المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من كان يديم البكاء - الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا

[ابن أبي الدنيا]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ الْبُكَاءِ مِنِ خَشْيَةِ اللَّهِ وَثَوَابِهِ

- ‌اسْتِدْعَاءُ الْبُكَاءِ

- ‌أَسْبَابُ الْبُكَاءِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌مَنْ وَعَظَ وَبَكَى

- ‌مَنْ وُعِظَ فَاسْتَمَعَ الْمَوْعِظَةَ وَبَكَى

- ‌الْبُكَاءُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ الطُّهُورِ

- ‌إِخْفَاءُ الْبُكَاءِ

- ‌الْبُكَاءُ عَلَى الذُّنُوبِ

- ‌مَنْ أَفْسَدَ عَيْنَيْهِ الْبُكَاءُ

- ‌مَنْ بَكَى حَتَّى أَثَّرَتِ الدُّمُوعُ فِي وَجْهِهِ

- ‌مَنْ كَانَ يُدِيمُ الْبُكَاءَ

- ‌مَنْ عُوتِبَ عَلَى كَثْرَةِ الْبُكَاءِ فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ

- ‌جِمَاعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

- ‌بُكَاءُ آدَمَ صلى الله عليه وسلم

- ‌بُكَاءُ نُوحٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌بُكَاءُ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم وَنَوْحِهِ

- ‌بُكَاءُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌بُكَاءُ الْمَلَائِكَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ

- ‌جَامِعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

الفصل: ‌من كان يديم البكاء

‌مَنْ كَانَ يُدِيمُ الْبُكَاءَ

ص: 161

219 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، " أَنَّهُ كَانَ يَبْكِي حَتَّى تُبَلَّ لِحْيَتُهُ مِنْ دُمُوعِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا كُنَّا فِي جُنُوبِهِمْ لُصُوصًا "

ص: 163

220 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْعَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ «يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَدُمُوعُهُ سَائِلَةً عَلَى لِحْيَتِهِ»

ص: 163

221 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُضَرَ، يَقُولُ: " كَانَ شَابٌّ فِي عَبْدِ الْقَيْسِ يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، لَا يَكَادُ يَفْتُرُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ قَصَرْتَ قَلِيلًا قَالَ: وَلِمَ أُقْصِرُ؟ وَقَدْ نُدِبْتُ إِلَى الْجَدِّ وَالِاجْتِهَادِ؟ وَاللَّهِ لَا أُقْصِرُ عَنِ الِاجْتِهَادِ فِي نَجَائِهَا أَبَدًا

⦗ص: 164⦘

فَكَانَ يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ "

ص: 163

222 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ: أَنَّ حَسَنَ بْنَ صَالِحٍ، كَانَ يُصَلِّي إِلَى السَّحَرِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَيَبْكِي فِي مَكَانِهِ، وَيَجْلِسُ عَلِيٌّ فَيَبْكِي فِي حُجْرَتِهِ. قَالَ: وَكَانَتْ أُمُّهُمْ تَبْكِي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ قَالَ: فَمَاتَتْ، ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ، ثُمَّ مَاتَ حَسَنٌ. قَالَ: فَرَأَيْتُ حَسَنًا فِي مَنَامِي، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَتِ الْوَالِدَةُ؟ قَالَ: «بُدِّلَتْ بِطُولِ ذَلِكَ الْبُكَاءِ سُرُورَ الْأَبَدِ» . قُلْتُ: فَعَلِيٌّ؟ قَالَ: «وَعَلِيٌّ عَلَى خَيْرٍ» . قَالَ: قُلْتُ: فَأَنْتَ؟ قَالَ: فَمَضَى وَهُوَ يَقُولُ: «وَهَلْ نَتَّكِلُ إِلَّا عَلَى عَفْوِهِ؟»

ص: 164

223 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْأَزْرَقُ النَّوَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ:

⦗ص: 165⦘

قِيلَ لِعَطَاءٍ السُّلَيْمِيِّ: مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: " أَشْتَهِي أَنْ أَبْكِيَ حَتَّى لَا أَقْدِرَ عَلَى أَنْ أَبْكِيَ قَالَ: فَكَانَ يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَكَانَتْ دُمُوعُهُ الدَّهْرَ سَائِلَةً عَلَى وَجْهِهِ "

ص: 164

224 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ:" دَخَلَ رَجُلَانِ عَلَى عَطَاءٍ السُّلَيْمِيِّ، فَوَجَدَاهُ يَبْكِي ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَمَّا هَذَا فَسَيَبْكِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ قَالَ: فَخَرَجَا وَتَرَكَاهُ "

ص: 165

225 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ الْبَكَّاءُ قَدِ اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ وَأَدَارَهَا عَلَى حَلْقِهِ، وَجَعَلَ لَهَا طَرَفَيْنِ. فَكَانَ يَبْكِي وَيَنْتَحِبُ حَتَّى يَبُلَّ هَذَا الطَّرْفَ، ثُمَّ يَبْكِي وَيَنْتَحِبُ حَتَّى يَبُلَّ هَذَا الطَّرَفَ الْآخَرَ ثُمَّ يَحِلُّهَا مِنْ رَأْسِهِ وَيَبْكِي وَيَنْتَحِبُ حَتَّى يَبُلَّ الْعِمَامَةَ بِأَسْرِهَا، ثُمَّ يَبْكِي وَيَنْتَحِبُ حَتَّى يَبُلَّ أَرْدَانَهُ "

ص: 165

226 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ قَالَ:

⦗ص: 166⦘

كُنَّا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ فِي جَنَازَةٍ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى دُمُوعِهِ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ الْبَكَّاءِ، فَبَكَى وَقَالَ:«إِنَّ فِي دُونِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ لَمَا يُبْكِي الْقُبُورَ»

ص: 165

227 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ التَّغْلِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْفُضَيْلِ الْقُرَشِيُّ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ نَازِلًا فِي الْعُلُوِّ ، وَكَانَ قَوْمٌ يَسْكُنُونَ فِي دَارِهِ فِي السُّفْلِ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُهُمْ قَالَ: «كَانَ يَبْكِي عَامَّةَ اللَّيْلِ، لَا يَكَادُ يَفْتُرُ» قَالَ: «ثُمَّ يُصْبِحُ، فَإِنَّمَا يَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ»

ص: 166

228 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَسِيبٌ لِهِشَامٍ الْقُرْدُوسِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: دَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، فَقَالَتْ عِلَجَةٌ كَانَتْ فِي دَارِهِ:" إين كبره بس اباد اركه سود سون ازجها نياز همه بكشت، مَعْنَاهُ: هَذَا الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، لَوْ كَانَ قَتَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا مَا زَادَ "

ص: 166

229 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ

⦗ص: 167⦘

الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِرَارٌ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ:" بَكَى عُتْبَةُ الْغُلَامُ فِي مَجْلِسِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ تِسْعَ سِنِينَ ، لَا يَفْتُرُ بُكَاءً مِنْ حِينَ يَبْدَأُ عَبْدُ الْوَاحِدِ فِي الْمَوْعِظَةِ إِلَى أَنْ يَقُومَ ، لَا يَكَادُ أَنْ يَسْكُتَ عُتْبَةُ ، فَقِيلَ لِعَبْدِ الْوَاحِدِ: إِنَّا لَا نَفْهَمُ كَلَامَكَ مِنْ بُكَاءِ عُتْبَةَ ، قَالَ: فَأَصْنَعُ مَاذَا؟ يَبْكِي عُتْبَةُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَنْهَاهُ أَنَا؟ لَبِئْسَ وَاعِظُ قَوْمٍ أَنَا "

ص: 166

230 -

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِجْفُ بْنُ مَنْظُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمٌ النَّحِيفُ، قَالَ: رَمَقْتُ عُتْبَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، فَمَا زَادَ لَيْلَتَهُ تِلْكَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَهُوَ قَائِمٌ، وَهُوَ يَقُولُ:«إِنْ تُعَذِّبْنِي فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ، وَإِنْ تَرْحَمْنِي فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ. فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ»

ص: 167

231 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ:«كَانَ الْفُضَيْلُ قَدْ أَلِفَ الْبُكَاءَ، حَتَّى رُبَّمَا بَكَى فِي نَوْمِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ أَهْلُ الدَّارِ»

ص: 167

232 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، قَالَ: مَا دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ إِلَّا أَصَبْتُهُ مُسْتَلْقِيًا يَبْكِي "

ص: 168

233 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ:«كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى الْحَسَنِ، فَيَبْكِي حَتَّى نَرْحَمَهُ»

ص: 168

234 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ رُبَّمَا بَكَى حَتَّى نَرِقَّ لَهُ "

ص: 168

235 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ، قَالَ:«مَا رَأَيْتُ الْحَسَنَ إِلَّا صَارًّا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، عَلَيْهِ كَآبَةٌ، كَأَنَّهُ رَجُلٌ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ ، فَإِنْ ذَكَرَ الْآخِرَةَ، أَوْ ذُكِرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ جَاءَتْ عَيْنَاهُ بِأَرْبَعٍ»

ص: 168

236 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ التَّنُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعٌ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ يَبْكِي حَتَّى يَسْقُطَ، ثُمَّ يُفِيقُ، فَيَبْكِي حَتَّى يَسْقُطَ، ثُمَّ يُفِيقُ، فَيَبْكِي حَتَّى يَسْقُطُ، فَيُحْمَلَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِهِ وَكَانَ يَقُولُ فِي كَلَامِهِ: «إِخْوَتَاهْ ابْكُوا قَبْلَ يَوْمِ الْبُكَاءِ، وَنُوحُوا قَبْلَ

⦗ص: 169⦘

يَوْمِ النِّيَاحَةِ، وَتُوبُوا قَبْلَ انْقِطَاعِ التَّوْبَةِ، إِنَّمَا سُمِّيَ نُوحًا صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ نَوَّاحًا ، فَنُوحُوا مَعْشَرَ الْكُهُولِ وَالشَّبَابِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ» قَالَ: وَكَانَ يَتَكَلَّمُ وَالدُّمُوعُ جَارِيَةٌ عَلَى لِحْيَتِهِ وَخَدَّيْهِ

ص: 168

237 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُخْتِي، وَكَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ قَالَتْ: كَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ صَدِيقٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَرُبَّمَا زَارَهُ، فَيَبْتَدِئَانِ فِي الْبُكَاءِ حَتَّى يُنَادَى بِصَلَاةِ الظُّهْرِ. قَالَتْ: فَرُبَّمَا قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: يَزُورُكَ أَخُوكَ فَتَبْكِيَانِ، لَا يَسْتَمتِعُ أَحَدُكُمَا مِنْ صَاحِبِهِ بِحَدِيثٍ وَلَا مُذَاكَرَةٍ؟ فَيَقُولُ: وَيْحَكِ اسْكُتِي، لَيْسَتِ الدُّنْيَا دَارَ سُرُورٍ ، وَلَا مُتْعَةٍ تَدُومُ، إِنَّمَا خَيْرُهَا لِمَنِ اتَّخَذَهَا بُلْغَةً إِلَى الْآخِرَةِ ، وَوَاللَّهِ ، لَوْلَا الْبُكَاءُ فَإِنَّهُ رَاحَةٌ لِلْقُلُوبِ لَظَنَنْتُ أَنَّ قَلْبِيَ سَيَنْشَقُّ فِي دَارِ الدُّنْيَا مِنْ طُولِ غَمِّي، لَكَثْرَةِ التَّفْرِيطِ. قَالَتْ: فَأَبْكَانِي وَاللَّهِ "

ص: 169

238 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ يَتَكَلَّمُ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدِّهِ ،

⦗ص: 170⦘

وَكَانَ وُهَيْبٌ يَتَكَلَّمُ وَالدُّمُوعُ تَقْطُرُ مِنْ عَيْنَيْهِ»

ص: 169

239 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ:«كَانَ يَحْيَى الْبَكَّاءُ قَدْ أَدَارَ عِمَامَةً وَصَيَّرَ لَهَا فَضْلَةً يَتَلَقَّى بِهَا دُمُوعَهُ»

ص: 170

240 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْمَعُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ دِينَارٍ أَبُو هَمَّامٍ، قَالَ:" كَانَ الْحَسَنُ إِذَا تَكَلَّمَ شَفَى النُّفُوسَ مِنْ إِسْبَالِ الدُّمُوعِ قَالَ: وَمَا قَعَدْتُ إِلَيْهِ يَوْمًا قَطُّ إِلَّا بَكَيْتُ حَتَّى اشْتَفِيتُ "

ص: 170

242 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ:" كَانَ رَجُلٌ يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: لَوْ كُنْتَ قَتَلْتَ نَفْسًا ثُمَّ أَتَيْتَ أَهْلَهُ لَعَفَوْا عَنْكَ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ كَثْرَةِ بُكَائِكَ، قَالَ: فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّهْ إِنِّي وَاللَّهِ إِنَّمَا قَتَلْتُ نَفْسِي فَبَكَتْ أُمُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ "

ص: 171

243 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:«كَانَ سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ الطَّائِفِيُّ لَا تَكَادُ تَجِفُّ لَهُ دَمْعَةٌ إِنَّمَا دُمُوعُهُ جَارِيَةٌ دَهْرَهُ إِنْ صَلَّى فَهُوَ يَبْكِي، وَإِنْ طَافَ فَهُوَ يَبْكِي، وَإِنْ جَلَسَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ فَهُوَ يَبْكِي، وَإِنْ لَقِيتَهُ فِي طَرِيقٍ فَهُوَ يَبْكِي» قَالَ سُفْيَانُ: فَحَدَّثُونِي أَنَّ رَجُلًا عَاتَبَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ تَعْذُلَنِي وَتُعَاتِبَنِي عَلَى التَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ، فَإِنَّهُمَا قَدِ اسْتَوْلَيَا عَلَيَّ.

⦗ص: 172⦘

قَالَ الرَّجُلُ: فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْهُ انْصَرَفْتُ وَتَرَكْتُهُ "

ص: 171

244 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عُبَيْدِ الصِّيدِ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «أَتَيْتُ الْحَسَنَ سَنَةً، فَمَا أَخْطَأَنِي يَوْمٌ آتِيهِ إِلَّا وَأَنَا أَرَى دُمُوعَهُ تَجْرِي عَلَى لِحْيَتِهِ»

ص: 172

245 -

حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حِبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُرَجَّى بْنُ وَدَاعٍ الْأَسْوَدُ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُطَعِيِّ، قَالَ:«صَلَّى بِنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ الْعَصْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَضَّ عَلَى إِصْبَعِهِ، فَلَمْ تَزَلْ عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ»

ص: 172

246 -

حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُوَيْبِطُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ بَكْرٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ، لَنَا قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ يَزُورُ مُسْلِمًا النَّحَاتَ ، قَالَ: فَكُنْتُ أَلْقَى

⦗ص: 173⦘

مُحَمَّدَ بْنَ سُوقَةَ، فَكَانَ كَلَامُهُ وَسَلَامُهُ:

[البحر الكامل]

لَنْ يَلْبَثَ الْقُرَنَاءُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا

لَيْلٌ يَكِرُّ عَلَيْهِمُ وَنَهَارُ

قَالَ: ثُمَّ تَجِيءُ دُمُوعُهُ "

ص: 172