الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصفَ النهارُ الماء غامره
…
ورفيتُه بالغيب ما يدري1
أراد بلغ النهار نصفه والماء غامر هذا الغائص لالتماس اللؤلؤ فحذف الرابط من الجملة الإسمية وهى الماء غامره. والرابط المحذوف هو الواو فالأصل. والماء غامره.
ولو كانت الجملة الإسمية مشتملة على ضمير لا يجهل عند حذفه استغنى بالعلم به عن الواو كقولك: بعت اللحم الرطلُ بدرهم2 أي الرطل منه. فحذف الضمير للعلم به وأغنى استحضاره في الذهن عن واو الحال وقد مثل سيبويه3 بنحو من هذا ولم يشر عند إيراده إلى استقباح.
1 البيت لأعشى ميمون من قصيدة مدح بها قيس بن معد يكرب الكندي، وقد ذكر البغدادي في الخزانة أبياتاً من هذه القصيدة التي لم ترد في ديوان الأعشى المطبوع. لأنه من رواية ثعلب. وهذه القصيدة من رواية أبى عبيدة، وابن دريد. وقد نسبت البيت البطليوسى في الإقتضاب إلى المسيب بن على خال الأعشى تبعاً للأصمعي الذي أثبت القصيدة له.
نصف النهار: إن كان النهار منصوباً فهو مفعول به والفاعل هو الضمير الذي يعود إلى الغائص وتكون جملة الماء غامرة حال من الغائص والضمير موجود ولا حذف. قال صاحب المفتاح: نصفت الشيء نصفاً بلغت نصفه وأما على رواية رفع النهار بالفاعلية. فجملة الماء غامرة حال من النهار وقد خلت من الرابط لأن الضمير في غامرة لا يعود إلى النهار وإنما يعود إلى الغائص. وعلى ذلك يقدر الرابط محذوفاً بالواو أي والماء غامره.
ابن مالك: شرح الكافية الشافية جـ 2 ص 760.
البغدادي: خزانة الأدب جـ اص 542.
حادى عشر: البط بأل
…
حادي عشر: الربط بأل
من الموضوعات التي شكلت خلافاً بين البصريين والكوفيين الربط بأل.
فهل تقع أل رابطة في التراكيب العربية أم أنها لم ترد في اللغة رابطة؟ فمن مسائل الصفة المشبهة الحسن الوجه برفع المعمول، وجميل الصوت برفعه ولما كان معول الصفة المشبهة لابد وأن يكون سببياً متصلاً بالضمير فقد جعل الكوفيون وبعض البصريين "أل" رابطة نائبة4 عن الضمير في الأمثلة السابقة وما يشبهها، وفي قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ
2 ابن مالك: شرح الكافية الشافية جـ 1 ص 761.
3 سيبويه: الكتاب. هارون جـ 1 ص 197.
4 حاشية الصبان جـ 3 ص 5.
الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} 1 في هذه الآية الكريمة جعل الكوفيون "آل" في {الْمَأْوَى} رابطة2 نائبة عن الضمير.
وقد جعل البصريون الرابط في ذلك هو الضمير المحذوف ولم يرتضوا أن تكون أل رابطة فقدروا في الأمثلة السابقة الحسن الوجه منه، وفي الآية المأوى له
…
وللزمخشري في الآية الكريمة رأي يكاد يكون غريباً، فقد قال:"إن المعنى في الآية أن الجحيم مأواه كما تقول للرجل: غض الطرف أي طرفك، وليست الألف واللام بدلاً من الإضافة. ولكن لما علم أن الطاغي هو صاحب المأوى وأنه لا يغض الرجل طرف غيره تركت الإضافة ودخول أل في المأوى والطرف للتعريف"3.
وكلام الزمخشري لا يتحصل منه الرابط العائد على المبتدأ، إذ قد نفى مذهب الكوفيين، ولم يقدر ضميراً محذوفاً كما قدره البصريون فرام حصول الرابط بلا رابط 4ومما استدل به الكوفيون قول المرأة: زوجي: المس 5 مس أرنب والريح ريح زرنب فقالوا: الأصل مسه مس أرنب، وريحه ريح زرنب فنابت أل مناب الضمير، والبصريون يقدرون المس منه.
ومثله عند الكوفيين قول الشاعر:-
كأن حَفِيفَ النَّبْلِ من فوقِ عَجهَا
…
عَوَازِبُ نخْلٍ أخْطَأ الفار مُطْنِفُ 6
وقد رد البصريون كل ما أوردوه الكوفيون وذلك بتقرير الضمير الذي جعلوه في كل
1 الآية رقم 40، 41 من سورة النازعات.
2 ابن يعيش: شرح المفصلي جـ 6 ص 89.
ابن هشام: المغنى ص 555.
3 الزمخشري: الكشاف جـ 3 ص 311.
4 أبو حيان: البحر المحيط جـ 8 ص 423.
5 حاشية الصبان جـ 1 ص 195.
والحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت:" جلست احدي عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً فقالت الأولى: زوجي....
ثم قالت الثامنة زوجي المسى مس أرنب والريح ريح زرنب ". الحديث.
فتح الباري جـ1 ص 254، كتاب النكاح. باب حسن المعاشرة مع الأهل. والمعنى أنه حسن الخلق. طيب العرق لكثرة نظافته واستعماله الطيب. راجع جـ1 ص 265.
6 قاله الشنفري: عمرو بن براق.
حفيف النبل. دون ذهابه، ومن فوق عجها. حال من النبل. أي فوق مقبض القوس. وعوازب نحل: خبر كان جمع عازبة من عزبت الإبل: إذا بعدت في المرعى ومطنف: بضم الميم وكسر النون: الذي يعلو الجبل.
واستشهد به الكوفيون على إنابة أل في الربط مناب الضمير فالأصل أخطأ فارها ثم صارت بعد الإنابة أخطأ الفار.
المصدر السابق جـ 3 ص 63.