المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌آداب السؤال عند المتعلمين - السؤال في القرآن الكريم وأثره في التربية والتعليم

[أحمد ضليمي]

الفصل: ‌آداب السؤال عند المتعلمين

‌آداب السؤال عند المتعلمين

تمهيد

يعدّ السؤال من أهم وسائل بناء الجانب التعليمي لدى المتعلم، فعن طريق السؤال يستطيع المتعلم أن ينمي هذا الجانب، وذلك بما يضيفه إليه من خبرات تعليمية عديدة ولكن استخدام السؤال من قبل المتعلم لتحقيق الهدف المتقدم لا يمكن أن يتحقق ما لم يلتزم المتعلم بضوابط ومعايير يتحقق في ضوء التمسك بها ذلك الهدف، لذلك أرشد المربون والمختصون في مجال التربية التعليم إلى ضرورة التزام المتعلم بتلك الضوابط والمعايير والتمسك بها من أجل تحقيق ما يطمح إليه.

ولقد سبق القرآن الكريم إلى تنبيه المتعلم إلى تلك الضوابط والمعايير، وتوجيهه إلى ضرورة التحلي بها وجعلها أساساً ومنطلقاً لنشاطاته التعليمية، ومن أهم ضوابط وآداب السؤال التي أرشد إليها القرآن الكريم ما يلي:

(1)

- احتمال عناء السؤال:

وقد قص علينا القرآن الكريم قصة رحلة نبي الله موسى عليه السلام وتحمله المشقة والتعب من أجل الالتقاء بالخضر عليه السلام والتعلم منه. ومما هو جدير بالذكر هنا أن سبب هذه الرحلة كان السؤال، فسؤال بني إسرائيل موسى عليه السلام أي الناس أعلم كان سبب خروجه وطلبه ملاقاة الخضر وقد احتل السؤال مكاناً بارزاً في القصة: مرة عند سؤال موسى عليه السلام الخضر أن يسمح باتباعه يتعلم منه، ومرات عند سؤاله عما كان يقوم به من أفعال لم تكن حكمتها ظاهرة لديه.

وإذا كان السؤال يكلف صاحبه عناءً ومشقةً، إلا أن فيه فوائد جليلة ومنافع عظيمة. قال الإمام القرطبي: "في هذا - أي في رحلة موسى إلى الخضر

ص: 270

عليهما السلام - من الفقه: رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم. واغتنام لقاء الفضلاء وإن بعدت أقطارهم، وذلك كان دأب السلف الصالح، وبسبب ذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح، وحصلوا على السعي الناجح، فركزت لهم في العلوم أقدام، وصح لهم من الذكر والأجر والفضل أفضل الأقسام"1. وقال الزجاج:"فيما فعل موسى وهو من جملة الأنبياء من طلب العلم والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته"2.

وقال الشيخ السعدي: " في هذه القصة - قصة موسى والخضر - فضيلة العلم والرحلة في طلبه وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة ولقي النصب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر لزيادة العلم على ذلك"3.

(2)

- الحرص على السؤال والتعلم

وقد وجه القرآن الكريم المتعلمين إلى الحرص على السؤال والتعلم حتى لو كان من يتعلم منه أقل فضلاً ممن يتعلم، فنبي الله موسى عليه السلام كان حريصاً على التعلم من الخضر مع كونه أفضل من الخضر، قال تعالى:{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} 4 قال الإمام الرازي: "إن موسى عليه السلام مع كثرة علمه وعمله وعلو منصبه واستجماع موجبات الشرف التام في

1 تفسير القرطبي: م:6، ج: 11، ص:11.

2 فتح القدير: 3/299.

3 عبد الرحمن بن ناصر السعدي: المرجع السابق: 5/32.

4 سورة الكهف: آية: 66.

ص: 271

حقه، ذهب إلى الخضر لطلب العلم وتواضع له"1. وقال الإمام الشوكاني:"في الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب، وليس في ذلك ما يدل على أن الخضر أفضل من موسى، فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل، وقد يأخذ الفاضل عن المفضول إذا اختص أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر، فقد كان علم موسى علم الأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها، وكان علم الخضر علم بعض الغيوب ومعرفة البواطن"2. وقال الشيخ السعدي: "ومن فوائد الآية: تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى بلا شك أفضل من الخضر"3. وقال: "كان موسى أعلم من الخضر بأكثر الأشياء، وخصوصاً في العلوم الإيمانية والأصولية، لأنه من أولي العزم من المرسلين الذين فضلهم الله على سائر الخلق بالعلم والعمل وغير ذلك"4.

(3)

- التلطف في السؤال

ومن آداب المتعلم التلطف والتواضع والاستئذان عند سؤال المعلم، وقد كان نبي الله موسى في غاية التلطف عند سؤال الخضر في اتباعه والتعلم منه، قال تعالى:{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} 5.قال الإمام الشوكاني في تفسير الآية: "في هذا السؤال ملاطفة ومبالغة في حسن الأدب، لأنه استأذنه أن يكون تابعاً له على أن يعلمه مما علمه الله من العلم"6.

وفي الآداب التي اشتملتها الآية يقول الإمام الرازي:

1 تفسير الرازي: م: 11، ج: 21، ص:144.

2 فتح القدير: 3/299.

3 عبد الرحمن بن ناصر السعدي: المرجع السابق: 5/32.

4 نفس المرجع: ص: 30.

5 سورة الكهف: آية: 66.

6 فتح القدير: 3/299.

ص: 272

"اعلم أن هذه تدل على أن موسى عليه السلام راعى أنواعاً كثيرة من الأدب واللطف عندما أراد أن يتعلم من الخضر، فأحدها أنه جعل نفسه تابعاً له لأنه قال {هَلْ أَتَّبِعُكَ} ، وثانيها أنه استأذن في إثبات هذه التبعية، فإنه قال هل تأذن لي أن أجعل نفسي تبعاً لك وهذا مبالغة عظيمة في التواضع"1.

وقال الإمام ابن القيم: "كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يلطف لابن عباس في السؤال، فيعزه بالعلم عزاً"2.

وقال ابن جريج: "لم أستخرج العلم الذي استخرجت من عطاء إلا برفقي به"3. ويرى بدر الدين بن جماعة أن على المتعلم: "أن يحسن خطابه مع الشيخ بقدر الامكان، ولا يقول له لم؟ ولا نسلم، ولا من نقل هذا؟ وأين موضعه؟ وشبه ذلك، فإن أراد استفادته تلطف في الوصول إلى ذلك"4.

(4)

- السؤال عن العلم النافع

والعلم النافع هو العلم الذي يهدي إلى الحق والخير والصواب والهدى، "فكل علم يكون فيه علم وهداية لطريق الخير، وتحذير عن طريق الشر أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضاراً أو ليس فيه فائدة"5.

وينبغي للمتعلم ألا يسأل عما لا فائدة عملية أو مصلحة حقيقية ترجى من ورائه لأن ذلك لا يعود عليه بفائدة في دينه أو دنياه، وقد ذكر القرآن أنواعاً

1 تفسير الرازي: م: 11، ج: 21، ص:152.

2 ابن قيم الجوزية: العلم فضله وشرفه؛ ص: 230 -231.

3 نفس المرجع: ص: 231.

4 بدر الدين بن جماعة: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم؛ ص:101.

5 عبد الرحمن بن ناصر السعدي: المرجع السابق: 5/34.

ص: 273

من الأسئلة بعضها عن المشركين، مثل: السؤال عن الساعة، وبعضها عن اليهود مثل: السؤال عن الروح وهي أسئلة لا ثمرة لها، لذلك كان الجواب أن ذلك من أمر الله ولا يعلمه سواه1.

قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} 2.

وقال تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} 3.

(5)

- التريث وعدم الاستعجال في السؤال

وهو من الآداب الضرورية والهامة للمتعلم، إذ كثيراً ما تأتي اعتراضات المتعلمين ومناقشاتهم وسؤالاتهم نتيجة التعجل وعدم التثبت، أو عدم فهم مراد المعلم وقصده، قال تعالى:{قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} 4 قال القاضي أبو السعود في تفسير الآية: "قوله تعالى: {فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} تشاهده من أفعالي أي لا تفاتحني بالسؤال عن حكمته فضلاً عن المناقشة والاعتراض {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} أي حتى أبتدأ ببيانه، وفيه إيذان بأن كل ما صدر عنه فله حكمة وغاية حميدة البتة، وهذا من أدب المتعلم مع العالم"5.

ويقول الشيخ السعدي: "من فوائد الآية: التأني والتثبت وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء حتى يعرف ما هو المراد منه وما هو المقصود"6.

1 د. يوسف القرضاوي: العقل والعلم في القرآن الكريم: مرجع سابق؛ ص:215.

2 سورة الأعراف: آية: 187.

3 سورة الإسراء: آية: 85.

4 سورة الكهف: آية:70.

5 تفسير أبي السعود:5/235.

6 عبد الرحمن بن ناصر السعدي: المرجع السابق؛ ص: 235.

ص: 274

(6)

- حسن السؤال

وقد سبق أن ذكرنا قول بعض السلف أن حسن السؤال نصف العلم، وقول ابن القيم:"إن أول مراتب العلم حسن السؤال، وإن من الناس من يحرم العلم لعدم حسن سؤاله"1.

وقد دعا القرآن الكريم إلى حسن السؤال والبعد عن الأسئلة السيئة، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} 2 وقد ذكر العلماء عديداً من صور السؤال المجانبة لحسن المسألة، والتي منها ما يلي:

(أ) - السؤال عما لا يعني السائل.

(ب) - المسائل التي نزلت فيها قول الله عزوجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .

(ج) - الإكثار من تفريع المسائل، ومن ثم كره جماعة من السلف السؤال عما لا يقع، لما يتضمن من التكلف في الدين، والتنطع، والرجم بالظن من غير ضرورة3. وعن الزهري قال:"بلغنا أن زيد بن ثابت الأنصاري كان يقول إذا سئل عن الأمر: أكان هذا؟ فإن قالوا: نعم قد كان، حدث فيه بالذي يعلم والذي يرى، وإن قالوا: لم يكن، قال: فذروه حتى يكون"4 "وعن عبادة بن

1 انظر مبحث الأهمية التربوية للسؤال؛ ص:12 -13.

2 سورة المائدة: آية: 101، 102.

3 فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 11/307.

4 سنن الدارمي: المقدمة؛ ص:50.

ص: 275

نسي الكندي وسئل عن المرأة ماتت مع قوم ليس لها ولي، فقال: أدركت أقواماً ما كانوا يشددون تشديدكم ولا يسألون مسائلكم"1.

(د) - السؤال عما لا فائدة فيه

قال الحافظ بن كثير في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} هذا تأديب من الله تعالى لعباده المؤمنين ونهي لهم عن أن يسألوا عن أشياء مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها"2.

(هـ) - السؤال عما يسوء وتشق إجابته

قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} أي لا تسألوا عن أشياء تستأنفون السؤال عنها، فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق، وقد ورد في الحديث:"إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته"3.

(و) - السؤال على سبيل الاستهزاء والعناد

كما في قوله تعالى: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} 4 أي قد سأل هذه المسائل المنهي عنها قوما من قبلكم، فأجيبوا عنها، ثم لم يؤمنوا بها، فأصبحوا بها كافرين، أي بسببها أن بينت لهم، فلم ينتفعوا بها، لأنهم لم يسألوا على وجه الاسترشاد، بل على وجه الاستهزاء والعناد"5.

1 نفس المرجع: المقدمة؛ ص: 51.

2 تفسير ابن كثير: 2/ 108.

3 فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 13/264، كتاب الاعتصام، باب: ما يكره من كثرة السؤال، ح:7286.

4 سورة المائدة: آية: 102.

5 تفسير ابن كثير: 1/109.

ص: 276

(ز) - الأسئلة التعجيزية

التي يراد منها إظهار عدم قدرة المعلم على الإحاطة والإلمام بضروب المعرفة، وقد سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف للحكم على صدق نبوته في ضوء إجابته ولكن الله أنزل وحيه على نبيه مجيباً إياهم عن أسئلتهم التي سألوها، ومع ذلك فقد ذكر بعض المفسرين أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يلزمه أن يكون عالماً بجميع القصص والأخبار1 كما أن ذهاب نبي الله موسى إلى الخضر ليتعلم منه يدل على المعنى ذاته2.

وفي البعد عن هذا النوع من الأسئلة يقول الإمام ابن القيم:

"إذا جلست إلى عالم فسل تفقهاً لا تعنتاً"3.

(7)

- الاعتذار إلى المعلم عند سؤاله فيما لا يرغب أن يسأل فيه

قال تعالى: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} 4.

فقد يرغب بعض المعلمين في تأجيل الأسئلة إلى آخر الدرس، أو عدم السؤال عن أمور بعينها، أو عدم السؤال فيما لا علاقة له بالدرس، أو نحو ذلك، وينبغي للمتعلم أن يحترم رغبة المعلم في ذلك، وإذا بدر منه خلاف ما وجه إليه المعلم، فعليه أن يسارع بالاعتذار والتعهد بعدم تكرار ذلك، وقد وجه القرآن المتعلمين إلى هذا الأدب الرفيع من خلال قصة موسى والخضر عليهما السلام، فقال تعالى: {قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي

1 فتح القدير: 3/297.

2 تفسير الرازي: م: 11، ج: 21، ص:144.

3 ابن قيم الجوزية: العلم فضله وشرفه: مرجع سابق؛ ص:229.

4 سورة الكهف: آية: 76.

ص: 277

عُسْراًً} 1. إن على المتعلم أن يسأل في الوقت المناسب، وفي الحال المناسب، ولا يكثر من الأسئلة فيما لا طائل تحته2.

(8)

- أن يقيم المتعلمون مناقشتهم معلمهم على الأدلة والبراهين

وليس على مجرد الظن، فالمناقشة السليمة هي التي تبنى على الدليل، أما المناقشة التي تبنى على عدم المعرفة بموضوع النقاش فلا تقبل من المتعلم، وهكذا كان التوجيه الرباني لنوح عليه السلام عندما ذهب يسأل ربه الرحمة بابنه، قال تعالى:{وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 3.

وهكذا يقرر القرآن الكريم أن المعرفة بالحقائق والمعلومات شرط أساسي لمناقشتها، لذلك يجب على المتعلم أن يكون على معرفة وفهم وإلمام بما يناقش فيه معلميه.

(9)

- عدم السؤال عن الحقائق بغرض التشكيك فيها أو الاستهزاء بها

وذلك لأن الحقائق لا تقبل التشكيك فيها والاستهزاء بها، كحقائق الإسلام، وما ثبت من حقائق العلم، وإنما تؤخذ مأخذ اليقين والتسليم والإذعان، وإن التشكيك في الحقائق أو الاستهزاء بها يعد تفريطاً في أدب هو من أعظم آداب المتعلم.

1 سورة الكهف: آية: 73.

2 د. يوسف القرضاوي: العقل والعلم في القرآن الكريم: مرجع سابق؛ ص: 214.

3 سورة هود: آية: 45-47.

ص: 278

وقد بين القرآن الكريم أن التشكيك في الحقائق هو من شأن الكافرين، قال تعالى:{يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} 1 قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أي يقول: متى يكون يوم القيامة؟ وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه وتكذيب لوجوده"2.

ومن ثم يتضح أن القرآن الكريم يوجه طالب العلم المسلم إلى احترام الحقائق والتسليم بها وعدم التشكيك فيها أو استبعاد وقوعها وحدوثها.

1 سورة القيامة: آية: 6.

2 تفسير ابن كثير: 4/478.

ص: 279