المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الحادى عشر) ما يباح فى المسجد - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٣

[السبكي، محمود خطاب]

الفصل: ‌(الحادى عشر) ما يباح فى المسجد

أوامر الله تعالى وأكل أموال الناس بغير حق فعاقبته الدمار والهلاك وغضب الواحد القهار، وأن السعيد من باع دنياه بأخراه. وىثر الباقى على الفانى. وليحذر من مخالفة شرط الواقف. وعليه أن يتحرى فى كل أعماله سبيل السداد. والله ولى التوفيق والرشاد.

(الحادى عشر) ما يباح فى المسجد

يباح فيه أمور: المذكور منها هنا اثنا عشر:

(1)

يباح فيه النوم عند الحاجة قال نافع: أخبرنى ابن عمر أنه كان ينام وهو شاب عَزِب لا أهل له فى السجد النبىّ صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخارى (1). {110}

(وقال) سهل بن سعد: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً ف البيت فقال: أينَ ابنُ عمك؟ قالت: كان بينى وبينه شئ فغاضبنى فلم يقِلْ عندى رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظرْ أين هو؟ فجاء فقال يا رسول الله هو راقد فى المسجد. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل صلى الله عليه وسلم يمسحُ عنه ويقول: قم أبا تراب. أخرجه البخارى (2). {421}

(ولهذا) قال أكثر الحنفيِّين والشافعى وأحمد والجمهور: يجوز النوم فى المسجد بلا كراهة ما لم يضيق على مصل أو يشوش عليه وإلا حرم (قال) البدر العينى: قد سئل ابن المسيب وسليمان بن يسار عن النوم فيه فقالا: كيف تسألون عنه وقد كان أهل الصفة ينامون فيه وهم قوم كان مسكنهم المسجد.

(وذكر) الطبرى عن الحسن قال: رأيت عثمان بن عفان نائماً فيه ليس

(1) ص 360 ج 1 فتح البارى (نوم الرجال فى المسجد) و (عزب) بفتح فكسر. وفى رواية أعزب. وهى لغة قليلة، أى لا زوج له.

(2)

ص 360 منه.

ص: 313

حوله أحد وهو أمير المؤمنين (1). {111}

(وقال) النووى: ثبت أن أصحاب الصفة والعُرنيين وعلياً وصفوان ابن أمية وجماعات من الصحابة كانوا ينامون فى المسجد وأن ثمامة بن أثال كان يبيت فيه قبل إسلامه كل ذلك فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) الشافعى فى الأم: وإذا بات المشرك فى المسجد فكذا المسلم (وقال) فى المختصر: ولا باس أن يبيت المشرك فى كل مسجد إلا السجد الحرام (2)(وقال) الشيخ منصور بن إدريس: يباح للمعتكف وغيره النوم فيه لأن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا مضطجعاً فى المسجد على بطنه فقال: إن هذه ضجْعة يبغضُها الله. رواه أبو داود وهو حديث صحيح وكذا الترمذى عن أبى هريرة (3). {422}

فأنكر الضجعة ولم ينكر نومه بالمسجد من حيث هو. وكان أهل الصفة ينامون فى المسجد (قال) الحارثى: لا خلاف فى جواز النوم للمعتكف. وكذا وكذا مالا يستدام كبيتوتى الضيف والمريض والمسافر وقيلولة المجتاز ونحو ذلك. لكن لا ينام قدّام المصلين، لما تقدم أنه يكره للمصلى استقبال نائم. وما يستدام من النوم كنوم المقيم، عن أحمد المنع منه. وحكى القاضى رواية بالجواز. وهو قول الشافعى وجماعة (4) وقال: ويباح للمريض أن يكوِن فى المسجد. وان يكون فى خَيْمَة. قالت عائشة: أصيب سعدُ يومَ الخندقِ فى الأكحل فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة فى المسجد يعوده من قريب. متفق عليه (5). {423}

(1) ص 198 ج 4 عمدة القارى.

(2)

ص 173 ج 2 شرح المهذب (المسألة الرابعة - أحكام المساجد) و (ثمامة بن أثال) بضم ففتح فيهما. وحديث بياته فى المسجد يأتى رقم 432 ص 319.

(3)

ص 309 ج 4 سنن أبى داود (أبواب النوم) وص 12 ج 4 تحفة الأحوذى (كراهية الاضطجاه على البطن - أبواب الاستئذان).

(4)

ص 543، 544 ج 1 كشاف القناع (أحكام المساجد - الاعتكاف) والأكحل، بفتح فسكون ففتح، عرق فى وسط الذراع هو عرق الحياة.

(5)

ص 543، 544 ج 1 كشاف القناع (أحكام المساجد - الاعتكاف) والأكحل، بفتح فسكون ففتح، عرق فى وسط الذراع هو عرق الحياة.

ص: 314

(وفصل) مالك وإسحاق بين من له مسكن فيكره له، ومن لا مسكن له فيباح (وقال) بعض الحنفيين: يكره النوم فيه لغير المعتكف والغريب (قال) الشيخ إبراهيم الحلبى: والنوم فيه لغير المعتكف مكروه. وقيل لا بأس للغريب أن ينام فيه. والأولى أن ينوى الاعتكاف ليخرج من الخلاف (1)(وكره) النوم فيه مطلقاً ابن مسعود وطاوس ومجاهد والأوزاعى.

(2)

ويباح المبيت فى المسجد لمن يكن له بيت ولا مكان مبيت ولو امرأة إذا أمنت الفتنة (روى) عروة عن عائشة: إنَّ وليدةَ كانت سوداء لحىّ من العرب فأعتقوها فكانت معهم فخرجت صَبِيةٌ لهم عليها وِشاحٌ أحمرُ من سُيور فوضعتْه أو وقع منها فمرت به حُدَيّاة وهو ملقى فحِسبته لحماً فخطفته، فالتمسوه فلم يجدوه قالت: فاتهمونى به فطفِقوا يفُتشون حتى فتشوا قبلها قالت: والله إنى لقائمة معهم إذْ مرَّت الحدَيَّاة فألفتْه فوقع بينهم. فقلت هذا الذى اتهمتونى به زعمتم وأنا منه برئية. وهو ذا هو. فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمتْ. فكانَ لها خِباء فى المسجد أو حِفشٌ فكانت تأتينى فتحدِّثُ عندى فلا تجلس عندى مجلساً إلا قالت:

ويومُ الوِشاح من تعاجيب ربنا إلا أنه من بلدة الكفر أنجانى

قالت عائشة: فقلت لها ما شأنك لا تقعدين معى مَقْعداً إلا قلت هذا؟ فحدّثتنى بهذا الحديث. أخرجه البخارى (2). {424}

(1) ص 612 غنية المتملى شرح منية المصلى.

(2)

ص 359 ج 1 فتح البارى (نوم المرأة فى المسجد) و (الوشاح) بكسر الواو. وتضم، ما تتوشح به المرأة (من سيور) أى من جلد. و (حديأة) بضم ففتح فياء مشددة. أصلها حديأة تصغير حداًة كعنبة. أبدلت الهمزة ياء وأدغمت فى الياء. وزيدت الألف للإشباع. و (قالت) أى الوليدة و (قبلها)، بضمتين، أى فرجها. وأتت بضمير الغيبة التفاتاً. وفى رواية قالت: فدعوت الله أن يبرأنى، فجاءت الحديأة وهم ينظرون. و (الخباء) بكسر ففتح ممدوداً، الخيمة ذات عمودين أو ثلاثة. و (الحفش)، بكسر فسكون، بيت صغير قليل السمك مأخوذ من الانخفاش وهو الانضمام.

ص: 315

(3)

ويباح عند جمهور العلماء الوضوء فى المسجد إلا أن يقُذره أو يتأذى به الناس فإنه يكره (قال) ابن المنذر: أباح كلُّ من يحُفظ عنه العلمُ الوضوء ف المسجد إلا أن يبله أو يتأذى به الناس فإنه يكره.

(ونُقِل) الترخيص فى الوضوء فى المسجد عن ابن عمر وابن عباس وطاوس وعطاء والنخعى وابن القاسم المالكى وأكثر أهل العلم (وعن) ابن سيرين ومالك وسحنون أنه مكروه تنزيهاً للمسجد. ذكره النووى (1).

(وعند الحنفيّين) يكره التوضؤ فيه إلا إذا كان فى موضع أعد لذلك.

(وعليه) وعلى ما قاله الجمهور يحمل حديث أبى العالية عن رجل م أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حفظتُ لك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فى المسجد. أخرجه أحمد بسند حسن. {425}

(4)

ويجوز نضح المسجد بالماء الطاهر ولو مستعملا على المختار.

(5)

ويجوز الاستلقاء على الظهر فى المسجد ووضع إحدى الرجلين على الأخرى " لحديث " عبَّاد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقلياً فى المسجد على ظهره واضعهاً إحدى رجليه على الأخرى. أخرجه السبعة إلا ابن ماجه وقال الترمذى: حسن صحيح. {426}

وفيه جواز الإتكاء فى المسجد والاضطجاع وأنواع الاستراحة.

(1) ص 174 ج 2 شرح المهذب (المسألة الخامسة - أحكام المساجد)

ص: 316

(وقال) محمد بن سيرين ومجاهد وطاوس وإبراهيم النخعى: يكره وضع إحدى الرجلين على الأخرى فى المسجد. ورُوى عن ابن عباس وكعب ابن عُجْرة (وفى) حديث جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع الرجلَ إحدى رجليه على الأخرى وهو مسْتلق على ظهره. أخرجه مسلم وأبو داود (1). {427}

(وأجاب) عنه الجمهور بأنه محمول على ما إذا كان الوضع يؤدى إلى كشف العورة (روى) سعيد بن المسيِّب أن عمَر بن الخطاب وعثمان كانا يفعلان ذلك (يعنى وضع إحدى الرجلين على الأخرى حال الاستلقاء فى المسجد). أخرجه البخارى وأبو داود وابن أبى شيبة (2). {112}

(قال) الخطلابى النهى الوارد عن ذلك منسوخ أو يحمل النهى حيث يخشى أتبدو عورته. والجواز حين يؤمن من ذلك (قال) الحافظ: والثانى أولى من ادعاء النسخ، لأنه لا يثبت بالاحتمال. وممن جزم به ابيهقى والبغوى وغيرهما من المحدثين. وجزم ابن بطال بأنه منسوخ " ودعوى " أن الجواز خاص به صلى الله عليه وسلم، والنهى عام لغيره " يرده " ما صح أن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك، سيما وأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال. والظاهر أن فعله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز، وكان ذلك ف وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس، لما عرف من هادته صلى الله عليه وسلم من الجلوس بينهم بالوقار التام (3).

(6، 7) ويباح الأكل والشرب فى المسجد للمعتكف وغيره عند الشافعى وأحمد إن لم يكن فيه تعفيش أو تقذير للمسجد أو تضييق على مصل ولم يكن المأكول ذا رائحة كريهة كالثوم والبصل " لقول " عبد الله بن الحارث الزبيدى: كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد الخبز واللحم. أخرجه ابن ماجه بسند حسن رجاله ثقات (4). {428}

(1) ص 77 ج 14 نووى مسلم (النهى عن اشتمال الصماء .. )(وص 267 ج 4 سنن أبى داود).

(2)

ص 378 ج 1 فتح البارى: وص 267 ج 4 سنن أبى داود.

(3)

ص 377 ج 1 فتح البارى (الشرح).

(4)

ص 161 ج 3 سنن ابن ماجه (الأكل فى المسجد).

ص: 317

" ولحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم أتِىَ بفضيخ فى مسجد الفَضيخ فشربه فلذلك سمى مسجد الفضيخ. أخرجه احمد وأبو يعلى، وفى سنده عبد الله بن نافع ضعفه البخارى وأبو حاتم والنسائى، وقال ابن معين: يكتب حديثه. قاله الهيثمى (1). {429}

(قال) الحنفيون: يباح الأكل للمعتكف ويكره لغيره لأن المسجد لن يُبن لذلك ولا حاجة إلى الأكل فيه لغير المعتكف (وقالت) المالكية: يباح للمعتكف مطلقاً ولغيره إن كان المأكول يسيرا وإلا كره.

(وأما) ما يؤدى إلى تقذير المسجد أو تضييقه على المصلى وأكل ما فيه رائحة كريه ة. فاتفقوا على تحريمه (قال) الشيخ منصور بن إدريس: ومن له الأكل فيه فلا يلوث حُصْره ولا يلقى العظام ونحوها كقشور البطيخ ونوى التمر ونحوه فيه، لأنه تقذير له. فإن فعل فعليه تنظيف ذلك. وإن لم يزله فاعله وجب على من علمه غيره (2).

(8)

ويباح فى المسجد اللعب بالحراب ونحوها للتدريب عِلى حرب العدو " لقول " أبى هريرة: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد والحبشَةُ يلعبون فزجرهم عمر. فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم دعْهم يا عمر. فإنهم بنو أرْفِدة. أخرجه أحمد - وهذا لفظه - والشيخان (3). {430}

يعنى أن اللعب بالحراب للتدريب شأنُ أهل الحبشة وهو من الأمور المباحة فلا إنكار عليهم. كأن عمر رضى الله عنه بنى على الأصل فى تنزيه المساجد عن مثل هذا، فبين له النبى صلى الله عليه وسلم وجه الجواز فيما

(1) ص 21 ج 2 مجمع الزوائد (الأكل والشرب فى المسجد). و (الفضيخ) بالخاء المعجمة شراب يتخذ من البسر.

(2)

ص 543 ج 1 كشاف القناع (أحكام المساجد - الاعتكاف).

(3)

ص 72 ج 3 - الفتح الربانى. وص 60 ج 6 فتح البارى (اللهو بالحراب - الجاهد) وص 187 ج 6 نووى مسلم (آخر العيدين) و (أرفدة) بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء وقد تفتح، لقب للحبشة أو اسم جدهم الأكبر.

ص: 318

كان هذا سبيله، أو لعله لم يكن يعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يراهم أفاده الحافظ (1).

(وقال) اللعب بالحراب ليس لعباً مجرداً بل فيه تدريب الشُّجعان على تعود الحرب والاستعداد للعدو

(وقال) المهلب: المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه (2).

(وقال) الحافظ: قال الطبرى: فى الحديث تنبيه على أنه يغتفر لهم ما لم يغتفر لغيرهم، لأن الأصل فى المساجد تنزيهاً عن اللعب فيقتصر على ما ورد فيه النص أهـ.

وروى السراج من طريق أبى الزناد عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال يؤمئذ: لتعلم اليهود أن فى ديننا فسحة. إنى بعثت بحنيفية سمحة. {431}

وهذا يشعر بعدم التخصيص (3)(وحكى) ابن التين عن أبى الحسن اللخمى أن اللعب بالحراب فى المسجد منسوخ بالقرآن والسنة.

(أما القرآن) فقوله تعالى: " فِى بُيُوت أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ "(4).

(وأما السنة) فحديث: جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم (5).

(وردّ) بأن هذا الحديث ضعيف كما تقدم. وليس فيه ولا فى الآية تصريح بما ادعاه ولا عرف التاريخ حتى يثبت النسخ. أفاده الحافظ (6).

(9)

ويجوز عند الشافعى دخول الكافر - ولو غير كتابى - المسجِد بغذن المسلم " لقول " أبى هريرة: بعث النبى صلى الله عليه وسلم خيلا قِبل نجدٍ فجاءتْ برجل من بنى حَنيفة يقال له ثمامةُ بن أثُال فربطوه بسارية منِ سوارى المسجد فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أطلقوا ثُمامة

(1) ص 303، 304 ج 2 فتح البارى (الشرح - الحراب والدرق يوم العيد).

(2)

ص 369 ج 1 منه الشرح (أصحاب الحراب فى المسجد).

(3)

ص 303، 304 ج 2 منه. الشرح.

(4)

النور آية: 36.

(5)

تقدم رقم 382 ص 265 (صون المسجد عن دخول غير المكلف).

(6)

ص 369 ج 1 فتح البارى الشرح.

ص: 319

فانطلق إلى نَجْل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. أخرجه الشيخان وأبو داود (1). {432}

(واستثنى) الشافعية: مسجدَ مكة وحرَمها. (قال) النووى: قال أصحابنا لا يمُكن كافر من دخول حرم مكة. وأما غيره فيجوز أن يدخل كل مسجد ويبيت فيه بإذن المسلمين ويمنع منه بغير إذن. ول وكان كافر جنباً فهل يمكن من اللبث فى المسجد؟ فيه وجهان أصحهما يمكن (وقال) الحنفيّون ومجاهد: يجوز دخول الكتابى دون غيره " لحديث " جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل مسجدنا هذا مشرك بعد عامنا هذا غير أهل الكتاب وخدمهم. أخرجه أحمد بسند جيد (2). {433}

وهذا هو الظاهر. (قالت) المالكية: لا يجوز للكافر دخول المسجد الحل والحرام إلحاجة. (قال) العلامة الصاوى: يمنع دخول الكافر المسجد وإن أذن له مسلم إلا لضرورة عمل، ومنها قلة أجرته عن المسلم واتقانه على الظاهر (3). (وقالت) الحنبلية: لا يجوز لكافر دخول الحرم مطلقاً ولا مسجد الحل إلا لحاجة (قال) الشيخ منصور بن إدريس: ولا يجوز لكافر دخول مسجد الحل ولو بإذن مسلم، لقوله تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ (4)} ويجوز دخول مساجد الحل للذمى والمعاهد والمستأمن إذا استؤجر لعمارتها لأنه لمصلحتها (5).

(10)

ويجوز الجلوس فى المسجد على متكأ من فرو ووسادة وغيرهما بلا كراهة إن لم يكن للترفه، وإلا كره (وعليه) يحمل قول ابن الحاج:

(1) ص 373 ج 1 فتح البارى (الاغتسال إذا أسلم) وص 87 ج 12 نووى مسلم (ربط الأسير فى المسجد) وص 57 ج 3 سنن أبى داود (الأسير يوثق) و (قبل) بكسر ففتح أى جهة و (نجل)، بفتح فسكون، الماء النابع من الأرض.

(2)

ص 339 ج 3 مسند أحمد. (مسند جابر بن عبد الله رضى الله عنهما).

(3)

ص 58 ج 1 بلغة السالك لأقرب المسالك (قبيل التيمم).

(4)

التوبة آية: 81.

(5)

ص 544 ج 1 كشاف القناع (أحكام المساجد - الاعتكاف).

ص: 320

وقد منع مالك بأن يأتى الرجل بوسادة فى المسجد يتكئ عليها أو بفروة يجلس عليها. وأنكر ذلك وقال: تشبّه المساجد والبيوت (1).

(11، 12) ويباح عقد النكاح والقضاء فى المسجد عند الحنفيين وأحمد " لحديث " عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا هذا النكاح واجعلوه فى المساجد، واضربوا عليه بالدفوف. أخرجه الترمذى وقلا:

غريب. وفى سنده عيسى بن ميمون الأنصارى ضعيف (2). {434}

(وقال) البخارى: وقضى شريح والشعبى ويحيى بن يعمر فى المسجد (3).

(قال) الشيخ منصور بن إدريس: ويباح فيه عقد النكاح بل يستحب كما ذكره بعض الأصحاب، والقضاء واللعان " لحديث " سهل بن سعد، وفيه: قلا تلاعنا فى المسجد وأنا شاهد. منفق عليه (4). {435}

(وقال) المالكيون: يستحب إجراء صيغة عقد النكاح بالمسجد بلا رفع صوت ولا ذكر شروط وإلا كره. ويستحب الجلوس للقضاء فى المسجد أو فى رحبته، (وقالت) الشافعية: لا بأس بعقد النكاح فيه، يوركه اتخاذه محلا للقضاء (قال) النووى: ينبغى للقاضى أن لا يتخذ المسجد مجلساً للقضاء فإن جلس فيه لصلاة أو غيرها فاتفقت له حكومة فلا بأس بالقضاء فيها فيه (5).

(وهذا) هو ظاهر حديث كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبى حدْردٍ ديْناً

(1) ص 82 ج 2 - المدخل.

(2)

ص 170 ج 2 تحفة الأحوذى (إعلان النكاح) يعنى بالبينة. فالأمر للوجوب أو بالإظهار والإشهار فالأمر للاستحباب كما فى قوله (واجعلوه فى المساجد)(واضربوا عليه بالدفوف) يعنى خارج المسجد. والمراد بالدف ما لا جلاجل له عند الحنفيين. وعند الشافعية الضرب به مباح مطلقاً ولو بجلاجل. وظاهر قوله (واضربوا) أنه لا يختص بالنساء لكنه ضعيف. والأحاديث القوية فيها الإذن فى ذلك للنساء فلا يلحق بهن الرجال.

(3)

ص 125 ج 13 فتح البارى (من قضى ولا عن فى المسجد).

(4)

ص 542 ج 1 كشاف القناع (أحكام المساجد) وانظر حديث سهل ص 1426 ج 13 فتح البارى (من قضى ولا عن فى المسجد - الأحكام).

(5)

ص 178 ج 2 شرح المهذب (الرابعة والعشرون - المساجد وأحكامها).

ص: 321