الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب: أما الذي يهدى للعمال إن دفع ذلك دفعاً لظلمهم، فلا بأس إن شاء الله تعالى.
فصل [في مصرف الزكاة]
سئل الشيخ عبد الله بن محمد: عن مصرف الزكاة؟
فأجاب: وأما مصرف الزكاة، فعلى ثمانية أصناف: ذكرها الله في كتابه في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة التوبة آية: 60] .
وأجاب أيضاً: وأما قسمة الصدقات المفروضة، فقد قسمها سبحانه في ثمانية أصناف، لا يجوز صرفها إلى غيرهم، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء؛ لكن اختلفوا هل المراد أنها تقسم بين الأصناف الثمانية بالسوية، كما يقسم الميراث بين أهله؟ أو أنه لا بد من تعميم الأصناف الثمانية؟ أو المراد بذلك بيان المصرف، وأنها لا تصرف إلى غير هؤلاء؟ أو أنه يجوز صرفها إلى بعض الأصناف دون بعض بحسب الحاجة والمصلحة؟
فذهب الشافعي إلى أنه يجب استيعاب الأصناف الثمانية، وذهب الجمهور إلى جواز عدم التعميم، واحتجوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وبقوله:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [سورة البقرة آية:
271] ، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ:" تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " 1؛ فلم يذكر في الآية والخبر إلا صنفاً واحداً. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بني زريق أن يدفعوا صدقتهم إلى سلمة بن صخر; وقال لقبيصة: " أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها " 2، ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز صرفها إلى واحد؛ ولهذا قال الجمهور بجواز صرفها إلى صنف واحد، وهو مروي عن عمر، وحذيفة، وابن عباس؛ وبه يقول سعيد بن جبير والحسن وعطاء، وإليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي؛ وهو مذهب الإمام أحمد.
وأجاب سعيد بن حجي: اعلم أن الله حصر الزكاة في ثمانية أصناف، بقوله:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية [سورة التوبة آية: 60]، وهذا إجماع؛ قال الموفق وغيره من الحنابلة: وأربعة يأخذون أخذاً مستقراً لا يرجع عليهم بشيء: الفقراء، والمساكين، والعاملون، والمؤلفة، لأنهم ملكوها ملكاً مستقراً، وأربعة يأخذون أخذاً مراعىً: الرقاب، والغارمون، والغزاة، وابن السبيل، إن صرفوه فيما أخذوا له، وإلا استرجع منهم؛ فقد علمت أن الأربعة المتقدمة يملكون ما أخذوه من الزكاة، فعلى هذا يملكون جميع التصرفات فيه، ولا يحرم على غيرهم ما أخذه منهم هبة أو صدقة أو نحوها.
وسئل بعضهم: ما قولكم، رحمكم الله، في الزكاة، هل يجوز صرفها إلى بعض الأصناف الثمانية المذكورين في الآية؟
1 البخاري: الزكاة (1496)، ومسلم: الإيمان (19)، والترمذي: الزكاة (625)، والنسائي: الزكاة (2435)، وأبو داود: الزكاة (1584)، وابن ماجة: الزكاة (1783) ، وأحمد (1/233)، والدارمي: الزكاة (1614) .
2 مسلم: الزكاة (1044)، والنسائي: الزكاة (2579)، وأبو داود: الزكاة (1640) ، وأحمد (3/477، 5/60)، والدارمي: الزكاة (1678) .
وقد قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية [سورة التوبة آية: 60] ، و"إنما" تأتي للحصر، فبينوا لنا، رحمكم الله.
فأجاب: نقول وبالله التوفيق: قد اختلف العلماء في كيفية قسم الصدقات، وفي جواز صرفها إلى صنف واحد مع وجود الأصناف الثمانية: فذهب جماعة، منهم الإمام الشافعي، إلى أنه لا يجوز صرفها إلى بعضهم مع وجود سائر الأصناف؛ وأقل ما يعطى من الصنف ثلاثة، فإن لم يجد إلا واحداً صرف حصة ذلك الصنف إليه.
وذهب جماعة إلى أنه لو صرف الكل إلى صنف واحد من هذه الثمانية، أو إلى شخص واحد، جاز، وقالوا: إنما سمى الله الأصناف الثمانية إعلاماً أن الصدقة لا تخرج عن هذه الأصناف، لا إيجاباً لقسمها بينهم؛ وهو قول الخليفة عمر بن الخطاب، وابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وعطاء، وإليه ذهب سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه. وبه قال الإمام أحمد، قال: يجوز أن يضعها في صنف واحد، ذكره البغوي في تفسيره، وذكره في كتاب الرحمة.
وقد قال مجد الدين بن تيمية في كتاب منتقى الأخبار، باب براءة رب المال بالدفع إلى السلطان، مع العدل والجور: عن أنس " أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ قال: نعم "1.
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها ستكون
1 أحمد (3/136) .
بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم فما تأمرنا؟ قال تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم " 1، رواه البخاري ومسلم، وأحمد. وعن وائل بن حجر، قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يسأله، فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا، ويسألونا حقهم؟ فقال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم " 2، رواه مسلم، والترمذي. ويروى: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسلمة بن صخر: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق، فقل له، فليدفعها اليك " 3، انتهى كلامه. وأول هذه الأحاديث تدل على جواز دفعها إلى صنف واحد، والله أعلم.
سئل الشيخ عبد الله بن محمد: عن الغنى المانع من أخذ الزكاة، ما حَدُّه؟
فأجاب: الظاهر أن الغني ما عده الناس غنياً، فإذا كان عنده ما يكفيه جميع سنته فيما يحتاج إليه، فهو غني في سنته، فإن احتاج بعد ذلك جاز له الأخذ.
وسئل: عمن أعطي من الزكاة أو بيت المال؟
فأجاب: إن كان غنياً لم يجز له أن يأخذ من الزكاة، وأما بيت المال، مثل الخمس، والفيء، وهو: ما حصل بغير قتال، فهذا لا بأس أن يأخذ الغني ما أعطي منه بلا سؤال ولا إشراف.
1 البخاري: المناقب (3603)، ومسلم: الإمارة (1843)، والترمذي: الفتن (2190) ، وأحمد (1/384، 1/386، 1/428، 1/433) .
2 مسلم: الإمارة (1846)، والترمذي: الفتن (2199) .
3 الترمذي: تفسير القرآن (3299)، وأبو داود: الطلاق (2213)، وابن ماجة: الطلاق (2062)، والدارمي: الطلاق (2273) .
وسئل: عن الكفاية؟
فأجاب: نص أحمد في رواية الميموني، قال: ذاكرت أبا عبد الله: يكون للرجل الإبل والغنم، تجب فيها الزكاة، وهو فقير، ويكون له أربعين شاة، وتكون له الضيعة لا تكفيه، فيعطى من الصدقة؟ قال: نعم، وذكر قول عمر:" أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا "، فقلت: فلذا قدر من العدد أو الوقت؟ قال: لم أسمعه; وقال في رواية ابن الحكم: إذا كان له عقار يستغله، أو ضيعة تساوي عشرة آلاف، أو أقل أو أكثر لا تقيمه، يأخذ من الزكاة؛ وذلك لأنه لا يملك ما يغنيه، ولا يقدر على كسب ما يكفيه، فجاز له الأخذ من الزكاة، لأن الفقر عبارة عن الحاجة؛ ولا يقال: هذا لو بيع عقاره صار غنياً، لأن بيع العقار الذي يحتاج إلى غلته لا يلزمه، وكذلك الغنم التي يحتاج إليها، وكذلك سواني الكد ودوابه، وعروض القنية التي يحتاج إليها، فكل ذلك لا يمنع من أخذ الزكاة مع الحاجة. وأما الأثمان، فإذا ملك منها ما يكفيه، لم تبح له الزكاة كما إذا كان له غلة نخل أو أرض تكفيه لا تباح له الزكاة.
وقال في المغني: اختلف العلماء في الغنى المانع من أخذها، ونقل عن أحمد فيه روايتان: أظهرهما: أنه ملك خمسين درهماً أو قيمتها من الذهب، أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام في مكسب وتجارة، أو أجر عقار ونحو
ذلك؛ ولو ملك من العروض، أو الحبوب، أو السائمة، أو العقار ما لا يحصل به الكفاية لم يكن غنياً، وإن ملك نصاباً؛ هذا الظاهر من مذهبه، وهو قول الثوري والنخعي، وابن المبارك وإسحاق.
والرواية الثانية: أن الغنى ما تحصل به الكفاية، فإذا لم يكن محتاجاً حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئاً، وإن كان محتاجاً حلت له الصدقة وإن ملك نصباً؛ والأثمان وغيرها في هذا سواء، وهذا قول مالك والشافعي. وقال أصحاب الرأي: الغنى الموجب للزكاة هو المانع من أخذها، وهو ملك نصاب تجب فيه الزكاة من الأثمان، وعروض التجارة أو السائمة. انتهى ملخصاً.
وأما إمام المسجد الذي يصلي به ويقوم به، فإنه يعطى من الزكاة إذا كان فقيراً، وإن كان غنياً فلا يجوز له الأخذ من الزكاة.
وسئل أيضاً: عن القاضي وإمام المسجد، هل يجوز لهما الأخذ من الزكاة؟ فأجاب: لا يجوز لهما الأخذ من الزكاة لأنهما ليسا من أهلها.
وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن علي: الغنى المانع من أخذ الزكاة: وجود ما تحصل به الكفاية، كاملة على الدوام، من مكسب أو تجارة أو أجرة عقار. فإذا ملك
من ذلك ما لا تحصل به الكفاية كاملة لم يكن غنياً، فجاز أن يعطى من الزكاة تمام كفايته. انتهى.
وسئل الشيخ علي بن حسين بن محمد، رحمهم الله: هل في كتب المذهب جواز الأخذ من الزكاة مع الغنى لمن قام بمصلحة عامة، كالقضاء ونحوه؟ أم ليس إلا عموم، كما في رواية عن أحمد: أن طلب العلم داخل في الجهاد؟
فأجاب: أكثر أهل العلم على المنع من الأخذ مع الغنى عموماً، أما مع التخصيص فلم أجد لأهل المذهب تصريحاً في الأخذ مع الغنى، غير عموم الأخذ من بيت المال وإن كثر، والأخذ من الزكاة لمن له الأخذ منها بقدر الكفاية. وأما قياسه على الجهاد، وأنه نوع منه، وأن للغازي الأخذ من الزكاة مع الغنى، والغازي مخصوص في الآية الكريمة، وهو الثامن، وليس فيه تصريح بجواز الأخذ مع الغنى لغير الغازي، إلا بفهم عمومات، كالقياس على الغازي والعامل والغارم مع الغنى.
قال القرطبي في تفسيره، عند قوله تعالى:{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [سورة التوبة آية: 60] : إن العامل عطل نفسه لمصلحة الفقراء، فكانت كفايته وكفاية أعوانه في مالهم، كالمرأة لما عطلت نفسها لحق الزوج، كانت نفقتها ونفقة أتباعها من خادم أو خادمين على زوجها. ولا يقدر رزق عامل بالثمن، بل تعتبر الكفاية، ثمناً كان أو أقل أو أكثر، كرزق القاضي. وقال في موضع آخر:
دل قوله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [سورة التوبة آية: 60] على أن كل ما كان من فروض الكفاية، كالساعي والكاتب والقاسم والجابي وغيرهم، فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه. ومن ذلك الإمامة، فإن الصلاة وإن كانت متوجهة على جميع الخلق، فإن تقدم بعضهم بهم من فروض الكفاية، ولا جرم أنه يجوز له الأخذ عليها؛ وهذا أصل الباب، وإليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة " 1، قاله ابن العربي. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:" لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة: العامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى لغني " 2؛ فيفهم منه: أن من كان قائماً بمصلحة عامة من مصالح المسلمين، كالقضاء، والإفتاء، والتدريس، أن له الأخذ بما يقوم به مدة القيام بالمصلحة وإن كان غنياً، ذكر ذلك بعض شراح الحديث. وقد بوب البخاري، رحمه الله، فقال: باب رزق الحكام والعاملين عليها. والله أعلم بالصواب. انتهى.
وقال أبناء الشيخ إبراهيم، وعبد الله وعلي، رحمهم الله تعالى: وبعض الأمراء يأخذ جميع الزكاة، ولا يعطي المساكين منها، والإمام يأمره بإعطاء كل ذي حق حقه، ويعصي ويعمل على رأيه؛ والزكاة تولى الله قسمها في كتابه،
1 البخاري: الوصايا (2776) وفرض الخمس (3096) والفرائض (6729)، ومسلم: الجهاد والسير (1760، 1761)، وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (2974) ، وأحمد (2/242، 2/376، 2/463)، ومالك: الجامع (1871) .
2 أبو داود: الزكاة (1635)، وابن ماجة: الزكاة (1841) ، وأحمد (3/56)، ومالك: الزكاة (604) .
وجزأها ثمانية أجزاء، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب.
وسئل أيضاً: الشيخ عبد الله: هل سؤال ولي الأمر داخل في السؤال المذموم؟
فأجاب: الذي عليه كثير من العلماء: أن الإنسان إذا كان له حق في بيت المال أو الزكاة، فلا بأس بكونه يسأل حقه من ولي الأمر، ولا يصير من السؤال المذموم، إن شاء الله تعالى.
وسئل عن الرجل يذكر لولي الأمر بعض أهل الحاجة، هل يجوز؟
فأجاب: هذا من الشفاعة المأمور بها في قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً} [سورة النساء آية: 85]، وقوله عليه السلام:" اشفعوا تؤجروا "1.
وسئل الشيخ حمد بن ناصر: عن سؤال إمام المسجد المعاونة من الفيء والزكاة؟
فأجاب: السؤال من حيث هو مذموم إلا في حال الاضطرار، لكن إن كان السؤال من الفيء فهو أخف، لأن الفيء للمسلمين غنيهم وفقيرهم، وما من أحد من المسلمين إلا وله فيه نصيب؛ فإذا سأل الإنسان نصيبه من الفيء لم ينكر عليه. وأما إن كان السؤال من الزكاة، فإن كان السائل غنياً
1 البخاري: الزكاة (1432)، ومسلم: البر والصلة والآداب (2627)، والنسائي: الزكاة (2556)، وأبو داود: الأدب (5131) ، وأحمد (4/400، 4/413) .
فهو حرام، ولا تحل له الزكاة، بل لو جاءته من غير سؤال لم تحل له، إلا إن كان من الخمسة المذكورين في الحديث; وذلك لأن الله تعالى قسمها بنفسه، ولم يرض فيها بقسم نبي ولا غيره; وفي الحديث:" لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي "1.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عن قول شارح بلوغ المرام، على قوله:" أو غاز في سبيل الله " 2، ويلحق به من كان قائماً بمصلحة عامة
…
إلخ؟
فأجاب: لم أقف على شيء من كلام أئمتنا يعضد هذا المأخذ ويومي إليه، وغاية ما رأيته ما قد أشرت إليه، من قول شيخ الإسلام، ونصه في الاختيارات: ومن ليس معه ما يشتري به كتباً يشتغل فيها، يجوز له الأخذ من الزكاة ما يشتري به ما يحتاج إليه من كتب العلم، التي لا بد لمصلحة دينه ودنياه منها. انتهى كلامه، والله أعلم.
سئل الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف: هل يجزي دفع الزكاة في الجهاد الذي يؤخذ من الناس اليوم؟
فأجاب: لا يجزئ، لأنه حينئذ يكون واقياً بها ماله، بمنْزلة ما لو دفع زكاته عما وجب عليه من النفقة للأقارب ونحوهم؛ والزكاة حق مستقل، والجهاد حق آخر. وقد تولى
1 الترمذي: الزكاة (652)، وأبو داود: الزكاة (1634) ، وأحمد (2/192)، والدارمي: الزكاة (1639) .
2 أبو داود: الجهاد (2489) .
الرب سبحانه قسمة الزكاة وحصرها في الثمانية الأصناف، فلا يجوز صرفها في غيرهم؛ لكن لو دفع الزكاة إلى الغزاة المتطوعة، الذين لا ديوان لهم ليأكلوها في حال الغزو، كان جائزاً؛ فإنهم أحد الأصناف الثمانية. انتهى ملخصاً.
وسئل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق: عن دفعها عند الاستسقاء، أو الذين يسألون في المساجد، أو في بناء المساجد؟
فأجاب: المساكين الذين يسألون في المساجد، لا بأس أن يعطيهم الإنسان من زكاة ماله، لأنهم من أهل الزكاة المذكورين في الآية. وما يخرجه من الصدقة عند الاستسقاء، إذا كان المعطى من أهل الزكاة فلا بأس أن يعطى من الزكاة. وأما النية عند الإخراج، فلا بد منها في هذا والذي قبله.
وأما دفع الزكاة في بناء المساجد، فقد ذكر الأصحاب أنه لا يجوز صرفها إلى غير الثمانية المذكورين في الآية؛ قال في الإقناع وشرحه: لا يجوز صرفها إلى غير الثمانية المذكورين، كبناء المساجد والقناطر وسد البثوق، وتكفين الموتى، ووقف المصاحف، وغير ذلك.
وأجاب الشيخ عبد الله العنقري: الذي ظهر لي أن صرف الزكاة في بناء المساجد، المنع منه أصح عند جمهور العلماء وأحوط. ودفعها إلى غير مسلم لا يسقط فرضها، فلا
بد من دفعها إلى مسلم من الأقسام الثمانية، التي ذكرها الله عز وجل.
سئل الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن: إذا كان فقير من بني هاشم، أو بني المطلب، وليس له ما يقوم بكفايته، هل يحل له شيء من الزكاة، إذا كان نائب الإمام لا يملك ما ينفق عليهم إلا منها؟ وإذا بعث الإمام أو نائبه أحدهم عاملاً على الزكاة، هل يعطى أجرته منها؟
فأجاب: روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أخذ الحسن رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كخ، كخ - يعني: اطرحها -؛ أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة؟ " 1، وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس " 2، و" لما رأى تمرة على فراشه أخذها ثم ألقاها، وقال: لولا أني أخشى أنها من الصدقة لأكلتها " 3، متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم لعبد المطلب بن ربيعة، وللفضل بن عباس، وقد سألاه العمل على نصيب العامل:" إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد " 4، رواه مسلم. وروى أبو رافع: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً من بني مخزوم على الصدقة، فقال لأبي رافع: اصحبني كيما تصيب منها، فقال: لا، حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله. فانطلق أبو رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلى الله عليه وسلم لا تحل لنا
1 البخاري: الزكاة (1491)، ومسلم: الزكاة (1069) ، وأحمد (2/409)، والدارمي: الزكاة (1642) .
2 مسلم: الزكاة (1072)، والنسائي: الزكاة (2609)، وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (2985) ، وأحمد (4/166) .
3 البخاري: البيوع (2055) وفي اللقطة (2431)، ومسلم: الزكاة (1071)، وأبو داود: الزكاة (1652) ، وأحمد (3/184) .
4 مسلم: الزكاة (1072)، والنسائي: الزكاة (2609)، وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (2985) ، وأحمد (4/166) .
الصدقة، إن مولى القوم منهم " 1، أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
إذا علمت هذا، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة: فذهبت طائفة إلى التحريم مطلقاً، سواء منعوا خمس الخمس أو لم يمنعوا؛ وهم الأكثرون. وطائفة قالوا: إذا منعوا خمس الخمس أبيح لهم الأخذ من الزكاة، بشرط الحاجة والضرورة. ونحن نسوق كلام العلماء إن شاء الله تعالى:
قال النووي في شرح صحيح مسلم، على قوله: باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم، وذكر حديث الحسن المتقدم، ثم قال: وفي هذا الحديث دليل على تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله، و5 هم: بنو هاشم، وبنو المطلب ; وبه قال بعض المالكية. وقال أبو حنيفة ومالك، رحمهما الله: هم بنو هاشم خاصة؛ قال القاضي: وقال بعض العلماء: هم قريش كلهم. وقال أصبغ المالكي: هم بنو قصي. ودليل الشافعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن بني هاشم وبني المطلب شيء واحد "، وقسم بينهم سهم ذوي القربى.
وأما صدقة التطوع، فالشافعي يرى فيها ثلاثة أقوال: أصحها: أنها تحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحل لآله. والثاني: تحرم عليه وعليهم. والثالث: تحل له ولهم.
وأما موالي بني هاشم وبني المطلب، فهل تحل لهم
1 الترمذي: الزكاة (657)، والنسائي: الزكاة (2612)، وأبو داود: الزكاة (1650) ، وأحمد (6/390) .
الزكاة؟ فيه وجهان لأصحابنا: أصحهما: أنها تحرم، للحديث الذي ذكره مسلم، وهو حديث أبي رافع. والثاني: تحل. وبالتحريم قال أبو حنيفة، وسائر الكوفيين، وبعض المالكية; وبالاباحة قال مالك. وادعى ابن بطال المالكي أن الخلاف إنما هو في موالي بني هاشم، وأما موالي غيرهم فتباح لهم بالاجماع؛ وليس كذلك، بل الأصح عند أصحابنا تحريمها على بني هاشم، وبني المطلب، ولا فرق بينهما، والله أعلم. وقوله صلى الله عليه وسلم:" إنا لا تحل لنا الصدقة " 1 ظاهره تحريم صدقة الفرض والنفل، وفيها الكلام السابق. انتهى.
وقال في الإنصاف: قوله: ولا بني هاشم، هذا المذهب مطلقاً نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وكالنبي صلى الله عليه وسلم إجماعاً; وقيل: يجوز إن منعوا خمس الخمس، لأنه محل حاجة وضرورة - إلى أن قال - قال في الفروع: ومال شيخنا – يعني: أبا العباس - إلى أنهم إن منعوا خمس الخمس أخذوا من الزكاة، وربما مال إليه أبو البقاء، وحكى الخلاف في العاملين، وقال: إن منعوا خمس الخمس جاز لهم الأكل، وإلا فلا، والله أعلم.
وقال في الإقناع وشرحه: ولا لبني هاشم، يعني: ولا يجوز دفع الزكاة لبني هاشم، كالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم - أي بنو هاشم - من كان من سلالة هاشم، فدخل فيها آل العباس بن عبد المطلب، وآل علي، وآل جعفر، وآل عقيل أبناء أبي
1 الترمذي: الزكاة (657)، والنسائي: الزكاة (2612)، وأبو داود: الزكاة (1650) ، وأحمد (6/390) .
طالب بن عبد المطلب، وآل الحارث بن عبد المطلب، وآل أبي لهب بن عبد المطلب؛ قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافاً أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد؛ إنما هي أوساخ الناس "1. وعن أبي هريرة قال: " أخذ الحسن تمرة
…
" الحديث، متفق عليه. وسواء أعطوا من خمس الخمس أو لم يعطوا، لعموم النصوص، ولأن منعهم من الزكاة لشرفهم، وشرفهم باق، فبقي المنع ما لم يكونوا - أي بنو هاشم - غزاة، أو مؤلفة، أو غارمين لذات البين، فلهم الأخذ لذلك، لجواز الأخذ مع الغنى، وعدم المنة فيه.
واختار الشيخ تقي الدين وجمع، منهم القاضي يعقوب وغيره من أصحابنا. وقال أبو يوسف من الحنفية، والإصطخري من الشافعية: جواز أخذهم إذا منعوا خمس الخمس، لأنه محل حاجة وضرورة.
وقال الشيخ تقي الدين أيضاً: ويجوز لبني هاشم الأخذ من زكاة الهاشميين، ذكره في الاختيارات. ويجوز دفع الزكاة إلى ولد هاشمية من غير هاشمي في ظاهر كلامه، وقاله القاضي اعتباراً بالأب. وقال أبو بكر: لا يجوز، واحتج بحديث:" إن ابن أخت القوم منهم "2. ولا يجوز دفع الزكاة لموالي بني هاشم، وهم الذين أعتقهم بنو هاشم، لحديث أبي رافع المتقدم. انتهى. وذكر ما قاله الصنعاني في شرح
1 مسلم: الزكاة (1072)، والنسائي: الزكاة (2609)، وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (2985) ، وأحمد (4/166) .
2 البخاري: المناقب (3528)، ومسلم: الزكاة (1059)، والترمذي: المناقب (3901)، والنسائي: الزكاة (2610، 2611) ، وأحمد (3/119، 3/180، 3/222، 3/276، 3/277)، والدارمي: السير (2527) .
البلوغ، ثم قال: فهذا حاصل ما حررناه من كلام العلماء.
إذا علمت ذلك، فالذي نراه: أن بني هاشم وبني المطلب - إذا منعوا خمس الخمس والفيء وكانوا محتاجين - لهم الأخذ من الزكاة؛ وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، كما تقدم. هذا ما ظهر لي، والله أعلم.
سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: عن دفع الزكاة إلى أولاد الإخوة والأخوات
…
إلخ؟
فأجاب: وأما إعطاء عيال إخوانك وأخواتك، فهو جائز إن شاء الله تعالى. ويجوز إعطاء إخوانك وأخواتك وعماتك، وكذا بنات عيال أخيك، يجوز إعطاؤهن. وأما القوي من عيال أخيك، فإن لم يكن له كسب يكفيه، جاز أن يعطى الزكاة، فإن كان لو يحترف كفى نفسه بحرفته، لكن يترك الحرفة تكاسلاً، فلا يعطى منها.
وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن علي: أما دفع الزكاة إلى أولاد البنات، فالمشهور في المذهب عدم الجواز، الوارث وغيره فيه سواء نصاً، لأن دفعها إليهم عن نفقته، ويسقطها عنه فيعود عليه نفعها، فكأنه دفعها إلى نفسه، أشبه ما لو قضى بها دينه.
سئل الشيخ عبد الله بن محمد: هل يعطى من عليه الدين من الزكاة؟
فأجاب: إن كان فقيراً مستحقاً أعطي، وإن كان غنياً ويعطى من الزكاة لأجل دينه، فلا يحل له أن يعطى منها.
وسئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عن دفع الزكاة إلى الغريم، ثم يوفيه بها؟
فأجاب: وأما إن دفع إنسان شيئاً من زكاته إلى غريمه، ثم أوفاه بذلك من دينه الذي عليه، فقد نص الإمام أحمد على جواز ذلك ما لم يكن حيلة، فقال: إن أراد إحياء ماله لم يجز، وقال أيضاً: إن كان حيلة فلا يعجبني، وقال: إن أراد الحيلة لم يصلح، ولا يجوز.
وقال الشيخ الموفق: الذي تحصل لنا من كلام أحمد، أنه إن قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه لم يجز، لأنها لله فلا يصرفها إلى نفعه. وقال القاضي: المراد بالحيلة في كلام أحمد: أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من دينه، فلا تجزيه، يعني: فإن ردها من غير شرط جاز؛ فكلام القاضي صريح في أنه إنما يمنع إذا كان بشرط، وكلام الموفق صريح في أنه إذا كان قصد الدافع إحياء ماله، لا سيما مع وعد القابض بردها عليه وفاء عن حقه، فإنه لا يجوز.
وسئل: هل يجزي إذا أسقط عن الفقير زكاة الدين الذي عليه؟
فأجاب: المعروف المعمول به في المذهب: أنه إذا
أسقط عن المعسر والفقير غير المعسر زكاة الدين الذي عليه، أن ذلك لا يجوز ولا يجزي.
وسئل: عن المحتاج الذي في بيته، هل هو أولى بالدفع إليه
…
إلخ؟
فأجاب: والمحتاج الذي في بيته لا يسأل الناس أولى من الذي يسألهم.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: هل يجوز شراء زكاته؟
فأجاب: أما شراء المزكي زكاته ففيه خلاف، والمشهور أنه لا يجوز.
وسئل الشيخ حمد بن عبد العزيز: عن دفع زكاة الكري لصاحبه
…
إلخ؟
فأجاب زكاة الكري لا يحل لصاحب الكري ما يخص كراه منها؛ بل يجب عليه إخراجه، ويأخذ من غيره.
سئل الشيخ عبد الله بن محمد: عن تحري الأوقات الفاضلة، كرمضان
…
إلخ؟
فأجاب: وأما تحري المتصدق بصدقته الأوقات الفاضلة، كرمضان والعشر الأواخر، فهذا حسن؛ والصدقة لها مزية في الأوقات الفاضلة والأماكن المعظمة، سواء كانت الصدقة من ماله، أو كان نائباً في تفريقها، إذا لم يعين له الموكل وقتاً بعينه أو مكاناً بعينه.
سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: عمن طلب من الثمرة عند الجذاذ
…
إلخ؟
فأجاب: من طلب من الثمرة عند الجذاذ، يعطى إذا كان فقيراً أو مسكيناً، ما يسد جوعته، وأما إذا طلب من الزكاة، فيعطى بحسب الزكاة وقدرها، وكثرة المساكين.
سئل الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن: عن صلة العاصي
…
إلخ؟
فأجاب: وأما صلة العاصي لقصد ما فيه من الخير، كالإسلام، أو لتأليفه، أو لدفع مفسدة ظاهرة لا تعارض الأصل، وهو المنافرة لأهل المعاصي، فلا بأس به؛ بل ربما يتأكد. ولك الأسوة الحسنة في أبي بكر رضي الله عنه بمسطح بن أثاثة، وأم حبيبة، وصلة عمر لأخيه الذي في مكة، وغير ذلك؛ ولكن لا بد مع التحلي بالحب في الله، التحلي أيضاً بالبغض فيه، ضرورة أن الباعث على الأول كونه مطيعاً لله، وهو مستلزم لبغض العصاة؛ ومعلوم أن من أحب لسبب أبغض لضده، فاستصحب هذا الأصل تنجو من معرة الطرفين، والله أعلم.
سئل الشيخ حمد بن معمر: عن الصدقة في مكة
…
إلخ؟
فأجاب: الصدقة في مكة لها مزية في الفضيلة، لفضيلة
البقعة؛ ومتحري الخير يتيسر له ذلك، خصوصاً في أيام الحج، إذا حج ناس من المسلمين، فإنه يجد مع الحاج من فقراء المسلمين ناساً محتاجين يتصدق عليهم، فيحصل فضيلة البقعة مع فضيلة أيام الحج.
وأما الصدقة على أهلها اليوم، وهم على هذه الحال، فقد ذكر أهل العلم ما يدل على أن المسلم يثاب على الصدقة على الكافر، كما يدل عليه قوله تعالى:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورةالممتحنة آية: 8] . وذكر أهل التفسير عند قوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [سورة البقرة آية: 272] ، أنها نزلت في الصدقة على أهل الذمة. انتهى ملخصاً.
قال الشيخ محمد بن عمر بن سليم: أنشدنا شيخنا الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن هذه الأبيات:
يا من له الفضل محضاً في بريته
…
وهو المؤمل في الضراء والباسِ
عوَّدتني عادة أنت الكفيل بها
…
فلا تكلني إلى خلق من الناسِ
ولا تذلّ لهم من بعد عزته
…
وجهي المصون ولا تخضع لهم راسِي
وابعث على يد من ترضاه من بشر
…
رزقي وصنِّي عمن قلبه قاسِي
فإن حبْل رجائي فيك متصل
…
بحسن صنعك مقطوعاً عن الناسِ
وذكر أن الله بعث لمنشئها رزقاً بسبب فأرة خرجت من جحر وبفيها دينار، فحفره فوجد دنانير كثيرة.
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: عن حديث " سبق الفقراء
…
"
…
إلخ؟
فأجاب: أما حديث: " سبق الفقراء بخمسمائة عام "، وفي حديث:" بأربعين عاماً "، فهذا أثبت، ولكن لا يدل على فضلهم؛ بل بعض الأغنياء الذين يدخلون بعدهم، يكونون أرفع درجة منهم، وهذا له شواهد كثيرة: أن الفضيلة الخاصة لا تدل على الفضيلة العامة، والفقر والغنى موكول إلى العرف، وقوله: " إنك إن تذر ورثتك أغنياء
…
" 1 إلخ، لا إشكال فيه أن الرجل إذا أراد أن يتصدق بماله كله، قيل له: إنك إن تذر ورثتك أغنياء، ما فيه إشكال.
1 البخاري: الجنائز (1296)، ومسلم: الوصية (1628)، والترمذي: الوصايا (2116)، والنسائي: الوصايا (3626، 3627، 3628، 3630، 3631، 3632، 3635)، وأبو داود: الوصايا (2864) ، وأحمد (1/168، 1/171، 1/172، 1/176، 1/179، 1/184)، ومالك: الأقضية (1495)، والدارمي: الوصايا (3196) .