الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التزام بعض المشايخ السبحة بدل العقد بالأنامل
!
ثم إن الشيخ أنكر عليّ قولي:
"ولو لم يكن في السبحة إلَّا سيئة واحدة وهي أنَّها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت [لكفي في ردها] " فادعى أَنَّهُ خلاف الواقع، قَالَ:(ص 30)
"فلا نزال نرى النّاس أكثرهم يسبحون أدبار الصلوات بالأصابع .... "
أقول: إِذَا صح هذا فالفضل في ذلك يعود إِلَى الدعاة إِلَى السنة الذين يحضون النّاس على المحافظة عليها والإعراض عن كل ما يخالفها، وإن سماه بعض النّاس بدعة حسنة! ولكن إنكار الشيخ هذا غير وارد عليّ لأنني لم أقصد بهذا القول النّاس جميعًا، وليس في كلامي ما يدل على ذلك، وإنَّما أردت من يظن النّاس أنهم أحرص الخلق على الفضائل وهم المشايخ ونحوهم، والدليل على ذلك تمام قولي الذي نقله الشيخ مبتورًا:
"فإني قَلَّما أرى شيخًا يعقد التسبيح بالأنامل".
ولكن الشيخ -عافاه الله وسامحه- قد جرى في رده عليّ على أنَّ يأخذ من كلامي القدر الذي يناسبه ليصح له الرد علي، ويعرض عن تمام الكلام الذي لو وقف عليه القارئ ظهر له بداهة أن رد الشيخ عليّ غير وارد.
فهل يقول الشيخ في كلامي هذا بعد نقله بتمامه مع توضيح المراد منه؛ إنه خلاف الواقع أيضًا؟ لئن قال ذلك فقد كابر، فإن من المؤسف أن أقول: إن العامة تعتقد الصلاح في حملة المسابح، ذلك لاعتقادهم أن السبحة مظهر الكمال، كيف لا وهذا فضيلة الشيخ يؤلف هذه الرسالة في الرد علي، أحد اسميها (وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى! ):"تحقيق البيان في إثبات سبحة أهل الإيمان" وإن كان هو قد عجز أن يثبت الأصل وهو التسبيح بالنوي والحصي، فكيف لا يعجز عن إثبات الفرع، وهو التسبيح بالسبحة؟ ! وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟ !
هذا وإذا كان فضيلة الشيخ يقول: إن أكثر النّاس يسبحون بالأنامل فهو اعتراف منه بأن أقلّ النّاس يسبحون بالسبحة، فأقول: أليس في هؤلاء كثير من الخاصة ممن
يتولون إرشاد النّاس وهدايتهم. فلماذا يحرص هؤلاء على السبعة مع ما في ذلك من "ترك الأفضل الذي هو العقد بالأنامل" كما اعترف بذلك الشيخ في رسالته (ص 15)، وإذا كان حضرته يؤلف رسالة ينتصر فيها للسبحة وهي باعترافه مفضولة فلا توجه فيها بكلمة إِلى أولئك الحريصين -وما يدريني لعل الشيخ نفسه منهم! - يدعوهم فيها إِلَى الإعراض عنها، وينصحهم بالتمسك بما هو الأفضل وهو العقد بالأنامل؟ أم إن الغرض من تأليفها هو -كما يتحدث به البعض- الانتصار لبعض المشايخ من حملة السبح بالرد على ناصر الدين الداعي إِلى إحياء السنة وإماتة البدعة! أرجو أن لا يكون هذا هو غرض الشيخ من تأليفها، وإن كنا نصر على مؤاخذته بإغفاله تلك الكلمة والنصيحة، لأنَّ الرسالة بدونها تعطي نتيجة لا يرضاها الشيخ -فيما أظن- وهي استمرار أولئك على المفضول وهجرهم للفاضل وهذا لا يجوز بلا خلاف أعلمه.
ثم قَالَ الشيخ: "وهل تعلم أحدًا من السلف عادي السبحة معاداتك، بلغك عنه ذلك بإسناد صحيح".
أقول نعم، ألا وهو ابن مسعود رضي الله عنه فقد عادى ما هو دون السبحة وهو العد بالحصى واعتبر الفاعلين متمسكين بذنب ضلالة! كما قدمناه بسند صحيح عنه. {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ؟
ومن التابعين من بالغ في إنكار السبحة إِلَى درجة أن اعتبر فتل الخيط للسبحة مميز منكرًا! فهل في هذا ما هو أبلغ في إنكار السبحة نفسها؟ ! فقد روى الإِمام ابن أَبِي شيبة في "المصنّف"(2/ 89 / 2): نا حميد بن عَبْد الرَّحمن عن حسن عن إبْرَاهِيم ابن المهاجر عن إبْرَاهِيم من كان ينهي ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح التي يُسبّح بها! قلت: وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وحسن هو ابن صالح ابن صالح بن حي الثَّوريّ، وإبراهيم هو ابن يزيد النخي الفقيه المشهور المتخرج من مدرسة الإِمام أَبِي حنيفة رحمه الله تعالي.
فإذا كان هذا هو رأي الإِمام المذكور من فتل خيوط السبحة فماذا يكون رأيه في السبحة ذاتها؟ لا شك أَنَّهُ منكر هل أشد الانكار.
ثم قَالَ: "فإذا لم تجد ذلك فمع من أنت".