الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفترس الذي لاهم له إلا قضاء شهوته والفتك لفريسته. فالسلام عهد إسلامي يعاهد به الناس بعضهم بعضاً على أن يكف كل واحد منهم عن التعرض لدم أخيه وعرضه وماله بدون حَق. وفي إفشائه بين الناس إيذان بأن الأشرار خارجون على ما تقتضيه قواعد الإسلام، وتتطلبه أحكامه الكريمة من المودة والإخاء والتحابب والتآزر، وضرورة استقرار الأمن بينهم. والسلامة من شرور بعهم بعضاً.
فلهذا حث رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث. فمن ذلك ما رواه عبد الله بن عمروبن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وقال عليه الصلاة والسلام:"لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتمون تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم وغيره.
حكم البدء بالسلام ورده
البدء بالسلام (1) سنة عين للمنفرد، وسنة كفاية للجماعة، فإذا سلم واحد منهم سقط عن الباقين، ولكن الأفضل أن يكون السلام منهم جميعاً ليحصل لكل واحد ثواب السنة. وللبدء بالسلام صيغتان: إحداهما السلام عليكم، والأخرى سلام عليكم، والأفضل أن يكون بالصيغة الأولى، ويكره أن يبدأ بقوله عليك السلام، أو سلام الله عليك، لأن ذلك تحية الأموات لا الأحياء، فالسنة في إقراء السلام لا تحصل إلا بقول السلام عليكم (2) وسلام عليكم. سواء كان المسلم عليه واحداً أو جماعة.
أما رد السلام فهوفرد عين على المنفرد، وفرض كفاية على الجماعة؛ فإذا رد واحد منهم أجزأ عن الباقين، ويجب أن يكون الرد فوراً. فلوأخره لغير عذر يأثم. وأن يكون مسموعاً لمن ألقى السلام، فإذا لم يسمعه لا يسقط الفرض. فإن كان أصم فإنه يجب أن يرد عليه بما يفهم من إشارة وتحريك شفة ونحو ذلك، والأفضل في صيغة الرد أن يقول وعليكم السلام، فيأتي بالواو وميم الجماعة. ويصح أن يقول: سلام عليكم.
(1) الحنفية - قالوا: قد يكون البدء بالسلام فرضاً وذلك فيما إذا التقى راكب بماش في مفازة فإنه يفترض على الراكب أن يبدأ بالسلام للأمان
(2)
المالكية - قالوا: سنة السلام تحصل إلا بقول السلام عليكم، فلوقال: في البدء بالسلام وسلام عليكم لم يكن مسلماً على المعتمد.
الحنابلة - قالوا: تحصل سنة السلام أيضاً بقول السلام عليكم
ويسن للمسلم أن يبدأ من لقيه بالسلام قبل كل كلام. فإذا التقى اثنان ونطق كل منهما بالسلام وجب الرد على كل واحد منهما لصاحبه، وأن يرفع صوته به حتى يسمعه من سلم عليهم سماعاً محققاً. ويسن أن يسلم الرجل على أهل بيته كلما دخل عليهم، وإذا دخل داراً خالياً من الناس فإنه يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ويسن أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والقائم على القاعد، والقليل على الكثير، وإذا حصل عكس ذلك حصلت سنة السلام ووجب الرد، ولكن تفوت أفضلية الترتيب.
وإذا أرسل غائب سلامه لآخر فإنه يجب عليه أن يرد السلام، ويستحب أن يبدأ في رده بالرسول المبلغ فيقول: وعليك وعليه السلام، وكذا يجب الرد إذا أرسل له سلاماً في كتاب، ويكره (1) للرجل أن يسلم على امرأة أجنبية إلا إذا كانت عجوزاً أو شابة دميمة لا تشتهى، أما المحارم فإنه يسن له أن يسلم عليهن كما يسلم على أهله. ويكره السلام في الحمام، وعلى العاري. وعلى كل مشغول بأمر قد يصرفه عن الإجابة حتى لا يقع في الإثم بترك الرد. فيكره السلام عند تلاوة القرآن جهراً (2) وعند استذكار العلم، وحال الأذان (3) والإقامة، وعلى القاضي في مجلس القضاء، وعلى الواعظ حال إلقاء عظته، ولا يجب عليهم الرد إذا سلم عليهم أحد. وإذا خص واحداً بعينه بالسلام من بين الجماعة كأن يقول: السلام عليك يامحمد مثلاً، فإن وقع ذلك فإنه يفترض على محمد المسلم عليه أن يرد السلام بنفسه، فلورد أحد الحاضرين لم يسقط عنه الفرض. أما إذا قال: السلام عليك وأشار إلى محمد بدون تسميته فرد أحد الحاضرين فإن الفرض يسقط لأن الإشارة تحتمل أن تكون لهم جميعاً وكذا إذا قال: السلام عليك بدون إشارة. فإنه إذا رد واحد سقط عن الباقين، لأنه يصح أن يخاطب الجماعة
(1) الشافعية - قالوا: إذا كانت الشابة منفردة في مكان وحدها فإنه يكره أن يلقي عليها الرجل سلاماً كما يحرم عليها أن تجيب أو تلقي سلاماً، سواء كانت دميمة تشتهي أولا، وإنما العجوز هي التي في حكم الرجل، أما إذا كانت المرأة مع غيرها رجالاً أو نساء فإن حكمها كحكم الرجل في السلام والرد
(2)
الشافعية والمالكية - قالوا: لا يسن السلام على قارئ القرآن مطلقاً، وكذا المشتغل بالذكر والدعاء والصلاة والأكل والشرب
(3)
الشافعية - قالوا: لا يكره السلام حال الأذان والإقامة، ولا على القاضي في مجلس القضاء، ولا غيرهم ممن ذكروا، ولم يستثنوا أحداً من الذين يسن في حقهم البدء بالسلام سوى ما تقدم من الشابة المنفردة، فإنه يحرم السلام منها وعليها، وكما يحرم على الرجل وكذلك الفاسق المجاهر؛ فإنه يحرم بدؤه بالسلام؛ ومثل الشابة: الخنثى المعروف؛ ومن يسمع الخطيب فإن السلام يكره عليه؛ وإذا سلم عليه، فإنه يجب عليه الرد