المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بداية الرد على شبه العراقي - الرد على شبهات المستعينين بغير الله

[أحمد بن عيسى]

الفصل: ‌بداية الرد على شبه العراقي

ثم جاء بعده "جهم بن صفوان" فجحد صفات الرب وحكمته، وأنكر ذلك عليه الأئمة ممن الفقهاء وأهل الحديث، وصنفوا المصنفات في رد قوله وإثبات صفات الرب تعالى، واستدلوا بأدلة الكتاب والسنة وآثار السلف على إثبات ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله، لا يتجاوزون القرآن والحديث، وهم العدد الكثير، والجم الغفير.

والأمر كما قال نعيم بن حماد الخزاعي، شيخ البخاري، قال:"من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله تشبيها".

وكتبهم مشهورة يتداولها المسلمون. وعدها يخرج بنا عما قصدناه من الاختصار.

ومن أراد الاطلاع على معتقد أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا فليطالع تفسير الإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وتفسير الحسين بن مسعود البغوي، وتفسير العماد بن كثير الشافعي، ونحوها من تفاسير أهل السنة.

وكذلك كتب الحديث: كالصحيحين والسنن والمسانيد، فإن الحق عليه نور. والحمد لله على اتباع الحق، ومعرفة سبيل أهل الإيمان والصدق، حمدا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا.

ص: 28

‌بداية الرد على شبه العراقي

وهذا حين الشروع في رد شبه هذا العراقي.

قال في كراسته: "واليمين بالنبي صلى الله عليه وسلم منعقد وبسائر

ص: 28

الأنبياء، كما أطبق عليه علماء المذهب سوى الشيخ فإنه خالف أهل المذهب ولم يصرح بمراده، والظاهر أنه لا يستحب عنده بل يكره كراهة تنزيه" انتهى.

قوله: سوى الشيخ، يعني به شيخ الإسلام ابن تيمية.

أقول: انظر إلى هذه الجرأة والكذب على العلماء، ولنذكر كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، قال في "كتاب الاستغاثة": وقد اتفق العلماء على أنه لا تنعقد اليمين بغير الله، وهو الحلف بالمخلوقات كالملائكة والكعبة أو أحد من الشيوخ بل ينهى عنه: إما نهي تحريم أو تنزيه، فالصحيح أنه نهي تحريم وهو قول أكثر العلماء، ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" 1 وفي الترمذي عنه أنه قال: "من حلف بغير اله فقد أشرك"2.

1أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الأيمان والنذور – باب لا تحلفوا بآبائكم- 11/530، ومسلم في صحيحه – كتاب الإيمان – 3/1267 كلاهما عن ابن عمر.. به. ورواه أبو داود (3/569) والترمذي (4/110) .

2 أخرجه أبو داود – كتاب الأيمان والنذور – من سننه 3/570، والترمذي –

كتاب الأيمان والنذور – من سننه4/110، والإمام أحمد في مسنده، وابن حبان

في صحيحه – كما في الموارد ص 286، والحاكم في مستدركه 4/297، والبيهقي في سننه 10/29 كلهم عن سعد بن عبيدة قال: سمع ابن عمر رجلا يحلف: لا

والكعبة، فقال له ابن عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حلف بغير الله فقد أشرك". =

ص: 29

ولم يقل أحد من العلماء المتقدمين: إنه تنعقد اليمين بأحد من الخلق، إلا في نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن عن أحمد في ذلك روايتين في انعفاد اليمين به، وقد طرد بعض أصحابه كابن عقيل الخلاف في سائر الأنبياء، وهذا ضعيف، والقول بانعقاد اليمين بالنبي صلى الله عليه وسلم ضعيف

=ولفظ ابن حبان: "قال: كنت عند ابن عمر، فحلف رجل بالكعبة، فقال ابن عمر: ويحك لا تفعل.. إلخ".

وفي لفظ لأحمد2/58 – 60: " قال: كنت مع ابن عمر في حلقة. قال: فسمع رجلا في حلقة أخرى وهو يقول: لا وأبي فرماه ابن عمر بالحصى. فقال: إنها كانت يمين عمر، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنها شرك".

وقد أعل البيهقي هذا الحديث بقوله بعد إخراجه: "وهذا مما لم يسمعه سعد بن عبيدة من ابن عمر".

ثم احتج البيهقي على هذه الدعوى بما أخرجه من طريق الإمام أحمد – وهو في المسند 2/125 – 86 – ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن سعد بن عبيدة قال: كنت عند عبد الله بن عمر فقمت وتركت رجلا عنده من كندة، فأتيت سعيد بن المسيب. قال فجاء الكندي فزعا. فقال: جاء ابن عمر رجل فقال: أحلف بالكعبة. قال: لا ولكن احلف برب الكعبة. فإن عمر كان يحلف بأبيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحلف بأبيك فإنه من حلف بغير الله فقد أشرك". اهـ. والكندي المذكور اسمه محمد كما جاء في بعض أسانيد أحمد 2/69. وهو مجهول كما نص عليه أبو حاتم انظر الجرح والتعديل 8/132.

قلت: وهذا الإعلال ليس بجيد، فإن الألفاظ التي تقدم ذكرها ترده. وتصرح بحضور سعد بن عبيدة هذه الحادثة، وقد اجتمع على لفظها ثقتان إمامان: الأعمش عند أحمد والحسن بن عبيد الله النخعي عند ابن حبان.

ويجمع بين الروايتين: بتكرر الحادثة، فمرة سمعها سعد من ابن عمر، ومرة سمعها من الكندي. ومن تأمل اللفظين ظهر له ذلك. والله تعالى أعلم.

ص: 30

شاذ، لم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم، والذي عليه الجمهور: مالك والشافعي وأبو حنيفة أنه لا تنعقد اليمين به، كإحدى الروايتين عن أحمد، وهو الصحيح. انتهى كلامه.

فانظر حكاية هذا الضال عن علماء المذهب انعقاد اليمين بالنبي صلى الله عليه وسلم وبسائر الأنبياء وانظر حكاية الشيخ الإتفاق على أنه لا بيعقد اليمين بالمخلوقات، إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن عن أحمد رواية في انعقاد اليمين به، وأن الذي عليه الجمهور عدم انعقاد اليمين به، وانر لى تصحيحه أن النهي عن الحلف بالمخلوقات نهي تحريم، وهذا الملبس يقول:" ولم يصرح بمرادة " وأي تصريح أبلغ من هذا، نعوذ بالله من الهوى.

1 وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في موضع آخر: وأما ما نذر لغير الله كالنذر للأصنام والشمس والقمر والقبور ونحو ذلك فهو بمنزلة أن يحلف بغير الله من المخلوقات، والخالف بالمخلوقات لا وفاء عليه ولا كفارة، وكذلك الناذر للمخلوقات، فإن كلاهما شرك والشرك ليس له حرمة، بل عليه أن يستغفر الله من هذا، ويقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ".

1 من هنا إلى آخر الفصل سقط من نسخة نصيف.

2 أخرجه البخاري في سحيحه ـ كتاب الأيمان والنذور 11/536 باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت.

ومسلمفي صحيحه كتاب الأيمان 3/1267 كلاهما عن أبي هريرة قال: =

ص: 31

فانظر هل صرح بأن الحلق بغير الله شرك أم لا.. يتبين لك كذب هذا العراقي.

= قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف منكم، فقال في حلفن: باللات. فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق " هذا لفظ لمسلم.

وفي لفظ لهما: باللات والعزى.

والحديث أخرجه أصحاب السنن.

ص: 32