الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث من رواية أحمد بن حنبل عن الشافعي، عن مالك
6 -
وبالإِسناد إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، قال: أنبأ مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَبِعْ بعضكم على بَيْعِ بعض"(1)، ونهى عن النَّجشِ (2)، ونهى عن بيع حَبَلِ الحَبَلَة (3)، ونهى عن
(1) في المسند وكذا البخاري بلفظ: "لا يبيع".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح 4/ 353: كذا للأكثر بإثبات الياء في "يبيع" على أن "لا" نافية، ويحتمل أن تكون ناهية.
وورد تقييد النهي في رواية النسائي (ح 4504) من طريق عبيد الله بن عمر بلفظ: "لا يبيع الرجل على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر".
(2)
النجش: بفتح الجيم، وحكى المُطَرِّزي فيه السكون.
وفي الشرع: الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراعها ليقع غيره فيها. الفتح 4/ 355 - 356.
(3)
هو بيع ما سوف يحمله جنين الناقة على تقدير كونه أُنثى. وجاء في رواية البخاري (ح 2143) زيادة: وكان بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع =
المُزَابنة (1).
7 -
وبه إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي: ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، عن مالك، عن أبي الزناد ومحمد بن يحيى بن حَبَّان كلاهما عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المُلامسة والمُنابذة (2).
8 -
وبه إلى عبد الله: حدثني أبي، ثنا محمَّد بن إدريس
= الجزور إلى أن تنتَج الناقة ثم تنتَج التي في بطنها).
قال الحافظ ابن حجر 4/ 357: وقع هذا التفسير في الموطأ متَّصلًا بالحديث، وهو مدرج من كلام نافع مما حمله عن مولاه ابن عمر.
(1)
في المسند زيادة: والمزابنة بيع الثمر (أي من النخيل) بالتمر كيلًا، وبيع الكرم (أي العنب) بالزبيب كيلًا.
والحديث رواه أحمد في المسند 2/ 108، وأخرجه غيره مجزأً: ففي البخاري (ح 2139) و (2142) و (2143) و (2185)، ومسلم (ح 1412) و (1514) و (1516) و (1542)، والنسائي (ح 4504) و (4505) و (4624)، والترمذي (ح 1229) و (1292)، وابن ماجه (ح 2171) و (2173).
(2)
جاء تفسير الملامسة والمنابذة في كلام أبي هريرة عند النسائي (ح 4513 - 4517) فالملامسة: أن يتبايع الرجلان بالثوبين تحت الليل يلمس كل رجل منهما ثوب صاحبه بيده، أو أن يمسه بيده ولا ينشره ولا يقلِّبه، إذا مسَّه فقد وجب البيع.
والمنابذة: أن يقول أنبذُ ما معي وتنذ ما معك ليشتري أحدهما من الآخر، ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر، ونحوًا من هذا الوصف.
والحديث رواه أحمد في المسند 2/ 379، والبخاري (ح 2144)، ومسلم (ح 1511)، والترمذي (ح 1310)، والنسائي (ح 4509) وغيرهم.
الشافعي: أنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يبع حاضر لباد (1) "(2).
9 -
وبه: عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تناجشوا ولا تَلَقَّوْا السِّلَع (3) "(4).
(1) في رواية البخاري (ح 2158) عن ابن عباس: قال طاوس: قلت لابن عباس: ما قوله "لا يبيع حاضر لباد"؟ قال: لا يكون له سمسارًا.
قال ابن حجر 4/ 371: أما من ينصحه فيعلمه بأنَّ السعر كذا مثلًا فلا يدخل في النهي.
وفي رواية مسلم (ح 1522) عن جابر: "لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض".
(2)
الحديث رواه أحمد في المسند 2/ 380 مع الحديثين التاليين في سياق واحد.
(3)
في شرح النووي على مسلم 6/ 367: إنَّ الشرع ينظر في مثل هذه المسائل إلى مصلحة الناس، والمصلحة تقتضي أن ينظر للجماعة على الواحد، لا للواحد على الواحد. فلمّا كان البادي إذا باع بنفسه انتفع جميع أهل السوق واشتروا رخيصًا فانتفع به جميع سكان البلد، نظر الشرع لأهل البلد على البادي. ولمَّا كان في التلقِّي إنما ينتفع المتلقِّي خاصة وهو واحد في قبالة واحد، لم يكن في إباحة التلقِّي مصلحة، لا سيما وينضاف إلى ذلك علَّة ثانية وهي لحوق الضرر بأهل السوق في انفراد المتلقِّي عنهم بالرخص وقطع المواد عنهم وهم أكثر من المتلقِّي، فنظر الشرع لهم عليه؛ فلا تناقض بين المسألتين بل هما متفقتان في الحكمة والمصلحة، والله أعلم.
(4)
رواه أحمد في المسند 2/ 380.
10 -
وبه: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَطْل الغني ظلم (1)، فإذا أُتْبِع أحدكم على مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ (2) "(3).
11 -
وبه إلى عبد الله، حدثني أبي، ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك رضي الله عنه كان يحدِّث:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّما نسمة المؤمن (4) طائر يَعْلَقُ في شجر الجنَّة حتى يُرجعه الله [تبارك وتعالى] إلى جسده [يوم يبعثه] (5) ".
* * *
(1) أي تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر.
(2)
قال النووي 6/ 440: مذهب أصحابنا والجمهور أنه إذا أُحِيل على مليء استُحِبَّ له قبول الحوالة.
(3)
الحديث جزء مما سبقه عند أحمد 2/ 380، وعند البخاري (ح 2287)، ومسلم (ح 1564) من طريق مالك به.
(4)
أي روح المؤمن الشهيد.
(5)
ما بين الحاصرتين زيادة من المسند، والحديث رواه الإِمام أحمد في مسنده 3/ 454، وهو في الموطأ ص 240، وعند النسائي (ح 2074)، وابن ماجه (ح 4271) من طريق مالك أيضًا.
قال القرطبي: هذا الحديث ونحوه محمول على الشهداء، وأما غيرهم فتارة تكون في السماء لا في الجنة، وتارة تكون على أفنية القبور، ولا يتعجَّل الأكل والنعيم لأحد إلا للشهيد في سبيل الله بإجماع من الأمة -حكاه القاضي أبو بكر ابن العربي في شرح الترمذي- وغير الشهداء بخلاف هذا الوصف، إنما يملأ عليه قبره ويُفسَح له فيه. اهـ. شرح السيوطي على النسائي 4/ 109. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد أوضح الإِمام الحافظ شمس الدِّين ابن قيِّم الجوزية تعلُّق الروح بالجسد ووجودها في البرزخ بأحسن تفصيل حيث قال: عَرضُ المقعد لا يدلّ على أنَّ الأرواح في القبر ولا على فنائه، بل على أن لها اتِّصالًا به؛ يصح أن يُعرضَ عليها مقعدها، فإنَّ للروح شأنًا آخر فتكون في الرفيق الأعلى وهي متَّصلة بالبدن، بحيث إذا سَلَّم المسلم على صاحبه ردَّ عليه السلام، وهي في مكانها هناك. وهذا جبريل عليه السلام رآه النبي صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جناح منها جناحان سدَّا الأُفق، وكان يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يضع ركبتيه على ركبتيه ويديه على فخذيه، وقلوب المخلصين تتَّسع للإِيمان بأنه من الممكن أنه كان هذا الدنوّ وهو في مستقرّه من السموات.
وإنما يأتي الغلط هنا من قباس الغائب على الشاهد، فيعمد أنَّ الروح من جنس ما يُعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانًا لم يمكن أن تكون في غيره، وهذا غلط محض. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإِسراء موسى قائمًا يصلِّي في قبره ويرد على من يسلِّم عليه وهو في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الروح غير شأن الأبدان.
وقد مثَّل ذلك بعضهم بالشمس في السماء وشعاعها في الأرض، وإن كان غير تام المطابقة من حيث أنَّ الشعاع إنما هو عَرَض للشمس وأما الروح فهي نفسها تنزل. وكذلك رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء ليلة الإِسراء في السماوات، الصحيح أنه رأى فيها الأرواح في مثال الأجساد مع ورود أنهم أحياء في قبورهم يصلُّون.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن صلَّى عليَّ عند قبري سمعته ومن صلَّى عليَّ نائيًا بلغته"، وقال:"إن الله وكَّل بقبري ملكًا أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلِّي عليَّ أحدٌ إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه". هذا مع القطع بأنَّ روحه في أعلى علِّيِّين مع أرواح الأنبياء وهو الرفيق الأعلى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فثبت بهذا أنه لا منافاة بين كون الروح في علِّيِّين أو الجنة أو السماء وأنَّ لها بالبدن اتِّصالًا بحيث تدرك وتسمع وتصلِّي وتقرأ، وإنما يُستغرب هذا لكون الشاهد الدنيوي ليس فيه ما يُشاهد به هذا، وأمور البرزخ والآخرة على نمط غير المألوف في الدنيا.
إلى أن قال: وللروح من سرعة الحركة والانتقال الذي كلمح البصر ما يقتضي عروجها من القبر إلى السماء في أدنى لحظة، وشاهد ذلك روح النائم، فقد ثبت أنَّ روح النائم تصعد حتى تخترق السبع الطباق وتسجد لله بين يدي العرش ثم تُرَدُّ إلى جسده في أيسر الزمان. اهـ. شرح السيوطي على النسائي 4/ 109 - 111.