المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٣

[السبكي، محمود خطاب]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه. هذا والكلام هنا ينحصر فى اثنى عشر أصلا.

(الأول) الوتر

لما كان للوتر شبه واتصال برواتب الصلاة وسننها، ذكر بعدها. وهو - بفتح الواو وكسرها - لغة: ضد الشفع. وشرعاً: صلاة مخصوصة يأتى بيانها. والكلام فيه ينحصر فى ثلاثة عشر فرعاً.

(1)

حكمه:

هو سنة مؤكدة عند مالك والشافعى وأحمد وأبى يوسف ومحمد بن الحسن والجمهور " لقول " علىّ رضى الله عنه. الوتر ليس بحتم كالصلاة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أحمد والنسائى والترمذى وحسنه والحاكم وصححه (1){1}

" وقال "عاصمُ بنُ حمزة: سألت علياً عن الوتر أحقٌّ هو؟ فقال: أمّا كحق الصلاة فلا ولكن سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينبغى لأحد أن يتركه. أخرجه أبو حنيفة وكذا عبد بن حُميد بلفظ: ليس الوتر بحتم كالصلاة ولكنه سنة فلا تدَعوه (2){2}

" وروى " عبد الرحمن بن أبى عَمرة البخارى أنه سأل عبادة بن الصامت عَن الوتر فقال: أمرٌ حسن عمل به النبى صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده وليس بواجب. أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين (3){3}

(1) ص 278 ج 4 - الفتح الربانى. وص 246 ج 2 مجتبى (الأمر بالوتر). وص 336 ج 1 تحفة الأحوذى (ما جاء أن الوتر ليس بحتم). وص 300 ج 1 - مستدرك (الوتر).

(2)

ص 83 ج 1 - عقود الجواهر المنيفة (الوتر).

(3)

ص 300 ج 1 - مستدرك.

ص: 2

والصحيح عن أبى حنيفة أنه واجب " لحديث " عبد الله بن بُريدة عن أبيه أبن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حقٌ فمن لم يوتر فليس منا. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى والحاكم وصححه، وفى سنده عَبَيْد الله العُتَكىُّ وثقه الحاكم وابن معين، وقال أبو حاتم صالح الحديث وتكلم فيه النسائى، وقال البيهقى لا يحتج به (1){4}

" وعن " ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الوتر واجب على كل مسلم. أخرجه البزار والطبرانى فى الكبير وفى سنده.

(أ) جابر الجُعفى ضعفه الجمهور، ووثقه الثورى.

(ب) والنضر أبو عمرو هو ضعيف جداً (2){5}

(وأجاب) الجمهور عن هذا بأنه ضعيف لا يحتج به، وعن حديث بريدة بأنه محمول على تأكيد سنية الوتر، جمعاً بينه وبين الأحاديث الدالة على عدم الوجوب.

(وأجاب) أبو حنيفة عن أدلة الجمهور بأنها كانت قبل الوجوب، أو أنها محمولة على أن الوتر ليس بفرض كالمكتوبة، وإنما هو واجب ثبت بالسنة.

قال ابن المنذر: لا أعلم أحداً وافق أبا حنيفة فى هذا (وروى) حماد بن زيد عنه أنه فرض، وبهذا أخذ زفر (وروى) نوح عنه أنه سنة. وجمع بين الروايات بأنه فرض عملا، وواجب اعتقاداً، وسنه دليلا.

(قال ابن الهمام) والحق أنه لم يثبت عندهما دليل الوجوب فنفياه. وثبت عنده (3) فهو سنة عندهما عملا واعتقاداً ودليلا، إلا أنه آكد من سائر. السن المؤقتة.

(1) ص 274 ج 4 - الفتح الربانى. وص 44 ج 8 - المنهل العذب (منا لم يوتر). وص 470 ج 2 - السنن الكبرى (تأكيد صلاة الوتر). وص 305 ج 1 - مستدرك. وحق: أى ثابت من حق الشئ ثبت و " ليس منا " أى ليس من أهل طريقتنا الكاملة.

(2)

ص 240 ج 2 - مجمع الزوائد (ما جاء فى الوتر).

(3)

ص 300 ج 1 - فتحد القدير (صلاة الوتر).

ص: 3

(2)

وقت الوتر:

وقته عند الأئمة الثلاثة والجمهور من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر " لحديث " عمرو بن العاص عن أبى بصرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الله زادكم صلاة، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر. أخرجه أحمد والطحاوى والطبرانى بسند رجاله رجال الصحيح، خلا علىّ بن إسحاق شيخ أحمد وهو ثقة. قاله الهيثمى (1){6}

(وقال الحنفيون) وقته وقت العشاء " لحديث " خارجةَ بن حُذافة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أمدكم بصلاة وهى خير لكم من حُمُر النَّعَم وهى الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر. أخرجه البيهقى والدار قطنى والحاكم والأربعة إلا النسائى. وقال الترمذى حديث غريب (2){7}

لكنهم قالوا: لا يقدم الوتر عند التذكر على صلاة العشاء للترتيب، فلو قدمه ناسياً لا يعيده، وكذا لو صلاها بلا طهارة ثم نام فقام وتوضأ وصلى الوتر ثم تذكر أنه صلى العشاء بلا طهارة أعادها دونه.

(وعن) بعض الشافعية أنه يدخل وقته بمغيب الشفق ولو لم تصلّ العشاء، لكنه ضعفه العراقى وغيره.

هذا. وقد أوتر النبى صلى الله عليه وسلم فى أول الليل وأوسطه وآخره واستقر فعله صلى الله عليه وسلم له آخر الليل " قالت " عائشة رضى الله عنها:

(1) ص 397 ج 6 مسند أحمد. وص 250 ج 1 شرح معانى الآثار (الوتر). وص 239 ج 2 مجمع الزوائد (ما جاء فى الوتر).

(2)

ص 469 ج 2 - السنن الكبرى. وص 274 - الدار قطنى. وص 36 مستدرك. وص 43 ج 8 المنهل العذب (استحباب الوتر). وص 335 ج 1 تحفى الأحوذى (ما جاء فى فضل الوتر). وص 184 ج 1 - سنن ابن ماجه. و (النعم) بفتحتين، المراد بها الإبل، وخصت بالذكر ترغيباً فى فعل الوتر، لأن (النعم الحمر) أعز الأموال عند العرب والغرض التقريب إلى الأفهام، وإلا فموضع سوط فى الجنة خير من الدنيا. وكذا الوتر خير من الدنيا وما فيها.

ص: 4

من كل الليل قد أوتر النبى صلى الله عليه وسلم، من أول الليل وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر. أخرجه الشافعى والسبعة وقال الترمذى: حديث حسن صحيح (1){8}

(وقال) أبو مسعود الأنصارى: أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم أولَ الليل وأوسطه وآخره. أخرجه أبو داود الطيالسى وكذا أبو حنيفة وزاد ليكون ذلك واسعاً على المسلمين. أىّ ذلك أخذوا به كان صواباً. غير أن من طمع بقيام الليل فلْيَجعل وتره الليل، فإن ذلك أفضل (2){9}

هذا. ويستحب تأخير الوتر إلى آخر الليل لمن يثق بالانتباه، ومن لم يثق يوتر قبل النوم لما تقدم، ولحديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من خاف ألا يقوم آخرَ الليل فليوتر أوله ثم لْيرقد. ومن طمِع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخره فإن صلاة آخرِ الليل مشهودة محضورة وذلك أفضل. أخرجه أحمد ومسلم والترمذى وابن ماجه (3){10}

(3)

الوتر لا يتكرر:

ومن أوتر قبل النوم ثم استيقظ صلى ما كُتب له ولا يعيد الوتر، لقول طلق بن علىّ: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران فى ليلة.

(1) ص 110 ج 1 بدائع المنن (وقت الوتر). وص 283 ج 4 - الفتح الربانى. وص 333 ج 2 فتح البارى (ساعات الوتر) وص 24 ج 6 نووى مسلم (صلاة الليل والوتر) وص 74 ج 8 - المنهل العذب (وقت الوتر) وص 247 ج 1 - مجتبى. وص 337 ج 1 تحفة الأحوذى (الوتر من أول الليل وآخره) وص 186 ج 1 - سنن ابن ماجه (الوتر آخر الليل).

(2)

ص 86 سند الطيالسى (أحاديث ابن مسعود البدرى .. ) وص 87 ج 1 عقود الجواهر المنيفة (سعة وقت الوتر).

(3)

287 ج 4 - الفتح الربانى (وقته المستحب) ولفظه من ظن. وص 34 ج 6 نووى مسلم (صلاة الليل والوتر) وص 337 ج 1 تحفة الأحوذى (كراهية النوم قبل الوتر) ولفظه من خشى منكم. وص 186 ج 1 - سنن ابن ماجه (الوتر آخر الليل) و (مشهودة محضورة) أى تشهدها وتحضرها الملائكة.

ص: 5

أخرجه أحمد وابن حبان وصححه الثلاثة وحسنه الترمذى (1){11}

" وروى " سعيد بن المسيب. أن أبا بكر وعمر تذاكر الوتر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أما أنا فأوتِر أول الليل فإذا استيقظتُ صليت شفعاً حتى الصباح. وقال عمر: لكنى أنام على شفع ثم أوتر من آخر السحر. فقال النبى صلى الله عليه سلم لأبى بكر: حَذرَ هذا: وقال لعمر: قَوِىَ هذا. أخرجه الشافعى والطحاوى وهذا لفظه (2){12}

ورواية الشافعى ليس فيها زيادة: فإذا استيقظت صليت شفعاً شفعاً. وزيادة العدل مقبولة، فصح الاستدلال بها على جواز التنفل بعد صلا الوتر، وأن الوتر لا يعاد. وبه قال أكثر العلماء من السلف والخلف منهم الثورى والأئمة الأربعة وابن المبارك، وحكاه القاضى عياض عن كافة أهل الفتيا. وقال الترمذى: وهذا أصح لأنه قد روى من غير وجه أن النبى صلى الله عليه وسلم بعد الوتر (3)(وقال) إسحاق بن راهويه وجماعة: يجوز لمن أوتر قبل النوم ثم استيقظ نقض وتره الأول بأن يضم إليه ركعة ثم يصلى ما بدا له ثم يُوتر آخر صلاته " لحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. أخرجه أحمد والشيخان والثلاثة (4){13}

(1) ص 308 و 309 ج 4 - الفتح الربانى. وص 77 ج 8 - المنهل العذب (نقض الوتر) وص 247 ج 1 مجتبى (النهى عن الوترين فى ليلة) وص 344 ج 1 تحفة الأحوذى (لا وتران فى ليلة) أى لا يجتمع أو لا يجوز وتران فى ليلة. فوتران فاعل لمحذوف. ويحتمل أن لا عاملة عمل ليس، أو عمل إن على لغة من يلزم المثنى الألف. والنفى فيه بمعنى النهى، أى لا توتروا مرتين فى ليلة.

(2)

ص 111 ج 1 بدائع المنن (وقت الوتر) وص 202 ج 2 شرح معانى الآثار. و (حذر) كتب أى أخذ بالحزم والاحتياط حذراً من أن يأخذه النوم. و (قوى) أى أخذ بقوة العزيمة على القيام آخر الليل.

(3)

ص 345 ج 1 تحفة الأحوذى.

(4)

ص 287 ج 4 - الفتح الربانى (وقته المستحب آخر الليل) وص 333 ج 2 فتح البارى (ليجعل آخر صلاته وتراً) وص 32 ج 6 نووى مسلم (صلاة الليل والوتر) وص 76 ج 8 المنهل العذب (وقت الوتر) وص 247 ج 1 مجتبى (وقت الوتر).

ص: 6

وقد سئل ابن عمر عن الوتر فقال: أمّا أنا فلو أوترت قبل أن أنام ثم أردتُ أن أصلى بالليل شفعتُ بواحدة ما مضى من وترى ثم صليت مثنى مثنى، فإذا قضيتُ صلاتى أوترتُ بواحدة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يُجعل آخِر صلاة الليل الوتُر. أخرجه أحمد بسند رجاله رجال الصحيح (1){14}

(وقال علىُّ) الوتر ثلاثة أنواع: فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر، فإن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلىَ ركعتين ركعتين حتى يُصبحَ ثم يوتر فَعَل، وإن شاء صلى ركعتين ركعتين حتى يُصبحَ. وإن شاء أوتر آخر الليل. أخرجه الشافعى فى مسنده بسند رجاله ثقات. وأخرجه الطحاوى عن حطّانَ ابن عبد الله قال: سمعت علياً رضى الله عنه يقول: الوتر على ثلاثة أنواع: رجل أوتر أول الليل ثم استيقظ فصلى ركعتين. ورجل أوتر الليل فاستيقظ فوصل إلى وتره ركعة فصلى ركعتين ركعتين ثم أوتر. ورجل أخّرَ وتره على آخر الليل (2){1}

وروى ابن نصر نحوه عن عثمان وابن عباس:

(وأجاب) الأولون: (أ) بأن الأمر فى حديث: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً، للندب جمعاً بينه وبين الأحاديث الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر (كحديث) عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع ركعات وركعتين وهو جالس. فلما ضعُف أوتر بسبع وركعتين وهو جالس. أخرجه أحمد وأبو داود (3){15}

(وحديث) أبى أمامة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع حتى إذا بدُن أوتر بسبع وصلى ركعتين وهو جالس فقرأ بإذا زلزلت وقل

(1) ص 310 ج 4 - الفتح الربانى (ختم صلاة الليل بالوتر .. ) و (مثنى مثنى) أى اثنتين اثنتين. ومثنى غير منصرف للوصفية والعدل وكرر للمبالغة.

(2)

ص 110 ج 1 بدائع المنن (وقت الوتر) وص 201 ج 1 شرح معانى الآثار (التطوع بعد الوتر).

(3)

ص 297 ج 4 - الفتح الربانى (الوتر بسبع وتسع .. ) وص 281 ج 7 - المنهل العذب (صلا ة الليل)

ص: 7

يأيها الكافرون. أخرجه أحمد والطبرانى فى الكبير بسند رجاله ثقات (1){16}

وأيضاً فإن حديث " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً " يدل على أنه لا يجوز نقضه، لأن الرجل إذا أوتر أول الليل فقد قضى وتره، فإذا نام ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى فهذه صلاة غير تلك، ولا يعقل أن تتصل هذه الركعة بالتى صلاها أول الليل فلا يصيران صلاة واحدة وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام، بل هما صلاتان متباينتان. فمن فعل ذلك فقد أوتر ثلاث مرات: مرة فى أول الليل، ومرة بهذه الركعة التى نقض بها الوتر، ومرة بما يوتر به آخر صلاته، وخالف حديث اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً، لأنه جعله فى أول الليل ووسطه وآخره، وخالف حديث لا وتران فى ليلة، لأنه أوتر ثلاث مرات.

(ب) بأن ما ذكر من الآثار عن علىّ وغيره لا تعارض المرفوع.

(وروى) محمد بن نصر آثاراً تؤيد أن الوتر لا ينقض فقال: سُئِلَتْ عائشة عن الرجل يُوتر ثم يستيقظ فيشفع بركعة ثم يوتر بعد. قالت: ذاك الذى يلعب بوتره. {2}

(وقال أبو هريرة) إذا صليتُ العشاء صليت بعدها خمسَ ركعات ثم أنام. فإن قمت صليت مثنى مثنى. {3}

(وسئل) رافع بن خديج عن الوتر فقال: أمّا أنا فإنى أوتر من أول الليل فإن رًزّقْتُ شيئاَ من آخره صليتُ ركعتين ركعتين حتى أُصْبحَ. {4}

وقال مالك: من أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلى فليصل مثنى مثنى وهو أحب ما سمعتُ إلىَّ. قال ابن نصر: وهذا هو مذهب الشافعى

(1) ص 297 ج 4 - الفتح الربانى. وص 241 ج 2 - مجمع الزوائد (عدد الوتر) و (بدن) كقرب وقعد: أى عظم بدنه بكثرة لحمه.

ص: 8

وأحمد وهو أحب إلىَّ، وإن شفع وتره اتباعاً للأخبار التى رويناها رأيته جائزاً (1).

(4)

عدد ركعات الوتر:

أقله ركعة، وأكثر إحدى عشرة وأدنى الكمال ثلاث، وأوسطه خمس وسبع وتسع " لحديث " أبى أيوب الأنصارى أن النبى صلى الله عليه وسلم: قال: أوْتِرْ بخمس فإن لم تستطع فبثلاث، فإن لم تستطع فبواحدة. أخرجه أحمد بسند رجاله رجال الصحيح (2){17}

وأخرجه الدار قطنى والطحاوى والنسائى والحاكم وأبو داود بلفظ: الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل (3). {18}

(وقال) عبد الله بن أبى قيس: سألت عائشة بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث. ولم يكن يوتر بأكثر من ثلاثَ عشْرةَ ولا أنقص من سبعٍ. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى بسند جيد (4). {19}

والرماد أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصل ليلا أقل من سبعِ ولا أكثر من ثلاث عشرة ركعة بالوتر. ولاختلاف الروايات فى عدد ركعات الوتر، اختلف الأئمة فى ذلك.

فقال مالك: الوتر يكون بواحدة يسبقها شفع، لقول ابن عمر: قال رجل: يا رسول الله كيف تأمرنا أن نصلى من الليل؟ قال: يصلى أحدكم

(1) ص 129 قيام الليل (من أنكر أن يوتر مرتين فى ليلة).

(2)

ص 292 - ج 4 - الفتح الربانى.

(3)

ص 171 - سنن الدار قطنى. وص 249 ج 1 مجتبى (الاختلاف فى حديث أبى أيوب فى الوتر) وص 303 ج 1 - مستدرك. وص 48 ج 7 - المنهل العذب (صلاة الليل).

(4)

ص 298 ج 4 - الفتح الربانى. وص 294 ج 7 - المنهل العذب (صلاة الليل).

ص: 9

مثنى مثنى فإذا خَشِىَ الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى من الليل أخرجه السبعة. وهذا لفظ أحمد (1). {20}

(وقال) أبو مِجْلز: سألت ابن عباس وابن عمر عن الوتر فقال كلٌّ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوتر ركعة من آخر الليل. أخرجه أحمد ومسلم (2). {21}

(وقال) الحنفيون: لا يكون الوتر إلا بثلاث بسلام فى آخرهن. وبه قال عُمر وعلىّ وابن مسعود وزيد بن ثابت وأنس " لقول " عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاثٍ لا يسلم إلا فى آخرهن. أخرجه البيهقى والحاكم وصححه وقال: على شرطهما (3). {22}

" ولحديث " علىّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث. أخرجه أحمد والترمذى وقال: قال سفيان: والذى أستحب أن يوتر بثلاث ركعات. وهو قول ابن المبارك وأهل الكوفة (4). {23}

(وعن) ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات أخرجه أبو حنيفة والطحاوى (5). {24}

" وقال " الشافعى وأحمد: يكون الوتر بواحدة وثلاث إلى إحدى عشرة والأفضل فى الثلاث أن تكون بسلامين، وتجوز بسلام واحد لا يجلس إلا فى آخرها، وبتشهدين وسلام كالمغرب. ويجوز فى الخمس وما فوقها السلام

(1) ص 291 ج 4 - الفتح الربانى. وص 325 ج 2 فتح البارى (أبواب الوتر) وص 31 ج 6 نووى مسلم (صلاة الليل والوتر). وص 255 ج 7 - المنهل العذب (صلاة الليل مثنى .. ) وص 247 ج 1 مجتبى (كم الوتر) وص 204 ج 1 - سنن ابن ماجه (ما جاء فى صلاة الليل وركعتين).

(2)

ص 292 ج 4 الفتح الربانى. وص 303 ج 6 نووى مسلم. و (مجلز) كمنبر.

(3)

ص 38 ج 3 - السنن الكبرى. وص 304 ج 1 مستدرك.

(4)

ص 295 ج 4 - الفتح الربانى. و 338 ج 1 تحفة الأحوذى (الوتر بثلاث).

(5)

ص 85 ج 1 عقود الجواهر المنيفة (الوتر ثلاث ركعات).

ص: 10

من كل ركعتين ثم صلاة ركعة بتشهد وسلام، وهذا أفضل فى الإحدى عشرة، وكذا فيما دونها عند الشافعية. ويجوز صلاة الكل بتشهد واحد وسلام. وهو الأفضل فى الخمس والسبع والتسع عند الحنبلية. ويجوز صلاة الكل بتشهدين وسلام. ومذهب الشافعى وأحمد هو الراجح الذى تشهد له الأدلة (قال) الترمذى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم الوتر بثلاثَ عشْرة ركعة وإحدى عشرة ركعة وتسع وسبع وخمس وثلاث وواحدة. قال إسحاق بن إبراهيم: معنى ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم " كان يوتر بثلاث عشرة ركعة " أنه كان يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر " يعنى من جملتها الوتر " فنسبت صلاة الليل إلى الوتر (1) وعلى الجملة فقد وردت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة فى الوتر بخمس متصلة وسبع متصلة " كحديث " أم سلمة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بخمس وسبع وبخمس لا يفصل بسلام ولا بكلام. أخرجه أحمد والنسائى وابن ماجه بسند جيد (2){25}

" وكقول " عائشة " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل ثلاثَ عشْرة ركعةً يوتر من ذلك بخمس لا يجلس فى شئ إلا فى آخرها أخرجه مسلم (3){26}

والأحاديث هنا كلها صحاح صريحة لا معارض لها سوى قوله صلى الله

(1) 338 ج 1 تحفة الأحوذى (الوتر يسبع).

(2)

ض 297 ج 4 - الفتح الربانى. وص 249 ج 1 - مجتبى (كيف الوتر بخمس) وص 187 ج 1 - سنن ابن ماجه (الوتر بثلاث وخمس وسبع) والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر أحياناً بخمس - وبعدم الفصل يصرن وتراً. فإذا فصل بسلام فما بعد الفصل هو الوتر.

(3)

ص 17 ج 6 نووى مسلم (صلاة الليل) و (ثلاث عشرة) منها ركعتا الفجر، ففى رواية عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل من الليل ثلاث عشر ركعة بركعتى الفجر. أخرجه مسلم ص 17 ج 6 نووى مسلم (صلاة الليل).

ص: 11

عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، وهو حديث صحيح (1)، لكن الذى قاله هو الذى أوتر بالسبع والخمس. وسننه كلها حق يُصدّق بعضها بعضاً. فالنبى صلى الله عليه وسلم أجاب السائل عن صلاة الليل بأنها مثنى مثنى، ولم يسأله عن الوتر. وأما السبع والخمس والتسع والواحدة، فهى صلاة الوتر. والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها وللخمس والسبع والتسع المتصلة، كالمغرب اسم للثلاث المتصلة. فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالإحدى عشرة، كان الوتر اسماً للركعة المفصولة وحدها كما قال صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشى الصبح أوتر بواحدة توتر له ما قد صلى (2) فاتفق فعله صلى الله عليه وسلم وقوله وصدًق بعضُه بعضاً.

(5)

ما يقرأ فى الوتر:

يقرأ فى كل ركعة منه الفاتحة وسورة. ويُسَنُّ - عند الحنفيين وأحمد - أن يقرأ فى الأولى سبح اسم ربك الأعلى، وفى القانية قبل يأيها الكافرون، وفى الثالثة قل هو الله أحمد " لقول " أُبىً: بن كعب: كان النبى صلى الله عليه وسلم يُوتر يسبح اسم ربك الأعلى، وقل يأيها الكافرون، وقل هو الله أحد. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائى، وزاد: ولا يُسلِّم إلا فى آخرهن. وأخرجه أبو حنيفة والطحاوى عن ابن مسعود، وأخرجه أبو حنيفة والحاكم وصححه عن عائشة (3). {27}

هذا. والجلوس الأول واجب عند الحنفيين فى الوتر كالفرض والنفل.

(1) أخرجه السبعة عن أبى عمر. وتقدم بلفظ آخر رقم 20 ص 9 و 10.

(2)

أخرجه السبعة عن أبى عمر. وتقدم بلفظ آخر رقم 20 ص 9 و 10.

(3)

ص 306 ج 4 - الفتح الربانى. وص 51 ج 8 - المنهل العذب (ما يقرأ فى الوتر). وص 184 ج 1 - سنن ابن ماجه. وص 248، 249 ج 1 مجتبى (اختلاف الناقلين لخبر أبى بن كعب). وص 86 ج 1 عقود الجواهر المنيفة (ما يقرأ فى ركعات الوتر).

ص: 12

(وقالت) المالكية والشافعية: يستحب أيضاً قراءة المعوذتين فى الثالثة بعد قل هو الله أحد، لقول عبد العزيز بن جُريج: سألت عائشة بأى شئ كان يُوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان يقرأ فى الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفى الثانية بقل يأيها الكافرون، وفى الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذى وقال: حسن غريب (1). {28}

لكن فى سنده خُصَيف وفيه لين، وعبد العزيز بن جريج وفيه مقال. قال فى التقريب: لم يسمع من عائشة، وأخطأ خُصَيف فصرح بسماعه. وإنما حسنة الترمذى، لأنه روى من عدة طرق إسناد بعضها جيد (فقد رواه) الترمذى والدار قطنى وابن حبان والحاكم من حديث عَمْره عن عائشة، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. وتفرد به يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد. وفيه مقال لكنه صدوق. وقال العقيلى: إسناده صالح لكن حديث ابن عباس وأبىّ بن كعب بإسقاط المعوذتين أصح (2).

وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بسور أُخر. قال علىّ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوتر بتسع سور من المفصّل، يقرأ فى الركعة الأولى ألهاكم التكاثر، وإذا أنزلناه فى ليلة القدر، وإذا زلزلت الأرض. وفى الركعة الثانية والعصر، وإذا جاء نصر الله والفتح، وإنا أعطيناك الكوثر. وفى الثالثة قل يأيها الكافرون، وتبت يدا أبى لهب، وقل هو الله أحد. أخرجه أحمد ومحمد بن نصر، وفى سنده الحارث الأعور. قال فى التقريب:

(1) ص 356 ج 4 - الفتح الرباى. وص 52 ج 8 - المنهل العذب وص 184 ج 1 - سنن ابن ماجه (ما جاء فيما يقرأ فى الوتر) وص 341 ج 1 تحفة الأحوذى.

(2)

ص 176 سنن الدار قطنى. وص 305 ج 1 مستدرك (الوتر).

ص: 13

كذبه الشعبى فى رأيه وفى حديثه ضعف (1). {29}

وورد عن بعض الصحابة التابعين القراءة بغير ما ذكر، فعن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ فى الوتر فى أول ركعة خاتمةَ البقرة، وفى الثانية إنا أنزلناه فى ليلة القدر. وربما قرأ قل يأيها الكافرون، وفى الثالثة قل هو الله أحد. {5}

(ولما أمر) عمر بن الخطاب أُبىَّ بن كعب أن يقوم بالناس فى رمضان كان يوتر بهم فيقرأ فى الركعة الأولى إنا أنزلناه فى ليلة القدر، وفى الثانية بقل يأيها الكافرون، وفى الثالثة بقل هو الله أحد. {6}

(وقال) علىّ رضى الله عنه ليس من القرآن شئ مهجور فأوتر بما شئت. روى هذه الآثار محمد بن نصر (2). {7}

(وعن أبى مِجْلز) أن أبا موسى كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء ركعتين، ثم صلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ثم قال: ما ألوت أن أضع قدمىّ حيث وضع رسول الله صل الله عليه وسلم قدميه، وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه النسائى (3). {30}

(6)

حكم القنوت فى الوتر:

تقدم بيان ذلك فى واجبات الصلاة مختصراً (4). ويزاد هنا (قال) ابن سيرين والزهرى والشافعى: لا قنوت فى الوتر إلا فى النصف الأخير من رمضان، وروى عن أحمد واختار، أبو بكر الأثرم وأبو داود " لقول " الحسن البصرى: إن عمَر جمع الناس على أُبىّ بن كعب فكان يصلى لهم عشرين ليلة، ولا يقنت بهم إلا فى النصف الباقى، فإذا كانت العشر الأواخر تخلف فصلى فى بيته فكانوا يقولون: أبَقَ أُبَىٌّ. أخرجه أبو داود

(1) ص 304 ج 4 - الفتح الربانى. وص 126 قيام الليل (ما يقرأ به فى الوتر).

(2)

ص 127 منه.

(3)

ص 251 ج 1 مجتبى (القراءة فى الوتر)(ما ألوت) أى ما قصرت فى (أن أضع قدمى) الخ.

(4)

تقدم ص 192، 193 ج 2.

ص: 14

والبيهقى (1) وفيه انقطاع، فإن الحسن لم يدرك عمر (2){8}

وكان ابن عمر لا يقنت فى الصبح ولا فى الوتر إلا فى النصف الأخير من رمضان. أخرجه محمد بن

نصر بسن صحيح. {9}

وقال الزهرى: لا قنوت فى السنة كلها إلا فى النصف الآخر من رمضان أخرجه محمد بن نصر (3). {10}

ومحل القنوت عند الشافعية وأحمد بعد الركوع وروى عن الخلفاء الأربعة (لقول) الحسن بن علىّ: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وترى إذا رفعت رأسى ولم يبق إلا السجود: اللهم اهدنى فيمن هديتَ (الحديث) أخرجه الحاكم وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين والبيهقى وقال: تفرد به أبو بكر بن شيبة الخزاعى (4) وقد روى عنه البخارى وذكره ابن حبان فى الثقات، فلا يضر تفرده. {31}

ولا منفافاة بين روايات القنوت فى الوتر بعد الركوع وقبله لأنه من باب المباح، فيجوز القنوت قبله وبعده، لورود كلٍّ عن النبى صلى الله عليه وسلم. قال حُميد: سألت أنساً عن القنوت قبل الركوع وبعد الركوع فقال: كنا نفعل قبل وبعد. أخرجه محمد بن نصر (5). {11}

وقال طاوس: القنوت فى الوتر بدعة وروى عن مالك، فقد سئل عن

(1) ص 66 ج 8 المنهل العذب (القنوت فى الوتر) وص 498 ج 2 - السنن الكبرى (من قال لا يقنت فى الوتر إلا فى النصف الأخير من رمضان) و (أبق) بفتح الياء وكسرها أى هرب، شبهوه بالعبد الآبق لكراهتهم تخلفه.

(2)

لأن الحسن ولد سنة إحدى وعشرين ومات عمر فى آخر سنة ثلاث وعشرين، أو فى أول أربع وعشرين.

(3)

ص 132 قيام الليل (ترك القنوت فى الوتر إلا فى النصف الآخر من رمضان).

(4)

ص 172 ج 3 مستدرك.

(5)

ص 133 قيام الليل (القنوت قبل الركوع).

ص: 15

الرجل يقوم لأهله فى رمضان أَيَقْنت بهم فى النصف الباقى من الشهر؟ فقال لم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحداً من أولئك قنت وما هو بالأمر القديم وما أفعله أنا فى رمضان أخرجه محمد بن نصر (1). {12}

وقال ابن العربى: اختلف قول مالك فيه فى صلاة رمضان قال: والحديث لم يصح والصحيح عندى تركه إذ لم يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم من فعله ولا قوله. وفيه نظر. فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم القنوت فى الوتر فى كل السنة كما تقدم. قال العراقى: الحديث فيه صحيح أو حسن.

(7)

دعاء الوتر:

ليس فيه دعاء معين فقد ورد فيه أدعية (منها) ما قال الحسن بن علىّ: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلماتٍ أقولهن فى قنوت الوتر: اللهم اهدنى فيمن هديت، وعافنى فيمن عافيت، وتولنى فيمن توليت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شر ما قضيت، فإنك تقضى ولا يُقضى عليك، وإنه لا يَذِل من واليت، ولا يَعِز من عاديتَ، تباركتَ ربنا وتعاليتَ. أخرجه أحمد والأربعة والبيهقى بسند صحيح. وقال الترمذى. حديث حسن لا يعرف عن النبى صلى الله عليه وسلم وأله وسلم شئ أحسن من هذا. وأخرجه البيهقى والنسائى من طريق موسى بن عُقبة عن عبد الله بن علىّ عن الحسن، وزاد بعد قوله تباركت وتعاليت " وصلى الله على النبى محمد "(2). {32}

(1) ص 132 قيام الليل (من يقنت فى الوتر).

(2)

ص 199 ج 1 - مسند أحمد (حديث الحسن بن على .. وص 54 ج 8 - المنهل العذب (القنوت فى الوتر) وص 252 ج 1 مجتبى (الدعاء فى الوتر) وص 185 ج 1 - سنن ابن ماجه (القنوت فى الوتر) وص 342 ج 1 تحفة الأحوذى وص 290 ج 2 - السنن الكبرى (دعاء القنوت) و (اهدنى) أى ثبتنى على الهداية مع من هديتهم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وإذا كان إماماً عمم فى الدعاء فيقول: اللهم اهدنا = الخ (وقنى شر) أى احفظى من السخط = وعدم الرضا ونحوها مما يترتب على ما قضيته على (فانك تقضى .. ) أى تحكم بما تريد، ولا يحكم عليك، فإنه لا راد لما قضيت (وإنه لا يذل .. ) يذل بفتح الياء وكسر الذال، أى لا يخذل من واليته من عبادك ولا يكون لمن عاديته عز فى الدنيا ولا فى الآخرة وإن أعطى من نعيم الدنيا ما أعطى (تباركت) أى كثر برك وإحسانك، وتنزهت عما لا يليق بجلالك وكمالك.

ص: 16

(قال النووى) هذا لفظه فى رواية النسائى بإسناد صحيح أو حسن (1).

وردَّة الحافظ فى التلخيص بأنه منقطع فإن عبد الله بن على لم يدرك الحسن بن على (وتوقف) ابن حزم فى صحة الحديث قال: وهذا الأثر وإن لم يكن مما يحتج به فإنا لم نجد فيه عن النبى صلى الله عليه وسلم غيرهَ. وقد قال أحمد رحمه الله: ضعيفُ الحديث أحبُّ إلينا من الرأى (2)" ومنها " ما رَوى عُبيدُ الله بن عُمير أن عمر قنت فى الوتر قبل الركوع فقال: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوّك وعدوّهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدّون عن سبيلك ويكذِّبون رُسُلك ويقاتلون أولياءك. اللهم خالف بين كلمهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذى لا تردُّه عن القوم المجرمين. بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونُثنى عليك ولا نكفرُك ونخلع ونترك من يفجرُك. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد، ولك نسعى ونَحفِد نرجو رحمتك وتخاف عذابك الجِدَّ، إن عذابك بالكافرين مُلحِق. أخرجه محمد بن نصر والبيهقى وقال: هذا صحيح موصول (3). {13}

" وروى " علىُّ كرم الله وجهة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول

(1) ص 499 ج 3 شرح المهذب (الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد القنوت).

(2)

ص 148 ج 4 - المحلى (القنوت فى الوتر).

(3)

ص 134 قيام الليل (ما يدعى به فى قنوت الوتر) وص 210 ج 2 - السنن الكبرى (دعاء القنوت) و (قنت قبل الركوع) فى رواية البيهقى: قنت بعد الركوع و (أهل الكتاب) خصهم لأنهم كانوا يقاتلون المسلمين حينئذ. وأما الآن فالمختار أن يقال: اللهم العن الكفرة ليعم أهل الكتاب وغيرهم. و (نحفد) كنضرب أى نسرع فى العمل والخدمة. و (الجد) بكسر الجيم، أى الحق. و (ملحق) بكسر الحاء أى لاحق. ويجوز فتحها أيصابون به، لكن الرواية بالكسر.

ص: 17

فى آخر وتره: اللهم إن أعوذ برضاك من سَخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك. أخرجه أحمد والأربع إلا الترمذى (1). {33}

هذا. ويصح الجمع بين ما فى هذه الأحاديث. ومن لم يحسن الوارد فليدْعُ بنحو {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (2)} و {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (3)} و {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (4)} أو يقول: {اللَّهُمْ اغْفِرْ لَنَاَ وَارْحَمْنَا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} .

(8)

سن القنوت: هى ثلاث:

1 -

يُسَنّ عند الحنفيين وأحمد أن يُكبر رافعاً يديه محاذياً بإبهاميه شحمتى أذنيه قبل القنوت، لما ثبت عن علىّ رضى الله عنه أنه كبر فى القنوت حين فرغ من القراءة وحين ركع. {14}

(وعن ابن مسعود) أنه كان يكبر فى الوتر إذا فرغ من قراءته حين يقنت، وإذا فرغ من القنوت. وكان يرفع يديه فى القنوت إلى صدره {15}

(وعن البراءة بن عازب) أنه كان إذا فرغ من السورة كبر ثم قنت {16}

(وعن أحمد) أنه إذا كان يقنت قبل الركوع افتتح القنوت بتكبيرة {17}

روى هذه الآثار محمد بن نصر (5).

(1) ص 96 ج 1 مسند أحمد (مسند على رضى الله عنه) وص 59 ج 8 المنهل العذب (القنوت فى الوتر). وص 225 ج 1 مجتبى (الدعاء فى الوتر) وص 185 ج 1 سنن ابن ماجه و (إنى أعوذ برضاك) أى أتحصن بفعل ما يرضيك مما يوجب سخطك، وبفعل ما يوجب عفوك مما يوجب عذابك (وأعوذ بك منك) أأتحصن بذاتك من عذابك (ولا أحصى ثناء عليك) أى لا أستطيع إحصاء نعمك التى تستحق بها الثناء. و (أنت كما أثنيت) أى أنت ثابت على الأوصاف والكمالات التى أثنيت بها على ذاتك.

(2)

سورة البقرة: أية 201 وأولها: ومنهم من يقول: ربنا.

(3)

الأعراف عجز أية: 126 وصدرها: وما تنقم منا.

(4)

الحشر: آية 10 وصدرها: والذين جاءوا من بعدهم.

(5)

ص 133 قيام الليل (التكبير فى القنوت).

ص: 18

2 -

يُسَنُ عند الحنفيين - لكل مصلًّ الإسرار بقنوت الوتر. وقالت الشافعية: يَسنّ للإمام الجهر به ولو قضاء، والمأموم يؤمّن على دعاء الإمام. والمنفرد يُسِرُّ به ولو أداء.

(وقالت) الحنبلية: يُسَنّ للإمام والمنفرد الجهر به. أمّا المأموم فيؤمن جهراً على دعاء إمامه (قال) ابن قدامة: إذا أخذ الإمام فى القنوت أمَّنَ مَنْ خلفه. وإن دعوا معه فلا بأس. وقيل لأحمد إذا لم أسمع قنوتَ الإمام أدعو؟ قال نعم (1).

3 -

يُسَنّ - عند الحنبلية وبعض الشافعية - رفع اليدين فى قنوت الوتر إلى الصدر مبسوطتين وبطونهما إلى السماء. " قال " ابن قدامة: كان أبو عبد الله يرفع يديه فى القنوت إلى صدره، لأن ابن مسعود فعله. وروى عن عُمر وابن عباس (2) وهو الصحيح عند الشافعية. واختاره كثير، منهم البيهقى (لقول) أبى رافع: صليت خلف عُمر بن الخطاب فقنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء. أخرجه البيهقى وصححه (3). {18}

" قال " الحنفيون ومالك والجمهور: لا يستحب رفع اليدين فى القنوت لغير النازلة. واختاره صاحب المهذب والقفال. ونقله إمام الحرمين عن كثير من الشافعية محتجين بأن الدعاء فى الصلاة لا ترفع له اليد كدعاء القعود والتشهد.

(وأما مسح) الوجه باليدين بعد فراغ من القنوت، فلا يستحب عند من قال بعدم رفع اليدين فيه، وكذا عند من قال بالرفع على الصحيح (قال البيهقى) فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلستُ أحفظه عن أحد من السلف فى دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم فى الدعاء

(1) ص 790 ج 1 مغنى.

(2)

ص 790 ج 1 مغنى.

(3)

ص 212 ج 2 - السنن الكبرى (رفع اليدين فى القنوت).

ص: 19

خارج الصلاة وقد روى فيه عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث فيه ضعف (1) وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة. فأما فى الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح ولا أثر ثابت ولا قياس. فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما فعله السلف رضى الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه فى الصلاة (2). (وقال) ابن قدامة: روى عن أحمد انه قال: لم أسمع فيه بشئ، ولأنه دعاء فى الصلاة فلم يُستحبّ مسحُ وجهه فيه كسائر دعائها (3). (وقال) علىّ الباشانىّ: سألت عبد لله " يعنى ابن المبارك " عن الذى إذا دعا مسح وجهه. قال: لم أجد له ثبتاً. أخرجه البيهقى (4). {19}

(9)

الجماعة فى الوتر:

لا يُصلى فى جماعة - عند الحنفيين والشافعى وأحمد إلا فى رمضان فتستحب فيه الجماعة لمن أحب أن يوتر قبل النوم، لقول قيس بن طلْق: زارنا طلق بن علىّ فى يوم من رمضان وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا تلك الليلة وأوتر بنا ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه حتى إذا بقى الوتر قدّم رجلا فقال. أوتر بأصحابك فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران فى ليلة. أخرجه أحمد والثلاثة (5).

(وعن جابر) بن عبد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم قام بهم فى رمضان فصلى ثمان ركعات وأوتر ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج إليهم فسألوه فقال:

(1) هو حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتّم فامسحوا بها وجوهكم. أخرجه أبو داود. وقال: روى هذا الحديث من غير وجه كلها واهية. وتمامه بص 351 ج 2 دين.

(2)

ص 212 ج 2 - السنن الكبرى.

(3)

ص 790 ج 1 - مغنى.

(4)

ص 212 ج 2 - السنن الكبرى.

(5)

تقدم عجزه رقم 13 ص 6 (ثم انحدر إلى مسجده) أى ثم خرج إلى المسجد الذى كان يصلى فيه إماماً. فالإضافة فى مسجده لأدنى ملابسة. ولفظ أحمد " ثم انحدر إلى مسجد ريمان " بفتح الراء، موضع أضيف إليه المسجد.

ص: 20

خشيتُ أن تُكتب عليكم الوترُ. أخرجه ابن حبان وابن نصر وأبو يعلى والطبرانى فى الصغير. وفيه عيسى بن جاريةً وثقه ابن حبان وغيره. وضعفه ابن معين (1). {34}

هذا واختلفوا هل الجماعة فيه أفضل؟ فعند الحنفيين الصحيح أن الجماعة فيه أفضل. واختار بعضهم أن يوتر فى منزله لا بجماعة، لأن الصحابة لم يجتمعوا على الوتر بجماعة فى رمضان كما اجتمعوا على التراويح. وقد علم من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم كان أوتر بهم ثم بين العذر فى عدم مواظبته على الجماعة فى الوتر وهذا يقتضى سنيتها فيه " فلعل " من تأخر عن الجماعة فيه " أحبّ " أن يصلبه آخر الليل فإنه أفضل عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً (2) فأخره لذلك. والجماعة فيه إذا ذاك متعذرة فلا يدل ذلك على أن الأفضل فيه ترك الجماعة لمن أحب أن يوتر أول الليل أفاده ابن الهمام (3) وقال ابن قدامة: قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ يقول: يُعجبنى أن يصلى مع الإمام ويُوتر معه قال النبى صلى الله عليه وسلم " إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له بقية ليله (4) قال: وكان أحمد يقوم مع الناس ويُوتر معهم. قال الأثرم: فأخبرنى الذى كان يؤمه فى شهر رمضان أنه كان يصلى معهم التراويح كلها والوتر (5).

(1) ص 152 ج 2 نصب الراية (قيام رمضان) وص 90 قيام الليل (صلاة النبى صلى الله عليه وسلم جماعة ليلا تطوعاً ف رمضان) وص 172 ج 3 مجمع الزوائد (قيام رمضان).

(2)

تقدم رقم 13 ص 6 (الوتر لا يتكرر).

(3)

ص 335 ج 2 فتح القدير (قيام رمضان).

(4)

هو بعض حديث أخرجه أحمد عن أبى ذر. ص 159 ج 5 مسند أحمد. وفيه حسب له قيام ليلة (حديث أبى ذر رضى الله عنه).

(5)

ص 805 ج 1 مغنى.

ص: 21

وقالت المالكية: تندب الجماعة فى الشفع والوتر فى رمضان فقط.

(10)

قضاء الوتر:

من تركه عامداً أو ناسياً يطلب منه قضاؤه " لحديث " عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من نام عن وتره أو نسيه فَلْيُصَلِّهِ إذا ذكره. أخرجه أبو داود، وكذا الحاكم وابن نصر بلفظ: من نام عن وتره أو نسيه فَلْيُصَلِّهِ إذا أصبح أو ذكره. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين (1). {35}

" ولحديث " عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبى صل الله عليه وسلم قال: من نام عن وتره فليصله إذا أصبح. أخرجه الترمذى مرسلا. {36}

وقال: وهذا أصح من الحديث الأول. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا فقالوا: يُوتر الرجلُ إذا ذكر وإن كان بعدما طلعت الشمس وبه يقول سفيان الثورى (2). ولذا اتفق الأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين على أن الوتر يقضى إذا فات. لكنهم اختلفوا إلى متى يقضى. فقال الحنفيون: يجب قضاؤه فى غير أوقات النهى وهى وقت طلوع الشمس حتى ترتفع كرمح، ووقت استوائها حتى تزول، ووقت اصفرارها حتى يتم الغروب.

(وقالت) الشافعية: يسن قضاؤه فى أى وقت. وهو ظاهر الحديث.

(وقال) مالك وأحمد وإسحاق: يُقضى بعد الفجر ما لم تُصلَّ الصبحُ " قال " الترمذى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا وتر بعد صلاة الصبح. {37}

(1) ص 68 ج 8 - المهل العذب (الدعاء بعد الوتر) وص 301 ج 2 مستدرك. وص 238 قيام الليل (أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالوتر قبل الصبح).

(2)

ص 343 ج 2 تحفة الأحوذى (فى الرجل ينام عن الوتر أو ينسى).

ص: 22

وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول الشافعى وأحمد وإسحاق لا يَرَون الوتر بعد صلاة الصبح (1)" وعن " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم أصبح فأوتر. أخرجه البيهقى (2). {38}

" وقال " أبو الدرداء: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر وقد قام الناس لصلاة الصبح. أخرجه البيهقى والحاكم وصححه (3). {39}

(وذكر) ابن نصر فى هذا آثاراً كثيرة وقال: والذى أقول به أنه يصلى الوتر ما لم يُصلّ الغداة. فإذا صلى الغداة فليس عليه أن يقضيه بعد ذلك وإن قضاه على ما يقضى التطوع فحسن. قد صلى النبى صلى الله عليه وسلم الركعتين قبل الفجر بعد طلوع الشمس فى الليلة التى نام فيها عن صلاة الغداة حتى طلعت الشمس (4)(وفرّق) ابن حزم بين من تركه لنوم أو نسيان أو تركه عمداً قال: ومن تعمد ترك الوتر حتى طلع الفجر فلا يقدر على قضائه فلو نسيه أحببنا له أن يقضيه أبداً متى ذكره (5) وكذا من نام عنه.

والراجح أنه يطلب قضاؤه مطلقاً فى غير أوقات النهى، جمعاً بين أحاديث النهى وحديث من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره (6). وهو إن كان خاصاً بالنائم والناسى فقضاء العامد أولى. كما فى قضاء المكتوبة عند الجمهور " وأما " حديث أبى هارون العبدىّ عن أبى سعيد الخدرى قال: نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وتر بعد الفجر. وفى رواية: من أدركه الصبح فلا وتر له. أخرجه ابن نصر (7). {40}

(1) 344 ج 1 تحفة الأحوذى فى (مبادرة الصبح بالوتر).

(2)

ص 479 ج 2 - السنن الكبرى (من أصبح ولم يوتر فليوتر " قبل " أن يصلى الصبح).

(3)

كذلك. وص 303 ج 1 مستدرك.

(4)

ص 141 قيام الليل (فى الوتر بعد طلوع الفجر).

(5)

ص 101 ج 3 - المحلى.

(6)

تقدم رقم 35 ص 22.

(7)

ص 138 قيام الليل (أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالوتر قبل الصبح).

ص: 23

(فهو) ضعيف، لأن أبا هارون ضعفه غير واحد، وقال النسائى متروك الحديث، وقال الجوزجانى كذاب مفتر، وقال ابن حبان كان يروى عن أبى سعيد ما ليس من حديثه لا يحل كتب حديثه. وقد تقدم حديث صحيح عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد مخالف حديث أبى هارون (1).

(وكذا) حديث سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم قال: إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوترِ فأوتروا قبل طلوع الفجر (فقد) أخرجه الترمذى وقال: قد تفرد به سليمان ابن موسى على هذا اللفظ (2). {41}

وقال البخارى عنده منا كير وقال النسائى ليس بالقوى. وقال ابن عدى: روى أحاديث ينفرد بها ولا يرويها غيره. فالحديث ضعيف لا يقوى على معارضة الأحاديث الدالة على طلب قضاء الوتر.

(11)

ما يقال بعد الوتر:

يستحب أن يقال بعد السلام من الوتر: سبحان الملك القُدُّوس ثلاث مرات رافعاً صوته بالثالثة ثم يقول: ربّ الملائكة والرّوح " لقول " أُبى ابن كعب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الوتر بسبّح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد. فإذا سَّلم قال: سبحان الملك القُدُّوس ثلاث مرات. أخرجه أحمد والنسائى. وفيه: لا يسلم إلا فى آخرهن، والدار قطنى وزاد: يمدّ بها صوتَه فى الأخيرة يقول: رب الملائكة والروح (3). {42}

(1) تقدم رقم 35 ص 22.

(2)

ص 344 ج 1 تحفة الأحوذى (مبادرة الصبح بالوتر).

(3)

ص 123 ج 5 مسند أحمد (حديث عبد الرحمن بن أبزى عن أبى بن كعب .. ). وص 175 الدار قطنى. ومرجع النسائى تقدم بالحديث رقم 27 ص 12 و (القدوس) بضم القاف وقد تفتح: الطاهر المنزه عن العيوب.

ص: 24

(12)

قنوت النوازل:

لا يُسنّ القنوت فى غير الوتر إلا لنازلة، فيُقنت لها بعد الركوع فى كل الصلوات عند محققى الحنفيين والشافعى وأحمد وابن حبيب المالكى " لحديث " ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يقنت فى الفجر قطُّ إلا شهراً واحداً، لأنه حارب حياً من المشركين قنت يدعو عليهم. أخرجه أبو حنيفة عن أبَان. وأخرج عن عطية العُوفى عن أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يقنت إلا أربعين يوماً يدعو على عُصَيَّةَ وذكْوان ثم لم يقنت بعدُ إلى أن مات. وأخرجه الطحاوى بلفظ: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على عُصَيَّةَ وذكْوان، فلما ظهر عليهم ترك القنوت (1). {43}

وفى سنده أبو حمزة القصاب تركه أحمد ويحيى بن معين وقال ابن حبان: كان فاحش الخطأ كثير الوهَم (2)" وروى " أسعد بن طارق بن أيشم الأشجعى عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقنت وصليت خلف أبى بكر فلم يقنت وصليت خلف عمر فلم يقنت وصليت خلف عثمان فلم يقنت. وصليت خلف علىّ فلم يقنت. ثم قال: يا بُنَىَّ إنها بدعة. أخرجه أحمد والنسائى وابن ماجه والترمذى وصححه والطحاوى (3). {44}

وعند غير النسائى: أىّ بُنَى مُحْدَث أى أن المواظبة على القنوت فى الصبح لغير نازلة محدث ليس من هدى النبى صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه.

(1) ص 88 عقود الجواهر المنيفة (نسخ القنوت فى الفجر) وص 144 ج 1 شرح معانى الآثار (القنوت فى صلاة الفجر وغيرها) وعصية، تصغير عصا اسم قبيلة من بىّ سليم. وذكْوان بفتح الذال المعجمة بطن من بىّ سليم.

(2)

ص 117 ج 2 نصب الراية.

(3)

ص 309 ج 3 (الفتح الربانى) وص 164 ج 1 مجتبى (ترك القنوت) وص 194 ج 1 سنن ابن ماجه (القنوت فى صلاة الفجر) وص 311 ج 1 تحفة الأحوذى (ترك القنوت) وص 146 ج 1 شرح معانى الآثار (القنوت فى صلاة الفجر وغيرها)(إنها) أى القنوت أو الدوام عليه. وتأنيث الضمير باعتبار الخبر.

ص: 25

وإلا فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قنت فى الصبح وغيرها للنوازل (قال) ابن عباس: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً فى صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح فى دُبُر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة، يدعو على أحياءٍ من بنى سليم على رِعْل وذكران وعُصَيَّة ويؤمِّنُ مَنْ خَلفه. أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرط البخارى (1). {45}

وقد اتفق العلماء على الجهر فى قنوت النازلة (وروى) عن ابن عباس والبراء وجماعة منهم مالك وإسحاق وابن أبى ليلى أن القنوت للنوازل يكون قبل الركوع " لقول " عاصِمٍ الأحول: سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال: قد كان القنوت. قلت قبل الركوع أو بعده؟ قال قبله، قلت فإن فلاناً أخبرنى عنك أنك قلت بعد الركوع. قال: كذب إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم بعد الركوع شهراً. يدعو على ناس قتلوا أناساً من أصحابه يقال لهم القُّرّاء. أخرجه أحمد والشيخان (2). {46}

(ولقول) عبد الله بن شداد: صليت خلف عُمَر وعلى وأبى موسى فقنتوا فى صلاة الصبح قبل الركوع. أخرجه ابن نصر (3). {20}

(1) ص 307 ج 3 - الفتح الربانى. وص 82 ج 8 - المنهل (القنوت فى الصلوات) وص 225 و 226 ج 1 مستدرك. ورعل، بكسر فسكون بطن من بنى سليم.

(2)

ص 302 ج 3 الفتح الربانى (القنوت فى الصبح) وص 335 ج 2 فتح البارى (القنوت قبل الركوع وبعده) وص 179 ج 5 نووى مسلم (القنوت فى جميع الصلوات إذا نزلت نازلة) و (كذب) أى أخطأ فإن الكذب يطلق على الخطأ فى لغة الحجاز. ويحتمل أن المعنى كذب فى دعوى أن القنوت دائماً بعد الركوع.

(3)

ص 133 قيام الليل (القنوت قبل الركوع).

ص: 26

(ورد) بأن حديث عاصم بّبن أن قنوت النازلة بعد الركوع وأن غيره قبله. وعليه يحمل قول عبد الله بن شداد. وأيضاً فإن عاصماً انفرد بما ذكر عن أنس وقد خالفه سائر الرواة عنه (قال الأثرم) قلت لأحمد: أيقول أحد فى حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول؟ فقال: ما علمت أحداً يقوله غيرُه (1)(وعن مالك) وأحمد وأيوب السختيانى أنه يكون قبل الركوع وبعده " لقول " حُميَد: سئل أْنسٌ عن القنوت فى صلاة الصبح فقال: كنا نقنت قبل الركوع وبعده. أخرجه ابن ماجه والطحاوى وابن نصر بسند صحيح (2). {47}

(وقال مالك) فى القنوت فى الصبح: كل ذلك واسع قبل الركوع وبعده والذى آخُذ به فى خاصّة نفسى قبل الركوع (3) والراجح فى قنوت النوازل كونه بعد الركوع، لكثرة الروايات فيه كما تقدم (قال البيهقى): ورواة القنوت بعد الركوع أكثر واحفظ فهو أولى وعليه درج الخلفاء الراشدون (4) ولا تنافى بين ما روى فى هذا عن أنس، فإن القنوت يطلق على الدعاء، وهو ما رُوى عنه أن بعد الركوع وعلى طول القيام، وهو ما رُوى أنه قبل الركوع.

(ومشهور) مذهب الحنفيين والحنبلية أنه لا قنوت للنوازل إلا فى الصبح قال العلامة إبراهيم الحلبى الحنفى قال الحافظ الطحاوى: إنما لا يُقنت عندنا فى صلاة الفجر من غير بلية. فإذا وقعت فتنة أو بلية فلا بأس بها. فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما القنوت فى الصلوات كلها عند النوازل

(1) ص 72 ج 1 زاد المعاد (القنوت فى الفجر).

(2)

ص 186 ج 1 - سنن ابن ماجه (القنوت قبل الركوع وبعده) وص 133 قيام الليل (القنوت قبل الركوع).

(3)

ص 100 ج 1 مدونة (القنوت فى الصبح).

(4)

ص 208 ج 2 - السنن الكبرى (يقنت بعد الركوع).

ص: 27

فلم يقل به إلا الشافعى، وكأنهم حملوا ما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قنت فى الظهر والعشاء والمغرب على النسخ، لعدم ورود المواظبة والتكرار الواردين فى الفجر (1) (وقال ابن قدامة): فإن نزل بالمسلمين نازلة فللإمام أن يقنت فى صلاة الصبح ويؤمن مَنْ خلفه. وبهذا قال أبو حنيفة والثورى لما ذكرنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على حىّ من أحياء العرب ثم تركه، وأن علياً قنت فقال: إنما استنصرنا على عدوّنا هذا. ولا يقنت آحاد الناس. ويقول فى قنوته نحواً مما قال النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم قال: ولا يُقنت فى غير الصبح من الفرائض. قال عبد الله عن أبيه: كلُّ شئ يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى القنوت إنما هو فى الفجر، ولا يقنت فى الصلاة إلا فى الوتر والغداة إذا كان مستنصراً يدعو للمسلمين. (وقال) أبو الخطاب: يقنت فى الفجر والمغرب، لأنهما صلاتا جهر فى طرفى النهار. (وقيل) يقنت فى صلاة الجهر كلها قياساً على الفجر، ولا يصح هذا. لأنه لم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه القنوت فى غير الفجر والوتر (2). ويرده ما تقدم عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قنت شهراً فى الصلوات الخمس يدعو على أحياءٍ من العرب (3). ولا دليل على النسخ.

(قال) الكمال بن الهمام: يجبّ أن يكون بقاء القنوت فى النوازل مجتهداً فيه، لأنه لم ينقل عنه من قوله صلى الله عليه وسلم إلا قنوت فى نازلة بعد هذه، بل مجرد العدم بعدها، فيتجه الاجتهاد أن ذلك إنما هو لعدم وقوع نازلة بعدها يستدعى القنوت، فتكون شرعيته مستمرة، وهو محمل قنوت

(1) ص 420 غنية المتملى شرح منية المصلى (الوتر).

(2)

ص 792 ج 1 مغنى.

(3)

تقدم رقم 45 ص 26.

ص: 28

من قنت من الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (1). فقد ثبت أن أبا بكر قنت عند محاربة مسيلِمة، وكذلك قنت عمرو علىّ ومعاوية للنوازل. فهذا يدل على أن القنوت للنازلة مستمر لم ينسخ.

(13)

القنوت لغير نازلة:

(أمّا) عند عدم النوازل فلا قنوت فى غير الصبح من الصلوات الخمس اتفاقاً. وكذا فى الصبح عند الحنفيين والحنبلية وإسحاق والثورى وابن المبارك وبه قال ابن عباس وغيره، لما تقدم عن طارق الأشجعى (2) وغيره " ولقول " أبى هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت فى صلاة الصبح إلا أن يدعَو لقوم أو يدعَو على قوم أخرجه ابن حبان بسند صحيح (3). {48}

وأخرج ابن أبى شيبة عن أبى بكر وعمر وعثمان وابن عباس وابن مسعود وابن عمر وابن الزبير: أنهم كانوا لا يقنتون فى صلاة الفجر (4). {21}

(وقالت المالكية) يقنت فى الصبح سراً قبل ركوع الثانية.

(وقالت) الشافعية وابن حبيب المالكى: يقنت فيه جهراً بعد ركوع الثانية " لحديث " محمد بن سيرين أن أنس بن مالك سئل هل قنت النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة الصبح؟ فقال نعم، فقيل له قبل الركوع أو بعده؟ قال بعد الركوع يسيراً. أخرجه السبعة إلا الترمذى (5). {49}

" ولقول " أنس: مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت فى الفجر

(1) ص 310 ج 1 فتح القدير (صلاة الوتر).

(2)

تقدم رقم 44 ص 25.

(3)

ص 130 ج 2 نصب الراية.

(4)

ص 131 منه.

(5)

ص 301 ج 3 الفتح الربانى. وص 334 ج 2 فتح البارى (القنوت قبل الركوع وبعده) وص 178 ج 5 نووى مسلم (القنوت فى جميع الصلوات) وص 87 ج 8 - المنهل العذب (القنوت فى الصلوات) وص 186 ج 1 سنن ابن ماجه (القنوت قبل الركوع وبعده).

ص: 29

حتى فارق الدنيا. أخرجه أحمد والبزار والدار قطنى والطحاوى بسند رجاله موثقون، وصححه الحاكم والبيهقى، وأخرجه الدار قطنى والحاكم من عدة طرق عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو عليهم ثم تركه فأما فى الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا (1). {50}

وأجاب الأولون:

(أ)" عن حديث " ابن سيرين عن أنس، بأنه محمول على قنوت النازلة، فقد تقدم فى حديث عاصم الأحول عن أنس أنه قال: إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهراً يدعو على أناس قتلوا أناساً

من أصحابه يقال لهم القُرّاء (2).

(ب) وعن حديث أنس الثانى بأنه ضعيف لا تقوم به حجة، لأن فى سنده أبا جعفر الرازى، وهو وإن وثقه جماعة ففيه مقال، قال عبد الله ابن أحمد: ليس بالقوى. وقال ابن المدينى: إنه يخلط. وقال أبو زَرَعة: يهم كثيراً. وقال ابن معين: ثقة لكنه يخطئ. ويقوى ضعفه ما ثبت أن أنسَاً نفسه لم يكن يقنت فى الصبح. قال غالب ابن فرْقدٍ الطحَّان: كنت عند أنس بن مالك شهرين فلم يقنت فى صلاة الغداة. أخرجه الطبرانى بسند حسن (3). {22}

وعلى فرض صحة حديث أنس فيحمل على القنوت للنوازل، أو المراد أنه كان يطيل الاعتدال بعد الركوع للدعاء والثناء إلى أن فارق الدنيا. قد روى ثابت عن أنس قال: إن لا آلو أن أصلىَ بكم كما رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بنا. قال ثابت: كان أنس يصنع شياً لم أركم تصنعونه،

(1) ص 162 ج 3 مسند أحمد. وص 139 ج 2 مجمع الزوائد (القنوت) وص 178 سنن الدار قطنى وص 143 ج 1 شرح معانى الآثار (القنوت فى صلاة الفجر وغيرها) وص 201 ج 2 السنن الكبرى (لم يترك أصل القنوت فى صلاة الصبح).

(2)

تقدم رقم 46 ص 26.

(3)

ص 132 ج 2 نصب الراية.

ص: 30

كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل قد نسى وبين السجدتين حتى يقول القائل قد نسى. أخرجه البخارى (1). {51}

فهذا هو القنوت الذى مازال صلى الله عليه وسلم يفعله حتى فارق الدنيا ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو ربه ويثنى عليه فى هذا الاعتدال وهو غير القنوت المؤقت بشهر، فإنه كان دعاءً على رِعْل وذكْوانَ وعُصيَّة. ودعاءً للمستضعفين.

" ولما صار " القنوت فى لسان الفقهاء وغيرهم هو الدعاء المعروف: اللهم اهدنى فيمن هديت إلخ. وسمعوا أنه صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت فى الفجر حتى فاروق الدنيا، وكذا الخلفاء والصحابة " حملوا " القنوت فيما ذكر على مصطلحهم ونشأ من لا يعرف غيره فلم يشكّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابَه كانوا مداومين عليه كل غداة، فنازعهم فيه جمهور العلماء وقالوا لم يكن هذا من فعله صلى الله عليه وسلم الراتب (ومما يدل) على أن الرماد بالقنوت فى حديث أنس القيام للدعاء (قول) حنظلة السدوسى اختلفت أنا وقتادة فى القنوت فى صلاة الصبح، فقال قتادة قبل الركوع، وقلت بعد الركوع، فأتينا أنس بن مالك فذكرنا له ذلك فقال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة الفجر فكبر وركع ورفع رأسه ثم سجد ثم قام فى الثانية فكبر وركع ثم رفع رأسه فقام ساعة ثم وقع ساجداً. أخرجه سليمان ابن حرب (2). {52}

فهذا القيام والتطويل هو مراد أنس. ومنه تعلم:

(أ) أن الراجح أن القنوت خاص بالنّوازل فى الصبح وغيرها. وأما تخصيصه بالصبح فى حديث ابن سيرين عن أنس، فبالنظر لسؤال السائل.

(1) ص 204 ج 2 فتح البارى (المكث بين السجدتين).

(2)

ص 73 ج 2 زاد المعاد (القنوت).

ص: 31

(ب) وأنه كان من هديه صلى الله عليه وسلم القنوتُ فى النوازل خاصة، وتركهُ عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر، بل كان أكثر قنوته فيها لاتصالها بصلاة الليل وقربها من السحر وساعة الإجابة، ولأنها الصلاة المشهودة التى تشهدها ملائكة الليل والنهار، ولذا كان أهل الحديث يقنتون حيث قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه.

ومع هذا لا ينكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفاً للسنة، كما لا ينكرون على من تركه عند النوازل ولا يرون تركه بدعة، بل من قنت فقد أحسن. ومن تركه فقد أحسن، وهذا من الاختلاف المباح الذى لا يَعنّف فيبه من فعله ولا من تركه كرفع اليدين فى الصلاة وتركه، وكالخلاف فى ألفاظ الأذان والإقامة وأنواع النسك من الإفراد والقرآن والتمتع، ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدى وأفضله. (وعلى الجملة) فالذى يؤخذ من أحاديث الباب أنه كان صلى الله عليه وسلم لا يقنت فى غير الوتر إلا فى النوازل، فكان يقنت جهراً بعد الركوع ويؤمِّنُ مَنْ خلفه ويرفع يديه فيه كما تقدم أن أبا بكر فعله وكذا عمر وعلىّ ومعاوية. وتقدم حديث ابن عباس (1) وحديث أنس فى قصة القُرّاء (2).

(وقال) الأسود: كان عبد الله بن مسعود يرفع يديه فى القنوت إلى صدره. {23}

(وقال) أبو عثمان النهدى: كان عمر يَقْنُتُ بنا فى صلاة الغداة ويرفع حتى يخرج ضبعيه. أخرجهما ابن نصر (3). {24}

وبهذا قال الحنفيون وأحمد وإسحاق وهو الصحيح عند الشافعية.

ومما يتصل اتصالا وثيقاً بسنن الصلاة وواجباتها.

(1) تقدم رقم 45 ص 26.

(2)

تقدم رقم 46 ص 26.

(3)

ص 154 قيام الليل (رفع الأيدى عند القنوت) و (ضبعيه) تثنية ضبع بفتح فسكون وهو المضد.

ص: 32