الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الرابع) أن يجعل ظهره إلى وجه الإمام، فلا تصح صلاته، لتقدمه على إمامه فى جهته.
(السابع) أحكام المساجد
خصت هذه الأمة بجواز الصلاة فى أى موضع من الأرض غير ما تقدم من المواضع المنهى عن الصلاة فيها لما فى " حديث " جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: وجُعِلتْ لِىَ الأرضُ طهوراً ومسجداً، فأيُّمَا رجل من أمتى أدركته الصلاة فليْصل حيث أدركته. أخرجه أحمد والشيخان والنسائى (1). {319}
والكلام هنا ينحصر فى عشرة فروع:
(1)
فضل بناء المساجد: من بنى مسجداً مخلصاً لله تعالى فله أجر عظيم وثواب دائم. وقد ورد فى ذلك أحاديث (منها) حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ بنى لله مسجداً ولو كَمَفْحَص قطاة لبيضها بنى الله له بيتاً فى الجنة. أخرجه أحمد وابن حبان والبزار بسند جيد (2). {320}
(وحديث) عثمانَ بن عفان رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من بنى لله مسجداً يبتغى به وجه الله بنى الله له مثله فى الجنة. أخرجه أحمد والشيخان وابن ماجه والترمذى وقال: حديث حسن صحيح (3). {321}
(1) ص 187 ج 2 - الفتح الربانى وص 298 ج 1 فتح البارى (التيمم) وص 3 ج 5 نووى مسلم (المساجد) وص 73 ج 1 مجتبى (التيمم بالصعيد) وأوله: أعطيت خمساً.
(2)
ص 47 ج 3 - الفتح الربانى. و (مفحص)، كمذهب موضع تبيض فيه القطاة. وهى طائر. وهو محمول على المبالغة، لأن المفحص لا يكفى للصلاة، أو محمول على أن يشترك جماعة فى بناء مسجد فتكون حصة كل قدر المفحص.
(3)
ص 46 ج 3 - الفتح الربانى. وص 365 ج 1 فتح البارى (من بنى مسجداً) وص 14 ج 5 نووى مسلم (فضل بناء المساجد) وص 129 ج 1 سنن ابن ماجه (من بنى الله مسجداً)(وص 264 ج 1 تحفة الأحوذى فضل بنيان المساجد).
وهذا من باب التقريب، وإلا فما فى الجنة لا مثيل له.
(وحديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنّ مما يلحقُ المؤمنَ من عمله وحسناتِه بعد موته علماً علمه ونشره، وولدا صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقةً أخرجها من ماله فى صحته وحياته تلحقه من بعد موته أخرجه ابن ماجه والبيهقى بسند حسن (1). {322}
(وحديث) عمرو بن عتبة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من بنى لله مسجداً لِيُذْكَرَ اللهُ تعالى فيه بنى الله له بيتاً فى الجنة. أخرجه أحمد والنسائى بسند جيد (2). {323}
(2)
اتخاذ القبور مساجد: يجوز - عند الجمهور - نبش قبور الكفار واتخاذ أرضها مسجداً " روى " أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم أُمِر ببناء المسجد فأرسلَ إلى بنى النجّار فقال يا بنى النجار ثامنونى بحائطكم هذا فقالوا: والله ما نطلبُ ثمنهُ إلا إلى الله وكان فيه قبورُ المشركين وفيه خرِب وفيه نخْل، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فَنُبِشتْ، ثم بالخَرِبَ فَسُوِّيتْ ثم بالنخل فَقُطِعَ. فصَفوا النخل قبله المسجد، وجعلوا عِضادتيه الحجارة وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجون والنبى صلى الله عليه وسلم معهم وهو يقول: اللهم لا خير إلا خيرُ الآخرة. فانصرَ الأنصار والمهاجِرهْ. أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائى من حديث طويل (3). {324}
(1) انظر رقم 2497 ص 540 فيض القدير.
(2)
ص 47 ج 3 - الفتح الربانى. وص 112 ج 1 مجتبى (الفضل فى بناء المساجد).
(3)
ص 76 ج 3 الفتح الربانى وصدره: كان موضع مسجد النبى صلى الله عليه وسلم لبنى النجار فقال لهم امنونى وص 354 ج 1 فتح البارى (هل تنبش قبور مشركى الجاهلية؟ ) وص 6 ج 5 نووى مسلم (المساجد
…
) وص 52 ج 4 - المنهل العذب (بناء المساجد) وص 114 ج 1 = مجتبى (نبش القبور واتخاذها مساجد) و (أمر ببناء المسجد) أى مسجد المدينة. و (ثامنون)، أى ساومونى فى الثمن. و (إلا إلى الله) إلى بمعنى من. وقد صرح بها عند الإسماعيل قال: فقالوا لا نطلب ثمنه إلا من الله. وزاد ابن ماجه: ابداً. وظاهر الحديث أنهم لم يأخذوا منه ثمناً " ولا ينافيه " ما رواه ابن سعد فى الطبقات عن الواقدى أن النبى صلى الله عليه وسلم اشتراه منهم بعشرة دنانير دفعها أبو بكر رضى الله عنه " لأن هذا " كان من بنى النجار فى مبدأ المساومة، فلما تبين أن الأرض كانت ليتيمين لم يقبل النبى صلى الله عليه وسلم منهما التبرع فأمر أبا بكر بدفع الثمن لهما. و (خرب) بفتح الخاء وكسر الراء بعدها موحدة، جمع خربة ككلم وكلمة (وحكى) الخطابى كسر أوله وفتح ثانيه، جمع خربة كعنب وعنبة .. و (عضادتيه) تثنية عضادة بالكسر جانب الباب.
(دل) الحديث على جواز التصرف في المقبرة المملوكة بالهبة والبيع، وجواز نبش القبور الدارسة إذا لم تكن محترمة، وجواز الصلاة في مقابر المشركين بعد نبشها وإخراج ما فيها (وقال) الأوزاعي: لا يجوز نبش قبر الكافر لبناء موضعه مسجدًا (لحديث) ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين (الحديث) أخرجه مسلم. {325}
نهى أن ندخل بيوتهم فكيف قبورهم (ورد) بأن هذا قياس معارض بالنص فلا يعول عليه (وأما بناء المساجد) فى مقابر المسلمين فلا يجوز ما لم تندرس " لحديث " جُنْدُب بن عبد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، إنى أنهاكم عن ذلك. أخرجه مسلم والنسائى (1). {326}
فاتخاذ القبور التى لم تندرس مساجدَ حرام كما يحرم بناء المساجد على القبور
(1) ص 111 ج 18 نووى مسلم (النهى عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكياً - الزهد) و (الحجر) بكسر فسكون، مساكن ثمود بوادى القرى بين المدينة والشام.
ويجب هدم كل مسجد بنى على قبر (1).
وإنما نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجداً خوفاً من المبالغة فى تعظيمه والافتتان به وربما أدّى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية.
" ولما " احتاجت الصحابة والتابعون رضى الله عنهم إلى الزيادة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، وفيها حجرة عائشة مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبى بكر وعمر " بنوا " على القبر حيطاناً مرتفعة
(1) ومن هذا المسجد الذى بنى على مغارة الخليل بفلسطين (قال) تقى الدين ابن تيمية (ولما كان) اتخاذ القبور مساجد وبناء المسجد عليها محرماً، ولم يكن شئ من ذلك على عهد الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولم يكن يعرف قط مسجد على قبر، وكان الخليل عليه السلام فى المغارة التى دفن فيها وهى مسدودة لا أحد يدخل إليها، ولا تشد الصحابة الرحال لا إليه ولا إلى غيره من المقابر، لأن فى الصحيحين من حديث أبى هريرة وأبى سعيد رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدى هذا، والمسجد الأقصى (يأتى رقم 348 ص 240)(فكان) يأتى من يأتى منهم إلى المسجد الأقصى يصلون فيه ثم يرجعون لا يأتون مغارة الخليل ولا غيرها، وكانت مغارة الخليل مسدودة حتى استولى النصارى على الشام فى أواخر المائة الرابعة، ففتحوا الباب وجعلوا ذلك المكان كنيسة. ثم إلى فتح المسلمون البلاد اتخذه بعض الناس مسجداً وأهل العلم ينكرون ذلك " والذى " يرويه بعضهم فى حديث الإسراء انه قيل للنبى صلى الله عليه وسلم: هذه طيبة أنزل فصل فنزل فصلى .. هذه مكان أبيك أنزل فصل " كذب " موضوع لم يصل النبى صلى الله عليه وسلم تلك الليلة إلا فى المسجد الأقصى خاصة كما ثبت ذلك فى الصحيح، ولا نزل إلا فيه (ولهذا) لما قدم الشام من الصحابة من لا يحصى عددهم إلا الله وقدمها عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس، وبعد فتح الشام لما صالح النصارى على الجزة وشرط عليهم الشروط المعروفة، وقدمها مرة ثالثة حتى وصل إلى سرغ " بفتح فسكون، موضع قرب تبوك " ومعه أكابر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار (فلم يذهب) أحد منهم إلى مغارة الخليل ولا غيرها من آثار الأنبياء التى بالشام لا ببيت المقدس ولا بدمشق ولا غير ذلك، مثل الآثار الثلاثة التى بجبل قابسيون فى غربيه الربوة المضافة إلى عيسى عليه السلام، وفى شرقية المقام المضاف إلى الخليل عليه السلام، وفى وسطه وأعلاه مغارة الدم المضافة إلى هابيل لما قتله قابيل. فهذه البقاع وأمثالها لم يكن السابقون الأولون يقصدونها ولا يزورونها ولا يرجعون منها بركة، فإنها محل الشرك. ولهذا توجد فيها الشياطين كثيراً، وقد رآهم غير واحد على صورة الإنس، ويقولون لهم رجال الغيب، يظنون أنهم رجال من الإنس غائبين عن الأبصار، وإنما هم جن والجن يسمون رجالا كما قال الله تعالى:" وأنه كان رجال من الإنس يعزذون برجال من الجن فزادهم رهقاً ". انظر ص 121 تفسير سورة الإخلاص.
مستديرة حوله، لئلا يظهر فى المسجد فيصلى إليه العوامّ ويؤدى إلى المحظور. ثم بنوا جدارين من ركنى القبر الشماليين حرفوهما حتى التقيا، فلا يتمكن أحد من استقبال القبر (وقد حمل) بعضهم الوعيد على من كان فى ذلك الزمان لقرب العهد بعبادة الأوثان. وهو تقييد بلا دليل. لأن التعظيم والافتتان لا يختصان بزمان دون زمان " وقد " يؤخذ:(أ) من قوله صلى الله عليه وسلم: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبو أنبيائهم مساجد.
(ب) ومما روى ابن عباس قال: لعن النبى صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج. أخرجه أحمد والأربعة (1). {327}
" أن محل " الذم على ذلك أن تتخذ المساجد على القبور بعد الدفن، لا لو بنى المسجد أوى وجعل القبر فى جانبه ليدفن فيه واقف المسجد أو غيره فليس بداخل فى ذلك (قال) العراقى: والظاهر أنه لا فرق، وأنه إذا بنى المسجد لقصد أن يدفن فى بعضه، فهو داخل فى اللعنة. بل يحرم الدفن فى المسجد. وإن شرط أحد أن يدفن فيه لم يصح الشرط، لأنه مخالف لمقتضى وقفه مسجداً. وإن قُبِرَ ميت فى مسجد وطال مكثه سوى القبر حتى لا تظهر صورته. ويحرم دفن الميت فى المسجد.
(قال) النووى فى المجموع: وأما حفر القبر فى المسجد فحرام شديد التحريم أهـ. وإن اندرست القبور سُوِّيتْ وحلّ اتخاذها مسجداً.
(قال) ابن القاسم المالكى: لو أن مقبرة من مقابر المسلمين عفت فبنى قوم عليها مسجداً لم أر بذلك بأساً. (وقال) ابن الماجشون: المقبرة إذا ضاقت عن الدفن وبجانبها مسجد ضاق بأهله لا بأس أن يوسّع المسجد ببعضها، والمقبرة والمسجد حبس على المسلمين (وقالت) الحنبلية: إذا صار الميت رميماً جازت زراعة المقبرة وحرثها والبناء عليها، وإلا فلا يجوز.
(1) انظر رقم 13 ص 8 ج 8 - الدين الخالص (محظورات القبر).
(وقال) الحنفيّون: المسجد إذا خرب ودَثرَ ولم يبق حوله جماعة. والمقبرة إذا عَفتْ وَدَثرَتْ تعود ملكاً لأربابها. وجاز أن يُبنى موضعَ المسجد دار، وموضعَ المقبرة مسجدٌ وغيرُ ذلك. فإن لم يكن لها أرباب تكون لبيت المال. هذا. وإذا نبشت المقبرة ونقل ترابها ولم يكن هناك نجاسة تخالط أرضها جازت الصلاة فيها.
(3)
يجوز جعل الكنائس والبيع مساجد " لحديث " عثمانَ بن أبى العاِص أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعلَ مسجد الطاِئف حيث كان طواغيُتهم أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم بسند جيد (1). {328}
وكذلك فعل الصحابة والسلف الصالح لما فتحوا البلاد. حوَّلوا كنائسها مساجد ومدارس انتهاكاً للكفر ومحواً لأثره.
(4)
يسن لمن أراد دخول المسجد أن يدخل برجله اليمنى ويصلىَ ويسلم على النبى صلى الله عليه وسلم وأن يدعوَ بما فى حديث من هذه الأحاديث:
1 -
حديث أبى حُمْيدٍ وأبى أسيْد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدُكم المسجد فَلْيُسلِّمْ على النبى صلى الله عليه وسلم ثم لْيَقُلْ: اللهم افتح لى أبواب رحمتك. وإذا خرج فليقل: اللهم عن أسألك من فضلك. أخرجه أبو داود وابن ماجه (2). {329}
2 -
حديث فاطمةَ بنتِ الحُسين عن جدّتها فاطمةَ الزهراء قالتْ: كان
(1) ص 47 ج 4 - المنهل العذب (بناء المساجد) وص 130 ج 1 - سنن ابن ماجه (أين يجوز بناء المساجد؟ ) و (طواغيتهم) جمع طاغوت. يطلق على الشيطان والصْم وهو المراد هنا. والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل المسجد فى المكان الذى كانت فيه أصنامهم.
(2)
ض 73 ج 4 - المنهل العذب (فيما يقول الرجل عند دخول المسجد) وص 134 ج 1 - سنن ابن ماجه (الدعاء عند دخول المسجد).
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: باسم الله والسلامُ على رسول الله، اللهم اغفر لى ذنوبى وافتح فى أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: باسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر فى ذنوبى وافتح لى أبواب فضلك. أخرجه أحمد وابن ماجه وكذا الترمذى بلفظ: إذا دخلَ المسجدَ صلى على محمد وسلم وقال: رب اغفر لى
…
وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال: رب اغفر لى
…
وهو رواية لأحمد. وقال الترمذى: حديث حسن وليس إسناده بمتصل، وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى. إنما عاشت فاطمة بعد النبى صلى الله عليه وسلم أشهراً (1). {330}
3 -
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حُفِظَ منى سائر اليوم. أخرجه أبو داود بسند جيد (2). {331}
4 -
وعن ابن عباس فى قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ} قال: هو المسجد إذا دخلتَه فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أخرجه أحمد وعبد الرازق والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين (3){93}
5 -
حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليسلِّم على النبى صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم افتح لى أبواب رحمتك. وإذا خرج فليسلم على النبى صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم
(1) ص 52 ج 3 - الفتح الربانى. وص 134 ج 1 سنن ابن ماجه. وص 261 ج 1 تحفة الأحوذى (ما يقول عند دخوله المسجد).
(2)
ص 75 ج 4 - المنهل العذب (فيما يقول الرجل عند دخوله المسجد).
(3)
ص 55 ج 4 فتح القدير الشوكانى. وص 401 ج 2 مستدرك.
عصمنى من الشيطان الرجيم. أخرجه ابن حبان والبيهقى وابن ماجه (1){332}
(5)
يطلب ممن دخل المسجد غير المسجد الحرام ألَاّ يجلس حتى يصلى ركعتين تحية المسجد " لحديث " أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس. أخرجه الستة والبيهقى وقال الترمذى حسن صحيح (2). {333}
(والعدد) لا مفهوم له (ولظاهر) الأمر قالت الظاهرية بوجوب تحية المسجد على كل من دخله فى وقت تجوز فيه الصلاة. وقال بعضهم تجب فى كل وقت، لأن فعل الخير لا يمنع إلا بدليل (وقال) الجمهور: الأمر للندب فهى سنة لما تقدم أن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم يسألُ عن الإسلام، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: خمسُ صلوات فى اليوم والليلة. قال: هل علىّ غيرُهن؟ قال لا إلا أن تطّوع (3).
" ولقول " عبد الله بن بُسْر: جاء رجل يتخطَّى رقابَ النِاس يومَ الجمعة والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت وآنيت. أخرجه أحمد والطحاوى وأبو داود والنسائى (4). {334}
أمره بالجلوس ولم يأمره بالصلاة (قال) البدر العينى: لو قلنا بوجوب
(1) ص 442 ج 2 - السنن الكبرى (ما يقول إذا دخل المسجد) وص 134 ج 1 سنن ابن ماجه (الدعاء عند دخول المسجد).
(2)
ص 361 ج 1 - فتح البارى (إذا دخل المسجد .. ) وص 225 ج 5 نووى مسلم (استحباب تحية المسجد .. ) وص 77 ج 4 - المنهل العذب (ما جاء فى الصلاة عند دخول المسجد) ولفظه: إذا جاء أحدكم. وص 119 مجتبى (الأمر بالصلاة قبل الجلوس فيه) وص 262 ج 1 تحفة الأحوذى (إذا دخل أحدكم المسجد .. ) وص 53 ج 3 - السنن الكبرى (تحية المسجد).
(3)
(تقدم رقم 5 ص 3 ج 2 طبعة 2 - الصلاة).
(4)
ص 71 ج 6 - الفتح الربانى وص 215 ج 1 شرح معانى الآثار (الرجل يدخل المسجد يوم الجمعة
…
) وص 285 ج 6 - المنهل العذب (تخطى رقاب الناس يوم الجمع) وص 207 ج 1 مجتبى (النهى عن تخطى رقاب الناس .. )(آنيت) أى تأخرت.
تحية المسجد لَحَرُمَ على المحدث الحدثَ الأصغر دخولُ المسجد حتى يتوضأ ولا قائل به. فإذا جاز الدخول المسجد على غير وضوء، لزم منه أن لا يجب عليه صلاة تحية المسجد عن دخوله (1)(وهذه) الأحاديث تدل على مشروعية تحية المسجد فى كل وقت حتى وقت خطبة الجمعة. وبه قال الشافعية وابن عيينة وابن المنذر وداود وإسحاق بن راهويه والحسن البصرى، لعموم هذه الأحاديث " ولحديث " جابر بن عبد الله قال: جاء سُليك الغطفانىّ يومَ الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوّز فيهما. ثم قال: إذا جاء أحدُكم يومَ الجمعة والإمامُ يخطب فليْركعْ ركعتين ولْيَتَجوَّزَ فيهما. أخرجه مسلم (2){335}
" وأما " أحاديث النهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس "فمحمولة" على مالا سبب له من الصلوات " لقول " أم سلمة: دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر فصلى سجدتين قلت: يا بنى الله أنزل عليك فى هاتين السجدتين؟ قال: لا ولكن صليت الظهر فشغلت (أى عن راتبته) فاستدركتها بعد العصر. أخرجه أحمد بسند لا بأس به (3). {336}
(وقالت) الحنبلية: تُسنّ التحية وقت الخطبة وتحرم فى أوقات النهى ولا تنعقد (وقال) الحنفيون وابن سيرين وعطاء بن أبى رباح والليث وشُرَيح والأوزاعى: تكره تحية المسجد فى أوقات النهى وحال خطبة الجمعة.
(وقالت) المالكية: تكره بعد صلاة الصبح والعصر وتحرم حال الخطبة
(1) ص 202 ج 4 عمدة القارى (إذا دخل أحدكم المسجد .. ).
(2)
ص 164 ج 6 نووى مسلم (التحية والإمام يخطب).
(3)
ص 309 ج 6 مستدرك (حديث أم سلمة رضى الله عنها).
ووقت طلوع الشمس وغروبها "لحديث" ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدُكم المسجدَ والإمامُ على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمامُ. أخرجه الطبرانى. وفى سنده أيوب بن نهيك منكر الحديث ومتروك ضعفه جماعة وذكره ابن حبان فى الثقات وقال: يخطئ (1). {337}
فهو حديث لا يحتج به ولا يعارض الأحاديث الصحيحة.
" وأما أمره " صلى الله عليه وسلم سُلَيْكاً بصلاة الركعتين " فأجابوا " عنه بوجوه كلها ضعيفة. ويعارضها ما تقدّم فى الحديث الصحيح عن جابر ابن عبد الله من قوله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدُكم يومَ الجمعة والإمامُ يخطبُ فلْيركعْ ركعتين ولْيتَجوّزْ فيهما (2)(وهو) يرد ما قبل من أن قصة سليك واقعة عين لا عموم لها (وأقوى) دليل لمن قال بعدم جواز الصلاة حال الخطبة (حديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. أخرجه الجماعة إلا الترمذى (3). {338}
(ووجه) الدلالة أنه إذا مُنع من هذه الكلمة مع كونها أمراً بمعروف ونهياً عن منكر فى زمن يسير وهو واجب، فلأن يمنع من الركعتين مع كونهما مسنونتين وفى زمن طويل من باب أولى (ورد) بأن هذا قياس فى مقابلة النص فلا يعوّل عليه. (فالراجح) القول بمشروعية تحية المسجد حال الخطبة ويؤيده أن النبى صلى الله عليه وسلم قطع الخطبة وهى فرض وأمر سليكاً بالصلاة (وهذا) يدلّ دلالة قاطعة على تأكد صلاة ركعتى التحية إذ معلوم أن الفرض وهو الخطبة لا يقطع إلا لمتأكد فعله. هذا. ولا تفوت التحية
(1) ص 184 ج 2 مجمع الزوائد (فيمن يدخل المسجد والإمام يخطب).
(2)
تقدم عجز رقم 335.
(3)
انظر رقم 801 ص 418 ج 1 فيض القدير.
بالجلوس ولو طال عند الحنفيين ومالك، ولما تقدّم أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر سُليكاً بالصلاة بعد جلوسه (ولقول) أبى ذر: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد فجلست فقال: هل صليت: قلت لا. قال: قم فصلّ فقمت فصليت ثم جلست (الحديث) أخرجه أحمد وأخرجه ابن حبان نحوه فى باب تحية المسجد لا تفوت بالجلوس (1). {339}
(وقالت) الشافعية: لا تفوت بالجلوس سهواً أو نسياناً وتفوت بالجلوس عمداً ولو قصر ولا يشرع قضاؤها (ورده) الحافظ بحديث أبى ذر وقصة سليك. ثم قال: ويحتمل أن يحمل مشروعيتها بعد الجلوس على ما إذا لم يطل الفصل (2)(وقالت) الحنابلة: لا تفوت إلا بالجلوس الطويل.
(وتتكرر) بتكرر دخول المسجد عند الشافعية، لظاهر الأحاديث.
(وقال) الحنفيون: لا تتكرر بتكرر الدخول بل يكفيه ركعتان لها فى اليوم (وقال) المالكيون: إن رجع
عن قرب كفته الأولى وإلا كررها.
(وقال) الحنبليون: تُسنّ تحية المسجد لكل داخل فى غير وقت النهى قبل أن يجلس إذا كان متطهراً. وتتكرر بتكرر الدخول لغير مقيم بالمسجد يتكرر دخوله وغير داخل لصلاة العيد فيه لعذر كمطر، وغير خطيب دخل للخطبة، لأن المطلوب منه أن يصعد المنبر عند دخوله اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم. (وتطلب) التحية ممن دخل المسجد مجتازاً عند الجمهور، لعموم الأحاديث. (وقالت) المالكية: لا يطالب المجتاز بالتحية. لأنه صلى الله عليه وسلم علق تأديتها بالجلوس حيث قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين. أخرجه ابن ماجه عن المطلب بن عبد الله عن أبى هريرة
(1) ص 178 ج 5 - مسند أحمد (حديث أبى ذر الغفارى رضى الله عنه).
(2)
ص 361 ج 1 فتح البارى (إذا دخل المسجد فليركع ركعتين).
بسند رجاله ثقات وهو منقطع. المطلب بن عبد الله لم يلق أبا هريرة (1). {340}
فينتفى طلبها بانتفاء الجلوس (ورد) بان الجلوس ليس هو المقصود بالتعليق عليه بل المقصود الوجود فى البقعة " لحديث " أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء أحدكم المسجد فَلْيُصَلِّ سجدتين قبل ان يجلسَ، ثم لْيقعد بعدُ إن شاء أو لِيذْهَبْ لحاجته. أخرجه أبو داود (2). {341}
" فوائد "(الأولى) هل يصلى التحية من دخل المسجد لصلاة العيد إذا دعت ضرورة إلى صلاتها فيه؟ (قالت) الحنبلية: لا يصليها كما تقدّم.
(وعند) الجمهور يصليها، لعموم الحديث " ولا ينافيه " قول ابن عباس رضى الله عنهما: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما " الحديث " أخرجه أبو داود (3). {342}
" لأنه " محمول على صلاته صلى الله عليه وسلم فى الصحراء كما كانت عادته صلى الله عليه وسلم. وما صلاها فى المسجد إلا لضرورة مطر كما سيأتى فى صلاة العيد إن شاء الله تعالى.
(الثانية) كان من هدى النبى صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين تحية للمسجد ثم يسلم على القوم، فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق الله تعالى، والسلام على الخلق حق لهم وحق الله تعالى فى مثل هذا أحق بالتقديم. بخلاف الحقوق المالية فإن فيها نزاعاً معروفاً عند الفقهاء، وكانت عادة القوم معه صلى الله عليه وسلم هكذا يدخل أحدهم المسجد فيصلى ركعتين ثم يسلم على النبى صلى الله عليه وسلم.
(1) ص 164 ج 1 - سنن ابن ماجه (من دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع).
(2)
ص 82 ج 4 - النهل العذب (ما جاء فى الصلاة عن دخول المسجد).
(3)
ص 340 ج 6 منه (الصلاة بعد صلاة العيد).
(ففى حديث) رفاعة بن رافع أن النبى صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس فى المسجد يوماً ونحن معه إذْ جاءه رجل كالبدوى فصلى فأخفَّ صلاته ثم انصرف فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل (الحديث) أخرجه أحمد والترمذى وهذا لفظه وحسِّنه (1). {343}
(فأنكر) صلى الله عليه وسلم صلاته ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه بعد الصلاة (وعلى هذا) فَيسنّ لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة ثلاث تحيات مرتبة: أن يقول عند دخوله باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم يصلى ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم.
(الثالثة) ما تقدم من طلب صلاة تحية المسجد إنما هو فى غير المسجد الحرام. أما هو فتحيته الطواف، إلا لمن أراد الجلوس قبل الطواف. فإنه يشرع له أن يصلى التحية (الرابعة) يسنّ للقادم من سفر أن يبدأ بالمسجد فيصلى فيه ركعتين " لقول " كعب بن مالك فى حديث تخلفه عن تبوك: وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً. وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين. أخرجه أحمد والشيخان والثلاثة (2). {344}
وينبغى لمن يدخل المسجد لصلاة أو غيرها أن ينوى الاعتكاف.
(6)
السعى إلى المساجد والجلوس فيها للطاعة من أسباب السعادة فى الدنيا والآخرة، وقد ورد فى ذلك عدة أحاديث (منها) حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن للمساجد أوتاداً الملائكةُ جلسلؤهم، إن
(1) ص 156 ج 3 - الفتح الربانى. وص 247 ج 1 تحفة الأحوذى (وصف الصلاة).
(2)
ص 457 ج 3 مسند أحمد. وص 82 ج 8 فتح البارى (حديث كعب بن مالك - المغازى) وص 129 ج 3 تيسير الوصول (سورة براءة).
غابوا يفتَقِدونهم، وإن مَرِضوا عادوهم، وإن كانوا فى حاجة أعانوهم. ثم قال: جليس المسجد على ثلاث خصال: أخٌ مستفاد، أو كلمةُ مْحكمة، أو رحمة مُنْتظرة. أخرجه أحمد والمنذرى. وفى سنده ابن لهيعة، متكلم فيه. وأخرج الحاكم صدره من حديث عبد الله بن سلام. وقال: صحيح على شرط الشيخين (1). {345}
(دل) الحديث على فضل من لازم المسجد، وأنه لا يعدم صحبة أخ صالح يستفيد منه نصيحة أو مساعدة أو بيان آية قرآنية أو مسألة علمية، أو رجاء رحمة من رب البرية. فقد ثبت أن الجالس فى المسجد تدعو له الملائكة بالمغفرة والرحمة. ودل على أن الملائكة تجالسه، فإن غاب بحثوا عنه، وإن مرض عادوه. وفى ذلك فليتنافس المتنافسون (وحديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من غدا إلى المسجد وراح أعدّ اللهُ له الجنةَ نُزُلا كلما غدا وراح. أخرجه أحمد والشيخان (2). {346}
(وحديث) أبى سَعيد الخدرىّ أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم الرجلَ يعتاد المسجد فاشهدوا عليه بالإيمان. قال الله عز وجل: إنَّمَا يَعْمرُ مساجدَ الله مَن آمنَ باللهِ وَاليومِ الآخرِ. أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقى والترمذى، وقال: حسن غريب، والحاكم وقال صحيح الإسناد (3). {347}
(1) ص 22 ج 2 مجمع الزوائد (لزوم المساجد) وص 49 ج 3 - الفتح الربانى. وص 398 ج 2 مستدرك. و (الأوتاد) جمع وتد بكسر التاء وتفتح، والمراد بهم من يكثرون الجلوس فى المساجد للطاعة.
(2)
ص 50 ج 3 - الفتح الربانى. وص 103 فتح البارى (فضل من غدا للمسجد ومن راح) وص 170 ج 5 نووى مسلم (ثواب المشى إلى الصلاة) و (الغدو) الذهاب أول النهار (والرواح) الرجوع آخره. والمراد مطلق الذهاب والإياب (والنزل) المنزل وما يعد للضيف. والمراد به الأجر والثواب.
(3)
ص 50 ج 36 - الفتح الربانى. وص 138 ج 1 سنن ابن ماجه (لزوم المسجد
…
) وص 66 ج 3 - السنن الكبرى (فضل المساجد وفضل عمارتها بالصلاة فيها .. ) وص 212 ج 1 مستدرك. وقوله: صحيح الإسناد يرده أن فيه دراجاً أبا السمح قال الذهبى: دراج كثير المناكير.
وتقدم حديث: إذا توضأ أحدُكم فأحسنَ الوُضوء ثم خرج إلى الصلاة لم يرفعْ قدمه اليمنى إلا كتبَ الله عز وجل له حسنة، ولم يضعْ قدمه اليسرى إلا حطّ الله عز وجل عنه سيئةً، فَليقرِّب أحدُكم أو لِيُبعِّدْ فإن أتى المسجد فصلى فى جماعة غفر له (1). والأحاديث فى هذا كثيرة تقدم بعضها فى بحث " فضل الوضوء "(2).
(7)
أفضل المساجد: أفضلها المسجد الحرام ثم المسجد النبوى ثم مسجد بيت المقدس ثم مسجد قباء ثم القدم فالأقدم (لحديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدى هذا والمسجد الأقصى. أخرجه السبعة إلا الترمذى (3). {348}
(1) تقدم رقم 78 ص 49.
(2)
تقدم ص 239 ج 1 طبعة ثانية.
(3)
انظر رقم 9802 ص 403 ج 6 فيض القدير. وص 42 ج 3 فتح البارى (فضل الصلاة فى مسجد مكة والمدينة) وص 167 ج 9 نووى مسلم (فضل المساجد الثلاثة). و (الرحال) جمع رحل، وهى فى الأصل الإبل. والمراد هان مطلق السفر، عليها او على غيرها. أى لا ينبغى السفر لقصد الصلاة إلا لهذه المساجد الثلاث. ففى رواية لأحمد: لا ينبغى للمصلى أن يشد رحاله إلى مسجد يبغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا (قال) الشيخ تقى الدين السبكى: ليس فى الأرض بقعة لها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة. والمراد بالفضل ما شهد به الشرع ورتب عليه حكماً وأما غيرها فلا تشد إليها الرحال لذاتها، بل لطلب العلم والتجارة وصلة الرحم وزيارة الصالحين والإخوان وغير ذلك. وزعم بعضهم أن شد الرحال إلى زيارة من فى غير البلاد الثلاثة داخل فى المنع. وهو خطأ، لأن المستثنى يكون من جنس المستثنى منه. ومعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد، أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان، إلا إلى الثلاثة المذكورة. وشد الرحال إلى زيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل إلى من فيه أهـ و (المسجد الحرام) أول مسجد وضع فى الأرض وهو مسجد مكة قال تعالى: إن أول بيت وضع الناس للذى ببكة مباركاً (آل عمران آية 96) وقال ابو ذر: قلت يا رسول الله أى مسجد وضع فى الأرض أولا؟ قال المسجد الحرام قلت ثم أى؟ قال المسجد القصى قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة (الحديث) أخرجه احمد ومسلم والنسائى وابن ماجه وأبو داود الطيالسى .. ص 150 ج 5 مسند أحمد وص 2 ج 5 نووى مسلم (المساجد) وص 112 ج 1 مجتبى وص 131 ج 1 سنن ابن ماجه (أى مسجد وضع أولا) ورقم 462 (مسند الطيالسى) بنى المسجد الحرام سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وبنى المسجد الأقصى حفيده سيدنا يعقوب عليه السلام بعد أربعون عاماً. ثم جدده سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام =
(وعن أبى هريرة) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صلاة فى مسجدى هذا أفضلُ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجدَ الحرام. أخرجه الشيخان والنسائى (1). {349}
(وعن جابر) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صلاة فى المسجد الحرام
= وعلى هذا يحمل حديث عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سليمان لما بنى بيت المقدس سال الله عز وجل خلالا ثلاثة (الحديث) أخرجه النسائى بسند صحيح ص 112 ج 1 مجتبى. (فضل المسجد الأقصى والصلاة فيه) قال بدر الدين محمد بن عبد الله الزوكشى: إن سليمان عليه السلام إنما كان له من المسجد الأقصى تجديده لا تأسيسه. والذى أسسه يعقوب بن إسحاق صلى الله عليهما وسلم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا القدر يعنى أربعين عاماً (ص 4 إعلام الساجد بأحكام المساجد رقم 1582 فقه عام بالمكتبة الأزهرية) ومنه يعلم (أولا) أن المسجد الأقصى كان قائماً حين نزلت آية الإسراء. ويؤيده حديث أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التى يربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين (الحديث) أخرجه أحمد ومسلم (انظر هامش ص 147 ج 5 الدين الخالص) ولا حاجة إلى التأويل وصرف لفظ القرآن والحديث إلى ما يخالف الحقيقة. وما كان من عمر رضى الله عنه - حين فتح القدس سنة 16 ست عشرة هجرية صلحاً - إلا تجديد المسجد لا تأسيسه " ومن زعم " أن المسجد الأقصى لم يكن قائماً حين نزلت آية الإسراء " فزعمه " باطل يرده الواقع والكتاب والسنة (ثانياً) دلت الأحاديث السابقة على أن المسجد الأقصى هو بيت المقدس الذى طلب مطعم بن عدى من النبى صلى الله عليه وسلم أن يصفه لهم. فقال صلى الله عليه وسلم: دخلته ليلا وخرجت منه ليلا. فأتاه جبريل عليه السلام فصوره فى جناحه فجعل يقول باب منه كذا فى موضع كذا وباب منه كذا فى موضع كذا. ويؤيده حديث ميمونة مولاة النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله أفتنا فى بيت المقدس. فقال صلى الله عليه وسلم: ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج فى قناديله. أخرجه أبو داود وابن ماجه (ص 64 ج 4 المنهل العذب المورود - السرج فى المساجد). (قال) ابن كثير فى تفسيره (من المسجد الحرام) وهو مسجد مكة (إلى المسجد الأقصى) وهو بيت المقدس الذى بإيلياء معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام. وعلى هذا اتفق العلماء ومنه يتبين أن بيت المقدس هو المسجد الأقصى وليس هو المدينة المقدسة التى تسمى القدس. ومن زعم غير ذلك فزعمه باطل مردود بما ذكر. وسمى المسجد الأقصى لبعده عن مكة بالنسبة لمسجد المدينة. وخصت المساجد الثلاثة بهذا الفضل، لأن الأول إليه الحج وبه القبلة، والثانى أسس على التقوى (روى) أبى بن كعب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: المسجد الذى أسس على التقوى مسجدى هذا. أخرجه أحمد من عدة طرق (انظر ص 242 ج 4 تفسير ابن كثير) والثالث قبلة الأمم الماضية وكان قبلة المسلمين سبعة عشر شهراً فى أول الهجرة.
(1)
ص 44 ج 3 فتح البارى (فضل الصلاة فى مسجد مكة والمدينة) وص 163 ج 9 نووى مسلم. و (صلاة) أى ولو نفلا (فى مسجدى هذا) يؤخذ من الإشارة أن الزيادة التى حدثت فى مسجد المدينة بعد النبى صلى الله عليه وسلم ليس لها هذا الفضل، بل هى كغيرها من المساجد، بخلاف الزيادة التى حصلت فى المسجد الحرام فلها هذا الفضل لعدم التقييد فيه بالإشارة.
مائةُ ألفِ صلاةٍ وصلاة فى مسجدى ألْفُ صلاة، وفى بيت المقدس خمُسمِائِة صلاةٍ. أخرجه البيهقى وحسنه السيوطى (1). {350}
(وقال) ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى مسجد قُباء كل سبت ماشياً وراكباً فيصلِّى فيه ركعتين. أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائى والبيهقى والطيالسى (2). {351}
(وَفُضِّلَ) المسجد الأقدم لقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ (3)} ولأن قِدَمه يقتضى كثرة العبادة فيه، وهذا يقتضى زيادة فضله. فإن استوى مسجدان فى القدم فالأقرب أفضل، ولو استويا فى القدم والقرب، فالأفضل ما كثر جمعه، إلا إن كان مريدُ المسجد فقيهاً يقتدى به، فالأفضل له الذهاب إلى ما جماعته أقل تكثيراً لها. ومسجدُ الجهة وإن قلّ جمعه أفضل من الجامع وغن كثر جمعه. وهذا مذهب الحنفيين (وقالت) الشافعية: أفضل المساجد المساجد الثلاثة على الترتيب السابق ثم الأكثر جمعاً إن كان إمامُه صالحاً لا تكره إمامته ولم يترتب على الصلاة فيه تعطيل مسجد آخر، وإلا كانت الصلاة فيما قل جمعه أفضل (وقالت) الحنبلية: أفضل المساجد، المساجد الثلاثة ثم العتيق ثم ما كثر جمعه ثم الأبعد إلاّ إن تَوقف الجماعة فى غير
(1) انظر رقم 5109 ص 228 ج 4 فيض القدير. و (مائة ألف) أى كمائة ألف، وكذا يقال فيما بعد (وبهذه) الأحاديث استدل الجمهور على أن مكة أفضل من المدينة، لأن الأمكنة تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها. وعكس مالك (واختلفوا) فى المراد بالمسجد الحرام على أقوال: أرجحها أنه مسجد مكة، وقيل إنه مكة كلها، وقيل الحرم كله.
(2)
ص 4 ج 2 مسند أحمد ورقم 1840 ص 252 مسند الطيالسى. وص 249 ج 2 تكملة المنهل (تحريم المدينة) وباقى المراجع بص 250 منه
(3)
الحج عجز آية: 33 وصدرها: لكم فيها (أى الأنعام) منافع. و (محلها) أى مكان نحرها عند البيت العتيق، وهو الكعبة كما قال تعالى (هدياً بالغ الكعبة) والمراد أرض الحرم وسمى عتيقاً لأنه أول بيت وضع للناس.
ما ذكر على حضور شخص، أو كان فى حضوره تشجيع لإمامه وجماعته، فصلاته فيه أفضل (ومشهور) مذهب المالكية أن أفضل المساجد مسجد النبى صلى الله عليه وسلم، ثم المسجد الحرام، ثم المسجد الأقصى، ثم مسجد قباء، ثم القريب ثم المساجد كلها سواء (وقال) ابن وهب وابن حبيب: المسجد الحرام أفضل من المسجد النبوى. وهو الذى تشهد له الأدلة.
(8)
يكره تزيين المساجد ونقشها بغير الذهب والفضة وتشييدها " لحديث " أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تقومُ الساعةُ حتى يتباهى الناسُ بالمساجد. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقى وصححه ابن حبان (1). {352}
" ولحديث " ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما أُمِرْتُ بتشييد المساجد. أخرجه أبو داود والبيهقى وصححه ابن حبان (2). {353}
(وقال) ابن عباس: لَتُزَخْرِفُنَّهَا ما زخرفت اليهود والنصارى. ذكره البخارى معلقاً (3). {94}
وهو وإن كان موقوفاً فى حكم المرفوع، لنه لا يقال من قبل الرأى. والتشييد رفع البناء وتطويله " ولا ينافيه " قوله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ (4)} . " لأن المراد " برفعها تعظيمُها فلا يذكر فيها فحش القول، وتطهيرُها من الأدناس والبدع، فلا ترفع فيها الأصوات. ولا تدخلها الصبيان، ولا تقام فيها الخصومات (وقال) ابن عمر: نُهِينا أن نُصلّى فى مسجد مُشْرفٍ. أخرجه البيهقى (5). {354}
(1) ص 67 ج 3 - الفتح الربانى. وص 46 ج 4 - النهل العذب (فى بناء المساجد) وص 129 ج 1 سنن ابن ماجه (تشييد المساجد) وص 439 ج 2 - السنن الكبرى (كيفية بناء المساجد) و (التباهى) التفاخر بالنقش وعلو البناء.
(2)
ص 43 ج 4 - المنهل العذب (فى بناء المساجد) وص 438 ج 2 - السنن الكبرى.
(3)
ص 362 ج 1 - فتح البارى و (لتزخرفتها) بفتح لام القسم وضم التاء والفاء وشد نون التوكيد من الزخرفة، وهى التزيين.
(4)
النور آية: 36.
(5)
ص 439 ج 2 - السنن الكبرى.
(وأمر) عمر ببناء المساجد فقال: أَكِنّ الناسَ من المطر، وإياك أن تُحمِّر أَو تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ. أخرجه ابن خزيمة وصححه. وأخرجه البخارى معلقاً. {95}
وزاد: وقال أنس: يتباهون بها ثم لا يعمرُونها إلا قليلا (1). {96}
(ولذا) قال غير المالكية: يكره تشييد المسجد وزخرفته بغير الذهب والفضة. ويحرم زخرفته بهما (وقالت) المالكية يكره نقشة وزخرفته فى المحراب وغيره ولو بالذهب والفضة. ويندب تشييده وتجصيصه، فقد شيد عثمان رضى الله عنه مسجد المدينة وجصَّصه (قال) البدر العينى: نقش المسجد وتزيينه مكروه: ولا يجوز من مال الوقف، ويغرم الذى يخرجه سواء أكان إما اشتغال المصلى به أو إخراج المال فى غير وجهه (2) (وقال) النووى: يكره زخرفة المسجد ونقشه وتزييه، للأحاديث المشهورة، ولئلا تشغل الزخرفه قلب المصلى (3).
(وقال) الأذرعى: ينبغى أن يحرم لما فيه من إضاعة المال لاسيما إن كان من مال المسجد. (وقال) ابن رسلان: هذا الحديث (4)? فيه معجزة ظاهرة لإخباره صلى الله عليه وسلم عما سيقع بعده، فإن تزويق المساجد
(1) ص 362 ج 1 فتح البارى. والمراد بالمسجد مسجد المدينة (وقد) وصفه ابن عمر فقال إن المسجد كان عل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنياً باللبن (بفتح اللام وكسر الباء الطوب النيئ) وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر وبناه عل بنيانه فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشباً، ثم غيره عثمان وزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة (بفتح القاف وشد الصاد المهملة وهى الجص) وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج. أخرجه البخارى وأبو داود ص 363 ج 1 فتح البارى (بنيان المسجد) وص 48 ج 4 - المنهل العذب (فى بناء المساجد) و (أكن) بفتح فكسر فنون مشددة مفتوحة، أمر من الإكنان وهو الستر. و (تفتن) مضارع فتن من باب ضرب، أى تلهيهم عن الخشوع فى الصلاة. و (يتابهون) بفتح الهاء من المباهاة وهى المفاخرة والمعنى انهم يزخرفون المساجد ويزينونها ثم يقعدون فيها يتمارون ويتباهون ولا يشتغلون بالطاعة فيها إلا قليلا.
(2)
ص 206 ج 4 عمدة القارى (بنيان المسجد).
(3)
ص 180 - شرح المهذب (قبل باب صفة الغسل).
(4)
يعنى حديث أنس وابن عباس رقم 352، 353 ص 343.
والمباهاة برخرفتها كثر من الملوك والأمراء فى هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس بأخذهم أموال الناس ظلماً وعمارتهم بها المدارس على شكل بديع، والحديث يدل عل أن تشييد المساجد بدعة، وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك فى آخر عصر الصحابة وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفاً من الفتنة، ورخص فى ذلك بعضهم وهو قول أبى حنيفة إذا وقع ذلك تعظيماً للمساجد ولم يكن الصرف من بيت المال.
(وقال) ابن المنير: لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب أن يضع ذلك بالمساجد صوناً عن الاستهانة " وتعقب " بأن المنع إن كان للحث على اتباع السلف فى ترك الرفاهية فهو كما قال. وإن كان لخشية شغل بال المصلى بالزخرفة فلا، لبقاء العلة. قاله الحافظ (1)? . ومن جملة ما عول عليه المجوزون للتزيين، أن السلف لم يحصل منهم الإنكار على من فعل ذلك، وبأنه بدعة مستحسنة، وبأنه مرغِّب إلى المسجد (وهذه) حجج لا يُعوِّل عليها من له حظ من التوفيق، لاسيما مع مقابلتها للأحاديث الدالة على أن التزيين ليس من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه نوع من المباهاة المحرمة، وأنه من علامات الساعة، وأنه من صنع اليهود والنصارى، وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يحب مخالفتهم ويرشد إليها (ودعوى) ترك إنكار السلف ممنوعة، لأن التزيين بدعة أحدثها أهل الجور من غير مؤاذنة لأهل العلم والفضل وأحدثوا من البدع ما لا يأتى عليه الحصر، وسكت العلماء عنهم تقية لا رضا بل قام فى وجه باطلهم جماعة من علماء الآخرة وصرخوا بين أظهرهم بنعى ذلك عليهم (ودعوى) أنه بدعة مستحسنة باطلة بالحديث الصحيح: من
(1) ص 363 ج 1 فتح البارى الشرح (بنيان المسجد).
عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ (1). {355}
ودعوى أنه مرغب إلى المسجد فاسدة، لأن ذلك لا يكون إلا لمن كان غرضه وغاية قصده النظرَ إلى تلك النقوش والزخرفة " فأما من " كان غرضه قصدَ المسجد للعبادة التى لا تكون عبادة حقيقة إلا مع الخشوع، وإلا كانت كجسم بلا روح " فليست " زخرفة المسجد إلا شاغلة له عن ذلك كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم فى الأنبجانية التى بعث بها إلى أبى جهم (2)? وكهتْكه للستور التى فيها نقوش وصور. وتقويم البدع المعوجة التى يحدثها الملوك، يوقع أهل العلم فى المسالك الضيقة فيتكلفون فى ذلك من الحجج الواهية مالا ينفق " أى لا يروج " إلا على بهيمة (3)? (وقال) ابن الحاج: وينبغى للإمام أن يغير ما أحدثوه من الزخرفة فى المحراب وغيره، فإن ذلك من البدع ومن أشراط الساعة. قال ابن القاسم: وسمعت مالكاً يذكر مسجد المدينة وما عمل من التزويق فى قبلته فقال: كره الناس ذلك حين فُعِل، لأنه يشغلهم بالنظر إليه. وسئل مالك عن المساجد هل يكره أن يكتب فى قبلتها بالصبغ مثل آية الكرسى وقل هو الله أحد والمعوذتين؟ فقال: أكره أن يكتب فى قبلة المسجد شئ من القرآن والتزويق. وقلا: إن ذلك يشغل المصلى. وينبغى للإمام أن يغير ما أحدثوه من إلصاق العمُد فى جدار القبلة وما يلصقونه أو يكتبونه فى الجدران والأعمدة (4).
(9)
يُسنّ لأهل كل جهة بناء مسجد. ويُسنّ اتخاذ موضع فى البيت
(1) أخرجه أحمد ومسلم عن عائشة ص 194 ج 1 - الفتح الربانى. وص 16 ج 12 نووى مسلم (رد محدثات الأمور - الأقضية).
(2)
تقدم بهامش رقم 525 صفحة 183 بيان الأنبجانية، وأن النبى صلى الله عليه وسلم إنما أرسل إلى أبى جهم خميصة لها أعلام، كان أهداها إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: شغلتى أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبى جهم وأتونى بأنبجانسته.
(3)
ص 157 ج 2 نيل الأوطار (الاقتصاد فى المساجد).
(4)
ص 79 ج 2 - المدخل.
للصلاة فيه وتنظيفه من الأقذار وكنسه وتطييبه " لحديث " عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد فى الدُّور، وأمر بها أن تنظف وتطيب. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه وابن حبان بسند جيد (1). {356}
والمراد بالدور القبائل (وحكمة) أمر أهل كل محلة ببناء مسجد فيها، أنه قد يتعذر أو يشق على أهل محلة الذهاب إلى الأخرى فيحرمون أجر المسجد وفضل إقامة الجماعة فيه، فأَمَرُوا بذلك ليتيسر لأهل كل محلة العبادة فى مسجدهم من غير مشقة تلحقهم. قاله فى المرقاة (2)? (وقال) غيره: المراد بالدور البيوت أو المحال التى فيها الدور. وهذا هو الظاهر لورود النهى عن اتخاذ البيوت مثل المقابر. وقال الخطابى: فى هذا حجة لمن رأى أن المكان الأمر يتم فيه بأن يجعله مسجداً بالتسمية فقط، لكانت مواضع تلك المساجد فى بيوتهم خارجه عن أملاكهم. فدل على أنه لا يصح أن يكون مسجداً بنفس التسمية (3)? . ولذلك قال صاحب الهداية: إن اتخذ وسط داره مسجداً وأذن للناس بالدخول فيه، له أن يبيعه ويورث عنه، لأن المساجد ما لا يكون لأحد فيه حق المنع. وإذا كان ملكه محيطاً بجوانبه كان له حق المنع فلم يصر مسجداً (4).
(وروى) أبو رافع عن أبى هريرة أن امرأة سوداء أو رجلا كان يقّم المسجد ففقده النبى صلى الله عليه وسلم فسأل عنه فقيل مات فقال:
(1) ص 79 ج 3 - الفتح الربانى. وص 61 ج 4 - النهل (اتخاذ المساجد فى الدور) ولفظه: أرم رسول الله .. وص 409 ج 1 تحفة الأحوذى (فى تطيب المساجد) وص 132 ج 1 سنن ابن ماجه (تطهير المساجد وتطييبها).
(2)
ص 459 ج 1 - مرقاة المفاتيح (الفصل الثانى - باب المساجد).
(3)
ص 142 ج 1 معالم السنن.
(4)
ص 63 ج 5 شروح الهداية (فصل فى أحكام المسجد - الوقف).
ألا آذنتمونى به؟ دلونى على قبره فصلى عليه. أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود وهذا لفظه وابن ماجه والبيهقى (1). {357}
(قال) ابن بطّال: فيه الحض على كنس المساجد وتنظيفها لأنه صلى الله عليه وسلم إنما خص المذكور فى الحديث بالصلاة عليه بعد دفنه من أجل ذلك. وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كنس المسجد ذكره البدر العينى (2).
(10)
يجوز عند الجمهور بناء مسجد فى الطريق ما لم يضرّ العامة " لقول " عائشة: لم أعقل أبوىّ إلا وهما يدينان الدينَ، ولم يمرّ علينا يومٌ إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشية. ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجداً بفِناء داره فكان يصلى فيه ويقرأ القرآن، فتقف نساءُ المشركين وأبناؤهم يعجَبون منه وينظرون إليه، وكان رجلا بَكَّاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشرافَ قريش من المشركين أخرجه البخارى (3). . {358}
(1) ص 371 ج 1 فتح البارى (كنس المسجد) وانظر باقى المراجع وشرح الحديث بهامش الحديث رقم 560 ص 317 د 7 - الدين الخالص (الصلاة على القبر).
(2)
ص 231 ج 4 عمدة القارى.
(3)
ص 377 ج 1 - فتح البارى (المسجد يكون فى الطريق .. ) و (أبوى) مشى اب مضاف إلى ياء المتكلم. و (أفزع ذلك الخ) أى أخاف ما فعله أبو بكر - من الصلاة والقراءة - المشركين، خافوا أن يميل به أبناؤهم ونساؤهم إلى دين الإسلام. والحديث هنا مختصر. وأخرجه البخارى يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون (بأذى الكفار) خرج أبو بكر مهاجراً نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك (بفتح فسكون) الغماد (ككتاب، موضع على خمس ليال جنوب مكة) لقيه ابن الدغنة (بفتح فكسر ففتح النون مخففة. وقيل بضم الدال والغين وتشديد النون) وهو سيد القارة (بتخفيف الراء قبيلة) فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال: أخرجنى قومى فأريد أن أسيح فى الأرض وأعبد ربى. فقال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج (بفتح الياء) ولا يخرج (بضمها) إنك تكسب المعدوم (أى تعطى الفقير المال) وتصل الرحم، وتحمل الكل (بفتح الكاف وشد اللام وهو ما يقل حمله من القيام بأمر العيال ونحوه) قرى الضيف، وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك .. فرجع وارتحل معه ابن الدغنة قطاف ابن الدغنة عشية فى أشراف قريش فقال لهم: إن =
(وعن) أحمد منع بناء مسجد فى الطريق أو على سقيفة تحتها ممر نافذ أو قنطرة. وعنه أنه قال: يهدم مسجد بنى فى الطريق. وعنه يجوز بناؤه
= أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل ويقرى الضعيف، ويعين على نوائب الحق؟ فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة (أى لم ترده) وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك (ألا بصلاته وقراءته) ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. فقال ذلك ابن الدغنة لبى بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه فى داره ولا يستعلن بصلاته، ولا يقرا فى غير داره، ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجداً بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فيتقذف (بفتح التاء والقاف وشد الذال المعجمة) عليه نساء المشركين وأبناؤهم (أى يتدفعون عليه لسماع قراءته) وهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن فأفرغ ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم. فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه فى داره، فقد جاوز ذلك، فابتنى مسجداً بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه، فإن أحب أن يقتصر على ان يعبد ربه فى داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فاسأله أن يرد إليك ذمتك (أى عهدك بجواره) فإنا قد كرهنا أن تخفرك (بضم فسكون فكسر من الإخفار وهو نقض العهد) ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان. فأتى ابن الدغنة إلى أبى بكر فقال: قد علمت الذى عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلى ذمتى، فإنى لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت فى رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإنى أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل. فقال النبى صلى الله عليه وسلم للمسلمين: إنى أريت (بضم الهمزة) دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان (تثنية حرة وهى حجارة سود مرتفعة) فهاجر من هاجر قبل (بكسر ففتح أى جهة) المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك " (بكسر فسكون أى على مهلك) فإنى أرجو أن يؤذن لى، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر (بفتح فسكون) وهو الخبط (بفتحتين الورق الساقط من الشجر) قالت عائشة: فبينما نحن يوماً جلوس فى بيت أبى بكر فى نحر (بفتح فسكون) الظهيرة (أفى أول وقت الحرارة) قال قائل لبى بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعاً (أى مغطياً رأسه) فى ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبى وأمى، والله ما جاء به فى هذه الساعة إلا أمر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبى صلى الله عليه وسلم وسلم لأبى بكر: أخرج من عندك. فقال أبو بكر إنما هم أهلك (يعنى عائشة وأسماء) بأبى انت يا رسول الله قال نعم. قال أبو بكر: فخذ إحدى راحلتى هاتين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن. قالت عائشة: فجهرنا هما أحث الجهاز (أى أسرعه) وصنعنا لهما سفرة (بضم فسكون، الزاد يصنع للمسافر) فى جواب، فقطعت أسماء بنت أبى بكر قطعة من نطاقها (بكسر النون الإزار) فربطت به على فم الجراب، فبذلك =
بلا إذن الإمام وحيث جاز صحت الصلاة فيه وإلا فوجهان. وتصح فيما بنى على درب مشترك بإذن أهله. هذا. ويجوز توسعة المسجد من الطريق
= سميت ذات النطاقين. قالت. ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار فى جبل ثور، فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت فى الغار عبد الله بن أبى بكر وهو غلام شاب ثقف (بفتح فكسر او سكون، أى حاذق فطن) لقن (أى سريع الفهم) فيدلج (بشد الدال أى يخرج) من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمراً يكتاذان به (من الكيد وهو المكر وطلب الغوائل)(إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة بالتصغير) مولى أبى بكر منحة (بكسر فسكون أى شاة يعطى لبنها للغير) من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبتان فى رسل (كحمل أى لبن طرى) وهو لبن منحتهما ورضيفهما الرضيف كرغيف. اللبن يجعل فيه الرضفة وهى الحجارة المحماة لتزول وخامته وثقله، حتى ينعق بها (بكسر العين أى يصبح بغنمه) عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك فى كل ليلة من تلك الليالى الثلاث واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر رجلا من بنى الديل (بكسر فسكون) وهو من بنى عبد بن عدى هادياً خريتاً (بكسر الخاء والراء مشددة) والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفاً (بكسر فسكون أى أخذ بنصيب) فى (أى من عهد) آل العاص بن وائل السهمى وهو على دين كفار قريش فأمناه (بكسر الميم ائتمناه) فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث. وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم طريق السواحل. قال ابن شهاب: وأخبرنى عبد الرحمن بن مالك المدلجى. وهو ابن أخى سراقة بن مالك ابن جعشهم: أن اباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول جاءنا رسل كفار قريش يجعلون فى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو اسره، فبينما أنا جالس فى مجلس من مجالس قومى بنى مدلج، أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إنى قد رأيت آنفاً أسودة (جمع أسود وهو الشخص) بالساحل أراها محمداً وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا يبتغون ضالة لهم. ثم لبثت فى المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتى أن تخرج بفرسى وهى من وراء أكمة فتحبسها على، وأخذت رمحى فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه (بضم الزاى وشد الجيم الالجديدة فى أسفل الرمح) الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسى فركبتها فرفعتها (أى حملتها على الإسراع فى السير) تقرب بى حتى دنوت منهم فعثرت بى فرسى فخررت عنها فقمت فأهويت يدى إلى كنانى فاستخرجت منها الأزلام فاستقمت بها أضرهم أم لا؟ فخرج الذى أكره فركبت فرسى وعصبت الأزلام تقرب بى حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلفت وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فارسى فى الأرض حتى بلغتنا الركبتين، فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا الأثر يديها عثان (بضم العين أى دخان بلا نار ساطع فى السماء مثل الدخان) فاستقمت بالأزلام فخرج الذى أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسى حتى جئتهم ووقع فى نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآنى ولم يسألان إلا أن قال: =