المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: نقد الروايات: - السنة المطهرة والتحديات

[نور الدين عتر]

فهرس الكتاب

- ‌هَدَفُ هَذَا البَحْثِ:

- ‌تَلَقِّي الصَّحَابَةِ لِلْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ:

- ‌الصَّحَابَةُ وَرِوَايَةِ السُنَّةِ:

- ‌تَحَدِّي الفَرَاغَ العِلْمِيَّ فِي الرِّوَايَةِ:

- ‌أُصَولُ المَنْهَجِ العِلْمِيِّ لِلْرِّوَايَةِ فِي القُرْآنِ:

- ‌أَوَّلاً: تَحْرِيمُ الكَذِبِ:

- ‌ثَانِيًا: رَفْضُ خَبَرِ الفَاسِقِ:

- ‌ثَالِثًا: اشْتِرَاطُ العَدَالَةِ لِقَبُولِ خَبَرَ الرَّاوِي:

- ‌رَابِعًا: التَّثَبُّتُ مِنْ كُلِّ قَضِيَّةٍ:

- ‌خَامِسًا: تَحْرِيمُ نَقْلِ الخَبَرِ المَكْذُوبِ:

- ‌تَطْبِيقُ الصَّحَابَةِ لأُصُولِ القُرْآنِ فِي الرِّوَايَةِ:

- ‌عَدَالَةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم بِدَلَالَةِ الوَثَائِقِ العِلْمِيَّةِ:

- ‌قَوَانِينُ الرِّوَايَةِ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ:

- ‌أَوَّلاً: تَقْلِيلُ الرِّوَايَةِ:

- ‌ثَانِيًا: التَثَبُّتُ مِنْ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ تَحَمُّلِهَا وَعِنْدَ أَدَائِهَا:

- ‌ثَالِثًا: نَقْدُ الرِّوَايَاتِ:

- ‌الصَّحَابَةُ وَتَحَدِّيَاتُ الفِتْنَةِ:

- ‌تَحَدِّيَاتُ الثَّقَافَاتِ الأَجْنَبِيَّةِ فِي القَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ:

- ‌السُنَّةُ وَالاحْتِكَاكُ بِالثَّقَافَاتِ الأَجْنَبِيَّةِ المُعَاصَرَةِ:

- ‌أَوَّلاً: الشَكْلُ وَالمَضْمُونُ:

- ‌ثَانِيًا: التَّنَاقُضُ بَيْنَ الأَحَادِيثِ:

- ‌ثَالِثًا: فِي تَطْبِيقِ المُحَدِّثِينَ لِمَنْهَجِ النَّقْدِ:

- ‌مُوَاجَهَتُنَا لِهَذَا التَّحَدِّي بَيَانُ التَّكَامُلِ وَالشُّمُولِ فِي مَنْهَجِ المُحَدِّثِينَ:

- ‌مناقشات وردود حاسمة:

- ‌أولاً ـ مسألة الشكل والمضمون في نقد الرواية:

- ‌ثَانِيًا ـ ادِّعَاءُ التَّعَارُضِ وَالاسْتِشْكَالِ عَلَى الأَحَادِيثِ:

- ‌ثَالِثًا ـ تَطْبِيقُ المُحَدِّثِينَ لِنَهْجِهِمْ النَّقْدِيِّ:

- ‌الخَاتِمَةُ:نَتَائِجَ وَمُقْتَرَحَاتٍ:

- ‌ثبت المراجع:

الفصل: ‌ثالثا: نقد الروايات:

صِدْقِ بَعْضِهِمْ، فإنَّ عمر رضي الله عنه صَرَّحَ في بيان عمله في التثبيت بقوله:«إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ» .

فالواقع أَنَّ من يريد تفسير عمل الصحابة فِي التَثَبُّتِ بِالشَكِّ وَالتُّهْمَةِ لبعضهم شأنه شأن من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، لأنَّ نصوص الروايات التي يستدل بها صريحة في ألفاظها واضحة في عباراتها يقول أصحابها: إِنَّنَا لَمْ نَتَّهِمْ هَذَا الرَّاوِي، ثم يأتي هذا المُتَقَوِّلُ في هذا الزمان ليزعم أَنَّهُ يَتَّهِمُهُ، فمن نُصَدِّقُ؟ أَهََلْ نُصَدِّقُ صاحب المسألة المُتَثَبِّتُ أو نُصَدِّقُ المُتَقَوِّلَ المُخْتَرِعَ لهذا التفسير بعد مَدِيدِ الأجيال والقرون؟

ومن قوانينهم في الرواية:

‌ثَالِثًا: نَقْدُ الرِّوَايَاتِ:

وذلك بعرضها على نصوص وقواعد الشريعة فإذا وجدوا النص المروي مُخَالِفًا لَهَا رَدُّوهُ ولم يعملوا به.

فهذه السَيِّدَةُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فيما أخرجه الشيخان عنها، سَمِعَتْ حَدِيثَ عُمَرَ وَابْنَهُ عَبْدَ اللهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» . فَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "، وَقَالَتْ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} » (1).

(1)[سورة الأنعام، الآية: 164]، [سورة الإسراء، الآية: 15]، [سورة فاطر، الآية: 18]، [سورة الزُمر، الآية: 7].

ص: 150

وفي رواية مسلم أنها قالت: «إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونِّي عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ، وَلَا مُكَذَّبَيْنِ، وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ» (1).

ومن منهج الصحابة في الرواية والبحث عن الرُوَاةِ والأسانيد: الرحلة في طلب الحديث: وهي ظاهرة علمية وحضارية لم يكن لها مثل في التاريخ لا قبل الإسلام ولا بعده إلَاّ عند المسلمين ومنذ فجر تاريخهم أيام الخلفاء الراشدين.

لقد شحذ الصحابة الهِمَمَ وَتَخَطَّوْا الصعاب والعقبات، وقطعوا المسافات من أجل تلقي الحديث من حَمَلَتِهِ وَوُعَاتِهِ، بل سجل لنا التاريخ بالوثائق المؤكدة القاطعة ظاهرة أبلغ وأسمى في هذا الميدان تلك هي الرحلة في طلب الحديث الواحد فقط.

ومن ذلك ما ثبت بالأسانيد الصحاح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه رحل من المدينة المنورة إلى دمشق الشام ليسأل عبد الله بن أنيس الأنصاري عن حديث في القصاص من المظالم بين الناس يوم القيامة، فقال عبد الله بن أنيس: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ، أَوْ قَالَ: يَحْشُرُ اللَّهُ النَّاسَ قال: - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ - عُرَاةً غُرْلاً بُهْمًا» فَقُلْتُ: مَا بُهْمًا؟ قَالَ: «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ» قَالَ: فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلُ النَّارَ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ، وَلَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلُ النَّارَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ.

(1)" البخاري ": في الجنائز: ج 2 ص 77 - 80. و " مسلم ": ج 3 ص 42 - 43 وذكره الزركشي في كتابه " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ": ص 102 - 103 وانظر: ص 76 - 77.

ص: 151