الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب معرفة اللَّه عز وجل والإيمان به]
[رد الشرك]
1 -
باب معرفة اللَّه عز وجل والإيمان به [رد الشرك]
1 / - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قال اللَّه تعالى: أنا أغْنى الشركاءِ عن الشِّركِ، من عملَ عملا أشركَ فيه معِي غيري تَركْته وشركَه» .
رواه مسلم.
ــ
1 -
رواه مسلم كتاب الزهد (4 / 2289)(رقم 2985) .
الشرك باللَّه ينقسم إِلى قسمين:
شركٌ أكبر، وهو أعظم الذنوب؛ لأن اللَّه تعالى أخبر أنه لا يغفر إلا بالتربة منه؛ فمن هذا الشرك: دعاء غير اللَّه والاستغاثة بغير اللَّه والذبح لغير اللَّه والنذر لغير اللَّه.
والقسم الآخر من الشرك: الشرك الأصغر ومنه: الرياء، والحلف بغير اللَّه، وقول الرجل: ما شاء اللَّه وشئت، وقوله: ما لي إلا اللَّه وأنت، وأنا متوكل على اللَّه وعليك.
يقول الشيخ المصنِّف رحمه الله في " كتاب القواعد الأربعة ":
اعلم أرشدك اللَّه لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد اللَّه وحده مخلصا له الدين كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} فإذا عرفت أن اللَّه خلقك لعبادته فاعلم أَنَّ العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أَنَّ الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة، فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النَّار، عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك لعل اللَّه أَنْ يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك باللَّه، الذي قال اللَّه تعالى فيه:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}
وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها اللَّه تعالى في كتابه:
القاعدة الأولى: أَن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقِرون بأن اللَّه تعالى هو الخالق المدبِّر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام.
القاعدة الثانية: أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إِليهم إِلا لطلب القربة والشفاعة.
ودليل الشفاعة قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}
والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبة:
فالشفاعة المنفية ما كانت تطلب من غير اللَّه فيما لا يقدر عليه إلا اللَّه.
والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
والشفاعة المثبة: هي التي تطلب من اللَّه، والشافع مكرمٌ بالشفاعة، والمشفوع له من رضي اللَّه قوله وعمله بعد الإذن، كما قال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}
القاعدة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على أناسٍ متفرقين في عبادتهم؛ منهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الشمس والقمر وقاتلهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينهم.
والدليل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}
ودليل الشمس والقمر قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} فصلت: 37] .
ودليل الملائكة قوله تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا}
ودليل الصالحين قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}
ودليل الأشجار والأحجار قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرةٌ يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول اللَّه اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» ، الحديث (1) .
القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين، لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائمٌ في الرخاء والشدة.
والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}
(1) رواه الترمذي (2180) ، وأَحمد (5 / 218) ، والطيالسي (1346) ، والحميديَ (848) ، وابن عاصم (76) ، وابن حبان (1835) . وسنده صحيحٌ.