الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدرسة النبوة، فكان كل واحد منهم أمة في سلوكه، إمامًا في أخلاقه، رغم تفاوتهم في العلم والمعرفة.
وخلاصة هذا الأصل أن لا يهمل المربي مسألتين:
الأولى: مواكبة الخلق للتوحيد من حيث الأولوية في العملية التربوية.
التأكيد على حسن خلق القدوة، لأن الطالب يحاكي مربيه شاء أم أبى، شعر بذلك أم لم يشعر.
ثالثًا: الاتباع لا الابتداع:
لقد كان سلفنا أحرص الناس على الاتباع، وأبعد الناس عن الابتداع، وكان الاتباع عندهم أوسع مما ندركه، وكان الابتداع في الدين عندهم أشمل مما نعرفه، والآيات والأحاديث في ذلك أشهر من أن تذكر، وعبارات السلف في هذا أكثر من أن تحصى.
فالاتباع عندهم في كل صغيرة وكبيرة، والابتداع في الدين عندهم كذلك في كل صغيرة وكبيرة.
عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ وَبِشْرٌ يَخْطُبُنَا فَلَمَّا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ عُمَارَةُ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ إِذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَهَا"
[رواه مسلم وأحمد في مسنده]
والابتداع لا يشمل العبادات فحسب، بل ويشمل الفكر الدخيل على الإسلام كذلك، بل الابتداع الفكري أخطر بكثير من الابتداع في العبادة، لأنه سبب الضلال في المنهاج والطريق، وإذا كان السابقون من المبتدعة من أمثال الخوارج والمعتزلة قد ابتدعوا في العقائد، فإن أحفادهم قد ابتدعوا في المنهاج والسبيل، بدعوى الفكر .. والتجديد.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمى الذين يتكلمون في القدر بغير علم "الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ"[أخرجه أبو دواد والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنه]، فإن الذين يحرفون آيات الله وأحاديث رسوله، بدعوى الفكر والتجديد، إنما هم يهود هذه الأمة، لما يحدثونه من فساد، وتخريب في البلاد والعباد، وليس لهم دواء، إلا دواء عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم لجدهم صبيغ .. وقصة صبيغ معروفة، إذ جاء الصحابة يسألهم عن متشابه القرآن، وأراد أن يعمل فيها بفكره، وأن يفهمها بعقله، دونما الرجوع إلى الأثر والاتباع، وألقى بشبهة على الصحابة، فما كان هؤلاء المتربين على يد سيد المربين صلى الله عليه وسلم، إلا أن أمسكوا عن الجواب، وعزفوا عن الرد، ثم أخبروا عمر رضي الله عنه وعنهم أجمعين بما حدث،