المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

صَرَّحُوا بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.   ‌ ‌[بَابُ الصَّرْفِ] (بَابُ الصَّرْفِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا - العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية - جـ ١

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[فَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِآدَابِ الْمُفْتِي]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَوَائِد]

- ‌[بَابُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَائِدَة أَذَان الْجَوْق]

- ‌[تَتِمَّة فِيمَا يُسْتَحَبّ فَعَلَهُ يَوْم الْجُمُعَةَ وَلَيْلَته وَمَا يَكْرَه]

- ‌[بَاب الْجِنَازَة]

- ‌[بَاب الزَّكَاة وَالْعَشْر]

- ‌[كِتَاب الصَّوْم]

- ‌[كِتَاب الْحَجّ]

- ‌[كِتَاب النِّكَاح]

- ‌[بَاب الْوَلِيّ]

- ‌[بَاب الْكُفْء]

- ‌[بَاب الْمَهْر]

- ‌[مَسَائِل الْجَهَاز]

- ‌[مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ]

- ‌[مِنْ فروع الزِّيَادَة عَلَى الْمَهْر]

- ‌[فَوَائِد]

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[بَاب العنين]

- ‌[بَاب الرَّضَاع]

- ‌[كِتَاب الطَّلَاق]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابٌ الْحَضَانَةُ]

- ‌[بَابٌ النَّفَقَةُ]

- ‌[بَابٌ ثُبُوتُ النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَلَاءِ وَالْآبِقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ]

- ‌[كِتَاب الشَّرِكَة]

- ‌[شَرِكَة الْعِنَانِ]

- ‌[بَاب الرِّدَّة وَالتَّعْزِير]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَة]

- ‌[فَرْعٌ فِي الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ إذَا أَعْيَا بَعِيرَهُ فَتَرَكَهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ لِحَالِهِ]

- ‌[كِتَاب الْوَقْف]

- ‌[الْبَاب الْأَوَّل فِي وَقَفَ الْمَرِيضُ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ النُّظَّارِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ الْحَبْسِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[الْوَكِيلِ الْعَامِّ هَلْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ]

الفصل: صَرَّحُوا بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.   ‌ ‌[بَابُ الصَّرْفِ] (بَابُ الصَّرْفِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا

صَرَّحُوا بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الصَّرْفِ]

(بَابُ الصَّرْفِ)(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَضَائِعَ مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُعَامَلَةَ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا عَقْدُ الْبَيْعِ وَتَسَلَّمَ زَيْدٌ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَدْفَعْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وَنَقَصَ قِيمَتُهَا إلَّا أَنَّهَا رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ فَهَلْ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهَا؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ نَقَصَ قِيمَتُهَا قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَهِيَ رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ فَعَلَى زَيْدٍ الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهَا لِعَمْرٍو الْبَائِعِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَمْ يَنْقُدْهُ حَتَّى تَغَيَّرَ الثَّمَنُ إنْ كَانَتْ لَا تَرُوجُ فِي السُّوقِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ لَكِنْ انْتَقَصَ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَّا ذَلِكَ خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَغَيَّرَتْ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَرُوجُ فِي التِّجَارَاتِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِالْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ فَكَسَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ مَرَّ قَبْلَ هَذَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ تَرُوجُ فِي التِّجَارَاتِ إلَّا أَنَّهُ انْتَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُفْسَخَ فِي نُقْصَانِ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَإِنْ انْقَطَعَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ الْيَوْمَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.

وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ قَبْضِ الثَّمَنِ قُيِّدَ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّهَا إذَا غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمِثْلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ جَوْهَرَةٌ مِنْ الصَّرْفِ وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٌ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ رِسَالَةٌ فِي هَذَا الْخُصُوصِ فَرَاجِعْهَا إنْ رُمْتهَا

(أَقُولُ) وَقَدْ كُنْت أَيْضًا جَمَعْت فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ رِسَالَةً سَمَّيْتهَا تَنْبِيهُ الرُّقُودِ عَلَى مَسَائِلِ النُّقُودِ وَلَخَّصْت فِيهَا رِسَالَةَ التُّمُرْتَاشِيِّ الْمُسَمَّاةَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ وَزِدْت عَلَيْهَا أَشْيَاءَ تَقَرُّ بِهَا عَيْنُ الْوَدُودِ وَيَكْمَدُ بِهَا الْجَاهِلُ الْحَسُودُ وَحَاصِلُ مَا حَرَّرْته فِيهَا أَنَّ الدَّرَاهِمَ إمَّا أَنْ لَا تَرُوجَ وَإِمَّا أَنْ تَنْقَطِعَ وَإِمَّا أَنْ تَزِيدَ قِيمَتُهَا وَإِمَّا أَنْ تَنْقُصَ فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً لَا تَرُوجُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَإِنْ انْقَطَعَتْ بِأَنْ لَا تُوجَدَ فِي السُّوقِ وَلَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِ الصَّيَارِفَةِ أَوْ فِي الْبُيُوتِ فَقِيلَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَيْضًا وَقِيلَ تَجِبُ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ يَوْمِ الِانْقِطَاعِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ فَقِيلَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ غَيْرُهَا أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمِثْلِ وَقِيلَ تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي غَلَبَ غِشُّهَا وَالْفُلُوسُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْخَالِصَةَ أَوْ الْمَغْلُوبَةَ الْغِشِّ لَيْسَ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا إذَا غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ قَطْعًا وَلَا يَجِبُ إلَّا رَدُّ الْمِثْلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَبَيَّنَ نَوْعَهُ كَالذَّهَبِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الرِّيَالِ الْفُلَانِيِّ أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ نَوْعٌ مِنْ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهُ وَلَا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ أَصْلًا وَوَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي زَمَانِنَا أَنَّ الرَّجُلَ يَشْتَرِي بِالْقُرُوشِ فَيَقُولُ بِمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا وَيُرِيدُ بِذَلِكَ بَيَانَ مِقْدَارِ الثَّمَنِ لَا بَيَانَ نَوْعِهِ؛ لِأَنَّ الْقِرْشَ وَكَذَا الرِّيَالُ وَالذَّهَبُ كُلٌّ مِنْهَا أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَنَوْعٌ مِنْهَا بِقِرْشٍ وَنَوْعٌ بِقِرْشَيْنِ وَنَوْعٌ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ وَالْقِرْشُ فِي الْعُرْفِ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ كَانَتْ تُسَاوِي أَرْبَعِينَ مِصْرِيَّةً ثُمَّ صَارَتْ الْآنَ تُسَاوِي سَبْعِينَ مِصْرِيَّةً وَحَيْثُ أُطْلِقَ الْقِرْشُ الْآنَ فَالْمُرَادُ مِنْهُ أَرْبَعُونَ مِصْرِيَّةً وَإِذَا قَالَ بِمِائَةِ قِرْشٍ يُدْفَعُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ أَرَادَ مِنْ أَنْوَاعِ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَالِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ. فَالْمُرَادُ بِالْقُرُوشِ هِيَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ هَكَذَا شَاعَ فِي عُرْفِنَا وَلَا يَفْهَمُونَ مِنْهَا سِوَى بَيَانِ مِقْدَارِ الثَّمَنِ دُونَ نَوْعِهِ

وَنُقِلَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ التُّجَّارِ كَالْمَشْرُوطِ عَنْ فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ

ص: 280

أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي خُوَارِزْمَ أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ ثُمَّ يَنْقُدُونَ ثُلُثَيْ دِينَارٍ مَحْمُودِيَّةٍ أَوْ ثُلُثَيْ دِينَارٍ وَطُسُوجَ نَيْسَابُورِيَّةٍ قَالَ يُجْرَى عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَلَا تَبْقَى الزِّيَادَةُ دَيْنًا عَلَيْهِمْ وَنُقِلَ أَيْضًا عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ التَّرْجُمَانِيِّ لَوْ اسْتَقَرَّتْ الْعَادَةُ فِي بَلَدٍ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ كُلَّ خَمْسَةِ أَسْدَاسٍ مَكَانَ الدِّينَارِ فَالْعَقْدُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَتَعَارَفُونَهُ اهـ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا عَلَيْهِ عُرْفُ زَمَانِنَا وَلَكِنْ قَدْ تَكَرَّرَ فِي زَمَانِنَا وُرُودُ الْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِتَنْقِيصِ سِعْرِ بَعْضِ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ فَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ وَقَعَ عَلَى نَوْعٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا كَالرِّيَالِ الْفِرِنْجِيِّ مَثَلًا فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ دَفْعُ مِثْلِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ.

وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْقُرُوشِ الَّتِي لَا يَتَعَيَّنُ مِنْهَا نَوْعٌ خَاصٌّ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِرَدِّ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ إنَّمَا تُعْلَمُ حَيْثُ عُلِمَ النَّوْعُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ أَنْوَاعَ النُّقُودِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْمَالِيَّةِ وَكَذَا رُخْصُهَا الَّذِي وَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ مُتَفَاوِتٌ فَبَعْضُهَا أَرْخَصُ مِنْ بَعْضٍ وَإِذَا جَعَلْنَا الْخِيَارَ لِلدَّافِعِ كَمَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ قَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ يَحْصُلُ لِلْبَائِعِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ فَإِنَّ الدَّافِعَ يَخْتَارُ مَا رُخْصُهُ أَكْثَرُ فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ بَعْضِ أَنْوَاعِ النُّقُودِ وَقْتَ الْبَيْعِ يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ مَثَلًا صَارَ بَعْدَ الْأَمْرِ يُسَاوِي تِسْعِينَ وَمِنْهُ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً وَتِسْعِينَ فَيَخْتَارُ الْمُشْتَرِي مَا يُسَاوِي تِسْعِينَ وَيَحْسِبُهُ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ كَمَا كَانَ وَقْتُ الْبَيْعِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلْبَائِعِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْخِيَارَ وَقْتَ الْبَيْعِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَيَبْقَى لَهُ الْآنَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ وَقْتُ الْبَيْعِ لَوْ دَفَعَ لَهُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ وَلَوْ كَانَ رُخْصُ الْأَنْوَاعِ الْآن مُتَسَاوِيًا بِلَا ضَرَرٍ لَجَعَلَنَا الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِيَدْفَعَ عَلَى السِّعْرِ الْوَاقِعِ وَقْتَ الْعَقْدِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ كَمَا كُنَّا نُخَيِّرُهُ قَبْلَ الرُّخْصِ لَكِنَّهُ لَمَّا تَفَاوَتَ الرُّخْصُ وَصَارَ الْمُشْتَرِي يَطْلُبُ الْأَنْفَعَ لِنَفْسِهِ وَالْأَضَرَّ عَلَى الْبَائِعِ قُلْنَا لَا خِيَارَ إذْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ.

وَلَمَّا لَمْ أَجِدْ نَقْلًا فِي خُصُوصِ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ تَكَلَّمْت مَعَ شَيْخِي الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ عَصْرِهِ وَأَفْقَهُهُمْ وَأَوْرَعُهُمْ فِيمَا أَعْلَمُ فَجَزَمَ بِعَدَمِ التَّخْيِيرِ وَجَنَحَ إلَى الْإِفْتَاءِ بِالصُّلْحِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ حَتَّى نَجِدَ نَقْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ مَسْأَلَةُ مَا إذَا غَلَبَ الْغِشُّ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَكَانَ الشِّرَاءُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهَا دُونَ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ زَمَانِنَا مِنْ الْعُرْفِ الْحَادِثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِالصُّلْحِ عَلَى دَفْعِ الْمُتَوَسِّطِ فِي الضَّرَرِ دُونَ الْأَعْلَى وَدُونَ الْأَدْنَى فَهَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرْته فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ أَقْمِشَةً مَعْلُومَةً مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فِي الذِّمَّةِ قَدْرُهُ سِتُّمِائَةِ قِرْشٍ وَأَرْبَعُونَ قِرْشًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِضَّةٌ صَحِيحَةٌ وَرُبْعُهُ مَصَارِيٌّ كُلُّ قِرْشٍ سَبْعٌ وَأَرْبَعُونَ مِصْرِيَّةً فِضَّةً مُعَامَلَةَ الْبَلْدَةِ الْمَعْلُومَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ رَخُصَتْ الْمَصَارِيُّ وَصَارَتْ كُلُّ سِتِّينَ مِنْهَا بِقِرْشٍ صَحِيحٍ وَيُرِيدُ الْبَائِعُ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ صِحَاحًا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ حَيْثُ نَقَصَ قِيمَةُ الْمَصَارِيِّ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَهِيَ رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ إنْ غَلَتْ الْفُلُوسُ الَّتِي وَقَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا أَوْ رَخُصَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مِنْ الْفُلُوسِ وَإِنْ نُودِيَ عَلَيْهَا بِالْكَسَادِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ يَوْمَ الْعَقْدِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الْمَصَارِيِّ الْمَعْلُومَةِ الْعِيَارِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ ثُمَّ رَخُصَتْ الْمَصَارِيُّ وَلَمْ يَنْقَطِعْ مِثْلُهَا وَقَدْ تَصَرَّفَ زَيْدٌ بِمَصَارِيِّ الْقَرْضِ وَيُرِيدُ رَدَّ مِثْلِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِنْدَ عَمْرٍو مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَمَنُ بِضَاعَةٍ بَاعَهَا لَهُ بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ زَيْدٌ لَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ بِرِيَالَاتٍ مَعْلُومَةٍ فَصَرَفَ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا

ص: 281