المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في رد افترائه علينا بأنا كفرنا الصحابة في قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط - الرد على شبهات المستعينين بغير الله

[أحمد بن عيسى]

الفصل: ‌فصل: في رد افترائه علينا بأنا كفرنا الصحابة في قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط

‌فصل: في رد افترائه علينا بأنا كفرنا الصحابة في قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط

فصل:

ثم كذب العراقي وافترى فقال: (وقد كفر هؤلاء الناس الصحابة بقولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط، ثم ذكر أنهم خوارج، وذكر بعض الأحاديث التي وردت في الخوارج) .

والجواب أن هذه الدعوة كاذبة، فتقابل بالرد والمنع، وعدم القبول، ومن المعلوم أن المشار إليهم من أشد الناس تعظيما ومحبة للصحابة، وأعظمهم اتباعا لهم، واقتفاء لآثارهم، ولكن لما تصدوا لبيان شركه، وانتصبوا لهتك باطله وإفكه، وأولجوه المضايق، وبينوا الحجج الواضحة وحققوا الحقائق، فصار قصاراه بهتهم ورميهم بما هم براء منه، وما أشبهه بمن قيل فيه:

ويشتم أعلام الأئمة ضلة

ولاسيما أن أولجوه المضايقا

والفرق بينهم وبين الخوارج: أن الخوارج يكفرون بكبائر الذنوب،كالزنا والسرقة وشرب المسكر ونحو ذلك، كما ذكره أرباب المقالات.

وهؤلاء إنما يكفرون بالشرك بالله، كما تقدم بعض بيان ذلك بالأدلة الظاهرة، والحجج المتناصرة، من الكتاب والسنة وكلام علماء الأمة.

ص: 100

وأما الذنوب كالزنا والسرقة وشرب الخمر ونحوها فحاشاهم من التكفير بذلك كما تقدم، فسبحان من طبع على قلوب من شاء من خلقه بعدله.

والخوارج كفروا الصحابة رضي الله عنهم بما جرى بينهم من القتال، كما جرى في وقعة الجمل بالبصرة بين علي وطلحة والزبير وعائشة، وكما جرى بين علي ومعاوية في صفين، وتلك الذنوب لا يكفر فاعلها، والصحابة رضي الله عنهم لهم حسنات عظيمة ماحية: إيمان، وهجرة، وأعمال، وجهاد. فالخوارج إنما كفروا أهل الإيمان بالذنوب.

وهذا وأمثاله عادوا أهل التوحيد لما أنكروا عليهم الشرك بالله، ودعوهم إلى إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، كما كان الصحابة رضي الله عنهم مع نبيهم صلى الله عليه وسلم وبعده، يأمرون بالتوحيد، وينهون عن الشرك.

فالأشبه بالخوارج على الحقيقة من يكفر أهل التوحيد، وينصر الشرك بالله والتنديد، بل هو أشد من الخوارج لأن الخوارج كفروا بالذنب، وهؤلاء كفروا بمحض الإيمان، كما قال العلامة ابن القيم:

من لي بشبه خوارج قد كفروا

بالذنب تأويلا بلا إحسان

ولهم نصوص قصروا في فهمها

فأتوا من التقصير في العرفان

وخصومنا قد كفرونا بالذي

هو غاية التوحيد والإيمان

فالذي نعتقد وندين الله به وندعو إليه هو: إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى، وننكر أن يصرف منها شيء لغير

ص: 101

الله متمسكين في ذلك بكتاب الله وسنة رسوله، وهذا هو سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، فمن سبنا وأنكر علينا فقد سب من كان على مثل ما كان عليه الصحابة والتابعون من التوحيد ونفي الشرك، وذلك مسبة للصحابة والتابعين، فالساب في الحقيقة إنما سب الصحابة وأنكر عليهم، لأن الذي أنكره هو دينهم، وبالله التوفيق.

فهذا آخر ما قصدناه من الكلام على شبهاته، والتنبيه على بعض خزعبلاته، وقد سقطت به - والحمد لله - أباطيله، واجتثت به وساوسه وأضاليله.

وهذه الشبه الفاسدة، لا تخدش في وجوه براهين التوحيد القاطعة، وأدلة الكتاب والسنة القاطعة، ولو تتبعنا جميع هذيانه، وسوء فهمه لكلام العلماء، وتصرفه فيه بالتأويل والحذف لطال الخطاب، وكثر الجواب، ولكن قد حصل المقصود وهو بيان التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، والجواب عن شبهات المبطلين.

والحمد لله على بيان الحجة، ووضوح المحجة، و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} والله المسؤول أن يهدينا وإخواننا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضآلين.

وكان الفراغ من رقمه عشية السبت المبارك السادس عشر من شهر ربيع الأول من سنة 1294 بمكة المكرمة على يد مؤلفه العبد

ص: 102

لفقير إلى رحمة ربه ومغفرته أحمد ابن إبراهيم بن عيسى، عامله الله بلطفه الخفي، وآجره على عوائد بره الحفي، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم1.

1في آخر طبعة الشيخ نصيف: (ونقله من خط مؤلفه المذكور، الفقير إلى رحمة ربه الغفور: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عامر. فرغت من زبده سنة 1297هـ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

قال مصححه: فرغت من التعليق عليه يوم عاشوراء من شهر الله الحرام سنة تسع وأربعمائة وألف. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتدوم وصلى الله على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم.

ص: 103