المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: مفهوم‌‌ الغفلة لغة، واصطلاحاً:

- ‌ الغفلة لغة

- ‌الغفلة اصطلاحاً:

- ‌المبحث الثاني: الفرق بين الغفلة والنسيان:

- ‌أولاً: توقع في الهلاك

- ‌ثانياً: من أصيب بالغفلة الكاملة خُتِمَ على قلبه

- ‌ثالثاً: الغفلة، قرينة التكذيب بآيات الله

- ‌رابعاً: لعظم خطر الغفلة نهى الله عنها رسولَه صلى الله عليه وسلم

- ‌خامساً: الغفلة صفة من صفات أهل النار

- ‌سادساً: الحذر من الغفلة

- ‌سابعاً: الغفلة تغلق على العبد أبواب الخير

- ‌ثامناً: من أعظم خطر الغفلة أن مَن غفل عن الله عاقبه بأن يغفله عن ذكره

- ‌تاسعاً: أهل الغفلة لهم الحسرة يوم الحسرة

- ‌عاشراً: اقتراب الساعة والموت للناس وهم في غفلاتهم

- ‌الحادي عشر: حذر الله تعالى الناس عن الغفلة

- ‌الثاني عشر: ذم الله تعالى الغافلين عن الآخرة

- ‌الثالث عشر: لخطر الغفلة فقد أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم لإنذار الناس عن الغفلة

- ‌الرابع عشر: توبيخ الغافل يوم القيامة

- ‌المبحث الرابع: علامات الغفلة

- ‌أولاً: التكاسل عن الطاعات

- ‌ثانياً: استصغار المحرمات

- ‌ثالثاً: ألف المعصية ومحبتها

- ‌رابعاً: تضييع الوقت

- ‌المبحث الخامس: أسباب الغفلة

- ‌أولاً: الجهل بالله

- ‌ثانياً: المعاصي من أعظم أسباب الغفلة

- ‌ثالثاً: الإعراض واتباع الهوى

- ‌رابعاً: صحبة الغافلين:

- ‌خامساً: ترك صلاة الجمعة أو التهاون بها

- ‌سادساً: ترك صلاة الجماعة:

- ‌سابعاً: طول الأمل

- ‌ثامناً: كثرة الضحك

- ‌تاسعاً: كثرة الكلام في غير ذكر الله تعالى:

- ‌المبحث السادس: علاج الغفلة

- ‌أولاً: العلم:

- ‌ثانياً: ذكر الله تعالى على كل حال

- ‌ثالثاً: مجالس الذكر

- ‌رابعاً: أعظم الذكر وأعظم العلاج للغفلة قراءة القرآن

- ‌خامساً: من أعظم علاج الغفلة:

- ‌سادساً: الدعاء والتضرع إلى الله تعالى

- ‌سابعاً: المحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة

- ‌ثامناً: الحرص على قيام الليل

- ‌تاسعاً: الصدقة علاج نافع للغفلة

- ‌عاشراً: صيام التطوع علاج للغفلة وخاصة عند غفلة الناس

- ‌الحادي عشر: التقوى ورأسها المراقبة لله تعالى:

- ‌الثاني عشر: الزهد في الدنيا

- ‌الثالث عشر: الإكثار من ذكر الموت

- ‌الرابع عشر: ذكر القبر والبلى

الفصل: ‌الثاني عشر: الزهد في الدنيا

ويرى نياط عروقها في نحرها

والمخَ يجري في تلك العظام النُّحَّل

امنن عليَّ بتوبة تمحو بها

ما كان مني في الزمان الأول

‌الثاني عشر: الزهد في الدنيا

من أعظم علاج الغفلة؛ للأدلة الآتية:

1 -

حديث عامر بن لؤيّ في قصة أبي عبيدة عندما قدم بمالٍ من البحرين فجاءت الأنصار وحضروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما صلَّى بهم الفجر تعرَّضوا له، فتبسَّم حين رآهم، وقال:((أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟)) قالوا: أجل يا رسول الله، قال:((فأبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسط عليكم الدنيا كما بسطت على مَن كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم)) وفي لفظ ((وتلهيكم كما ألهتهم)) (1).

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، برقم 3158، ورقم 4015 و6425، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2961.

ص: 62

2 -

وقال الله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (1).

3 -

وقال الله عز وجل: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} (2).

4 -

وقال الله سبحانه وتعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (3).

(1) سورة يونس، الآية:24.

(2)

سورة الكهف، الآية:45.

(3)

سورة الحديد، الآية:20.

ص: 63

5 -

وحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِبَ له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة)) (1).

6 -

وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماءٍ)) (2).

(1) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الهم بالدنيا، برقم 4105، وصحح الألباني إسناده في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 950، وعند الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه ((من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرّقَ عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)) الترمذي، برقم 2465، وصححه الألباني في صحيح الترمذي 2/ 593.

(2)

ابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، برقم 4110، والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله عز وجل، وقال:((هذا حديث حسن صحيح)) برقم 2320، ولفظ ابن ماجه: قال سهل: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحُليفة، فإذا هو بشاةٍ ميتة شائلة برجلها [أي رافعة رجلها من الانتفاخ] فقال: أترون هذه هينة على صاحبها؟ فوالذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها، ولو كانت الدنيا تزنُ عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها قطرة أبداً)). والروايتان صححهما الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 943، وفي صحيح ابن ماجه، 3/ 347، وصحيح الترغيب برقم 3240.

ص: 64

7 -

وقد أحسن القائل حين قال:

لكل شيء إذا ما تم نقصان

فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأيام كما شاهدتها دول

فمن سره زمن ساءته أزمان

8 -

وأحسن الإمام البستي حين قال:

لا تحسبن سروراً دائماً أبداً

من سره زمنٌ ساءته أزمان

9 -

وقال الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (1).

10 -

وقال الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (2).

11 -

ودخل عمر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير قد أثَّر في جنبه، ولما استيقظ جعل يمسح جنبه، فقال له عمر: يا رسول الله لو أخذت

(1) سورة القصص، الآية:60.

(2)

سورة القصص، الآية:83.

ص: 65

فراشاً أوثر من هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما لي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها)) (1).

12 -

وحديث مطرف عن أبيه رضي الله عنه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: ((يقول ابن آدم مالي، مالي، وهل لك من مالك يا ابن آدم إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت)) (2).

13 -

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول العبد: مالي، مالي، إنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأقنى، [و] ما

(1) أحمد في المسند، 1/ 301، بلفظه، والترمذي بنحوه في كتاب الزهد، باب 44، برقم 1377، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، برقم 4109، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/ 280، وفي صحيح ابن ماجه، 2/ 394.

(2)

مسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2958.

ص: 66

سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس)) (1).

14 -

وحديث الحارث بن سويد قال: قال عبدالله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيَّكم مال وارثه أحبُّ إليه من ماله؟)) قالوا: يا رسول الله! ما منا أحدٌ إلا مالُهُ أحبُّ إليه، قال:((فإن مالَهُ ما قدَّم ومالَ وارثه ما أخَّر)) (2).

15 -

وحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بالسوق، فمرَّ بجدي أسكّ (3) ميِّت، فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال:((أيكم يحبُّ أن هذا له بدرْهَمٍ؟)) فقالوا: ما نحبُّ أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال:((أتحبون أنه لكم؟)) قالوا: والله لو كان حيّاً كان عيباً فيه أنه أسكٌّ، فكيف وهو ميِّت؟ فقال:((فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم)) (4).

(1) مسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2959.

(2)

البخاري، كتاب الرقاق، باب ما قدم من ماله فهو له، برقم 6442.

(3)

الأسكُّ: مصطلم الأذنين مقطوعهما.

(4)

مسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2957.

ص: 67