الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"إن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمستورق فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري فيه، والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل، وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء".
ونرى أنه يمكن تصحيح تلك العمليات بالآتي:
1 -
أن يشتري المصرف السلعة قبل الاتفاق بينه وبين طالب التورق.
2 -
بعد البيع يتولى طرف آخر غير البنك بيعها على مشتر آخر غير المصرف، وهذا ممكن إذا قامت المصارف بالترتيب لهذه الأعمال فيما بينها، وبهذا تبتعد هذه العملية عن المشابهة لبيع العينة المحرم. والله أعلم.
12 - تحديد أرباح التجار:
الأصل أنه لا تحديد لأرباح التجار عند جمهور الفقهاء لكن إذا اقتضت المصلحة تسعير الأشياء لحاجة الناس عند من يقول بجواز التسعير فإنه لا بد من تحقق صفة العدل، وهو ما يحقق مصلحة البائع والمشتري بأن يربح البائع دون مضرة الناس. ولهذا اشترط مالك عندما رأى التسعير على الجزارين أن يكون التسعير منسوبًا إلى قدر شرائهم.
ولعل القول بأن للبائع الحق في الربح إلى الثلث هو ما يحقق مصلحة الطرفين، والاستئناس لذلك لما ورد في بعض الأمور التي أشير فيها إلى الثلث كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في الوصية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الثلث، والثلث كثير"(1).
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب الوصايا برقم (2).
وما ورد في الفقه من التسامح في جريان الغبن بيعًا أو شراء إلى الثلث جاء في المغنى (1): عند الكلام على مقدار الغبن المسموح به وحدَّه أبو بكر من الحنابلة بالثلث وهو قول مالك (2)؛ لأن الثلث كثير بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "والثلث كثير"، وقيل: السدس. وقيل: ما لا يتغابن الناس به في العادة، لأن ما لا يرد به الشرع يُرجع فيه إلى العرف".
وفي رواية: إن ما كان دون الثلث من الجوائح في الثمار فهو من ضمان المشتري، وهو مذهب مالك والشافعيُّ في القديم.
والثلث قد رأينا الشرع اعتبره في مواضع منها: الوصية، وعطايا المريض، وتساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى الثلث. قال الأثرم:"قال أحمد إنهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة"(3)، ولأن الثلث حد الكثرة وما دونه حد القلة، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية به:"الثلث، والثلث كثير" فيدل هذا على أنه آخر حد الكثرة فلهذا قدر به (4).
وقد تناول مجمع الفقه الإِسلامي بجدة في قراره رقم 46 (8/ 5) الحديث عن تحديد أرباح التجار، وأشار إلى أن الأصل ترك التحديد مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير، وأنه يجب الابتعاد عن التعامل بأسباب الحرام كالغش والخديعة والتدليس والاستغفال وتزييف حقيقة الربح والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة، وهم يرون أنه لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللًا واضحًا في السوق ناشئًا عن
(1) المغني لابن قدامة (6/ 36).
(2)
مواهب الجليل للحطاب (4/ 472).
(3)
المغني لابن قدامه (6/ 179).
(4)
ويرى الدكتور الطيار أن ذلك يختلف حسب العرض والطلب وحسب الزمان والمكان والسلع.