الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وجوب العمل وعدم التواكل]
40 -
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
" ما منكم من أحدٍ إلا وقد كتب مقعده من النّارِ ومقعده من الجَنَّةِ " قالوا: يا رسول اللَّه! أفلا نتكل على كتابِنا وندع العمل؟! قال:
" اعملوا فكلٌّ ميسّر لما خلِق له؛ أمّا من كان من أهل السّعادةِ فسييسّر لِعمل أهل السّعادة، وأمّا من كان من أهل الشَّقاوةِ، فسييسّر لِعمل أهل الشّقاوة ثمّ قرأ:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} » [الليل: 6] متّفقٌ عليه.
ــ
40 -
رواه البخاري كتاب الجنائز (3 / 225)(رقم: 1362)، والتفسير (8 / 709) (رقم: 4948، 4949) ، ومسلم كتاب القدر (4 / 2039) (رقم: 2647) .
قال البغوي (1 / 133) : قال الخطابي: قولهم: " أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ": مطالبة منهم بأمر يوجب تعطيل العبودية وذلك إن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن سابق الكتاب إِخبار غيب علم اللَّه سبحانه وتعالى فيهم وهو حجة عليهم، فرام القوم أن يتخذوه حجة لأنفسهم في ترك العمل، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن هاهنا أمرين لا يبطل أحدهما الآخر: باطن: هو العلة الموجبة في حكم الربوبية، وظاهر: هو السمة اللازمة في حق العبودية، وهي إمارة مخيلة غير مفيدة حقيقة العلم، ويشبه أن يكون- واللَّه أعلم- إنما عوملوا بهذه المعاملة وتعبدوا بهذا التعبد ليتعلق خوفهم بالباطن المغيب عنهم ورجاؤهم بالظاهر البادي لهم والخوف والرجاء مدرجتا العبودية ليستكملوا بذلك صفة الإيمان، ويبين لهم أن كلا ميسر لما خلق له، وأن عمله في العاجل دليل مصيره في الآجل، وتلا قوله سبحانه وتعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} وهذه الأمور في حكم الظاهر، ومن وراء ذلك علم اللَّه عز وجل فيهم وهو الحكيم الخبير لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
واطلب نظيره في أمرين من الرزق المقسوم مع الأمر بالكسب ومن الأجل المضروب في العمر مع المعالجة بالطب، فإنك تجد المغيّب فيهما علة موجبة والظاهر البادي سببا مخيلا، وقد اصطلح الناس خواصهم وعوامهم على أن الظاهر فيهما لا يترك بالباطن.