الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمتك على تطميع الخصوم بكثرة الكتابة والتردد فزت على ذلك فإن أمرت من يقرأ عليهم ما خاطبتك به فهو مما يزيد في طمعهم ويوهن حكمك عليهم فما هذه سيرة السلف من قضاة العدل فإن سيرتهم أن يستشيروا من يتقون بعلمه ودينه فما أشاروا به عليهم نظروا فيه فما وافق ما ظهر لهم اتبعوه وما خالفه إن تحققوا خطأه رفضوه وما شكوا فيه أعادوا الشورى حتى يظهر لهم الحق وما بلغنا أن أحدهم أطلع الخصمين على تلك الشورى التي تأتيه من غيره لأن في اطلاعهما عليها حطا من قدر المشاورة وتحقب ..... على المشاور مع عدم الفائدة إذ لا يفهم العوام مخاطبة العلماء على وجهها وربما فهموا منها خلاف المراد كما قال عبد الرحمن بن عوف لعمر رضي الله عنهما لما أواد أن يخطب الناس بمنى فأمره بتأخيره ذلك إلى المدينة كما في صحيح البخاري فإنك قد أبرمت الحكم بما ظهر لك بعد الشورى فما فائدة تطميع المحكوم عليه في مراجعتي إذ لو قنع بما عندي ما وقع خصمه إليك وقد أتاني فقلت له لم يبق لي معكم كلام وما عندي كتبه الشاهدان بينكم وهذه نصيحتي والله يوفقنا وإياك وكتب محبكم عبد الرحمن بن عمر لطف الله به آمين.
ومنها القضية التي سأله عنها ولده الشيخ سيدي محمد بن سيدي عبد الرحمن التنلاني
نصها سؤال عمن بيده جنان لأولاده أوصى به والده لهم لكونه أوصى لهم بالثلث فخرج فيه بالقسمة فقال لآخر أعطني غرسة أغرسها فيه وتكون بين الغارس وبينهم أنصافا فأعطاها له وغرسها فأثمرت ثم ماتا فقام الأولاد أهل الثلث على ولد معطي الغرسة يريدون نقض ما فعل أبوهم قابلين أنه تصرف فيما لا يملكه وفعل ما لا يحل فأجابهم بأن أباكم هو متولي أمركم فنازعوه في ذلك فهل تبقى النخلة ويصح ما فعل الأب أم لا؟
فأجاب: الحمد لله الجواب والله المستعان أن ما فعله الأب مع الرجل المذكور في الغرسة فاسد فهي مغارسة فاسدة واختلف فيما لرب الغرسة فقيل له قيمة غرسته حطبا وقيل قيمتها قائمة مع كراء الغارس عليه وقيل لا شيء له وأما كونها تبقى على ملك ورثته فليس لهم ذلك والله أعلم وكتب عبيد ربه تعالى عبد الرحمن بن عمر لطف الله به آمين.
ثم عقب عليه السيد يحيى بن الوافي الجكني ونص مقاله: الحمد لله وحده صلى الله على سيدي محمد وبه تقتي ما أجاب به الفقيه سدده الله في حكم الفساد لم أر له ما يفسده لأنها عقدة صحيحة وأفعال الأب محمولة على السداد حتى يظهر خلافه والآن هي مال مشترك لا يحمل القسمة فيجبر من أبى البيع قائما (1) يعطي رب الجنان قيمتها لأن الضرر منفي من الدين لا ضرر ولا ضرار وكتب من سئل بذلك عبيد ربه يحيى بن الوافي الجكني لطف الله به آمين.
ثم أجابه الشيخ عبد الرحمن مبينا له ما غفل عنه من وجوه فساد هاته المغارسة بقوله: الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وبعد: فوجه فساد المغارسة المسؤول عنها بمحوله الذي غاب عن الفقيه المعترض وفقنا الله وإياه من وجهين أحدهما أن الأب اشتغل بالتصرف في أرض الثلث.
الموصى به لأولاد الموجودين ومن سيوجد وليس له ذلك إذ لا ولاية له على من سيوجد فلا بد من نظر القاضي معه لحق من سيوجد وقد نبه على هذا المعنى في المعيار ونقله سيدي محمد ميارة في شرح نظمه
(1) - بياض بالأصل