الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في إخراج الزكاة
قال أبناء الشيخ محمد، رحمهم الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
من حسين وإخوانه، إلى من يراه من المسلمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [سورة البينة آية: 5]، وقال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [سورة النور آية: 56]، وقال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [سورة التوبة آية: 103] . والزكاة فرضها الله على عباده في أموالهم، وهي أحد أركان الإسلام التي بني عليها؛ وأمر الله تعالى بقتل من لم يزك حتى يؤديها، قال الله تعالى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [سورة التوبة آية: 5]، وقال صلى الله عليه وسلم:" أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل " 1، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: " والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة; فالزكاة حق المال.
1 البخاري: الإيمان (25)، ومسلم: الإيمان (22) .
والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه ".
والآيات والأحاديث في وجوب الزكاة، وفي الوعيد الشديد فيمن لم يزك، كثيرة مشهورة، فمن ذلك: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} إلى قوله: {تَكْنِزُونَ} [سورة التوبة آية: 34-35] ، قال ابن عباس، رضي الله عنهما:" نزلت هذه الآية في مانعي الزكاة من المسلمين ". قال ابن عمر: " كل مال أديت زكاته فليس بكنْز، وإن كان مدفوناً، وكل مال لم تؤد زكاته فهو كنْز، وإن كان على وجه الأرض ". قال الله تعالى {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [سورة آل عمران آية: 180] .
في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جبهته وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد " 1، وفي الصحيح أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رزقه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع، له زبيبتان، يطوق به يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول: أنا مالك، أنا كنْزك، ثم تلا قوله تعالى: {وَلا
1 مسلم: الزكاة (987)، وأبو داود: الزكاة (1658) ، وأحمد (2/262، 2/383) .
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} الآية? " 1.
وقال ابن مسعود، في قوله تعالى:{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} الآية، قال:" لا يوضع دينار على دينار، ولا درهم على درهم، ولكن يوسع جلده، حتى يوضع كل دينار ودرهم في موضع على حدته ".
والله سبحانه - وله الحمد - وسع عليكم وأغناكم، وأعطاكم الكثير، وطلب منكم اليسير، ونفعه عائد إليكم، والله غني عنه، {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [سورة محمد آية: 38] . والزكاة سميت زكاة، لأنها تزكي المال وتنميه؛ فإخراجها سبب لزيادة المال، والبخل بها سبب لهلاكه، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما خالطت الزكاة مالاً قط إلا أهلكته "، والمال غربال، وفتنة، قال الله تعالى:{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة التغابن آية: 15-16] .
والموجب لما ذكرنا: أن بعض الناس لما نظرنا في حالهم، إذا عندهم أموال ما أخرجوا زكاتها، ولا وصل عامل الزكاة منهم شيء بالكلية، وبعض الناس غني وفي يده مال كثير، ولا أعطى العمال إلا القليل؛ والزكاة أمرها أمر عظيم 2.
1 البخاري: الزكاة (1403)، والنسائي: الزكاة (2482) ، وأحمد (2/355) .
2 آخر ما وجدناه.
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: عمن منع بعض زكاته، هل يثاب على ما أخرج
…
إلخ؟
فأجاب: وأما المانع لبعض الزكاة، فذكر الشيخ أنه يثاب على ما فعل، ويعاقب على ما ترك، إلا إن كان له تطوع يجبر نقص الفريضة، مستدلاً بالحديث:" أول ما ينظر فيه من عمل العبد: صلاته، فإن أكملها وإلا قيل: انظروا فهل له من تطوع؛ ثم يفعل بسائر الأعمال كذلك "1.
وقال أبناؤه: الشيخ إبراهيم، وعبد الله، وعلي: ومنها: أن من الناس من يمنع الزكاة، والذي ما يقدر على المنع يحبسها؛ والزكاة ركن من أركان الإسلام، واجب أداؤها إلى الإمام أو نائبه، على الأمر المشروع.
وقالوا في موضع آخر: وأما من ترك أداء الزكاة، فإن كان تحت قبضة الإمام أخذها منه قهراً، وفي حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أنها تؤخذ منه وشطر ماله، ولفظه:" ومن منعها، فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا "2. وأما إن كانوا طائفة ممتنعة، وقاتلوا الإمام على دفعها، فإنهم يكفرون، ويقاتلون، كما أجمع عليه الصحابة، رضي الله عنهم، ولهذا قال الصديق لعمر: " والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم على منعها "، فجعل المبيح للقتال مجرد المنع، لا جحد الوجوب. ولم ينقل عن الصحابة أنهم قالوا لأحد من مانعي الزكاة: هل أنت مقر
1 ابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (1425) .
2 النسائي: الزكاة (2444، 2449)، وأبو داود: الزكاة (1575)، والدارمي: الزكاة (1677) .
بوجوبها، أو جاحد لها؟ بل قاتلوهم لما امتنعوا من أدائها، وسموهم أهل الردة، وقاتلوا مقاتلتهم حتى رجعوا إلى الإسلام، وسمحوا بأدائها إلى أبي بكر رضي الله عنه.
وسئل أيضاً: الشيخ حسين، وعبد الله: ابنا الشيخ، رحمهم الله: هل للإمام طلب الزكاة من الأموال الباطنة؟
فأجابا: هذه المسألة اختلف فيها العلماء: فمنهم من يقول: للإمام أخذ الزكاة من الأموال الباطنة كالظاهرة، ويجب دفعها إليه؛ وهو قول مالك، وقول في مذهب أحمد. وأما الأموال الظاهرة، فيجب دفعها إلى الإمام العادل إذا طلبها؛ وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن الإمام أحمد. واتفقوا على أن للإمام طلب الزكاة من الأموال الظاهرة والباطنة، وإنما الخلاف في وجوب الدفع إليه، وهل يجزئ عن صاحبها إذا لم يدفعها إليه أو لا؟
سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: عن إخراج الإنسان زكاته، أو بعضها بنفسه؟
فأجاب: ذكر العلماء أنه لا يجوز أن يخرجها ولا بعضها، إذا كان الإمام عدلاً يضعها في أهلها، بل يجب دفعها إليه.
سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عن رجل مات وأخرج وكيله زكاة ماله
…
إلخ؟
فأجاب: للورثة تغريم الوكيل، لأن المال انتقل إلى الورثة بموت ربه، وأيضاً، فإخراج الزكاة يحتاج إلى نية من الموكل، وإذن للوكيل.
وأجاب أيضاً: صرحوا بأن الإنسان إذا دفع عمن لا تلزمه زكاته بإذنه صحت، وبغير إذن الحي لا تصح، وأطلقوا ذلك.
سئل الشيخ عبد الله بن محمد: عمن ادعى نقص الزرع أو الثمر عن الخرص؟
فأجاب: إذا نقص الزرع أو الثمر عن الخرص، فالذي يعمل به عندنا أن الذي لا يتهم في الزكاة، ويعرف بالديانة والأمانة، يصدق في دعواه، ومن لا فلا.
وأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن: قال صلى الله عليه وسلم: " لا تستحلفوا الناس على صدقاتهم "، وتابعه عمر، فمعنى الحديث - والله أعلم -: إذا كان العامل يظن له مالاً، فلا يحلفه على مجرد ظنه، وأما إذا عرف له مال وجحده، أو ادعاه لغيره ممن هو غائب، فالتهمة قائمة، فيجتهد العامل، إلا أن يكون موثوقاً به، يعرف منه الصدق والديانة، فلا يحلف؛ فالمسألة لها صور ثلاث، ولها صورة رابعة، وهي: ما إذا عرف أن هذا الذي في يده من المال ليس لغيره، فتؤخذ منه الزكاة على كل حال.
سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: هل تؤخذ الزكاة من خيار المال، أو من رديئه
…
إلخ؟
فأجاب: تؤخذ من أوساط المال، ولا تؤخذ من خياره، ولا من رديئه، فإن كان صاحب المال دفعها من خيار المال فحسن.
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب: عن العروض، هل تجزئ في الزكاة إذا أخرجت بقيمتها؟
فأجاب: المسألة فيها روايتان عن أحمد: إحداهما: المنع، لقوله:" في كل أربعين شاة: شاة، وفي مائتي درهم: خمسة دراهم " 1، وأشباهه. والثانية: يجوز، قال أبو داود: سئل أحمد عن رجل باع ثمر نخله؟ فقال: عشره على الذي باعه، قيل: يخرج ثمراً أو ثمنه؟ قال: إن شاء أخرج ثمراً، وإن شاء أخرج من الثمن. إذا ثبت هذا، فقد قال بكل من الروايتين جماعة، وصار نزاع فيها، فوجب ردها إلى الله والرسول؛ قال البخاري في صحيحه: باب العرض في الزكاة: وقال طاووس: قال معاذ لأهل اليمن: " ائتوني بعرض ثياب، خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة "، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" وأما خالد، فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله " 2، ثم ذكر في الباب أدلة غير هذا.
فصار الصحيح: أنه يجوز، واستدلال من منعه بقوله:
1 الترمذي: الزكاة (621)، وأبو داود: الزكاة (1568)، وابن ماجة: الزكاة (1798، 1805) ، وأحمد (2/14، 2/15)، والدارمي: الزكاة (1620، 1626) .
2 البخاري: الزكاة (1468)، ومسلم: الزكاة (983)، وأبو داود: الزكاة (1623) .
" في كل أربعين شاة: شاة " 1 وأمثاله، لا يدل على ما أراد، ولأن المراد نفع الفقراء وقد حصل، كما أنه صلى الله عليه وسلم لما أمر المستجمر بثلاثة أحجار، بل نهى أن ينقص عن ثلاثة أحجار، لم يجمدوا على مجرد اللفظ، بل قالوا: إذا استجمر بحجر واحد له ثلاث شعب أجزأه؛ ولهذا نظائر أنه يأمر بالشيء، فإذا جاء مثله أو أبلغ منه أجزأ.
وأجاب ابنه الشيخ عبد الله: أخذ العرض في الزكاة عن الدنانير، أو الدراهم والدنانير عن زكاة الحبوب، والتمر، أو عن زكاة الإبل والغنم، قد اختلف العلماء في ذلك: فذهب الحنفية وغيرهم إلى جواز ذلك، ووافقهم البخاري، فقال: باب العرض في الزكاة، وقال طاووس: قال معاذ لأهل اليمن: " ائتوني بعرض ثياب، خميص أو لبيس في الصدقة، مكان الشعير والذرة، أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة "، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" تصدقن ولو من حليكن "، فلم يستثن صدقة العرض من غيرها، فجعلت المرأة تلقي قرطها وسخابها، ولم يخص الذهب والفضة من العرض.
ثم ذكر حديث أنس في كتاب الصدقة، الذي كتبه أبو بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه:" هذه فريضة الصدقة، التي أمر الله ورسوله "، وفيه: " ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده، وعنده بنت لبون، فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين. فإن لم يكن عنده بنت مخاض على
1 الترمذي: الزكاة (621)، وأبو داود: الزكاة (1568)، وابن ماجة: الزكاة (1798، 1805) ، وأحمد (2/14، 2/15)، والدارمي: الزكاة (1620، 1626) .
وجهها، وعنده ابن لبون، فإنه يقبل منه وليس معه شيء " 1.
فاحتج البخاري، رحمه الله، بهذه الأحاديث والآثار، على جواز أخذ العرض في الزكاة، قال في شرح البخاري: قوله: "بعرض" ما عدا النقد، وقوله:"خميص" بفتح الخاء المعجمة وآخره صاد، بيان السابقة، أي: خميصة، قال الكرماني: كساء أسود مربع له علمان، والمشهور "خميس" بالسين، قال أبو عبيد: هو ما طوله خمسة أذرع، قوله:"أو لبيس" بفتح اللام وكسر الباء الموحدة، قيل: بمعنى: ملبوس، قوله:"هو أهون": أسهل عليكم، "وخير" أي: أرفق لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، لأن مؤنة النقل ثقيلة، فرأى الأخذ في ذلك خيراً من النقل؛ وهو موافق لمذهب الحنفية، في جواز دفع القيم في الزكاة، وإن كان المؤلف كثير المخالفة لهم، لكن قاده إليه الدليل; وهذا التعليق وإن كان صحيحاً إلى طاووس، لكنه لم يسمع من معاذ، فهو منقطع. نعم إيراد المؤلف له في معرض الاحتجاج، يقتضي قوته عنده؛ وقد حكى البيهقي عن بعضهم أنه قال فيه عن الجزية بدل الصدقة، فإن ثبت ذلك سقط الاحتجاج به، لكن المشهور الأول رواية الصدقة.
قوله: "خالد" أي: ابن الوليد، سيف الله، "واحتبس" أي: وقف، وحبسته واحتبسته بمعنى واحد، "وأعتده" بضم الفوقانية، جمع العتاد، وهو: آلة الحرب. فإن قلت كيف
1 البخاري: الزكاة (1448)، والنسائي: الزكاة (2447، 2455)، وأبو داود: الزكاة (1567)، وابن ماجة: الزكاة (1800) ، وأحمد (1/11) .
دلالته على الترجمة؟ قلت: معناه لولا وقفه لهما لأعطاهما في وجه الزكاة، ولما صح صرفهما في سبيل الله وقفاً، صح صرفهما زكاة، لأنها أيضاً سبيل الله، لأن سبيل الله أحد مصارفه الثمانية المذكورة في قوله:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [سورة التوبة آية: 60]، قال النووي: إنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده، ظناً منهم أنها للتجارة، فقال لهم: لا زكاة لكم علي، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن خالداً منع الزكاة فقال: إنكم تظلمونه، لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول، فلا زكاة فيها. ويحتمل أن يكون المراد: لو وجبت عليه زكاة لأعطاها، لأنه قد وقف أمواله متبرعاً، فكيف يشح بواجب عليه؟
قال: وفيه دليل صحة وقف المنقول، وبه قالت الأمة بأسرها إلا بعض الكوفيين. قوله:"بنت مخاض" بفتح الميم والخاء والضاد المعجمتين: الأنثى من الإبل، وهي التي تم لها عام. فإن قلت: فما وجه دلالته على الترجمة؟ قلت: ليستدل عليه من حيث جواز إعطاء سن من الإبل، بدل سن آخر، ولما صح إعطاء العامل الجبران، صح العكس أيضاً؛ ولما جاز أخذ الشاة بدل تفاوت سن الواجب، جاز أخذ العرض بدل الواجب.
إذا تقرر هذا، فاعلم أن مذهب الأئمة الثلاثة، مالك والشافعي وأحمد، على أن إخراج قيمة الزكاة لا يجوز، ولا
يجزي؛ قال في الفروع: ولا يجزي إخراج قيمة الزكاة طائعاً، وفاقاً لمالك والشافعي، أو مكرهاً خلافاً لمالك، لقوله عليه السلام لمعاذ:" خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر " 1، رواه أبو داود وابن ماجة، وفيه انقطاع.
والحيوانات المقدرة في خبر الصديق الذي رواه البخاري وغيره، يدل على أن القيمة لا تشرع، وإلا كانت عبثاً، وكسمينة عن مهزولتين، وكالمنفعة، وكنصف صاع جيد عن صاع رديء، أو نصف صاع تمر عن صاع شعير مثله في القيمة وفاقاً لهم، مع تجويز المخالف ثوباً ثمن الإطعام في الكفارة بطريق القيمة، وكعدوله من السجود الواجب إلى وضع الخد، أو عن الركوع، إليه، وإن كان أبلغ في الحضور، أو عن الأضحية إلى الضعفاء قيمتها؛ وعنه: تجزي القيمة وفاقاً لأبي حنيفة، وعنه: في غير زكاة الفطر، وعنه: تجزي للحاجة أو مع تعذر الفرض ونحوه؛ نقلها وصححها جماعة.
وأجاب أيضاً: الذي عليه أكثر أهل العلم: عدم الجواز، وهو الذي يفتي به عندنا؛ اللهم إلا أن يكون ذلك من حاجة، بأن لا يوجد الفرض المقدر في الشرع، فهنا يتوجه القول بجواز ذلك.
وقال أيضاً: وقولكم إن الله ورسوله سنوا زكاة المواشي منها، وأنتم تأخذون من رب المال، فنقول: أما أخذ القيمة
1 النسائي: الزكاة (2450، 2451، 2452، 2453)، وأبو داود: الزكاة (1599)، وابن ماجة: الزكاة (1803، 1814) .
في الزكاة فقد اختلف العلماء فيها: فمنعها بعضهم وأمر بأخذ الزكاة من كل صنف من المال، وأجاز ذلك بعضهم، واحتج بما ذكره البخاري في صحيحه: أن معاذ بن جبل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من أهل اليمن قيمة الصدقة، وقال:" ذلك أهون عليكم، وخير لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة "، وقد بوب البخاري على ذلك في كتاب الزكاة، واحتج عليها بأحاديث صحيحة تدل عنده على الجواز.
وأجاب الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: أخذ الزكاة دراهم عن ثمرة النخل إذا بيعت، أكثر العلماء لا يجيزونه، وأجازه شيخ الإسلام وهو إمام جليل.
وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن علي: المشهور في المذهب: أنه لا يجزئ إخراج القيمة، وهو مذهب الشافعي، وفي رواية يجزئ إذا كان أنفع لأهل الزكاة؛ وهذا قول مالك، وأبي حنيفة؛ والقول بالإجزاء عند عدم العين وسط بين القولين.
[نقل الزكاة من بلد إلى بلد]
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب: عن نقلها؟
فأجاب: الذي نفهم أن الذي نقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الزكاة، زكاة البادية، وأما زكاة القرى، فيذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ما نقلها هو ولا أصحابه، إلا إذا لم يجدوا في أهل البلد من
يستحق؛ لكن في وقتنا نقلها للمصلحة، وأظن أن الشيخ تقي الدين اختار جواز ذلك للمصلحة.
وأجاب ابنه عبد الله: والزكاة تدفع إلى أهل البلد الذي فيه المال، وإذا دفع مال إلى أحد مضاربة وحال عليه الحول، والمال بيد المضارب، ببلد غير بلده، فالذي وقفنا عليه من كلام أهل العلم، أنه متى أخرجها أجزأت، سواء كان بنفسه في بلده أو المضارب؛ ونرجو أن ذلك يجزئه إن شاء الله تعالى.
وأجاب أيضاً: إذا كان ببلد وله مال ببلد آخر، فإنه يخرج زكاة كل مال في بلده أحوط، لا سيما إن كان المال الخارج من الأرض.
وأجاب أيضاً: وأما نقل الزكاة من بلد إلى بلد، فبعض العلماء يرى جواز ذلك، لأجل المصلحة إذا رآه الإمام؛ وهو الذي نعمل عليه. وأما ذكر السائل: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فلا نعرفه من وجه صحيح. وأما قول السائل: إنه ذكر في الخبر أنه جاءته صدقة خراسان، فلم أر لهذا أصلاً.
وأجاب الشيخ سعيد بن حجي: إذا كان في بلد وماله
في آخر، أخرج زكاة المال في بلده، أي المال؛ نص عليه، لأن المال سبب الزكاة.
وأجاب الشيخ عبد الله أبا بطين: وأخوك يجوز إعطاؤه، ولكن نقلها في هذه المسافة فيه اختلاف بين العلماء، وأرجو أن القول بجوازه للقريب ونحوه صواب، وأرجو أنه لا بأس إذا أرسلت إليه شيئاً من الزكاة أو لعياله.
وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف، ومحمد بن إبراهيم:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد اللطيف، ومحمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف، إلى جناب الأخ الحبيب: عبد الرزاق الطبيب، سلك الله بنا وبه الصراط المستقيم، وجنبنا وإياه أهل الجحيم، آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فما سألت عنه فهذا جوابه:
أما مشروعية إخراج الزكاة وصرفها في بلدها، فلا إشكال فيه، لما روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: ?" إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله؛ فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم
وليلة. فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم: أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم. فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم! واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " 1.
والضمير في قوله صلى الله عليه وسلم: " وترد على فقرائهم " عائد على المذكور في صدر الحديث، وهو قوله:" قوماً من أهل الكتاب "، فإن المسلمين لم يجر لهم ذكر في صدر الحديث حتى يقال: يعود الضمير إليهم.
ومما يدل على هذا أيضاً: ما رواه الترمذي من حديث أبي جحيفة، وقال: حديث حسن، قال:? " قدم علينا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الصدقة من أغنيائنا، فجعلها في فقرائنا، فكنت غلاماً يتيماً، فأعطاني منها قلوصاً "; وروى أبو داود، وابن ماجة عن عمران بن حصين:" أنه استعمل على الصدقة، فلما رجع قيل له: أين المال؟ قال: أو للمال أرسلتني؟ أخذناها من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعناها حيث كنا نضعه ".
وأما نقلها: فمنعه الجمهور، لما تقدم، وجوزوه إذا استغنى عنها أهل بلدها، أو فضل شيء عن كفايتهم، جمعاً بين الأخبار؛ بل جوزه المحققون أيضاً، لرجحان الحاجة، وهو المعمول به عندنا، وفيه - كما لا يخفى - أيضاً جمع بين الأخبار المذكورة، والأخبار الدالة على النقل; فإنه قد علم
1 البخاري: الزكاة (1496)، ومسلم: الإيمان (19)، والنسائي: الزكاة (2435)، وأبو داود: الزكاة (1584) ، وأحمد (1/233)، والدارمي: الزكاة (1614) .
بالضرورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستدعي الصدقات من الأعراب إلى المدينة، ويصرفها في فقراء المهاجرين والأنصار.
وقد جوز نقلها مطلقاً: الليث بن سعد، وأبو حنيفة، وأصحابهما، ونقله ابن المنذر عن الشافعي واختاره، وهو ظاهر صنيع البخاري، رحمه الله تعالى، في صحيحه، وهو رواية عن أحمد؛ لكن الصحيح ما تقدم. وأما الأحاديث التي ذكرت: فما يدل منها على النقل، فمحمول على الاستغناء عنها، وأنه شيء فاضل عن كفاية أهل البلد، أو لرجحان حاجة فقراء المهاجرين والأنصار، جمعاً بينها وبين ما تقدم.
وأما تأثيم صاحب الروض المربع، لمن نقلها فوق مسافة قصر، فهو بناء على أن النقل المذكور محرم، ولا ريب في تأثيم فاعل المحرم، مع أن تحديد مسافة النقل المختلف فيه بمسافة القصر لا دليل عليه، كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، واختار تحديده بالإقليم.
وأما مصرف الزكاة، فالرب سبحانه وتعالى، هو الذي تولى قسمها بنفسه، قال تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة آية: 60] .
فجعلها تعالى لهؤلاء الثمانية، فإن "إنما" للحصر، وهي تثبت المذكور، وتنفي ما عداه، كقوله تعالى:{إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [سورة النساء آية: 171]، فإن معناه: لا إله إلا الله؛ فيكون معنى الآية: ليست الصدقات إلا للفقراء والمساكين
…
إلى آخرها. وقد ذكر بعض العلماء الإجماع على ذلك، إلا ما روي عن أنس، والحسن: أنها تجعل في الجسور; والصحيح الأول، للآية الكريمة.
وأما جبايتها وتفرقتها، فإلى الإمام إذا طلب ذلك؛ ويجب عليه صرفها مصارفها الشرعية، كما يدل على جميع ذلك ما تقدم من الأخبار؛ فإن فعل فهو المتعين عليه شرعاً، وإن خالف أثم، وبرئت ذمة الدافع إليه من عهدة الزكاة، وأجزأت في حقه.
وأما الجهاد، فإن الله تعالى أوجبه على جميع العباد بأنفسهم وأموالهم وألسنتهم؛ والنصوص من الآيات والأحاديث على فرضية الجهاد كثيرة تدل على وجوب الجهاد في الأموال، وهو حق آخر غير حق الزكاة، ثم ما يصير إلى الإمام من الأموال الأخر، غير الزكاة هي في المصالح؛ ومن المعلوم أن أهمها وأعظمها: أمر الجهاد، كما يعلم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه الراشدين. والمقصود: أن الجهاد ليس هو مصرف الزكاة.
وأما الفقير والمسكين، فقيل: إنهما وصفان لموصوف
واحد، وقيل: بتغاير موصوفيهما وهو أشهر؛ فقيلك المسكين أشد حاجة من الفقير، وقيل: العكس، وهو أظهر، فإن الفقير أشد حاجة، فإنه من لا يجد الكفاية، والمسكين من لا يجد تمام الكفاية.
ومما يدل على ذلك: الاشتقاق، فإن الفقير: فعيل بمعنى: مفعول، من الفقر، وهو انقطاع الظهر، فكأنه لشدة فاقته قد انقطع ظهره. وأما المسكين فهو مفعيل من السكون وهو عدم الحركة، فكأنه لحاجته، وعدم ما يتصرف فيه بقي لا حركة له. ومن المعلوم أن الأول، وهو انقطاع الظهر يستلزم الثاني، وهو السكون وترك الحركة، بخلاف العكس.
ومما يدل عليه أيضاً: البداءة بالفقير في الآية؛ والقرآن نزل بلغة العرب، وهم إنما يبدؤون بالأهم، قال سيبويه: العرب لا يبدؤون إلا بما هم به أعنى وبشأنه أهم.
وهذا الفرق إنما هو عند اقتران الاسمين كما في آية الصدقات، وأما إذا أفرد أحدهما فإنه يدخل فيه الآخر، كقوله:{وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ} [سورة البقرة آية: 271] ، فإنه يدخل فيه المسكين، وكقوله:{أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [سورة البلد آية: 16] ، فإنه يدخل فيه الفقير؛ ولهذا نظائر، كالإسلام والإيمان، وغير ذلك مما يختلف مدلوله بالاقتران والانفراد.
وأما مسألة إرسال زكاة مالك إلينا بخصوصها، فاعلم،
وفقنا الله وإياك: أنا لا نعلم أحداً شرقاً ولا غرباً، تجب طاعته وإمامته، وتجب دفع الزكاة إليه، إلا هذا الإمام، الذي أقام الله تعالى به علم الجهاد، وكبت به أهل البغي والعناد، ونشر به علم السنة النبوية، وطمس به جميع الأوثان الشركية، والبدع المخالفة للشريعة المحمدية، ونصر الله به الموحدين، وانتشرت في ولايته كتب العلماء المحققين.
فنسأل الله أن يمتع المسلمين ببقائه، ويثبته على الدين القويم، وينصر به شريعة هذا النبي الكريم؛ وصلى الله على عبده ورسوله النبي الأمي الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، آمين.
[حكم تأخير الزكاة]
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب: عن تأخيرها؟
فأجاب: وأما تأخير الزكاة فلا يجوز، ومن استدل بحديث:" هي علي مثلها " 1، فقد أخطأ خطأ ظاهراً: الأول: أن الحديث لا يدل على المسألة المسؤول عنها، هل يحل لصاحب المال تأخير الزكاة عن وقتها لحاجة أو غيرها؟ والمسألة التي قال بعض أهل العلم إن الحديث يدل عليها ليست هذه، بل إذا أراد الإمام أو الساعي أن يؤخر الزكاة لمصلحة؛ وهذه المسألة غير الأولى، والدليل على هذا: أن أحمد سئل عن تأخير الزكاة، فمنعه.
وسئل عن الساعي إذا أراد تأخيرها في سنة مجدبة،
1 البخاري: الزكاة (1468)، ومسلم: الزكاة (983)، والترمذي: المناقب (3761)، والنسائي: الزكاة (2464)، وأبو داود: الزكاة (1623) .
فرخص له واستدل بفعل عمر، مثال ذلك والي اليتيم إذا قيل إنه يجوز لوليه بيع عقاره لمصلحة، هل يحل لأحد أن يستدل بهذه المسألة، إذا كان عنده ليتيم دار أو أرض، فأراد أن يعطي اليتيم أو الولي عنها لمصلحة المعطى، هل يقول أحد إن هذا جائز؟ ولو استدل على ذلك بجواز بيع وليه عقاره لمصلحة، لعده الناس ضحكة.
فينبغي لطالب العلم أن يتفطن لصورة المسألة، في الدليل الذي يدل عليها، ويجيل نظره في ذلك؛ فإن كثيراً من الأغاليط وقعت في مسائل واضحة جداً. وتستدل بشيء من القرآن وهو لا يدل على ذلك، كما فعله الرافضة والقدرية والجهمية وغيرهم، وقال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [سورة آل عمران آية: 7] .
وأجاب ابنه الشيخ عبد الله: وأما تأخير الزكاة إلى أجل معلوم، فإن رأى العامل في ذلك مصلحة جاز له فعله.
وأجاب بعضهم، رحمه الله: وأما من عليه زكاة وسافر قبل أن يخرج زكاته، فلا يجوز بيع شيء من ماله؛ هذا دين في ذمته إذا جاءكم، وأرى لكم التأني إذا صار غائباً حتى يحضر.
سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عمن يدفعه أهل الثمار للعمال؟