المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أسباب الحجر يرجع سبب الحجر في الشريعة الإسلامية على التحقيق إلى - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٢

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌مقدمة الكتاب [الجزء الثاني]

- ‌كتاب الحظر والإباحة

- ‌مبحث ما يمنع أكله وما يباح أو ما يحل، وما لا يحل

- ‌مبحث ما يحرم شربه وما يحل

- ‌مبحث ما يحل لبسه أواستعماله وما لا يحل

- ‌مبحث ما يحل لبسه واستعماله من الذهب والفضة وما لا يحل

- ‌مباحث الصيد والذبائح

- ‌دليله

- ‌شروطه

- ‌الشروط المتعلقة بالحيوان الذي يحل صيده وأكله بالصيد

- ‌الشروط المتعلقة بالصائد

- ‌الشروط المتعلقة بآلة الصيد

- ‌الوليمة

- ‌حكم الوليمة وغيرها

- ‌وقتها

- ‌إجابة الدعوة إلى الوليمة وغيرها

- ‌أحكام التصوير

- ‌حكم الغناء

- ‌[الشعر]

- ‌حكم إزالة الشعر وقص الأظافر

- ‌حكم صباغة الشعر

- ‌مبحث المسابقة بالخيل وغيرها والرمي بالسهم ونحوه

- ‌[السلام]

- ‌إفشاء السلام

- ‌حكم البدء بالسلام ورده

- ‌تشميت العاطس

- ‌كتاب اليمين

- ‌تعريفه

- ‌حكمه

- ‌دليله

- ‌أقسام اليمين

- ‌شروط اليمين

- ‌مبحث الصيغ التي تنعقد بها اليمين

- ‌مبحث الحلف بغير الله تعالى

- ‌مبحث إذا حلف علي غيره أو سأله بالله

- ‌مباحث كفارة اليمين

- ‌موجباتها

- ‌مبحث في كيفية كفارة اليمين

- ‌مبحث في وقت كفارة اليمين

- ‌مبحث تعداد الكفارة بتعدد الأيمان

- ‌مبحث الأصول التي تعتبر في الأيمان

- ‌مبحث اليمين على الأكل والشرب

- ‌مبحث الحلف على الدخول والخروج والسكنى ونحو ذلك

- ‌مبحث إذا حلف لا يكلمه ونحو ذلك

- ‌مبحث إذا حلف ليضربن غلامه أو لا يبيع أو لا يشتري ونحو ذلك من العقود

- ‌مباحث النذر

- ‌تعريفه

- ‌حكمه ودليله

- ‌أقسام النذر

- ‌كتاب أحكام‌‌ البيعوما يتعلق به

- ‌ البيع

- ‌تعريفه

- ‌حكم البيع ودليله

- ‌أركان البيع

- ‌الركن الأول: الصيغة

- ‌الركن الثاني: العاقد

- ‌الركن الثالث: المعقود عليه

- ‌مباحث الخيار

- ‌خيار الشرط

- ‌مدة خيار الشرط

- ‌مبحث هل يخرج المبيع عن ملك البائع في زمن الخيار

- ‌مبحث هل للبائع المطالبة بالثمن في زمن الخيار

- ‌مبحث إذا اشترى شخص غير معين من أشياء متعددة

- ‌مباحث خيار العيب

- ‌تعريف العيب الذي يرد به المبيع

- ‌شروط رد المبيع بالعيب

- ‌مبحث هل يرد المبيع بالعيوب على الفور أو لا

- ‌مبحث في حكم صر لبن الحيوان قبل بيعه "المصراة

- ‌مبحث إذا كان في المبيع عيب باطني

- ‌مبحث إذا عرضت زيادة على المبيع الذي به عيب

- ‌مبحث إذا اختلف المتبايعان في شأن المبيع

- ‌مبحث خيار الرؤية وبيع الغائب

- ‌مبحث البيع الفاسد وما يتعلق به

- ‌مبحث البيع بشرط

- ‌مبحث بيع النجس والمتنجس

- ‌مبحث بيع الطير في الهواء

- ‌مبحث التصرف في المبيع قبل قبضه

- ‌مباحث الربا

- ‌تعريفه وأقسامه

- ‌حكم ربا النسيئة ودليله

- ‌حكم ربا الفضل

- ‌مبحث الأشياء التي يكون الربا فيها حرامًا

- ‌مبحث بيع الحبوب بأجناسها وبغير أجناسها

- ‌مبحث بيع الفاكهة بجنسها وما يتعلق به

- ‌مبحث بيع اللحم بجنسه وما يتعلق به

- ‌مبحث بيع المائعات بأجناسها وبيعها بما تخرج منه

- ‌مبحث الصرف

- ‌البيوع المنهي عنها نهياً لا يستلزم بطلانها

- ‌مبحث المرابحة والتولية

- ‌مبحث البيع بالغبن الفاحش

- ‌مبحث ما يدخل في المبيع تبعاً وإن لم يذكر وما لا يدخل

- ‌مبحث بيع الثمار

- ‌مباحث السلم

- ‌تعريفه

- ‌حكم السلم ودليله

- ‌أركان السلم وشروطه

- ‌مباحث الرهن

- ‌تعريفه

- ‌حكمه ودليله

- ‌أركان الرهن

- ‌شروط الرهن

- ‌مبحث الانتفاع بالمرهون

- ‌مباحث القرض

- ‌تعريفه

- ‌أحكام تتعلق بالقرض

- ‌مباحث الحجر

- ‌أسباب الحجر

- ‌الحجر على الصغير

- ‌ما يعرف به بلوغ الصغير

- ‌مبحث إذا بلغ الصبي غير رشيد

- ‌مبحث الولي أو الوصي

- ‌هل للولي أن يبيع عقار الصبي أو لا

- ‌مبحث تصرفات الصبي

- ‌مبحث الحجر على المجنون

- ‌مبحث الحجر على السفيه

- ‌الحجر بسبب الدين

الفصل: ‌ ‌أسباب الحجر يرجع سبب الحجر في الشريعة الإسلامية على التحقيق إلى

‌أسباب الحجر

يرجع سبب الحجر في الشريعة الإسلامية على التحقيق إلى شيء واحد، وهو مصلحة النوع الإنساني كما هو الشأن في كل قضية من قضاياها الكريمة، فهي دائماً ترمي في تشريعها إلى ما فيه سعادة الإنسان جماعة وأفراداً. فمن قواعدها العامة وأسسها القويمة أنها قضت بضرورة التعاون بين الناس، فعرضت على القوي أن يعين الضعيف بقدر ما يتاح له، وحتمت على الكبير أن يساعد الصغير الذي يتولى أمره ويخلص له كل الإخلاص حتى لا تضيع عليه فرصة ينتفع بها في دينه ودنياه. فمن ابتلاه الله من الأطفال بفقد من يعطف عليه عطفاً طبيعياً من والد أو أخ أو قريب كان له في غيره عوضاً، فقد كلف الله الحاكم أن يختار له من يقوم يأمر تربيته، والنظر في مصلحته والعمل على تنمية ثروته، كما يقوم بذلك أقرب الناس إليه والصقهم به. وقد أوصى الله تعالى الأولياء والأوصياء على اليتامى والمساكين، وحذرهم عاقبة إهمالهم والطمع في أموالهم، بما تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ويخافون بطشه وعقابه. وقال تعالى:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً، إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً، إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً} وقال تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم وقال تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم

الحجر على الصبي والمجنون والسفيه والمفلس ونحوهم، فإن هؤلاء يمنعون عن التصرف فيما زاد على قوتهم، فإذا باع أحد منهم شيئاً أو اشتراه أو تبرع به وقع تصرفه هذا موقوفاً، ولا ينفذ إلا بإذن الولي كما تقدم في البيع.

ودخل بالثاني وهو قولنا: كما يوجب منعه في نفوذ تصرفه في تبرعه بزائد على ثلث ماله": الحجر على المريض والزوجه، فإنهما لا يمنعان من التصرف في البيع والشراء، وإنما يمنعان من التبرع بشرط أن يكون زائداً على ثلث مالهما، فيصح للمريض أن يتبرع بثلث ماله لغيره. كما يصح للزوجة ذلك. أما ما زاد على ثلث مالهما فإنه لا يصح لهما التبرع به.

الشافعية - قالوا: الحرج شرعاً: منع التصرف في المال لأسباب مخصوصة، فخرج بقوله منع التصرف في المال: التصرف في غيره فلا حجر فيه. فيصح للسفيه والمفلس والمريض أن يتصرفوا في الأمور الأخرى كالخلع والطلاق والظهار والإقرار بما يوجب العقوبة. وكالعبادة البدنية سواء كانت واجبة أو مندوبة. أما العبادة المالية فإنه لا ينفذ منها إلا الواجبة كالحج. بخلاف المندوبة كصدقة التطوع فإنها لا تنفذ منهم. أما الصبي والمجنون فإنهما لا يصح تصرفهما في شيء مطلقاً.

الحنابلة - قالوا: الحجر هو: منع مالك من تصرفه في ماله، سواء كان المنع من قبل الشرع كمنع الصغير والمجنون والسفيه. أو كان من قبل الحاكم كمنع الحاكم المشتري من التصرف في ماله حتى يقضي الثمن الحال عليه

ص: 311

أموالهم، ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا، ومن كان غنياً فليستعفف، ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف} وفي الآية دلالة على أنه يصح للوصي الفقير أن يأخذ أجر عمله من مال القاصر بما هو معروف بين الناس، فانظر كيف حذر الله الأوصياء في الآية الأولى بما هو ممكن قريب الوقوع؟ وكيف رغبهم في حكم معاملة القاصر؟ فإن الوصي الذي له أولاد صغار ضعاف قد يموت ويتركهم، فلينظر على أي وجه يحب أن يعامل الناس أولاده فيعامل به من أقامه الله وصياً عليه، ليعلم أنه إذا اتقى الله تعالى في قوله وفعله كان قدوة حسنة لأبنائه فينقلون عنه الفضيلة، فضلاً عما في ذلك من ترك حسن الذكرى وطيب الأثر ولذلك في قلوب الناس منزلة رفيعة تحبب إليهم مودة ذريته الضعيفة، ويسهل عليهم خدمتهم.

ثم انظر إلى الوعيد الشديد للطامعين في أموال اليتامى الذي يقومون عليهم، وأي زجر أشد من أن شبه الله ما يأكلون من ذلك بالنار التي توقد في البطون، فهم وإن كانوا يجدون في أكله لذة مؤقتة في هذه الحياة الدنيا ولكنهم سيصلون سعيراً يوم القيامة تلتهب في أحشائهم، فيعلمون أنهم إنما كانوا يأكلون ناراً وجحيماً. وفي ذلك منتهى التحذير والتخويف من قربان أموال اليتامى. ولهذا الكلام بقية ذكرناها في حكمة تشريع الحجر في الجزء الثاني من كتاب الأخلاق.

وكما أن الشريعة الإسلامية حثت الكبير على أن يعين الصغير، كذلك حثت من آتاه الله عقلاً على أن يعين من حرم منه وإن كان كبيراً، لأن من ابتلاه الله بضعف العقل وفقد ادراك فقد جعله كالأطفال في هذه الحياة وإن كان كبير الجسم والسن، فإن العقل هو الذي يمتاز به الإنسان عن الحيوان، فإذا ذهب أصبح الإنسان كالأطفال، فلا يصح تركه وشأنه حتى يقضي عليه الأشرار، فالحجر بسبب الصغر والجنون لمصلحتهما أمر متفق عليه بين أئمة المسلمين: أما الحجر على الكبير العاقبل بسبب سوء التصرف، والسفه والتبذير ونحو ذلك مما يأتي فذلك محل خلاف (1) . ولكن جمهور الأئمة وعلماء الإسلام على أنه في حكم المجنون والصغير،

(1) الحنفية - قالوا: الذي قال إن السفه ليس سبباً من أسباب الحجر هو الإمام أبو حنيفة وحده، أما صاحباه فقد قالا كما قال جمهور الأئمة وهو أن السفيه يحجر عليه كالصغير والمجنون ويظهر أن الإمام يميل إلى عدم حبس الأموال، فمن كان أهلاً للتصرف فأحسن استثمار ماله فذاك، ومن لم يكن أهلاً وبذر فيه فجزاؤه أن ينتقل المال من يده إلى أيد متصرفة تنتفع به وتنفع الناس.

ومن أجل ذلك يقول الإمام: إن الوقف لا يلزم إلا بحكم الحاكم كما سيأتي في بابه.

فالحر العاقل لا يحجر عليه، سواء كان فاسقاً أو مبذراً على أنه يقول: إن من أسباب الحجر على العاقل أن يعمل عملاً يتعدى ضرره إلى غيره، كالطبيب الجاهل الذي لا يحسن الطب فيضر الناس.

ص: 312