المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبهات الشيخ في تصحيح حديث سعد وردها - الرد على التعقيب الحثيث للشيخ عبد الله الحبشي - جـ ١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌توطئة:

- ‌موضع الخلاف بيني وبين الشيخ:

- ‌الأصول التي بني عليها الشيخ تضعيف الحديث فقط: [

- ‌الجواب عن هذه الأصول:

- ‌1 - هذا الأصل صحيح وهو غير وارد علي

- ‌2 - خطأ الشيخ في قوله: "إنه لا يحكم على الحديث بالوضع "لكذب الراوي

- ‌3 - خروجه عن المحدثين: في قوله أن الحديث الشديد الضعف هو ما تفرد به كذاب

- ‌4 - تحقيق القول في القرائن التي يدرك بها الموضوع:

- ‌سقوط انتقاد الشيخ لحكمي على الحديث بالوضع:

- ‌بدعة السبحة ومخالفتها للسنة

- ‌ضعف الحديث الأول وقصور الشيخ في تخريج الثاني

- ‌إبطال قول الشيخ: "إن الصحابة كانوا لا يعرفون (المئذنة)

- ‌رد قول الشيخ أن لا مخالفة للسنة في التسبح بالسبحة

- ‌قرينة ثالثة على بطلان حديث السبحة:

- ‌تعيين واضع الحديث:

- ‌الأصول التي بني الشيخ عليها صحة حديثي الحصى

- ‌الجواب عن هذه الأصول

- ‌جواز تضعيف الحديث مقيدًا أو مطلقًا

- ‌منهجي في تضعيف الأحاديث:

- ‌توثيق ابن حبان للمجهول غير مقبول:

- ‌الغرابة عند الترمذي لا تجامع الصحة إذا صرح بالتضعيف:

- ‌مقابلة الأصول الثلاثة بكلام الشيخ والرد عليه مفعلا

- ‌شبهات الشيخ في تصحيح حديث سعد وردها

- ‌تحريف الشيخ لكلام العلماء واتهامه إياي بمخالفتهم

- ‌الحديث الثالث

- ‌نسبة الشيخ إلى الحافظ ما لم يقله

- ‌جهل الشيخ بتراجم الرواة:

- ‌قلة انصاف الشيخ:

- ‌جهل الشيخ بآثار الصحابة:

- ‌الرد على الشيخ في تجويزه تقييد النصوص المطلقة برأيه

- ‌أمثلة من البدع يلزم الشيخ القول بمشروعيتها خلافًا للعلماء:

- ‌ضعف الحديث السابق:

- ‌التزام بعض المشايخ السبحة بدل العقد بالأنامل

- ‌الخاتمة فيمن يجوز له التصحيح والتضعيف:

- ‌خاتمة الرد:

الفصل: ‌شبهات الشيخ في تصحيح حديث سعد وردها

محمد بن عبدالله بن حسن وهو المعروف بالنفس الزكية العلوي وهو ثقة كما قال الحافظ وغيره (1).

فهذا المثال مما يمكن أن يدخل تحت قول الشيخ السابق:

"الغرابة عند الترمذي تطلق على عدة معان قد تجامع الصحة".

وأما الأمثلة الآنفة الذكر، وما يشبهها فلا يمكن إدخالها فيه. فظهر خطأ الشيخ في إطلاقه هذا القول أولًا، وفي استعماله إياه وتطبيقه على ما هو من قبيل الأمثلة الخمسة المتقدم ذكرها ثانيا، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله قريبًا.

‌مقابلة الأصول الثلاثة بكلام الشيخ والرد عليه مفعلا

أما بعد، فقد فرغنا من الكلام على الأصول الثلاثة التي بني عليها فضيلة الشيخ حكمه بصحة حديثي التسبيح بالحصى وحققنا القول عليها وبينا رأينا فيها بما يكفي إن شاء الله تعالى لإظهار الحق، فيحسن بنا الآن أن نعود إلى الحديثين المشار إليهما ونناقش حضرة الشيخ فيما تمسك به في تصحيحهما فأقول:

‌شبهات الشيخ في تصحيح حديث سعد وردها

أما حديث سعد فقد كنت ضعفته لأمرين:

الأول: جهالة أحد رواته: "خزيمة" ونقلته عن الذهبي والحافظ ابن حجر.

الثاني: اختلاط سعيد بن أبي هلال" ونقلته عن الإمام أحمد".

(1) فائدة: قد صح الحديث بلفظ أتم من هذا يتبين منه أن بروك الجمل المذكور فيه هو ما يفعله أكثر المصلين حين هويهم إلى السجود! وهو وضعهم الركبتين قبل الكفين! فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه" رواه أبو داود والنسائي والدارمي والطحاوي في كتابيه والدارقطني والبيهقي. وكذا أحمد وابن حزم وإسناده. قال النووي والزرقاني "جيد"، وقد تكلمت على معنى الحديث باختصار في كتابي:"صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" الطبعة الثانية (ص 100 - 101) فعلى محيي السنة أن يحبوا هذه السنة أيضًا ولا يغتروا بما عليه أكثر الناس!

ص: 23

فرد الشيخ الأمر الأول (ص 19 - 20) بأن خزيمة ذكره ابن حبان في "الثقات" قال: "فهو عنده ثقة".

ورد الأمر الثاني (ص 20) بقوله "فيكفي بأن ابن أبي هلال أخرج له الستة"! والجواب عن رده الأول أن توثيق ابن حبان غير معتبر به عند العلماء كما سبق بيانه عن العلماء في الكلام على القاعدة الثانية، ولذلك لم يوثق خزيمة هذا أحد غير ابن حبان بل قال فيه الذهبي وابن حجر:"لا يعرف" كما ذكرته مرارًا فسقط رد الشيخ هذا وانهار، وكأن حضرته كان يشعر بضعف تمسكه بهذا التوثيق ولذلك قال:"فهو عنده ثقة" يعني عند ابن حبان، فإن هذا القيد "عنده" له مفهوم إن اعتبرناه فعبارة الشيخ حينئذ تفيد أن خزيمة غير ثقة عند الشيخ! ولكن الظاهر أنه لم يرد هذا المفهوم بدليل اعتداده بتوثيق ابن حبان ورده لحكمي بجهالة كنانة الآتي ذكره في حديث صفية؛ لأن ابن حبان وثقه أيضًا كما سيأتي وعلى هذا، فقول الشيخ:"عنده" كلام لا معنى له!

وحينئذ أسأل فضيلة الشيخ كيف جاز لك أن تعرض عن كلام العلماء المحققين الذين يبنوا ضعف توثيق ابن حبان مثل الذهبي وابن عبد الهادي والعسقلاني وغيرهم، وظللت أنت متمسكا بتوثيق ابن حبان كأنه توثيق معتبر به؟ ! إن كان لا علم لك بذلك فكيف خفي ذلك عليك وأنت في صدد الانتصار للحديث وأهله؟ ! وإن كان لم يخف عليك فبأي حجة خالفت هؤلاء الأئمة؟ ثم كيف يخفى عليك هذا، والظاهر أنك تتتبع ما أكتبه في هذه المجلة الكريمة من بيان الأحاديث الضعيفة وطريقتي في ذلك، وأنا قد ذكرت مرارًا تارة مفصلًا وأحيانًا مجملًا عدم اعتدادي بتوثيق ابن حبان، فكان اللائق بك وقد عرفت رأيي هذا أن لا ترد علي بشيء ليس من مذهبي ولا من مذهب العلماء الذين من قبلي، إنما الواجب الذي

ص: 24

يقتضيه البحث العلمي أن تبين أولًا فساد هذا المذهب الذي تمسك به العلماء المشار إليهم وتبعتُهم عليه، ثم تبني على ذلك صحة الاعتداد بتوثيق ابن حبان، إنك لو فعلت ذلك جاز لك حينئذ أن ترد حكمي بجهالة أحد الرواة متبعًا في ذلك العلماء التقاد بتمسكك بتوثيق ابن حبان له، ولكنك لم تفعل ذلك ولن تستطيع إلى ذلك سبيلا! وأما الجواب عن رده اعلالنا الحديث باختلاط ابن أبي هلال بقوله السابق: "يكفي أنه أخرج له الستة

"

فأقول: الجواب على شطرين:

الأول: يتعلق بإخراج أصحاب السنن الأربعة له، فهذا لا حجة فيه مطلقًا لأنه من المعروف عند المشتغلين بعلم الحديث أن الأربعة لا يتقيدون في كتبهم هذه بالرواية عن الثقات فقط، بل يروون أيضًا عن الضعفاء، وعن المتروكين وبعضهم عن بعض الكذابين أيضًا! وما أظن أن الشيخ ينازع في هذا فلا أطيل القول فيه.

الثاني: إخراج الشيخين له، فهذا في ظاهره حجة للشيخ وليس كذلك لأمرين:

1 -

أنه يجوز أنهما أخرجا له ولم يطلعا على ما اطلع عليه الإمام أحمد من اختلاطه، فهما معذوران بل مأجوران في إخراجهما له، ولكن هذا لا يلزمنا نحن الاعراض عن حكم الإمام أحمد باختلاطه، لأمرين اثنين تقررا في علم الأصول:

الأول: من علم حجة على من لم يعلم.

الثاني: الجرح مقدم على التعديل.

فهذه القواعد مع قول أحمد السابق كل ذلك حملني على إعلال الحديث بابن أبي هلال أيضًا، وإن كنت أعلم أنه من رجال الشيخين.

2 -

ويجوز أنهما أخرجا له مع علمهما باختلاطه، وحينئذ فالظن بها أنهما لم يخرجا له إلا ما علما أنه من حديثه قبل اختلاطه، ففي المختلطين جماعة استطاع المدققون من علماء الحديث أن يميزوا حديثهم قبل الاختلاط من حديثهم بعدهم الاختلاط، فلعل هذا متهم عند الشيخين، قال ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث في معرفة من اختلط في آخر عمره من الثقات (ص 391 الطبعة الحلبية):

ص: 25