الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حالاً.. قد منع الزمخشري1 إعراب "كلَاّ"حال وقد تقدمت على عاملها الظرفي وهو كلمة فيها.
وهذا الذي منعه الزمخشري أجازه الأخفش وارتضاه ابن مالك.
يقول ابن مالك2: "والقول المرضي عندي. أن "كلَاّ" في القراءة المذكورة منصوب على أن الضمير المرفوع المنوي في "فيها" وفيها هو العامل وتقدمت الحال عليه مع عدم تصرفه كما قدمت في قراءة بعضهم: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} 3.
واختار أبو حيان وغيره من النحاة أن تعرب "كلَاّ" بدلاً من اسم إن. لأن كلا يتصرف فيها بالإبتداء والنواسخ وغير ذلك. وإذا كانوا قد تأولوا حولاً أكتعاً، ويوماً أجمعاً، على البدل مع أنها لا يليان العوامل فأولى بذلك "كلَاّ"
وإذا كان اتجاه أبى حيان4 في إعراب الآية أن تكون "كلَاّ" بدلاً فهي بدل من إسم إن وهو الضمير في إنا. وإبدال الظاهر ِمن ضمير الحاضر بدل كل جائز إذا كان مفيداً للإحاطة كقوله تعالى: {تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} 5وهنا لا نحتاج إلى ضمير لأن بدل الكل لا يحتاج إلى ضمير6..
وقد ذكر سيبويه أن ألفاظ التوكيد كلمة "عامة" جاء الجيش عامته والقبيلة عامتها، والهندات عامتهن فتربط بالضمير. وقد خالف في ذلك المبرد فجعلها بمعنى أكثرهم فتكون بدل بعض من كل7.
1 الزمخشري: الكشاف جـ 3 ص 56.
2 أبو حيان: البحر المحيط جـ 7 ص 469.
3 الآية رقم 67 من سورة الزمر.
4 أبو حيان: البحر المحيط جـ 7 ص 469
5 الآية رقم 114 من سورة المائدة.
6 ابن هشام: المغني ص 564.
7 الصبان جـ 3 ص 76.
8حاشية الصبان جـ 3 ص 124.
بدل البعض وبدل الإشتمال:
-
أ - بدل البعض:-
بدلُ البعض هو بدل الجزء من كله قليلاً كان ذلك الجزء أو مساوياً أو أكثر وهذا النوع لابد فيه من الرابط وهو الضمير ليربط البعض بكله8 كقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ
مِنْهُم} 1 فكثير بدل بعض من كل وقد ربط هذا البدل بالضمير.
ب - بدل الإشتمال:-
هو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه كأعجبني الكتاب عرضه فعرضه بدل اشتمال من الكتاب ربط بالضمير، ومنه قوله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِي} 2.
وقد اشترط أكثر النحاة وجود الضمير في بدل البعض وبدل الإشتمال غير أن ابن مالك رأى أن وجوده أكثر فلم يشترط..
فقد جاء في شرح الكافية الشافية: واشترط أكثر النحويين مصاحبة بدل البعض والإشتمال ضميراً عائداً على المبدل منه. والصحيح عدم اشتراطه لكن وجوده أكثر من عدمه3.
وهكذا ذهب ابن عصفور4 فقد ذكر أنه لا يأتي دون ضمير إلا قليلاً.
فمن شواهد الإستغناء. قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} 5 فقد رأى ابن مالك وابن عصفور أن "من" بدل بعض من كل وقد خلا البدل من الرابط وهو الضمير.
ومن شواهد بدل الإشتمال الخالي من الرابط قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} 6 وفي قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
…
} آراء واتجاهات في "من" فقد ذهب أكثر النحاة إلى أن "من" بدل بعض من كل فتكون موصولة في موضع جر والعائد محذوف. والتقدير من استطاع إليه سبيلاً منهم. وذكر ابن عصفور أن الضمير قد حذف7 للعلم به
1 الآية رقم 71 من سورة المائدة.
2 الآية رقم 217 من سورة البقرة.
3 ابن مالك: الكافية الشافية ص 1279.
التسهيل ص 172. حاشية الصبان جـ 3 ص 124.
4 ابن عصفور: شرح الحمل جـ 1 ص 285.
5 الآية رقم 97 من سورة آل عمران.
6 الآية رقم 4، 5 من سورة البروج.
قرأ الجمهور النار بالجر وهو بدل اشتمال. أو بدل كل من كل. أي أخدود النار وقرأ قوم النار بالرفع. الأخفش: معاني القرآن. الكويت جـ 2 ص 535.
أبو حيان: البحر المحيط جـ 8 ص 451.
7 ابن عصفور: شرح الجمل. بغداد جـ 1 ص 285.
وقال الكسائي1: "من شرطية فتكون في موضع رفع بالإبتداء. ويلزم حذف الضمير الرابط لهذه الجملة بما قبلها وحذف جواب الشرط إذ التقدير. من استطاع إليه سبيلاً منهم فعليه الحج، أو فعليه ذلك. فقد رأى أن حذف جواب الشرط لفهم المعنى أحسن من حذف الضمير من البدل". وقد استحسن ابن عصفور هذا الرأي. والوجه الأول أولى لقلة الحذف فيه وكثرته في هذا، لكن يناسب الشرط مجيء الشرط بعده في قوله تعالى:{وَمَنْ كَفَر} .
وقيل: من موصولة في محل رفع على أنه فاعل بالمصدر الذي هو حج فيكون المصدر قد أضيف إلى المفعول ورفع به الفاعل.
وهذا القول ضعيف من جهة المعنى إذ لا يصح أن يكون المعنى أن الله أوجب2 على الناس مستطيعهم وغير مستطيعهم أن يحج البيت المستطيع، ومتعلق الوجوب إنما هو المستطيع، لا الناس على العموم. ويلزم على هذا أن يأثم الناس جميعاً إذا لم يحج المستطيع.
وفي قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ} رأى الكوفيون في هذه الآية أن الأصل ناره، ثم نابت أل عن الضمير. وسيأتي بحث ذلك في مكانه. ومما استدل به بعض النحاة على الإستغناء عن الرابط قوله تعالى:{وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَاّ امْرَأَتَكَ} 3 بالرفع فامرأتك بدل بعض من كل وقد خلا من الرابط، ومثله قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّالُّونَ} 4 في قراءة الجميع فالضالون بدل بعض من الضمير المستتر في يقنط ولم يؤت معه بضمير.
وإنما لم يشترط هؤلاء الضمير في بدل البعض من حيث هو ضمير، وإنما اشترطوه من حيث هو رابط. فإذا وجد الربط بدونه حصل الغرض من غير وجوده وهنا الربط متحقق بدونه، وذلك لأن إلا وما بعدها من تمام الكلام الأول وإلا لإخراج الثاني من الأول فعلم أنه
1 المصدر السابق جـ1 ص 285.
2 نفس المصدر، ويراجع البحر المحيط جـ 2 ص 11.
3 الآية رقم 81 من سورة هود.
إلا امرأتك بالرفع والنصب. فالنصب استثناء من قولك بأهلك. والدليل عليه قراءة عبد الله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك} . ويجوز أن ينصب عن "لا يلتفت " على أصل الإستثناء. وإن كان الفصيح البدل أي على قراءة الرفع. وهي قراءة ابن كثير وأبى عمرو.
الزمخشري: الكشاف جـ 2 ص 109.
4 الآية رقم 56 من سورة الحجر.