المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البكاء على الذنوب - الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا

[ابن أبي الدنيا]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ الْبُكَاءِ مِنِ خَشْيَةِ اللَّهِ وَثَوَابِهِ

- ‌اسْتِدْعَاءُ الْبُكَاءِ

- ‌أَسْبَابُ الْبُكَاءِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌مَنْ وَعَظَ وَبَكَى

- ‌مَنْ وُعِظَ فَاسْتَمَعَ الْمَوْعِظَةَ وَبَكَى

- ‌الْبُكَاءُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ الطُّهُورِ

- ‌إِخْفَاءُ الْبُكَاءِ

- ‌الْبُكَاءُ عَلَى الذُّنُوبِ

- ‌مَنْ أَفْسَدَ عَيْنَيْهِ الْبُكَاءُ

- ‌مَنْ بَكَى حَتَّى أَثَّرَتِ الدُّمُوعُ فِي وَجْهِهِ

- ‌مَنْ كَانَ يُدِيمُ الْبُكَاءَ

- ‌مَنْ عُوتِبَ عَلَى كَثْرَةِ الْبُكَاءِ فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ

- ‌جِمَاعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

- ‌بُكَاءُ آدَمَ صلى الله عليه وسلم

- ‌بُكَاءُ نُوحٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌بُكَاءُ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم وَنَوْحِهِ

- ‌بُكَاءُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌بُكَاءُ الْمَلَائِكَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ

- ‌جَامِعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

الفصل: ‌البكاء على الذنوب

‌الْبُكَاءُ عَلَى الذُّنُوبِ

ص: 137

169 -

حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ:«امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ»

ص: 139

170 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: «اتَّقِ رَبَّكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَابْكِ مِنْ ذِكْرِ خَطِيئَتِكَ»

ص: 140

171 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مِسْمَعُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَلْمَانَ، إِلَى نَاشِرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَنَفِيِّ وَكَانَ قَدْ بَكَى حَتَّى أَظْلَمَتْ عَيْنَاهُ فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَنَا ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ، فَقَالَ لَهُ نَاشِرَةُ:«أَبُو مُحَمَّدٍ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: «جِئْنَا لَتَبْكِي وَنَبْكِيَ مَعَكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ» قَالَ: فَشَهِقَ شَهْقَةً خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَجَلَسَ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ. وَتَنَادَى أَهْلُهُ، فَجَعَلُوا يَبْكُونَ حَوْلَهُ وَهُوَ صَرِيعٌ بَيْنَهُمْ. فَلَمَّا رَأَيْتُ الْبُكَاءَ قَدْ كَثُرَ، انْسَلَلْتُ فَخَرَجْتُ

ص: 140

172 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَعْضِ رَجَالِهِ، أَنَّ زَيَادًا ضَحِكَ ذَاتَ يَوْمٍ حَتَّى عَلَا صَوْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. وَبَكَى بُكَاءً شَدِيدًا فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ: مَا رَأَيْنَا أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ بُكَاءً فِي إِثْرِ ضَحِكٍ أَسْرَعَ مِنْ بُكَائِكَ بِالْأَمْسِ قَالَ «إِنِّي وَاللَّهِ ذَكَرْتُ ذَنْبًا أَذْنَبْتُهُ، كُنْتُ بِهِ حِينَئِذٍ مَسْرُورًا، فَذَكَرْتُهُ، فَبَكَيْتُ خَوْفًا مِنْ عَاقِبَتِهِ ثُمَّ بَكَى أَيْضًا»

ص: 140

173 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْقَيْسِيُّ، وَكَانَ قَرَابَةً لِرِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ قَالَ:

⦗ص: 141⦘

كُنْتُ أَدْخَلُ عَلَيْهِ الْمَسْجِدَ وَهُوَ يَبْكِي، وَأَدْخَلُ عَلَيْهِ بَيْتَهُ وَهُوَ يَبْكِي، وَآتِيهِ فِي الْجَبَّانِ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ لَهُ يَومًا: أَنْتَ دَهْرَكَ فِي مَأْتَمٍ؟ قَالَ: فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ:«يَحِقُّ لِأَهْلِ الْمَصَائِبِ وَالذُّنُوبِ أَنْ يَكُونُوا هَكَذَا»

ص: 140

174 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: نَظَرَ حُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ إِلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ يَا فَتَى؟» قَالَ: ذَكَرْتُ ذُنُوبًا سَلَفَتْ فَبَكَيْتُ. قَالَ: فَبَكَى حُذَيْفَةُ ثُمَّ قَالَ: «نَعَمْ يَا أَخِي فَلِمِثْلِ الذُّنُوبِ فَلَيُبْكَ» ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ، فَتَنَحَّيَا، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ

ص: 141

175 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ يومًا، فَذَكَرَ شَيْئًا، فَرَّقَ، فَبَكَى رَجُلٌ، فَارْتَفَعَ صَوْتُهُ، وَعَلَا بُكَاؤُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَعَمْ وَاللَّهِ يَا أَخِي فَابْكِ هَكَذَا عَلَى نَفْسِكَ، فَمَا خَيْرُ مَنْ لَا يَرْحَمُ نَفْسَهُ؟ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكُنْتُ أَسْمَعُ الْحَسَنَ بَعْدَ ذَلِكَ كَثِيرًا يُرَدِّدُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: «مَا خَيْرُ مَنْ لَا يَرْحَمُ نَفْسَهُ»

⦗ص: 142⦘

قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ أُعْجِبَ بِهَا حِينَ سَمِعَهَا يَوْمَئِذٍ

ص: 141

176 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمٍ الْعَنْبَرِيِّ، قَالَ: كَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ إِذَا أَمْسَى بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: «لَا أَدْرِي مَا صَعِدَ الْيَوْمَ مِنْ عَمَلِي»

ص: 142

177 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ السَّلُولِيُّ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بِلْعَنْبَرَ قَدْ لَهِجَ بِالْبُكَاءِ، فَكَانَ لَا تَرَاهُ إِلَّا بَاكِيًا قَالَ: فَعَاتَبَهُ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِهِ يَوْمًا فَقَالَ: لِمَ تَبْكِي رَحِمَكَ اللَّهُ هَذَا الْبُكَاءَ الطَّوِيلَ؟ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:

[البحر الوافر]

بَكَيْتُ عَلَى الذُّنُوبِ لِعِظْمِ جُرْمِي

وَحُقَّ لِكُلِّ مَنْ يَعْصِي الْبُكَاءُ

فَلَوْ كَانَ الْبُكَاءُ يَرُدُّ هَمِّي

لَأَسُعَدَتِ الدُّمُوعَ مَعًا دِمَاءُ

ثُمَّ بَكَى حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ الرَّجُلُ عَنْهُ وَتَرَكَهُ "

ص: 142

178 -

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ قَالَ:" ذَكَرْنَا يومًا الْعَفْوَ ، وَمَعَنَا حَوْشَبُ بْنُ مُسْلِمٍ وَكَانَ مِنَ الْبَكَّائِينَ عِنْدَ الذِّكْرِ فَبَكَى حَتَّى لَطَى بِالْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ بَعْدَ كَمْ؟ "

ص: 143

179 -

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ خُشَيْشٍ أَبَى مُحْرِزٍ قَالَ: أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ: «هَبْكَ تَنْجُو، بَعْدَ كَمْ تَنْجُو؟»

ص: 143

180 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّرَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكٍ يَعْنِي ابْنَ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ يَعْنِي ابْنَ مُصَرِّفٍ قَالَ:" كَانَ رَجُلٌ لَهُ ذُنُوبٌ، فَكَانَ لَهُ عِنْدَ كُلُّ ذَنْبٍ مِنْهَا بَكِيَّةٌ قَالَ: فَقَالَ لَهُ غُلَامُهُ: إِنْ كَانَ هَذَا دَأْبَكَ فَإِنِّي سَأَقُودُكَ أَعْمَى "

ص: 143

181 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَغَازِلِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ بِبَعْضِ بِلَادِ الشَّامِ فِي بَعْضِ السَّوَاحِلِ: «لَوْ بَكَى الْعَابِدُونَ عَلَى الشَّفَقَةِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِي أَجْسَادِهِمْ جَارِحَةٌ إِلَّا أَدَّتْ مَا فِيهَا مِنَ الدَّمِ وَالْوَدَكِ دُمُوعًا جَارِيَةً، وَبَقِيَتِ الْأَبْدَانُ يُبَّسًا خَالِيَةً، تَرَدَّدُ فِيهَا الْأَرْوَاحُ

⦗ص: 144⦘

إِشْفَاقًا وَوَجَلًا مِنْ يَوْمٍ تَذْهَلُ فِيهِ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، لَكَانُوا مَحْقُوقِينَ بِذَلِكَ ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ»

ص: 143

182 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّصِيبِيُّ، وَكَانَ جَارًا لِأَبِي سُلَيْمَانَ دُوَيْدٍ اللَّبَانِ قَالَ: كَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ يَبْكِي عَامَّةَ دَهْرِهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يومًا يَقُولُ وَكَانَ كَثِيرًا مَا يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ: " بَكُّوا الذُّنُوبَ قَبْلَ مَحْلِ بُكَائِهَا، وَفَرِّغُوا الْقُلُوبَ إِلَّا مِنْ شُغْلِ حِسَابِهَا، فَبِحَرِىً إِنْ كُنْتُمْ كَذَلِكَ أَنْ تُدْرِكُوا فَوَاتَ مَا قَدْ فَاتَ لِشُؤْمِ التَّفْرِيطِ، بِالْإِنَابَةِ وَالْمُرَاجَعَةِ وَالْإِخْلَاصِ لِلرَّبِّ الْكَرِيمِ. وَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ: وَجَدْنَاهُ أَكْرَمَ مَوْلًى لِشَرِّ عَبِيدٍ " قَالَ: ثُمَّ يَبْكِي وَيُبْكِي

ص: 144

183 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ زُفَرَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَهِيمٌ الْعِجْلِيُّ، قَالَ:" رَكِبَ مَعَنَا الْبَحْرَ فَتًى مِنْ بَنِي مُرَّةَ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ ، فَجَعَلَ يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. فَعَاتَبَهُ أَهْلُ الْمَرْكَبِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: ارْفُقْ بِنَفْسِكَ قَلِيلًا فَقَالَ: إِنَّ أَقَلَّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِنَفْسِي عِنْدِي أَنْ أَبْكِيَهَا، فَأَبْكِيَ عَلَيْهَا أَيَّامَ الدُّنْيَا، لِعِلْمِي بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ غَدًا قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْمَرْكَبِ أَحَدٌ إِلَّا بَكَى "

ص: 144

184 -

قَالَ عُثْمَانُ: وَكَانَ بَهِيمٌ رَجُلًا حَزِينًا، فَكَانَ إِذَا ذُكِرَ هَذَا الْبَدَوِيُّ بَكَى، وَقَالَ: «هَذَا يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ وَيَرْحَمُهَا مِمَّا يَمُرُّ عَلَيْهَا فِي الْمَوْقِفِ،

⦗ص: 145⦘

فَكَيْفَ بِمَا بَعْدَ الْمَوْقِفِ إِنْ لَمْ يَصُنِ الْعَبْدُ إِلَى خَيْرٍ؟» قَالَ: وَيَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا إِذَا ذَكَرَهُ

ص: 144

185 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْقَارِئَ، فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ:

ابْكِ لِذَنْبِكَ طُولَ الدَّهْرِ مُجْتَهِدًا

إنَّ الْبُكَاءَ مُعَوَّلُ الْأَحَزَانِ

لَا تَنْسَ ذَنْبَكَ فِي النَّهَارِ وَطُولِهِ

إِنَّ الذُّنُوبَ تُحِيطُ بِالْإِنْسَانِ

وَيَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا، وَيُرَدِّدُ ذَلِكَ

ص: 145

186 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدٌ الْخُمْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَحْرٌ أَبُو يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَابِدًا، فِي بَعْضِ السَّوَاحِلِ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَبْكِي، وَإِخْوَانُهُ عِنْدَهُ، فَبَكَوْا، فَقَالَ: " ابْكُوا بِأَبِي أَنْتُمْ بُكَاءَ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ نَاجٍ إِلَّا بِطُولِ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ قَالَ: ثُمَّ بَكَى وَقَالَ:

[البحر الخفيف]

مَنْ فَيَّضَ الدَّمْعَ لِلدَّنيَا فَإِنَّا

نَسْفَحُ الدَّمْعَ لِاقْتَرَافِ الذُّنُوبِ

قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ وَاللَّهِ بُكَاءً شَدِيدًا "

ص: 145

187 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ، قَالَ: قَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: «إِذَا أَنْتَ لَمْ تَبْكِ عَلَى ذَنْبِكَ، فَمَنْ يَبْكِي لَكَ عَلَيْهِ بَعْدَكَ؟» قَالَ: ثُمَّ يَبْكِي صَالِحٌ وَيَقُولُ: يَا إِخْوَتَاهْ ابْكُو عَلَى الذُّنُوبِ، فَإِنَّهَا تَرِينُ الْقُلُوبَ حَتَّى تَنْطَمِسَ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْهَا مِنْ خَيْرِ الْمَوْعِظَةِ شَيْءٌ

ص: 145