الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
14-
حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن الخصيب قاضي مصر، أن أبا محمد بهلول بن إسحاق بن بهلول حدثهم، قال: حدثنا سعيد بن منصور، عن سفيان وهو ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: حدثني الحسن بن محمد [بن](1) علي، أن عبيد الله بن أبي
⦗ص: 71⦘
رافع، أخبره عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير والمقداد، فقال: إيتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب.
فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا لها: أخرجي الكتاب. قالت: ما عندي كتاب: قلنا: لتخرجن الكتاب
⦗ص: 72⦘
أو لنطرحن الثياب. فأخرجته من عقاصها. فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى مشركي أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاطب، فقال: ما هذا؟ قال: لا تعجل علي يا رسول الله، فإني كنت امرأً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسها، وليس أحد من المهاجرين إلا ولهم قرابات يحمون بها أهاليهم وأموالهم، ووالله ما فعلته كفراً، ولا ارتداداً ولا رضاً بالكفر بعد إسلامي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدق. فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم.
⦗ص: 73⦘
رواه حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي. وأبو الزبير، عن جابر. وإسحاق بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلعتة، عن
⦗ص: 74⦘
أبيه.
(1) ساقطة من المطبوع.
15-
حدثناه النقاش، عن أبي يعلى، عن هاشم بن الحارث، عن عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق.
ح وحدثنا محمد بن علي النقاش، أن أبا يعلى حدثهم، قال: حدثنا كامل بن طلحة، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر،
⦗ص: 75⦘
أنه أخبره أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد غزوهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي المرأة التي معها الكتاب، فأرسل إليها، فأخذ كتابها من رأسها. فقال: يا حاطب! أفعلت؟ فقال: نعم. فقال: أما إني لم أفعله غشاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفاقاً، قد علمت أن الله مظهر رسوله، ومتمم له أمره، غير أني كنت بين ظهرانيهم وكانت والدتي معهم، فأردت أت أتخذها عندهم. فقال له عمر: ألا أضرب عنق هذا؟ قال: تقتل رجلاً من أهل بدر؟ لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم.
قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد، هذه المرأة الحاملة لكتاب حاطب بن أبي بلعتة، هي: أم سارة مولاة لقريش. والحجة في ذلك:
16-
ما حدثنا به يعقوب بن المبارك، أن محمد بن جعفر بن أعين حدثهم، قال: حدثنا الحسن بن بشر بن سلم الكوفي سنة عشرين، قال: أخبرنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنس [بن
⦗ص: 76⦘
مالك] ، قال: أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم فتح مكة، إلا أربعة من الناس: عبد العزى بن خطل، ومقيس بن صبابة الكناني، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأم سارة.
فأما عبد العزى فإنه قتل وهو آخذ بأستار الكعبة.
قال: ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد إذا رآه، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، فأتى به سول الله صلى الله عليه وسلم يستشفع له. فلما بصر به الأنصاري اشتمل على السيف وخرج في طلبه، فوجده في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهاب قتله، فجعل يتردد ويكره أن يقدم عليه لأنه في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبسط رسول الله يده فبايعه. ثم قال للأنصاري: قد انتظرتك أن توفي بنذرك. قال: يا رسول الله! هبتك أفلا أومضت إلي؟ قال: إنه ليس لنبي أن يومض.
وأما مقيس بن صبابة: فإنه كان له أخ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل خطأ، فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني فهر ليأخذ له عقله من الفهري. فلما جمع له
⦗ص: 77⦘
العقل ورجع يؤم الفهري، فوثب مقيس وأخذ حجراً فجلد به رأسه فقتله، ثم أقبل وهو يقول:
شفى النفس من قد بات بالقاع مسنداً
…
تضرج ثوبيه دماء الأخادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله
…
تلم فتنيئني وطاء المضاجع
حللت به نذري وأدركت ثؤرتي
…
وكنت إلى الأوثان أول راجع
وأما أم سارة: فإنها كانت مولاة لقريش، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الحاجة فأعطاها شيئاً.
⦗ص: 78⦘
ثم أتاها رجل فدفع إليها كتاباً إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليهم ليحفظ به في عياله، وكان له بها عيال، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. فبعث في إثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. فلحقاها ففتشاها، فلم يقدرا على شيء معها، قأقبلا راجعين. فقال أحدهما لصاحبه: والله ما كذبنا ولا كذبنا، ارجع بنا إليها، فرجعا إليها فسلا سيفيهما، وقالا: والله لنذيقنك الموت، أو لتدفعن إلينا الكتاب. فأنكرت، ثم قالت: أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقبلا ذلك منها. فحلت عقاص رأسها، فأخرجت الكتاب من قرن من قرونها، فدفعته إليهما. فرجعا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعاه إليه. [فبعث إلى الرجل]، فقال: ما هذا الكتاب؟
قال: أخبرك يا رسول الله. إنه ليس من أحد معك إلا وله بمكة من يحفظه في عياله غيري. فكتبت هذا الكتاب ليكونوا لي في عيالي.
فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة [وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة] وأنا أعلم بما أخفيتم
⦗ص: 79⦘
وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل} .