الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْحَوَالَةِ وَكَذَا إذَا جَهِلَ الْحَالَ وَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ وَأَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ رَجَعَ الْمَدْيُونُ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا قَبَضَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[كِتَابُ الْقَضَاءِ]
(كِتَابُ الْقَضَاءِ)(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لَهُ بِذِمَّةِ بَكْرٍ الْغَائِبِ مَبْلَغًا قَدْرُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَذَا وَأَنَّ عَمْرًا الْمَزْبُورَ كَفِيلٌ عَنْ بَكْرٍ كَفَالَةً مُطْلَقَةً بِكُلِّ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ عَمْرٌو بِالْكَفَالَةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَجَازَهَا زَيْدٌ الْمَذْكُورُ وَأَنْكَرَ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ عَلَى بَكْرٍ الْغَائِبِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً فِي وَجْهِ عَمْرٍو شَهِدَتْ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ بِذِمَّةِ بَكْرٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعِي لَدَيْهِ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو الْكَفِيلِ وَبَكْرٍ الْغَائِبِ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ قَضَاءً عَلَى عَمْرٍو الْكَفِيلِ وَبَكْرٍ الْغَائِبِ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُطْلَقَةً كَمَا ذَكَرَ وَأَجَازَهَا الْمُدَّعِي شِفَاهًا يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ قَضَاءً عَلَى عَمْرٍو الْحَاضِرِ وَبَكْرٍ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ صَارَ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ صَرَّحَ بِهَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهَا قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُدُورِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُخْتَصَرِهِ الْمُبَارَكِ الْمَعْرُوفِ بِهِ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ بَاطِلٌ اهـ وَهِيَ دَوَّارَةٌ فِي مُتُونِ الْمَذْهَبِ مِنْ بَابِ التَّحْكِيمِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ مِنْ كُتُبِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إمَامِ دَارِ الْهِجْرَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ اهـ قَالَ شَارِحُهُ التَّتَّائِيُّ كَابْنِهِ وَأَبِيهِ وَزَوْجَتِهِ وَنَحْوِهِمْ اهـ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي التُّحْفَةِ تَحْتَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ فَكَانُوا كَنَفْسِهِ اهـ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُوسَى الْحَجَّاوِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْنَاعِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ الْمُحَدِّثِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَقَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مَوَانِعُ الشَّهَادَةِ سِتَّةٌ أَحَدُهَا قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَمُودِيِّ النَّسَبِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْ وَالِدٍ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا بَعْدَ وُقُوعِ طَلَاقٍ مِنْهُ عَلَيْهَا غَيْبَةً شَرْعِيَّةً وَتَضَرَّرَتْ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُنْفِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِقَاضٍ حَنْبَلِيٍّ فَقَضَى عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ فَهَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؟
(الْجَوَابُ) : يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ كَذَلِكَ بِنَفَاذِ قَضَاءِ الْحَنْبَلِيِّ عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ مِنْ دَعْوَى دَيْنٍ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ الْغَائِبِ وَبِأَخْذِهِ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ شَرِيكِهِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ.
(سُئِلَ) فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَالَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ وَلَا لَهُ أَيْ لَا يَصِحُّ بَلْ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ بَحْرٌ إلَّا بِحُضُورِ نَائِبِهِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قُضِيَ عَلَى غَائِبٍ بِلَا نَائِبٍ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ وَقِيلَ لَا يَنْفُذُ وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِي الْمُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَمَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَرَجَّحَ فِي الْفَتْحِ تَوَقَّفَهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ إلَخْ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ
لَيْسَ قَوْلًا ثَالِثًا بَلْ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي كَمَا فِي الْبَحْرِ وَأَنَّ قَوْلَ التَّنْوِيرِ وَلَوْ قُضِيَ عَلَى غَائِبٍ إلَخْ مَعْنَاهُ لَوْ قَضَى مَنْ يَرَى جَوَازَهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي شَافِعِيًّا يَرَاهُ أَوْ حَنَفِيًّا لَا يَرَاهُ أَوْ خَاصٌّ بِمَنْ يَرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي حَقِّ مَنْ يَرَاهُ لِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ بِتَصْرِيحِ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْحَنَفِيّ وَبِمَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَضَى نَفَذَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَنْفُذُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَفَعَ لِآخَرَ لَا يَنْقُضُهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَقَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا حَاصِلُهُ أَقُولُ قَدْ اضْطَرَبَتْ آرَاؤُهُمْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَلَهُ فَيَنْبَغِي عِنْدِي أَنْ يُحْتَاطَ وَيُلَاحَظُ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَاتُ فَيُفْتَى بِحَسَبِهَا جَوَازًا أَوْ فَسَادًا صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ مَعَ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ ذَهَبَ إلَى جَوَازِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَفِيهِ عِنْدَنَا رِوَايَتَانِ وَالْأَحْوَطُ نَصْبُ وَكِيلٍ عَنْهُ يَعْرِفُ أَنَّهُ يُرَاعِي جَانِبَ الْغَائِبِ وَلَا يُفَرِّطُ فِي حَقِّهِ اهـ مُلَخَّصًا وَارْتَضَاهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لَكِنْ إذَا لُوحِظَ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَةُ يَجِبُ اعْتِبَارُ عَدَمِ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ الْغَائِبِ وَإِحْضَارِهِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ النَّاظِرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ أَنَّهُمْ وَبَقِيَّةُ أَهَالِي قَرْيَةِ كَذَا غَصَبُوا قِطْعَةَ أَرْضٍ مَعَ آخَرِينَ مِنْ مَزْرَعَتِهِ الْجَارِيَةِ تَحْتَ نِظَارَتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِمْ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ؟
(الْجَوَابُ) : الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ فَقَطْ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِمْ لِمَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ إنَّ الْقَضَاءَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي خَمْسَةٍ فَفِي أَرْبَعَةٍ يَتَعَدَّى إلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ بَعْدَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْإِعْتَاقِ وَالنِّكَاحِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ يَقْتَصِرُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ قَصْدًا بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَنِيَابَةٍ وَوَلَاءٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي الثَّانِيَةُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي كَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْقُنْيَةِ وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ ادَّعَتْ تَعْلِيقَ طَلَاقِ نَفْسِهَا بِنِكَاحِ غَيْرِهَا وَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَفِي قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إذْ نِكَاحُ فُلَانَةَ شَرْطُ طَلَاقِهَا فَلَا تَنْتَصِبُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الشَّرْطِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ فِي الْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِلْمُدَّعِي بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ يُنْظَرُ لَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْغَائِبُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَغَيْرِهِ يَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْهُ لَا لَوْ دَائِرًا بَيْنَ نَفْعٍ وَضُرٍّ اهـ. .
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَافَعَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عِنْدَ قَاضٍ بِخُصُوصِ دَعْوَى وَكَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا بِيَدِ زَيْدٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِخُصُوصِ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ لِعَمْرٍو بِخِلَافِ الشَّرْعِ وَأَعْطَاهُ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ نَافِذٍ وَالْحُجَّةُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخِلَافِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَأَعْطَى بِذَلِكَ حُجَّةً لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَلَا يُعْمَلُ بِالْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَالَةَ هَذِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» أَيْ قَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ وَحَكَمَ بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ وَحَكَمَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَكَذَا قَاضٍ قَضَى عَلَى جَهْلٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ
الْقَضَاءُ بِالْحَقِّ مِنْ أَقْوَى الْفَرَائِضِ وَأَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ كُلَّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالتَّعْدِيلِ مَعَ وُجُودِ الْمَنْعِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَهَلْ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ؟
(الْجَوَابُ) : الْقُضَاةُ مَأْمُورُونَ بِالْحُكْمِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ لَا قَبْلَهُ فَلَوْ حَكَمَ قَبْلَهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُفْتِي الْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا فُصِلَتْ الدَّعْوَى مَرَّةً وَحَكَمَ بِهَا بِتَمَامِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ لَا تُعَادُ وَلَا تُسْمَعُ مَرَّةً أُخْرَى؟
(الْجَوَابُ) : الدَّعْوَى مَتَى فُصِلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ (أَقُولُ) هَذَا حَيْثُ لَا فَائِدَةَ فِي إعَادَتِهَا فَلَوْ كَانَ فِيهَا فَائِدَةٌ كَمَا لَوْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِدَفْعٍ صَحِيحٍ فَإِنَّهَا تُعَادُ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا خَلَعَ السُّلْطَانُ وَوَلِيَ السَّلْطَنَةَ غَيْرُهُ وَلِلْمَخْلُوعِ قُضَاةٌ كَانَ وَلَّاهُمْ وَلَمْ يَعْزِلْهُمْ الْمَنْصُوبُ وَلَمْ يُقَرِّرْهُمْ فَهَلْ تَكُونُ قُضَاةُ الْمَخْلُوعِ عَلَى حَالِهِمْ أَحْكَامُهُمْ نَافِذَةٌ وَأُمُورُهُمْ جَائِزَةٌ وَلَا يَنْعَزِلُونَ بِخَلْعِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُمْ الْمَنْصُوبُ أَعَزَّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمُحِيطِ وَالْإِمَامُ الْكَاشَانِيُّ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَاضِلُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِلَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَهِدَايَةِ النَّاطِفِيِّ.
وَعِبَارَةُ الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَاضِي مَا نَصُّهُ وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ أَوْ خُلِعَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ بِأَنْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى خَلْعِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِ وَلَهُ قُضَاةٌ وَوُلَاةٌ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ أَوْ خَلْعِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لِلْمُسْلِمِينَ نُصِّبُوا لِمَصَالِحِهِمْ فَكَانَ نَائِبًا عَنْهُمْ فِي تَقْلِيدِ هَؤُلَاءِ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى حَالِهِمْ فَتَبْقَى نُوَّابُهُمْ عَلَى حَالِهِمْ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَالِي الْمَدِينَةِ وَلَهُ عُمَّالٌ لَا يَنْعَزِلُونَ؛ لِأَنَّهُمْ نُصِّبُوا لِمَصَالِحِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَكَانَ نَائِبًا عَنْهُمْ اهـ وَفِي الْبَدَائِعِ «كُلُّ مَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ عَنْ الْوَكَالَةِ يَخْرُجُ بِهِ الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ» إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا مَاتَ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ وَالْخَلِيفَةُ إذَا مَاتَ أَوْ خُلِعَ لَا تَنْعَزِلُ قُضَاتُهُ وَوُلَاتُهُ.
وَلَوْ اُسْتُخْلِفَ الْقَاضِي بِإِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ خَلِيفَتُهُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا نَائِبُ الْقَاضِي وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ أَيْضًا كَمَا لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي وَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَ الْخَلِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ كَالْوَكِيلِ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي اهـ وَقَالَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ وَإِذَا مَاتَ لَا وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ وَالْعَامَّةِ اهـ لَكِنْ لَوْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْعَزْلُ حَقِيقَةً أَوْ كِنَايَةً كَمَا إذَا قِيلَ لَهُ اصْنَعْ مَا شِئْت فَلَهُ عَزْلُ نَائِبِهِ بِلَا تَفْوِيضِ الْعَزْلِ صَرِيحًا؛ لِأَنَّ النَّائِبَ كَوَكِيلِ الْوَكِيلِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ قَضَاءُ الْأَمِيرِ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلَّى مِنْ الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَقَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَضَاءَ أَمِيرِ مِصْرَ الْمُسَمَّى بِالْبَاشَا مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا الْمُوَلَّى مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ غَيْرُ جَائِزٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَعْوَى شَرْعِيَّةٍ فَأَرْسَلَ زَيْدٌ بَكْرًا رَسُولًا لِيُحْضِرَ عَمْرًا إلَى مَجْلِسِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَكُنْ عَمْرٌو مُتَمَرِّدًا فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَةُ بَكْرٍ عَلَى زَيْدٍ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ أُجْرَةُ بَكْرٍ عَلَى زَيْدٍ الْمُرْسِلِ الْمُدَّعِيَ الْمَذْكُورَ هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَمَرِّدًا فَفِي الْخَانِيَّةِ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ هُوَ الصَّحِيحَ وَالْحَالَةَ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعَلَائِيِّ وَالْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا لَوْ قَضَى شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ عَالِمًا بِالْخِلَافِ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ وَعَلَى كُلِّ مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ مِنْ
الْقُضَاةِ إمْضَاؤُهُ وَالْحَالَةَ هَذِهِ فَلَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَلَوْ قَضَى بِصِحَّةِ بَيْعِهِ نَفَذَ وَهَلْ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ قِيلَ نَعَمْ نَعَمْ لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ صَارَ كَالْحُرِّ عَلَائِيٌّ مِنْ بَابِ التَّدْبِيرِ وَلَوْ فُوِّضَ إلَى غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ عَلَى وَفْقِ مَذْهَبِهِ نَفَذَ إجْمَاعًا بَزَّازِيَّةٌ
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ مَالًا فَأَنْكَرُوهُ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَحُكِمَ بِهِ فَادَّعَوْا الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ مِنْهُ بَعْدَ تَارِيخِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُمْ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ فِي شَتَّى الْقَضَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ دَارٌ مَعْلُومَةٌ وَحِصَصٌ مَعْلُومَاتٌ قَائِمَاتٌ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ وَعِدَّةٌ مِنْ بَقَرٍ وَمِشَدُّ مَسَكَةٍ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ فَبَاعَا ذَلِكَ جَمِيعَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَ كُلٍّ مِنْ الْمَبِيعَاتِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ عَلَى مَذْهَبِهِ لِكَوْنِهِ وَقَّعَ عَلَى الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَهُوَ مِشَدُّ الْمِسْكَةِ وَلَمْ يُبَيَّنْ لِلْمَعْدُومِ ثَمَنٌ وَأَنَّ أَرَاضِيَ الْأَوْقَافِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا لَا تُسَمَّى مُسْكَةً فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَسْبَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ كُلِّهِ مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى صَحِيحِ نُقُولِ مَذْهَبِهِ وَحَكَمَ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَبِعَدَمِ الْعَمَلِ بِالصَّكِّ الْمَزْبُورِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ مَالًا عَلَى عَمْرٍو فَقَالَ مَا لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ وَلَا أَعْرِفُك ثُمَّ بَرْهَنَ عَمْرٌو عَلَى الْإِبْرَاءِ فَهَلْ لَا تُقْبَلُ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ زَادَ كَلِمَةَ وَلَا أَعْرِفُك لَا يُقْبَلُ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَتَّى الْقَضَاءِ مِنْ التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِي فَقِيرٍ ذِي عِيَالٍ وَحِرْفَةٍ يَكْتَسِبُ مِنْهَا وَيُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ كَسْبِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِجَمَاعَةٍ يُكَلِّفُونَهُ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى دَفْعِ جَمِيعِ كَسْبِهِ مِنْ دَيْنِهِمْ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ يَأْخُذُونَ فَاضِلَ كَسْبِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ سُئِلَ الْمَرْحُومُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عِمَادُ الدِّينِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ دُيُونٌ ثَابِتَةٌ لِجَمَاعَةٍ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَهَلْ يُوَزِّعُ مَا يَفْضُلُ مِنْ قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِ الْمَزْبُورِ عَنْ نَفَقَتِهِ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ الْمَزْبُورَةِ بِحَسَبِ دُيُونِهِمْ الْجَوَابُ نَعَمْ وَكَتَبْت عَلَيْهِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ عَمُّ الْوَالِدِ أَجَابَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْمَدْيُونِ تَيْمَارٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى قُرًى وَمَزَارِعَ لَهَا غَلَّاتٌ تَفِي نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهَا شَيْءٌ وَيَمْتَنِعُ مِنْ أَدَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ فَهَلْ يُصْرَفُ الْفَاضِلُ الْمَذْكُورُ لِدَيْنِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى حُبِسَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي وَالْحَالُ أَنَّ لَهُ عَقَارًا وَغَيْرَهُ يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ مِنْ ثَمَنِهِ إذَا بَاعَهُ إلَّا أَنَّهُ مُتَمَرِّدٌ مُتَعَنِّتٌ فِي بَيْعِ ذَلِكَ فَهَلْ يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذَكَرَ؟ ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِدُيُونٍ عَلَيْهِ بَاعَهَا الْوَرَثَةُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي فَهَلْ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُمْ وَلِلْغُرَمَاءِ نَقْضُهُ؟
(الْجَوَابُ) : وِلَايَةُ بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ لِلْقَاضِي لَا لِلْوَرَثَةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ إذْ الدَّيْنُ لِغَيْرِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ تَرِكَةٌ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ وَجَاءَ غَرِيمٌ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّمَا بَيِّنَتُهُ عَلَى الْوَارِثِ لَا عَلَى غَرِيمٍ آخَرَ وَلَكِنْ لَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ النُّكُولُ الَّذِي هُوَ إقْرَارٌ وَالْوَارِثُ لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يَظْهَرُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ غَرِيمٍ آخَرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَكِنْ هَذَا لَا يَحْلِفُ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ حَاضِرَةٍ وَعَنْ أَخٍ شَقِيقٍ غَائِبٍ وَابْنِ عَمٍّ عُصْبَةٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَجَعَلَ الْقَاضِي نَصِيبَ الْغَائِبِ مِنْ التَّرِكَةِ تَحْتَ يَدِ الْأُخْتِ الْمَزْبُورَةِ لِتَحْفَظَهُ فِي حِرْزٍ مِثْلِهِ إلَى رُجُوعِ الْأَخِ
وَهِيَ أَمِينَةٌ فَقَامَ ابْنُ الْعَمِّ يُرِيدُ رَفْعَ يَدِ الْأُخْتِ عَنْ ذَلِكَ بِدُونِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ إيدَاعِ مَالِ الْغَائِبِ وَالْمَفْقُودِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَفِيهِ أَيْضًا وَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ قَيِّمًا لِحِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ اهـ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ بِرَمْزِ ف ش لِلْقَاضِي نَصْبُ الْوَصِيِّ لَوْ كَانَ وَارِثُهُ غَائِبًا وَيَكْتُبُ فِي نُسْخَةِ الْوِصَايَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَوَارِثُهُ غَائِبٌ مُدَّةَ السَّفَرِ اهـ. فَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِلْقَاضِي الْإِيدَاعَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً؛ لِأَنَّهُ لِلْحِفْظِ فَقَطْ وَمِنْهُ اُسْتُفِيدَ جَوَابُ الْحَادِثَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا وَقَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْفَتَاوَى وَيَنْصِبُ وَصِيًّا عَنْ الْمَفْقُودِ لِحِفْظِ حُقُوقِهِ وَلَا يَنْصِبُ عَنْ الْغَائِبِ اهـ.
فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ عَنْ الْغَائِبِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا وَلَمْ تَكُنْ غَيْبَتُهُ مُنْقَطِعَةً وَعَلَى مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ وَتَقَدَّمَ مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا اهـ كَلَامُ خَيْرِ الدِّينِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ مَالَ الْغَائِبِ إلَى الْغَائِبِ إذَا خَافَ الْهَلَاكَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ وَالِدِهِ إذَا كَانَ الْوَالِدُ مُسْرِفًا مُبَذِّرًا وَيَضَعَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْيَتِيمُ خَانِيَةً مِنْ فَصْلِ مَنْ يَقْضِي فِي الْمُجْتَهَدَاتِ.
(أَقُولُ) وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ لِلْقَاضِي قَبْضَ دَيْنِ غَائِبٍ مِنْ مَحْبُوسِهِ وَلَهُ أَنْ يَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَهُ قَبْضُ مَغْصُوبِهِ مِنْ غَاصِبِهِ وَأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ إقْرَاضِ مَالِهِ وَلَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ مَنْقُولِهِ إذَا خَافَ عَلَيْهِ التَّلَفَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ فَلَوْ عَلِمَ مَكَانَهُ بَعَثَ إلَيْهِ وَلَهُ إيفَاءُ دُيُونِ الْغَائِبِ بِمَالِهِ بِالْحِصَصِ وَبَيْعُ مَالِهِ لِإِيفَاءِ دَيْنِهِ إذَا كَانَ دَيْنُهُ ثَابِتًا عِنْدَهُ وَجَمَعَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً فِيمَا يَمْلِكُهُ الْقَاضِي لَمْ يَجْمَعْهَا غَيْرُهُ جَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا فَرَاجِعْهَا عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَكُرِهَ التَّقْلِيدُ لِمَنْ خَافَ الْحَيْفَ وَإِنْ أَمِنَهُ لَا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تُوُفِّيَ عَنْ تَرِكَةٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَلِزَيْدٍ بِذِمَّتِهِ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ فَنَصَبَ الْقَاضِي وَكِيلَ بَيْتِ الْمَالِ وَصِيًّا فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ وَأَثْبَتَ زَيْدٌ مَبْلَغَهُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُزَكَّاةِ وَحَلَفَ عَلَى بَقَاءِ الْمَبْلَغِ بِذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى فَحَكَمَ الْقَاضِي لَهُ بِالْمَبْلَغِ بَعْدَ جُحُودِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَجَاءَ مُدَّعٍ لِلدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ نَصَّبَ الْقَاضِيَ وَكِيلًا لِلدَّعْوَى كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَكِيلَ بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِخَصْمٍ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ وَكَتَبْت عَلَيْهِ عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وَكَّلَهُ السُّلْطَانُ بِجَمْعِهِ وَحِفْظِهِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ وَيُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا تُسْمَعُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَيَتَفَرَّعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُزَارِعَ لَا يَصْلُحُ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ الْمُقَاطِعُ الْمُسَمَّى بِلُغَتِهِمْ تَيْمَارِيَّا اهـ. .
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ عَقَارٌ مَوْرُوثٌ لَهُ وَلِعَمْرٍو الْغَائِبِ عَنْ مُوَرِّثِهِمَا فُلَانٍ فَادَّعَى نَاظِرُ وَقْفٍ عَلَى زَيْدٍ بِجَرَيَانِ الْعَقَارِ فِي الْوَقْفِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ يَسْرِي عَلَى عَمْرٍو؟
(الْجَوَابُ) : بَعْضُ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمَيِّتِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ يَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ وَالْقَضَاءُ عَلَى بَعْضِهِمْ قَضَاءٌ عَلَى كُلِّهِمْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(أَقُولُ) وَفِي الْبَحْرِ إنَّمَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ كَوْنُ الْعَيْنِ كُلِّهَا فِي يَدِهِ وَأَنْ لَا تَكُونَ مَقْسُومَةً وَأَنْ يُصَدِّقَ الْغَائِبُ عَلَى أَنَّهَا إرْثٌ عَنْ الْمَيِّتِ اهـ وَتَمَامُ بَيَانِ ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِيهِ فَرَاجِعْهُ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَوْ ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ إلَخْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَرَدَ أَمْرٌ شَرِيفٌ سُلْطَانِيٌّ بَعْدَ سَمَاعِ دَعْوَى زَيْدٍ بِكَذَا عَلَى عَمْرٍو فَسَمِعَهَا الْقَاضِي وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِمَضْمُونِ الْأَمْرِ الشَّرِيفِ وَمَنَعَ عَمْرًا مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْأَمْرِ الْمَذْكُورِ وَكَتَبَ لَهُ حُجَّةً بِالْمَنْعِ
فَهَلْ لَا يَعْمَلُ بِهَا لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنْ سَمَاعِهَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ السُّلْطَانُ إذَا وَلَّى الْقَضَاءَ رَجُلًا وَاسْتَثْنَى خُصُومَةً، أَوْ رَجُلًا مُعَيَّنًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي تِلْكَ الْخُصُومَةِ إذَا قَالَ لَهُ لَا تَسْمَعْ حَوَادِثَ فُلَانٍ حَتَّى أَرْجِعَ مِنْ السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا لِلْقَضَاءِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْمَعَ قَضِيَّةَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَالْمُدَّعِي يُرِيدُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضٍ مِنْهُمَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُرِيدُ الْآخَرَ فَلِمَنْ يَكُونُ الْخِيَارُ؟
(الْجَوَابُ) : الْخِيَارُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالشَّيْخُ الْحَانُوتِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي قَاضِيَ مَحَلَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَاضِيَ مَحَلَّةِ الْمُدَّعِي وَلِمَا إذَا تَعَدَّدَ الْقُضَاةُ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَكَثُرُوا كَمَا فِي الْقَاهِرَةِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي شَافِعِيًّا مَثَلًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالِكِيًّا مَثَلًا وَلَمْ يَكُونَا فِي مَحَلَّتِهِمَا فَإِنَّ الْخِيَارَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَبِهِ أَفْتَيْت مِرَارًا اهـ.
(أَقُولُ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَوَّلَ كِتَابِ الدَّعْوَى وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِمَا أَنَّ التَّحْرِيرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْخِلَافِ وَتَصْحِيحُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ قَاضِيَانِ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ وَقَدْ أُمِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْعِمَادِيِّ فِي الْفُصُولِ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَالْآخَرُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَأَرَادَ الْعَسْكَرِيُّ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضِي الْعَسْكَرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا أَيْ هَذَا الْخِلَافِ وَلَا وِلَايَةَ لِقَاضِي الْعَسْكَرِ عَلَى غَيْرِ الْجُنْدِيِّ فَقَوْلُهُ وَلَا وِلَايَةَ إلَخْ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَا قُلْنَا أَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَيٍّ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ مِنْ مِصْرِيٍّ وَشَامِيٍّ وَحَلَبِيٍّ وَعَسْكَرِيٍّ وَغَيْرِهِمْ كَمَا فِي قُضَاةِ زَمَانِنَا فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِمُوَافَقَتِهِ لِتَعْرِيفِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ الَّذِي لَهُ الْخُصُومَةُ فَيَطْلُبُهَا عِنْدَ أَيِّ قَاضٍ أَرَادَ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ وَأَرَادَ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ صَاحِبَ الْبَحْرِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ هُوَ مَعْنَى مَا نَقَلَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ خَطِّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ عَلَى هَامِشِ الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْمِنَحِ إنَّ كُلَّ عِبَارَاتِ أَصْحَابِ الْفَتَاوَى يُفِيدُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ كُلُّ قَاضٍ فِي مَحَلَّةٍ.
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِقَاضِيَيْنِ أَوْ لِقُضَاةٍ عَلَى مِصْرٍ وَاحِدٍ عَلَى السَّوَاءِ يُعْتَبَرُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ فَلَهُ الدَّعْوَى عِنْدَ أَيِّ قَاضٍ أَرَادَهُ إلَخْ فَقَوْلُهُ كُلُّ قَاضٍ فِي مَحَلَّةٍ أَيْ مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ فَاغْتَنِمْ هَذَا الْمَقَامَ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ بَعِيدًا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأَفْهَامِ.
وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى بِحَقٍّ فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ لَهُ أَوْلَادٌ بَالِغُونَ وَأَطْفَالٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَهَلْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ عَلَى الْجَمِيعِ فَأَجَابَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ ثَبَتَ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَوَرَثَتُهُ غَائِبُونَ هَلْ يَسُوغُ ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى الْمَيِّتِ فِي غَيْبَةِ وَرَثَتِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ: الْمَيِّتُ إذَا كَانَتْ تَرِكَتُهُ فِي بَلْدَةِ مَوْتِهِ وَأَرَادَ أَصْحَابُ الدُّيُونِ إثْبَاتَ دُيُونِهِمْ وَالْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ غَائِبُونَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ صِغَارٌ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ وَيُثْبِتُ عَنْ الدَّيْنِ وَيَدْفَعُهُ إلَى أَرْبَابِهِ بَعْدَ اسْتِخْلَافِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمْ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْوَارِثُ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا يُنَصَّبُ عَنْهُ وَصِيٌّ وَيَثْبُتُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَيَقْضِي دَيْنَهُ بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْبِضُوا الدَّيْنَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَمْ يُبْرِئُوا الْمَيِّتَ وَلَمْ يَحْتَالُوا