المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بكاء داود صلى الله عليه وسلم ونوحه - الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا

[ابن أبي الدنيا]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ الْبُكَاءِ مِنِ خَشْيَةِ اللَّهِ وَثَوَابِهِ

- ‌اسْتِدْعَاءُ الْبُكَاءِ

- ‌أَسْبَابُ الْبُكَاءِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌مَنْ وَعَظَ وَبَكَى

- ‌مَنْ وُعِظَ فَاسْتَمَعَ الْمَوْعِظَةَ وَبَكَى

- ‌الْبُكَاءُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ

- ‌الْبُكَاءُ عِنْدَ الطُّهُورِ

- ‌إِخْفَاءُ الْبُكَاءِ

- ‌الْبُكَاءُ عَلَى الذُّنُوبِ

- ‌مَنْ أَفْسَدَ عَيْنَيْهِ الْبُكَاءُ

- ‌مَنْ بَكَى حَتَّى أَثَّرَتِ الدُّمُوعُ فِي وَجْهِهِ

- ‌مَنْ كَانَ يُدِيمُ الْبُكَاءَ

- ‌مَنْ عُوتِبَ عَلَى كَثْرَةِ الْبُكَاءِ فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ

- ‌جِمَاعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

- ‌بُكَاءُ آدَمَ صلى الله عليه وسلم

- ‌بُكَاءُ نُوحٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌بُكَاءُ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم وَنَوْحِهِ

- ‌بُكَاءُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌بُكَاءُ الْمَلَائِكَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ

- ‌جَامِعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

الفصل: ‌بكاء داود صلى الله عليه وسلم ونوحه

‌بُكَاءُ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم وَنَوْحِهِ

ص: 233

334 -

حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ، يَقُولُ:" إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْمِحْرَابِ، فِي صُورَةِ حَمَامَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، لَهَا جَنَاحَانِ مِنْ لُؤْلُؤٍ، حَتَّى وَقَعَ عَلَى بَابِ الْمِحْرَابِ. فَنَظَرَ إِلَيْهَا دَاوُدُ، فَطَارَدَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى تِلْكِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْبُسْتَانِ تَغْتَسِلُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ أَرْخَتْ شَعَرَهَا فَجَلَّلَهَا. فَسَأَلَ عَنْهَا، فَأُخْبِرَ أَنَّ زَوْجِهَا غَازٍ. فَبَعَثَ دَاوُدُ إِلَى أَمِيرِ ذَلِكَ الْجَيْشِ أَنِ ابْعَثْ أُورِيَّا فِي وَجْهِ كَذَا فَبَعَثَهُ، فَفُتِحَ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ: ابْعَثْهُ إِلَى التَّابُوتِ وَكُلُّ مَنْ بُعِثَ إِلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ قُتِلَ وَلَمْ يَرْجِعْ. فَقُتِلَ " قَالَ مُطَّلِبٌ: فَحَدَّثَنِي لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ: أَتَاهُ الْمَلَكَانِ فِي صُورَةِ رَجُلَيْنِ مُعْتَمَّيْنِ، فَفَزِعَ مِنْهُمَا ، فَقَصَّا عَلَيْهِ الْآيَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُمَا دَاوُدُ كَذَاكَ؟ قَالَا: نَعَمْ قَالَ: إِذًا نَضْرِبُ هُنَا. يَعْنِي الْأَنْفَ وَاللِّحْيَةَ وَالْجَبِينَ.

⦗ص: 236⦘

فَقَالَا: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُضْرَبَ ، وَطَارَا. فَعَرَفَ دَاوُدُ فَخَرَّ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا سَاجِدًا، حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعهِ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَجَائِعٌ فَأُطْعِمَكَ، أَمْ مَظْلُومٌ فَأَنْصُرَكَ؟ قَالَ: فَشَهِقَ شَهْقَةً احْتَرَقَ الْعُشْبُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ. قَالَ: كَيْفَ تَغْفِرُ لِي وَأَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ؟ قَالَ: أَغْفِرُ لَهُ وَأَطْلُبُ إِلَيْهِ يَهَبَكَ لِي قَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ غَفَرْتَ لِي

ص: 235

335 -

حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:" خَرَّ سَاجِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَقَالَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدَ غَفَرْتُ لَكَ. قَالَ: كَيْفَ وَأَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ؟ قَالَ: أَقْضِي لَهُ ، وَأَسْتَوْهِبُهُ ذَنْبَكَ، ثُمَّ أُثِيبُهُ حَتَّى يَرْضَى قَالَ: الْآنَ طَابَتْ نَفْسِي، وَعَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ غَفَرْتَ لِي قَالَ: وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمَانَ "

ص: 237

336 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: " كَانَ دَاوُدُ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ وَحَوْلَهُ ثَلَاثُونَ أَلْفًا يَحْرُسُونَهُ فَتَسَوَّرَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ الْمِحْرَابَ، فَفَزِعَ مِنْهُمَا، فَقَالَا:{لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} [ص: 22] إِلَى قَوْلِهِ: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]

⦗ص: 238⦘

فَسَجَدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً يَبْكِي، حَتَّى نَبَتَ حَوْلَهُ مِنَ الْعُشْبِ مَا غَطَّى رَأْسَهُ. فَقَالَ: يَا رَبِّ قَرِحَ جَبِينِي، وَلَا أَرَى خَطِيئَتِي تُذْكَرُ. قَالَ: يَا دَاوُدُ، أَجَائِعٌ فَتُطْعَمَ، أَمْ عَطْشَانُ فَتُسْقَى، أَمْ عَارٍ فَتُكْسَى؟ قَالَ: فَنَحِبَ نَحْبَةً هَاجَ مَا حَوْلَهُ. أَيْ: يَبِسَ "

ص: 237

337 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، قَالَ:«لَوْ عُدِلَ بُكَاءُ دَاوُدَ بِبُكَاءِ أَهْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ آدَمَ، لَعَدلَ بُكَاءُ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم بِبُكَاءِ أَهْلِ الْأَرْضِ»

ص: 238

338 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ:«أَنَّ دَاوُدَ نَقَشَ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ لِكَيْ لَا يَنْسَاهَا. وَكَانَ إِذَا رَآهَا اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ»

ص: 238

339 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:" سَأَلَ دَاوُدُ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ. فَكَانَ لَا يَتَنَاوَلُ طَعَامًا، وَلَا شَرَابًا، وَلَا يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى شَيْءٍ إِلَّا أَبْصَرَ خَطِيئَتَهُ فَأَبْكَاهُ قَالَ: فَكَانَ رُبَّمَا أُتِيَ بِالْقَدَحِ ثُلُثَاهُ مَاءٌ فَيُهْرِيقُهُ يَتَنَاوَلُهُ، فَيَنْظُرُ إِلَى خَطِيئَتِهِ، وَلَا يَضَعُهُ عَلَى شَفَتِهِ حَتَّى يُفِيضَ مِنْ دُمُوعِهِ "

ص: 239

340 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَثَلَ عَيْنَيْ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم كَالْقِرْبَتَيْنِ تَنْطِفَانِ مَاءً ، وَلَقَدْ كَانَتِ الدُّمُوعُ خَدَّدَتْ فِي وَجْهِهِ كَأُخْدُودِ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ»

ص: 239

341 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، قَالَ:«خَرَّ دَاوُدُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا سَاجِدًا، حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ حَوْلَهُ» قَالَ: يَا رَبِّ " قَرِحَ الْجَبِينُ، وَرَقَأَ الدَّمْعُ، وَلَا أَرَى خَطِيئَتِي تُذْكَرُ

⦗ص: 240⦘

فَقِيلَ لَهُ: يَا دَاوُدُ أَجَائِعٌ فَتُطْعَمَ، أَمْ ظَمْآنُ فَتُسْقَى، أَمْ مَظْلُومٌ فَتُنْصَرَ؟ قَالَ: فَنَحَبَ نَحْبَةً هَاجَ مَا هُنَاكَ قَالَ: فَغَفَرُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ "

ص: 239

342 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ:" لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، حَتَّى قَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَوَّلُ أَمْرِكَ ذَنْبٌ ، وَآخِرُهُ مَعْصِيَةٌ؟ قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَمَكَثَ حَيَاتَهُ لَا يَشْرَبُ شَرَابًا إِلَّا مَزَجَهُ بِدُمُوعِهِ، وَلَا يَأْكُلُ طَعَامًا إِلَّا بَلَّهَ بِدُمُوعِهِ، وَلَا يَضْطَجِعُ عَلَى فِرَاشٍ إِلَّا أَغَرَاهُ، أَوْ أَعَرَاهُ شَكَّ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِدُمُوعِهِ فَانْهَرَمَ. فَكَانَ لَا يُدْفِئُهُ لِحَافٌ "

ص: 240

343 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ الْبُرْجُلَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: " سَجَدَ دَاوُدُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، حَتَّى دَبِرَتْ جَبْهَتُهُ، وَدَبِرَتْ رُكْبَتَاهُ، وَنَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِ عَيْنَيْهِ. قَالَ: فَأَخَذَ فِي نَحْوٍ مِنَ الدُّعَاءِ فَقَالَ: يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ حَجَزْتَنِي عَنِ الْخَطِيئَةِ

⦗ص: 241⦘

فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُسْتَجَابُ لَهُ، أَخَذَ فِي نَحْو مِنَ النِّيَاحَةِ. قَالَ: فَرِحَمَهُ اللَّهُ وَقِيلَ لَهُ: يَا دَاوُدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ تَغْفِرُ لِي وَأَنْتَ حَكَمٌ عَدْلٌ؟ فَقِيلَ لَهُ: أَسْتَوْهِبُ فُلَانًا ظُلْمَكَ إِيَّاهُ، فَيَهَبُهُ لِي، فَأَغْفِرُهُ لَكَ، ثُمَّ أُعْطِيهِ مِنْ قِبَلِي حَتَّى يَرْضَى. فَقَالَ: يَا رَبِّ الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ غَفَرْتَ لِي. فَرَفَعَ رَأْسَهُ "

ص: 240

344 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ:«مَا زَالَ يُرْعِدُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. وَمَا وَصَلَ إِلَى أُنْثَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَا شَرِبَ شَرَابًا إِلَّا مَزَجَهُ بِدُمُوعِ عَيْنَيْهِ»

ص: 241

345 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، يَقُولُ:«خَرَّ دَاوُدُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً سَاجِدًا يَبْكِي، فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَمَا فِي جَبِينِهِ لُحَاذَةٌ مِنْ لَحْوٍ»

ص: 241

346 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَارُونَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ أَظُنُّهُ ابْنَ قَيْمَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ:

⦗ص: 242⦘

" كَتَبَ دَاوُدُ فِي كَفِّهِ: دَاوُدُ الْخَطَّاءُ "

ص: 241

347 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:" كَانَ يُقَالُ: إِنَّ دَاوُدَ نَقَشَ فِيَ كَفِّهِ خَطِيئَتَهُ فَكَانَ إِذَا رَآهَا اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ وَهَاجَتْ دُمُوعُهُ "

348 -

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَذَكَرَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: «ضَاقَ صَدْرُ دَاوُدَ بِالْخَطِيئَةِ حَتَّى نَقَشَهَا فِي كَفِّهِ، فَكَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا صَرَخَ كَمَا تَصْرُخُ الثَّكْلَى»

ص: 242

349 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُرْدُنِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقُ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«نَقَشَ دَاوُدُ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ لِكَيْ لَا يَنْسَاهَا، فَكَانَ إِذَا رَآهَا اضْطَرَبَتْ كَفُّهُ»

ص: 242

350 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قُدَامَةَ الرَّمْلِيُّ، قَالَ:" بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ، قَالَ: نَصَبْتُ خَطِيئَتِي نُصْبَ عَيْنَيَّ، لِكَيْ لَا أَغْفَلَ عَنْهَا فَأَقَعَ فِي غَيْرِهَا "

ص: 242

351 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: " سَجَدَ دَاوُدُ حَتَّى دَبِرَتْ جَبْهَتُهُ وَكَفَّاهُ وَرُكْبَتَاهُ، وَبَكَى وَهُوَ سَاجِدٌ

⦗ص: 243⦘

حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِ عَيْنَيْهِ، فَكَانَ يُنَادِي: يَا رَبِّ فَيُقَالُ لَهُ: أَجَائِعٌ فَتُطْعَمَ؟ أَمْ ظَمْآنُ فَتُسْقَى؟ أَمْ عَارٍ فَتُكْسَى؟ وَلَا يُذْكَرُ بِخَطِيئَتِهِ فَكَانَ يَزْفُرُ الزَّفْرَةَ يُهَيِّجُ الْعُودَ مِنَ الْعُشْبِ، فَيَحْتَرِقُ وَيَحْرِقُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْعُشْبِ "

ص: 242

352 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو. . الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ:«كَانَ دَاوُدُ عليه السلام يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ دُمُوعِهِ، وَيَبْكِي حَتَّى يَنْبُتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ، ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى تَنْقَطِعَ قُوَّتُهُ»

ص: 243

353 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ مُجَشِّرِ بْنِ الْحُرِّ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ:«كَانَ دَاوُدُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَرَفَعَ صَوْتَهُ، بَكَى قَائِمًا حَتَّى تَجْرِيَ دُمُوعُهُ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَرْكَعُ، فَيَبْكِي رَاكِعًا حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ عَلَى. .»

ص: 243

354 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ كُلْثُومٍ الْيَمَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " كَانَ لِدَاوُدَ حَشِيَّةٌ مَحْشُوَّةٌ بِالرَّمَادِ يُصَلِّي عَلَيْهَا، فَكَانَ يَسْجُدُ، فَيَبْكِي حَتَّى يَبْتَلَّ مَوْضِعُ سُجُودِهِ. ثُمَّ تَغْلِبُهُ الدُّمُوعُ، فَتَجَرِي حَتَّى تَبْتَلَّ الْحَشِيَّةُ مِنْ تَحْتِهِ

⦗ص: 244⦘

وَكَانَ يُنَادِي فِي سُجُودِهِ: قَرِحَ الْجَبِينُ، وَجَفَّتِ الدَّمْعَةُ، وَخَطِيئَتِي لَمْ تُغْفَرْ فَقِيلَ لَهُ: يَا دَاوُدُ أَظَمْآنُ فَتُسْقَى؟ أَجَائِعٌ فَتُطْعَمُ؟ أَعَارٍ فَتُكْسَى؟ قَالَ: فَازْدَادَ بُكَاءً عَلَى بُكَائِهِ، وَأَخَذَ فِي الْأَنِينِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ النَّحِيبِ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رُحِمَ، فَغُفِرَ لَهُ "

ص: 243

355 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ: أَنَّ دَاوُدَ حَشَا سَبْعَةَ فُرُشٍ بِالرَّمَادِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى أَنْفَذَ بِهَا دُمُوعَهُ "

ص: 244

357 -

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا

⦗ص: 245⦘

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، " أَنَّ دَاوُدَ، دَعَا غَلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ شَمْعُونُ، فَنَزَعَ عَنْهُ ثِيَابَ الْمُلْكِ، وَأَلْبَسَهُ خَوْذِيًّا، وَرَبَطَ وَسَطَهُ بِشَرِيطٍ وَقَالَ: قُدْنِي الْآنَ كَمَا يُقَادُ الْمُرِيبُ إِلَى الْعُقُوبَةِ قَالَ: فَقَادَهُ إِلَى الْمِحْرَابِ فَخَرَّ سَاجِدًا "

ص: 244

359 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَغَيْرُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ:

⦗ص: 246⦘

حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ: كَانَ لِدَاوُدَ يَوْمٌ يَتَأَوَّهُ فِيهِ فَيَقُولُ: «أَوَّهْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوَّهْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ قَبْلَ أَلَّا أَوَّهْ» قَالَ: فَذَكَرَهَا صَفْوَانُ فِي مَجْلِسِهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَغَلَبَهُ الْبُكَاءُ، فَقَامَ

ص: 245

360 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَغَيْرُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ:«كَانَ دَاوُدُ إِذَا ذَكَرَ عَذَابَ اللَّهِ تَخَلَّعَتْ أَوْصَالُهُ، لَا يَشُدُّهَا إِلَّا الْأَسْرُ، فَإِذَا ذَكَرَ رَحْمَةَ اللَّهِ تَرَاجَعَتْ»

ص: 246

362 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَطَّافٍ، قَالَ:«كَانَ دَاوُدُ إِذَا أَخَذَ الْإِنَاءَ بِيَدِهِ لِيَشْرَبَ، بَكَى حَتَّى يَفِيضَ الْإِنَاءُ مِنْ دُمُوعِهِ»

ص: 246

365 -

حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ:" كَانَ دَاوُدُ إِذَا عُوتِبَ فِي كَثْرَةِ الْبُكَاءِ قَالَ: دَعُونِي أَبْكِ قَبْلَ يَوْمِ الْبُكَاءِ، قَبْلَ احْتِرَاقِ الْعِظَامِ وَاشْتِعَالِ اللِّحَى، قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِي مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "

ص: 247

366 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُخْتَارٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ بَعْضِ إِخْوَانِهِ: أَنَّ دَاوُدَ كَانَ مِمَّا يَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ فَيَضِيقُ بِهَا، وَيَخْرُجَ مِنْ جِبَالِ بَيْتِ

⦗ص: 248⦘

الْمَقْدِسِ سَائِحًا، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ عُبَّادُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْغِيرَانِ كَأَنَّهُمُ الشِّنَانُ، فَيَقُولُ دَاوُدُ:«إِلَيْكُمْ إِلَيْكُمْ، إِنَّمَا أُرِيدُ كُلَّ خَطَّاءٍ يَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِهِ» قَالَ: فَيَتَّبِعُونَهُ، وَيَبْكُونُ بِبُكَائِهِ

ص: 247

367 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ صَدَقَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«كَانَتْ لِدَاوُدَ سَجْدَةٌ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، يَبْكِي فِيهَا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، لَمْ تَبْقَ دَابَّةٌ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا أَنْصَتْنَ لَهُ، يَسْتَمِعْنَ صَوْتَهُ وَيَبْكِينَ»

ص: 248

368 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ:" لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، نَفَرَتِ الْوَحْشُ مِنْ حَوْلِهِ، فَنَادَى: إِلَهِي رُدَّ عَلَيَّ الْوَحْشَ كَيْ آنَسَ بِهَا فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الْوَحْشَ، فَأَحَطْنَ بِهِ، وَأَصْغَيْنَ بِأَسْمَاعِهِنَ نَحْوَهُ. قَالَ: وَرَفَعَ صَوْتَهُ يَقْرَأُ الزَّبُورَ، وَالْبُكَاءُ عَلَى نَفْسِهِ، فَنَادَيْنَهُ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا دَاوُدُ، ذَهَبَتِ الْخَطِيئَةُ بِحَلَاوَةِ صَوْتِكَ "

ص: 248

369 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ

⦗ص: 249⦘

فِي قَوْلِهِ: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10] قَالَ: «نُوحِي مَعَهُ ، وَالطَّيْرُ تُسْعِدُكَ عَلَى ذَلِكَ» فَكَانَ إِذَا نَادَى بِالنِّيَاحَةِ أَجَابَتْهُ الْجِبَالُ بِصَدَاهَا، وَعَكَفَتِ الطَّيْرُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِهِ ، قَالَ: فَصَدَى الْجِبَالِ الَّذِي تَسْمَعُهُ مِنْ ذَاكَ

ص: 248

370 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَاةُ بْنُ كُلَيْبٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ:«كَانَ دَاوُدُ إِذَا قَرَأَ تَصَرَّعَتِ الطَّيْرُ حَوْلَهُ، وَوَقَفَتِ الْمِيَاهُ الَّتِي تَجْرِي، لِحُسْنِ صَوْتِهِ، وَكَانَ يَبْكِي حَتَّى يَنْبُتَ الْعُشْبُ حَوْلَهُ»

ص: 249

371 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ:«بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ كَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ عَكَفَتِ الْوحُوشُ وَالسِّبَاعُ حَوْلَ مِحْرَابِهِ، حَتَّى يَمُوتَ بَعْضُهَا هَزِلًا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ»

ص: 249

372 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ مُجَشِّرِ بْنِ الْحُرِّ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ:«كَانَ دَاوُدُ عليه السلام إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالزَّبُورِ، لَمْ يَسْمَعْهُ شَيْءٌ إِلَّا حَجَلَ»

⦗ص: 250⦘

قَالَ مُحَمَّدٌ: فَقُلْتُ لِمُجَشِّرٍ: مَا حَجَلَ؟ قَالَ: كَهَيْئَةِ الرَّقْصِ

ص: 249

374 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُضَرَ قَالَ: «كَانَ دَاوُدُ إِذَا قَرَأَ، مَاتَتِ الْوحُوشُ هَزْلًا حَوْلَ مِحْرَابِهِ، مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ»

ص: 250

375 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ قُثَمَ، قَالَ:" كَانَ دَاوُدُ إِذَا قَرَأَ تَرَكَتِ الطَّيْرُ أَوْكَارَهَا، وَتَرَكَتِ الْوحُوشُ أَوْطَانَهَا، حَتَّى تُحِيطَ بِهِ قَالَ: فَرُبَّمَا مُوِّتَتْ هَزْلًا مِنْ قِرَاءَتِهِ "

ص: 250

376 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ: «كَانَ دَاوُدُ يُسَمَّى النَّوَّاحَ»

ص: 250

377 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأُمَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَوَّاتٍ " أَنَّ دَاوُدَ لَمَّا أَطَالَ الْبُكَاءَ عَلَى نَفْسِهِ قِيلَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى قَبْرِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ، فَاسْتَوْهِبْ مَا صَنَعْتَ فَأَتَى الْقَبْرَ، وَأَذِنَ اللَّهُ لِصَاحِبِ الْقَبْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَنَادَى: يَا أُورِيَّا أَنَا دَاوُدُ لَكَ عِنْدِي مَظْلَمَةٌ. قَالَ: قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ. فَانْصَرَفَ وَقَدْ طَابَتْ نَفْسُهُ. فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنِ ارْجِعْ فَبَيِّنْ لَهُ الَّذِي صَنَعْتَ. فَرَجَعَ، فَأَخْبَرَهُ، فَنَادَاهُ صَاحِبُ الْقَبْرِ: يَا دَاوُدُ هَكَذَا تَفْعَلُ الْأَنْبِيَاءُ؟ "

ص: 251

378 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، قَالَ:«قَالَ دَاوُدُ» إِلَهِي أَصْبَحَ عَدُوُّكَ الشَّيْطَانُ يُعَيِّرُنِي، يَقُولُ: يَا دَاوُدُ أَيْنَ كَانَ رَبُّكَ حِينَ وَاقَعْتَ الْخَطِيئَةَ؟ "

ص: 251

379 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ زِيَادٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، جَعَلَ يَفْزَعُ إِلَى الْعِبَادِ، فَيبَكَى إِلَيْهِمْ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ وَيَبْكُونَ إِلَيْهِ

⦗ص: 252⦘

فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مُنْفَرِدًا، فَنَادَاهُ: أَنَا دَاوُدُ نَبِيُّ اللَّهِ، صَاحِبُ الْخَطِيئَةِ، أَوَ مَا بَلَغَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ؟ فَبَكَى الرَّجُلُ بُكَاءً شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: يَا دَاوُدُ قَدْ بَلَغَتْ خَطِيئَتُكَ إِلَى الْعَظَاءَةِ فِي جُحْرِهَا، فَكَيْفَ لَمْ تَبْلُغْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ فَبَكَى دَاوُدُ، وَخَرَّ سَاجِدًا. فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ "

ص: 251

380 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: فِي قَوْلِهِ: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أُمِرَ بِمِنْبَرٍ رَفِيعٍ، فَوُضِعَ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ نُودِيَ: يَا دَاوُدُ مَجِّدْنِي بِذَاكَ الصَّوْتِ الْحَسَنِ الرَّخِيمِ الَّذِي كُنْتَ تُمَجِّدُنِي بِهِ فِي الدُّنْيَا قَالَ: فَيَسْتَفْرِغُ صَوْتُ دَاوُدَ جَمِيعَ نَعِيمِ الْجِنَانِ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] "

ص: 252

381 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: «لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، اعْتَزَلَ النِّسَاءَ، وَلَزِمَ الْعِبَادَةَ، حَتَّى سَقَطَ»

ص: 252

382 -

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ:«لَمْ يُجَامِعْ دَاوُدُ امْرَأَةً بَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ»

ص: 253

383 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُخْتَارٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ: «كَانَ دَاوُدُ إِذَا بَكَى نَفْسَهُ عَكَفَتِ الْوحُوشُ حَوْلَهُ، حَتَّى يَمُوتَ بَعْضُهَا هَزْلًا»

ص: 253

385 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا، يَذْكُرُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، خَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، حَتَّى نَبَتَ مِنْ دُمُوعِ عَيْنَيْهِ مِنَ الْبَقْلِ مَا غَطَّى رَأْسَهُ، فَنَادَى: رَبِّ قَرِحَ الْجَبِينُ، وَخَمَدَتِ الْعَيْنُ، وَدَاوُدُ لَمْ يُرْجَعْ إِلَيْهِ فِي خَطِيئَتِهِ شَيْءٌ

⦗ص: 254⦘

فَنُودِيَ: أَجَائِعٌ فَتُطْعَمَ؟ أَمْ مَرِيضٌ فَتُشْفَى؟ أَمْ مَظْلُومٌ فَتُنْصَرَ؟ قَالَ: فَنَحِبَ نَحْبَةً هَاجَ مَا حَوْلَهُ. فَعِنْدَ ذَلِكَ تِيبَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَانَتْ خَطِيئَتُهُ فِي كَفِّهِ يَقْرَؤُهَا قَالَ: وَكَانَ يُؤْتَى بِالْإِنَاءِ لِيَشْرَبَ، فَمَا يَشْرَبُ إِلَّا ثُلُثَهُ، أَوْ نِصْفَهُ، ثُمَّ يَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، فَيَنْتَحِبُ النَّحْبَةَ، تَكَادُ مَفَاصِلُهُ يَزُولُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. ثُمَّ مَا يُتِمُّهُ حَتَّى يَمْلَأَهُ مِنْ دُمُوعِهِ قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ دَمْعَةَ دَاوُدَ تَعْدِلُ دَمْعَةَ الْخَلَائِقِ، وَدَمْعَةَ آدَمَ تَعْدِلُ دَمْعَةَ دَاوُدَ وَدَمْعَةَ الْخَلَائِقِ "

ص: 253

386 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، قَالَ:«لَوْ عُدِلَ بُكَاءُ الْخَلَائِقِ بِبُكَاءِ دَاوُدَ حِينَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ لَعَدَلَهُ، وَلَوْ عُدِلَ بُكَاءُ الْخَلَائِقِ وَبُكَاءُ دَاوُدَ بِبُكَاءِ آدَمَ حِينَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ لَعَدَلَهُ»

ص: 254

387 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي. قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، وَأَلْزَمْتَ عَارَهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: كَيْفَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ لَا تَظْلِمُ أَحَدًا؟ أَعْمَلُ أَنَا الْخَطِيئَةَ ، وَتُلْزِمُ عَارَهَا بِغَيْرِي

⦗ص: 255⦘

فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنَّكَ لَمَّا اجْتَرَأْتَ عَلَيَّ بِالْمَعْصِيَةِ، لَمْ يَعْجَلُوا عَلَيْكَ بِالنُّكْرَةِ "

ص: 254

388 -

حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْأَشْرَسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفُورِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ:" كَانَ دَاوُدُ يَخْتَارُ مُجَالَسَةَ الْمَسَاكِينِ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَيُكْثِرُ الْبُكَاءَ، ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِلْمَسَاكِينِ وَالْخَطَّائِينَ كَيْ تَغْفِرَ لِي مَعَهُمْ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَدْعُو عَلَى الْخَطَّائِينَ "

ص: 255

389 -

حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْأَشْرَسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفُورِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ دَاوُدُ: «رَبِّ لَا أَنْسَى خَطِيئَتِي، كَيْ أَحْزَنَ وَأَبْكِيَ عَلَيْهَا، وَأَسْتَغْفِرَكَ مِنْهَا»

ص: 255

390 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ:«كَانَ دَاوُدُ يُرَدِّدُ صَوْتَهُ إِذَا قَرَأَ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَبْكِيَ وَيُبْكِيَ»

ص: 255

391 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْعَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا الصَّنْعَانِيِّونَ، عَنْ وَهْبٍ قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، جَعَلَ يَخْرُجُ إِلَى الْبَرَارِيِّ فَيَبْكِي وَتَبْكِي الْوحُوشُ مَعَهُ. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَبْكِي، فَيَبْكُونَ مَعَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيَبْكِي، وَيَبْكُونَ مَعَهُ ،

⦗ص: 256⦘

فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، لَا يُرْجَعُ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ، خَرَّ سَاجِدًا، فَبَكَى حَتَّى نَبَتَ الْبَقْلُ مِنْ دُمُوعِهِ. ثُمَّ نَحِبَ، فَهَاجَ الْعُودُ، فَاحْتَرَقَ مِنْ زَفِيرِهِ، فَنُودِيَ: يَا دَاوُدُ أَمَظْلُومٌ فَتُنْصَرَ؟ أَعَارٍ فَتُكْسَى؟ أَظَمْآنُ فَتُسْقَى؟ أَجَائِعٌ فَتُطْعَمَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَوْبَقَتْنِي خَطِيئَتِي. قَالَ: فَلَمْ يُرْجَعْ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ. فَجَعَلَ يَئِنُّ فِي سُجُودِهِ عِنْدَ آخِرِ بُكَائِهِ، ثُمَّ انْقَطَعَ صَوْتُهُ، فَكَانَ لَا يُسْمَعُ لَهُ إِلَّا شِبْهُ الْأَنِينِ الْخَفِيِّ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رُحِمَ "

ص: 255

392 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ:" لَمْ يَزَلْ دَاوُدُ يَبْكِي حَتَّى أَوَتْ لَهُ الْوَحْشُ، وَعَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْرُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ نَادِي: إِلَهِي قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا مِنْ عِظَمِ مَا أَتَيْتُ إِلَى نَفْسِي. إِلَهِي قَدْ قَرِحَ الْجَبِينُ، وَحَنِيَ الصُّلْبُ، وَغَاضَتِ الدُّمُوعُ، وَخَطِيئَتِي لَمْ تُغْفَرْ لِي قَالَ: فَجَعَلَ يَنُوحُ عَلَى هَذَا وَنَحْوِهِ. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رُحِمَ "

ص: 256

393 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ صَاحِبِ الْحَرِيرِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: " مَكَثَ دَاوُدُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا سَاجِدًا يَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِهِ، حَتَّى نَبَتَ الْبَقْلُ مِنْ دُمُوعِهِ. ثُمَّ زَفَرَ زَفْرَةً فَهَاجَ الْعُودُ. قَالَ: فَنُودِيَ: أَظَمْآنُ فَتُسْقَى؟ أَجَائِعٌ فَتُطْعَمَ؟ أَعَارٍ فَتُكْسَى؟

⦗ص: 257⦘

قَالَ: فَلَمْ يُرْجَعْ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ. فَازْدَادَ بُكَاءً حَتَّى انْقَطَعَ صَوْتُهُ، فَكَانَ لَا يُسْمَعُ لَهُ إِلَّا كَهَيْئَةِ الْأَنِينِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ غُفِرَ لَهُ "

ص: 256

394 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الطَّوِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، نَقَصَ حُسْنُ صَوْتِهِ. فَكَانَ يَقُولُ:«بُحَّ صَوْتِي فِي صَفَاءِ أَصْوَاتِ الصِّدِّيقِينَ»

ص: 257

395 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، جَعَلَ يَبْكِي إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَبْكُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَيَبْكِي إِلَى الْوحُوشِ وَتَبْكِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ، فَتَعْكُفُ عَلَيْهِ الطَّيْرُ، فَتَبْكِي لِبُكَائِهِ ثُمَّ تَضِيقُ بِهِ خَطِيئَتُهُ، فَيَسِيحُ فِي الْجِبَالِ، فَيُنَادِي: إِلَيْكَ رَهِبْتُ إِلَهِي مِنْ عَظِيمِ جُرْمِي. فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، فَيَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَيَدْخُلَ بَيْتَ عِبَادَتِهِ، فَلَا يَزَالُ مُصَلِّيًا، بَاكِيًا، سَاجِدًا. قَالَ: فَأَتَاهُ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ، فَنَادَاهُ: يَا أَبَتَاهُ هَجَمَ اللَّيْلُ، وَأَفْطَرَ الصَّائِمُونَ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ أَبَاكَ لَيْسَ كَمَا كَانَ يَكُونُ إِنَّ أَبَاكَ قَدْ وَقَعَ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ إِنَّ أَبَاكَ عَنْكَ وَعَنْ عَشَائِكَ مَشْغُولٌ.

⦗ص: 258⦘

قَالَ: فَرَجَعَ الْغُلَامُ بَاكِيًا إِلَى أُمِّهِ، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَدْ جَاءَ اللَّيْلُ، وَحَضَرَ فِطْرُ الصَّائِمِ، أَلَا نَأْتِيكَ بِطَعَامِكَ؟ قَالَ: فَنَادَاهَا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ: وَمَا يَصْنَعُ دَاوُدُ بِالطَّعَامِ بَعْدَ رُكُوبِ الْخَطِيئَةِ؟ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى هَذَا، حَتَّى غُفِرَ لَهُ "

ص: 257

396 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جِمَازٍ الْبَكَّاءُ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: كَانَ دَاوُدُ " إِذَا بَكَى تَصَرَّعَتِ الطَّيْرُ حَوْلَهُ رَحْمَةً لَهُ مِنْ طُولِ بُكَائِهِ وَكَانَ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَجُولُ فِي الْبَرَارِيِّ، يَقُولُ: إِلَهِي خَطِيئَتِي خَطِيئَتِي، لَمْ تَقِرَّ بِيَ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا ، إِلَهِي إِلَهِي، خَطِيئَتِي خَطِيئَتِي فَكَانَ يَجُولُ وَيَبْكِي

ص: 258

397 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ إِذَا ذَكَرَ الْخَطِيئَةَ فِي اللَّيْلِ، خَرَجَ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ يَبْكِي وَيَقُولُ: إِلَيْكَ رَفَعْتُ رَأْسِي يَا سَاكِنَ السَّمَاءِ ، نَظَرَ الْعَبِيدِ إِلَى أَرْبَابِهَا يَا عَامِرَ السَّمَاءِ. ثُمَّ لَا يَزَالُ يَبْكِي حَتَّى يُصْبِحَ "

ص: 258

398 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ مُوَرِّعٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:" كَانَ بُكَاءُ دَاوُدَ بَعْدَمَا غُفِرَتْ لَهُ الْخَطِيئَةُ، أَكْثَرَ مِنْ بُكَائِهِ قَبْلَ الْمَغْفِرَةِ. فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ غُفِرَ لَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: فَكَيْفَ بِالْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ؟ "

ص: 258

399 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ

⦗ص: 259⦘

مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ يَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ النِّسَاءُ شَجَرَةٌ مُرَّةٌ، فَإِذَا مَرَرْنَ بِكُمْ فَغُضُّوا أَعْيُنَكُمْ، وَاذْكُرُوا مَعَادَكُمْ كَيْ لَا تَقَعُوا فِيمَا وَقَعَ فِيهِ دَاوُدُ الْخَاطِئُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ. وَكَانَ يَقُولُ: رَبِّ أَمِدُّ عَيْنِي بِالدُّمُوعِ، وَجَبْهَتِي بِالسٌّجُودِ، وَرُكْبَتِي بِالرُّكُوعِ، وَضَعْفِي بِالْقُوَّةِ، حَتَّى أَبْلُغَ رِضَاكَ عَنِّي. سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ "

ص: 258

400 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ شُمَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْهَيْثَمَ بْنَ جَمَّازٍ قَالَ: «كَانَ لِدَاوُدَ سَبْعَةُ أَفْرِشَةٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً، وَحَوْلَهُ ثَلَاثُمِائَةِ بَكَّاءٍ، فَيَبْكِي حَتَّى تَصِلَ دُمُوعُهُ إِلَى الْأَرْضِ»

ص: 259