المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة السادسة عشرة: مخالفات يقع فيها بعض الصائمين - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ١

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولى: الإِخلاص

- ‌الكلمة الثانية: السبعة الذين يظلهم الله في ظله

- ‌الكلمة الثالثة: التوفيق

- ‌الكلمة الرابعة: حسن الخلق

- ‌الكلمة الخامسة: العجلة

- ‌الكلمة السادسة: كتابة الوصية

- ‌الكلمة السابعة: البركة

- ‌الكلمة الثامنة: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه

- ‌الكلمة التاسعة: طول الأمل

- ‌الكلمة العاشرة: فضل القرآن وقراءته

- ‌الكلمة الحادية عشرة: فضل رمضان

- ‌الكلمة الثانية عشرة: فضل الصيام

- ‌الكلمة الثالثة عشرة: فضل قيام الليل

- ‌الكلمة الرابعة عشرة: الدعاء - آدابه وموانعه

- ‌الكلمة الخامسة عشرة: فضل الصدقة

- ‌الكلمة السادسة عشرة: مخالفات يقع فيها بعض الصائمين

- ‌الكلمة السابعة عشرة: فضل العشر الأواخر من رمضان

- ‌الكلمة الثامنة عشرة: فضل الذكر

- ‌الكلمة التاسعة عشرة: المواظبة على العبادة

- ‌الكلمة العشرون: سنن العيد

- ‌الكلمة الحادية والعشرون: الرؤيا

- ‌الكلمة الثانية والعشرون: شاب نشأ في عبادة الله

- ‌الكلمة الثالثة والعشرون: التحذير من الشرك

- ‌الكلمة الرابعة والعشرون: الحياء

- ‌الكلمة الخامسة والعشرون: وقفة مع آيتين من كتاب الله

- ‌الكلمة السادسة والعشرون: تأملات في قوله تعالى: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ}

- ‌الكلمة السابعة والعشرون: القناعة

- ‌الكلمة الثامنة والعشرون: النهي عن المسألة

- ‌الكلمة التاسعة والعشرون: وقفة مع قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ}

- ‌الكلمة الثلاثون: مقتطفات من سيرة سعد بن معاذ رضي الله عنه

الفصل: ‌الكلمة السادسة عشرة: مخالفات يقع فيها بعض الصائمين

‌الكلمة السادسة عشرة: مخالفات يقع فيها بعض الصائمين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

تعيش الأمة الإِسلامية هذه الأيام موسمًا عظيمًا من مواسم الخير.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

إلا أن هناك مخالفات يقع فيها بعض الصائمين أحببت التذكير بها، أداءً لحق الله تعالى، وقيامًا بواجب النصيحة.

روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَاّ الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَاّ السَّهَرُ»

(1)

.

فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن طائفة من الناس يصومون لكن لا يكتب لهم عند الله أجر الصائمين، وإنما نصيبهم من هذا الصيام الجوع والعطش، وذلك لأن الجوارح لم تمتنع عن معصية الله، فالعين تنظر إلى ما حرم الله، والأذن تستمع إلى ما حرَّم الله، واللسان يتكلم بما يغضب الله.

قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء: 36].

(1)

سنن ابن ماجه برقم (1690)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1/ 282) برقم (1371).

ص: 97

وطائفة أخرى تقوم الليل ولكن لا يكتب لهم أجر القائمين، إما لفقدان الإِخلاص في عبادتهم، أو لعدم موافقتها لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، أو لغير ذلك.

ولذا ينبغي للصائم أن يحذر من الوقوع في المعاصي، فليس الصيام هو الإِمساك عن الطعام والشراب فحسب، وانَّما إِمساك الجوارح عما حرَّم الله.

ومن هذه المخالفات: تأخير الصلاة عن وقتها، فبعض الصائمين ينام بعد تناوله السحور فلا يستيقظ إلَاّ عند طلوع الشمس، فيضيع صلاة الصبح، وآخرون ينامون قبل صلاة العصر، فلا يستيقظ أحدهم إلا عند غروب الشمس، فيضيع صلاة العصر قال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَانَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، روى البخاري في صحيحه من حديث بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ»

(1)

.

وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4 - 5]؛ جاء في حديث مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ: أَرَأَيتَ قَولَهُ تَعَالَى:

{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} أَيُّنَا لَا يَسْهُو وَلَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ؟ ! قَالَ: لَيْسَ بِذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ إِضَاعَةُ الْوَقْتِ، يَلْهُو حَتَّى يَضِيعَ الْوَقْتُ

(2)

.

وفي مثل هؤلاء يقول تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].

(1)

صحيح البخاري برقم (553).

(2)

مسند أبي يعلى (1/ 336) برقم (700)، وقال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب (1/ 441) حديث رقم (822): إسناده حسن.

ص: 98

ومنها التخلف عن صلاة الجماعة، فبعض الصائمين يؤدون الصلاة لوقتها، ولكنه يتخلف عن صلاة الجماعة، قال تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَاءِكُمْ وَلْتَاتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَاخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 102].

وفي هذه الآية وجوب صلاة الخوف جماعة في حال الحرب، ففي حال السلم من باب أولى.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ»

(1)

.

ومنها: السهر الطويل أكثر الليل أو كله على شاشات القنوات الفضائية التي تبث شرورها وسمومها على أشكال متعددة، حيث يعرض بها برامج يقصد بها تشكيك المسلمين في دينهم، وإظهار عظمة الكفار والإِعجاب بحضارتهم، كالتمثيليات الهابطة، والأغاني الماجنة، والصور الخليعة.

ومنها: ما يفعله بعض الصائمين المبتلون بشرب الدخان

(1)

صحيح البخاري برقم (657)، وصحيح مسلم برقم (651).

ص: 99

هداهم الله، فبدلاً من أن يفطروا على ما أحل الله لهم من الطيبات يفطرون على الدخان الذي بعث الله رسوله بتحريمه وأمثاله؛ قال تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَامُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].

ومنها: الفحش والبذاءة في اللسان وسائر المعاصي الأخرى. روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»

(1)

.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»

(2)

.

ومنها كثرة النوم لساعات طويلة، وحديث:«نَومُ الصَّائِمِ عِبَادَةٌ» حديث ضعيف لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فلا ينبغي للمسلم أن يضيع ساعات الصوم بكثرة النوم، فإن المسلم يُسأل عن وقته يوم القيامة.

روى الترمذي في سننه من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ

(1)

صحيح البخاري برقم (1903).

(2)

صحيح البخاري برقم (1904)، وصحيح مسلم برقم (1151).

ص: 100

جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟ »

(1)

.

قال الشاعر:

وَالوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ

وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

سنن الترمذي برقم (2417) وقال: حديث حسن صحيح.

ص: 101