الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" لقول " أبى عبيدة: إن عبد الله رأى رجلا يصلى قد صفَّ بين قدميه فقال: خالف السنة فلو راوح بينهما كان أعجب إلىّ. أخرجه النسائى والأثرم (1). {67}
(الرابع) مكروهات الصلاة
جمع مكروه. وهو لغة ضد المحبوب. واصطلاحاً ما طلب تركه طلباً غير جازم وهو قسمان:
(أ) مكروه تحريماً - وهو ما ثبت النهى عنه بدليل ظنى، وكل ما أدى إلى ترك واجب أو سنة مؤكدة، أو كان أجنبياً من الصلاة غير مفسد ولا متمم لها ولا فيه دفع ضرر (2) كالعبث بالثوب أو البدن، وكل ما يحصل بسببه شغل القلب. (ب) ومكروه تنزيهاً وهو ما طلب تركه بلا نهى، كالإشارة فى الصلاة، وكل ما أدى إلى ترك سنة غير مؤكدة. ومتى أطلقت الكراهة عند الحنفيين تنصرف إلى كراهة التحريم (وحكم) المكروه أنه لا يكفر مستحله ويأثم فاعله ويثاب تاركه. وتعاد الصلاة وجوباً فى الوقت وندباً بعده لارتكاب مكروه تحريماً، وتعاد استحباباً لارتكاب المكروه تنزيهاً. " وأما " حديث لا تُصلوا صلاةً فى يوم مرتين (3). " فالنهى " فيه عن الإعادة بسبب الوسوسة أو عن تكرارها فى الجماعة، فلا يتناول الإعادة بسبب الكراهة. هذا ما قاله الحنفيون (وقال) غيرهم: المكروه تحريماً ما يثاب على تركه ويأثم بارتكابه كترك السنة المؤكدة أو المختلف فى وجوبه. والمكروه تنزيهاً ما لا إثم فى ارتكابه كترك سنة غير مؤكدة. ومتى أطلقت الكراهة عندهم تنصرف إلى التنزيهية.
هذا ومكروهات الصلاة كثيرة المذكور منها هنا سبعة أربعون وضابط كلى.
(1) ص 142 ج 1 مجتبى (الصف بين القدمين فى الصلاة).
(2)
خرج (أ) بالمتمم ما لو لم تمكنه العمامة من السجود فرفعها أو سواها بيد واحدة فإنه لا يكره (ب) وبما ليس فيه دفع ضرر قتل الحية والعقرب ونحوهما فإنه لا يكره.
(3)
تقدم رقم 183 ص 137 (إعادة الصلاة).
(1)
يكره عبث المصلى بثوبه أو جسده لغير غرض مشروع " لحديث " يحيى بن أبى كثير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كره لكم ستاً: العبث فى الصلاة (الحديث). أخرجه سعيد بن منصور وابن المبارك (1). {223}
والعبث الفعل بلا غرض صحيح فإن كان لغرض صحيح كإزالة العرق أو التراب عن وجهه فليس بعبث (قال) العلامة الحلبى: والعبث حرام خارج الصلاة ففى الصلاة أولى (2).
(2)
ويكره للمصلى مسح الحصى والتراب ونحوهما، إلا إذا دعت إليه ضرورة فيمسحه مرة ليتمكن من السجود " لقول " مُعيقيب: سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى فى الصلاة فقال: لا تسمح الحصى وأنت تصّلى فإن كنتَ لابدّ فاعلا فواحدةٌ تسوية الحصى. أخرجه السبعة. وقال الترمذى حديث صحيح. وهذا لفظ أبى داود. ولفظ غيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى الرجل يسوى التراب حيث يسجد: إن كنت فاعلا فواحدة (3). {224}
" ولحديث " أبى ذر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإنَّ الرحمةَ تواجهه فلا يمسح الحصى. أخرجه أحمد والأربعة بسند صحيح
(1) رقم 1679 ص 250 ج 2 فيض القدير (الحديث) وتمامه: والمن فى الصدقة والرفث فى الصيام والضحك عند القبور ودخول المساجد وأنتم جنب (يعنى دخولها بلا مكث فإنه مكروه ومع اللبث حرام) وإدخال العيون (أى نظر الأجنبى إلى من بيت غيره) بغير إذن (فإنه مكروه تحريماً).
(2)
ص 349 غنية المتملى (مما يكره فى الصلاة).
(3)
ص 83 ج 4 - الفتح الربانى. وص 51 ج 3 فتح البارى (مسح الحصى فى الصلاة) وص 37 ج 5 - نووى مسلم (كراهة مسح الحصى) وص 177 ج 1 - مجتبى (الرخصة فيه مرة) وص 296 ج 1 تحفة الأحوذى (كراهية مسح الحصى فى الصلاة) وص 51 ج 6 - المنهل العذب (مسح الحصى فى الصلاة) وص 165 ج 1 سنن ابن ماجه. و (معيقيب) بالتصغير. و (واحدة) روى بالنصب بفعل محذوف صفة مصدر محذوف، أى فامسح مسحة واحدة. وروى بالرفع على الابتداء، أى فواحدة تكفيه، و (تسوية الحصى) تعليل لإباحة المسح مرة واحدة، لئلا يتأذى بالحصى فى سجوده. وكره الزائد لما فيه من العبث.
وحسنه الترمذى (1). {225}
(وقال) أبو صالح مولى طلحة: دخلتُ على أم سلمةَ زوج النبى صلى الله عليه وسلم فدخل عليها ابن أخ لها فصلى فى بيتها ركعتين، فلما سجد نفخَ التراب، فقالت: لا تنتفخ فإنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول لغلام له يقال لهَ يسارٌ ونفخ: تَّرب وجهك الله. أخرجه أحمد بسند جيد (2). {226}
ففى هذه الأحاديث دلالة على كراهة مسح الحصى والتراب حال الصلاة أكثر من مرة. وبه قال جمهور الصحابة والعلماء. بل حكى النووى اتفاق العلماء على كراهته لأنه ينافى التواضع ويشغل المصلى (3). (وقالت) الظاهرية يحرم ما زاد على المرة أخذاً بظاهر الأحاديث (وقال) الصنعانى: العلة فى النهى المحافظة على الخشوع، أو لئلا يكثر العمل فى الصلاة، وقد نص الشارع على العلة بقوله: فإن الرحمة تواجهه، أى تكون تلقاء وجهه، فلا يغير ما تعلق بوجهه من التراب والحصى ولا مل يسجد عليه إلا أن يؤلمه فله ذلك. ثم النهى ظاره فى التحريم (4).
(3)
ويكره فرقعة الأصابع فى المسجد. وهو مدها أو غمزها حتى تصوّت ولو خارج الصلاة، لأنه عبث "ولحديث" علىّ رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تُفرْقعْ أصابعك وأنت فى الصلاة. أخرجه ابن ماجه
(1) ص 82 ج 4 - الفتح الربانى. وص 177 ج 1 - مجتبى (النهى عن مسح الحصى فى الصلاة) وص 50 ج 6 - النهل العذب. وص 296 ج 1 تحفة الأحوذى. و (إذا قام أحدكم الخ) يعنى إذا شرع فى الصلاة، لأنه لا ينهى عن مسح الحصى إلا بعد التلبس بها.
(2)
ص 84 ج 4 - الفتح الربانى. و (ترب وجهك) أى أو صله إلى التراب ولا تبعده عن وجهك بالنفخ، ليظهر أثر السجود وتبقى بركة الصلاة فى وجهك.
(3)
ص 37 ج 5 - شرح مسلم. وفى حكاية الاتفاق نظر، فإن مالكاً لم ير بمسح الحصى بأسا وكان يفعله فى الصلاة. وكان ابن مسعود وابن عمر يفعلانه، ذكره العراقى شرح الترمذى.
(4)
ص 209 ج 1 - سبل السلام (الخشوع فى الصلاة).
وفى سنده الحارث الأعور " وهو ضعيف " وفى رواية لا تُفقِّع (1). {227}
" وحديث " معاذ بن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الضاحك فى الصلاة والملتفت والمفقعُ أصابعَه بمنزلة واحدة أخرجه أحمد والبيهقى (2). {228}
وفى سنده (أ) ابن لهيعة وهو ضعيف. (ب) وزبّانُ بن قائد قال: البيهقى: غير قوىّ.
(4)
ويكره تشبيك الأصابع فى الصلاة اتفاقاً. وكذا حال الذهاب إليها ولمن فى المسجد ينتظر الصلاة عند الجمهور " لحديث " كعب بن عُجْرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج
عامداً إلى المسجد فلا يشبِّكنَّ يديه فى صلاة. أخرجه أبو داود والترمذى والدارمى بسند صحيح (3). {229}
" ولقوله " دخل علىّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ وقد شبَّكتُ بين أصابعى فقال لى: يا كعب إذا كنت فى المسجد فلا تشبِّك بين أصابعك، فأنت فى صلاة ما انتظرت الصلاة. أخرجه أحمد وابن حبان بسند جيد (4). {230}
" وحديث " أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم فى المسجد فلا يشبكن. فإن التشبيك من الشيطان. وإن أحدكم لا يزال
(1) ص 158 ج 1 - سنن ابن ماجه (ما يكره فى الصلاة) و (تفقع)، بضم التاء وفتح الفاء وكسر القاف مشددة من التفقيع وهو غمز مفاصل الأصابع حتى يسمع صوتها.
(2)
ص 438 ج 3 - مسند أحمد (حديث معاذ بن أنس الجهنى رضى الله عنه) وص 289 ج 2 السنن الكبرى (كراهية تفقيع الأصابع فى الصلاة) والمراد بالضحك التبسم لا القهقهة، فإنها تبطل الصلاة " قال " جابر: التبسم لا يقطع الصلاة ولكن القرقرة. أخرجه البيهقى وقال: هذا هو المحفوظ. وقد رفعه ثابت بن محمد الزاهد. وهو وهم منه (ص 251 ج 2 - السنن الكبرى (من تبسم فى صلاته أو ضحك فيها) والقرقرة، القهقهة.
(3)
ص 259 ج 4 - المنهل العذب (ما جاء فى الهدى فى المشى إلى الصلاة) وص 300 ج 1 تحفة الأحوذى (كراهية التشبيك فى الصلاة) وص 237 ج 1 سنن الدارمى (النهى عن الاشتباك إذ خرج إلى المسجد).
(4)
ص 88 ج 4 - الفتح الربانى.
فى صلاة ما دام فى المسجد حتى يخرج منه. أخرجه أحمد بسن حسن (1). {231}
وفى هذا بيان أن حكمة النهى عن التشبيك كونه من الشيطان. وقيل لأنه يجلب النوم. وهو مظنة الحدث وسيأتى لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى (2).
(5)
ويكره التمطى فى الصلاة. لما فيه من الكسل والخروج عن هيئة الخشوع.
(6)
ويكره - عند الأئمة والجمهور - التحضر فى الصلاة وهو وضع اليد على الخاصرة وهى من الإنسان وسطه الدقيق فوق الوركين (لحديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى الرجل مختصراً. أخرجه السبعة إلا ابن ماجه. وهذا لفظ مسلم (3). {232}
(وقالت) الظاهرية: يحرم الاختصار لظاهر النهى (وقال) الترمذى: وكره بعضهم أن يمشى الرجل مختصراً. ويروى أن إبليس إذا مشى مشى مختصراً (وعن) أبى حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: لا تفرْقع أصابعك فى الصلاة ولا تعبث بلحيتك، ولا تدفن كبار الحصى، ولا تمسه، ولا تضعْ يدك على خاصرتك، ولا تغط فاك ولا تُلق رداءك على منكبك ولا تُقِع. أخرجه أبو يوسف ومحمد فى الآثار (4){68} وقد اختلف فى المعنى الذى نهى عن الاختصار فى الصلاة لأجله على أقوال (الأول) التشبه بالشيطان. قاله الترمذى، وروى عن ابن عباس (والثانى) أنه تشبه باليهود (والثالث) أنه راحة أهل النار (روى) أبو هريرة أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: الاختصار فى الصلاة راحة أهل النار أخرجه البيهقى (قال) العراقى: وظاهر
(1) ص 53 ج 3 - الفتح الربانى.
(2)
يأتى فى بحث 22 مما تصان عنه المساجد.
(3)
ص 104 ج 4 - الفتح الربانى. وفيه: نهى عن الاختصار فى الصلاة. وص 57 ج 3 فتح البارى. وفيه: نهى عن الخصر فى لاصلاة. وص 36 ج 5 نووى مسلم (كراهة الاختصار فى الصلاة) وص 297 ج 1 تحفة الأحوذى (النهى عن الاختصار فى الصلاة) وص 52 ج 6 - النهل العذب (الرجل يصلى مختصراً).
(4)
رقم 267 ص 52 - الآثار. و (تقع) من الإقعاء.
إسناده الصحة. وأخرجه الطبرانى فى الأوسط بسند فيه عبد الله بن الأزور ضعفه الأزدى (1). {233}
(والرابع) أنه فعل المختالين والمتكبرين (والخامس) أنه شكل من أشكال أهل المصائب يضعون أيديهم على الخواصر إذا قاموا فى المآتم. قاله الخطابى (2).
(7)
ويكره تحريماً الاعتماد على اليدين فى الصلاة حال الجلوس وغيره لغير حاجة " لقول " ابن عمر: نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يجلسَ الرجلُ فى الصلاة وهو معتمد على يديه. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى بسند جيد. وأخرجه أبو داود عن ابن عبد الملك بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض فى الصلاة (3). {234}
قال البيهقى: ورواية ابن عبد الملك وهو أهـ والحق أنه لا وهم فيها. بل يعمل بها كالأولى وينهى عن الاعتماد على اليد حال الجلوس والنهوض. وهو مذهب الحنفيين والمرأة مثل الرجل فى ذلك (وحكمه) النهى عن ذلك ما فيه من التشبه بجلوس المعذّبين " روى " نافع عن ابن عمر أنه رأى رجلا يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد فى الصلاة فقال له: لا تجلس هكذا، فإن هكذا يجلس الذين يعذبون. أخرجه أبو داود (4). {69}
(وعن) ابن عمر: أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى رجلا وهو جالس معتمد على يده اليسرى فى الصلاة فقال: إنها صلاة اليهود. أخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (5). {235}
(1) ص 287 ج 2 - السنن الكبرى (كراهية التخصر فى الصلاة) وص 85 ج 2 مجمع الروائد (الاختصار فى الصلاة).
(2)
ص 233 ج 1 معالم السنن.
(3)
ص 16 ج 4 - الفتح الربانى. وص 106 ج 6 - المنهل العذب (كراهية الاعتماد على اليد فى الصلاة) وص 135 ج 2 - السنن الكبرى (الاعتماد بيديه على الأرض إذا نهض
…
)
(4)
ص 108 ج 6 - المنهل العذب.
(5)
ص 272 ج 1 مستدرك.
(ومثل) الاعتماد على اليد الاعتماد على غيرها، بل هو أولى بالنهى عند الحاجة.
(أما الاعتماد) لحاجة فلا يكره، لما تقدم عن أم قيس بنتِ مُحصِن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسنَّ وحَملَ اللحم اتخذ عموداً فى مُصلاه يَعتمِدُ علي. أخرجه أبو داود (1). فالحديث يدل على جواز الاعتماد على عمود أو عصا أو نحوهما عند الداعية. وبه قالت الأئمة. وفى لزوم القيام مستنداً حينئذ خلاف تقدم بيانه فى بحث " القيام " من أركان الصلاة (2).
(8)
ويكره للرجل - عند الحنفيين والشافعى وأحمد وغيرهم - عقص الشعر، وهو جمعه على رأسه وشدَّه، بنحو خيط أو تلبيدُه بنحو صمغ حال الصلاة " لقول " أبى رافع: مولى النبى صلى الله عليه وسلم: نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يُصلى الرجل ورأسه معقوص. أخرجه أحمد وابن ماجه (3). {236}
وفى سند أحمد رجل لم يسم، وسمى فى سند ابن ماجه. وحكمة النهى عن عقص الشعر أن فى إرساله وسقوطه حال السجود فضلا وثواباً، وبعقصه لا يسجد مع صاحبه فينقص ثوابه فيسر الشيطان لذلك (فقد) دخل عبد الله بن مسعود المسجدَ فرأى فيه رجلا يصلى عاقصاً شعرَه فلما انصرف قال عبد الله: إذا صليتَ فلا تعقص
شعرك فإن شعرك يسجدُ معك ولك بكل شعرة أجر. فقال الرجل: إنى أخاف أن يتترَّب فقال: تتريبه خير لك. أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه بسند صحيح. {70} (وقال) مالك: إنما يكره إذا فُعل للصلاة، والخلاف فى حق الرجال دون النساء، لأن شعرهن عورة يجب ستره. فإذا نقضته استرسل وربما تعذر ستره فتبطل صلاتها. وأيضاً فى
(1) تقدم رقم 186 ص 139 ج 2 طبعة ثانية. و (لما أسن .. ) أى لما كبر سنه وكثر لحمه.
(2)
ص 140 منه.
(3)
ص 391 ج 6 - مسند أحمد (حديث أبى رافع رضى الله عنه) وص 167 ج 1 سنن ابن ماجه (كف الشعر والثوب فى الصلاة).
نقضه للصلاة مشقة عليها (9، 10) ويكره فى الصلاة كف الشعر والثوب. وهو رفعه من بين يدى المصلى أو من خلفه إذا أراد السجود " لقول " ابن عباس: أُمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يَكُف شعراً ولا ثوباً. أخرجه الستة وصححه الترمذى (1). {237}
ولكون النهى فيه ظنياً حمله الحنفيون على كراهة التحريم. وحمله الجمهور على التنزيه سواء أتعمد المصلى ذلك للصلاة أم فعله قبلها لشئ آخر وصادف الصلاة (قال) النووى: اتفق العلماء على النهى عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه، أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك. فكل هذا منهى عنه باتفاق العلماء، وهو كراهة تنزيه. فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته (وقال) الداودى ومالك: يختص النهى بمن فعل ذلك للصلاة. وحكى ابن المنذر وجوب الإعادة عن الحسن البصرى. والمختار الصحيح الأول. وهو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم (2).
(11)
ويكره سدل الثوب وهو وضعه على رأس المصلى أو كتفيه بلا إدخال يديه فى كميه " لحديث " أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل فى الصلاة وأن يغطى الرجل فاه. أخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقى والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين (3). {238}
(ومن السدل) إرسال المنديل عل كتفيه كما يعتاده كثير. فينبغى لمن على عنقه منديل أو نحوه أن يضعه عند الصلاة. ومنه أيضاً لبس القباء
(1) ص 202 ج 2 فتح البارى (لا يكف ثوبه فى الصلاة) وص 207 ج 4 نووى مسلم (أعضاء السجود .. ) ولفظهما: أمرت. وص 340 ج 5 - المنهل العذب. وص 233 ج 1 تحفة الأحوذى. وص 165 ج 1 مجتبى (على كم السجود؟ ) وص 167 ج 1 سنن ابن ماجه.
(2)
ص 209 ج 4 - شرح مسلم.
(3)
ص 32 ج 5 - المنهل العذب (السدل فى الصلاة) وص 158 ج 1 سنن ابن ماجه (ما يكره فى الصلاة) واقتصر على عجز الحديث. وص 242 ج 2 السنن الكبرى (كراهية السدل فى الصلاة وتفطية الفم) وص 253 ج 1 مستدرك.
" بفتح القاف القفطان " من غير إدخال اليدين فى كميه (1).
(وقال) الخطابى: السدل إرسال الثوب حتى يصيب الأرض (2) وعليه فهو بمعنى الإسبال (وقال) أبو عبيد: السدل إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه، فإن ضمهما فليس بسدل (وقال) فى النهاية: السدل وضع المصلى وسط الإزار على رأسه وإرسال طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه.
ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعانى لأن السدل مشترك بينها ولظاهر الحديث قالت الظاهرية: يحرم السدل فى الصلاة (وحمل) الجمهور النهى فيه على الكراهة. وحكمة النهى عنه أنه يشبه صنع اليهود (روى) سعيد ابن وهب عن على رضى الله عنه أنه خرج فرأى قوماً يصلون وقد سدلوا ثيابهم فقال: كأنهم اليهود وخرجوا من قُهْرهم. أخرجه الخلال فى العلل وأبو عبيد فى الغريب (3). {71}
(12)
ويكره رفع البصر إلى السماء حال الصلاة " لحديث " جابر بن سمُرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليَنْتَهِيَنَّ أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء فى الصلاة أو لا ترجعُ إليهم. أخرجه مسلم وأبو داود (4). {239}
(وعن) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليَنْتَهِيَنَّ أقوام عن رفع أبصارهم عند الدعاء فى الصلاة إلى السماء أوْ لتُخْطفنّ أبصارهم. أخرجه مسلم (5). {240}
والتقييد فيه بحال الدعاء لا مفهوم له، جميعاً بين الأحاديث. والوعيد الشديد فى الأحاديث يقتضى حرمة رفع البصر فى الصلاة إلى السماء، لأن
(1) ص 293 ج 1 فتح القدير (ويكره للمصلى).
(2)
ص 179 ج 1 معالم السنن (السدل فى الصلاة).
(3)
ص 33 ج 5 - المنهل العذب. و (قهرهم) بضم فسكون، موضع مدارسهم الذى يجتمعون فيه.
(4)
ص 152 ج 4 نووى مسلم (النهى عن رفع البصر إلى السماء فى الصلاة) وص 7 ج 6 - المنهل العذب (النظر فى الصلاة) وفيه: لينتهين رجال يشخصون .. و (لينتهين) بفتح الياء مبنى الفاعل. و (يشخصون) بفتح أوله من باب فتح، أى يفتحون أعينهم، يقال شخص الرجل يصره إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف.
(5)
ص 152 ج 4 نووى مسلم.
العقوبة بالعمى لا تكون إلا عن محرّم. وبالغ ابن حزم فقال: تبطل به الصلاة (وقال) الجمهور ومنهم الحنفيون والشافعيون: إنه مكروه مطلقاً.
(وقالت) المالكية: إنه مكروه إلا إن فعله للعظة والاعتبار بآيات السماء.
(وقالت) الحنبلية: يكره إلا حال التجشى إذا كان فى جماعة، لئلا يؤذى من حوله بالرائحة (وحكمة) النهى عن ذلك ما فيه من الإعراض عن القبلة والخروج عن هيئة الصلاة، أو أن يُخشى على الأبصار من الأنوار التى تنزل بها الملائكة على المصلى.
(13)
ويكره الالتفات بوجهه عن القبلة لغير عذر " لحديث " أبى ذر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الله عز وجل مُقبلا على العبد وهو فى صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه. أخرجه أحمد وأبو داود وابن خزيمة والنسائى والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1). {241}
" ولقول " أنس: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بُنىّ إياك والالتفاتَ فى الصلاة فإن الالتفاتَ فى الصلاة هلَكة فإن كان لابدّ ففى التطوع لا فى الفريضة. أخرجه الترمذى وحسنه (2). {242}
" ولقول " عائشة: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الالتفات فى الصلاة فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان فى صلاة العبد. أخرجه أحمد والبخارى والثلاثة وحسنه الترمذى (3). {243}
(1) ص 87 ج 4 - الفتح الربانى. وص 5 ج 6 المنهل العذب (الالتفات فى الصلاة) وص 177 ج 1 مجتبى (التشديد فىالالتفات فى الصلاة). وص 236 ج 1 مستدرك. والمراد من الحديث أن الله تعالى يغمر المصلى بالرحمات والإحسان والغفران ما لم يتعمد الالتفات فى الصلاة، فإذا التفت قطع الله عنه ذلك الخير.
(2)
ص 406 ج 1 تحفة الأحوذى (الالتفات فى الصلاة) وجعل الالتفات هلكة لكونه سبباً لنقصان ثواب الصلاة ولكونه نوعاً من تسويل الشيطان واختلاسه.
(3)
ص 88 ج 4 - الفتح الربانى. وص 159 ج 2 فتح البار (الالتفات فى الصلاة) وص 6 ج 6 - المنهل العذب. وص 177 ج 1 مجتبى. وص 406 ج 1 تحفة الأحوذى. والاختلاس أخذ الشئ خفية بسرعة يقال: خلست الشئ خلساً من باب ضرب، اختلعته بسرعة على غفلة. والمراد ذهاب شئ من كمال الصلاة بسبب التفاته.
قال الطيبى: سمى الالتفات اختلاساً، تصويراً لقبح تلك الفعلة بالمختلس لأن المصلى يقبل على ربه تعالى ويترصّد الشيطان فوات ذلك عليه، فإذا التفت استلبه ذلك. ونسب إلى الشيطان لأنه المتسبب فيه (1).
ففى هذه الأحاديث دلالة على كراهة الالتفات بالوجه فى الصلاة من غير حاجة. وهو متفق عليه. أما إذا كان لحاجة فلا يكره اتفاقاً " لقول " جابر: اشتكى النبى صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد فالتفت إلينا قرآنا قياماً إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعوداً (الحديث). أخرجه مسلم (2). {244}
" ولقول " سهل بن الحنظلِيَّة: ثُوِّب بالصلاة يعنى صلاة الصبح فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى وهو يلتفت إلى الشِّعْب. أخرجه أبو داود وقال: وكان أرسلَ فارساً إلى الشِّعْب من الليل يحرُسُه (3). {245}
وهذا فى الالتفات بالوجه. أما التفاتُ البصر يَمنة ويَسْرَة من غير تحويل الوجه لغير حاجة فخلاف الأولى. ولا بأس به لحاجة عند الحنفيين ومالك، وعليه يحمل (قول) ابن عباس: كان النبى صلى الله عليه وسلم يُصلى يلتفتُ يميناً وشِمالا ولا يلوى عنقه خلف ظهره. أخرجه أحمد والحاكم وقال: حديث صحيح على شرط البخارى (4). {246}
(وقول) أنس بن سيرين: رأيت أنسَ بن مالك يستشْرِفُ لشئ وهو فى الصلاة ينظر إليه. أخرجه أحمد بسند جيد (5). {72}
(1) ص 159 ج 2 فتح البارى.
(2)
ص 132 ج 4 نووى مسلم (ائتمام المأموم بالإمام).
(3)
ص 11 ج 6 - المنهل العذب (الرخصة فى ذلك) أى فى الالتفات فى الصلاة لضرورة. و (الحنظلية) أم سهل. وأبو عمرو أو الربيع بن عمرو. و (الشعب) بكسر فسكون، الطريق فى الجبل.
(4)
ص 115 ج 4 - الفتح الربانى. وص 236 ج 1 مستدرك.
(5)
ص 115 ج 4 الفتح الربانى. و (يستشرف) أى يرفع بصره لينظر.
(أما الالتفات) والتحول عن القبلة بجميع بدنه فهو مبطل للصلاة اتفاقاً. وكذا التحول بالصدر عن الحنفية والشافعية. ولا تبطل عند الحنبلية إلا إن استدار بجملته أو استدبرها فى غير الكعبة وشدة الخوف. وكذا لا تبطل عند المالكية ما لم يكن فى القبلة التى يضر فيها الانحراف اليسير كالمصلى إلى عين الكعبة فإن صلاته تبطل متى خرج عن سَمتها بوجهه أو بشئ من بدنه ولو أصبعاً وبقيت رجلاه وجسده لها.
(14)
وتكره القراءة فى الركوع والسجود " لحديث " ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم كشف السِّتارة والناسُ صفوف خلف أبى بكر فقال: يأيها الناس إنه لم يبقَ من مبشرات النبوةِ إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترُى له. وإنى نهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً. فأما الركوع فعظموا الرب فيه. وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمِن أن يُستجاب لكم. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائى (1). {247}
" ولقول " على: نهانى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أن أقرا القرآن راكعاً أو ساجداً. أخرجه مسلم والنسائى والبيهقى والترمذى وقال: حديث حسن صحيح (2). {248}
والنهى فيما ذكر نهى كراهة عند الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة لا فرق بين فاتحة وغيرها، وللشافعية قول بحرمة قراءة الفاتحة عمداً فى الركوع أو السجود
(1) ص 266 ج 3 - الفتح الربانى. وص 196 ج 4 نووى مسلم (النهى عن قراءة القرآن فى الركوع والسجود) وص 323 ج 5 - المنهل العذب (الدعاء فى الركوع والسجود) وص 260 ج 1 مجتبى (تعظيم الرف فى الركوع). و (مبشرات) جمع مبشر مأخوذه من تباشير الصبح، وهو أول ما يبدو منه، أى لم يبق من علامات النبوة إلا الرؤيا الصادقة. و (قن) بفتح فكسر أو فتح، أى تحقيق وجدير.
(2)
ص 198 ج 4 نووى مسلم. وص 168 ج 1 مجتبى (النهى عن القراءة فى السجود). وص 224 ج 1 تحفة الأحوذى (النهى عن القراءة فى الركوع والسجود) وص 87 ج 2 السنن الكبرى.
وبطلان الصلاة بها. وإذا قرا فيما ذكر عمداً أعاد الصلاة وجوباً عند الحنفيّين. وإن قرأها ساهياً سجد للسهو. وعند الشافعية يسجد مطلقاً. ولا سجود عند المالكية (وحكمة) النهى عن القراءة فى الركوع والسجود، أنهما حالة ذل وانكسار ظاهراً فلا يتناسبان مع عظمة القرآن.
(15)
(الإقعاء فى الصلاة) وهو قسمان: الأول وضع يديه وألييه على الأرض ونصب ساقيه وفخذيه (وهو مكروه) تحريماً اتفاقاً " لقول " أبى هريرة نهانى النبى صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة: عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب. والتفاتٍ كالتفاتِ الثعلب. أخرجه أحمد والبيهقى والطبرانى فى الأوسط بسند حسن (1). {249}
" ولما روى " الحارث عن علىّ رضى الله عنه قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علىّ إنى أحبّ لك ما أحب لنفسى، وأكره لك ما أكره لنفسى، لا تُقْعِ بين السجدتين. أخرجه الترمذى وقال: حديث لا نعرفه إلا من حديث أبى إسحاق عن الحارث عن علىّ، وقد ضعَّف بعض أهل العلم الحارث الأعور والعمل على هذا الحديث (2). {250}
(الثانى) وضع ألْييه على عقِبيه وركبتيه على الأرض حال الجلوس بين السجدتين. وهو غير مكروه بلى مستحب عند الشافعية وبعض الحنفية وجماعة من السلف والخلف " لقول " طاوس: قلنا لابن عاس فى الإقعاء على القدمين فى السجود فقال: هى السنة قلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل فقال ابن عباس: هى سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود
(1) ص 86 ج 4 الفتح الربانى. وص 120 ج 2 - السنن الكبرى (الإقعاء المكروه فى الصلاة) و (نقرة الديك) بفتح النون وسكون القاف. والمراد النهى عن الإسراع فى الصلاة وترك الطمأنينة فيها.
(2)
ص 235 ج 1 تحفة الأحوذى (كراهة الإقعاء بين السجدتين).
والترمذى وحسنه (1). {251}
" ولقول " طاوس رأيت العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك " يعنى الإقعاء " عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير. {73}
" وروى " أبو الزبير أنه رأى ابن عمر سجد حين يرفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه ويقول إنه من السنة. أخرجهما البيهقى بأسانيد صحيحة (2). {74}
(وقالت) المالكية والحنبلية: يكره هذا الإقعاء أيضاً. وهو مشهور مذهب الحنفيين لأحاديث النهى عن الإقعاء ولما تقدم فى بحث " الافتراش والتورك "(3)(وأجابوا) عن حديث ابن عباس ونحوه بأنه منسوخ بأحاديث النهى، أو بأن ابن عباس لم يبلغه النهى (ورُدَّ) بأنه لا دليل على النسخ، وأنه لا يصار إليه مع إمكان الجمع (قال) البيهقى والقاضى عياض وجماعة: يجمع بينها بأن الإقعاء المنهى عنه هو وضع ألييه ويديه على الأرض ونصب ساقيه وفخذيه. والإقعاء الذى قال ابن عباس وابن عمر: إنه من السنة هو وضع الأليين على العقبين والركبتين على الأرض وجعل صدور القدمين إلى الأرض (وقال) النووى: فالحاصل أن الإقعاء الذى رواه ابن عباس وابن عمر فعله النبى صلى الله عليه وسلم على التفسير المختار الذى ذكره البيهقى. وكذا فعل صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو حميدٍ وموافقوه من جهة الافتراش، وكلاهما سنة، لكن إحدى السنتين أكثر وأشهر وهى رواية أبى حُميد،
(1) ص 13 ج 4 - الفتح الربانى. وص 18 ج 5 نووى مسلم (جواز الإقعاء على المقبين) وص 283 ج 5 - المنهل العذب (الإقعاء بين السجدتين). وص 235 ج 1 تحفة الأحوذى (الرخصة فى الإقعاء) و (فى السجود) يعنى فى الجلوس بين السجدتين. و (الرجل) بفتح الراء وضم الجيم على ما صوبه الجمهور، وهو المناسب لإضافة الجفاء إليه. يعنى إنا لنرى الإقعاء فظاظة وغلظة بالرجل وضبطه ابن عبد البر بكسر الراء وسكون الجيم أى أن الجلوس على هذه الهيئة فى الصلاة مشقة على الرجل، ويؤيده ما فى رواية أحمد "إما لنراه جفاء بالقدم"
(2)
ص 119 ج 2 - السنن الكبرى (القعود على المقبين بين السجدتين).
(3)
تقدم ص 246 - 248 ج 2 طبعة ثانية.
لأنه رواها وصدقه عشرة من الصحابة ورواها وائل بن حُجر وغيره. وهذا يدل على مواظبته صلى الله عليه وسلم عليها وشهرتها عنه فهى أفضل وأرجح مع أن الإقعاء سنة أيضاً (1).
(16)
ويكره نظر المصلى على ما يلهى " لقول " عائشة: صلى النبى صلى الله عليه وسلم فى خميصة لها أعلام. فقال: شغلتنى أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبى جَهم وأتونى بأنيجانيته. أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود. (2){252}
" ولقول " أنس كان قرام لعائشة سترت له جانب بيتها، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: أميطى عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لى فى صلاتى. أخرجه البخارى (3). {253}
(17)
ويكره - عند الأئمة والجمهور - تغميض العينين فى الصلاة بلا عذر " لحديث " ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم فى الصلاة فلا يغمض عينيه. أخرجه الطبرانى وابن عدى بسند فيه
(1) ص 440 ج 3 شرح المهذب (فرع فى الإقعاء) وحديث ابى حميد تقدم رقم 334 ص 247 ج 2 طبعة ثانية.
(2)
ص 99 ج 4 - الفتح الربانى. وص 159 ج 2 فتح البارى (الالتفات فى الصلاة) وص 43 ج 5 نووى مسلم (كراهة الصلاة فى ثوب له أعلام) وص 9 ج 6 - المنهل العذب (النظر فى الصلاة) و (الخميصة) ثوب من خز أو صوف معلم. و (شغلتنى) أى كادت تشغلنى عن كمال الحضور فى الصلاة، وليس المراد أنها شغلته بالفعل (ففى حديث) عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: منت أنظر على علمها فى الصلاة فأخاف أن تفتننى. أخرجه البخارى (ص 329 ج 1 فتح البارى - إذا صلى فى ثوب له أعلام .... ) و (أبو جهم) عامر بن حذيفة و (الأنبجانية) بفتح فسكون فكسر وتخفيف الجيم، كساء غليظ له خمل (أى وبر) ولا علم له، نسبة - على غير قياس - إلى منبج - كمجلس - موضع. وأمر صلى الله عليه وسلم بردها إلى أبى جهم لأنه كان أهداها إلى النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه مالك والطحاوى. وطلب صلى الله عليه وسلم أن يؤتى له بأنبجانيته جبراً لخاطره فلا يتأثر من رد هديته.
(3)
ص 329 ج 1 فتح البارى (إن صلى فى ثوب مصلب أو تصاوير .. ) و (القرام) ككتاب الستر الرقيق. و (تعرض) كتضرب، أى تلوح له.
ضعف، وابن أبى حاتم وقال: حديث منكر. وقال الهيثمى: وفيه ليث بن أبى سُليم وهو مدلّس وقد عنعن (1). {254}
أما مع العذر كأن خاف فوت خشوع لرؤيته ما يشغل البال فلا يكره تغميضها لذلك. وروى عن الحسن البصرى جوازه بلا كراهة مطلقاً.
(18)
ويكره التربع فى الصلاة بلا عذر، لما فيه من ترك سنة القعود أما مع العذر فلا يكره " لقول " عبد الله بن عبد الله بن عمر: كان ابن عمر يتربع فى الصلاة إذا جلس ففعلتهُ فنهانى وقال: إنما سُنة الصلاة أن تنصِبَ رجلك اليمنى وتثنَى اليسرى. فقلت إنك تفعل ذلك. فقال: إن رِجْلاىَ لا تحملانى. أخرجه مالك والبخارى (2). {255}
(ولا يكره) التربع خارج الصلاة، لأنه كان جُلَّ قعود النبى صلى الله عليه وسلم فى غير الصلاة، وإن كان الجلوس على هيئة الصلاة أولى، لقربه من التواضع.
(19)
وتكره - عند الشافعية والحنبلية والجمهور - الإشارة فى الصلاة بيد أو عين أو حاجب، لأنها نوع عبث يشغل عن الصلاة ويذهب بخشوعها، إلا إذا كانت لحاجة كرد السلام ودفع المار فلا تكره (روى) الليث بن سعد بسنده إلى ابن عمر عن صُهيبٍ بن سنان أنه قال: مررتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فسلمتُ عليه فردّ إشارة، قال ليث: أحسبه قال إشارة بأصبعه. أخرجه الشافعى والبيهقى والطحاوى
(1) ص 83 ج 2 مجمع الزوائد (تغميض البصر فى الصلاة).
(2)
ص 166 ج 1 زرقانى الموطأ (العمل فى الجلوس فى الصلاة) وص 206 ج 2 فتح البارى (سنة الجلوس فى التشهد).
والثلاثة، وحسنه الترمذى (1). {256}
" ولقول " أمّ سلمة: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما " أى عن الركعتين بعد العصر " ثم دخل علىّ بعد أن صلَى العصر، وعندى نِسوة من بنى حَرام فقام يصليهما، فأرسلتُ إليه الجارية فقلت: قومى بجنبه وقولى له: تقول لك أمّ سلمة: يا رسول الله سمعتُك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخرى عنه ففعلتِ الجارية فأشار بيده فأستاخرت عنه (الحديث) أخرجه الشيخان وأبو داود (2). {257}
"وعن " نافع أن عبد الله بن عمر مرّ على رجل وهو يصلى فسلم عليه فرد الرجل كلاماً، فرجع إليه عبد الله بن عمر فقال له: إذا سُلِّمَ على أحدكم فلا يتكلمْ وَلْبُشِرْ بيده. أخرجه مالك (3). {75}
(وقالت) المالكية: الإشارة فى الصلاة بيد أو رأس واجبة لرد السلام، وجائزة لحاجة إن كانت خفيفة وإلا منعت. وتكره للرد على مُشَمِّت.
(وقال) أبو ذر وعطاء والنخعى والثورى والحنفيّون: يستحب ألا يرد المصلى السلام إلا بعد الفراغ من الصلاة، ويكره السلام بالإشارة فيها " لقول " عبد الله بن مسعود: كنا تسلم فى الصلاة ونأمرُ بحاجتنا. فقدمِتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فسلّمتُ عليه فلم يردّ علىّ السلامَ، فأخذنى ما قدُم وما حدُث فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: إن الله عز وجل يُحدِث من أمره ما يشاء، وإن الله تعالى قد
(1) ص 98 ج 1 - بدائع المنن. وص 107 ج 4 - الفتح الربانى. وص 258 ج 2 - السنن الكبرى (الإشارة برد السلام) وص 263 ج 1 شرح معانى الآثار (الإشارة فى الصلاة) وص 23 ج 6 - المنهل العذب (رد السلام فى الصلاة) وص 177 ج 1 مجتبى (رد السلام بالإشارة فى الصلاة) وص 291 ج 1 - تحفة الأحوذى (الإشارة فى الصلاة).
(2)
ص 68 ج 3 فتح البارى (إذا كلم وهو يصلى فأشار بيده .. ) وص 120 ج 6 نووى مسلم (الأوقات التى نهى عن الصلاة فيها) وص 164 ج 7 - المنهل العذب (الصلاة بعد العصر).
(3)
ص 305 ج 1 زرقانى الموطأ (العمل فى جامع الصلاة).
أحدَث ألاّ تَكلموا فى الصلاة، فردّ علىّ السلام. أخرجه الشافعى وأحمد وأبو داود والطحاوى (1). {258}
وقال الطحاوى: ففيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ على الذى سلم عليه فى الصلاة بعد فراغه منها. فذلك دليل أنه لم يكن منه فى الصلاة ردّ السلام عليه لأنه لو كان ذلك منه لأغناه عن الرد عليه بعد الصلاة كما يقول الذى يرى الرد فى الصلاة بالإشارة (2). ويريد بهذا الردّ على من يقول " إن المنفى " فى حديث ابن مسعود الرد باللفظ لا بالإشارة، وأن رده صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الصلاة لا ينافى الرد بالإشارة فيها (وجملة) القول أن رد السلام فى الصلاة بالقول محظور. ورده بعد الخروج منها سنه، لما فى حديث ابن مسعود. ورده بالإشارة حسن، لحديث صهيب وابن عمر.
(20)
وتكره الإشارة بالأيدى حال السلام. " لقول " جابر بن سَمُرة دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس رافعو أيديهم فى الصلاة، فقال: مال أراكم رافعى أيديكم كأنها أذنابُ خيل شُمْسٍ اسكنوا فى الصلاة أخرجه أحمد ومسلم والنسائى وأبو داود (3). {259}
وفى رواية لمسلم وأبى داود: إنما يكفى أحدَكم أن يضعَ يده على فخذه يُسلّم على أخيه من على يَمينه وشِماله (4).
(1) ص 95 ج 1 بدائع المنن. وص 73 ج 4 - الفتح الربانى. وص 21 ج 6 - المنهل العذب (رد السلام فى الصلاة) وص 263 ج 1 شرح معانى الآثار (الإشارة فى الصلاة) و (ما تقدم وحدث) بضم الدال فيهما، أى أخذنى ما نقدم من التكلم فى الصلاة وما حدث فيها من عدم التكلم
(2)
ص 264 ج 1 - شرح معانى الآثار.
(3)
ص 91 ج 4 - الفتح الربانى. وص 152 ج 4 - نووى مسلم (الأمر بالسكون فى الصلاة) وص 176 ج 1 مجتبى (السلام بالأيدى فى الصلاة) وص 118 ج 6 - المنهل العذب (فى السلام) و (شمس) بضم فسكون أو بضمتين جمع شموش كرسول وهو النفور من الدواب المستعصى على راكبه.
(4)
ص 154 ج 4 نووى مسلم. وص 117 ج 6 - المنهل العذب.
(21)
ويكره - عند الحنفيين ومالك - التنكيس فى القراءة. وهو أن يقرأ فى الركعة الثانية سورة أو أية قبل التى قرأها فى الأولى، كأن يقرأ فى الركعة الأولى (الغاشية) وفى الثانية (الأعلى) أو يقرأ فى الركعة الأولى نصف السورة الأخير، وفى الثانية نصفها الأول، لأنه خلاف المنقول بكثرة عن النبى صلى الله عليه وسلم.
(وقد) سئل ابن مسعود عمن يقرأ القرآن منكوساً فقال: ذلك منكوس القلب ذكره ابن قدامة (1). {76}
(وقالت) الشافعية والحنبلية: إنه خلاف الأولى (قال) ابن قدامة: والمستحب أن يقرأ فى الركعة الثانية بسورة بعد السورة التى قرأها فى الركعة الأولى. فإن قرأ بخلاف ذلك فلا بأس به (قال) أحمد لما سئل عن هذه المسألة: لا بأس به. أليس يُعلّم الصبى على هذا؟ وقال فى رواية: أعجب إلىّ أن يقرأ من البقرة إلى أسفل (2)(وقال) البخارى: وقرأ الأحنف بالكهف فى الأولى وفى الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أنه صلى مع عمر الصبحَ رضى الله عنه بهما (3). (وقد نكّس) النبى صلى الله عليه وسلم ذات قليلا لبيان الجواز. (قال) حذيفة: صليتُ مع النبى صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلتُ: يركعُ عند المائة ثم مضى. فقلتُ يصلى بها فى ركعة فمضى. فقلت يركع بها فمضى. ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها مترسِّلا، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوَّذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان بى العظيم، وكان ركوعُه نحواً من قيامه. ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمدُ، ثم قام قياماً طويلا قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربى الأعلى. فكان
(1) ص 540 ج 1 مغنى.
(2)
ص 540 ج 1 مغنى.
(3)
ص 174 ج 2 فتح البارى (الجمع بين السورتين).
سجوده قريباً من قيامه. أخرجه مسلم (1). {260}
(أما تنكيس) الآيات المتلاصقة فى ركعة واحدة فحرام، مبطل للصلاة عند المالكية (وقال) الحنفيون: تنكيس الآيات مكروه ولو فى ركعتين.
" فائدتان "(الأولى) اتفق العلماء على أن ترتيب آىِ القرآن توقيفى من الله. واخلفوا فى ترتيب السور. فقيل إنه توقيفى كترتيب الآيات. والأكثرُ على أنه باجتهاد من الصحابة (قال) القاضى عياض: ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف ولم يكن من ترتيب النبى صلى الله عليه وسلم. وبه قال مالك والجمهور. واختاره أبو بكر الباقلانى قال ابن الباقلانى: هو أصح القولين. والذى نقوله: إن ترتيب السور ليس بواجب فى الكتابة ولا فى الصلاة ولا فى الدرس ولا فى التلقين والتعليم ولا يحرم مخالفته، لأنه لم يكن من النبى صلى الله عليه وسلم نص فى ذلك، ولذا اختلف ترتيب المصاحف قبل مصحف عثمان " وأما من " قال: إن ذلك بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم كما استقر فى مصحف عثمان، وإنما اختلفت المصاحف قبل أن يبلغهم التوقيف " فتأول" قراءته صلى الله عليه وسلم النساء ثم آل عمران فى حديث حذيفة على أنه كان قبل التوقيف والترتيب.
ولا خلاف أن آيات كل سورة بتوقيف من الله على ما هو فى المصحف الآن، ونقلته الأمة عن النبى صلى الله عليه وسلم. أفاده النووى (2)(الثانية) لا يكره قراءة بعض السورة من أولها اتفاقاً، لما تقدم فى بحث "القراءة فى الصبح" أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الصبحَ بمكة فاستفتح سورةَ المؤمنين حتى جاء ذكرُ موسى وهارون، أو ذكرُ عيسى، أخذتْه سَعْلة فركع (3). ولا بأس
(1) ص 61 ج 6 نووى مسلم (تطويل القراءة فى صلاة الليل) و (فى ركعة) المراد بالركعة الصلاة بكمالها وهى ركعتان. ولابد من هذا التأويل لينتظم الكلم بعده. وعلى هذا فقوله (ثم مضى) معناه قرأ معظمها بحيث غلب على ظنى أنه لا يركع الركعة الأولى أو فى آخر البقرة فحينئذ قلت يركع الركعة الأولى بها فجاوز وافتتح النساء.
(2)
ص 61، 62 ج 6 شرح مسلم.
(3)
تقدم رقم 376 ص 273 ج 2 طبعة ثانية.
بقراءة السورة فى ركعتين " لحديث " زيد بن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ فى المغرب بالأعراف فى الركعتين. أخرجه أحمد والطبرانى فى الأوسط بسند رجاله رجال الصحيح (1). {261}
(وعن زيد) أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ فى الركعتين من المغرب بسورة الأنفال. أخرجه الطبرانى فى الكبير ورجاله رجال الصحيح (2). {262}
وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم قرأ فيهما بالقتال وبالطور وبالمرسلات (3)(وكذا) لا يكره قراءة أواخر السور وأوساطها عند الجمهور وأحمد فى رواية لما تقدم عن أبى سعيد قال: أمرنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر (4)" وعن ابن مسعود " أنه كان يقرأ فى الآخرة من صلاة الصبح آخر آل عمران وآخر الفرقان. أخرجه الخلال. {77}
(وقال) إبراهيم النخعى: كان بعض أصحابنا يقرأ فى الفريضة من السورة بعضها ثم يركع ثم يقوم فيقرأ فى سورة أخرى. وعن أحمد أنه يكره قراءة أواخر السور وأوساطها. نقل المروزى عن أحمد أنه كان يقرأ فى صلاة الفرض بآخر سورة، وقال: سورة أعجب إلىّ. وسئل عن الرجل يقرأ من أوسط السُّوَر وآخرها، فقال: أما آخر السورة فأرجو، وأما أوسطها فلا. أفاده ابن قدامة (5) هذا. ولا يكره تكرير سورة أو آية بعد الفاتحة فى أكثر من ركعة، لما تقدم فى بحث " قراءة سورتين بعد الفاتحة " (6)? " ولقول " أى ذر: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركعُ ويسجدُ بها {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ
(1) ص 226 ج 3 - الفتح الربانى. وص 177 ج 2 مجمع الزوائد (القراءة فى المغرب).
(2)
ص 118 منه.
(3)
تقدم رقم 391، 392، 393 ص 278 ج 2 - طبعة ثانية (القراءة فى المغرب).
(4)
تقدم رقم 235 ص 184 ج 2 طبعة ثانية.
(5)
ص 539 ج 1 مغنى.
(6)
تقدم ص 187 ج 2 طبعة ثانية.
الحَكِيمُ} فلما أصبحَ قلتُ: يا رسول الله مازلتَ تقرأ هذه الآية حتى أصبحتَ. تركعُ وتسجدُ بها. قال: إنى سألتُ اللهَ الشفاعةَ لأمتى فأعطانيها وهى نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله عز وجل شيئاً. أخرجه أحمد. وأخرج صدره النسائى وابن ماجه والحاكم وصححه (1). {263}
(22)
ويكره ترك سورة بين سورتين قرأهما فى ركعتين عند الحنفيّين لما فيه من شبهة التفضيل والهجر. وقال بعضهم: لا يكره إذا كانت السورة طويلة ولا يكره عند غيرهم مطلقاً.
(23)
ويكره التخصيص فى الدعاء " لقول " أبى هريرة: قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابىّ فى الصلاة اللهم ارحمنى ومحمداً ولا ترحمْ معنا أحداً. فلما سلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابى: لقد تحجَّرْتَ واسعاً يريد رحمةَ الله. أخرجه البخارى وأبو داود (2). {264}
(فقد أنكر) النبى صلى الله عليه وسلم ذلك، لأن التعميم فى الدعاء أقرب إلى الإجابة " وقال " ثوبان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمَّ عبدٌ فيخص نفسه بدعوة دونهم. فإن فعل فقد خانهم. أخرجه ابن ماجه (3). {265}
(24)
ويكره للمصلى لصق إحدى قدميه بالأخرى حال قيامه " لقول " عُيينة بنِ عبد الرحمن: كنتُ مع أبى فى المسجد فرأى رجلا يصلىّ قد صَفّ
(1) ص 214 ج 3 - الفتح الربانى. وص 156 ج 1 مجتبى (ترديد الآية) وص 210 ج 1 سنن ابن ماجه (القراءة فى صلاة الليل) وص 241 ج 1 مستدرك.
(2)
ص 337، 338 ج 1 فتح البارى (رحمة الناس والبهائم - الأدب) وفيه: لقد حجرت. وص 330 ج 5 - المنهل العذب (الدعاء فى الصلاة) و (تحجرت واسعاً) أى طلبت ضيق رحمة الله التى وسعت كل شئ وخصصت بها نفسك.
(3)
ص 153 ج 1 سنن ابن ماجه (لا يخص الإمام نفسه بالدعاء) و (لا يؤم) بفتح الميم أو ضمها نهى أو نفى بمعنى النهى (فيخص) عطف على يؤم.
بين قدميه وألزق إحداهما بالأخرى. فقال أبى: لقد أدركتَ فى هذا المسجد ثمانيةَ عشر رجلا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ما رأيت أحداً منهم فعل هذا قط. أخرجه الأثرم. {78}
وكان ابن عمر لا يفرِّج بين قدميه ولا يُمُّس إحداهما الأخرى، ولكن بين ذلك، لا يُقاربُ ولا يُباعد (1). {79}
(25)
ويكره الترويج فى الصلاة بيد أو طرف ثوب، لأنه من العبث المنافى لخشوع إلا لحاجة كحر شديد. وكذا التريح بِمرْوحة مرة أو مرتين، بناء على أن العمل الذى لا يبطل الصلاة ما دون ثلاث حركات، وهو مذهب الشافعية والحنبلية وقول لبعض الحنفيين.
(قال) الشرنبلالى: ويكره ترويحه بثوبه أو مِروْحه مرة أو مرتين، لأنه ينافى الخشوع وإن كان عملا قليلا (2).
(قال) ابن إدريس الحنبلى: ويكره تروُّحه بمروحة ونحوها، لأنه من العبث إلا لحاجة كحر شديد، فلا يكره للحاجة ما لم يكثر من الترويح فيبطل الصلاة إن توالى (3)? . (والمختار) عند الحنفيين أن العمل المبطل للصلاة ما يكون بحيث لو رآه إنسان من بُعد تيقن أنه ليس فى الصلاة، ولذا قال فى المحيط عن المنتقى: لو تروح بطرف كمه لا تفسد، ولو تروح بالمِروْحة قالوا تفسد، لأن الناظر إليه يتيقن أنه ليس فى الصلاة (4).
(26)
ويكره التمايل فى الصلاة وهو تحريك الرأس قليلا " لحديث " إذا قام أحدُكم إلى الصلاة فليُسكِّنْ أطرافهَ ولا يتميَّل كما تتميَّل اليهودُ، فإن تسْكينَ الأطراف فى الصلاة من تمام الصلاة. أخرجه أبو نعيم فى الحلية، وابن عدى فى الكامل، والترمذى فى نوادر الأصول عن أبى بكر وهو حديث ضعيف (5). {266}
(1) ص 666 ج 1 مغنى ابن قدامة.
(2)
ص 194 مراقى الفلاح هامش حاشية الطحطاوى (المكروهات).
(3)
ص 245 ج 1 كشاف القناع (ما يكره فى الصلاة .. ).
(4)
ص 194 طحطاوى مراقة الفلاح.
(5)
رقم 783 ص 413 ج 1 فيض القدير.
(27)
وتكره الصلاة إلى النائم عند مالك وأحمد: لما تقدم عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث (1)? .
(وقال) الحنفيون والشافعى: تكره الصلاة إلى النائم إن خشى خروج ما يضُحك أو يُلهى وإلا فلا كراهة، وعليه يحمل قول عائشة: كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى وأنا راقدة معترضة على فراشة بينه وبين القبلة. أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود (2). {267}
(وقال) الثورى والأوزاعى والكوفيون: لا تكره الصلاة إلى النائم مستدلين بعموم حديث عائشة (وأجابوا) عن حديث ابن عباس بأنه ضعيف باتفاق الحافظ لضعف سنده (قال) جماعة: يكره لغير النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة إلى المرأة النائمة.
(28)
وتكره الصلاة إلى المتحدث عند مالك والشافعى وأحمد، لما تقدم " ولحديث " أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: نهيتُ أن أصلىَ خلف المتحدثين والنيام. أخرجه الطبرانى فى الأوسط. وفيه محمد بن عمرو ابن علقمة اختلف فى الاحتجاج به (3). {268}
" ولضعف " الحديث ضعفاً قوياً " قال " الثورى والأوزاعى والحنفيون: لا تكره الصلاة خلف المتحدث. إذا لم يؤدّ إلى اشتغال المصلى عن صلاته وذهاب خشوعه وإلا فلا خاف فى الكراهة.
(29)
وتكره الصلاة إلى تنّور أو كانون فيه جمر أو إلى مصباح،
(1) تقدم رقم 480 ص 327 ج 2 طبعة ثانية (الاستشار بالحيوان).
(2)
ص 124 ج 4 - الفتح الربانى. وص 391 ج 1 فتح البارى (الصلاة خلف النائم) وص 228 ج 4 نووى مسلم (الاعتراض بن يدى المصلى) وص 107 ج 5 - المنهل العذب (من قال المرأة لا تقطع الصلاة) ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى صلاته من الليل الخ.
(3)
ص 62 ج 2 مجمع الزوائد (من صلى وبين يديه أحد).
لما فى ذلك من التشبه بمن يعبد النار، وكذا الصَّلاةُ إلى الشمس والقمر حال طلوعهما، لما فى ذلك من التشبيه بمن يعبدهما، وتقدم فى بحث " الصلاة وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها " بيان المذاهب فى حكم الصلاة وحينئذ (1)? .
(30)
ويكره تشمير الكمُين عن الذراعين، لما فيه من الجفاء المنافى للخشوع ف الصلاة، ولأنه من كفّ الثوب المنهى عنه (قال النووى) فى المجموع: وقد اتفق العلماء على النهى عن الصلاة وثوبُه مشمّر أو كمه أو نحوه ولو شمّرها قبل الصلاة ثم دخل فيها لا يكره عند المالكية وبعض الحنفيين.
(31)
وتكره الصلاة فى ثوب واحد ليس على عاتقه بعضُه كسراويلَ وإزارٍ إلا لضرورة العدم، لما فيه من التهاون والتكاسل وقلة الأدب " ولحديث " عبد الله بن بُريدةَ عن أبيه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُصلى الرجلُ فى لِحاف لا يتوشَّحُ به ونهى أن يصُلى الرجل فى سراويلَ وليس عليه رداء. أخرجه أبو داود والبيهقى وهذا لفظه. وفى سنده أبو ثميلة وأبو المُنيب. وفيهما مقال (2)? . {269}
(32)
ويكره الاعتجار فى الصلاة. وهو شدّ الرأس بالمنديل أو العمامة وترك وسطها مكشوفاً، أو لفّ العمامة على رأسه وردّ طرفها على وجهه ولا يجعله تحت ذقنه لما فيه من الجفاء المنافى للخشوع.
(33)
ويكره اشتمال الصماء وهو الاندراج فى الثوب بلا إخراج يديه منه (لقول) ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان
(1) تقدم ص 31 ج 2 - طبعة ثانية.
(2)
ص 26 ج 5 - المنهل العذب (من قال يتزر به إذا كان ضيقاً) وص 236 ج 2 - السنن الكبرى (ما يستحب للرجل أن يصلى فيه) و (التوشح) أخذ طرف الرداء الذى على الكتف الأيمن من تحت إبطه الأيسر وأخذ الطرف الذى على الكتف الأيسر من تحت الإبط الأيمن ثم عقدهما على صدره.
لأحدكم ثوبان فليصلّ فيهما فإن لم يكنْ له إلا ثوب فَلْيَتَّزِرْ به ولا يشتمل اشتمال اليهود. أخرجه أبو داود والبيهقى بسند جيد (1). {270}
" ولحديث " أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن لِبْستين الصَّماءِ، وأن يَحْتَبِىَ الرجل فى الثوب الواحد. أخرجه البخارى وأبو داود مطولا. وهذا بعض لفظه (2). {271}
والاحتباء أن يعتمد المصلى على ألييه ناصباً ساقيه ملتفاً بثوبه. والنهى عن اللبستين المذكورتين نهى كراهة عند الجمهور. وحمله بعض الظاهرية على التحريم.
(34)
ويكره الاضطباع فى الصلاة. وهو جعل الثوب تحت إبطه الأيمن وطرحُ طرفيه على كتفه الأيسر. لأن ستر المنكبين مستحب فى الصلاة، فيكره تركه " لحديث " أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصلِّ الرجل فى الثوب الواحد ليس على مَنكبيه منه شئ. وفى رواية لا يصلى أحدكم فى الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شئ. أخرجه الشافعى والسبعة إلا الترمذى وابن ماجه (3). {272}
(1) ص 25 ج 5 - المنهل العذب (من قال يتزر به إذا كان ضيقاً) وص 236 ج 2 - السنن الكبرى. و (اشتمال اليهود) أن يجلل بدنه بالثوب ويسبله من غير أن يرفع طرفه ولا يبقى منه ما يخرج منه يده.
(2)
ص 172 ج 4 فتح البارى (صوم يوم الفطر) وص 165 ج 10 - المنهل العذب (صوم العيدين) و (لبستين) بكسر اللام اسم لهيئة اللبس. و (الصماء) بالصاد المهملة. وهى عند أهل اللغة الاندراج فى الثوب بلا إخراج يديه منه. سميت صماء، لأنه يسد المنافذ كلها يصير كالصخرة الصماء التى ليس فيها خرق. وعند الفقهاء أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضه على منكبيه فيبدو فرجه. وعلى الأول فهى مكروهة، لئلا تعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فليحقه ضرر. وعلى تفسير الفقهاء فهى حرام لانكشاف العورة.
(3)
ص 95 ج 1 بدائع المنن (ما يكره فى الصلاة) وص 92 ج 3 - الفتح الربانى. وص 321 ج 1 - فتح البارى (إذ صلى فى الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه) وص 239 ج 4 نووى مسلم (الصلاة فى ثوب واحد.) وص 14 ج 5 - المنهل العذب (ما يصلى فيه) وص 125 ج 1 - مجتبى (صلاة الرجل فى الثوب الواحد .. ) و (المنكب) كمجلس مجمع عظم العضد والكتف، و (العاتق) ما بين المنكب إلى أصل العنق.
دلّ الحديث: (أ) على أنه يطلب ستر أعالى البدن فى الصلاة وإن كانت ليست بعورة لأنه أمكن فى ستر العورة. وحكمته أنه إذا اتزر بالثوب ولم يكن على عاتقه منه شئ لم يأمن أن تنكشف عورته، بخلاف ما إذا جعل بعضه عل عاتقه، ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده فيشتغل بذلك وتفوته سنة وضع اليمنى على اليسرى تحت صدره ورفعهما حيث شرع الرفع (1).
(ب) وعلى النهى عن الصلاة فى الثوب الواحد إذا لم يكن على عاتق المصلى منه شئ. وقد حمل الجمهور هذا النهى على التنزيه (وعن) الإمام أحمد: لا تصح صلاة من قدر على ذلك فتركه. وعنه تصح ويأثم (ونقل) المنع عن ابن عمر وطاوس والمخعى. واختاره ابن المنذر وابن حزم.
(35)
ويكره التثاؤب فى الصلاة، لأنه من التكاسل، فإن غلبه فلْيَكْظِمْ ما استطاع " لحديث " أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال التثاؤب فى الصلاة من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فلْيَكْظِمْ ما استطاع. أخرجه مسلم والترمذى وقال حسن صحيح. وقد كره قوم من أهل العلم التثاؤب فى الصلاة (2). {273}
وتقدم لفظ آخر فى " بحث سدّ فمه عند التثاؤب " من آداب الصلاة (3).
(36)
ويكره للمصلى تغطية فمه أو أنفه إلا لعذر كالتثاؤب " لقول " أبى هريرة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السّدْل فى الصلاة، وأن يُغطِّى الرجل فاه. أخرجه أبو داود والبيهقى والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين (4). {274}
(1) ص 231 ج 4 شرح مسلم.
(2)
ص 122 ج 18 منه (تشميت العاطس وكراهة التثاؤب - الزهد) وص 292 ج 1 تحفة الأحوذى (كراهية التثاؤب فى الصلاة).
(3)
تقدم رقم 367 ص 267 ج 2 - طبعة ثانية.
(4)
ص 32 ج 5 - المنهل العذب (السدل فى الصلاة) وص 242 ج 2 - السنن الكبرى (كراهية السدل فى الصلاة .. ) وص 253 ج 1 مستدرك.
(وحكمة) النهى عن تغطية الفم فى الصلاة لغير عذر أنه يشبه فعل المحبوس حال عبادتهم النار.
(37)
وتكره الصلاة وهو يدافع الأخبثين: البول والغائط " لقول " عبد الله بن الأرقم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاةُ فلْيَبْدأ بالخلاء. أخرجه الإمامان وأبو داود والترمذى وقال: حسن صحيح والحاكم وقال: صحيح (1). {275}
" ولحديث " ثوبان مولى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤمّ رجل قوماً فيخُصَّ نفسه بالدعاء دونهم فإن فعلَ فقد خانهم ولا ينظرُ فى قعر بيت قبل أن يستأذنَ، فإن فعل فقد دخل. ولا يصلى وهو حَقِن حتى يتخفف. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وحسنه (2). . {276}
(1) ص 288 ج 1 زرقانى الموطأ (النهى عن الصلاة والإنسان يريد حاجته) وص 92 ج 4 - الفتح الربانى. وص 291 ج 1 - المنهل العذب (الرجل أيصلى وهو حاقن). وص 131 ج 1 تحفة الأحوذى (إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء) وص 257 ج 1 مستدرك. و (فليبدا بالخلاء) أى بقضاء الحاجة.
(2)
ص 280 ج 5 مسند أحمد (حديث ثوبان .. ) ولفظه: لا يحل لامرئ أن ينتظر
…
وص 197 ج 1 - المنهل العذب (الرجل أيصلى وهو حاقن؟ ) وص 285 ج 1 تحفة الأحوذى (كراهية أن يخص الإمام نفسه بالدعاء) ولفظه كأحمد (فيخص نفسه بالدعاء) ومحله فى القنوت ونحوه مما يجهر به، لأن القوم مأمورون فيه بسماع الإمام، بخلاف ما لو خص نفسه بالدعاء فيما يسر فيه كدعاء الاستفتاح والركوع والسجود، فلا يكره، لأن كل واحد منهم يدعو لنفسه ولأنه المحفوظ فى أدعيته صلى الله عليه وسلم فى الصلاة كلها (كقوله) فى دعاء الاستفتاح اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بيت المشرق والمغرب. اللهم نقنى من خطاياى كما ينفى الثوب البيض من الدنس (الحديث) تقدم رقم 293 ص 294 ج 2 (ولقوله) فى الركوع والسجود: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لى، تقدم رقم 258 ص 201 ج 2 (وقوله) بين السجدتين: اللهم اغفر لى وارحمنى واجبرنى واهدنى وارزقنى. تقدم رقم 271 ص 207 ج 2 (وقوله) فى آخر الصلاة: اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إنى أعوذ بك من المأثم والمغرب .. وتقدم رقم 354 ص 259 ج 2 (فقد خانهم) أى لتضييعه حقهم فى الدعاء حيث اعتمدوا على دعائه وأمنوا عليه اعتماداً على تعميمه (والمراد بقعر البيت) داخله، فعند أحمد والترمذى: لا يحمل لامرئ أن ينتظر فى جوف بيت امرئ حتى يستأذن (فإن نظر) فى البيت بلا إذن صار فى حكم الداخل فيه بلا إذن، لأن الاستئذان إنما شرع لئلا يقع النظر على مالا ينبغى نظره. فإن نظر قبل الاستئذان فقد ارتكب إثم من دخل بلا إذن. و (حقن) بفتح فكسر بمعنى حاقن. وهو من حبس بوله والحاقب بالموحدة من حبس الغائط.
وتقدم صدره عند ابن ماجه (1) فى الحديثين النهى عن الصلاة وهو يدافع الأخبثين وهما البول والغائط، ويلحِق بهما ما فى معناهما مما يشغل القلب ويُذهب كمالُ الخشوع. وهو نهى كراهة عند الجمهور إن لم يمنعه من أداء شئ من الأركان فإن منعه من ذلك بطلت صلاته (وحمله) الظاهرية على التحريم وقالوا: من صلى كذلك فصلاته باطلة (وفى حديث) ثوبان ثلاث منهيات: الأول نهى تنزيه. والثانى نهى تحريم والثالث نهى شفقة حتى لو صلى وهو حاقن فصلاته صحيحة عند الجمهور. " ولا ينافيه " قوله صلى الله عليه وسلم فيه: ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن " لأنه " خُرِّج مخرج المبالغة فى المنع. (ولذا) اختُلف فيمن صلى وهو حاقن أو حاقب (فقالت) المالكية: يعيد الصلاة على تفصيل حاصله أن ما يجده الإنسانُ من ذلك ثلاثة أنواع: (الأول) أن يكون خفيفاً. فيصلى به ولا يقطع. (الثانى) أن يكون وسطاً يدعو إلى ضم الوركين فيندب له قطع الصلاة. فإن تمادى صحت صلاته. ويستحب إعادتها فى الوقت. (الثالث) أن يكون شديداً يشغل قلبه ويعجله عن استيفاء الصلاة، فيلزمه القطع فإن تمادى لزمه الإعادة فى الوقت وبعده. وعليه يحمل نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن تقديم الصلاة على قضاء الحاجة. والنهى يقتضى فساد المنهى عنه (وعن) زيد بن أسلمَ أن عمر بن الخطاب قال: لا يُصليّنَّ أحدكم وهو ضامّ بين ورْكبه. أخرجه مالك (2). {79}
(قال) الباجى: هو نهى عن الصلاة فى حال الحقْن الذى يبلغ بالمصلى أن يَضُمّ وركيه من شدة حقنه، لأن فى ذلك ما يشغله عن الصلاة ولا يمكنّه من استيفائها فليبدأ بقضاء حاجته خارجاً من صلاته واضعاً يده على أنفه كالراعف
(1) تقدم رقم 265 ص 190.
(2)
ص 289 ج 1 زرقانى الموطأ (النهى عن الصلاة والإنسان يريد حاجته).
ثم يستقبل الصلاة (1)(وقرقرة) البطن بمنزلة الحقن " وأما الغثيان " وهو اضطراب النفس حتى تكاد تتقايأ " فقد " قال القاضى أبو الوليد: لا تقطع له الصلاة، لأنه مرض لا يُقدر على إزالته بخلاف الحقن فإنه يقدر على إزالته (وقال) الحنفيون والشافعى وأحمد: لا إعادة على من صلى حاقناً إن لم يترك شيئاً من فرائض الصلاة، بل يكره له ذلك للنهى عنه، وهو لا يقتضى الفساد لأنه لأمر خارج عن الصلاة (قال الطحاوى) لا خلاف أنه لو شَغل قلبَه شئٌ من الدنيا لم تستحب الإعادة. فكذا البول. وأحسن شئ فى هذا الباب حديث عبد الله بن الأرقم (2) وحديث عائشة قالت. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يُصَلِّى بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود (3). {277}
(وأجمعوا) على أنه لو صلى بحضرة الطعام فأكمل الصلاة أنها تجزئه فكذلك الحاقن وإن كان يكره له الصلاة كذلك (قال) العلامة الرملى: تكره الصلاة حاقناً بالبول، أو حاقباً بالغائط بأن يدافع ذلك، أو حازقاً أى مدافعاً للريح، أو حاقماً بهما. بل السنة تفريغ نفسه من ذلك، لأنه يخل بالخشوع وإن خاف فوت الجماعة حيث كان الوقت متسعاً. ولا يجوز له الخروج من الفرض بطروّ ذلك له فيه إلا إن غلب على ظنه حصول ضرر بكتمه يبيح التيمم، فله حينئذ الخروج منه وتأخيره عن الوقت. والعبرة فى كراهة ذلك بوجوده عند التحريمة، وكذا لو عرض له قبلها وعلم من عادته أنه يعود فى أثناء الصلاة (4) (وقال) ابن إدريس الحنبلى: ويكره ابتداء الصلاة حاقناً
(1) ص 283 ج 1 - المنتقى شرح الموطأ.
(2)
تقدم رقم 275 ص 196.
(3)
ص 83 ج 4 - الفتح الربانى. وص 47 ج 5 نووى مسلم (كراهة الصلاة بحضرة الطعام) ولفظه: (لا صلاة بحضرة الطعام) وص 295 ج - المنهل العذب (الرجل أيصلى وهو حاقن؟ ).
(4)
ص 455 ج 1 نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (مكروهات الصلاة).
بالنون وهو من احتَبس بولَه، أو حاقباً بالموحدة وهو من احتبس غائطَه، أو ابتداؤها مع ريح محتبَسة ونحوها مما يزعجه ويشغله عن خضوع الصلاة ما لم يضق الوقت فلا يكره ابتداؤها كذلك، بل يجب فعلها قبل خروج الوقت، ويحرم اشتغاله بالطهارة إذا ضاق الوقت؛ وكذا اشتغاله بأكل أو غيره لتعين الوقت للصلاة (1).
(38)
وتكره الصلاة بحضور طعام تتوقه النفس إذا اتسع الوقت؛ لما فيه من اشتغال القلب بالطعام "ولحديث " عائشة المتقدم (2)(وعنها) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء: أخرجه أحمد والشيخان (3). {278}
(وعن) أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قدم العشاء وحضرت الصلاة؛ فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم. أخرجه الشيخان (4). {279}
(ولهذه) الأحاديث قال الجمهور: يندب تقديم تناول الطعام المرغوب فيه على الصلاة إذا كان الوقت متسعاً؛ وإلا لزم تقديم الصلاة (وقالت) الظاهرية: يجب تقديمه على الصلاة عند اتساع الوقت ونسبه الترمذى إلى أبى بكر وعمر وابن عمر وأحمد وإسحاق " روى " نافع أن ابن عمر كان يوضع له الطعامُ وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغَ وإنه يسمع قراءة الإمام. أخرجه البخارى (5). {80} (قال) الخطابى: إنما أمر النبى صلى الله عليه وسلم
(1) ص 245 ج 1 كشاف القناع (ما يكره فى الصلاة).
(2)
تقدم رقم 277 ص 198.
(3)
ص 94 ج 4 - الفتح الربانى. وص 109 ج 2 فتح البارى (إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة) وص 45 ج 5 نووى مسلم (كراهة الصلاة بحضرة الطعام .... ).
(4)
ص 45 منه. وص 110 ج 2 فتح البارى (إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة) ولفظه: إذا قدم الطعام.
(5)
ص 110 منه.
أن يبدأ بالطعام لتأخذ النفس حاجتها منه فيدخل المصلى فى صلاته وهو ساكن الجأش لا تنازعه نفسه شهوةَ الطعام فَيُعْجِله ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها وإيفاء حقوقها. وكذا إذا دافعه البول فإنه يصْنع به نحو هذا وهذا إذا كان فى الوقت متسع فإن لم يكن ابتدأ بالصلاة ولم يعرِّج على شئ سواها (1)(وعلى هذا) يحمل حديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤخِّروا الصلاة لطعام ولا لغيره. أخرجه أبو داود والبغوى فى شرح السنة (2). {280}
وفى سنده: (أ) المعلى بن منصور. كذبه أحمد (ب) محمد بن ميمون وهو منكر الحديث (3)(قال) ابن الملك: يحمل هذا الحديث على ما إذا كان متماسكاً فى نفسه لا يزعجه الجوع، أو كان الوقت ضيقاً يخاف فوته توفيقاً بين الأحاديث (4).
(وقال) ابن حزم وبعض الشافعية: يطلب تقديم الأكل على الصلاة ولو ضاق الوقت، لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته، مستدلين بعموم حديث ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا وُضِع عَشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعَشاء ولا يَعْجَلنَّ حتى يفرُغ منه. أخرجه الشيخان وأبو داود (5). {281}
(ورد) بأنه محمول على ما إذا اتسع الوقت جمعاً بين الأحاديث وفيها دلالة على أنه يأخذ حاجته كاملة من الطعام (قال) النووى: وهذا هو الصواب. وأما ما تأوَّله بعض أصحابنا على أنه يأكل لُقَماَ يكسِر بها شدة الجوع فليس بصحيح.
(1) ص 45 ج 1 معالم السنن.
(2)
ص 345 ج 3 سنن أبى داود (إذا حضرت الصلاة والعشاء - الأطعمة).
(3)
ص 384 ج 6 فيض القدير شرح الجامع الصغير.
(4)
ص 110 ج 2 فتح البارى (إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة) وص 45 ج 5 نووى مسلم (كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذى يريد أكله .. ) وص 345 ج 3 سنن أبى داود (إذا حضرت والصلاة والعشاء).
(5)
ص 46 ج 5 شرح مسلم.
(39)
وتكره الصلاة عند غلبه النوم. ومن شرع فيها وغلبه النوم استحب له قطعا ليأخذ حظه من النوم، لأن ذلك أدعى إلى الإقبال عليها بخشوع ونشاط " ولحديث " عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعَس أحدُكم فى الصلاة فَلْيَرْقُدْ حتى يذهبَ عنه النومُ فإنه إذا صلى وهو ناعِس لعله يذهبُ يستغفرُ فيسبُّ نفسه. أخرجه السبعة والبيهقى، وقال الترمذى: حسن صحيح (1). {282}
وقد جاء فى هذا أحاديث كلّها تدلّ على أنه يطلب قطع الصلاة عند غلبة النوم على المصلى. وهو عام فى صلاة الفرض والنفل، لكن محله فى الفرض إذا لم يخش خروج الوقت. وحمله مالك وجماعة على نفل الليل، لأنه محل النوم غالباً.
(40)
ويكره لغير الإمام التزام مكان خاص من المسجد لا يصلى الفرض إلا فيه، لقول عبد الرحمن بن شِبل: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقْرة الغراب وافتراش السبع، وأن يُوَطّن الرجل لمكان فى المسجد كما
(1) ص 94 ج 4 - الفتح الربانى. وص 218 ج 1 فتح البارى (الوضوء من النوم .. ) وص 74 ج نوى مسلم (أمر من نعس فى صلاته أن يرقد .. ) وص 233 ج 7 - المنهل العذب (النعاس فى الصلاة) وص 284 ج 1 تحفة الأحوذى (الصلاة عند النعاس) وص 213 ج 1 سنن ابن ماجه (فى المصلى إذا نعس) وص 16 ج 3 - السنن الكبرى (من نعس فى صلاته .. ) و (نعس) من بابى نفع وقتل، أى أصابه النعاس. وهو النوم الخفيف (فيسب) بالنصب. فى جواب لعل، وبالرفع عطفاً على يستغفر أى يدعو عليها (ففى رواية) النسائى من طريق أيوب عن هشام قال: بأن يريد اللهم اغفر فيقول اللهم اغفر بالعين المهملة، فيكون دعاء على نفسه بالذل والهوان. وسب الإنسان نفسه منهى عنه (روى جابر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على خدمكم ولا على أموالكم، لا توافقوا " أى لئلا توافقوا " م الله ساعة نيل فيها عطاء فيستحب لكم. أخرجه مسلم وأبو داود. وقال: حديث متصل. ص 191 ج 8 - المنهل العذب (النهى أن يدعو الإنسان على أهله وماله).
يوطّنُ بعير. أخرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والأربعة إلا الترمذى (1). {283}
" ولا يعارضه " حديث يزيدَ بن أبى عُبيد قال: كان سلمَةُ بنُ الأكوع يتحرى الصلاةَ عند الاسْطُوانة التى عند المصحف قلت: يا أبا مُسلِمِ أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها. أخرجه أحمد والبيهقى. {284}
وقال: رواه البخارى عن مكى بن إبراهيم. ورواه مسلم عبن أبى موسى محمد بن مسلم (2)" لأنه " محمول على النفل. وحديث النهى محمول على من لازم مكانا خاصاً للفرض والنفل " قال " ابن إدريس الحنبلى: ويكره اتخاذ غير الإمام مكاناً بالمسجد لا يصلى فرضه إلا فيه، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إيطان المكان كإيطان البعير. ولا بأس باتخاذ مكان لا يصلى إلا فيه " النفل " للجمع بين الأخبار. وظاهر أن يكره إيطان الأماكن ولو كانت فاضلة خلافاً للشافعى. وكذا لو كان لحاجة كإسماع حديث وتدريس وإفتاء وتمامه فيه (3).
(1) ص 92 ج 4 - الفتح الربانى. ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى .. وص 229 ج 1 مستدرك. وص 307 ج 5 - المنهل العذب (صلاة من لا يقيم صلبه فى الركوع
…
) وص 167 ج 1 مجتبى (النهى عن نقرة الغراب) وص 225 ج 1 سنن ابن ماجه (فى توطين المكان فى المسجد يصلى فيه) و (نقرة الغراب) كناية عن الإسراع فى الركوع والسجود والرفع منهما بحيث لا يطمئن فيها الاطمئنان المجزئ على ما تقدم بيانه فى بحث " الركوع والسجود "(وافتراش السبع) أن يضع المصلى ذراعية على الأرض ف السجود كما يفعل الذئب والكلب أحيانأً. والحكمة فى النهى عنه أنه يؤدى إلى الكسل حال الصلاة وهو من صفات المنافقين " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى " (وأن يوطن الرجل
…
) بتشديد الطاء مكسورة وبتخفيفها، يقال: وطن الأرض واستوطنها وأوطنها، أى اتخذها وطناً، أى لا ينبغى للرجل أن يتخذ لنفسه مكاناً خاصاً من المسجد لا يصلى إلا فيه كالبعير لا يبرك إلا فى مبرك اعتاده.
(2)
ص 48 ج 4 مسند أحمد (حديث سلمة بن الأكوع
…
) ولفظه: فإنى رأيت .. وص 247 ج 5 - السنن الكبرى (فى اسطوانة التوبة) و (الأسطوانة) بضم فسكون فضم: العامود. والمراد بها العامود الذى هو علم على مصلى النبى صلى الله عليه وسلم كان أمامه الجذع الذى كان يخطب إليه النبى صلى الله عليه وسلم. انظر ص 348 إرشاد الناسك.
(3)
ص 319 ج 1 كشاف القناع (أحكام الاقتداء).
(وحكمة) النهى عنه أنه قد يؤدى إلى الشهرة والرياء والسمعة. وفيه الحرمان من تكثير مواضع العبادة التى تشهد له يوم القيامة.
" روى " أبو هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} فقال: أتدرون ما أخبارُها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: هو أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا كذا وكذا فهذه أخبارها. أخرجه أحمد والترمذى وقال: حسن صحيح (1){285}
(وورد) فى تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَليْهمُ الَّسماءُ وَأْلأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (2)} أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء. " قال " عبَّاد بن عبد الله: سأل رجل علياً. هل تبكى السماءُ والأرضُ على أحد؟ فقال: إنه ليس من عبد إلا له مُصلّى فى الأرض وَمصعد عمله من السماء. وإن آلَ فرعونَ لم يكن لهم عمل صالح فى الأرض ولا عمل يصعد فى السماء ثم قرأ الآية. أخرجه ابن حاتم (3). {81}
(قال) ابن الهمام: يكره أن يتخذ فى المسجد مكاناً معيناً يصلى فيه، لأن العبادة فيه تصير له طبعاً وتثقل فى غيره. والعبادات إذا صارت طبعاً فسبيلها الترك، ولذاكره صوم الأبد (4)، هذا وإن دام شخص عل الصلاة بموضع فليس هو أولى به من غيره، فإذا قام منه فلغيره الجلوس فيه " لحديث " أْسَمَر بن مضرّسٍ أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من سبق إلى ما لم يسبقه
(1) ص 217 ج 4 تحفة الأحوذى (سورة إذا زلزلت الأرض .. ).
(2)
الدخان: آية 29 (وما كانوا منظرين) أى ممهلين إلى وقت آخر بل عوجلوا بالعقوبة لشدة تفريطهم وكمال عنادهم.
(3)
ص 428 ج 7 تفسير ابن كثير.
(4)
ص 300 ج 1 فتح القدير (قبيل صلاة الوتر).
إليه مسلم فهو له. أخرجه أبو داود بسند جيد، والضياء المقدسيى فى المختارة ورمز السيوطى إلى صحته (1). {286}
وليس لأحد - عند الحنبلية - أن يقيم منه إنساناً ولو ولده أو عبده ويجلس مكانه أو يجلس غيره مكانه. وقواعد المذهب تقتضى عدم صحة صلاة من أقام غيره وصلى مكانه إلا الصبى فيؤخذ عن المكان الفاضل. ومن قام من موضعه لعذر ثم عاد إليه فهو أحق به لأنه لم يتركه مُعرضاً. وإن قام مه بغير عذر سقط حقه بقيامه لإعراضه عنه إلا أن يترك مُصلى مفروشاً فى مكانه فليس لغيره رفعه (وقال) غر الحنبلية: يكره إقامة الرجل من مجلسه وجلوسُ غيره فيه.
" لحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر. ولكن تفسَّحوا وتَوسَّعوا. أخرجه أحمد والشيخان (2). {287}
" ولحديث " أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به. أخرجه أحمد وسلم وأبو داود (3). {288}
فهما يدلان على أن من جلس فى موضع من المسجد أو غيره من الأمكنة العامة ثم فارقه ليتوضأ أو يقضى عملا يسيراً ثم يعود، فهو أحق به.
(قال) النووى: وله أن يقيم من قعد فيه ويجب عليه مفارقته إذا رجع الأول عند أصحابنا. وقال بعض العلماء: هذا مستحب وهو مذهب مالك، ولا فرق بين أن يقوم منه ويترك سجادة ونحوها أم لا، فهذا أحق به فى الحالين
(1) رقم 8739 ص 148 ج 6 فيض القدير.
(2)
ص 17 ج 2 - مسند أحمد. وص 49 ج 11 فتح البارى (إذا قيل لكم تفسحوا فى المجلس - الاستئذان) وص 160 ج 14 نووى مسلم (تحريم إقامة الإنسان من موضعه الذى سبق إليه - السلام) ولفظه أحمد: لا يقيم الرجل الرجل من مقعدة ثم يجلس فيه. والمراد بالتفسح، أن يتوسعوا فيما بينهم، والمراد بالتوسع، أن ينضم بعضهم إلى بعض حتى يفضل فى المكان مجلس الداخل.
(3)
ص 161 ج 14 نووى مسلم (إذا قام من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به) وص 264 ج 4 سنن أبى داود (إذا قام من مجلس ثم رجع - الأدب).
وإنما يكون أحق به فى تلك الصلاة وحدها دون غيرها (1).
(وظاهر) حديث أبى هريرة عدم الفرق بين المسجد وغيره من الأمكنة العامة. وأما المكان المملوك فمالكه أحق به من غيره (ويجوز) لمن سبق إلى مكان من الأمكنة العامة أن يُقيم مَنْ جلس فيه بعده عند الشافعية. ومثل ذلك الأماكن التى اعتاد التجار أو نحوهم الجلوس فيها. فمن اعتاد منهم الجلوس فى مكان فهو أحق به إلا إذا فارقه مدة طويلة عرفاً بحيث ينقطع عنه معملوه.
(وظاهر) حديث ابن عمر أنه يجوز للرجل أن يجلس فى مكان غيره إذا أقعده برضاه " وأما قول " سالم بن عمر: وكان ابن عمر إذا قام له رجل عن مجلسه لم يجلس فيه. أخرجه أحمد ومسلم والبخارى فى الأدب (2). {82}
" فهذا " كان تورعاً منه، لأنه ربما استحيا منه إنسان فقام له بدون طيبة من نفسه. ولكن الظاهر أن من فعل ذلك قد أسقط حقه، فلمن قام له حق الجلوس.
(ويكره) الإيثار بمحلِّ ذى فضيلة كالقيام من الصف الأول إلى الثانى لأن الإيثار وسلوك طرق الأدب لا يليق فى العبادات والفضائل، بل المعهود أنه فى حظوظ النفس وأمور الدنيا، فمن آثر بحظه فى أمر من أمور الآخرة فهو من الزاهدين فى الثواب. كذا فى النيل (وقال) الحافظ: قال ابن ابى خمرة فى شرح حديث ابن عمر: هذا عام فى المجالس، لكنه مخصوص بالمجالس المباحة إما على العموم كالمساجد ومجالس الحكام والعلم، وإما على الخصوص كمن يدعو قوماً بأعيانهم إلى منزله لوليمة ونحوها. وأما المجالس التى ليس للشخص فيها ملك ولا إذن له فيها فإنه يقام ويخرج منها. ثم هو فى المجالس العامة، وليس عاماً فى الناس بل هو خاص بغير المجانين
(1) ص 162 ج 14 شرح مسلم.
(2)
ص 161 ج 14 نووى مسلم. وص 50 ج 11 فتح البارى (الشرح - إذا قيل لكم تفسحوا فى المجالس .. ).
ومن يحصل مه الأذى كآكل الثُّوم النيئ إذا دخل المسجد، والسفيه إذا دخل مجلس العلم أو الحكم (والحكمة) فى هذا النهى منع استنقاص حق المسلم المقتضى للضغائن، والحث على التواضع المقتضى للمودة، وأيضاً فالناس فى المباح كلهم سواء، قمن سبق إلى شئ استحقه ومن استحق شيئاً فأخِذ منه بغير حق فهو غصب والغصب حرام. فعلى هذا قد يكون بعض ذلك على سبيل الكراهة، وبعضه على سبيل التحريم (1).
(41)
ويكره تحريماً الصلاة فى ثوب فيه تصاوير، وكذا يكره - عند غير الحنفيين - أن يكون بين يديه ما يشغله من صورة حيوان أو غيرها " لحديث " ابن عباس عن أبى طلحة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلبٌ ولا صورةٌ. أخرجه السبعة (2). {289}
(وعن) علىّ رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلبٌ ولا جنبٌ. أخرجه أحمد وأبو داود (3). {290}
(وقال) الحنفيون: تكره الصلاة إلى صورة حيوان مطلقاً وإن لم تشغله أو تكون فوقه أو على يمينه أو على يساره، إلا أن تكون صغيرة لا تظهر إلا بتأمل، أو مقطوعة الرأس أو صورة غير ذى روح فلا كراهة حينئذ. لأنها لا تعبد ولا تعد تمثالا، فانتفى التشبه بعبادة غير الله تعالى الذى هو علة
(1) ص 49 ج 11 فتح البارى.
(2)
ص 196 ج 2 منه (ذكر الملائكة) وص 83 و 84 ج 4 نووى مسلم (تحريم تصوير صورة الحيوان) وص 28 ج 3 مسند أحمد (حديث أبى طلحة زيد بن سهل .. ) وص 300 ج 2 مجتبى (التصاوير - الزينة) وص 21 ج 4 تحفة الأحوذى (الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة - الأدب) 2 و 202 ج 2 سنن ابن ماجه (الصور فى البيت - اللباس) والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة. أما الحفظة والكتبة والموكلون بقبض الأرواح فيدخلون كل بيت.
(3)
ص 83 ج 1 مسند أحمد (مسند على بن أبى طالب رضى الله عنه) وص 294 ج 3 المنهل العذب (الجنب يؤخر الفسل).
الكراهة " ولقول " سعبد بن أبى الحسن: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إنى رجل أُصَوِّر فأفتنى فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مُصَوِّر فى النار، يجعل له بكل صورة صَوَّرها نفساً فتعذِّبه فى جنهم. وقال: إن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر ومالا نفْسَ له. أخرجه أحمد ومسلم (1). {291}
(ولا تكره) الصلاة فى بيت فيه صوَر مُهانه على بِساط يوطأ أو مرفقة يتكأ عليها " لقول " أبى هريرة: استأذن جبريل عليه السلام على النبى صلى الله عليه وسلم فقال: ادخل فقال: كيف أدخل وفى بيتك ستر فيه تصاوير؟ فإما أن تقطع رؤسها أو تجعل بساطاً يوطأ. أخرجه ابن حبان والطحاوى والنسائى (2). {292}
" ولحديث " عائشة أنها اتخذتْ على سَهْوَة لها سِتراً فيه تماثيلُ فهتَكه النبى صلى الله عليه وسلم. فاتخذتْ منه بُمْرُقتين فَكانتا فى البيت يجلس عليهما. أخرجه البخارى وأحمد وزاد: ولقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيه صورة (3). {293}
(وهو) يقتضى عدم كراهة الصلاة على بساط فيه صورة وإن كانت فى موضع السجود، لأن ذلك ليس بمانع من دخول الملائكة كما أفادته النصوص المخصصة. قاله ابن نجيم (4). (وقالت) الحنبلية: تكره الصلاة إلى صورة منصوبة أمامه ولو صغيرة لا تظهر إلا بتأمل بخلاف ما إذا كانت غير منصوبة أو لم تكن أمامه.
(1) ص 308 ج 1 - مسند أحمد (مسند عبد الله بن العباس .. ) وص 93 ج 14 نووى مسلم (تحريم تصوير الحيوان).
(2)
ص 365 ج 2 شرح معانى الآثار (الصور تكون فى الثياب - الكراهة) وص 302 ج 2 مجتبى (ذكر أشد الناس عذاباً) ولفظ ابن حبان: فإن كنت لابد فاعلا فاقطع رءوسها أو اقطعهما وسائد أو اجعلهما بسطاً ص 99 ج 2 نصب الراية.
(3)
ص 75 ج 5 فتح البارى (هل تكسر الدنان - المظالم) وص 99 ج 2 نصب الراية و (السهوة) بفتح فسكون، بيت صغير منخفض يشبه الخزانة. و (نمرقتين) تثنية نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما وسكون الميم، الوسادة الصغيرة.
(4)
ص 28 ج 2 - البحر الرائق (ما يفسد الصلاة وما يكره فيها).
" فوائد "(الأولى) اتفق العلماء على تحريم تصوير الحيوان وأنه من الكبائر، لورود الوعيد الشديد فيه "روى" ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة المصوِّرون. أخرجه الشيخان (1). {294}
(وعن) ابن عباس: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صوَّر صورة فى الدنيا كُلِّفَ أن ينفخ فيها الروحَ يومَ القيامة وليس بنافخ. أخرجه الشيخان (2). {295}
(قال) النووى: قال أصحابنا وغيرهم: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر، لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور فى الأحاديث سواء صنعه بما يمتهن أو بغيره، فصنعته حرام على كل حال، لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وسواء أكان فى ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها (3).
(الثانية) تصوير غير الحيوان كشجر ومنزل وغيرهما جائز اتفاقاً (لما تقدم) أن ابن عباس قال - لمن سأله عن حكم التصوير -: إن كنتَ لابدَّ فاعلا فاصنع الشجرَ وما لا نفس له (4) ولا فرق فى ذلك بين الشجر المثمر وغيره. (وقال) مجاهد: يكره تصوير الشجر المثمر.
" لحديث " أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مَّمنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقاً كَخَلْقىِ، فَلْيَخْلُقُوا ذَزّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِخْلُقُوا شَعِيرَةً} . أخرجه مسلم (5). {296}
(1) ص 296 ج 10 فتح البارى (عذاب المصورين .. - اللباس) وص 92 ج 14 نووى مسلم (تحريم تصوير الحيوان).
(2)
ص 303 ج 10 فتح البارى (من صور صورة كلف .. ) وص 93 ج 14 نووى مسلم (تحريم تصوير الحيوان
…
) (وليس بنافخ) المراد أنهم يعذبون ويقال لهم: لا تزالون فى عذاب حتى تحيوا ما خلقتم. وهو محال.
(3)
ص 81 ج 14 شرح مسلم.
(4)
تقدم رقم 291 ص 207.
(5)
ص 93، 94 ج 14 نووى مسلم (تحريم تصوير الحيوان).
(وأجاب) الجمهور بأن الحديث محمول على تصوير احيوان جمعاً بينه وبين الأحاديث الدالة على جواز تصوير الشجر " وأما " حديث أبى أمامة أن امرأة أتت النبى صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تصور فى بيتها نخلة فمنعها أو نهاها. أخرجه ابن ماجه (1). {297}
" فضعيف " لأن فى سنده غُفير بن مَعْدان قال أحمد: منكر الحديث ضعيف.
" الثالثة " يكره تحريماً - عند الجمهور - اتخاذ ما فيه صورة حيوان من الثياب والستور والبسط وغيرها "لحديث" عائشة أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك فى بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه. أخرجه البخارى وأبو داود والنسائى (2). {298}
" ولقول " عائشة: دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سَترتُ سَهْوة لى بقِرام فيه تماثيلُ، فلما رآه هتَكه وتلوّن وجهه وقال: أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق اله قالت: فجعلناه وسادة أو وسادتين أخرجه الشيخان (3). {299}
(قال) النووى: وأما اتخاذ ما فيه صورة حيوان فإن كان معلقاً على حائط، أو كان ثوباً ملبوساً أو عمامةٌ ونحو ذلك مما لا يعدّ ممتهناً، فهو حرام لا فرق فى ذلك بن ماله ظل ومالا ظل له. وإن كان فى بساط يداس ومخِدّة ووسادة ونحوها مما يمتهن، فليس بحرام. (وبهذا) قال الثورى وأبو حنيفة ومالك والشافعى وغيرهم. وقلا بعض السلف: إنما ينهى عما كان له ظل.
(1) ص 202 ج 2 سنن ابن ماجه (الصور فى البيت).
(2)
ص 297 ج 10 فتح البارى (نقض الصور - اللباس) وص 72 ج 4 سنن ابى داود (الصليب فى الصور - اللباس) و (التصاليب) صورة الصليب وهو ما فيه صرة عيسى أو غيره مما يعبده النصارى و (نقضه) كسره وتغيير صورته. وفى رواية أبى داود: قضبه، بالقاف والضاد المعجمة والباء الموحدة، أى قطع موضع التصليب منه فقط.
(3)
ص 299 ج 10 فتح البارى (ما وطئ من التصاوير - اللباس) وص 88 ج 14 نووى مسلم (تحريم تصوير الحيوان).
ولا بأس بالصُّور التى ليس لها ظل. وهذا مذهب باطل، فإن السِّتر الذى أنكر النبى صلى الله عليه وسلم الصورةَ فيه، لا يشك أحد أنه مذموم وليس لصورته ظل ولا يتفق مع باقى الأحاديث المطلقة فى كل صورة.
(وقال) الزهرى: النهى فى الصورة على العموم، وكذلك استعمال ما هى فيه ودخول البيت الذى هى فيه سواء أكانت رقماً فى ثوب أو غير رقم، وسواء أكانت فى حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن، عملا بظاهر الأحاديث. وهذا مذهب قوى (وقال): آخرون: يجوز منها ما كان رقماً فى ثوب سواء امتهُن أم لا، عُلّق فى حائط أم لا. وكرهوا ما كان له ظل أو كان مصوّراً فى الحيطان وشبهها سواء أكان رقماً أو غيره (واحتجوا) بقوله فى بعض الأحاديث: إلاّ ما كان رقماً فى ثوب (وأجمعوا) على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره إلا ما ورد فى اللعب بصورة البنات لصغار البنات، لكن كره مالك شراء الرجل ذلك لابنته (وادعى) بعضهم أن إباحة اللعب لهنّ بالبنات منسوخ بهذه الأحاديث (1)(وجملة القول) أن اقتناء ما فيه صورة حيوان فيه أقوال (الأوّل) الجواز مطلقاً عند القاسم بن محمد وجماعة.
" لقول " عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: دخلت على أبى طلحة الأنصارى أعودُه فوجدتُ عنده سهل بنَ حنَيفٍ فدعا أبو طلحة إنساناً يَنزع نمَطَاً تحته، فقال له سهل لم تنزعه؟ فقال: لأن فيه تصاويرَ وقد قال فيه النبى صلى الله عليه وسلم ما قد علمتَ. قال سَهلَ: أوَ لم يقل: إلا ما كان رقْماً فى ثواب؟ فقال بلى ولكنه أطيب لنفسى. أخرجه النسائى والترمذى وقال: حسن صحيح (2). {300}
(1) ص 81 ج 14 شرح مسلم (تحريم تصوير الحيوان).
(2)
ص 300 ج 2 مجتبى (التصاوير - الزينة) وص 54 ج 3 تحفة الأحوذى (ما جاء فى الصورة - اللباس) و (النمط) بفتحتين بساط له خمل رقيق.
(الثانى) المنع مطلقاً لإطلاق الأحاديث الواردة فى النهى عن اتخاذ ما فيه صورة. وبه قال الزهرى. (الثالث) مذهب الجمهور وهو أن الصورة إن كانت ثابتة الهيئة قائمة الشكل غير ممتهنة حرم اتخاذها. وإن كانت مقطوعة الراس أو مفرقة الأجزاء أو ممتهنة، جاز اتخاذها لما تقدم عن أبى هريرة قال: استأذن جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ادخلْ. فقال: كيف أدخلُ وفى يبيتك سِتر فيه تَصاويرُ؟ فإما أن تُقطِّع رءوسُها، وإما أن تجعل بساطاً يوطَّأ. فإنا معاشِرَ الملائكة لا ندخل بيتاً فيه تصاوير (1).
" ولحديث " عائشة أنها نصبتْ ستراً فيه تصاوير فدخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فنزَعه قِالتْ: فقطعتُه وسادتين. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتِفق عليهما. أخرجه مسلم والطحاوى (2). {301}
وغير ذلك من الأحاديث التى تقدم بعضها (وهذا) القول هو الراجح لكثرة أدلته الصحيحة، ولما فيه من الجمع بين الأدلة.
" الرابعة " يجوز اتخاذ ما فيه صورة غير الحيوان كشجر ومنزل وجبل ومسجد وغيرها، لما تقدم م جواز تصويرها، فجواز اتخاذها أولى. هذا متفق عليه.
(42)
ويكره للمصلى تكرير الفاتحة كلاً أو بعضاً عند الحنفيين والشافعى لعدم وروده. فإن كرّرها سهواً سجد للسهو، وكذا إن كرّرها عمداً عند الشافعية، ويأثم عند الحنفيين وعليه إعادة الصلاة لرفع الإثم.
(وقالت) الحنبلية: يكره تكرارها فى ركعة، لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه. وفى إبطال الصلاة بتكريرها قولان.
(1) تقدم رقم 292 ص 207.
(2)
ص 89 ج 4 نووى مسلم (تحريم تصوير الحيوان). وص 264 ج 2 شرح معانى الآثار (الصور تكون فى الثياب).
(وقالت) المالكية: يحرم تكريرها عمداً ولا تبطل به الصلاة، وإن كررها سهواً سجد للسهو.
(43)
ويكره - عن الجمهور - ترك أذكار الركوع والسجود والرفع منهما والنقص عن ثلاث تسبيحات فيهما. لمخالفته السنة.
(44)
ويكره - عند الجمهور - للمصلى تأخير الأذكار المشروعة فى الانتقال من ركن إلى ركن إلى غير محلها، بأن يكبر للركوع بعد إتمامه، ويقول سمع الله لمن حمده بعد اعتداله، لأن السنة تعمير الركن بذكره بأن يبتدئ الذكر عند ابتداء الانتقال وينتهى بانتهائه (وقالت) المالكية: إن ذلك خلاف المندوب (وقالت) الحنبلية: إنه مبطل للصلاة إن تعمده، ويجب عليه سجود السهو عن فعله ساهياً، لأن تعمير الأركان بالذكر واجب عندهم.
(45)
ويكره تطويل الركعة الثانية على الأولى بثلاث آيات فأكثر فى كل الفرائض اتفاقاً. وكذا النفل على الأصح، لأنه خلاف السنة. وهذا فيما لم يرد فيه نص خاص. أما هو فلا يكره كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى أولى الجمعة والعيدين بسبح اسم ربك الأعلى وفى الثانية بالغاشية وهى تزيد على الأعْلى بسبع آيات (وقال) الزاهدى: الزيادة تختلف بحسب السوَر فإن كانت السوَر قصاراً فالثلاث آيات زيادة كثيرة مكروهة. وإن كانت طوالا فالسبع آيات زيادة يسيرة غير مكروهة (1).
وأما إطالة الثالثة على الثانية أو الأولى، فلا تكره عند الحنفيين.
(46)
ويكره عد الآى والتسبيح بقبض الأصابع عند أبى حنيفة والشافعى
(1) ص 193 الطحاوى على مراق الفلاح (فى المكروهات).
لأنه يشغل عن الخشوع فى الصلاة " وروى " أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كره عدّ الآى فى الصلاة. أخرجه أبو يوسف (1). {83}
(وعن) أبى يوسف ومحمد والحنابلة: إنه لا باس به " لقول " أنس: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يعْقِد الآى بأصابعه. أخرجه محمد بن خلف. {302}
وعدّ اتسبيح فى معنى عدّ الآى (وتوقف) أحمد فى عدّ التسبيح، لأنه يتوالى فيكثر به العمل، بخلاف عدّ الآى. ولا يكره عدّ ما ذكر بغمز الأنامل ولا إحصاؤه بالقلب اتفاقاً، كعدّ التسبيح فى صلاة التسابيح.
(47)
يكره تحريماً عند الحنفيين ترك واجب عمداً. هذا. والضابط الكلى أنه يكره للمصلى ترك سنة عمداً، أو فعل ما ينافى الخشوع والكمال. ومنه صلاة الرجل عارى الرأس لما فيه من ترك الزينة المأمور باتخاذها حال الصلاة (قال) الله تعالى: يا بنى آدَمَ خُذوا زِينتكم عند كل مسجد (2) " أُمروا بالتجمل حال الصلاة. ومنه ستر الرأس، ولذا قال العلماء: يسن للرجل أن يكون فى صلاته على أفضل الحالات وأكمل الهيئات اتباعاً للرسول صلى الله عليه وسلم واقتداء بالصورة التى نقلها الثقات من هديه صلى الله عليه وسلم حال صلاته (قال) رجل من الأنصار لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن العمامة سنة؟ فقال نعم. أخرجه ابن أبى عاصم فى كتاب الجهاد. {84}
(وقال) ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعْتمّوا تزدادوا حلْماً. أخرجه البزار والطبرانى فى الكبير والحاكم وصححه ورُدّ بأن فيه عُبيد الله بن أبى حُميد وهو متروك (3). {303}
(ومن) طريقه عن أبى المليح بن أسامة بن عُمير عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اعْتموا تزدادوا حلماً وقال على رضى الله عنه: العمائم تيجانُ العرب. أخرجه أبو داود والبيهقى (4). {304}
(1) رقم 174 ص 35 الآثار.
(2)
الأعراف آية: 31.
(3)
ص 119 ج 5 مجمع الزوائد (ما جاء فى العمائم).
(4)
ص 261 ج 3 تيسير الوصول (العمائم - اللباس) وانظر رقم 1143 ص 555 ج 1 - فيض القدير. والحديث وإن كان ضعيفاً فقد روى من طرق يقوى بعضها بعضاً.