولها وقد كان فرط في تأخيرها فضاعت ضمنها ولو عزلها عند محلها فضاع المال المزكى وبقيت الزكاة عكس ماقبله وجب عليه دفعها والمشهور جواز إخراجها قبل الحول بيسير واختلف في حد القرب فقيل اليوم واليومان وهو قول ابن المواز وقيل العشرة أيام ونحوها وهو قول ابن الحاجب فى الواضحة وقيل الشهر ونحوه رواية عيسى عن ابن القاسم وقيل الشهران ونحوهما وهو لالمالك في المبسوط وهل هذا الخلاف في جواز الإقدام على ذلك ابتداء وهو ظاهر كلام ابن الحاجب أو بعد الوقوع والنزول وهو الذى نقل صاحب الجواهر والتلمساني وغيرهما قال في التوضيح وهو أقرب لأن المطلوب ترك ذلك ابتداء ومما يتعلق باشتراط الحول في العين الكلام على نماء المال وهو جنس تحته

ص: 408

ثلاثة أنواع: الربح والفائدة والغلة، ودليل الحصر في الثلاثة الاستقراء، والمراد حصر النماء في الثلاثة لاحصر الثلاثة في النماء لأن أحد طرفي الفائدة كالهبة لم ينم عن مال فالربح يزكى لحول أصله كان أصله نصاباً أو لا كما يقول الناظم:

وحول الأرباح ونسل كالأصول: وهو كما قال ابن عرفة زائد ثمن مبيع تجر على ثمنه الأول فمن كان له دينار أقام عنده أحد عشر شهراً ثم اشترى به سلعة ثم باعها بعد شهر بعشرين فإنه يزكي الآن وهذا هو المعروف لأن حول الربح وهو التسعة عشر حول أصله وهو الدينار ويقدر كون ذلك الربح في أصله من أول الحول وعليه فمن له عشرة حال عليه الحول فأنفق خمسة منها ثم اشترى بالخمسة الباقية سلعة باعها بخمسة عشر أو اشترى بخمسة أولا ثم أنفق خمسة فه يقدر وجود الربح حين الحول فتجب الزكاة في الوجهين وهو مذهب المغيرة أو يقدر وجوده حين حصوله فتسقط الزكاة في الوجهين وهو قول أشهب أو يقدر وجوده حين الشراء فتسقط في الوجه الأول وهو اذا أنفق أولا ثم اشترى وتجب في الثاني وهو إذا اشترى ثم انفق وهو قول ابن القاسم ثلاثة أقوال

[فر](فرع)[/فر] من تسلف عشرين دينارا فاشترى بها سلعة اقامت حولا ثم باعها بأربعين ولم يكن عنده مايجعله فى مقابله العشرين المتسلفة فالاتفاق أنه لازكاة عليه في العشرين لأنها عليه دين واختلف في زكاة الربح فقال ابن القاسم يزكي لأنه ملك الأربعين عليه منها عشرون وقال المغيرة لا زكاة عليه فيه لأنها إذا سقطت الزكاة من الأصلى فالربح أحرى وقال مطرف إن نقد من ماله شيئا ولو قل يزكي وإن لم ينقد شيئا فلا زكاة

[فر](فرع)[/فر] من كان عنده عشرون دينارا فاشترى بها سلعة على أن ينقدها فلم ينقدها حتى حال الحول فباع السلعة بأربعين فاختلف في عشري الربح على ثلاثة أقوال

الأول أنه يزكي لحول الأصل رواه ابن القاسم وعن بزيزة وهو المشهور

والقول الثاني أنه يزكي من يوم الشراء قاله ابن القاسم والقول الثالث يستقبل بالربح رواه أشهب عن مالك وأما الفائدة فيستقبل بها بعد قبضها وهي ماحدث لا عن مال أصلا كالعطايا والميراث أو عن مال لا تجب فيه الزكاة كثمن عرض القنية فإن استفاد فائدة بعد أخرى فإن كانت الأولى نصابا زكيت على حولها وكل مايستفيد بعدها يزكي لحول نفسه كان نصابا أو لا فإن اختلطت عليه الأصول كان حول آخرها على المشهور وإذا كانت الفائدة الأولى دون النصاب ضمت إلى الثانية اتفاقا فإن كمل منهما معا النصاب فحولهما معا من حول الثانية وكل مايستفيده بعد ذلك يزكيه لحول نفسه نصابا أو أقل وإن لم يكمل النصاب منهما ضمتا معا إلى الثالثة فإما أن يكمل النصاب أولا فأجره على ماذكرناه

ص: 409

(فرع) إذا ملك عشرة فى المحرم وعشرة فى رجب فحولهما معا رجب كما تقدم فإذا أنفق العشرة المحرمية أو ضاعت بعد أن حال حولها ثم حال حول الرجبية وهي ناقصة عن النصاب فقال ابن القاسم بسقوط الزكاة لأنه يشترط اجتماعهما في الملك وكل الحول ولم يجتمعا إلا في نصفه وقال أشهب بوجوب الزكاة لأنه يكفي عنده اجتماعهما في الملك وبعض الحول ولم يجتمعا إلا نصفه لأنه يرى أن زكاة كل فائدة على حولها وإنما أخرت زكاة الأولى مخافة أن لاتبقى الثانية فإذا تبين البقاء زكيتا فلو ضاعت الثانية أو أنفقها قبل حولها فالاتفاق على سقوط الزكاة أو ضاعت الأولى وأنفقها قبل حولها فلا خلاف في سقوط الزكاة أيضا لفقد الحول ولو أنفق الأولى بعد حولها فحال حول الثانية وهي نصاب فيتفق على وجوب الزكاة في الثانية ويختلف في الأولى

(فرع) إذا كانت الفائدة الأولى نصابا فعلى حولها كما مر فإذا نقصت عن النصاب فإن نقصت قبل كمال حولها فكالناقصة من أول وهلة تضم الثانية كما تقدم وان حال حولها كاملة ثم حال مرة أخرى ناقصة فلا تضم لما بعدها على المشهور بل تزكى كل فائدة على حولها لأن كل فائدة قد تقرر حولها بوجوب الزكاة فيها وقال ابن مسلمة تنتقل كما لو نقصت قبل حولها ورجحه في التوضيح وأما الغلة فالمشهور أنها كفائدة يستقبل بها حولا والشاذ إلحاقها بالربح قتزكى لحول أصلها والغلة هي نماء المال من غير معاوضة به فقولهم نماء المال خرج بذلك أحد نوعي الفائدة وهو ماتجدد عن غير مال كالعطية والميراث وقولهم من غير معاوضة به خرج به النوع الثاني من نوعي الفائدة وهو ماتجدد من مال غير مزكى كمن كان عنده عرض قنية فباعه فإن ثمنه نماء مال لسكن بعد المعاوضه به، وخرج به الربح أيضا لأنه مع المعاوضة ومثال الغلة من اشترى أصولا للتجارة فأثمرت وليس في عين تلك الثمار زكاة إما لكونها من الفواكه والخضر التي لازكاة فيها أو مما تزكي لكنها دون النصاب ثم باع تلك الثمار فالمشهور أنه يستقبل بثمنها وقيل يزكيه لحول المال الذي اشترى به تلك الأصول وما لو وجبت في عين الغلة زكاة كما لو اغتل نصابا من الثمر أو الحب فإنه يزكيه زكاة المعشرات اتفاقا ثم يكون كسائر سلع التجارة فإذا تم له حول عنده من يوم أدى زكاته قومه إن كان مدبرا أو له مال عين سواه وإن كان غير مدبر فلا تقويم عليه حتى يبيع، فإن باعه بعد الحول من يوم أدى زكاته زكى الثمن مكانه وإن باع قبل الحول تربص، فإذا تم الحول زكى وكذلك إذا اكترى أرضا للتجارة وزرع فيها للتجارة قاله في المدونة وأما إذا لم تجب في عين الغلة زكاة ولم يبعها بل بقيت عنده فهي كسائر سلع التجاة إما ان يكون مدبرا أو محتكرا وإما غلة اصول القنية فإن وجبت زكاة في عينها زكيت ثم لا شيء عليه حتى يبيعها ويستقبل بثمنها حولا لأن ثمنها فائدة لتجدده عن مال غير مزكى وهيى الأصول

ص: 410

المقصود بها القنية وكذا ان لم تجب في عينها زكاة استقبل بثمنها أيضا وأما لو اشترى الأصول للتجارة وفيها ثمار لم تطب ثم باع الثمرة طيبها وليست نصابا أو قبل الطيب على القطع ولو كانت نصابا فثمنها فائدة لأن مباشرة العقد للثمرة هنا كانت بطريق التبع فلم تكن مقصودة فلم تحصل معاوضة وذلك شأن الفائدة في أحد وجهيها، التوضيح ويبين لك هذا أنها لو كانت الثمرة مأبورة عند العقد لزكى ثمنها لحول الأصل/ ابن الحاجب في تمثيل الغلة وكذلك غلة دور التجارة وعبيدها وغنمها، التوضيح، قال في النوادر ومن المدونة قال مالك وما اتخذته المرأة من الحلي لتكريه فغلته فائدة وكذلك غلة ما اشترى للتجارة أو للقنية من رباع أو غيرها قال وأما من اكترى داراً ليكريها فما اغتل من هذه فليتركه لحول من يوم زكى ما نقد من كرائها لا من يوم اكترائها وهذا إذا اكتراها للتجارة أو القنية لأن هذا متجر وأما إن اكتراها للسكنى فأكراها له لأمر حدث فلا يزكي غلتها وإن كثرت إلا لحول من يوم بقبضها اهـ

وأما مرور الحول بالنسبة لزكاة النعم فهو شرط أيضا كما شمله قول ابن الحاجب والحول شرط إلا في المعادن والمعشرات فلو نقص نصاب الماشية ولو قبل الحول بيوم فلا زكاة وإن كانت أقل من النصاب فتوالدت وكمل النصاب ولو قبل الحول بيوم فالزكاة لأن حول نسل الأنعام حول أمهاتهم كما يأتي في قول الناظم:

وحول الأرباح ونسل كالأصول:

وهذا إذا لم تكن سعاة أو كانت لاتصله فحينئذ تجب بمجرد مرور الحول وأما إذا كانت سعاة وتصله فمجيء الساعي شرط وجوب على المشهور وعليه لو مات رب الماشية بعد الحول وقبل مجيء الساعي لم يجب على الوارث إخراجها لأنها لم تجب على الميت ولكن يستحب له إخراجها ولو أوصى بزكاتها إذ ذاك فمات لم تخرج من رأس ماله إذ لم تجب عليه وإنما تخرج من الثلث ولو أخرجها قبل مجيء الساعي لم تجزه وكان له أخذها منه وعلى اشتراط مجيء الساعي أيضا ولو مر الساعي بانسان فوجد ماشيته ناقصة عن النصاب ثم رجع وقد كملت استقبل حولا لأن حول الماشية هو مرور الساعي بها بعد الحول ولو اعتبر رجوعه لما انضبط لها حول

(فرع) إذا سأل الساعي رب الماشية عن عددها فأخبره ثم زادت الماشية بولادة أو نقصت بموت ثم عد عليه فإن كان الساعي لم يصدق ربها فيما أخبره فالمعتبر ما وجد حين عد اتفاقا وإن كان قد صدقه ففي النقص تسقط الزكاة كما لو ضاع جزء من العين قبل التمكن من الأداء وفي الزيادة طريقتان حكاهما ابن بشير إحداهما المعتبر ماصدقه فيه الثانية تحكى قولين، قيل المعتبر ماصدقه وقيل ماوجد

(تنبيه) وكما يشترط مجيء الساعي فذلك يشترط أيضا عده وأخذه فلو نقصت بعد

ص: 411

مجيئه وقبل أن يعد أو بعد أن عد وقبل أن يأخذ لم تجب قال في المدونة ومن كانت غنمه مائتي شاة وشاة فهلكت منها واحدة بعد نزول الساعى وقبل العد لم يأخذ غير شاتين ونقل عن أبى الحسن اللخمي وأبى عمران أنها لو نقصت بعد العد وقبل الأخذ لا يأخذ إلا شاتين واعترض به على ظاهر المدونة

(فرع) وتتعلق الزكاة بذمة الهراب من السعاة اتفاقا فيجب عليهم أداؤها على ماضي السنين التي هربوا فيها وإذا تخلف السعاة أعواما أخذوا عما تقدم إذا بقي بيد أرباب الماشية ما يؤخذ منه ولولا قول مالك بعد قوله أخذوا لماضي السنين وذلك الأمر عندنا لكان مقتضى كونه أي مجيء الساعي شرطا في الوجوب أن لا يأخذ للماضي/ اللخمي فإن كان تخلف السعاة لشغل أو أمر لم يقصدوا فيه إلى تضييع الزكاة فأخرج رجل زكاة ماشيته أجزأت

(فرع) إذا امتنع الخوارج ببلد أعواما وظهر عليهم أخذوا بالزكاة لماضي الأعوام في العين والحرث والماشية قال أشهب إلا أن يقولوا أدينا فيصدقون بخلاف الهارب منها فلا يصدق

(فرع) ويكون خروج السعاة لأخذ زكاة الماشية أول الصيف لقلة المياه حينئذ فتجتمع الناس فيكون في ذلك رفق بالسعاة حيث يجدون الناس مجتمعين وبأرباب المواشي إذ قد يحتاج إلى سن فيجده عند غيرهم وفي أخذهم سنة الجدب قون واعلم أن مرور الحول كله هو أحد شروط وجوب زكاة العين كما تقدم ولا يكفي مرور بعضه، الشرط الثاني بلوغ المال النصاب وسيأتي الكلام عليه بعد إن شاء الله، الشرط الثالث الملك احترازاً من غير المملوك كالمال المغصوب بالنسبة إلى الغاصب والمودع والملتقط بالنسبة إلى الحافظ والملتقط، الشرط الرابع أن يكون الملك كاملا احترازاً من العبد والمديان بالنسبة إلى العين، الشرط الخامس أن لا يكون المال معجوزاً عن تنميته احترازاً من العين المغصوبة بالنسبة إلى المغصوب منه ومن المدفون والموروث إذ لم يعلم به وقد ذكر ابن الحاجب هذه الشروط في زكاة العين وهي أيضاً شرط في زكاة الماشية على تفصيل في بعض المسائل المحترز عنها بالشروط المذكورة بحسب اللائق بكل نوع

ص: 412

وشرط هذا في زكاة الحرث ماعدا مرور الحول فإن الافراك في الحب والطيب في الثمار بدل عنه ولذا قابل الناظم مرور الحول في العين والأنعام بالافراك، والطيب في الحرث والثمار، فأما مايتعلق بمرور الحول فقد تقدم وأما مايتعلق بالملك فلا زكاة على غاصب عين أو ماشية أو أشجار في ثمارها الزكاة لأنه غير مالك، وماذكرنا من سقوط الزكاة عن غاصب العين كذلك يظهر من التوضيح أول الزكاة ونقل المواق عن لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه لابن الحاجب فإن أعتق العبد استقبل حولا بالنقد والماشية كما لو انتزع ذلك منه سيده أي فإن السيد يستقبل به حولا وأما الحبوب والثمار فإن عتق قبل الوجوب زكى وإلا استقبل وأما المديان فلا يسقط عنه بالدين إلا زكاة العين غير المعدن أما زكاة المعدن فلا تسقط عنه بالدين كزكاة الحرث أو الماشية ومن المدونة قال مالك لايسقط الدين زكاة الماشية والثمار قال عنه ابن المواز إنما يسقط الدين زكاة العين فقط اهـ

ثم لافرق في الدين الذي عليه بين أن يكون عينا

ص: 413

أو غيره حالا أو مؤجلا وإنما سقطت عنه لعدم كمال ملكه إذ هو بصدد الانتزاع ولكونه غير كامل التصرف كالعبد فإن كان عند المديان عرض يباع مثله في دينه كداره وسلاحه وخاتمه وثوبي جمعته إن كان لهما قيمة فالمشهور جعل الدين في مقابلة العروض ويزكى العين فلو كان عرضه يساوي عشرين ودينه عشرون لزكى مابيده ان كان نصابا لأنه يجعل الدين في ذلك العروض وتزكى العين وقال ابن عبد الحكيم يجعل الدين في العين لأنه الذي لو رفع إلى الحاكم لم يقض إلا به وهل يشترط مرور الحول على هذا العرض أم لا؟ لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه اشترطه ابن القاسم ولم يشترط أشهب إلا كونه مملوكا في آخر الحول والحبوب والثمار كالعروض في جعلها في مقابلة الدين زكى عنها أم لا ومن كان بيده عشرون ديناراً وعليه من الدين نصف دينار ولا عرض عنده يجعله في مقابلة الدين سقطت الزكاة عنه إذ لم يملك ملكا كاملا إلا تسعة عشر ديناراً ونصفاً، ومن بيده ثلاثون ديناراً ولا عرض عنده وعليه عشرة دنانير زكى عشرين فقط وكذا لو كان عنده عرض يساوي عشرة دنانير، أما العرض الذي لايباع على الفلس فلا عبرة به كثياب جسده وما يعيش به الأيام هو وأهله وأما المال المعجوز عن تنميته كالمغصوب فلا زكاة على مالكه ما دام عند الغاصب عينا أو ماشية أو ثماراً وتقدم حكم ما إذا رده لربه وكذا العين المدفونة إذا ضل موضعها عن دافنها فلم يجدها إلا بعد سنين فيزكيها لعام واحد قاله مالك في المجموعة ابن رشد وهو أصح الأقوال وكالعين الموروث يقيم أعواما لا يعلم به من ورثه ولم يوقف له وان علم به ولم يوقف له ففي زكاته قولان وعلى الزكاة فهل يزكيه لما تقدم أو لعام واحد قولان وان وقف له ولم يعلم به فثلاثة أقوال: يستقبل يزكى لسنة كالدين يزكى لماضى السنين فان علم به وقف له فالمشهور لا يزكي إلا بعد حول من قبضه وأما الماشية الموروثة والحرث الموروث قبل بدو صلاحه فإنهما يزكيان من غير قيدي الإيقاف والعلم لأن النماء حاصل فيهما من غير كبير محاولة ففارقا العين وكون الوجوب في الحبوب بالافراك وفي الثمار بالطيب كما ذكره الناظم هو المشهور وقيل يجب في الحبوب بالحصاد وفي الثمار بالجذاذ وقيل بالخرص وتظهر ثمرة الخلاف لو مات ربها أو باع أو عتق العبد فيما بين ذلك فاذا مات قبل الوجوب فلا تجب الزكاة إلا على من بلغت حصته من الورثة النصاب وان مات بعده أن كان في المجموعة نصاب زكى وإلا فلا وإن باع قبل الوجوب فالزكاة على المشتري وبعده فالزكاة على البائع فيخرج مثل مالزمه من الحب أو الثمر أو الزيت ويسأل المشتري عما خرج من الزيت إن كان يوثق به وإلا سأل أهل المعرفة فإن أعدم البائع فعلى المشتري إن وجد ذلك عنده بعينه ثم يرجع المشتري على البائع بقدر ذلك من الثمن وإذا اعتق قبل الوجوب فالزكاة لكونه مخاطباً بها وقت الوجوب وبعده فلا زكاة

ص: 414

وأما ما ذكر الناظم من كون الإخراج من زيت ماله زيت من الحبوب كالزيتون والجلجلان فهو المشهور إذ لولا الزيت ماتعلقت بهذا النوع زكاة، وقال ابن كنانة وابن مسلمة وابن عبد الحكم إنما يعطى من الحب ثالثها، الحب يجزىء والزيت يجزىء وعلى المشهور فالمعتبر في تعلق الزكاة بلوغ الحب النصاب اتفاقا وإلى ذلك أشار الناظم بقوله والحب بفي أي بالنصاب يعني ولايشترط في الزيت بلوغه نصابا في الوزن بل يعطى عشر الزيت قل أو كثر ابن الحاجب فلو باع زيتونا لازيت له فمن ثمنه وماله زيت مثل مالزمه زيت يريد ويسأل المشترى كما مر ابن يونس قال مالك ويتحرى مايأكله من فريك زرعه والفول والحمص أخضر فإن بلغ ماخرصه على اليبس خمسة أوسق زكاة وأخرج عنه حبا يابساً من ذلك الصنف قال في كتاب ابن المواز وإن شاء أخرج من ثمنه ابن رشد قال مالك في الفول والحمص يبيعه أخضر، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه إن شاء أخرج من ثمنه ابن الحاجب وفيما لايكمل يخرج من ثمنه قل الثمن أو كثر وهو المشهور، التوضيح ما لا يكمل كعنب مصر وزيتونها/ المواق أنظر كرم غرناطه أكثره لايشتري للتيبيس ومن أعنابها مايتعذر تيبيسه ومما لا يضبط خرصه ومنهم من يبيع منه على يديه يوماً بيوم ومقتضى النصوص أن هذا مسوغ لإخراج القيمة أو الثمن كما قاله مالك في الفول الأخضر وزيتون مصر والعنب الذي لايتزبب ومن اللخمي روى محمد إن باعه عنبا كل يوم وجهل خرصه فمن ثمنه/ ابن يونس، وقال مالك إن لم يضبط خرصه ولا يتحراه فليؤد من ثمنه، وقال ابن رشد في العنب الذي لايتزبب إن عمل به ربا إن شاء أعطى عشر الرب أو عشر قيمة العنب، قال ولو أعطى عنبا لأجزأه اهـ

والحاصل أن ما له زيت يخرج من زيته وما لا زيت له مما شأنه أن يكون له زيت كزيتون مصر فمن ثمنه كذا مالا ييبس مما شأنه أن ييبس كعنبها فمن ثمنه أيضا وكذا ماييبس ولكنه أكل أخضر كما تقدم عن ابن يونس أو يباع ليؤكل أخضر كالفول والعنب فمن ثمنه أيضا وكذا مالا يضبط خرصه أو عمل ربا على أحد الوجوه فيه وماعدا ذلك فالزكاة من عينه، أما الحب فقال ابن الحاجب يؤخذ من الحب كيف كان اتفاقا، التوضيح كان طيبا كله أو رديئاً كله أو بعضه طيباوبعضه رديئاً اهـ، أي فيؤخذ من كل بقدره، هذا مع اتحاد النوع ابن عرفة وإن اختلف أنواعه فمن كان بقدره وأما الثمار فقال ابن الحاجب أيضا وفي الثمار ثالثها المشهور إن كانت مختلفة فمن الوسط وإن كان واحداً فمنه اهـ والقول الأول عنده يؤخذ من الوسط مطلقا كالماشية والثاني إنه يؤخذ منه مطلقا

(فرع) في إخراج العين عن الطعام وعكسه أربعة أقوال الأول الكراهة قال أصبغ

ص: 415

الثاني المنع ولا يجزىء الثالث إن أخرج العين عن الحب أجزأ على كراهة وإن أخرج الحب عن العين لم يجزىء قال ابن القاسم الرابع عدم إجزاء أحدهما عن الآخر إلا فى زمن الحاجة إلى الطعام فيجزىء عن العين نقله ابن رشد عن ابن حبيب

وَهِىَ فى الثِّمارِ والحَبِّ العُشُرْ

أَو نِصْفُهُ أِنْ آلَةَ الُسقْي يَجُرْ

خَمْسَةُ أوْسُقٍ نِصَابُ فِيهماَ

فِى فِضَّةِ قُلْ مائِتاَنِ دِرهَماَ

عِشْرُونَ ديناراً نِصابُ فى الذَّهَبْ

وَرُبُعُ العُشْرِ شَرْعاً قَدْ وجَبْ

تعرض فيء هذا الأبيات لبيان الزكاة في الثمار والحبوب وفي النقدين أي لبيان القدر المخرج من ذلك فضمير هي للزكاة مرادا بها الإسم ولبيان النصاب في الثمار والحبوب وفى النقدين أي لبيان القدر الذي إن بلغه المال وجبت الزكاة فيه فأشار إلى بيان القدر المخرج من الثمار والحبوب بقوله وهي في الثمار والحب البيت وأشار إلى بيان النصاب فيهما بقوله (خمسة أوسق نصاب فيهما) ثم أشار إلى بيان النصاب (في الفضة والذهب بقوله فى فضة قل مائتان درهما عشرون دينارا نصاب في الذهب) ثم أشار إلى بيان القدر المخرج منهما بقوله (وربع العشر فيهما وجب) والنصاب من المال هو أقل ماتجب فيه الزكاة سمي نصابا لأنه الغاية التي ليس فيما دونها زكاة والعلم المنصوب لوجوب الزكاة والحد المحدود لذلك قال تعالى {إلى نصب يوفضون} أي إلى غاية أو علم منصوب لهم يسرعون أو يكون مأخوذا من النصيب لأن المساكين لايستحقون في المال نصيبا فيما دون ذلك أما القدر المخرج من الثمار والحبوب فقال ابن الحاجب والمخرج العشر فيما سقي بغير مشقة كالسيح وماء السماء وبعروقه ونصف العشر فيما سقى بمشقة كالدواب والدلاء وغيرهما ولو اشترى السيح فالمشهور العشر، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه التوضيح فوجه المشهور عموم قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر

ابن حبيب البعل مايشرب بعروقه من غير سقي سماء ولا غيرها والسيح مايشرب بالعيون والعثري ماتسقيه السماء، والنضح ماسقته السواقي والدرانين باليد وبالدلو اهـ

فقول الناظم (أو نصفه) بالرفع عطف على العشر المخبر به عن الضمير صدر البيت وآلة بالرفع فاعل بفعل محذوف يفسره بحر آخر البيت ومفعوله محذوف أي ماذكر من الثمار والحبوب ومعنى جر آلة لذلك أنها سبب فيه أي

ص: 416

يوجد عندها لا بها

(فرع) قال ابن بشير إن كان يشرب بالسيح لكن رب الأرض لايملك ماء وإنما يشتريه بالثمن ففيه قولان المشهور وهو الصحيح أنه يزكى العشر إذ فيه نص الحديث وقال اللخمي فيما اشتري أصل مائة العشر لأن السقي منه غلة وفيما سقى بواد أجرى إليه بنفقة نصف عشر اول عام وعشر فيما بعده ورده ابن بشير

(فرع) قال ابن يونس قال مالك وابن القاسم والمغيرة وعبد الملك من له النخل والعنب فيسقى نصف السنة بالعين فينقطع فيسقى باقيها بالسانية فليخرج زكاة ذلك نصفه على العشر ونصفه على نصف العشر وعبارة الباجى إن كان مرة يسقي بالنضح ومرة بماء السماء فإن تساوى الأمران فيهها كان عليه ثلاثة أرباع العشر فإن كان أحد الأمرين أكثر كان حكم الأقل منهما تبعا لأن التتبع له يشق والتقدير له يعتذر

(فرع) قال البرزلى في نوازله من سقي بنضح فظن أن عليه العشر فأخرجه فلا يحتسب بما زاد جهلا في زرع آخر لم يخرج عشره وليخرج عشر هذا الثاني كاملا لكن إن وجد ماأخرج زائدا في الأول بأيدي الفقراء أخذه كمن أثاب على صدقة جهلا أو صالح عن دم خطأ من ماله لجهله كونه على عاقلته وأما النصاب الذي تجب فيه الزكاة على الثمار والحبوب فقال ابن الحاجب والنصاب خمسة أوسق وما زاد فبحسابه والوسق ستون صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث والرطل مائة وثمانية وعشرون درهما زاد الشيخ خليل مكياً فى كل درهم خمسون وخمسا حبة من الشعير المطلق أي تكون الحبة متوسطة غير مقشرة وقد قطع من طرفها ماامتد وخرج من خلقتها والدرهم سبعة أعشار الدينار لأن وزن الدينار اثنان وسبعون حبة ثم قال في التوضيح وما ذكره المصنف من أن المد رطل وثلث، قال في البيان هو المشهور وقيل بالماء وقيل بالوسط من البر وقيل رطل ونصف وقيل رطلان اهـ

ولم يصرح ابن الحاجب بكون المد فيه رطلا وثلثا إلا مايؤخذ من قوله والصاع خمسة أرطال وثلث لأنك إذا قسمت ذلك على أربعة عدد ما في الصاع من الأمداد خرج رطل وثلث لكل مد وإن كان في الصاع خمسة أرطال وثلث فاضربه في ستين عدد صيعان الوسق يخرج لك عدد أرطال الوسق وذلك عشرون رطلا وثلثمائة رطل في كل وسق واذا ضربت عدد أرطال الوسق في خمسة عدد أوسق النصاب خرج لك عدد أرطال الخمسة أوسق وذلك ألف رطل وستمائة رطل

(فرع) قال ابن الحاجب ولازكاة على شريك حتى تبلغ حصته نصابا فى عين أو

ص: 417

حرث أو ماشية، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه فلو نقصت حصة أحد الورثة لم تجب عليه زكاة مالم تجب على الميت أي قبل موته ثم قال مامعناه إن أوصى لمعين كزيد بجزء كثلث أو ربع كانت الوصية قبل الطيب فهو كأحد الورثة إن حصل له نصاب زكى وإلا فلا، وتجب عليه نفقة جزئه وعلاجه وإن أوصى بجزء لغير معين كالمساكين قبل الطيب أيضا فإن كانت حصتهم خمسة أوسق فأكثر فالزكاة وإن لم ينب كل مسكين إلا مد واحد والنفقة على ذلك فى مال الميت وأما إن أوصى بعد الطيب فزكاة الجميع عليه

(فرع) قال أبو عمر لاتجب الزكاة في التمر والعنب والزيتون ولا فيما ذكرنا من التين عند من أوجبها من المالكيين حتى يبلغ كل واحد منها بعد الجفوف والحال التي يبقى عليها خمسة أوسق المواق أنظر تصريحه بالزيتون مثله في السليمانية أنه لاينظر إلى الزيتون في وقت ريعه بل حتى يجف ويتناهى في حال جفافه فإن كان فيه خمسة أوسق بعد الجفاف ففيه الزكاة وهو خلاف ماعزا اللخمي للمذهب قال وقد تقدم نص ابن عرفة وابن يونس أن التقدير في الزبيب بالوزن والمنصوص في الزيتون أنه بالكيل قال مالك إن كان رطب هذا النخل لايكون تمراً ولا هذا العنب زبييا فليخرص أن لو كان ذلك فيه ممكنا، فإن صح في التقدير خمسة أوسق من ثمنه كان ثمن ذلك أقل من عشرين ديناراً أو أكثر قال ابن المواز وليس له أن يخرج زبيبا ابن عرفة النصاب من عنب بلدنا ستة وثلاثون قنطارا تونسيا لأنها يابسة اثنا عشرة وهى خمسة أوسق اهـ

ابن غازى قلت: ونحوه حفظت فى عنب لمطة عن شيخنا أبى عبد الله القوري عن الشيخ أبى القاسم النازغوري أن نصابه ستة وثلاثون قنطارا فاسيا ابن عرفة وفي كون المعتبر من الزيتون كيله يوم جذاذه أو بعد تناهى جفافه قولان الأول نص للخمي عن المذهب والثاني لابن يونس عن السليمانية

(فرع) قال ابن رشد تجب زكاة الزرع حبا مصفى قال القرافي العلس يختزن في قشره كالأرز ولا يزاد في النصاب لأجل قشره وكذلك الأرز قياسا على نوى التمر وقشر الفول الأسفل خلافا للشافعية

(فرع) قال في المدونة ويحسب رب الحائط ماأكل وعلف أو تصدق بعد طيبه وقال في العتبية وما أكل الناس من زرعهم وما يستأجرون به من القت التي يعطى منها حمل الحمل بقتة، قال مالك أرى أن يحسبوا كل ماأكلوا واستحملوا به فيجب عليهم في المعشر وأما ما أكلت من البقر والدواب في الدراس إذا كانت في المدرس فلا أرى

ص: 418

عليهم فيه شيئاً

(فرع) تقدم أن المعتبر فى نصاب الثمار والحبوب حال اليبس، فإذا احتيج لأكلها أو بيعها قبل اليبس أو كانت مما ييبس فإنها تخرص إذا حصل بيعها ليعلم هل يجب فيه زكاة أم لا وإن وجبت فكم قدرها وتخرص نخلة نخلة ودالية دالية لأنه أقرب إلى الحذر ويسقط من كل نخلة مايظن أنه ينقص إذا جف ويكفي الخارص الواحد فإن تعددوا واختلفوا عمل قول الأعراف فإن استووا في المعرفة فانسب الواحد من عدد الخراص مما خرج من نصف أو ثلث أو ربع أو غير ذلك مما قال كل واحد وأجمع ذلك وأخرج الزكاة عما اجتمع من ذلك كما لو كانوا ثلاثة فقال أحدهم ستة والآخر ثمانية عشرة فيؤخذ ثلث ماقال كل واحد فيزكي عن ثمانية وإن كانوا اثنين أخذ من قول كل واحد النصف وإن كانوا أربعة أخذ من قول كل واحد الربع ولو أصابت الثمرة جائحة بعد التخريص فالمعتبر مابقي بعد الجائحه اتفاقا إن كان نصابا زكى وإلا فلا ولو تبين خطأ الخارص العارف ففي الاعتماد على ماقاله الخارص والرجوع إلى ما تبين من نقص وزيادة قولان. لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه أما النصاب في العين فقال ابن الحاجب فنصاب الذهب عشرون دينارا والورق مائتا درهم بالوزن الأول أي وزن السنة وقد تقدم أن وزن الدينار الشرعي اثنان وسبعون حبة وأن وزن الدرهم خمسون وخمسا حبة فإذا ضربت حبوب الدينار في سبعة خرج لك خمسمائة حبة وأربع حبات وهي التي تخرج من ضرب حبوب الدرهم في عشرة فحبوب عشرة دراهم سنية مساوية لحبوب سبعة دنانير سنية أيضا وهذا معنى قول أبى محمد في الرسالة أعنيء أن سبعة دنانير وزنها عشرة دراهم

(فرع) فان نقصت العين عن النصاب فإما أن يكون النقص في الصفة أو في الوزن والنقص في الصفة إما من رداءة الأصل وإما من غش أضيف إلى العين فهذه ثلاثة أقسام وفي كل منها إما أن يحطها ذلك النقص أولا يحطها فهي ستة أقسام ومعنى الحط كونها لاتجوز بجواز الوزانة وعدم الحط عكسه وهو جوازها بجواز الوزانة الكاملة وهل معنى جوازها جواز الكاملة أن تكون وازنة في ميزان وناقصة في آخر وهو ابن القصار والأبهري أن المراد النقص اليسير كالحبة والحبتين في جميع الموازين مما جرت به العادة بالتسامح بمثله في البياعات وهو قول عبد الوهاب الباجى وهو الأظهر قولان فإن نقصت في وزنها مايحطها فالزكاة على المشهور فان حطها فلا زكاة وإن نقصت صفة برداءة في الأصل فكالخالصة حطها أو لا وإن كان بغش مضاف فان كان لايحطها فكالخالصة فان حطها فالمشهور يحسب الخالص ويصير النقص كأنه فى القدر وسواء كان الخالص مساويا أو أقل أو أكثر فيعتبر فيها من النحاس اعتبار العروض وقيل

ص: 419

يعتبر الأكثر فان كانت العين أكثر فالزكاة

(فرع) فان وجدت سكة أو جودة تجبر النقص لم يعتبر اتفاقا كما لو كان عنده مائة وتسعون درهما ولسكتها أو جودتها تساوي مائتين كانت تلك الجودة والسكة غير معتبرة اتفاقا إنما ينظر إلى الوزن الحاصل بجودته وسكته وأما الصياغة فان كانت حراما فملغاة اتفاقا وفي الجوائز قولان: المشهور الغاؤها ولايعتبر إلا وزن المصوغ وقيل يعتبر المصوغ اعتبار العين وتعتبر الصياغة اعتبار العرض والمصوغ الجائز حلي النساء وما في معناه كالأزرار وحلية المصحف مطلقا وخاتم الفضة لا الذهب للرجال وتحلية السيف بالفضة وفي الذهب قولان وفي تحلية ماعدا السيف من آلة الحرب خلاف والحرام ماعدا ماذكر من حلى الرجال والأواني قال في الجواهر وإن كان على قصد استعمال محظور كما لو قصد الرجال بالسوار أو الحلى أن يلبسه أو قصدت المرأة ذلك لسيف لم تسقط الزكاة لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا اهـ

(فرع) ويكمل أحد النقدين بالجزء بالجزء لا بالقيمة اتفاقا ومعنى التكميل بالجزء أن يقابل كل دينار بعشرة دراهم ولو كانت قيمته أضعافا كما لو كان عنده مائة درهم وعشرة دنانير أو مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير أو خمسة عشر دينارا أو خمسون درهما ولايكمل بالقيمة كما لو كان عنده مائة وثمانون درهما ودينارا يساوي عشرين وسيأتي هذا في قول الناظم ويحصل النصاب في صنفين البيت

(فرع) والحلي إن اتخذ للباس من يجوز له لبسه فإن ذلك يلحقه بعرض القنية ولا زكاة فيه وإن اتخذ للتجارة فالزكاة كل عام كالنقد وان اتخذ للكراء أو ليصدقه لامرأة يريد أن يتزوجها أو لحاجة إن عرضت له فثلاثة أقوال سقوط الزكاة في الجميع ووجوبها في الجميع والفرق بين مااتخذ للكراء، فتسقط وبين غيره فتجب وهو على المشهور وهو مذهب المدونة وإذا نوى بحلى القنية أو الميراث التجارة فالمشهور انتقاله لها فتجب زكاته لأن الأصل في الحلى وجوب الزكاة إذ جوهريته تقتضي وجوب ذلك بخلاف عرض القنية ينوى به التجارة لاينتقل لأن الأصل في العرض عدم الزكاة فالنية تنقل إلى الأصل ولا تنقل عنه

(فرع) والحلي المزكي إن كان منظوما بجوهر فإن أمكن نزعه بغير ضرر فالحلي نقد والجوهر عرض وإن لم يمكن نزعه إلا بضرر فالمشهور أنه يتحرى مافيه ويزكيه والجوهر على حكمه وهو مذهب المدونة وأما القدر المخرج من العين فقال ابن الحاجب المخرج من النقدين ربع عشر ومازاد فبحسابه ماأمكن اهـ ويجوز إخراج الذهب عن الورق وإخراج الورق عن الذهب على المشهور وعليه فيعتبر في ذلك

ص: 420

صرف الوقت كان مثل الصرف الأول وهو كل دينار بعشرة دراهم أو أقل أو أكثر على المشهور فإذا وجب عليه دينار ذهبا وأراد أن يخرج عنه ورقا أخرج عنه مايساويه من الدراهم في ذلك الوقت عشرة أو واثنتى عشرة أو ثمانية، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه وإذا وجب عليه عشرة دراهم وأراد أن يخرج عنها ذهباً أخرج مايساويها من الذهب في ذلك الوقت دينارا أو دينارا ونصفا أو نصف دينار وإذا وجب جزء عن عين مسكوك ولا يوجد ذلك الجزء مسكوكا وأخرج مكسورا من نوعه أو من غير نوعه فيعتبر قيمة السكة على الأصح ولا يكسر الكامل اتفاقا وفي كسر الرباعي وشبهه قولان وان كان العين المخرج عنه مصوغا فان أخرج عنه من جنسه وكان وزنه مائة دينار مثلا ولصياغته يساوى مائة وعشرة فالمشهور أن يخرج عن المائة والعشرة إذ له كسره وإعطاء الجزء الواجب بعد الكسر فليس للفقراء حق في الصياغة بخلاف السكة إذ ليس له كسرها فللفقراء فيها حق وإن أخرج عنه من غير جنسه وقلنا ان الصياغة في الجنس الواحد ملغاة كما مر ففي اعتبار قيمة الصياغة قولان لابن الكاتب وأبى عمران وألف القبيلان فيهما

وَالعَرْضَ ذَو التَّجْرِ ودَيْنُ مَنْ أَدَارْ

قِيْمَتُهاَ كالْعَيْنَ ثُمَّ ذُو احِتكاَرْ

زَكَّى لَقَبْضِ ثَمَنٍ أَو دَيْنِ

عَيْناً بشَرْطِ الحَوْلِ لِلاصلَيْنِ

تعرض في هذين البيتين لزكاة العرض والدين فأخبر أن عرض التجارة ودين المدير قيمة كل منهما كالعين أي فتزكى تلك القيمة والمراد بعرض التجارة عرض أحد نوعيها وهو الادارة بدليل مابعده فيقول المدير عرض الادارة عند كمال الحول بما يساوي حينئذ وبما جرت العادة أن يباع به ذهب أو فضة ويزكي تلك القيمة وكذلك يقوم المدير دينه بما يجوز أن يباع به ويزكي تلك القيمة بشرط التقويم في النوعين ويأتى بيانها مع بيان كيفية التقويم للمدين إن شاء الله وأن المحتكر يزكي عند قبض الثمن أي للعرض أو عند قبض الدين حالة كون المقبوض من الدين أو ثمن العرض عينا بشرط مرور الحول لأصل العرض والدين أما العرض ففيه تفصيل فإن كان للقنية خلاف سقوط الزكاة عند ابن بشير وقد فهمته الأئمة من قوله ليس على المسلم زكاة في فرسه وعبده وإن كان للتجارة فتتعلق به الزكاة عند الجمهور خلافا للظاهرية اهـ ثم التجارة نوعان إدارة واحتكار فالادارة هى أن لاتستقر بيد صاحبها عين ولا

ص: 421

عرض بل يبيع مما يجد من الربح قل أو كثر وربما باع بغير ربح كأرباب الحوانيت والجالبين للسلع من البلدان والاحتكار هو أن يشترى السلعة أو يرصد بها السوق فيمسكها حتى يجد الربح الكثير ولو بقيت عنده أعواما ثم إن كان العرض مما تتعلق الزكاة بعينه كنصاب الماشية فالزكاة كل سنة كانت للقنية أو للتجارة وكذا نصاب الثمار والحبوب وإن كان لاتتعلق بعينه زكاة كسائر السلع والثياب والرقيق والدواب ويدخل في ذلك ماقصر عن النصاب والحبوب والثمار والماشية فتتعلق الزكاة به في الجملة شروط

إحداها أن يملك بمعاوضة فلا زكاة في عرض الميراث والهبة حتى يبيعه ويستقبل بثمنه حولا

ثانيها أن ينوى بها التجارة فان لم ينوها به فلا زكاة حتى يبيع ويستقبل بالثمن حولا سواء نوى القنية أو لم ينو شيئا لأن الأصل في العرض القنية

ثالثها أن يكون هذا العرض أي مادفع فيه عرض تجارة أو عينا ذهبا أو فضة فلو كان أصله عرض قنية فلا زكاة حتى يبيع ويستقبل بثمنه حولا وقد حكى ابن الحاجب فيها قولين فان اجتمعت هذه الشروط وجبت الزكاة ثم يفصل في صاحب العرض فان كان مديرا قوم عروضه عند كمال الحول فى كل سنة وأخرج زكاة تلك القيمة وأول حوله أول حول نقده لحين إدارته خلافا لأشهب فلو ملك ألفا ف المحرم ثم أدار بها عروضا في رجب فأول حوله المحرم وقال أشهب رجب قالوا ويقوم كل جنس بما يباع به غالبا فى ذلك الوقت قيمة عدل على البيع المعروف دون بيع الضرورة فالديباج وشبهه والرقيق والعقار يقوم بالذهب والثياب الغليظة ولبيسة وشبهها تقوم بالفضة اهـ والمقصود منه أوله إلى قوله الضرورة ثم باع العرض بعد ذلك بأكثر مما قومه به لم يلزمه شيء، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه لاحتمال أن تلك الزيادة من ارتفاع السوق ويزكي عن زنة الحلي لا عن صياغته كما مر لكن إنما يقوم بشرط أن ينض من أثمان العروض شيء ما قل أو كثر نض في أول الحول أو في آخره على المشهور فلو كان يدير العروض بعضها ببعض ولا يبيع بشيء من العين فالمشهور عدم التقويم وعلى سقوط التقويم إذ لم ينض له شيء في الحول ثم نض بعد الحول بستة أشهر مثلا فإنه يقوم حينئذ ويصير حوله من ذلك الوقت ويلغى الزائد على الحول

(تنبيه) إنما يقوم الدين من العروض مادفع ثمنه أو ماحال الحول عليه عنده وان لم يدفع ثمنه وحكمه في الوجه الثاني إن لم يدفع ثمنه حكم من بيده مال وعليه دين أما

ص: 422

ان لم يدفع ثمنه ولا حال عليه الحول عنده فلا يزكيه ولايسقط من زكاة ماحال عليه الحول عنده شيئا في مقابلة دين ذلك العروض فقد سئل شيخنا الناظم رحمه الله بما نصه:

سيدي رضي الله عنكم ماجوابكم في مسألة مدير اشترى سلعة في شوال مثلا لأجل مبلغه ثلاثة أشهر فانقض الأجل مهل المحرم وهذه السلعة ليس لها في ملكه سوى ثلاثة أشهر ولم يحل الحول عليها وثمنها إلى الآن لم يدفعه هل يجعل ماله من الأصول والعروض في مقابلة ثمنها ويزكيها مع ماكان عنده قبلها أو يخرجها عما كان بيده في مقابلة ثمنها لربها ويزكى مابقي عنده بعد إخراجها؟ وأيضا مسألة ثانية إذا اشترى هذا المدير سلعة في آخر الحجة بالنقد ولم يدفع ثمنها واستهل المحرم هل يحسب هذه السلعة مع مابيده من ماله ويزكى الجميع أو لايحسبها ولاتجب عليه فيها زكاة وأيضا مسألة ثالثة إذا اشترى هذا المدير سلعة في ذي القعدة مثلا لأجل مبلغه أربعة أشهر واستهل المحرم فوجبت عليه الزكاة في ماله هل يزكى قيمة هذه السلعة أو يخرج قيمتها ويزكي ما عداها بين لنا والسلام

فأجاب بما نصه: الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما الجواب والله سبحانه الموفق بمنه للصواب:

إن كل مايشتريه المدير من العروض بنية التجارة فإنه إذا حال الحول على مال الادارة وجبت فيه الزكاة ولم يكن خلص ثمن العرض سواء كان أصل شرائه بالدين أو اشتراه حلولا ولم يكن دفع ثمنه لم تجب عليه في تلك العروض زكاة وإنما تلزمه زكاة ماعداه من مال الادارة كله من غير أن يسقط من زكاة مال الادارة بسبب دين تلك العروض التي اشترى شيئاً اللهم إلا أن يقيم العرض الذي لم يخلص ثمنه حولا عنده فانه إذا حال الحول على مال الادارة قوم تلك العروض وزكاها وجعل الدين المرتب بسبب تلك العروض في ماله من ريع ونحوه فان لم يكن عنده مايجعل في مقابلة الدين فهذا يسقط الدين الذي عليه مما بيده من مال التجارة ويزكى الباقي نص على ذلك ابن رشد وهذا الواجب يكفي للأسئلة الثلاثة واعذرنى ياأخى في التطويل والمطل فقد قال إمامنا مالك تعلموا (لا أدري) كما تتعلموا أن أدري وأيضاً فألف لا أدري أسلم من الخطأ في مسألة واحدة والله أعلم وبه كتب فقير رحمة ربه الغافر عبد الواحد بن احمد بن عاشر علم الله جهله وأوسعه والمؤمنين رحمته وفضلة آمين يارب العالمين اهـ وإن كان محتكراً فيشترط في زكاته للعرض زيادة على الشروط المذكورة شروط أخر أحدها أن يبيعه فلو لم يبعه فلا زكاة عليه فيه ولو أقام عنده أعواما

الثاني أن يبيعه بعين فلو باعه بعرض فلا زكاة ويتنزل العرض الثاني منزلة الأول

الثالث أن يقبض تلك العين فلو باع بعين ولم يقبض فلا يزكي حتى يقبض فإن اجتمعت الشروط الستة فإنه

ص: 423

يزكي زكاة سنة واحدة ولو أقام عنده قبل البيع أحوالا متعددة

(تنبيهات) الأول تقدم من جملة شروط زكاة العرض كونه تجارة لا للقنية فإن نوى بالعرض عند شرائه غلته ككرائه ففي زكاة ثمنه إن بيع قولان المشهور تسقط الزكاة لأن الغلة موجودة في عرض القنية ومقابلة تجب لأن الغلة نوع من التجارة فإن نوع التجارة والقنية كأن يشترى عرضا ينوي الانتفاع بعينه وهي للقنية وإن وجد ربحا باعه وهو التجارة فهل ترجح نية القنية لأنها الأصل في العروض فلا زكاة أو ترجح نية التجارة احتياطا للفقراء فيزكى ورجح اللخمي وابن يونس القول بالوجوب فإن نوى الغلة والتجارة أو الغلة والقنية احتمل القولين

الثاني تقدم أيضا أن نصاب الماشية والحبوب والثمار تزكي كانت للقنية أو للتجارة فإذا بيع ذلك فإن كان للقنية استقبل بثمنه حولا وإن كان للتجارة فإن مر لها عنده حول وزكى عنها زكى الثمن لحول تزكية عينها وإن باعها قبل الحول زكى الثمن لحول أصله وأما مادون النصاب من ذاك فكسائر السلع إما أن يكون للقنية فلا زكاة أو للتجارة والتى للتجارة إما أن يكون صاحبها مديرا أو محتكراً أجره على ماتقدم. لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه

الثالث إذا اجتمعت الإدارة أوالاحتكار فإن تساويا فكل واحد على حكمه فالمدير يقوم كل عام والمحتكر يزكي لعام بعد البيع ابن بشير ولاخلاف في ذلك وإن كان أحدهما الأكثر فهل يتبع الأقل الأكثر أو لايتبعه ويكون كل منهما على حكمه أويفرق فيقال بالتبعية إن كانت أحوط للفقراء إن كان المدار أكثر وبعدمها إن كان المحتكر أكثر ثلاثة أقوال والقولان الأولان لابن الماجشون والثاني له أيضاً ولمطرف قال في البيان وهو أقيس والثالث لابن القاسم وعيسى بن دينار في العتبية قاله في (التوضيح) وأما الدين فإما أن يكون ربه أيضا مديرا أو محتكراً فإن كان محتكرا فإنه يزكي عدده لكن بشروط.

أولها أن يكون له أصل فما لا أصل له كدية جرحه وجرح عبده ودية وليه استقبل به بعد قبضة اتفاقا.

الثاني أن يكون أصله كان بيده فما كان له أصل لكن لا بيده كدين ورثه استقبل بعد قبضه أيضا.

الثالث أن يكون أصله عينا أو عرض زكاة فان كان أصله عرض قنية فان باعه بنقد استقبل اتفاقا وان باعه بنسيئة فالمشهور الاستقبال وروى ابن نافع وجوب الزكاة.

الرابع أن يقبضه فلا زكاة عليه قبل قبضه وأوجب الشافعي زكاته وهو على

ص: 424

الغريم.

الخامس أن يكون المقبوض عيناً فلو قبضة عرضا لم تجب الزكاة فيه إلا أن يكون مديرا.

السادس أن يتم المقبوض نصابا بنفسه أو بفائدة حال حولها قبل القبض أو مع القبض أو بعد القبض

فإذا اجتمعت هذه الشروط زكاة زكاة واحدة بعد مضي حول أصل الدين لابعد مضي حول الدين فلو مكث عنده نصاب ثمانية أشهر ثم داين به شخصاً فأقام عند ذلك الشخص أربعة أشهر ثم اقتضاه زكاه إذ ذاك لتمام حول من أصل الدين ولا عبرة بمدة بقائه عند المدين وكذلك لو بقي عند المدين أعواماً فانه يزكيه إذا قبضه لعام واحد

(تنبيهان) الأول يتعلق بقولهم فى الشرط السادس أن يتم المقبوض نصاباً بنفسه من المدونة قال مالك من له دين على رجل من بيع أو قرض مضى له حول فاقتضى منه ما لا زكاة فيه في مرة أو مراراً فلا يزكيه حتى يجتمع مافيه الزكاة فيزكيه حينئذ كله ثم يزكي قليل مايقبض وكثيره ابن القاسم وإنما لم يزد إذا اقتضى دون العشرين لأنه لايدرى أيقتضي غيرها أم لا ولا زكاة في أقل من عشرين اللخمي من له غريم ثلاثون له عليه ديناراً حال عليها الحول فان اقتضى منها عشرة لم تكن فيها زكاة فاقتضى بعد ذلك عشرة أو العشرين الباقية زكاهما جميعا وكان حول الجميع من يوم اقتضى الثانية اللخمي فان اتفق المقتضى من الدين كان الحكم فيه بمنزلة مالو كان قائم العين فان اقتضى عشرة دنانير فأنفقها ثم انقضى عشرة زكى العشرين جميعاً وكذلك إن ضاعت العشرة الأولى على قول ابن القاسم وأشهب اهـ

وحاصل المسألة باختصار أن من اقتضى من دينه بعد حلول أصله دون النصاب ولا عين عنده حال حولها تكمل له من المقتضى النصاب فلا زكاة عليه فاذا اقتضى بعد ذلك مايكمل به مع المقتضى أولا النصاب زكى الجميع ذهب المقتضى الأول أو بقي إلى اقتضاء ماكمل به النصاب وحول الجميع من حين كما النصاب فاذا اقتضى بعد ذلك قليل أو كثير زكاه يوم اقتضائه وهو ابتداء حوله فمن اقتضى عشرة في المحرم وليس عنده مايضمنها اليه فلا زكاة عليه فاذا اقتضى عشرة أخرى في ربيع زكى حينئذ العشرين ذهبت العشرة الأولى أو بقيت ويكون حول العشرين معاً من ربيع فاذا اقتضى خمسة مثلا في رجب زكاها حينئذ ذهبت العشرون أو بقيت وحول هذه الخمسة من رجب وإذا اقتضى ديناراً مثلا في رمضان زكاه حينئذ وحوله رمضان وهكذا فان اختلطت عليه الأحوال في العالم الثاني فانه يحمل حول الجميع من حين كمال النصاب وهو الربيع.

ص: 425

التنبيه الثانى يتعلق بقولهم فيه أيضا أو بفائدة حال حولها واعلم أن في تكميل النصاب من الاقتضاء والفائدة تفصيلا وحاصله أن من بيده عشرة مثلا فحال حولها وله دين حال حوله أصله فلا زكاة عليه الآن إذ لا زكاة في أقل من عشرين ولايزكي المحتكر الدين قبل قبضه فاذا اقتضى من دينه عشرة زكى حينئذ العشرين بقيت العشرة التي كانت بيده أو ذهبت لأنه حين حال الحول كان مالكا للنصاب وهو العشرة التي بيده والدين ولكن لايزكي الدين قبل قبضه مخافة أن لاقبض فلما قبض منه ماكمل له به النصاب زكى الجميع فلذا يضم الاقتضاء الى الفائدة التي حال حولها قبله ذهبت أو بقيت ولو اقتضى من الدين الذى حال حوله أصله عشرة في المحرم وبيده عشرة حولها ربيع مثلا فلا زكاة عليه في المحرم إذا لم يكمل الحول إلا للعشرة المقتضاة وينظر في ربيع، فإن كانت العشرة المقتضاة من الدين باقية، زكى العشرين ولا إشكال لاجتماع كل من العشرتين في حول واحد بسبب بقاء الأولى إلى حين حال حول الثانية أو ذهب شيء منها فلا زكاة إذ لم يجتمعا في حول واحد وإن حال حول كل واحدة منها فلهذا لايضم الاقتضاء للفائدة التي حال حولها بعد إلا إذا كان المقتضى باقيا هذا كله إن اتحد الاقتضاء أما إن تعدد فان الاقتضاء يضم إلى الاقتضاء مثله ذهب الأولى أو بقي تخللتهما فائدة أم لا كانت الفائدة المتخللة نصابا أم لا والفائدة التي حال حولها تضاف إلى ما بعدها من الاقتضاءات ذهبت الفائدة أوبقيت ولا تضاف الفائدة إلى الاقتضاء قبلها إلا إذا كان باقيا التوضيح قال ابن القاسم ولو اقتضى عشرة دنانير من دين حال حولها فأنفقها ثم حال حول الفائدة فزكاه أي لكونها نصابا ثم اقتضى خمسة من دينه فانه يزكي هذه الخمسة لكونها مقتضاه بعد حول الفائدة ولا يزكي العشرة الأولى لكونها لم تجتمع مع الفائدة أي في كل الحول بل في بعضه فقط لكن لو اقتضى خمسة أخرى بعد الخمسة التي قبضها زكى العشرة السابقة لحول النصاب من دينه ولو اقتضى خمسة فأنفقها ثم استفاد عشرة فأنفقها بعد حولها ثم اقتضى عشرة فانه يزكي العشرة الفائدة والعشرة التي بعدها من الاقتضاء لاضافة الفائدة لما بعدها ولا يزكي الخمسة الأولى لكونها لاتضاف إلى الفائدة فإذا اقتضى خمسة أخرى زكى حينئذ عن الخمسة الأولى وعن هذه الخمسة لكمال النصاب في الدين قال الامام أبو عبد الله المازري وهذا هو الذي يلهج به المدرسون ويقولون الفوائد تضاف إلى مابعدها من الاقتضاءات ولاتضاف إلى ماقبلها والاقتضاءات يضاف بعضها إلى بعض اهـ وإلى كلام المازري هذا أشار الامام أبو عبد الواحد الونشريسي بقوله

والاقتضاء أضف للاقتضاء كما

تضاف فائدة للمقتضى التالي

ص: 426

هذا الذي لهج المدرسون به

فيما حكى عنهم الفائت الخالي

ومعنى قولهم الفوائد تضاف إلى مابعدها من الاقتضاءات أي سواء بقيت الفائدة أو ذهبت بتلف أو إنفاق ومعنى قولهم ولاتضاف الفوائد إلى ماقبلها أي من الاقتضاءات إذا لم يكن المقتضي باقيا أما إن بقي فتضاف له الفائدة وعلى هذا التفصيل الذي في تكميل النصاب مما بين الفائدة والاقتضاء أنشدنا شيخنا الناظم رحمه الله حالة إقرائه قول الشيخ خليل والاقتضاء لمثله مطلقا والفائدة للمتأخر منه الخ لنفسه.

فائدة والاقتضاء كل يضم

[لمثله وغيره كيف انتظم

إن كان الأول لدى حول الأخير

باليد أوضاع والاقتضا أخير

لا منفق لفائدة تأخراً

لفقد جمع الملك حولاً قررا

وههنا لطيفة جليه

من نصهم إذا عللوا القضيه

طرداً وعكساً وهي أن المنفقا

لحول أصل الدين يبقى حققا

وأشار بقوله: لا متفق إلى أن الاقتضاء أو الفائدة المنفق كل منهما قبل حول الفائدة لا يضم لها كما تقدم، وشمل قوله: وقبله أوضاع أي الأول الفائدة والاقتضاء وأشار بقوله: وههنا البيتين إلى أن ضم الفائدة أو الاقتضاء المنفق كل منهما قبل الاقتضاء إلى ذلك المقتضي مشروط ببقاء المنفق بقسميه بيده إلى أن يحول حول الدين الذي اقتضى منه ما كمل به النصاب، أما لو أنفقهما بعد حولها وقبل حول الدين الذي اقتضى منه ما كمل به النصاب ثم اقتضى فلا تكميل لعدم الاجتماع في كل الحول فهذا تقييد لقوله: أوضاع والاقتضاء أخير والله أعلم. وأما إن كان رب الدين مديراً فإن كان الدين للنماء أي من بيع لا من سلف وكان على ملىء ففيه الزكاة، فإن كان نقداً غير عرض حالاً غير مؤجل زكى عدده وإن كان الدين عرضاً أو نقداً أو مؤجلاً قوم كل عام وزكى قيمته على المشهور فيهما، فإن كان الدين طعاماً من بيع فهل يقومه كغيره. التوضيح: وصوبه ابن يونس وغيره أو لا يقوم لأن التقويم بيع وبيع الطعام قبل قبضه ممتنع قولان؛ وإن الدين سلف فللمتأخرين طريقتان الأولى: يزكيه بعد قبضه زكاة واحدة كالدين. الثانية: تحكي قولين: أحدهما كالدين والثاني يقومه كل سنة ويزكي قيمته كالمشهور في دين للنماء، ولو كان الدين على معدم فكالعدم على المشهور خلافاً لابن أنه يزكي قيمته نقداً وما احتيج إلى تقويمه من الدين، فإن كان عرضاً قوم بنقد حال سواء كان العرض حالاً أو مؤجلاً وإن كان نقداً مؤجلاً قوم بعرض، ثم العرض بنقد حال لأن الدين لا يقوم إلا بما يباع به ومثاله لو كان دينه ألف درهم. فيقال: لو]

ص: 427

[بيع هذا الدين بقمح لبيع بمائة إردب والمائة الإردب تساوي تسعمائة فيخرج عنها الزكاة قاله في التوضيح، والظاهر أنه يشترط في تزكية دين المدير الشروط الثلاثة الأول التي في دين المحتكر وهي أن يكون له أصل وأن يكون ذلك الأصل كان بيده وأن يكون ذلك الأصل الذي قد كان بيده عيناً أو عرض تجارة والله أعلم.

في كل خمسة جمال جذعة

من غنم بنت المخاض مقنعة

في الخمس والعشرين وابنة اللبون

في ستة مع الثلاثين تكون

ستاً وأربعين حقة كفت

جذعة إحدى وستين وفت

بنتا لبون ستة وسبعين

وحقتان واحداً وتسعين

ومع ثلاثين ثلاث أي بنات

لبون أو خذ حقتين بافتيات

إذا الثلاثين تلتها المائه

في كل خمسين كمالاً حقه

وكل أربعين بنت للبون

وهكذا ما زاد أمره يهون

عجل تبيع في ثلاثين بقر

مسنة في أربعين تستطر

وهكذت ما ارتفعت ثم الغنم

شاة لأربعين مع أخرى تضم

في واحد عشرين يتلو ومئه

ومع ثمانين ثلاث مجزئه

وأربعاً خذ من مئتين أربع

شاة لكل مائة إن ترفع]

تعرض هذه الأبيات لزكاة النعم ابن الحاجب وهي الإبل والبقر والغنم ولا فرق في وجوب الزكاة فيها بين العاملة وغيرها ولابين المعلوفة والراعية وقوله في سائمة الغنم الزكاة أي الراعية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له وفي وجوب الزكاة فيما تولد من النعم والوحش كأن تضرب فحول الظباء في إناث المعز أو بالعكس خلاف صدر ابن رشد بالسقوط وصححه ابن عبد السلام لعدم تحقق دخول هذا النوع تحت النعم ونسبه اللخمى لمحمد بن عبد الحكم وقيل إن كانت الأم من النعم والأب

ص: 428

من الوحش وجبت قاله ابن القصار ووجهه أن الولد في الحيوان غير العاقل تابع لأمه وقال اللخمي لا أعلمهم يختلفون في عدم تعلق الزكاة إذا كانت الأم وحشية وبدأ الناظم كغيره اتباعا للحديث الكريم بزكاة الإبل فاخبر أن كل خمسة من الجمال بالكسر جمع جمل شاة جذعة من الغنم يريد ويستمر أخذ ذلك إلى أربع وعشرين بدليل قوله بنت المخاض مقنعة من الخمسة والعشرين والجذعة من الغنم هي ما أوفت سنة وهو قول أشهب وابن نافع، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه التوضيح ويقع في بعض نسخ ابن الحاجب تشهيره قال في الجواهر وهو الذي صدر به في الرسالة قال فيها والجذع ابن سنة وقيل ابن ثمانية أشهر وقيل ابن عشرة أشهر اهـ

فزكاة الإبل من خمس إلى أربع وعشرين من غير جنسها وفيما بعد ذلك تجب من الجنس فمن له أربع من الابل فلا زكاة عليه فاذا بلغت خمسا ففيها شاة جذعة من الغنم ولايزال يعطي جذع إلى تسع فاذا بلغت عشراً ففيها شاتان كذلك ولايزال يعطى شاتين إلى أربع عشرة فاذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه ثم كذلك إلى تسع عشرة فاذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين وظاهر قوله في كل خمسة جمال جذعة أن الزائدة عن الخمس معفو عنه لاشيء فيه، التوضيح وهو خلاف مارجع إليه مالك من أن الشاة مأخوذة عن الخمس مع مازاد ويظهر أثر ذلك في الخلطة اهـ ومايزكى من الابل بالغنم يسمى شنقا بالشين المعجمة والنون المفتوحتين ثم قاف والمراد بالغنم في الشنق الضأن إلا أن يكون جل غنم أهل البلد المعز فتؤخذ من المعز حينئذ إن كانت غنمه معزاً اتفاقا وكذلك أن كانت غنما ضأنا على المشهور اعتبارا بحل غنم البلد، والشاة تؤخذ مما عنده رواه ابن نافع عن مالك وهو قول ابن حبيب فان تساويا أخذ من الضأن ابن عبد السلام والأقرب في هذه الصورة تخيير الساعي

(فرع) لو أخرج بعيراً من خمسة أبعرة بدلا من الشاة الواجبة فقال أبو الطيب عبد المنعم من أصحابنا من أباه ليس بشيء لأنه مواساة من جنس المال بأكثر مما وجب عليه ابن عبد السلام الصحيح الاجزاء وقال القاضيان أبو الوليد وأبو بكر لايجزيء فاذا بلغت خمسا وعشرين فحينئذ تجب الزكاة من جنس ماوجبت فيه وهو الابلى ففيها بنت مخاض من الابل وإلى ذلك أشار الناظم بقوله بنت المخاض مقنعة أي كافية في الخمس والعشرين قال في التنبيهات وبنت المخاض هي التي كمل سنها سنة فحملت أمها لأن الابل سنة تحمل وسنة تربي فأمها حامل وقد مخض الجنين بطنها أو فيحكم الحامل إن لم تحمل فإذا كمل لها سنتان وضعت أمه وأرضعت فهي لبون وابنها المتقدم ابن لبون فاذا دخل في الرابعة فهو حق والأنثى حقة لأنهما استحقا أن يحمل عليهما واستحق أن يطرق الذكر منهما الأنثى واستحقت الأنثى أن تطرق ويحمل

ص: 429

عليها اهـ والحقة تجمع على حقق والحق يجمع على حقاق بالمد فاذا أدخل في الخامسة فهو جذع أو جذعة سمى بذلك لأنه يجذع أسنانه أي يحطها

(فرع) إذا لم يجد صاحب الخمس والعشرين بنت المخاض أعطى ابن لبون ويجزئه اتفاقا لقوله في الحديث فان لم توجد بنت المخاض فابن لبون ذكر أما إن وجد بنت مخاض وابن لبون فلا يأخذ إلا بنت المخاض لأنها الأصل ولا يزال يعطى بنت المخاض إلى خمس وثلاثين فاذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون وإلى ذلك أشار الناظم بقوله (وابنة اللبون في ستة مع الثلاثين تكون) وتقدم أن بنت اللبون هي بنت سنتين ولا يزال يعطي بنت اللبون إلى خمس وأربعين فاذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة وإلى ذلك أشار الناظم بقوله (ستا وأربعين حقة كفت) أي كفت الحقة وأجزأت في الست والأربعين فستا منصوب على اسقاط الخافض والله أعلم

وتقدم أيضا أن الحقة ماأوفت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، ولايزال يعطى الحقة إلى ستين فاذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة وإلى ذلك أشار بقوله (جذعة إحدى وستين وفت) أي وفت الجذعة بمعنى حصل وفاء الواجب بها في إحدى وستين وتقدم أن الجذعة ماأوفت أربع سنين ودخلت في الخامسة ولايزال يعطي الجذعة إلى خمس وسبعين فاذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون وإلى ذلك أشار بقوله (بنتا لبون ستة وسبعين) ولايزال يعطى بنتي لبون إلى تسعين فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه وإلى ذلك أشار بقوله: وحقتان واحداً وتسعين، ولا يزال يعطى حقتين إلى عشرين ومائة فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة وعنها عبر الناظم بمعية الثلاثين أي للإحدى وتسعين ففيها ثلاثة بنات لبون أو حقتان وظاهر كلام الناظم أن هذا التخيير إنما هو للساعي إذ هو المأمور في النظم بأخذ الحقتين رضى رب الماشية بذلك أم لا ولذا قال باقتيات أي بتعد شرعى من الساعي على ربها وهذا هو المشهور قال في المقدمات والمشهور عن مالك يخير الساعي بين أن يأخذ حقتين أو ثلاث بنات لبون اهـ وقيل يتعين الحقتان وقيل ثلاث بنات لبون ولايزال يخير الساعي فيما ذكر إلى تسعة وعشرين ومائة فاذا بلغت مائة وثلاثين فلا يعتبر إلا العشرات إذ عندها يتعين الواجب وضابط ذلك أن في كل خمسين حقة وفى كل أربعين بنت لبون ففي المائة والثلاثين حقة عن خمسين وبنتا لبون عن ثمانين التوضيح ولاخلاف أن في مائة وعشرين حقتين بنص سيدنا ومولانا محمد ولا خلاف أن فيى مائة وثلاثين حقة وبنتي لبون واختلف فيما بين العشرين والثلاثين أي

ص: 430

من إحدى وعشرين إلى تسعة وعشرين على ثلاثة أقوال، وإلى حكم المائة والثلاثين فما زاد عليها أشار الناظم بقوله:

إلى الثلاثين تلتها المائة

في كل خمسين كمالا لاحقة

وكل أربعين بنت لبون فالثلاثين مفعول بفعل محذوف يفسره تلت وكمالا أي كاملة حال من خمسين وكل أربعين بالخفض عطف على كل المخفوض يفي وبعد اعطاء هذا الضابط لايصعب عليك حكم مازاد على المائة والثلاثين كمائة وأربعين ففيها حقتان على خمسين وخمسين وبنت لبون عن الأربعين وفي مائة وخمسين ثلاث حقق وفي مائة وستين أربع بنات لبون وفي مائة وسبعين ثلاث بنات لبون وفي مائة وثمانين حقتان وبنتا لبون وفي مائة وتسعين ثلاث حقق وبنت لبون وفي مائتين إما أربع حقق أو خمس بنات لبون التوضيح والمشهور أن الساعي يخير إن وجدا أو فقدا فان وجد أحدهما وفقد الآخر خير رب المال اهـ إلى ذلك أشار الناظم بقوله (وهكذا مازادت أمرها يهون) وضابط ذلك من المائة والثلاثين فما فوق على ماقال الإمام أبو عبد الله محمد بن عرفة أنك تقسم العدد على خمسين فان انقسم كمائة وخمسين فالخارج وهو ثلاث عدد مايجب من الحقاق وإن لم ينقسم فاقسمه على أربعين فان انقسم كمائة وستين فالخارج وهو عدد مايجب من بنات لبون وإن لم ينقسم لا على خمسين ولا على أربعين يعني إلا بكسر فاقسم على أربعين ومايخرج صحيحا هو عدد مايجب من بنات لبون وبدل لكل ربع من الكسر حقه من صحيح الخارج مثال ذلك مائة وثلاثون أقسمها على أربعين فمائة وعشرون منها مقسمومة والخارج وهو الثلاث عدد بنات لبون وتنكسر العشرة الباقية من المائة والثلاثين وهي ربع من المقسوم عليه فتبدل إحدى بنات لبون بحقه فيكون الواجب حقه وبنتي لبون وكذلك مائة وأربعون ينكسر فيها عشرون وهي ربعان فتبدل من الثلاث الخارجة عدد بنات لبون بنتي لبون بحقتين ويكون الواجب حقتين وبنت لبون وكذلك مائة وتسعون مائة وستون منقسمة والخارج وهو أربع عدد الواجب من بنات اللبون وينكسر ثلاثون وهي ثلاثة أرباع فتبدل ثلاث بنات لبون بثلاث حقق ويكون الواجب ثلاث حقق وبنت لبون وعلى ذلك فقس.

ثم ثنى الناظم كغيره أيضا ببيان زكاة البقر فأخبر أن فى ثلاثين منها عجل تبيع ولايزال يعطى كذلك إلى تسعة وثلاثين فاذا ملك أربعين ففيها مسنة وهكذا الحكم فيما زاد على ذلك في كل ثلاثين تبيح وفي كل أربعين مسنة ولايزال يعطى المسنة من أربعين إلى تسعة وخمسين فاذا بلغت ففيها تبيعان إلى سبعين فتبيع ومسنة وفي ثمانين مسنتان وفي تسعين ثلاث تبيعات وفي مائة وعشرة مسنتان وتبيع وفي مائة وعشرين

ص: 431

إما أربع تبيعات أو ثلاث مسنات الخيار للساعي كما تقدم في مائتين من الإبل وإلى ذلك أشار الناظم بقوله (

عجل تبيع في ثلاثين بقر

مسنة في أربعين تستطر) وهكذا مارتفت ولفظ بقر تمييز ثلاثين حذف تنوينه وفقا على لغة ربيعة وجملة تستطر أي تكتب صفة مسنة وهو المسوغ للابتداء به ابن الحاجب والتبيع الجذع الموفي سنتين وقيل سنة والمسنة الموفية ثلاثا وقيل سنتين وعلى الأول من القولين في التبيع والمسنة اقتصر الشيخ خليل في مختصره ثم ثلث ببيان زكاة الغنم وهو شامل للضأن والمعز فأخبر أن لا زكاة في أقل من أربعين من الغنم فاذا بلغت أربعين ففيها شاة جذع أو جذعة وهو ابن سنة على المشهور كما مر وإلى ذلك أشار بقوله (ثم الغنم شاة لأربعين) أي في أربعين فاللام بمعنى في على حد قوله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} لايجليها لوقتها الا هو أو عن أربعين فاللام بمعنى على حد قوله تعالى {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا اليه} أي قال الذين كفروا عن الذين آمنوا وإلا لقيل ماسبقتونا اليه

ولايزال يعطى واحدة إلى مائة وعشرين فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ففيها شاتان كذلك وعلى ذلك نبه بقوله مع أخرى تضم في واحد وعشرين يتلو مائة فقوله مع أخرى أي تضم هي أي الشاة لابقيد كونها الواجبة عن أربعين مع شاة أخرى فمجموعها هو الواجب في واحد التالي للعشرين والمائة فمع يتعلق بتضم ونائبه، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه الشاة وأخرى صفة لمحذوف أي شاة وفي قوله في واحد بمعنى عن أو على بابها وجملة يتلو صفة لواحد وعشرين مفعول بيتلو ومائة عطف على عشرين ولايزال يعطي الشاتين إلى مائتين فاذا بلغت مائتين وواحدة ففيها ثلاث شياه وعلى ذلك نبه بقوله (ومع ثمانين ثلاث مجزئة) أي إذا بلغت الغنم العدد المذكور قريبا مع زيادة ثمانين عليه واجتمع من ذلك مائتان وواحدة فثلاث شياه مجزئه وكافية في ذلك بمعنى أنها الواجبة عن هذا العدد لا أن الواجب غيرها وهي تجزيء عن ذلك الواجب ولايزال يعطى ثلاث شياه إلى ثلاثمائة وتسعة وتسعين فاذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه وعلى ذلك نبه بقوله (وأربعاً خذ من مئين أربع) ثم لايعتبر بعد ذلك إلا المئون فلا يزال يعطى أربعا إلى أن تكمل خمسمائة ففيها خمس شياه ثم كذلك إلى ستمائة ففيها ست شياه وهكذا، وعلى ذلك نبه بقوله (شاة لكل مائة أن ترفع) أي الواجب شاة لكل مائة إن ترفع الغنم أي تزد على حذف مضاف أي يزد محددها

ص: 432

ويكثر وفهم من قوله شاة لكل مائة أن المعتبر بعد الأربعمائة إنما هو المئون لاغير وهو كذلك

(فرع) اللازم فى زكاة الغنم إنما هو الوسط فلا تؤخذ كرائم الناس كالأكولات قال مالك وهي شاة تسمن لتؤكل ذكراً كانت أو أنثى وكالفحل المعد للضراب وكالربى بضم الراء وتشديد الباء والقصر وهي ذات الولد وكصاحب اللبن الذي ينظر اليه غالبا ولاتؤخذ شرارها كالسخلة وهي الصغيرة وكالتيس وهو الذكر الذي ليس معداً للضراب وكالعجفاء وهي المريضة وكذات العوز بفتح العين ويقال بالألف وبعير ألف هو العيب مطلقا ابن الحاجب فان كانت كرائم أو شراراً كلها فالمشهور يأتي بما يجزئه أي من غيرها مما هو وسط اهـ

وَحَوْلُ الأَرْباحِ وَنسْلٍ كالأُصُولْ

والطَّارِ لَا عَمَّا يُزَكَّى أَنْ يَحُولْ

ذكر في هذا البيت ثلاث مسائل

الأولى أن حول ربح المال حول أصله والربح كما قال ابن عرفة زائد ثمن مبيع تجر على ثمنه الأول فقوله زائد أي العدد الزائد على الثمن واحترز بقوله من زيادة غير ثمن المبيع كنمو المبيع وأخرج بقوله تجر ثمن سلعة القنية فانه يستقبل به وبأصله فلذلك أخرجه، وإن كان يسمى ربحا كمن اشترى سلعة القنية بعشرة وباعها بخمسة عشر ولافرق في أصل الربح بين أن يكون نصابا أو لا فالأول كمن كان عنده عشرون دينارا أقامت عنده عشرة أشهر ثم اشترى بها سلعة بقيت عنده تلك السلعة شهرين ثم باعها بثلاثين دينارا فيزكى حينئذ الأصل وهو العشرون ولا إشكال ويزكي الربح وهو العشرة لأن حوله حول أصله وهو العشرون لتقدير الربح كامنا في أصله من أول الحول من باب تقدير المعدوم موجودا والثاني كمن له دينار أقام عنده بعض الحول ثم اشترى به سلعة ثم باعها عند كمال الحول بعشرين دينارا فيزكي حينئذ لتقدير الربح وهو التسعة عشر كامنا في الدينار أصله من أول الحول كما مر وقد تقدم الكلام على الربح لجمعه مع نظائره من نماء المال عند قوله في العين والأنعام حقت كل عام

المسألة الثانية مما اشتمل عليه هذا البيت هي أن حول نسل الأنعام حول أصولها أو أمهاتها فمن عنده ثلاثون من الغنم مثلا فلما قرب الحول توالدت وصارت أربعين ولو قبل الحول بيوم أو بعد كمال الحول وقبل مجيء الساعي بيوم فان الزكاة تجب فيها إذ ذاك وحول ماولدته حول أمهاتها إعطاء أيضا للمعدوم وحكم الموجود كالربح وكذلك لو كان عنده ثمانون فلما قرب الحول توالدت وصارت مائة وإحدى وعشرين وجبت الزكاة إذ ذاك فتجب فيها شاتان لأن حول النسل حول الأمهات كانت الأمهات

ص: 433

نصابا أو أقل وكذلك في البقر وكذلك في الإبل الرسالة وحول ربح المال حول أصله وكذلك حول نسل الأنعام حول أمهاتها. لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه

قوله (والطار لا عما يزكى) أن يحول هذه هي المسألة الثالثة مما اشتمل عليه هذا البيت وذلك أنه لما ذكر حكم مايطرأ ويزداد على الماشية مما ولدته وأن حوله حول أمهاتها كان في الأمهات نصاب أم لا بين هنا حكم مايطرأ عليها من غير ولادة بل بشراء أو إرث أو هبة فأخبر مايطرأ من الماشية مما ذكر عما لايزكى منها لكونه أقل من النصاب فإنه يجب الزكاة فيه وفيما كان عنده لكن بشرط أن يحول الحول على مجموعها بمعنى أنه يستقبل بالجمع ماكان عنده وما طرأ عليه حولا من حين كمال النصاب وفهم من كلامه أن ما يطرأ منها بما ذكر على ما يزكى لكونه نصابا فإنه لايشترط في وجوب زكاته مرور الحول بل يضم ماطرأ منها إلى ذلك النصاب ويزكي الجميع لحول الأولى فمن كان عنده ثلاثون من الغنم مثلا أقامت عنده أحد عشر شهراً ثم اشترى عشرة أخرى أو وهبت له أو ورثها فإنه يستقبل بالجميع حولا من حين كمال النصاب ولو كان عنده مائة فلما قرب الحول اشترى إحدى وعشرين فتجب عليه شاتان عند كمال الحول أو مجيء الساعي وهذا التفصيل هو المشهور، قال في المدونة قال مالك من أفاد غنما إلى غنم أو بقراً إلى بقر وإبلا إلى إبل بإرث أو هبة شراء زكى الجميع إذا كانت الأولى نصابا تجب فيها الزكاة وسواء ملك الثانية قبل تمام حول الاولى أو بعد قبل قدوم الساعى وإن كانت الأولى أقل من النصاب استقبل بالجميع حولا من يوم أفاد الآخرة اهـ وقال ابن عبد الحكم فائدة الماشية كفائدة العين إن صادفت قبلها أقل من النصاب فكمل النصاب بها ضمت له واستقبل بالجميع حولا من حينئذ وإن صاذفت قبلها نصابا استقبل بها حولا وبقي كل مال على حوله وخلاف ابن عبد الحكم إنما هو في هذا الطرف الأخير وأما الأول فهو موافق فيه للمشهور الله أعلم.

ولا يُزَكَّى وقَصُ مِن النَّعَمْ

كَذَاكَ ماَدُونَ النَّصَابِ ولْيَعُمْ

وعَسلٌ فاَكِهةُ مَعَ الخُضَرْ

إذْ هِيَ فِى الُمقْتاتِ فيما يُدَّخرْ

أخبر أن الزكاة لاتجب في الوقص بفتحتين وهو مابين الفرضين من زكاة النعم وأنها لاتجب أيضاً فيما دون النصاب من جميع مايزكى من عين أو حرث أو ماشية وعلى ذلك نبه بقوله وليعم أي يعم هذا الحكم في كل مانقص على النصاب ولايخص بنوع منه ولاتجب أيضاً في العسل والفواكه والخضر لأجل أنها أي الزكاة إنما تجب في

ص: 434

الحبوب والثمار المقتاتة المدخرة أي للعيش غالبا وهذه ليست كذلك أما سقوطها عن الوقص فمتفق عليه في غير الخلطة والله أعلم، فمن كان عنده تسع من الإبل مثلا أخرج عنها شاة واحدة وهي التي تجب عليه لو لم يكن عنده إلا خمس فالأربع التى بين الفرض الأول والثاني وقص لازكاة فيها، وكذلك من كان عنده مائة وعشرون من الغنم فالواجب عليه شاة واحدة وهي الواجبة عليه لو لم يكن عنده إلا أربعون فالثمانون التي بين الفرضين وقص لا زكاة فيها وكذلك من كان عنده تسع وخمسون من البقر فإن الواجب عليه مسنة وهي التي تجب عليه لو لم يكن عنده إلا أربعون فالتسعة عشر التي بين الفرضين وقص لا زكاة فيها التوضيح وإنما لم تشرع زكاة الأوقاص في الماشية والله أعلم لضرر الشركة ولايتصور الوقص إلا فى زكاة النعم كما صرح به الناظم وأما زكاة العين والحرث فلا بل كل مازاد على النصاب ولو قل يخرج عنه ماينوبه وأما سقوط الزكاة عما دون النصاب فمتفق عليه في العين والحرث وفي الماشية في غير الخلطة أيضاً وأما سقوطها عما لايقتات ولايدخر للعيش غالباً كالخضر والفواكه التي لاتدخر أصلا كالتفاح ونحوه أو تدخر الا للعيش بل للتفكه كالجوز والرمان أو تدخر للعيش لكن نادراً كالتين فهو المشهور وقد تقدم بعض الكلام على ذلك في شرح قوله في العين والأنعام البيتين فقوله هنا فيما يدخل بدل من في المقتات بدل بعض كل أي لم تجب في العسل والفواكه والخضر لأجل أنها لاتجب إلا فيما كان مقتاتا مدخراً يعني للعيش غالبا

كما مر.

(فصل فى بعض مايتعلق بالخلطة)

وهي كما قال ابن عرفة اجتماع نصابي نوع النعم مالكين فأكثر فيما يوجب تزكيتها على ملك واحد فقوله اجتماع جنس للخلطة وقوله نصابي أخرج به ماإذا لم يكن نصابا فيهما أو في أحدهما فلا يكون خلطة شرعية وقوله نوع أخرج به الخلطة في غير النعم وفي نوعين من النعم وقوله فيما يوجب يتعلق باجتماع أي الاجتماع فيما يوجب التزكية على ملك واحد فإذا كان لكل واحد أربعون من الغنم فالاجتماع في هذين النصابين من نوع الغنم في الأشياء الموجبة للخلطة من راع ومراح وماء وغير ذلك موجب لتزكية المجموع على ملك واحد فتكون عليهما شاة وأخرج بذلك الاجتماع في غير ماذكرنا فإنه لايوجب خاصية الخلطة، صح من الرضاع وأسقط من حد الخلطة الشرعية اشتراط كون كل منهما مسلما حراً حال حول ماشيته قصد بها الرفق والإعانة لا التخفيف من الزكاة والأشياء الموجبة للخلطة التي الاجتماع فيها يوجب تزكية المجموعة على ملك الشخص الواحد خمسة: الراعي والفحل والولد والمراح والمبيت ثم إن كان

ص: 435

الراعي واحداً فيشترط أن يؤذن له المالكان وإن كان متعددا فإن كان لماشية كل واحد راع يأخذ أجرته من مالكها وكانوا يتعاونون بالنهار على جمعها فيشترط إذن أربابها أيضا وكون الإذن في التعاون على حفظها لكثرة الغنم فإن كانوا لايتعاونون أو يتعاونون بغير إذن أرباب الماشية أو كانت قليلة بحيث يقوى راعي كل واحد على ماشيته دون غيره فليست بخلطة ويشترط في الفحل الضرب في الجميع مع كونه مشتركا بينهما أو لأحدهما فقط فإن كان متعدداً أي لماشية كل وِاحد فحل فيشترط الافتقار إلى تعدد الفحل أما إن كفى ماشية كل واحد فحله فليس الاجتماع حينئذ في الفحل من صفات الخلطة ابن بشير الدلو من موجبات الخلطة ومعناه السقي ومقتضى لفظه أن يسقى الجميع بدلو واحد لكن ألحق بذلك الاشتراك في الماء أن يكون موضعه مملوكا لهما أو تكون النفقة فيه مشتركة ابن الحاجب والمراح موضع إقامتها وقيل موضع الرواح للمبيت التوضيح وضبط الجوهري المراح بمعنى القول الأول بضم الميم وبفتحها إذا كان بمعنى القول الثاني اهـ والاجتماع في هذه الخمسة كلها واجب للخلطة ولا إشكال وأما الاجتماع في بعضها فقط فقال ابن القاسم لايكون خلطاً حتى يجتمعوا في جل ذلك وجل الخمسة ثلاثة كما قال ابن الحاجب والمعتبر فيها ثلاثة وقيل او اثنان وقيل أو الراعي التوضيح والقول بالثلاثة لابن القاسم في العتبية وبالاثنين للابهري وبالاكتفاء بالرعي لابن حبيب فاذا حصل الاجتماع في جل هذه الأشياء مع بقية الشروط المذكورة في الملاك من كون كل واحد مسلماً حراً مالكا للنصاب حال الحول على ماشيته قصد بذلك الرفق فيؤخذ حينئذ من الملاك مايؤخذ من مالك واحد في العدد كثلاثة لكل واحد أربعون فتجب عليهم شاة وفي السن كاثنين لكل واحد ستة وثلاثون من الإبل فعليهما جذعة وفي الصنف كاثنين لواحد ثمانون معزا وللآخر أربعون ضائنة فعليهما شاة من المعز فإذا أخذ الساعى منهما زكاة واحد وانصرف فإن كان الوقص من الطرفين معاً كأن يكون لأحدهما تسع من الإبل للآخر ست فلا خلاف في التراجع على الأجزاء فإذا أخذ الساعي منهما ثلاث شياه كانت قيمتها بينهما على خمسة عشر جزء على صاحب الستة ستة أجزاء وعلى صاحب التسعة تسعة أجزاء وإن انفرض الوقص من جهة كأن يكون لواحد خمس وللآخر تسع فعن مالك إذا أخذ الساعي منهما شاتين روايتان إحداهما أن على كل واحد شاة والثانية أن الشاتين بينهما على أربعة عشر جزء صاحب الخمسة خمسة أجزاء وعلى صاحب التسعة تسعة أجزاء وهل المعتبر في القيمة يوم الأخذ وهو قول ابن القاسم بناء

ص: 436

على أن المرجوع عليه كالمستهلك لنصيب خليطه والمعتبر في القيمة في الاستهلاك يوم التعدي أن المعتبر يوم الوفاء والخلاص والرجوع على صاحبه وهو قول أشهب بناء على أن المرجوع عليه كالمستسلف لنصيب خليطه ومن تسلف شاة تساوي عشرين ثم صارت تساوي عشرة فليس عليه إلا شاة تساوي عشرة

(فرع) فإن خالف الساعي الشرع فأخذ منهما ولم يكن فى مجموع الماشية نصاب كاثنين لكل واحد خمسة عشرة شاة فأخذ من أحدهما شاة فذلك غصب لا تراجع فيه وإن كان المجموع نصابا كما لو كان لكل واحد عشرون فإن قصد الساعي بالأخذ الغصب فلا تراجع ايضا وإن لم يقصد الغصب بل تأول في ذلك وأخذ بقول من ذهب إليه من العلماء تراجعا لأن أخذ الساعي المتأول كحكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لايناقض وإن كانت ماشية أحدهما نصابا والأخرى دون النصاب كاثنين لواحد مائة ولآخر إحدى وعشرون فإن قصد بالشاة الثانية الغصب فلا تراجع أيضا لأنه ظلم وإن لم يقصد الغصب بل قلد في ذلك إماما فإنهما يتراجعان كما تقدم وإذا قلنا بالتراجع في هذه الصور فهل يتراجعان في جميع الشاتين أو في الزائد وهو الشاة الثانية قولان فعلى الاول وهو قول محمد وسحنون يقتسمان الشاتين معا على مائة وأحد وعشرين جزء على صاحب المائة مائة وعلى الآخر أحد وعشرون وعلى الثاني وهو قول ابن عبد الحكم يكون على صاحب المائة شاة ثم تقسم الثانية على مائة وإحدى وعشرين صح من التوضيح هذا حكم ما إذا اختل شرط كون كل منهما له نصاب وأما إن اختل شرط قصد الرفق بأن قصد التخفيف من الزكاة كثلاثة لكل واحد أربعون فيجمعونها لتخفف الزكاة وتجب عليهم كلهم شاة واحدة فإنهم يعاملون بنقيض مقصودهم، وتجب على كل واحد شاة وكذلك لو كانوا مجتمعين فرأوا أن في اجتماعهم ضررا في تكثير الصدقة عليهم كاثنين مختلطين لكل واحد مائة شاة الواجب عليهم في الخلطة ثلاث شياه فافترقا فتجب على كل واحد شاة فقط فإنهما يعاملان بنقيض مقصودهما ويجب عليهما ثلاث شياه لما في الصحيح عنه لايجمع بين متفرق ولايفرق بين مجتمع خشية الصدقة هذا إذا أقرأ أو دلت قرينة على أن اجتماعهم أو

ص: 437

افتراقهم إنما كان لتخفيف الصدقة وأما إن لم يكن اقرار ولم تقم قرينة على ما يقصدان من اجتماعهما أو افتراقهما فالمشهور اعتبار قرب الزمان فإن اجتمعا أو افترقا قرب الحول أخذ بما كانا عليه قبل ذلك وقيل لايعتبر وإنما المعتبر مايظهر من قرينة الحال فقط وعلى اعتبار قرب الزمان فهل القرب شهران أو شهر أو دون الشهر ثلاثة أقوال فإن عدمت القرائن والزمان على القول باعتبار فهل تتوجه اليمين عليهم أو لا؟ ثالثها يفرق بين المتهم فتتوجه وبين غيره فلا تتوجه كما في أيمان المتهم والله أعلم وإن اختل شرط مرور الحول على ماشيتهما معا فقال ابن رشد لو كانت ماشية أحدهم مائة حال عليها الحول وماشية الآخر خمسين لم يحل عليها الحول فأخذ الساعي منهما شاتين فإن أخذهما من غنم صاحب المائة لم يكن على صاحب الخمسين شيء لعدم كمال حول ماشيته فالواحدة واجبة على صاحب المائة والثانية مظلمة وإن أخذهما من غنم صاحب الخمسين رجع بالواحدة على صاحب المائة لأنها تجب عليه لمرور حول ماشيته والثانية مظلمة لايرجع بها وإن أخذ واحدة من غنم صاحب المائة والأخرى من غنم صاحب الخمسين لم يكن لصاحب الخمسين على صاحب المائة رجوع بالتي أخذت منها لأنها مظلمة ولا تراجع في هذا إذ لا اختلاف فيه بخلاف ما إذا زكاها زكاة الخلطة وماشية أحدهما أقل من النصاب اهـ ويفهم منه أنه إن لم يكمل الحول على ماشية واحد منها فلا تراجع أصلا إذ كل مايؤخذ ظلم وانظر هل يتراجعان أم لا فيما إذا أخذ الساعي منهما مع اختلال باقي الشروط فيهما معا أو في أحدهما وذلك الحرية والاسلام وظاهر قول ابن عرفة لا أثر لخلطة عبد أو ذمي خلافا لابن الماجشون أنه إن قصد الغصب بما يأخذ من ماشية العبد أو الذمي فلا تراجع أيضا وإن لم يقصده وارتكب قول ابن الماجشون فالتراجع كما تقدم فيما إذا كان المجموع نصابا والله أعلم فإن كانا معا عبدين أو كافرين فلا تراجع أصلا والله تعالى أعلم

ويَحْصُلُ النِّصاب مِنْ صِنْفَيْنِ*

كَذَهَبٍ وفِضَّةٍ مِنْ عَيْنِ*

وَالّضانُ لِلْمَعْزِ وبخُتُ لِعرَابْ

وبَقَرُ إلَى الجَوَامِيسِ اُصْطِحابْ*

والَقْمحُ لِلّشعيرِ لِلسُّلْتِ يُصارْ*

كَذَا القَطَانِى وَالزَّبِيبُ والثِّمارْ

أخبر أنه لا يشترط في كمال النصاب كونه من صنف واحد بل لا فرق بين كونه من صنف واحد أو من صنفين أو أكثر ففي زكاة العين لافرق بين كونه صنفاً واحداً وعشرين ديناراً أو مائتي درهم أو ملفقاً منهما معاً يعني بالجزء لا بالقيمة ومعنى التلفيق بالجزء أن يقابل كل دينار بعشرة دراهم ولو كانت قيمته إذ ذاك أقل أو أكثر كمن له عشرة دنانير ومائة درهم أو مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير أو خمسون درهما وخمسة عشر دينارا والحاصل أنه إن كان عنده نصف النصاب من أحد الصنفين فيشترط

ص: 438

وجود النصف من الآخر وإن كان عنده الربع من أحدهما اشترط وجود الثلاثة الأرباع من الأخر وإن كان عنده الثلث من أحدهما اشترط وجود الثلثين من الآخر وهكذا ولا يكمل بالقيمة كما لو كان عنده مائة وثمانون درهما ودينار يساوي عشرين درهما وتقدم هذا وإليه أشار بالبيت الأول، وفي زكاة الماشية لافرق بين كون نصاب الغنم كله ضأناً أو كله معزا أو ملفقا منهما كعشرين من كل منهما ولا بين كون نصاب الإبل كله إبلا أو كله بختا أو ملفقا منهما كاثنين من الإبل وثلاثة من البخت ولا بين كون نصاب البقر كله بقرا أو كله جواميس أو ملفقا منهما كخمسة عشر من كل منهما وإلى ذلك أشار بالبيت الثاني وقوله (والضأن للمعز) مبتدأ وخبر أي الضأن يضم للمعز فإذا اجتمع منهما نصاب فالزكاة وكذا قوله وبخت لعراب وبقر إلى الجواميس وقوله اصطحاب مفعول من أجله وقف عليه بحذف التنوين مع كونه إثر الفتح على لغة ربيعة أي إنما ضم ماذكر بعضه إلى بعض لأجل الاصطحاب الذي بينهما وهو كونها معا نوعين لجنس واحد وفي

زكاة الحرث لا فرق بين كونه كله قمحا مثلا أو شعيرا أو سلتا وبين كونه ملفقا من الثلاثة أو من اثنين منهما لأن هذه الثلاثة أنواع لجنس واحد على المنصوص، والقاعدة أن أنواع الجنس الواحد يضم بعضها إلى بعض باتفاق وأما الأجناس فلا يضم بعضها إلى بعض والمعتبر في الحكم الشيئين أو الأشياء بأنهما نوعان لجنس واحد فيضم بعضهما إلى بعض لاستواء منفعتهما أو تقاربهما وإن لم يتأكد التقارب كالقمح والشعير فإن لم تستو المنفعة ولم تتقارب فهما جنسان لايضم أحدهما إلى الآخر

(تنبيه) قال الامام أبو العباس سيدى أحمد الونشريسي في المعيار مانصه وقد قيدت من خط المحدث الحافظ الخطيب أبي عبد الله محمد بن رشيد رحمه الله أن الشيخ محمد بن عبد الملك قاضي مراكش كان يقول الشعير الذي هو مع القمح جنس واحد إنما هو ماقارب القمح في الدقيق كشعير الحجاز وبعض البلاد وأما المتباعد فلا وهو تنبيه حسن لو قيل به وإلى ضم الثلاثة أشار الناظم بقوله والقمح والشعير للسلت يصار فالقمح مبتدأ وجملة يصار أي يضم خبره وللشعير يتعلق بيصار وقد تمت الفائدة بالخبر مع متعلقة وللسلت عطف على الشعير بحذف العاطف للوزن وكذلك لا فرق بين كون النصاب مع نوع واحدة من القطاني ولا بين كونه ملفقا من نوعين أو أكثر من أنواعها فإن المشهور فيها في باب الزكاة الضم وقد تقدم عدها أول الزكاة وكذا لافرق بين كون نصاب الزبيب كله أحمر أو كله أسود أو ملفقا منهما ولا فرق بين كون نصاب التمر كله صنفا واحدا أو أكثر وعلى ذلك نبه بقوله كذا القطاني يضم بعضها إلى

ص: 439

بعض والزبيب بضم أحمره إلى أسوده والثمار جمع ثمر بمثناة وميم ساكنة أي تضم أنواعه بعضها إلى بعض فان اجتمع النصاب فالزكاة ويحتمل أن يكون ثمار بالمثلثة جمع ثمر بها وبفتح الميم فيشمل ذلك ضم أنواع غير التمر كالزيتون فيضم ماله زيت لما لازيت فيه ونحو ذلك وفهم من كلامه أن ماعدا ماذكر لاضم فيه وذلك كالأرز والدخن والذرة والعلس فكل واحد جنس على حدته إن كمل منه وحدة النصاب فالزكاة وإلا فلا ولا يخدش في هذا المفهوم احتمال كون الثمار بالمثلثة لأن هذه لاتسمى ثمارا في العرف والله أعلم

ثم إن كان النصاب ملفقا من ذهب وفضة فله أن يخرج عن كل من نوعه وله أن يخرج عن الجميع ذهباً أو فضة ويعتبر في ذلك صرف الوقت وقيمة السكة دون الصياغة كما تقدم قبل قوله والعرض ذو التجر ودين من أراد وإن كان ملفقا من نوعين أو أكثر في زكاة الحرث فقد تقدم الكلام عليه أيضاً قبل قوله وهي في الثمار والحب العشر وإن كان ملفقا في زكاة الماشية كأن يجتمع فيه الضأن والمعز فإن كان الواجب شاة وتساوى عدد الضأن والمعز كعشرين وعشرين وثلاثين وثلاثين خير الساعي فمن أيهما شاء أخذ وإن لم يتساو عددهما فالمشهور أنه يأخذ من الأكثر/ ابن عبد السلام وهو متجه إن كانت الكثرة ظاهرة وأما إن كانت تزيد بشاة أو شاتين فالظاهر أنهما كالمتساويين، وله نظائر في المذهب وإن كان الواجب شاتين فإن تساوى عددهما أخذ من كل صنف شاة كأحد وستين ضائنه ومثلها معزاً وإن لم يتساو فإن كان الأقل وقصا كمائة وأحد وعشرين من الضأن وأربعين من المعز أو بالعكس أو ليس في الأقل عدد الزكاة كمائة ضائنة وثلاثين معزاً أو بالعكس أخذنا من الأكثر وإن كان الأقل غير وقص وفيه عدد الزكاة كمائة ضائنة وأربعين معزا أوبالعكس فقال ابن القاسم يؤخذ من كل صنف شاة، وقال سحنون يؤخذ من الأكثر هنا وفي ذينك القسمين ومعنى كون الأقل فيه الزكاة أن يكون أربعين فأكثر ومعنى كونه غير وقص أن يكون الأقل هو الموجب للشاة الثانية بأن يكون أكثر النوعين مائة وعشرين فأقل والحاصل أن سحنونا قال يؤخذ من الأكثر مطلقا وأن ابن القاسم اشترط في الأخذ منهما شرطين متى اختلا أو اختل أحدهما أخذ من الأكثر كما قاله سحنون وإن كان الواجب ثلاثا فإن كان متساويين فمنهما ويخير الساعي في الثالثة وإن كانا غير متساويين فقال ابن القاسم إن كان في أقلهما عدد الزكاة وهو غير وقص أخذ من الأقل شاة وشاتين من الأكثر وإن لم يكن في الأقل عدد الزكاة وهو غير وقص أخذ من الأقل أو فيه عددها ولكنه وقص لم يوجب شيئا فتؤخذ الثلاث من الأكثر كما تقدم وقال سحنون أيضا تؤخذ الثلاث من الأكثر مطلقا وإن كان الواجب أربع شياه فأكثر فالحكم للمئين فإن كانت المائة الرابعة أو الخامسة أو غيرهما ملفقة من

ص: 440

نوعين فأجر الحكم فيهما على ماتقدم حيث يكون الواجب شاة واحدة والله أعلم هذا حكم زكاة الغنم.

وأما البقر فقال فى المدونة قال مالك إن كانت أربعين جاموسا وعشرين بقرة أخذ من كل صنف تبيعا ابن يونس لأنه يجعل في الثلاثين من الجواميس تبيعا ويبقى عشرة منها عشرين بقرة فيأخذ تبيعا من الأكثر وهو البقر والفرق بين هذا وبين قولهما فيمن له عشرون ومائة ضائنة وأربعون ماعزة أن الثمانين الزائدة على الأربعين في الضائن وقص لاشيء فيها والعشرة الزائدة على الثلاثين في البقر ليس فيها وقص لأنها أحالت الفريضة على حالها ولو كانت الشاة مائة وإحدى وعشرين ضائنة يعنى وأربعين ماعزة لأشبهت مسألة الجواميس مع البقر لأن الأحد والثمانين الزائدة على الأربعين ليست بوقص فوجب أن يأخذ الجميع من الكثيرة وأما الإبل فإذا وجب فيها واحدة وتساويا كاثني عشر من البخت وثلاثة عشر من العراب أو بالعكس خير الساعى في أخذ بنت المخاض من أيهما شاء وإن لم يتساويا فمن الأكثر وإن وجب فيها اثنان بنتا لبون أو حقتان فالحكم فيهما كما تقدم في الشاتين فإن تساويا أي البخت والعراب أخذ من كل صنف، وإن لم يتساويا فإن لم يكن الأقل عدد الزكاة أخذ من الأكثر عند ابن القاسم وسحنون وإن كان في الأقل عدد الزكاة فقال ابن القاسم يأخذ من كل صنف وقال سحنون يؤخذ من الأكثر مطلقا فإن كان عنده أربعون من البخت وأربعون من العراب فيؤخذ من كل صنف بنت لبون لتساويهما وإن كان عنده خمسون وخمسون أخذ من كل صنف حقة وإن كان عنده ستون وثلاثون فتؤخذ بنت اللبون من الستين لقصور الثلاثين عن سن بنت اللبون إذ أقل ماتجب فيه ستة وثلاثون ويفهم من هذا أنه لايشترط في الأقل سن آخر إذ في الثلاثين بنت مخاض وإن كان عنده ستون وأربعون فتؤخذ الحقتان من الستين لقصور الأربعين عن سن الحقة إذ أقل ماتجب فيه ست وأربعون واختلف في أربعين وستة وثلاثين فابن القاسم يأخذ بنت لبون من كل صنف وسحنون يأخذها من الأربعين وكذلك اختلف في خمسين وست وأربعين فعند ابن القاسم يأخذ من هذه حقة ومن هذه حقة وعند سحنون يأخذهما من الخمسين قال في التوضيح

(تنبيه) تقدم أن ابن القاسم شرط في الأخذ منهما في الغنم شرطين أحدهما وهو كون الأقل غير وقص لايتأتى وأنما يتأتى أن يكون الأقل ليس فيه عدد الزكاة لأن الشرطين المتقدمين لو أتيا هنا للزم وجود كل منهما بدون الآخر كما تقدم فيلزم أن

ص: 441

يوجد مثال يكون الأقل فيه عدد الزكاة وهو وقص وهو لايمكن في بنتي اللبون والحقتين والله أعلم. اهـ. أي فمهما كان في الأقل هنا عدد الزكاة فهو غير وقص، وإن لم يكن فيه عدد الزكاة فقد يكون وقصا وقد لا.

مَصْرِفُهاَ الفَقِيرُ والْمِسْكِينُ

غازٍ وعتْقُ عاَمِلُ مَدِينُ

مُؤَلَّفُ القَلبِ ومُحتْاجُ غَرِيبْ

أحْرَارُ إِسْلَامٍ ولَمْ يَقْبَلْ مُرِيبْ

تعرض في هذا الفصل لبيان مصرف الزكاة أي من تصرف له وتدفع إليه، ومصرفها الاصناف الثمانية في قوله تعالى:" إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله "[التوبة: 60] قال مالك رضي الله عنه: اللام في قوله تعالى لبيان المصرف لا للملك، يعنى ولو كانت للملك للزم عموم الأصناف الثمانية؛ لأن الملك يكون لكل صنف منهم فلابد من إعطاء الأصناف الثمانية وفي المجموعة آية الصدقة ليس فيها قسم بل إعلام بأهلها فلذلك لو أعطيت لصنف أجزأ، وقيده ابن عبد السلام بما عدا العامل وإلا فلا معنى لدفع جميعها له. اهـ.

فأول الأصناف وثانيه الفقير والمسكين، والمشهور أنهما صنفان، وقيل: هما مترادفان بمعنى واحد وعلى أنهما صنفان، فروى أبو عمر: الفقير ذو بلغة لاتكفي والمسكين لا شيء لا وقيل غير هذا، اللخمي: من ادعى أنه فقير صدق مالم يكن ظاهر يشهد بخلاف ذلك، ولكن إن ادعى أن له عيالاً ليأخذ لهم فإن كان من أهل الموضع كشف عن حاله، وإن كان معروفاً بالمال كلف ببيان ذهاب ماله، وعلى هذا نبه الناظم آخر البيتين بقوله: [ولم يقبل مريب لا تقبل دعوى الفقر ممن قامت به ريبة تكذبه كأن يكون معروفاً بالمال فيدعي الفقر فلا يقبل منه إلا ببيان، وفهم منه أن من لم تقم ريبة تكذبه فإن يصدق في دعواه الفقر وهو كذلك كما صرح به اللخمي أول كلامه، ويشترط في كل من الفقير والمسكين أربعة شروط:

الأول: أن يكون حراً فإن أعطى عبداً أو أم ولد أو مدبراً أو معتقاً إلى أجل أو معتقاً لم يجز إذا كان عالماً لأنهم في معنى الموسر لأن نفقتهم على من له الرق فيهم، فإن عجز عن الإنفاق عليهم بيع الأول وعجل عتق غيره، قاله اللخمي. وقال اللخمي أيضاً: إن أعطاها لغني أو عبد أو نصراني وهو عالم لم تجز وإن لم يعلم، وإن كانت قائمة بأيديهم انتزعت منهم وصرفت لمن يستحقها، فإن أكلوها غرموها على المستحب من القول لأنهم صانوا بها أموالهم، وإن هلكت بأمر من الله غرموها إن غروا من أنفسهم وإن لم يغروا لم يغرموها، وهل يغرمعا من وجبت عليه وكذا الإمام ومن جعل إليه]

ص: 442

[تفريقها؟ انظر فيه.

الثاني: أن يكون مسلماً. ابن الحاجب: ولا تصرف لعبد ولا لكافر ولا في كفن ميت ولا بناء مسجد. التوضيح: اختلف هل تدفع لأهل الأهواء؟ فأجاز ذلك ابن القاسم ومنعه أصبغ، وكذلك تارك الصلاة ولعله على الخلاف في تكفيرهم. اهـ. وعلى هذين الشرطين نبه الناظم بقوله: أحرار إسلام أي أحرار أهل الإسلام أي ذووه، واعلم أنهم صرحوا باشتراط الحرية والإسلام في الفقير والمسكين والعامل، ويظهر من قوة كلامهم ولم أقف الآن على التصريح به اشتراط ذلك أيضاً في الغازي والمدين والغريب المحتاج لقولهم في الدين: إذا أدان في فساد فلا تعطى له، وقولهم: إن ابن السبيل يشترط أن لا يكون في سفره معصية وإن من أوصى لأبناء السبيل لا يدخل الكافر، وأما الرقاب فالفرض وصفها بالرق فيشترط فيها الإسلام لا غير كما صرحوا به، وأما المؤلفة قلوبهم] فعلى أن المراد بهم الكفار يعطون ليرغبوا في الإسلام فلا إشكال في عدم اشتراط الإسلام، وانظر الحرية وظاهر التعليل عدم اشتراطها أيضاً وأما على أن المراد بهم المسلمون كما يأتي فالإسلام حاصل وظاهر التعليل أيضاً عدم اشتراط الحرية والله أعلم. وعلى هذا ففي قول الناظم بعد تعدادهم:(أحرار إسلام)، إجمال ولعله اعتمد على ماهو معلوم من خارج فذهن السامع يرد كلاً لما يليق به والله تعالى أعلم.

الثالث: أن لاتكون نفقته واجبة على مليء وجوباً أصلياً أو بالتزام كان ذلك المليء المزكى أو غيره، فلا تعطى لامرأة فقيرة لها زوج مليء، ولا لرجل فقير أو امرأة فقيرة لهما ولد مليء ولا لصغير فقير له أب مليء، إذ وجوب نفقتهم ولزومها للمليء صيرتهم أملياء ولم يصرح الناظم بهذا الشرط اكتفاء عنه بمفهوم وصف الفقر ولكن التصريح به أولى لعسر إدخال الجزيئات تحت الكليات، وفي التوضيح عن ابن عبد السلام ناقلا عن غيره: فقر الأب ومن في معناه له حالان: الحال الأول: أن يضيق حاله ويحتاج لكن لايشتد عليه ذلك فهذا يجوز اعطاؤه من الزكاة ولا تلزمه نفقته بل تبقى ساقطة عنه كما كانت قبل ضيق حاله، والحال الثانية: أن يشتد ضيق حاله ويصير في فقره إلى الغاية وهذا يجب على ابنه أن ينفق عليه ولا يجوز لابنه أن يدفع زكاته إليه والله أعلم. اهـ. وكذلك لا يعطى منها من كانت نفقته وكسوته لازمة لمليء بالالتزام لا بالأصاله كأن يلتزم نفقة ربيبة ونحوه، التوضيح: يعني أنه يلحق الملتزم للنفقة والكسوة بمن لزمته في الأصل وسواء كان التزامه لها صريحاً أو بمقتضى الحال كان من قرابته أم لا قاله ابن عبد السلام. اهـ. فإن انقطعت النفقة أو الكسوة عمن تلزمه نفقته بالأصاله أو بالالتزام فإنه يجوز له أن يدفع له من الزكاة ما انقطع عنه من نفقة أو كسوة، فإن انقطعا

ص: 443

معا فلا إشكال وأما من كان ينفق على غيره تطوعا فقال ابن عرفة الشيخ روى مطرف لايعطيها من في عياله غير لازم نفقته له قريبا أو أجنبيا فإن فعل جاهلا أساء وأجزأته ان بقى في نفقته ابن حبيب إن قطعها بذلك لم نجزه ونقله الباجي في القريب فقط ولم يقيد اجزاء اعطائها بجهله اهـ. وأما من لا تلزمه نفقته من قرابته وليس تحت اتفاقه فيعطيه لكن يستحب أن لا يباشر بها اعطاءها لهم بنفسه ففي المدونة لا يعجبني أن يلي هذا إعطاءهم ولابأس أن يعطيهم من يلي تفرقتها بغير أمره كما يعطى غيرهم إن كانوا أهلا لها، قال اللخمي كرهه خوف أن يحمد عليها وروى عن مالك إباحة ذلك وروى عن استحبابه وفيها منع اعطاء زوجة زوجها فقال بظاهره من المنع وقيل مكروه، الشرط الرابع أن لايكون من آله فلا يعطى آله لامن الصدقة الواجبة التى الكلام فيها ولامن صدقة التطوع وهو قول أصبغ ومطرف وابن الماجشون وابن نافع وهو المشهور/ ابن عبد السلام الحاقا لهم به وقيل يعطون من الصدقة المتطوع بها دون الواجبة وهو لابن القاسم وقيل يعطون من الصدقة الواجبة والمتطوع بها قاله الأبهري لأنهم في زماننا منعوا حقهم من بيت المال فلو لم يجز أخذهم للصدقة ضاع فقيرهم وبنو هاشم آل وبنو فوق غالب ليسوا بآل وفي بني من بينهما قولان والمشهور جواز إعطائها لموالي آله عليه الصلاة والسلام

(فرع) قال في المدونة ولايعجبني أن يحسب دينا له على الفقير في زكاته وصرح ابن القاسم بعدم الإجزاء لأنه لاقيمة له وقال أشهب تجزئه لأنه لو دفع إليه الزكاة جاز له أن يأخذها من ديبه ابن عرفة الأظهر إن أخذه بعد إعطائه وإن كان بطوع الفقير دون تقدم شرط أجزأه وكرها إن كان له ما يواري عورته ويعيشه الايام وإلا فكا لم يعطه وهل يشترط في الفقير والمسكين أن يكون عاجزا عن التكسب فلا تعطي للقادر عليه أولا يشترط ذلك فتعطي للفقير ولو كان قادرا على التكسب وهو المشهور، قولان، وهل يشترط أيضا أن لايكون مالكا لنصاب الزكاة فلا تعطى لمن يملك النصاب لأنه غني أو لايشترط ذلك وهو المشهور أيضا قولان، ثالثها يعطاها إذا كان لايكفيه لكثرة عيال

ص: 444

ونحوه وضعف هذا القول أنه تجب عليه زكاة مابيده من النصاب اتفاقا فلم يدخل في اسم الفقير بل هو من الأغنياء/ ط يجوز أن يعطى للفقير يغنيه نصابا فمافوقه على المشهور الصنف الثالث على ترتيب النظم الغازي وهو المراد في الآية بسبيل الله الحج كما ذهب إليه أحمد بن حنبل وابن الحاجب أفنصرف في المجاهدين وآلة الحرب وإن كانوا أغنياء على الأصح لا، التوضيح، ومقابل الأصح لعيسى بن دينار وإذا كان غنيا ببلده ومعه ماينفقه في غزوه فلا يأخذ منها

(تنبيه) لايعطي الغازي إلا في حال تلبسه بالغزو فإن أعطى له برسم الغزو ولو يغز استرد منه ماعليه اللخمي وغيره وفي إعطائها في إنشاء السور وهو المحيط بالبلد أو المركب قولان والمشهور المنع. الصنف الرابع العتق وهو المراد في الآية بالرقاب بأن يشتري الوالي أو من ولى زكاة نفسه بمال الزكاة رقيقا ويعتقه وولاؤه للمسلمين المواق وانظر هل يعمل القيمة لمملوكه ويعتقه عن زكاته نزلت هذه المسألة ووقع فيها نزاع قال ابن القاسم فان أعتق عن نفسه لم يجزه وعليه الزكاة ثانية لأن الولاء له قال اللخمى من اشترى رقبة عن زكاته ثم قال هي حرة عن المسلمين ولي ولاؤها كان ولاؤها للمسلمين وشرطه باطل وهو يجزيء عنه وإن قال هو حر عنى وولاؤه للمسلمين فقال ابن القاسم لايجزيء ويشترط في الرقيق الاسلام لأن الزكاة تقوية للمسلمين فلا يقوى بها كافر وفي شروط سلامته من العيب قولان: التوضيح عدم الاشتراط أظهر لأن المعيب أحوج للاعانة ابن رشد ولايجوز للرجل أن يعتق من زكاته مكاتبه ولا مدبره أو أم ولده، وقال أصبغ إن الذي رجع اليه مالك أنه يجزئه وأما فك الأسير منها فقال ابن بشير المشهور أنه لايجزيء وهو مذهب المدونة، وقال ابن حبيب يجزيء بل ذلك أحق وأولى من فك الرقاب التي بأيدينا/ ابن حارث لو أطلق أسير بفداء دين عليه أعطى من الزكاة اتفاقا لأنه غارم

(الصنف الخامس) العامل عليها وهو جابيها ومفرقها وإن كان غنيا إذ لو اشترط فيه الفقر لرجع إلى الصنفين الأولين فلا يشترط فقره لأنه يأخذ ذلك على وجه الاجرة وأجرته بقدر عمله ولا يستأجر بجزء منها كربع أو خمس لما في ذلك من الجهل بقدر الأجرة ومن فرق زكاة نفسه فلا يأخذ عن ذلك أجرا قاله أبو عمر فإن كان العامل فقيرا أخذ بالجهتين بجهة فقره وبجهة عمله، كما يرث الزوج إن كان ابن عم بالجهتين، قال ابن القاسم ولا يستعمل على الزكاة عبد ولا نصراني فإن فات ذلك أخذ منها ما

ص: 445

أخذ وأعطيا من غير الصدقة بقدر عنائهما/ ابن محرز ولايستعمل عليها امرأة ولاصبي اللخمي ولايستعمل عليها من كان من آل النبى لأن أخذها على وجه الاستعمال لايخرج عن أوساخ الناس وعن الاذلال في الخدمة الصنف السادس المدين وهو المراد في الآية بالغارمين فمن كان عليه دين لآدمى أدانه في مباح أعطى من الزكاة وفي إعطائها لمن عليه دين لغير آدمى كأن ترتب عليه في ذمته من زكاة أو كفارة قولان ابن عبد السلام والقياس أن لايعطى لأنها لاتقوى كدين الآدميين بدليل أنها لايحاص بها في الفلس وكذا من استدان في شرب الخمر وشبهه فلا يعان بالزكاة، فإن تاب فقولان الأقرب أنه يعطى لأن المنع كان لحق الله تعالى وهو مما تؤثر فيه التوبة وكذا لايعطى منها من استدان لأخذ الزكاة كما لو كان عبده مايكفيه فاتسع في الانفاق وأخذ الدين لأجل الزكاة ابن عرفة في صرفها في دين الميت قولان لابن حبيب ومحمد وهل يشترط في إعطائها للمدين أن يدفع مابيده من العين وما يفضل عن ثمن غير العين كما لو كان له دار وخادم يساويان ثلاثة آلاف وعليه ألفان ويمكن بيعها واستبدل دار وخادم بألفين فالمشهور أنه لايعطى حتى يبيعهما ويستبدل ويؤدي الألف الفاضلة قبل والصحيح عدم اشتراط ذلك لما يلزم عليه من تداخل حقيقة الفقير والغارم فإن لم يكن في ثمن غير المعين فضل فانه يعطى إن أعطى مابيده من العين على المشهور، ففي المدونة قال مالك من بيده ألف وعليه ألفان وله دار وخادم يساويان العين لا فضل فيهما أنه لايعطى من الزكاة إلا أن يؤدي الألف في دينه فتبقى عليه ألف فحينئذ يعطى ويكون من الغارمين اهـ فإن كان في ثمن غير العين فضل يغنيه لم يعط كما لو كان عليه ألفان وداره وخادمه يساويان أربعة آلاف فإنه يستبدل داراً وخادماً بألفين ويؤدي الفضل في دينه الصنف السابع المؤلفة قلوبهم واختلف فى المراد بهم على ثلاثة أقوال فقيل إنهم كفار يؤلفون بالعطاء ليدخلوا في الإسلام وقيل إنهم مسلمون حديثو عهد بالإسلام فيعطون ليتمكن من قلوبهم لأن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وقيل إنهم مسلمون لهم أتباع يعطون ليعطوا أتباعهم استئلافا لقلوبهم لينقادوا إلى الإسلام بالإحسان، والصحيح أن حكمهم باق، قال أبو محمد لايعطون إلا وقت الحاجة إليهم الصنف الثامن المسافر الغريب المحتاج المنقطع يدفع إليه كفايته ليستعين بذلك على التوصل لبلده أو على استدامة سفره إن كان غنيا ببلده ولايلزمه ردها إذا صار إلى بلده وهو المراد في الآية بابن السبيل، والحاج ابن السبيل وإن كان غنيا ببلده اللخمي يعطى ابن السبيل إذا لم يكن سفره في معصية، فإن كان مليئا ببلده ووجد من يسلفه ففي إعطائه قولان لابن القاسم ومالك في المجموعة اللخمي وقول ابن القاسم يعطي أحسن

ص: 446

فَصْلُ زَكاَةُ الْفِطَرِ صَاعُ وتَجِبْ

عَنْ مُسْلِمٍ وَمَنْ بِرِزْقِهِ طُلِبْ

وَمِنْ مُسْلِمٍ بِحلِّ عَيْشِ الْقَوْمِ

لِتُغْنِ حُراَّ مُسْلماً في الْيَوم

تعرض في هذا الفصل للكلام على زكاة الفطر فأخبر أن قدرها صاع وتقدم أنه أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام وأن حكمها الوجوب وأنها إنما تجب على المسلم يعني إذا قدر على أدائها وفهم من تعليق الوجوب على خصوص وصف الإسلام أنها لاتجب على كافر وأنه لافرق في المسلم بين كونه حراً أو عبداً ذكراً أو أنثى كبيراً أو صغيراً وهو كذلك وتجب عليه عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من زوجة أو أبوين أو أولاد أو رقيق إذا كانوا مسلمين ومن تلزمه نفقة غيره دون نفسه أخرج هو عن ذلك الغير وأخرج عنه المنفق عليه كزوجة غنية لها أبوان فقيران فتخرج عن أبويها ويخرج زوجها عنها إن كانت هي وأبواها مسلمين، وذلك كله داخل تحت قوله الناظم عن مسلم ومن برزقه طلب من مسلم أي يجب على المسلم عن نفسه وعمن طلب المسلم برزقه ممن ذكر إذا كان مسلماً أيضا وأنها تخرج من جل عيش القوم الذين وجبت عليهم ثم نبه على حكمه وجوبها فأمر باغناء الحر المسلم في اليوم يعني يوم الفطر وفي الكلام حذف تقديره بها عن السؤال ومراده أنها إنما تدفع للحر المسلم لتغنيه عن سؤال يوم العيد فقوله عن مسلم يتعلق بتجب وعن للاستعلاء بمعنى على حد قوله تعالى {فإنما يبخل عن نفسه} أي عليها وقوله ومن برزقه طلب عطف على مقدر أي تجب على المسلم عن نفسه وعمن طلب المسلم برزقه أي بنفقته ويحتمل أن يضمن تجب معنى تلزم ويكون من عطفا على مسلم أي تلزم زكاة الفطر عن المسلم وعمن طلب المسلم برزقه فيكون كقول التلقين زكاة الفطر تلزم الرجل عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من المسلمين من ولد صغير لا مال له أو كبير زمن وقوله من مسلم بيان لمن طلب المسلم برزقه والباء في قول بحل للتبعيض على حد عينا يشرب بها عباد الله أي منها أما كون قدرها صاعا فهو المعروف في جميع الأنواع التي تؤدي منها وقال ابن حبيب تؤدي من البر مدين لاصاعا للقباب وهذا الصاع هو كيل مدينة فاس في وقتنا بعض الشيوخ هو أن يغرف الإنسان أربع

حفنات بكلتا يديه انتهى

قيل لمالك أيؤدي بالمد الأكبر قال لا بل بمده عليه الصلاة والسلام فإن أراد خيراً فعلى حدة/ القرافي سداً لذريعة تغيير المقادير الشرعية

ص: 447

(فرع) إذا لم يقدر إلا على بعض الصاع فقال في الطراز ظاهر المذهب أنه يخرجه لقوله عليه الصلاة والسلام «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطعتم» وأما كونها واجبة فهو المشهور والشاذ إنها سنة وعلى الوجوب فالمشهور أنها واجبة بالسنة وقيل بالقرآن وعلى وجوبها بالقرآن فقيل بآية تخصها وهي قوله تعالى {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} وقيل بالعمومات وهل تجب بغروب الشمس من ليلة الفطر وهو مذهب ابن القاسم في المدونة اللخمي وعلى هذا القول تجب على من مات بعد الغروب وتسقط عمن ولد أو أسلم في ذلك الوقت وتكون في البيع على البائع دون المشتري وفي الطلاق على الزوج دون الزوجة وفي العتق على السيد دون العبد إذا كان البيع والطلاق والعتق بعد غروب الشمس اهـ وروى ابن القاسم عن مالك لاتجب على من هو من أهلها إلا بطلوع الفجر قال ابن رشد وهذا هو أظهر/ اللخمي وعلى هذا القول تجب على من كان حيا أو باع أو أعتق أو طلق بعد طلوع الفجر أو ولد أو أسلم قبل وتسقط عمن مات أو طلق أو أعتق أو باع قبل طلوع الفجر أو ولد أو أسلم بعد، وتكون الزكاة على المشتري والزوجة والعبد اهـ والمستحب إخراجها بعد طلوع الفجر وقبل الغدو إلى المصلى وفي المدونة وإن أداها قبل ذلك بيوم أو يومين فلا بأس ابن المواز ويوم الفطر أحب إلينا فإن أخرجها قبل الفطر بيومين فهلكت ففي إجزائها قولان وأما كون المخاطب المسلم القادر عليها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته ففي ابن الحاجب والمشهور وجوبها على من عنده قوت يومه معه وقيل لاتجحف به وقيل إنما تجب على من لايحل له أخذها وقيل على من لايحل له أخذ الزكاة اهـ وقال عبد الوهاب إذا كان لا يلحقه ضرر باخراجها من إفساد معاشه أو جوعه أو جوع عياله اهـ وفي المحتاج يجد من يسلفه قولان، وفي الرسالة وزكاة الفطر سنة فرضها رسول الله على كل كبير وصغير ذكر أو أنثى حر أو عبد من المسلمين صاعا من كل نفس بصاع النبى ويخرج عن العبد سيده والصغير الذي لا مال له يخرج عنه والده ويخرج الرجل زكاة الفطر عن كل مسلم تلزم نفقته وعن

ص: 448

مكاتبه وإن كان لاينفق عليه لأنه عبد له بعد ومن المدونة قال مالك ويؤديها الرجل عن كل من يحكم عليه بنفقته من الأحرار أو العبيد من المسلمين ولا يؤديها عن عبده أو امرأته أو أم ولده النصارى ومن لزمته نفقة أبويه لحاجتهما أدى زكاة الفطر عنهما اللخمي أو استأجر أجيراً بطعامه لم يلزمه إخراجها عنه اهـ وكذلك الزوج تخالع الزوجة على نفقة بنيها يؤدى إلى سقوط ذلك عن الأب شرعا لايلزمها أن تخرج عنهم زكاة الفطر قال أبو عمر قال مالك إنه لا زكاة على الرجل في أجيره لأنه لا تلزمه نفقته في الشرع والأصل أن صدقة الفطر لاتلزم إلا عمن تلزم نفقته في الشريعة لا من طريق التطوع ولا المعاوضة ونحوه للباجي وإذا لم تلزمه عمن تطوع الإنسان بالتزام نفقته كالربيب ولا عمن التزم نفقته لعوض من خدمة وغيرها كالأجير والأم المخالعة فأحرى أن لا يلزم عمن ينفق عليه تطوعا دون التزام ابن حبيب وأصبغ وابن عبد الحكم وابن الماجشون يؤديها عن زوجة أبيه الفقير وخادمها اللخمي ويؤديها عن خادمي أبويه الفقيرين إذا كانا لا غنى لهما عنهما ومن المدونة قال مالك ويؤديها عن خادم واحد من خدم امرأته التي لابد لها منها اهـ. وأما سرية عبده وعبد عبده فلا يخرج عنهما لا السيد ولا العبد قاله مالك في المدونة ويخرج الإنسان زكاة الفطر عن مكاتبه كماتقدم عن الرسالة وعن عبده الآبق إذا كان يرتجيه لقربه وعن عبده المبيع بخيار وعن أمته المبيعة على المواضعة إذا غشيهم الفطر قبل انقضاء أيام الخيار والاستبراء فنفقتهم وزكاة فطرهم على البائع وسواء رد من له الخيار البيع أو أمضاه والعبد المشترك بين اثنين أو أكثر يعطى كل واحد على قدر نصيبه في العبد والمعتق بعضه، يخرج من يملك بعضه قدر ما يملك منه ولاشيء على العبد في الجزء المعتق لأنه لازكاة عليه في ماله لبقاء أحكام الرق عليه كمنع شهادته وميراثه ونحوهما، ومن اشترى عبدا شراء فاسدا فجاء الفطر وهو عنده فنفقته وفطرته على المشتري لأن ضمانة منه يرده، قال جميع ذلك في المدونة ابن الحاجب وتجب على رب المال فى عبيد القراض وأما كونها من جل عيش أهل الموضع ففي ابن الحاجب والتوضيح مانصه: وقدرها صاع من المقتات في زمانه من القمح والشعير والسلت والزبيب والتمر والأقط والذرة والدخن والأرز وزاد ابن حبيب العلس وقال أشهب من الست خاصة فلو اقتيت غير ماذكر كالقطاني والتين والسويق واللحم واللبن فالمشهور تجزيء وفي إجزاء

ص: 449

الدقيق بذلك قولان ولبعضهم فيما تجب فيه زكاة الفطر كما ذكر ابن الحاجب

في البر والسلت والأرز يتبعه

زكاة فطركم والتمر والأقط

وفي زبيب وفي دخن وفي ذرة

وفي شعير وما في ذاك من غلط

والفاضل ابن حبيب زادنا علسا

فتلك عشر بلا نقص ولا شطط

ويخرج من غالب قوت البلد فإن كان قوته أفضل من قوت غالب البلد استحب له أن يخرج منه ويجزئه من قوت الناس وإن كان قوته دون قوت البلد لشح كلف أن يخرج من قوت البلد اتفاقا وإن كان لعسر أخرج منه وإن كان لعادة كالبدو يأكل الشعير بالحاضرة وهو مليء فقولان وأما كونها تذفع للحر المسلم ففي المدونة قال مالك لا يعطى منها أهل الذمة ولا العبيد/ اللخمي ولا أعلمهم يختلفون أنه لايعطى زكاة الفطر من يملك نصابا/ ابن عرفة في كون مصرفها فقير الزكاة أو عادم قوت يومه، نقل اللخمي وقول أبي مصعب وأما الأمر باغناء الحر المسلم فهو إشارة إلى قوله أغنوهم عن طواف هذا اليوم وهذه هي الحكمة في استحباب إخراجها يوم الفطر لاقبله كما تقدم لأنها إذا دفعت إليه قبله فقد يتصرف فيها لحاجته إليها قبل اليوم فينتفي المعنى المطلوب من اغنائهم فيه، وروى عن النبي أنه قال نزل قوله تعالى {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} في زكاة الفطر، ومعنى تزكى أخرج الزكاة وذكر اسم ربه في الخروج للمصلى ومعنى فصلى صلاة العيد

(فرع) إذا أداها أهل المسافر عنه وكانت تلك عادتهم أو أوصاهم أجزأه وإلا فلا تجزئه لفقد النية ويجوز له أن يخرج عن أهله إن لم يترك لهم مايؤدونها منه انظر ابن عرفة

(فرع) من المدونة لا بأس أن يعطى الرجل زكاة الفطر عنه وعن عياله لمسكين واحد واستحب مالك في رواية مطرف أن يعطى مسكيناً ماأخرج عن كل انسان من أهله قال في كتاب ابن المواز لو أعطى زكاة نفسه وحده لمساكين لم يكن به بأس

ص: 450